العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:37 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة هود [ من الآية (36) إلى الآية (40) ]

تفسير سورة هود
[ من الآية (36) إلى الآية (40) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:37 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فلا تبتئس بما كانوا يفعلون قال لا تيأس ولا تحزن). [تفسير عبد الرزاق: 1/304]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {تبتئس} [هود: 36] : «تحزن»). [صحيح البخاري: 6/73]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ تبتئس تحزن وصله الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ أيضًا قال في قوله فلا تبتئس قال لا تحزن ومن طريق قتادة وغير واحدٍ نحوه). [فتح الباري: 8/349]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد تبتئس تحزن يثنون صدورهم شكّ وامتراء في الحق ليستخفوا منه من الله إن استطاعوا
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 36 هود {فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} قال لا تحزن). [تغليق التعليق: 4/225]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ تبتئس تحزن
أشار به إلى أن مجاهدًا فسر قوله: تبتئس: تحزن في قوله تعالى: {فلا نبتئس بما كانوا يفعلون} (هود: 36) والخطاب لنوح، عليه السّلام، ووصل هذا الطّبريّ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد). [عمدة القاري: 18/287]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) في قوله تعالى: فلا ({تبتئس}) أي لا (تحزن) وهذا وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كقوله في قوله تعالى: {ألا أنهم}). [إرشاد الساري: 7/167]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد: تبتئس) بفوقيتين مفتوحتين بينهما موحدة ساكنة أي (تحزن) ). [إرشاد الساري: 7/168]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأوحي إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون}.
يقول تعالى ذكره: وأوحى اللّه {إلى نوحٍ} لمّا حقّ على قومه القول وأظلّهم أمر اللّه، {أنّه لن يؤمن} يا نوح باللّه، فيوحّده ويتّبعك على ما تدعوه إليه {من قومك إلاّ من قد آمن} فصدّق بذلك واتّبعك. {فلا تبتئس} يقول: فلا تستكن، ولا تحزن بما كانوا يفعلون، فإنّي مهلكهم، ومنقذك منهم، ومن اتّبعك. وأوحى اللّه ذلك إليه بعد ما دعا عليهم نوحٌ بالهلاك، فقال: {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا}.
وهو تفتعل من البؤس، يقال: ابتأس فلانٌ بالأمر يبتئس ابتئاسًا، كما قال لبيد بن ربيعة:
في مأتمٍ كنعاج صا = رة يبتئسن بما لقينا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فلا تبتئس} قال: لا تحزن.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} يقول: فلا تحزن.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} قال: لا تأس ولا تحزن.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأوحي إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن} وذلك حين دعا عليهم قال {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا} قوله: {فلا تبتئس} يقول: فلا تأس ولا تحزن.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن} فحينئذٍ دعا على قومه لمّا بيّن اللّه له أنّه لن يؤمن من قومه إلاّ من قد آمن). [جامع البيان: 12/390-391]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأوحي إلى نوحٍ الآية
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة قوله: وأوحي إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن وذلك حين دعا عليهم نوحٍ قال ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا
- حدّثنا أبي، ثنا عوف بن محمّدٍ أبو غسّان المراديّ، ثنا محمّد بن مسلمٍ الطّنافسيّ، عن أيّوب بن موسى، عن محمّد بن كعبٍ قال: لمّا استنقذ اللّه من أصلاب الرّجال وأرحام النّساء كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ قال: يا نوح لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون
قوله تعالى: فلا تبتئس
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: فلا تبتئس: فلا تحزن.
- وبإسناد العوفيّ المشهور وابن عبّاسٍ قوله: فلا تبتئس يقول: لا تحزن ولا تيأس). [تفسير القرآن العظيم: 6/2024-2025]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فلا تبتئس يقول فلا تحزن). [تفسير مجاهد: 303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 36 - 37.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} وذلك حين دعا عليهم نوح عليه السلام (قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) (نوح الآية 26) ). [الدر المنثور: 8/38]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال: إن نوحا لم يدع على قومه حتى نزلت عليه الآية {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم فدعا عليهم). [الدر المنثور: 8/38]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال: لما استنقذ الله من أصلاب الرجال وأرحام النساء كل مؤمن ومؤمنة قال: يا نوح {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن}). [الدر المنثور: 8/39]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن نوحا عليه السلام كان يضرب ثم يلف في لبد فيلقى في بيته يرون أنه قد مات ثم يخرج فيدعوهم حتى إذا أيس من إيمان قومه جاءه رجل ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصا فقال: يا بني أنظر هذا الشيخ لا يغرنك، قال: يا أبت أمكني من العصا ثم أخذ العصا ثم قال: ضعني في الأرض، فوضعه فمشى إليه فضربه فشجه موضحة في رأسه وسالت الدماء قال نوح عليه السلام: رب قد ترى ما يفعل بي عبادك فإن يكن لك في عبادك حاجة فاهدهم وإن يكن غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين، فأوحى الله إليه وآيسه من إيمان قومه وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن قال {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} يعني لا تحزن عليهم (واصنع الفلك) (نوح الآية 37) قال: يا رب وما الفلك قال: بيت من خشب يجري على وجه الماء فأغرق أهل معصيتي وأطهر أرضي منهم، قال: يا رب وأين الماء قال: إني على ما أشاء قدير). [الدر المنثور: 8/39]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلا تبتئس} قال: فلا تحزن). [الدر المنثور: 8/40]

تفسير قوله تعالى: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بأعيننا ووحينا قال بعين الله تعالى ووحيه). [تفسير عبد الرزاق: 1/304]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({الفلك} [هود: 37] : «والفلك واحدٌ، وهي السّفينة والسّفن»). [صحيح البخاري: 6/74]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الفلك والفلك واحدٌ وهي السّفينة والسّفن كذا وقع لبعضهم بضمّ الفاء فيهما وسكون اللّام في الأولى وفتحها في الثّانية ولآخرين بفتحتين في الأولى وبضم ثمّ سكون في الثّانية ورجحه بن التّين وقال الأوّل واحدٌ والثّاني جمعٌ مثل أسدٍ وأسدٍ قال عياضٌ ولبعضهم بضمّ ثمّ سكون فيهما جميعًا وهو الصّواب والمراد أنّ الجمع والواحد بلفظٍ واحدٍ وقد ورد ذلك في القرآن فقد قال في الواحد في الفلك المشحون وقال في الجمع حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم والّذي في كلام أبي عبيدة الفلك واحدٌ وجمعٌ وهي السّفينة والسّفن وهذا أوضح في المراد). [فتح الباري: 8/351-352]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (الفلك والفلك واحد وهي السّفينة والسفن) أشار به إلى قوله تعالى {واصنع الفلك بأعيننا} وأشار بأن الفلك يطلق على الواحد وعلى الجمع بلفظ واحد فلذلك قال وهي السّفينة والسفن أي الفلك إذا أطلق على الواحد يكون المعنى السّفينة وإذا أطلق على الجمع يكون المعنى السفن الّتي هي جمع سفينة والفاء فيهما مضمومة فضمة المفرد مثل ضمة قفل وضمة الجمع مثل ضمة أسد جمع أسد). [عمدة القاري: 18/292]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({الفلك}) بضم الفاء وسكون اللام (والفلك واحد) بفتحتين كذا في الفرع وأصله وفي نسخة الفلك والفلك بضم الفاء فيهما وإسكان اللام وفتحها في الثاني، وفي نسخة الفلك والفلك بفتحتين في الأول وبضم ثم سكون في الثاني ورجحه السفاقسي وقال الأول واحد، والثاني جمع مثل أسد وأسد، وفي أخرى الفلك والفلك بضم ثم سكون فيهما جمعًا، وصوبه القاضي عياض والمراد أن الجمع والواحد بلفظ واحد في التنزيل في المفرد {في الفلك المشحون} وفي الجمع {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} (وهي السفينة) في الواحد (والسفن) في الجمع واللفظ وإن كان واحدًا لكنه مختلف بحسب التقدير فضمة فلك للواحد كضمة قفل وضمة فلك للجمع كضمة أسد). [إرشاد الساري: 7/171]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {بأعيننا} قال: بعين اللّه بوجهه). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 107]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون}.
يقول تعالى ذكره: وأوحي إليه أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن، وأن اصنع الفلك، وهو السّفينة؛
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {الفلك}: السّفينة.
وقوله {بأعيننا} يقول: بعين اللّه ووحيه كما يأمرك.
- كما حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} وذلك أنّه لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى اللّه إليه أن يصنعها على مثل جؤجؤ الطّائر.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ووحينا} قال: كما نأمرك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ. وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بأعيننا ووحينا} كما نأمرك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} قال: بعين اللّه.
قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: {ووحينا} قال: كما نأمرك.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {بأعيننا ووحينا} قال: بعين اللّه ووحيه.
