تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا قوم هذه ناقة اللّه لكم آيةً فذروها تأكل في أرض اللّه ولا تمسّوها بسوءٍ فيأخذكم عذابٌ قريبٌ}.
يقول عزّ وجلّ مخبرًا عن قيل صالحٍ لقومه من ثمود إذ قالوا له {وإنّنا لفي شكٍّ ممّا تدعونا إليه مريبٍ} وسألوه الآيةً على ما دعاهم إليه، {يا قوم هذه ناقة اللّه لكم آيةً} يقول: حجّةً وعلامةً، ودلالةً على حقيقة ما أدعوكم إليه {فذروها تأكل في أرض اللّه} فليس عليكم رزقها ولا مؤنتها. {ولا تمسّوها بسوءٍ} يقول: لا تقتلوها ولا تنالوها بعقرٍ، {فيأخذكم عذابٌ قريبٌ} يقول: فإنّكم إن تمسّوها بسوءٍ يأخذكم عذابٌ من اللّه غير بعيدٍ فيهلككم). [جامع البيان: 12/455-456]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ويا قوم هذه ناقة اللّه لكم
تقدّم تفسيره في سورة الأعراف.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة قال محمّد، ثنا محمّد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة حدّث أنّهم نظروا إلى الهضبة حين دعا اللّه صالحٌ بما دعا به تمخض النّاقة تمخض الفتوج بولدها فتحرّكت الهضبة ثمّ انقضّت فانصدعت، عن ناقةٍ كما وصفوا جوفاء وبرًا تثوج ما بين جنبيها ما لا يعلمه إلا اللّه.
قال محمّد بن إسحاق،: ثمّ قال له جندع بن جراش بن عمرو بن الرّميل وكان يومئذٍ سيّد ثمود وعظيمها: يا صالح أخرج لنا من هذه الصّخرة ناقةً مخترجةً جوفاء وبراء، والمخترجة، ما شاكل البخت من الإبل وقالت ثمود لصالحٍ مثل ما قال جندع بن عمرٍو لصخرةٍ منفردةٍ في ناحية الحجر يقال لها الكاتبة فإن فعلت آمنّا بك وصدّقناك وشهدنا أنّ ما جئت به هو الحقّ فأخذ عليهم صالحٌ مواثيقهم لئن فعلت وفعل اللّه لتصدّقنّي ولتؤمننّ لي قالوا: نعم وأعطوه على ذلك عهودهم فدعا صالحٌ ربّه عزّ وجلّ بأن يخرجها لهم من تلك الهضبة كما وصفوا.
قوله تعالى: فذروها تأكل في أرض اللّه
قد تقدم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 6/2049]
تفسير قوله تعالى: (فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى تمتعوا في داركم ثلاثة أيام قال بقية آجالهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/305]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فعقروها فقال تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ ذلك وعدٌ غير مكذوبٍ}.
يقول عزّ وجلّ: فعقرت ثمود ناقة اللّه. وفي الكلام محذوفٌ قد ترك ذكره استغناءً بدلالة الظّاهر عليه، وهو: فكذّبوه فعقروها. فقال لهم صالحٌ: {تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ} يقول: استمتعوا في دار الدّنيا بحياتكم ثلاثة أيّامٍ. {ذلك وعدٌ غير مكذوبٍ} يقول: هذا الأجل الّذي أجّلتكم وعدٌ من اللّه، وعدكم بانقضائه الهلاك، ونزول العذاب بكم غير مكذوبٍ، يقول: لم يكذبكم فيه من أعلمكم ذلك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فعقروها فقال تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ ذلك وعدٌ غير مكذوبٍ} وذكر لنا أنّ صالحًا حين أخبرهم أنّ العذاب أتاهم لبسوا الأنطاع والأكسية، وقيل لهم: إنّ آية ذلك أن تصفرّ ألوانكم أوّل يومٍ، ثمّ تحمرّ في اليوم الثّاني، ثمّ تسودّ في اليوم الثّالث وذكر لنا أنّهم لمّا عقروا النّاقة ندموا وقالوا: عليكم الفصيل فصعد الفصيل القارة والقارة الجبل حتّى إذا كان اليوم الثّالث، استقبل القبلة، وقال: يا ربّ أمّي يا ربّ أمّي ثلاثًا. قال: فأرسلت الصّيحة عند ذلك.