وقوله: {ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون} يقول تعالى ذكره: ولا تسألني في العفو عن هؤلاء الّذين ظلموا أنفسهم من قومك، فأكسبوها تعدّيًا منهم عليها بكفرهم باللّه الهلاك بالغرق، إنّهم مغرقون بالطّوفان.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ولا تخاطبني} قال: يقول: ولا تراجعني. قال: تقدّم أن لا يشفع لهم عنده). [جامع البيان: 12/392-393]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون (37)
قوله تعالى: واصنع الفلك
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي ثنا عمّي، ثنا أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: واصنع الفلك بأعيننا ووحينا وذلك أنّه لم يعلم كيف صنعة الفلك فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه أن يصنعها على مثل جؤحؤ الطّائر.
قوله تعالى: الفلك
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا يعلى، ثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ في قوله: الفلك قال: سفينة نوحٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا شاذان، عن حماد ابن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ قال كان طول سفينة نوحٍ أربعمائة ذراعٍ وطولها في السّماء ثلاثون ذراعًا.
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن حربٍ، ثنا جرير بن حازمٍ، عن الحسن قال: كان طول سفينة نوحٍ ستّمائة ذراعٍ، وارتفاعها ثلاثون ذراعًا، وعرضها ثلاثمائة ذراعٍ، وكان بابها في جنبها.
- حدثنا حدّثنا أبي، ثنا أبو نفيلٍ، ثنا عتّابٌ، عن خصيفٍ أنّ سفينة نوحٍ كانت من خشبٍ وكانت ثلاثة أبياتٍ وكان طول السّفينة ثلاثمائة ذراعٍ وعرضها خمسون ذراعًا وطول الأبيات الثّلاثة من أسفل إلى فوق ثلاثون ذراعًا كلّ بيتٍ منها عشرة أذرعٍ، وكانت مغطّاةً أعلاها وأسفلها الا باب يدخل منه كلّ شيءٍ ثمّ ردمه.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن عمر القراريديّ، ثنا نوح بن قيسٍ، عن محمّد بن سيفٍ أبو رجاءٍ، عن الحسن قال: كان طول سفينة نوح ألف ومائة ذراعٍ وعرضها ستّمائة ذراعٍ وكانت مطبقةً.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن أيّوب النّصيبيّ، ثنا مخلد بن حسينٍ، عن عوفٍ، عن الحسن قال: كان طول سفينة نوحٍ ألفي ذراعٍ وعرضها مائة ذراعٍ.
قوله تعالى: بأعيننا
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن المبارك، ثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ واصنع الفلك بأعيننا قال: بعين اللّه ووحيه.
قوله تعالى: ووحينا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله ووحينا كما نأمرك.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد بن آدم، ثنا أبي شعيبٍ أبو شيبة، عن عطاءٍ الخراسانيّ في قوله: ووحينا أي بوحي اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن خالدٍ، ثنا عمر بن عبد الواحد، عن عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه وأمّا قوله بأعيننا ووحينا فيقال بعين اللّه ورحمته.
قوله تعالى: ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، فلمّا شكا ذلك منهم نوحٌ إلى اللّه عزّ وجلّ واستنصر عليهم أوحى اللّه إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا أي بعد اليوم إنّهم مغرقون.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد، بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون قال: نهى اللّه عزّ وجلّ نوحًا عليه السّلام أن يراجعه في أحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2025-2026]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ووحينا يقول كما نأمرك). [تفسير مجاهد: 2/303]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو النّضر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه، ثنا عثمان بن سعيدٍ الدّارميّ، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا موسى بن يعقوب الزّمعيّ، حدّثني فائدٌ، مولى عبيد اللّه بن عليّ بن أبي رافعٍ، أنّ إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن أبي ربيعة، أخبره، أنّ عائشة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخبرته، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو رحم اللّه أحدًا من قوم نوحٍ لرحم أمّ الصّبيّ» قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " كان نوحٌ مكث في قومه ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا، يدعوهم حتّى كان آخر زمانه غرس شجرةً، فعظمت، وذهبت كلّ مذهبٍ، ثمّ قطعها، ثمّ جعل يعملها سفينةً، ويمرّون فيسألونه، فيقول: أعملها سفينةً، فيسخرون منه، ويقولون: تعمل سفينةً في البرّ، وكيف تجري؟ قال: سوف تعلمون فلمّا فرغ منها، فار التّنّور، وكثر الماء في السّكك، خشيت أمّ الصّبيّ عليه، وكانت تحبّه حبًّا شديدًا، فخرجت إلى الجبل حتّى بلغت ثلمةً فلمّا بلغها الماء خرجت به حتّى استوت على الجبل، فلمّا بلغ الماء رقبتها رفعته بيدها حتّى ذهب بها الماء، فلو رحم اللّه منهم أحدًا لرحم أمّ الصّبيّ «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واصنع الفلك} قال: السفينة {بأعيننا ووحينا} قال: كما نأمرك). [الدر المنثور: 8/40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبو حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واصنع الفلك بأعيننا} قال: بعين الله ووحيه). [الدر المنثور: 8/40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال: ما وصف الله تبارك به نفسه في كتابه فقراءته تفسيره ليس لأحد أن يفسره بالعربية ولا بالفارسية). [الدر المنثور: 8/40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يعلم نوح عليه السلام كيف يصنع الفلك فأوحى الله إليه أن يصنعها على مثل جؤجؤ الطائر). [الدر المنثور: 8/40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولا تخاطبني في الذين ظلموا} يقول: لا تراجعني تقدم إليه لا يشفع لهم عنده). [الدر المنثور: 8/40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: نهى الله نوحا عليه السلام أن يراجعه بعد ذلك في أحد). [الدر المنثور: 8/40-41]

تفسير قوله تعالى: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأٌ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون (38) فسوف تعلمون}.
يقول تعالى ذكره: ويصنع نوح السّفينة، وكلّما مرّ عليه جماعةٌ من كبراء قومه {سخروا منه}، يقول: هزئوا من نوحٍ، ويقولون له: أتحوّلت نجّارًا بعد النّبوّة، وتعمل السّفينة في البرّ فيقول لهم نوحٌ: {إن تسخروا منّا} إن تهزءوا منّا اليوم، فإنّا نهزأ منكم في الآخرة كما تهزءون منّا في الدّنيا. {فسوف تعلمون} إذا عاينتم عذاب اللّه، من الّذي كان إلى نفسه مسيئًا منّا.
وكانت صنعة نوحٍ السّفينة كما:
- حدّثني المثنّى، وصالح بن مسمارٍ، قالا: حدّثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا موسى بن يعقوب، قال: ثني فائدٌ مولى عبيد اللّه بن عليّ بن أبي رافعٍ: أنّ إبراهيم بن عبد الرّحمن بن أبي ربيعة، أخبره أنّ عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبرته: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: لو رحم اللّه أحدًا من قوم نوحٍ لرحم أمّ الصّبيّ. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كان نوحٌ مكث في قومه ألف سنةٍ إلاّ خمسين عامًا يدعوهم إلى اللّه حتّى كان آخر زمانه غرس شجرةً، فعظمت وذهبت كلّ مذهبٍ، ثمّ قطعها، ثمّ جعل يعمل سفينةً، ويمرّون فيسألونه، فيقول: أعملها سفينةً، فيسخرون منه، ويقولون: تعمل سفينةً في البرّ فكيف تجري؟ فيقول: سوف تعلمون. فلمّا فرغ منها وفار التّنّور وكثر الماء في السّكك خشيت أمّ صبيٍّ عليه، وكانت تحبّه حبًّا شديدًا، فخرجت إلى الجبل حتّى بلغت ثلثه؛ فلمّا بلغها الماء خرجت حتّى بلغت ثلثي الجبل؛ فلمّا بلغها الماء خرجت حتّى استوت على الجبل؛ فلمّا بلغ الماء رقبتها رفعته بين يديها حتّى ذهب بها الماء، فلو رحم اللّه منهم أحدًا لرحم أمّ الصّبيّ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ طول السّفينة ثلاث مائة ذراعٍ، وعرضها خمسون ذراعًا، وطولها في السّماء ثلاثون ذراعًا، وبابها في عرضها.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا مباركٌ، عن الحسن، قال: كان طول سفينة نوحٍ ألف ذراعٍ، ومائتي ذراعٍ، وعرضها ستّ مائة ذراعٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن مفضّل بن فضالة، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال الحواريّون لعيسى ابن مريم: لو بعثت لنا رجلاً شهد السّفينة فحدّثنا عنها قال: فانطلق بهم حتّى انتهى بهم إلى كثيبٍ من ترابٍ، فأخذ كفًّا من ذلك التّراب بكفّه، قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: هذا كعب حام بن نوحٍ. قال: فضرب الكثيب بعصاه، قال: قم بإذن اللّه فإذا هو قائمٌ ينفض التّراب عن رأسه قد شاب. قال له عيسى: هكذا هلكت؟ قال: لا، ولكن متّ وأنا شابٌّ، ولكنّي ظننت أنّها السّاعة، فمن ثمّ شبت. قال: حدّثنا عن سفينة نوحٍ قال: كان طولها ألف ذراعٍ ومئتي ذراعٍ، وعرضها ستّ مائة ذراعٍ، وكانت ثلاث طبقاتٍ، فطبقةٌ فيها الدّوابّ والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطّير. فلمّا كثر أرواث الدّوابّ، أوحى اللّه إلى نوحٍ أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزيرٌ وخنزيرةٌ، فأقبلا على الرّوث. فلمّا وقع الفأر بحبل السّفينة يقرضه، أوحى اللّه إلى نوحٍ أن اضرب بين عيني الأسد فخرج من منخره سنّورٌ وسنّورةٌ، فأقبلا على الفأر، فقال له عيسى: كيف علم نوحٌ أنّ البلاد قد غرقت؟ قال: بعث الغراب يأتيه بالخبر، فوجد جيفةً فوقع عليها، فدعا عليه بالخوف، فلذلك لا يألف البيوت، قال: ثمّ بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطينٍ برجليها، فعلم أنّ البلاد قد غرقت، قال: فطوّقها الخضرة الّتي في عنقها، ودعا لها أن تكون في أنسٍ وأمانٍ، فمن ثمّ تألف البيوت. قال: فقلنا يا رسول اللّه ألا ننطلق به إلى أهلينا، فيجلس معنا، ويحدّثنا؟ قال: كيف يتّبعكم من لا رزق له؟ قال: فقال له: عد بإذن اللّه، قال: فعاد ترابًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عمّن لا يتّهم عن عبيد بن عميرٍ اللّيثيّ، أنّه كان يحدّث: أنّه بلغه أنّهم كانوا يبطشون به يعني قوم نوحٍ فيخنقونه حتّى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللّهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون حتّى إذا تمادوا في المعصية، وعظمت في الأرض منهم الخطيئة، وتطاول عليه وعليهم الشّأن، واشتدّ عليه منهم البلاء، وانتظر النّجل بعد النّجل، فلا يأتي قرنٌ إلاّ كان أخبث من القرن الّذي قبله، حتّى إن كان الآخر منهم ليقول: قد كان هذا مع آبائنا، ومع أجدادنا هكذا مجنونًا لا يقبلون منه شيئًا. حتّى شكا ذلك من أمرهم نوحٌ إلى اللّه تعالى، كما قصّ اللّه علينا في كتابه: {ربّ إنّي دعوت قومي ليلاً ونهارًا فلم يزدهم دعائي إلاّ فرارًا} إلى آخر القصّة، حتّى قال {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلاّ فاجرًا كفّارًا} إلى آخر القصّة.
فلمّا شكا ذلك منهم نوحٌ إلى اللّه واستنصره عليهم، أوحى اللّه إليه {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا} أي بعد اليوم، {إنّهم مغرقون} فأقبل نوحٌ على عمل الفلك، ولهى عن قومه، وجعل يقطع الخشب، ويضرب الحديد، ويهيّئ عدّة الفلك من القار وغيره ممّا لا يصلحه إلاّ هو. وجعل قومه يمرّون به وهو في ذلك من عمله، فيسخرون منه ويستهزئون به، فيقول: {إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ} قال: ويقولون له فيما بلغني: يا نوح قد صرت نجّارًا بعد النّبوّة قال: وأعقم اللّه أرحام النّساء، فلا يولد لهم ولدٌ.
قال: ويزعم أهل التّوراة أنّ اللّه أمره أن يصنع الفلك من خشب السّاج، وأن يصنعه أزور، وأن يطليه بالقار من داخله وخارجه، وأن يجعل طوله ثمانين ذراعًا، وأن يجعله ثلاثة أطباقٍ: سفلاً ووسطًا وعلوًّا، وأن يجعل فيه كوًى. ففعل نوحٌ كما أمره اللّه، حتّى إذا فرغ منه وقد عهد اللّه إليه إذا جاء أمرنا وفار التّنّور، فاحمل فيها من كلّ زوجين اثنين، وأهلك إلاّ من سبق عليه القول ومن آمن، وما آمن معه إلاّ قليلٌ، وقد جعل التّنّور آيةً فيما بينه وبينه فقال {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين} واركب. فلمّا فار التّنّور حمل نوحٌ في الفلك من أمره اللّه، وكانوا قليلاً كما قال اللّه، وحمل فيها من كلّ زوجين اثنين ممّا فيه الرّوح والشّجر ذكرٌ وأنثى، فحمل فيه بنيه الثّلاثة: سام وحام ويافت ونساءهم، وستّة أناسٍ ممّن كان آمن به، فكانوا عشرة نفرٍ: نوحٌ وبنوه وأزواجهم، ثمّ أدخل ما أمره به من الدّوابّ وتخلّف عنه ابنه يام، وكان كافرًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينارٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، قال: سمعته يقول: كان أوّل ما حمل نوحٌ في الفلك من الدّوابّ الدّرّة، وآخر ما حمل الحمار؛ فلمّا دخل الحمار، وأدخل صدره مسك إبليس بذنبه، فلم تستقل رجلاه، فجعل نوحٌ يقول: ويحك ادخل فينهض فلا يستطيع. حتّى قال نوحٌ: ويحك ادخل وإن كان الشّيطان معك قال: كلمةً زلّت عن لسانه. فلمّا قالها نوحٌ خلّى الشّيطان سبيله، فدخل ودخل الشّيطان معه، فقال له نوحٌ: ما أدخلك عليّ يا عدوّ اللّه؟ فقال: ألم تقل: ادخل وإن كان الشّيطان معك؟ قال: اخرج عنّي يا عدوّ اللّه فقال: ما لك بدٌّ من أن تحملني. فكان فيما يزعمون في ظهر الفلك. فلمّا اطمأنّ نوحٌ في الفلك، وأدخل فيه من آمن به، وكان ذلك في الشّهر من السّنة الّتي دخل فيها نوحٌ بعد ستّ مئة سنةٍ من عمره لسبع عشرة ليلةً مضت من الشّهر؛ فلمّا دخل وحمل معه من حمل، تحرّك ينابيع الغوط الأكبر، وفتّح أبواب السّماء، كما قال اللّه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ففتحنا أبواب السّماء بماءٍ منهمرٍ وفجّرنا الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر} فدخل نوحٌ ومن معه الفلك وغطّاه عليه وعلى من معه بطبقةٍ، فكان بين أن أرسل اللّه الماء وبين أن احتمل الماء الفلك أربعون يومًا وأربعون ليلةً. ثمّ احتمل الماء كما تزعم أهل التّوراة، وكثر الماء واشتدّ وارتفع؛ يقول اللّه لمحمّدٍ: {وحملناه على ذات ألواحٍ ودسرٍ} والدّسر: المسامير، مسامير الحديد. فجعلت الفلك تجري به وبمن معه في موجٍ كالجبال ونادى نوحٌ ابنه الّذي هلك فيمن هلك، وكان في معزلٍ حين رأى نوحٌ من صدق موعد ربّه ما رأى فقال: {يا بنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين} وكان شقيًّا قد أضمر كفرًا، {قال سآوي إلى جبلٍ يعصمني من الماء} وكان عهد الجبال وهي حرزٌ من الأمطار إذا كانت، فظنّ أنّ ذلك كما كان يعهد. قال نوحٌ: {لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلاّ من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين} وكثر الماء حتّى طغى وارتفع فوق الجبال كما تزعم أهل التّوراة بخمسة عشر ذراعًا، فباد ما على وجه الأرض من الخلق من كلّ شيءٍ فيه الرّوح أو شجرٌ، فلم يبق شيءٌ من الخلائق إلاّ نوحٌ ومن معه في الفلك، وإلاّ عوج بن عنقٍ فيما يزعم أهل الكتاب. فكان بين أن أرسل اللّه الطّوفان، وبين أن غاض الماء ستّة أشهرٍ وعشر ليالٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينارٍ، عن عليّ بن زيد بن جدعان، قال ابن حميدٍ، قال سلمة؛ وحدّثني حسن بن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، قال: سمعته يقول: لمّا آذى نوحًا في الفلك عذرة النّاس، أمر أن يمسح ذنب الفيل، فمسحه، فخرج منه خنزيران، وكفّي ذلك عنه. وإنّ الفأر توالدت في الفلك، فلمّا آذته، أمر أن يأمر الأسد يعطس، فعطس فخرج من منخريه هرّان يأكلان عنه الفأر.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا كان نوحٌ في السّفينة، قرض الفأر حبال السّفينة، فشكا نوحٌ، فأوحى اللّه إليه فمسح ذنب الأسد فخرج سنّوران. وكان في السّفينة عذرةٌ، فشكا ذلك إلى ربّه، فأوحى اللّه إليه، فمسح ذنب الفيل، فخرج خنزيرًا.
- حدّثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجانيّ، قال: حدّثنا الأسود بن عامرٍ، قال: أخبرنا سفيان بن سعيدٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، بنحوه.
- حدّثت عن المسيّب عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، قال: قال سليمان القراسيّ: عمل نوحٌ السّفينة في أربع مئة سنةٍ، وأنبت السّاج أربعين سنةً حتّى كان طوله أربع مائة ذراعٍ، والذّراع إلى المنكب). [جامع البيان: 12/393-400]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأٌ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون (38)
قوله تعالى: ويصنع الفلك
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا بن وهبٍ، ثنا مالكٌ، عن زيد بن أسلم أنّ نوحًا عليه السّلام مكث يغرس الشّجر ويقطعها وييبسها، ثم مائة يعملها.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر ابن وهبٍ أخبرني ابن لهيعة، عن خالد، بن يزيد، عن سعيد، بن أبي هلالٍ، عن أبي سهلٍ، عن تبيعٍ، عن كعب الأحبار أنّه قال لمّا استنفذ اللّه من في الأصلاب والأرحام من المؤمنين والكافرين أوحى إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فاصنع الفلك قال: يا رب ما زنا بنجّارٍ قال بلى فإنّ ذلك بعيني خذ القادوم فجعلت يده لا تخطئ فجعلوا يمرّون به ويقولون: هذا الّذي يزعم أنّه نبيٌّ قد صار نجّارًا فعملها أربعين سنةً.
قوله تعالى: وكلّما مرّ عليه ملأٌ من قومه سخروا منه
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد، بن الحكم بن أبي مريم، ثنا موسى بن يعقوب الزّمّيّ، عن قايدٍ مولى عبيد اللّه بن أبي رافعٍ أنّ إبراهيم بن عبد الرحمن ابن أبي ربيعة أخبره أنّ عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبرته أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قال لو رحم اللّه عزّ وجلّ من قوم نوحٍ أحد لرحم أمّ الصّبيّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كان نوحٌ مكث في قومه ألف سنةٍ وغرس مائة سنةٍ الشّجر فعظمت، وذهب كلّ مذهبٍ ثمّ قطعها ثمّ جعلها سفينةً ويمرّون عليه فيسخرون منه ويقولون: يعمل سفينةً في البرّ فكيف تجري؟ قال سوف تعلمون فلمّا فرغ ونبع الماء وصار في السّكك خشيت أمّ الصّبيّ عليه وكانت تحبّه حبًّا شديدًا فخرجت إلى الجبل حتّى بلغت ثلثه فلمّا صار الماء على الجبل فلمّا بلغها الماء خرجت به حتّى استوت على الجبل فلمّا بلغ الماء رقبتها دفعته بيدها فرقًا فلو رحم اللّه عزّ وجلّ منهم أحدًا لرحم أمّ الصّبيّ.
قوله تعالى: قال: إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم الآية
- حدّثنا أبي، ثنا أبو بقيٍّ هشام بن عبد الملك، ثنا بقيّة حدّثتني أمّ عبد اللّه يعني بنت خالد، بن مهران، عن أبيها قال يقال: الّذين يسخرون من النّاس في الدّنيا ادخلوا الجنّة فإذا آتوها ردّوا وقيل لهم: سخر بكم كما كنتم تسخرون بالنّاس في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 6/2026-2027]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 38 - 39.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وضعفه الذهبي، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها ثم جعل يعملها سفينة ويمرون فيسألونه فيقول: أعملها سفينة فيسخرون منه ويقولون: تعمل سفينة في البر وكيف تجري قال: سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبا شديدا فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي). [الدر المنثور: 8/41]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: كانت سفينة نوح عليه السلام لها أجنحة وتحت الأجنحة إيوان). [الدر المنثور: 8/41]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم وذكر أن طول السفينة كان ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وبابها في عرضها). [الدر المنثور: 8/41-42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان طول سفينة نوح ثلثمائة ذراع وطولها في السماء ثلاثون ذراعا). [الدر المنثور: 8/42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن نوحا لما أمر أن يصنع الفلك قال: يا رب وأين الخشب قال: اغرس الشجر فغرس الساج عشرين سنة وكف عن الدعاء وكفوا عن الاستهزاء فلما أدرك الشجر أمره ربه فقطعها وجففها فقال: يا رب كيف اتخذ هذا البيت قال: اجعله على ثلاثة صور، رأسه كرأس الديك وجؤجؤه كجؤجؤ الطير وذنبه كذنب الديك واجعلها مطبقة واجعل لها أبوابا في جنبها وشدها بدسر - يعني مسامير الحديد - وبعث الله جبريل عليه السلام يعلمه صنعة السفينة فكانوا يمرون به ويسخرون منه ويقولون: ألا ترون إلى هذا المجنون يتخذ بيتا ليسير به على الماء وأين الماء ويضحكون، وذلك قوله {وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه} فجعل السفينة ستمائة ذراع طولها وستين ذراعا في الأرض وعرضها ثلثمائة ذراع وثلاثة وثلاثون وأمر أن يطليها بالقار ولم يكن في الأرض قار ففجر الله له عين القار حيث تنحت السفينة تغلي غليانا حتى طلاها فلما فرغ منها جعل لها ثلاثة أبواب وأطبقها فحمل فيها السباع والدواب فألقى الله على الأسد الحمى وشغله بنفسه عن الدواب وجعل الوحش والطير في الباب الثاني ثم أطبق عليها وجعل ولد آدم أربعين رجلا وأربعين امرأة في الباب الأعلى ثم أطبق عليهم وجعل الدرة معه في الباب الأعلى لضعفها أن لا تطأها الدواب). [الدر المنثور: 8/42-43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن طول السفينة ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وبابها في عرضها وذكر لنا أنها استقلت بهم في عشر خلون من رجب وكانت في الماء خمسين ومائة يوم ثم استقرت بهم على الجودي وأهبطوا إلى الأرض في عشر ليال خلون من المحرم). [الدر المنثور: 8/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال: كان طول سفينة نوح عليه السلام ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع). [الدر المنثور: 8/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الحواريون لعيسى بن مريم عليهما السلام لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب فأخذ كفا من ذلك التراب قال: أتدرون ما هذا قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا كعب حام بن نوح فضرب الكثيب بعصاة قال: قم بإذن الله، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب قال له عيسى عليه السلام: هكذا هلكت، قال: لا مت وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة قامت فمن ثم شبت قال: حدثنا عن سفينة نوح قال: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع كانت ثلاث طبقات، فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح: أن اغمز ذنب الفيل، فغمز فوقع منه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث فلما وقع الفار يخرب السفينة بقرضه أوحى الله إلى نوح أن أضرب بين عيني الأسد، فخرج من منخره سنور وسنوره فأقبلا على الفار فقال له عيسى عليه السلام: كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت قال: بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت، ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ودعا لها أن تكون في أنس وأمان فمن ثم تألف البيوت فقالوا: يا روح الله ألا تنطلق بنا إلى أهالينا فيجلس معنا ويحدثنا قال: كيف يتبعكم من لا رزق له ثم قال: عد بإذن الله فعاد ترابا). [الدر المنثور: 8/43-44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان طول سفينة نوح عليه السلام أربعمائة ذراع وعرضها في السماء ثلاثون ذراعا). [الدر المنثور: 8/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال: قال سليمان الفرائي، عمل نوح عليه السلام السفينة أربعمائة سنة وأنبت الساج أربعين سنة حتى كان طوله أربعمائة ذراع والذراع إلى المنكبين). [الدر المنثور: 8/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم رضي الله عنه، أن نوحا عليه السلام مكث يغرس الشجر ويقطعها وييبسها ثم مائة سنة يعملها). [الدر المنثور: 8/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه، أن نوحا عليه السلام لما أمر أن يصنع الفلك قال: رب لست بنجار قال: بلى، فإن ذلك بعيني فخذ القادوم فجعلت يده لا تخطئ فجعلوا يمرون به ويقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي قد صارا نجارا فعملها أربعين سنة). [الدر المنثور: 8/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن ميناء، أن كعبا رضي الله عنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني عن أول شجرة نبتت على الأرض قال عبد الله: الساج وهي التي عمل منها نوح السفينة فقال كعب رضي الله عنه: صدقت). [الدر المنثور: 8/45-46]

تفسير قوله تعالى: (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({فسوف تعلمون} إذا عاينتم عذاب اللّه، من الّذي كان إلى نفسه مسيئًا منّا). [جامع البيان: 12/393] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ (39) حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نوحٍ لقومه: {فسوف تعلمون} أيّها القوم إذا جاء أمر اللّه، من الهلاك؛ {من يأتيه عذابٌ يخزيه} يقول: الّذي يأتيه عذاب اللّه منّا ومنكم يهينه ويذلّه، {ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ} يقول: وينزل به في الآخرة مع ذلك عذابٌ دائمٌ لا انقطاع له، مقيمٌ عليه أبدًا). [جامع البيان: 12/401]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ (39)
قوله تعالى: من يأتيه عذاب يخزيه
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّبرانيّ، ثنا حفص العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: من يأتيه عذابٌ يخزيه قال: الغرق.