وكان ابن عبّاسٍ: يقول: لو صعدتم القارة لرأيتم عظام الفصيل. وكانت منازل ثمود بحجرٍ بين الشّام والمدينة.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ} قال: بقيّة آجالهم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، أنّ ابن عبّاسٍ، قال: لو صعدتم على القارة لرأيتم عظام الفصيل). [جامع البيان: 12/456-457]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فعقروها
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا الوليد، ثنا خليد بن دعلجٍ، عن قتادة، أنّ ثمود لمّا عقروا الناقة تغامروا وقالوا: عليكم الفصل فصعد القارة جبل كان حتّى إذا كان يومًا استقبل القبلة وقال يا ربّ أمتّي يا ربّ أمتّي يا ربّ أمتّي قال: فأرسلت عليهم الصّيحة عند ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: فرصدوا النّاقة حين صدرت، عن الماء، وقد كمن لها قداد في أصل الصّخرة على طريقها وكمن لها مصرع في أصل أخرى، فمرّت على مصدعٍ فرماها بهم فانتظم به عضلة ساقها قال: فشدّ يعني قدارٌ على النّاقة بالسّيف فكشف عرقوبها فخرّت ورغت رغاةً واحدةً فحترت ساقيها، ثمّ طعن في لبّتها فنحرها.
وانظلم سقيها حتّى أتى جبلا ثمّ أتى صخرةً في رأس الجبل فرغا ثمّ لاذ بها فأتاهم صالحٌ فلمّا رأى النّاقة عقرت بكى ثمّ قال: انتهكتم حرمة اللّه فأبشروا بعذاب اللّه ونقمته.
- حدّثنا أبي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان الثّوريّ، عن أبي سنانٍ، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل قال: لمّا عقرت النّاقة صعد بكرها فوق جبلٍ فرغا فما سمعه شيءٌ إلا هو.
قوله تعالى: فقال تمتّعوا في داركم
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو اليمان، ثنا ابن عبّاسٍ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ قال: لمّا نزلنا الحجر مغزا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبوكًا قال لنا: أنهى النّاس، عن الآيات هؤلاء قوم صالحٍ سألوا نبيّهم أن يبعث لهم آيةً فبعث اللّه لهم النّاقة وكانت ترد من ذلك الفجّ فتشرب ماءهم يوم وردها، ويحتلبون منها الّذي كانوا يشربون منها يوم عبّها، وتصدر من ذلك فعتوا عن أمر ربّهم... فعقروها، فوعدهم اللّه أنّ يمكثوا في دارهم ثلاثة أيّامٍ فكان من اللّه وعدٌ غير مكذوبٌ فجاءتهم الصّيحة فأهلك الّذين كانوا منه تحت مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا كان في حرم اللّه فمنعه حرم اللّه من عذاب اللّه فقيل: يا رسول اللّه من هو؟ فقال أبو رغالٍ قالوا: ومن أبو قال أبو ثقيفٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد، بن بشيرٍ، عن قتادة، قوله: تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ ذلك وعدٌ غير مكذوبٍ قال: القوم إلى آجالهم وهو عليهم غضبانٌ فو الله ما عجل إليهم أن وفاهم بقيّة آجالهم.