قوله تعالى: ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الخطبيّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: عذابٌ مقيمٌ يعني: دائمًا لا ينقطع.
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، ثنا حفص العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ قال: جهنّم). [تفسير القرآن العظيم: 6/2027-2028]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من يأتيه عذاب يخزيه} قال: هو الغرق {ويحل عليه عذاب مقيم} قال: هو الخلود في النار). [الدر المنثور: 8/46]

تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (40) : قوله تعالى: {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين... } الآية]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيم، عن العوّام، عن الضّحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاسٍ - في قوله عز وجل: {وفار التّنّور} - قال: يفور الماء: يخرج على وجهها، فقيل لنوحٍ: إذا رأيت الماء قد علا على الأرض فانزل أنت وأصحابك.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن رجلٍ - قال هشيمٌ: أظنّه النّعمان بن سعد -، عن عليٍّ رضي اللّه عنه أنّه قال: {وفار التّنّور} قال: طلوع الشمس). [سنن سعيد بن منصور: 5/344-345]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وفار التّنّور} [هود: 40] : «نبع الماء» وقال عكرمة: «وجه الأرض»). [صحيح البخاري: 6/73]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقال الحسن إنّك لأنت الحليم الرّشيد يستهزئون به وقال ابن عبّاس اقلعي أمسكى وفار التّنور نبع الماء وقال عكرمة وجه الأرض تقدم جميع ذلك في أحاديث الأنبياء وسقط هنا لأبي ذر). [فتح الباري: 8/349] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وفي قوله 22 هود {لا جرم} قال بلى وفي قوله 40 هود {وفار التّنور} نبع الماء
وقال ابن جرير ثنا أبو كريب وأبو السّائب قالا ثنا ابن إدريس أنا الشّيبانيّ عن عكرمة في قوله وفار التّنور قال وجه الأرض). [تغليق التعليق: 4/224-225]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وفار التّنّور نبع الماء: عصيبٌ شديدٌ لا جرم بلى
أشار به إلى قوله تعالى: {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنور} (هود: 40) وهذا أيضا رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس. قوله: (فار) ، من الفور وهو الغليان، والفوارة ما يفور من القدر، وقال ابن دريد: التّنور اسم فارسي معرب لا تعرف له العرب اسما غيره، فلذلك جاء في التّنزيل لأنهم خوطبوا بما عرفوه: واختلفوا في موضعه. فقال مجاهد: كان ذلك في ناحية الكوفة، وقال: اتخذ نوح، عليه الصّلاة السّلام، السّفينة في جوف مسجد الكوفة وكان التّنور على يمين الدّاخل ممّا يلي كشدة، وبه قال عليّ وزر بن حبيش، وقال مقاتل: كان تنور آدم، عليه الصّلاة والسّلام، وإنّما كان بالشّام بموضع يقال له: عين وردة، وعن عكرمة، كان التّنور بالهند.
وقال عكرمة وجه الأرض
أي: قال عكرمة مولى ابن عبّاس، التّنور اسم لوجه الأرض، وذكروا فيه ستّة أقوال: أحدها: هذا. والثّاني: اسم لأعلى وجه الأرض. والثّالث: تنوير الصّبح من قولهم: نور الصّبح تنويرا. والرّابع: طلوع الشّمس. والخامس: هو الموضع الّذي اجتمع فيه ماء السّفينة فإذا فار منه الماء كان ذلك علامة لنوح، عليه الصّلاة والسّلام، لركوب السّفينة، والسّادس: ما ذكره البخاريّ). [عمدة القاري: 18/288-289]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وفار التنور} نبع الماء) فيه وارتفع كالقدر يفور والتنور تنور الخبز وابتداء النبوع منه خارق للعادة وكان في الكوفة في موضع مسجدها أو في الهند وقيل في غيرهما. (وقال عكرمة): التنور (وجه الأرض) وقيل: هو أشرف موضع فيها). [إرشاد الساري: 7/167]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {حتّى إذا جاء أمرنا} يقول: ويصنع نوحٌ الفلك حتّى إذا جاء أمرنا الّذي وعدناه أن يجيء قومه من الطّوفان الّذي يغرقهم.
وقوله: {وفار التّنّور} اختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: انبجس الماء من وجه الأرض، وفار التّنّور، وهو وجه الأرض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال في قوله: {وفار التّنّور} قال: التّنّور: وجه الأرض. قال: قيل له: إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك قال: والعرب تسمّي وجه الأرض: تنّور الأرض.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن العوّام، عن الضّحّاك، بنحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، وأبو السّائب، قالا: حدّثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا الشّيبانيّ، عن عكرمة، في قوله: {وفار التّنّور} قال: وجه الأرض.
- حدّثنا زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة وسفيان بن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن إدريس، عن الشّيبانيّ، عن عكرمة: {وفار التّنّور} قال: وجه الأرض.
وقال آخرون: هو تنوير الصّبح من قولهم: نوّر الصّبح تنويرًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن إسحاق، عن عبّاسٍ، مولى أبي جحيفة، عن أبي جحيفة، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قوله: {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور} قال: هو تنوير الصّبح.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وإسحاق بن إسرائيل قالا: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن زياد مولى أبي جحيفة، عن أبي جحيفة، عن عليٍّ في قوله: {وفار التّنّور} قال: تنوير الصّبح.
- حدّثنا حمّاد بن يعقوب، قال: أخبرنا ابن فضيلٍ، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن مولى أبي جحيفة، أراه قد سمّاه عن أبي جحيفة، عن عليٍّ: {وفار التّنّور} قال: تنوير الصّبح.
- حدّثني إسحاق بن شاهين، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن ابن إسحاق، عن رجلٍ من قريشٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه: {وفار التّنّور} قال: طلع الفجر.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الرّحمن بن إسحاق، عن رجلٍ قد سمّاه، عن عليّ بن أبي طالبٍ، قوله: {وفار التّنّور} قال: إذا طلع الفجر.
وقال آخرون: معنى ذلك: وفار على الأرض، وأشرف مكانٌ فيها بالماء. وقال: التّنّور أشرف الأرض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور} كنّا نحدّث أنّه أعلى الأرض وأشرفها، وكان علمًا بين نوحٍ وبين ربّه.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، قال: سمعت قتادة، قوله: {وفار التّنّور} قال: أشرف الأرض وأرفعها فار الماء منه.
وقال آخرون: هو التّنّور الّذي يختبز فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور} قال: إذا رأيت تنّور أهلك يخرج منه الماء فإنّه هلاك قومك.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي محمّدٍ، عن الحسن، قال: كان تنّورًا من حجارةٍ كان لحوّاء حتّى صار إلى نوحٍ، قال: فقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التّنّور فاركب أنت وأصحابك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن شبلٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وفار التّنّور} قال: حين انبجس الماء وأمر نوحٌ أن يركب هو ومن معه في الفلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وفار التّنّور} قال: انبجس الماء منه آيةً أن يركب بأهله، ومن معه في السّفينة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ نحوه، إلاّ أنّه قال: آيةً أن يركّب أهله ومن معه في السّفينة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بنحوه، إلاّ أنّه قال: آيةً بأن يركب بأهله ومن معهم في السّفينة.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا خلف بن خليفة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: نبع الماء في التّنّور، فعلمت به امرأته فأخبرته. قال: وكان ذلك في ناحية الكوفة.
- قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا عليّ بن ثابتٍ، عن السّريّ بن إسماعيل، عن الشّعبيّ: أنّه كان يحلف باللّه ما فار التّنّور إلاّ من ناحية الكوفة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد الحميد الحمّانيّ، عن النّضر أبي عمر الخزّاز، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وفار التّنّور} قال: فار التّنّور بالهند.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وفار التّنّور} كان آيةً لنوحٍ إذا خرج منه الماء فقد أتى النّاس الهلاك والغرق وكان ابن عبّاسٍ يقول في معنى فار: نبع.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وفار التّنّور} قال: نبع.
قال أبو جعفرٍ: وفوران الماء سورة دفعته، يقال منه: فار الماء يفور فورانًا وفورًا، وذاك إذا سارت دفعته.
وأولى هذه الأقوال عندنا بتأويل قوله: {التّنّور} قول من قال: هو التّنّور الّذي يخبز فيه؛ لأنّ ذلك هو المعروف من كلام العرب، وكلام اللّه لا يوجّه إلاّ إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب إلاّ أن تقوم حجّةٌ على شيءٍ منه بخلاف ذلك فيسلّم لها. وذلك أنّه جلّ ثناؤه إنّما خاطبهم بما خاطبهم به لإفهامهم معنى ما خاطبهم به. {قلنا} لنوحٍ حين جاء عذابنا قومه الّذي، وعدنا نوحًا أن نعذّبهم به، وفار التّنّور الّذي جعلنا فورانه بالماء آية مجيء عذابنا بيننا وبينه لهلاك قومه: {احمل فيها} يعني في الفلك {من كلٍّ زوجين اثنين} يقول: من كلّ ذكرٍ وأنثى.
- كما حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {من كلٍّ زوجين اثنين} قال: ذكرٍ وأنثى من كلّ صنفٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {من كلٍّ زوجين اثنين} فالواحد زوجٌ، والزّوجين ذكرٌ وأنثى من كلّ صنفٍ.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من كلٍّ زوجين اثنين} قال: ذكرٍ وأنثى من كلّ صنفٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين} يقول: من كلّ صنفٍ اثنين.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {من كلٍّ زوجين اثنين} يعني بالزّوجين اثنين: ذكرًا أو أنثى.
وقال بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيّين: الزّوجان في كلام العرب: الاثنان، قال: ويقال عليه زوجا نعالٍ: إذا كانت عليه نعلان، ولا يقال عليه زوج نعالٍ، وكذلك عنده زوجا حمامٍ، وعليه زوجا قيودٍ. وقال: ألا تسمع إلى قوله: {وأنّه خلق الزّوجين الذّكر والأنثى} فإنّما هما اثنان.
وقال بعض البصريّين من أهل العربيّة في قوله: {قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين} قال: فجعل الزّوجين: الضّربين، الذّكور والإناث، قال: وزعم يونس أنّ قول الشّاعر:
وأنت امرؤٌ تعدو على كلّ غرّةٍ = فتخطئ فيها مرّةً وتصيب
يعني به الذّئب. قال: فهذا أشذّ من ذلك.
وقال آخر منهم: الزّوج: اللّون، قال: وكلّ ضربٍ يدعى لونًا، واستشهد ببيت الأعشى في ذلك:
- وكلّ زوجٍ من الدّيباج يلبسه = أبو قدامة محبوًّا بذاك معا
وبقول لبيدٍ:
بذي بهجةٍ كنّ المقانب صوبه = وزيّنه أزواج نورٍ مشرّب
وذكر أنّ الحسن قال في قوله: {ومن كلّ شيءٍ خلقنا زوجين} السّماء زوجٌ، والأرض زوجٌ، والشّتاء زوجٌ، والصّيف زوجٌ، واللّيل زوجٌ، والنّهار زوجٌ، حتّى يصير الأمر إلى اللّه الفرد الّذي لا يشبهه شيءٌ.
وقوله: {وأهلك إلاّ من سبق عليه القول} يقول: واحمل أهلك أيضًا في الفلك، يعني بالأهل: ولده ونساءه وأزواجه {إلاّ من سبق عليه القول} يقول: إلاّ من قلت فيهم إنّي مهلكه مع من أهلك من قومك.
ثمّ اختلفوا في الّذي استثناه اللّه من أهله، فقال بعضهم: هو بعض نساء نوحٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: {وأهلك إلاّ من سبق عليه القول} قال: العذاب، هي امرأته كانت من الغابرين في العذاب.
وقال آخرون: بل هو ابنه الّذي غرق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن المسيّب، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {وأهلك إلاّ من سبق عليه القول} قال: ابنه غرق فيمن غرق.
وقوله: {ومن آمن} يقول: واحمل معهم من صدّقك واتّبعك من قومك. يقول اللّه: {وما آمن معه إلاّ قليلٌ} يقول: وما أقرّ بوحدانيّة اللّه مع نوحٍ من قومه إلاّ قليلٌ.
واختلفوا في عدد الّذين كانوا آمنوا معه فحملهم معه في الفلك، فقال بعضهم في ذلك: كانوا ثمانية أنفسٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأهلك إلاّ من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ} قال: ذكر لنا أنّه لم يتمّ في السّفينة إلاّ نوحٌ وامرأته وثلاثة بنيه، ونساؤهم، فجميعهم ثمانيةٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، والحسن بن عرفة، قالا: حدّثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنيّة، عن أبيه، عن الحكم: {وما آمن معه إلاّ قليلٌ} قال: نوحٌ، وثلاثةٌ بنيه، وأربعٌ كنائنه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: حدّثت أنّ نوحًا حمل معه بنيه الثّلاثة، وثلاث نسوةٍ لبنيه، وامرأة نوحٍ، فهم ثمانيةٌ بأزواجهم. وأسماء بنيه: يافث، وسام، وحام، وأصاب حام زوجته في السّفينة، فدعا نوحٌ أن يغيّر نطفته فجاء بالسّودان.
وقال آخرون: بل كانوا سبعة أنفسٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش: {وما آمن معه إلاّ قليلٌ} قال: كانوا سبعةً: نوحٌ، وثلاث كنائن له، وثلاثة بنين.
وقال آخرون: كانوا عشرةً سوى نسائهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا فار التّنّور، حمل نوحٌ في الفلك من أمره اللّه به، وكانوا قليلاً كما قال اللّه، فحمل بنيه الثّلاثة: سام، وحام، ويافث، ونساءهم، وستّة أناسيٍّ ممّن كان آمن، فكانوا عشرة نفرٍ بنوحٍ، وبنيه وأزواجهم.
وقال آخرون: بل كانوا ثمانين نفسًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: حمل نوحٌ معه في السّفينة ثمانين إنسانًا.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، كان بعضهم يقول: كانوا ثمانين، يعني القليل الّذي قال اللّه: {وما آمن معه إلاّ قليلٌ}.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا زيد بن الحباب، قال: ثني حسين بن واقدٍ الخراسانيّ، قال: ثني أبو نهيكٍ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، يقول: كان في سفينة نوحٍ ثمانون رجلاً، أحدهم جرهم.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال كما قال اللّه: {وما آمن معه إلاّ قليلٌ} يصفهم بأنّهم كانوا قليلاً، ولم يحدّد عددهم بمقدارٍ ولا خبرٍ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صحيحٍ، فلا ينبغي أن يتجاوز في ذلك حدّ اللّه، إذ لم يكن لمبلغ عدد ذلك حدٌّ من كتاب اللّه أو أثرٍ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 12/401-412]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلّا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلّا قليلٌ (40)
قوله تعالى: حتّى إذا جاء أمرنا
- حدّثنا أبي، ثنا عثمان بن حفص بن عمر بن سليمان الضّبّيّ الذّراع، ثنا سلمة بن علقمة ثنا داود بن أبي هند، عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير في قوله: حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قال: كانت علامةٌ بينه وبين ربّه إذا رأيت التنور يفور بالماء ف احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين.
قوله تعالى: وفار التنور
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وفار التّنّور يقول: (نبع الماء)
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وفار التّنّور الماء منه.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، ثنا إسرائيل، عن مسلمٍ، عن محمّد بن عليٍّ قال: فار التّنّور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة وروي عن حذيفة والشّعبيّ ومجاهدٍ نحو ذلك وقد روي، عن عليٍّ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو النّاقد، ثنا محمد بن محمّد بن فضيل بن عزوان، ثنا عبد الرّحمن بن إسحاق، عن زيادٍ مولى أبي جحيفة، عن أبي جحيفة، عن عليٍّ في قوله: حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قال: تنوير الصبح.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا يعقوب الدّورقيّ، ثنا هشيمٌ، عن العوّام بن حوشبٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وفار التّنّور قال: التّنّور وجه الأرض قيل له إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن اتّبعك قال: العرب تسمّي وجه الأرض تنّور الأرض، وروي، عن عكرمة، أنّه قال وجه الأرض.
الوجه الرّابع
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد، بن بشيرٍ، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وفار التّنّور العين الّتي بالجزيرة عين الوردة.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد، بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: وفار التّنّور قال: فيفور التّنّور علمٌ بين نوحٍ وربّه والتّنّور أشرف الأرض وأعلاها عينٌ بالجزيرة عين الوردة.
الوجه الخامس:
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، عن نصر بن أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وفار التّنّور قال: بالهند.
الوجه السّادس:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، ثنا أبي، ثنا عمّي، ثنا أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وفار التّنّور قال: إذا رأيت تنّور أهلك يخرج منه الماء فإنّه هلاك قومك.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا محبوب القواريريّ، عن طلحة، قال سمعت عطاء يقول بلغني أنّ نوحًا عليه السّلام قال لجاريته: إذا فار تنّورك ماءً فأخبريني قال عطاءٌ: بلغني أنّها لمّا فرغت من آخر خبزها فار التّنّور فذهبت إلى سيّدها فأخبرته فركب هو ومن معه في أعلى السّفينة وفتح اللّه السّماء بماءٍ منهمرٍ وفجّر الأرض عيونًا.