- وبه عن قتادة، أنّ صالحًا قال لقومه: إنّ آية ذلك أن تصبح وجوهكم أوّل يومٍ مصفرّةٌ، واليوم الثّاني محمرّةٌ، واليوم الثّالث مسودّةٌ قال: فخدّوا لهم أخدودًا وكفر غنيّهم فقيرهم فأرسل اللّه عليهم صيحةً فأهمدتهم قال اللّه: كأن لم يغنوا فيها.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: فأتاهم صالحٌ فلمّا رأى النّاقة قد عقرت بكى ثمّ قال: انتهكتم حرمة اللّه فأبشروا بعذاب اللّه ونقمته وأتبع القبّ أربعة نفرٍ من التّسعة الّذين عقروا النّاقة ولمّا قال لهم صالحٌ أبشروا بعذاب اللّه ونقمته قالوا وهم يهزئون به ومن ذلك يا صالح وما آية ذلك وكانوا يسمون الأيّام فيهم الأحد أوّلٌ والإثنين أهون والثّلاثاء دبارٌ والأربعاء جبارٌ والخميس مؤنسٌ والجمعة العروبة والسّبت شبارٌ وكانوا عقروا النّاقة يوم الأربعاء فقال لهم صالحٌ حين قالوا له ذلك: تصبحون غدًا يوم مؤنسٍ يعني الخميس وجوهكم مصفرّةٌ وتصبحون يوم العروبة يعني الجمعة ووجوهكم محمرّةٌ ثمّ تصبحون يوم شبارٍ يعني السّبت ووجوهكم مسودّةٌ ثمّ يصبّحكم العذاب أوّل يعني يوم أحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2049-2051]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيّوب، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن زكريّا المكّيّ، ثنا أحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقيّ، ثنا مسلم بن خالدٍ، عن ابن خثيمٍ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لمّا نزل الحجر، في غزوة تبوك قام فخطب النّاس، فقال: «يا أيّها النّاس، لا تسألوا نبيّكم عن الآيات، فهؤلاء قوم صالحٍ سألوا نبيّهم أن يبعث لهم آيةً، فبعث اللّه لهم النّاقة، فكانت ترد من هذا الفجّ فتشرب ماءهم يوم وردها، ويشربون من لبنها، مثل ما كانوا يتروّون من مائهم، فعتوا عن أمر ربّهم، فعقروها، فوعدهم اللّه ثلاثة أيّامٍ، وكان موعدًا من اللّه غير مكذوبٍ، ثمّ جاءتهم الصّيحة فأهلك اللّه من كان تحت مشارق السّماوات ومغاربها، منهم إلّا رجلًا كان في حرم اللّه، فمنعه حرم اللّه من عذاب اللّه» قالوا: يا رسول اللّه، من هو؟ قال: «أبو رغالٍ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/371]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ} [هود: 65].
- عن جابرٍ «أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - لمّا نزل الحجر في غزوة تبوك قام فخطب النّاس، فقال: " يا أيّها النّاس لا تسلوا نبيّكم عن الآيات، هؤلاء قوم صالحٍ سألوا نبيّهم أن يبعث لهم ناقةً ففعل، فكانت ترد من هذا الفجّ فتشرب ماءهم يوم وردها، ويحلبون من لبنها مثل الّذي كانوا يصيبون من غبّها، ثمّ تصدر من هذا الفجّ، فعقروها، فأجّلهم اللّه ثلاثة أيّامٍ، وكان وعد اللّه غير مكذوبٍ، ثمّ جاءتهم الصّيحة فأهلك اللّه من كان منهم بين السّماء والأرض إلّا رجلًا كان في حرم اللّه، فمنعه حرم اللّه من عذاب اللّه ". قيل: يا رسول اللّه، من هو؟ قال: أبو رغالٍ».