قوله تعالى: قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين
- حدّثنا أبي ثنا المؤمّل بن إهابٍ، ثنا زيد بن حبابٍ، ثنا حسين بن واقدٍ، عن أبي نهيكٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان مع نوحٍ في السّفينة ثمانون رجلا أحدهم جرهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا عليّ بن عثمان، ثنا داود بن أبي الفرات، عن علبا بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كان مع نوحٍ في السّفينة ثمانون رجلا منهم أهلوهم وأنّهم كانوا في السّفينة مائةً وخمسين يومًا.
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر، عن الحكم، عن عكرمة، في قوله: احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين خلقته ذكرًا وأنثى قال: الذّكر زوجٌ، والأنثى زوجٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من كلٍّ زوجين اثنين ذكرٌ وأنثى من كلّ صنفٍ.
- حدّثنا حمّاد بن الحسن بن عنبسة، ثنا أبو داود، ثنا مباركٌ، عن عبد الله ابن مسلم بن يسارٍ، عن أبيه من كلٍّ زوجين اثنين قال: أمر نوحٌ عليه السّلام أن يحمل معه من كلٍّ زوجين اثنين وملكٌ معه فجعل يقبض زوجًا زوجًا وبقي العنب فجاء إبليس فقال هذا كلّه لي فنظر نوحٌ إلى الملك فقال إنّه شريكك فأحسن شركته فقال لي النّصف وله النّصف قال إبليس: هذا كلّه لي فنظر إلى الملك فقال إنّه شريكك فأحسن شركته قال نعم لي الثّلث وله الثّلثان قال أخفت وأنت بحساب أنّك تأكله عنبًا وتأكله ذبيبًا وتشربه عصيرًا ثلاثة أيّامٍ قال: مسلمٌ: فكانوا يرون أنّه إذا شربه كذلك فليس للشّيطان فيه نصيبٌ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ، الأشجّ، عن أبي معاوية، عن ابن أبي خالدٍ، عن أبي عبيدة قال: لمّا أمر نوحٌ عليه السّلام أن يحمل معه في السّفينة من كلٍّ زوجين اثنين لم يستطع يحمل معه الأسد حتّى ألقيت عليه الحمّى فحمله فأدخله.
- حدّثنا أبي، ثنا بشر بن آدم، ثنا عفّان بن مسلمٍ، ثنا مباركٌ قال: سمعت بكرًا يقول لمّا حمل نوحٌ الأسد في السّفينة اشتهى اللّحم فزاد مخافة أهل السّفينة فشكوا ذلك إلى نوحٍ فدعا عليه فألقيت عليه الحمّى فمرّ به نوح.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، ثنا اللّيث، ثنا همّام بن سعيدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لمّا حمل نوحٌ في السّفينة من كلٍّ زوجين اثنين قال أصحابه وكيف نطمأنّ أو تطمئنّ المواشي ومعنا الأسد فسلّط اللّه عليه الحمّى فكانت أوّل حمّى نزلت في الأرض ثمّ شكوا الفارة فقالوا الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى اللّه إلى الأسد فعطس فخرجت الهرّة فتخبّأت الفارة منها.
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ، ثنا أبو أحمد الزّبيريّ، ثنا سفيان، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا كان نوحٌ في السّفينة قرط الفار حبال السّفينة فشكى ذلك فأوحي إليه فمسح ذنب الأسد فخرج سنورات وكان في السّفينة عذرةٌ فشكى فأوحي إليه فمسح ذنب الفيل فخرج خنزيران.
قوله تعالى: وأهلك
- حدّثنا أبي ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد، بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: وأهلك ذكر لنا أنّه لم ينج ممّن في السّفينة إلا نوحٌ وثلاثة بنين له ونساؤهم فجمعهم ثمانيةً.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن هاشمٍ الرّمليّ، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن مطرٍ قال: كان نوحٍ في السّفينة سبعةٌ نوحٌ وثلاثةٌ أولاده وكنانيه ثلاثةٌ.
قوله تعالى: إلا من سبق عليه القول
- حدّثنا عليّ بن الحسين أبو الجماهر، ثنا سعيد، بن بشيرٍ، عن قتادة، قوله وأهلك إلا من سبق عليه القول: إنّه مغرقٌ.
قوله تعالى: ومن آمن وما آمن معه إلا قليلٌ
- حدّثنا العبّاس بن يزيد العبديّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيد، بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال سام أبو العرب وويغث أبو الرّوم وحام أبو الحبش.
- حدّثنا أبو سعيدٍ، الأشجّ، ثنا ابن أبي غنيّة، عن أبيه، عن الحكم ومن آمن وما آمن معه إلا قليلٌ قال كان نوحٌ وثلاثةٌ بنيه وأربعٌ كنانيه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا ابن وهبٍ أخبرني ابن لهيعة، عن خالد، بن يزيد، عن سعيد، بن أبي هلالٍ، عن تبيعٍ، عن كعب الأحبار أنّه قال: والمؤمنون يومئذٍ اثنان وسبعون فأرسل اللّه الماء من السّماء وفتح الأرض.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا بن وهبٍ، عن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه أنّه كان مع نوحٍ يوم أغرق قومه ثمانون من أهل الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 6/2028-2032]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وفار التنور يقول انبجس الماء منه آية لنوح أن يركب بأهله ومن آمن معه في السفينة). [تفسير مجاهد: 2/303]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله من كل زوجين اثنين يقول من كل صنف ذكر وأنثى). [تفسير مجاهد: 2/303]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان العامريّ، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، ثنا النّضر أبو عمر الخزّاز، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان بين نوحٍ وهلاك قومه ثلاث مائة سنةٍ، وكان قد فار التّنّور في الهند وطافت سفينة نوحٍ بالكعبة أسبوعًا» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه). [المستدرك: 2/373]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا ميمون بن إسحاق الهاشميّ، ثنا أحمد بن عبد الجبّار، ثنا يونس بن بكيرٍ، ثنا المفضّل بن صالحٍ، عن أبي إسحاق، عن حنشٍ الكنانيّ، قال: سمعت أبا ذرٍّ، يقول: وهو آخذٌ بباب الكعبة: أيّها النّاس، من عرفني فأنا من عرفتم، ومن أنكرني فأنا أبو ذرٍّ سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوحٍ من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 40.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفار التنور} نبع الماء). [الدر المنثور: 8/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وفار التنور} قال: إذا رأيت تنور أهلك يخرج منه الماء فإنه هلاك قومك). [الدر المنثور: 8/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال: كان تنورا من حجارة كان لحواء عليها السلام حتى صار إلى نوح عليه السلام فقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك). [الدر المنثور: 8/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان بين دعوة نوح عليه السلام وبين هلاك قومه ثلاثمائة سنة وكان فار التنور بالهند وطافت سفينة نوح عليه السلام بالبيت أسبوعا). [الدر المنثور: 8/46-47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وفار التنور} قال: العين التي بالجزيرة عين الوردة). [الدر المنثور: 8/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة). [الدر المنثور: 8/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن حبة العربي قال: جاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال: إني قد اشتريت راحلة وفرغت من زادي أريد بيت المقدس لأصلي فيه فإنه قد صلى فيه سبعون نبيا ومنه فار التنور يعني مسجد الكوفة). [الدر المنثور: 8/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ من طريق الشعبي رضي الله عنه عن علي رضي الله عنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إن مسجدكم هذا لرابع أربعة من مساجد المسلمين ولركعتان فيه أحب إلي من عشر فيما سواه إلا المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وإن من جانبه الأيمن مستقبل القبلة فار التنور). [الدر المنثور: 8/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي بن إسماعيل الهمداني قال: لقد نجر نوح سفينته في وسط هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - وفار التنور من جانبه الأيمن وإن البرية منه لعلى اثني عشر ميلا من حيث ما جنبه ولصلاة فيه أفضل من أربع في غيره إلا المسجدين مسجد الحرام ومسجد الرسول بالمدينة وإن من جانبه الأمين مستقبل القبلة فار التنور). [الدر المنثور: 8/47-48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: التنور وجه الأرض قيل له: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك والعرب تسمي وجه الأرض تنور الأرض). [الدر المنثور: 8/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه {وفار التنور} قال: وجه الأرض). [الدر المنثور: 8/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: التنور أعلى