رواه الطّبرانيّ في الأوسط والبزّار وأحمد بنحوه، ورجال أحمد رجال الصّحيح. وقد تقدّمت لهذا الحديث طرقٌ مختصرةٌ في غزوة تبوك). [مجمع الزوائد: 7/37-38]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {ثلاثة أيام} قال: كان بقي من أجل قوم صالح عند عقر الناقة ثلاثة أيام فلم يعذبوا حتى أكملوها). [الدر المنثور: 8/88]
تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى برحمة منا ومن خزي يومئذ قال نجاه الله برحمة منه ونجاه من خزي يومئذ). [تفسير عبد الرزاق: 1/305]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة أن ابن عباس قال لو صعدتم على القارة لرأيتم عظام الفصيل). [تفسير عبد الرزاق: 1/305]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا جاء أمرنا نجّينا صالحًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا ومن خزي يومئذٍ إنّ ربّك هو القويّ العزيز}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا جاء ثمود عذابنا، {نجّينا صالحًا والّذين آمنوا} به {معه برحمةٍ منّا} يقول: بنعمةٍ وفضلٍ من اللّه، {ومن خزي يومئذٍ} يقول: ونجّيناهم من هوان ذلك اليوم وذلّه بذلك العذاب. {إنّ ربّك هو القويّ} في بطشه إذا بطش بشيءٍ أهلكه، كما أهلك ثمود حين بطش بها العزيز، فلا يغلبه غالبٌ، ولا يقهره قاهرٌ، بل يغلب كلّ شيءٍ ويقهره.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {برحمةٍ منّا ومن خزي} يومئذٍ قال: نجّاه اللّه برحمةٍ منّا، ونجّاه من خزي يومئذٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن شهر بن حوشبٍ، عن عمرو بن خارجة، قال: قلنا له: حدّثنا حديث ثمود قال: أحدّثكم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن ثمود: كانت ثمود قوم صالحٍ أعمرهم اللّه في الدّنيا فأطال أعمارهم حتّى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر، فينهدم والرّجل منهم حيٌّ، فلمّا رأوا ذلك اتّخذوا من الجبال بيوتًا فرهين، فنحتوها وجوّفوها، وكانوا في سعةٍ من معايشهم، فقالوا: يا صالح ادع لنا ربّك يخرج لنا آيةً نعلم أنّك رسول اللّه فدعا صالحٌ ربّه، فأخرج لهم النّاقة، فكان شربها يومًا وشربهم يومًا معلومًا، فإذا كان يوم شربها خلّوا عنها وعن الماء، وحلبوها لبنًا، ملئوا كلّ إناءٍ ووعاءٍ وسقاءٍ، حتّى إذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء، فلم تشرب منه شيئًا، فملئوا كلّ إناءٍ ووعاءٍ وسقاءٍ. فأوحى اللّه إلى صالحٍ: إنّ قومك سيعقرون ناقتك فقال لهم، فقالوا: ما كنّا لنفعل فقال: إلاّ تعقروها أنتم يوشك أن يولد فيكم مولودٌ يعقرها.
قالوا: ما علامة ذلك المولود؟ فواللّه لا نجده إلاّ قتلناه قال: فإنّه غلامٌ أشقر أزرق أصهب أحمر. قال: وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان، لأحدهما ابنٌ يرغّب به عن المناكح، وللآخر ابنةٌ لا يجد لها كفؤًا، فجمع بينهما مجلسٌ، فقال أحدهما لصاحبه: ما يمنعك أن تزوّج ابنك؟ قال: لا أجد له كفؤًا، قال: فإنّ ابنتي كفؤٌ له، وأنا أزوّجك فزوّجه، فولد بينهما ذلك المولود. وكان في المدينة ثمانية رهطٍ يفسدون في الأرض، ولا يصلحون، فلمّا قال لهم صالحٌ: إنّما يعقرها مولودٌ فيكم، اختاروا ثماني نسوةٍ قوابل من القرية، وجعلوا معهنّ شرطًا كانوا يطوفون في القرية، فإذا وجدوا المرأة تمخض، نظروا ما ولدها إن كان غلامًا قلّبنه، فنظرن ما هو، وإن كانت جاريةٌ أعرضن عنها، فلمّا وجدوا ذلك المولود صرخ النّسوة وقلن: هذا الّذي يريد رسول اللّه صالحٌ فأراد الشّرط أن يأخذوه، فحال جدّاه بينهم وبينه وقالا: لو أنّ صالحًا أراد هذا قتلناه فكان شرّ مولودٍ، وكان يشبّ في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويشبّ في الجمعة شباب غيره في الشّهر، ويشبّ في الشّهر شباب غيره في السّنة. فاجتمع الثّمانية الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وفيهم الشّيخان، فقالوا نستعمل علينا هذا الغلام لمنزلته وشرف جدّيه، فكانوا تسعةٌ. وكان صالحٌ لا ينام معهم في القرية، كان في مسجدٍ يقال له مسجد صالحٍ، فيه يبيت باللّيل، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكّرهم، وإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيه.
قال حجّاجٌ: وقال ابن جريجٍ: لمّا قال لهم صالحٌ: إنّه سيولد غلامٌ يكون هلاككم على يديه، قالوا فكيف تأمرنا؟ قال: آمركم بقتلهم فقتلوهم إلاّ واحدًا. قال: فلمّا بلغ ذلك المولود قالوا: لو كنّا لم نقتل أولادنا، لكان لكلّ رجلٍ منّا مثل هذا، هذا عمل صالحٍ. فأتمروا بينهم بقتله، وقالوا: نخرج مسافرين، والنّاس يروننا علانيةً، ثمّ نرجع من ليلة كذا من شهر كذا وكذا، فنرصده عند مصلاّه فنقتله، فلا يحسب النّاس إلاّ أنّا مسافرون كما نحن فأقبلوا حتّى دخلوا تحت صخرةٍ يرصدونه، فأرسل اللّه عليهم الصّخرة فرضختهم، فأصبحوا رضخًا. فانطلق رجالٌ ممّن قد اطّلع على ذلك منهم، فإذا هم رضخٌ، فرجعوا يصيحون في القرية: أي عباد اللّه، أما رضي صالحٌ أن أمرهم أن يقتّلوا أولادهم حتّى قتلهم؟ فاجتمع أهل القرية على قتل النّاقة أجمعون، وأحجموا عنها إلاّ ذلك الابن العاشر.
ثمّ رجع الحديث إلى حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: وأرادوا أن يمكروا بصالحٍ، فمشوا حتّى أتوا على سربٍ على طريق صالحٍ، فاختبأ فيه ثمانيةٌ، وقالوا: إذا خرج علينا قتلناه، وأتينا أهله فبيّتناهم فأمر اللّه الأرض فاستوت عليهم. قال: فاجتمعوا ومشوا إلى النّاقة وهي على حوضها قائمةٌ، فقال الشّقيّ لأحدهم: ائتها فاعقرها فأتاها فتعاظمه ذلك، فأضرب عن ذلك، فبعث آخر فأعظم ذلك، فجعل لا يبعث رجلاً إلاّ تعاظمه أمرها؛ حتّى مشوا إليها، وتطاول فضرب عرقوبيها، فوقعت تركض، وأتى رجلٌ منهم صالحًا، فقال: أدرك النّاقة فقد عقرت فأقبل، وخرجوا يتلقّونه ويعتذرون إليه: يا نبيّ اللّه إنّما عقرها فلانٌ، إنّه لا ذنب لنا. قال: فانظروا هل تدركون فصيلها؟ فإن أدركتموه، فعسى اللّه أن يرفع عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه، ولمّا رأى الفصيل أمّه تضطرب أتى جبلاً يقال له القارة قصيرًا، فصعد وذهبوا ليأخذوه، فأوحى اللّه إلى الجبل، فطال في السّماء حتّى ما يناله الطّير. قال: ودخل صالحٌ القرية، فلمّا رآه الفصيل بكى حتّى سالت دموعه، ثمّ استقبل صالحًا فرغا رغوةً، ثمّ رغا أخرى، ثمّ رغا أخرى، فقال صالحٌ لقومه: لكلّ رغوةٍ أجل يومٍ {تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ ذلك وعدٌ غير مكذوبٍ} ألا إنّ أيّة العذاب أنّ اليوم الأوّل تصبح وجوهكم مصفرّةً، واليوم الثّاني محمرّةً، واليوم الثّالث مسودّةً فلمّا أصبحوا فإذا وجوههم كأنّها طليت بالخلوق، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم. فلمّا أمسوا صاحوا بأجمعهم: ألا قد مضى يومٌ من الأجل وحضركم العذاب فلمّا أصبحوا اليوم الثّاني إذا وجوههم محمرّةٌ كأنّها خضبت بالدّماء، فصاحوا وضجّوا وبكوا وعرفوا آية العذاب، فلمّا أمسوا صاحوا بأجمعهم: ألا قد مضى يومان من الأجل، وحضركم العذاب فلمّا أصبحوا اليوم الثّالث، فإذا وجوههم مسودّةٌ كأنّها طليت بالقار، فصاحوا جميعًا: ألا قد حضركم العذاب فتكفّنوا وتحنّطوا، وكان حنوطهم الصّبر والمقر، وكانت أكفانهم الأنطاع. ثمّ ألقوا أنفسهم بالأرض، فجعلوا يقلّبون أبصارهم، فينظرون إلى السّماء مرّةً وإلى الأرض مرّةً، فلا يدرون من حيث يأتيهم العذاب من فوقهم من السّماء أو من تحت أرجلهم من الأرض خسفًا وغرقًا. فلمّا أصبحوا اليوم الرّابع أتتهم صيحةٌ من السّماء فيها صوت كلّ صاعقةٍ، وصوت كلّ شيءٍ له صوتٌ في الأرض، فتقطّعت قلوبهم في صدورهم، فأصبحوا في دارهم جاثمين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: حدّثت أنّه لمّا أخذتهم الصّيحة أهلك اللّه من بين المشارق والمغارب منهم إلاّ رجلاً واحدًا كان في حرم اللّه، منعه حرم اللّه من عذاب اللّه. قيل: ومن هو يا رسول اللّه، قال: أبو رغالٍ وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أتى على قرية ثمود لأصحابه: لا يدخلنّ أحدٌ منكم القرية، ولا تشربوا من مائهم وأراهم مرتقى الفصيل حين ارتقى في القارة.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني موسى بن عقبة، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حين أتى على قرية ثمود قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلاّ أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم.
- قال ابن جريجٍ: قال جابر بن عبد اللّه: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا أتى على الحجر، حمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال: أما بعد، فلا تسألوا رسولكم الآيات، هؤلاء قوم صالحٍ سألوا رسولهم الآية، فبعث اللّه لهم النّاقة، فكانت ترد من هذا الفجّ وتصدر من هذا الفجّ، فتشرب ماءهم يوم ورودها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا مرّ بوادي ثمود، وهو عامدٌ إلى تبوك قال: فأمر أصحابه أن يسرعوا السّير، وأن لا ينزلوا به، ولا يشربوا من مائه، وأخبرهم أنّه وادٍ ملعونٌ. قال: وذكر لنا أنّ الرّجل الموسر من قوم صالحٍ كان يعطي المعسر منهم ما يتكفّنون به، وكان الرّجل منهم يلحد لنفسه، ولأهل بيته، لميعاد نبيّ اللّه صالحٍ الّذي وعدهم وحدّث من رآهم بالطّرق والأفنية والبيوت، فيهم شبّان وشيوخٌ أبقاهم اللّه عبرةً وآيةً.
- حدّثنا إسماعيل بن المتوكّل الأشجعيّ، من أهل حمصٍ، قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن واقدٍ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، قال: حدّثنا أبو الطّفيل، قال: لمّا غزا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غزوة تبوك، نزل الحجر فقال: يا أيّها النّاس لا تسألوا نبيّكم الآيات هؤلاء قوم صالحٍ سألوا نبيّهم أن يبعث لهم آيةً، فبعث اللّه لهم النّاقة آيةً، فكانت تلج عليهم يوم ورودهم الّذي كانوا يتروّون منه، ثمّ يحلبونها مثل ما كانوا يتروّون من مائهم قبل ذلك لبنًا، ثمّ تخرج من ذلك الفجّ، فعتوا عن أمر ربّهم وعقروها، فوعدهم اللّه العذاب بعد ثلاثة أيّامٍ، وكان وعدًا من اللّه غير مكذوبٍ، فأهلك اللّه من كان منهم في مشارق الأرض ومغاربها إلاّ رجلاً واحدًا كان في حرم اللّه، فمنعه حرم اللّه من عذاب اللّه قالوا: ومن ذلك الرّجل يا رسول اللّه؟ قال: أبو رغالٍ). [جامع البيان: 12/457-464]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا جاء أمرنا نجّينا صالحًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا ومن خزي يومئذٍ إنّ ربّك هو القويّ العزيز (66)
قوله تعالى: فلمّا جاء أمرنا نجّينا صالحًا
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: نجّينا صالحًا والّذين آمنوا معه برحمةٍ منّا قال: نجّاه اللّه رحمةً منه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق، قال: حتى إذا كان ليلة الأحد خرج صالحٌ ومن معه من بين أظهرهم ومن أسلم معه إلى الشّام فنزل رملة فلسطينٍ.
قوله تعالى: ومن خزي يومئذٍ
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة،: ومن خزي يومئذٍ قال: نجّاه من خزي يومئذٍ.
قوله تعالى: إنّ ربّك هو القويّ العزيز
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، قوله: العزيز يقول العزيز في نقمته. وروي، عن قتادة، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق، العزيز في نصرته ممّن كفر به إذا شاء). [تفسير القرآن العظيم: 6/2051-2052]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {نجينا صالحا والذين آمنوا} الآية، قال: نجاه الله برحمة منه ونجاه من خزي يومئذ). [الدر المنثور: 8/88]
تفسير قوله تعالى: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فأصبحوا في ديارهم جاثمين قال ميتين). [تفسير عبد الرزاق: 1/305]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (67) كأن لم يغنوا فيها ألا إنّ ثمود كفروا ربّهم ألا بعدًا لّثمود}.
يقول تعالى ذكره: وأصاب الّذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من عقر ناقة اللّه وكفرهم به الصّيحة، {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} قد جثمتهم المنايا، وتركتهم خمودٍا بأفنيتهم.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} يقول: أصبحوا قد هلكوا). [جامع البيان: 12/464]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (67) كأن لم يغنوا فيها ألا إنّ ثمود كفروا ربّهم ألا بعدًا لثمود (68)
قوله تعالى: وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة
- حدّثنا ابن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق، فلمّا كان صبيحة الأحد واشتدّ الضّحى أخذتهم الصّيحة فلم يبق منهم صغيرًا ولا كبيرًا إلا هلك إلا جاريةً مقعدةً يقال لها: الذّريعة، وهي كانت كافرةٌ شديدة العداوة لصالحٍ فأطلق اللّه لها رجليها عند ما عاينت أجمع فخرجت كأسرع ما يرى شيءٌ قطّ حتى أتت أهل خرج فأخبرتهم بما عانت من العذاب وما أصاب ثمود منه استقت من الماء فسقيت فلمّا شربت ماتت.
قوله تعالى: فأصبحوا في ديارهم
- حدّثنا موسى بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ في ديارهم يعني: بيوتهم.
قوله تعالى: جاثمين
- حدّثنا أبي ثنا هشامٌ، ثنا خالدٌ، ثنا كعب بن إسحاق، ثنا سعيد، بن أبي عروبة، عن قتادة، فأصبحوا في ديارهم جاثمين قال: أصبحوا قد هلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 6/2052]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} قال: ميتين). [الدر المنثور: 8/88]
تفسير قوله تعالى: (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (68) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({كأنّ لم يغنوا فيها} يقول: كأن لم يعيشوا فيها، ولم يعمروا بها.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {كأن لم يغنوا فيها} كأن لم يعيشوا فيها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، مثله.
وقد بيّنّا ذلك فيما مضى بشواهده فأغنى ذلك عن إعادته، وقوله: {ألا إنّ ثمود كفروا ربّهم} يقول: ألا إنّ ثمود كفروا بآيات ربّهم فجحدوها، {ألا بعدًا لثمود} يقول: ألا أبعد اللّه ثمود لنزول العذاب بهم). [جامع البيان: 12/464-465]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: كأن لم يغنوا فيها
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: كأن لم يغنوا فيها قال: كأن لم يعمروا فيها
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: كأن لم يغنوا فيها يقول: لم يعيشوا فيها.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، كأن لم يغنوا فيها كأن لم ينعموا
وروي عن أبي مالكٍ كأن لم يكونوا فيها). [تفسير القرآن العظيم: 6/2052-2053]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يعيشوا فيها). [الدر المنثور: 8/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يعمروا فيها). [الدر المنثور: 8/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يكونوا فيها يعني في الدنيا حين عذبوا ولم يعمروا فيها، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
وغنيت شيئا قبل نحري وأحسن * لو كان للنفس اللجوج خلود). [الدر المنثور: 8/88-89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم ينعموا فيها). [الدر المنثور: 8/89]