الأرض وأشرفها وكان علما فيما بين نوح وبين ربه عز وجل). [الدر المنثور: 8/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن بسطام بن مسلم قال: قلت لمعاوية بن قرة إن قتادة رضي الله عنه إذا أتى على هذه الآية قال: هي أعلى الأرض وأشرفها فقال: الله أعلم أما أنا فسمعت منه حديثين فالله أعلم، قال بعضهم: فار منه الماء، وقال بعضهم فارت من النار وفار التنور بكل لغة التنور). [الدر المنثور: 8/48-49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه {وفار التنور} قال: طلع الفجر، قيل له: إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك). [الدر المنثور: 8/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي {وفار التنور} قال: تنور الصبح). [الدر المنثور: 8/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين} قال: في كلام العرب ويقولون للذكر والأنثى: زوجان). [الدر المنثور: 8/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم بن يسار رضي الله عنه قال: أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين ومعه ملك فجعل يقبض زوجا زوجا وبقي العنب فجاء إبليس فقال: هذا كله لي، فنظر نوح عليه السلام إلى الملك فقال: إنه لشريكك فأحسن شركته، فقال: نعم لي الثلثان ولي الثلث قال: إنه شريكك فأحسن شركته فقال: لي النصف وله النصف، فقال إبليس: هذا كله لي، فنظر إلى الملك فقال: إنه شريكك فأحسن شركته، قال: نعم لي الثلث وله الثلثان قال: أحسنت وأني محسان أنت تأكله عنبا وتأكله زبيبا وتشربه عصيرا ثلاثة أيام، قال مسلم: وكان يرون أنه إذا شربه كذلك فليس للشيطان نصيب). [الدر المنثور: 8/49-50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: لما ركب نوح عليه السلام السفينة كتب له تسمية ما حمل معه فيها فقال: إنكم قد كتبتم الحبلة وليست ههنا، قالوا: صدقت أخذها الشيطان وسنرسل من يأتي بها، فجيء بها وجاء الشيطان معها فقيل لنوح: إن شريكك فأحسن شركته، فذكر مثله وزاد بعد قوله: تشربه عصيرا وتطبخه فيذهب ثلثاه خبثا وحظ الشيطان منه ويبقى ثلثه فتشربه). [الدر المنثور: 8/50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما حمل نوح عليه السلام الأسد في السفينة قال: يا رب إنه يسالني الطعام من أين أطعمه قال: إني سوف أعقله عن الطعام، فسلط الله عليه الحمى فكان نوح عليه السلام يأتيه بالكبش فيقول: ادر يا كل فيقول الأسد: آه). [الدر المنثور: 8/50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر، وابن النجار في تاريخهما عن مجاهد رضي الله عنه قال: مر نوح عليه السلام بالأسد وهو في السفينة فضربه برجله فخمشه الأسد فبات ساهرا فبكى نوح من ذلك فأوحي إليه إنك ظلمته وإني لا أحب الظلم). [الدر المنثور: 8/50-51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي، وابن عساكر من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا مر نوح بأسد رابض فضربه برجله فرفع الأسد رأسه فخمش ساقه فلم يبت ليلته مما جعلت تضرب عليه وهو يقول: يا رب كلبك عقرني، فأوحى الله إليه أن الله لا يرضى الظلم أنت بدأته، قال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل وفيه جعفر بن أحمد الغافقي يضع الحديث). [الدر المنثور: 8/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: استصعبت على نوح الماعزة أن تدخل السفينة فدفعها في ذنبها فمن ثم انكسر ذنبها فصار معقوقا وبدا حياها ومضت النعجة حتى دخلت فمسح على ذنبها فستر حياها). [الدر المنثور: 8/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد قال: أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين فحمل معه من اليمن العجوة واللوز). [الدر المنثور: 8/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين قال: كيف أصنع بالأسد والبقرة وكيف أصنع بالعناق والذئب وكيف أصنع بالحمام والهر قال: من ألقى بينهما العداوة قال: أنت يا رب، قال: فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضارون). [الدر المنثور: 8/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن خالد رضي الله عنه قال: لما حمل نوح في السفينة ما حمل جاءت العقرب تحجل قالت: يا نبي الله أدخلني معك، قال: لا أنت تلدغين الناس وتؤذينهم قال: لا أحملني معك فلك علي أن لا ألدغ من يصلي عليك الليلة). [الدر المنثور: 8/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يمسي: صلى الله على نوح وعلى نوح السلام لم تلدغه عقرب تلك الليلة). [الدر المنثور: 8/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن عذاء والضحاك، أن إبليس جاء ليركب السفينة فدفعه نوح فقال: يا نوح إني منظر ولا سبيل لك علي، فعرف أنه صادق فأمره أن يجلس على خيزران السفينة وكان آدم قد أوصى ولده أن يحملوا جسده فورثهم في ذلك نوح فتوارث الوصية ولده حتى حملها نوح فوضع جسد آدم عليه السلام بين الرجال والنساء). [الدر المنثور: 8/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن عساكر في مكايد الشيطان عن أبي العالية قال: لما رست السفينة سفينة نوح عليه السلام إذا هو بإبليس على كوتل السفينة، فقال له نوح عليه السلام: ويلك قد غرق أهل الأرض من أجلك، قال له إبليس: فما أصنع قال: تتوب، قال: فسل ربك هل لي من توبة فدعا نوح ربه فأوحى إليه أن توبته أن يسجد لقبر آدم، قال: قد جعلت لك توبة قال: وما هي قال: تسجد لقبر آدم، قال: تركته حيا وأسجد له ميتا). [الدر المنثور: 8/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن نوحا عليه السلام نازعه الشيطان في عود الكرم قال: هذا لي، وقال: هذا لي، فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها). [الدر المنثور: 8/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن علي رضي الله عنه مرفوعا أن نوحا عليه السلام حمل معه في السفينة من جميع الشجر). [الدر المنثور: 8/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر أخبرنا رجل من أهل العلم، أن نوحا عليه السلام حمل في السفينة من الهدهد زوجين وجعل أم الهدهد فضلا على زوجين فماتت في السفينة قبل أن تظهر الأرض فحملها الهدهد فطاف بها الدنيا ليصيب لها مكانا ليدفنها فيه فلم يجد طينا ولا ترابا فرحمه ربه فحفر لها في قفاه قبرا فدفنها فيه فذلك الريش الناتئ في قفا الهدهد موضع القبر فذلك ثناء أقفية الهداهد، وأخرجه ابن عساكر). [الدر المنثور: 8/53-54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أعطى الله نوحا عليه السلام في السفينة خرزتين إحدها بياضها كبياض النهار والأخرى سوادها كسواد الليل فإذا أمسوا غلب سواد هذه بياض هذه وإذا أصبحوا غلب بياض هذه سواد هذه على قدر الساعات الاثني عشر فأول من قدر الساعات الاثني عشر لا يزيد بعضها على بعض نوح عليه السلام في السفينة ليعرف بها مواقيت الصلاة فسارت السفينة من مكانه حتى أخذت إلى اليمين فبلغت الحبشة ثم عدلت حتى رجعت إلى جدة ثم أخذت على الروم ثم جاوزت الروم فأقبلت راجعة على حيال الأرض المقدسة وأوحى الله إلى نوح عليه السلام: أنها تستوي على رأس جبل فعلت الجبال لذلك فتطلعت لذلك وأخرجت أصولها من الأرض وجعل جودي يتواضع لله عز وجل فجاءت السفينة حتى جاوزت الجبال كلها فلما انتهت إلى الجودي استوت ورست فشكت الجبال إلى الله فقالت: يا رب إنا تطلعنا وأخرجنا أصولنا من الأرض لسفينة نوح وخنس جودي فاستوت سفينة نوح عليه، فقال الله: إني كذلك من تواضع لي رفعته ومن ترفع لي وضعته، ويقال: إن الجودي من جبال الجنة، فلما أن كان يوم عاشوراء استوت السفينة عليه وقال الله: يا أرض ابلعي ماءك بلغة الحبشة ويا سماء أقلعي أي أمسكي بلغة الحبشة فابتلعت الأرض ماءها وارتفع ماء السماء حتى بلغ عنان السماء رجاء أن يعود إلى مكانه فأوحى الله إليه: أن أرجع فإنك رجس وغضب، فرجع الماء فملح وحم وتردد فأصاب الناس منه الأذى فأرسل الله الريح فجمعه في مواضع البحار فصار زعاما مالحا لا ينتفع به وتطلع نوح فنظر فإذا الشمس قد طلعت وبدا له اليد من السماء وكانت ذلك آية ما بينه وبين ربه عز وجل أمان من الغرق واليد القوس الذي يسمونه قوس قزح ونهي أن يقال له قوس قزح لأن قزح شيطان وهو قوس الله وزعموا أنه كان يمتد وتروسهم قبل ذلك في السماء فلما جعله الله تعالى أمانا لأهل الأرض من الغرق نزع الله الوتر والسهم، فقال نوح عليه السلام عند ذلك: رب إنك وعدتني أن تنجي معي أهلي وغرق ابني و(إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) (هود الآية 46) يقول: إنه ليس من أهل دينك إن عمله كان غير صالح، قال: اهبط بسلام منا، فبعث نوح عليه السلام من يأتيه بخبر الأرض فجاء الطير الأهلي وقال: أنا، فأخذها وختم جناحيها فقال: أنت مختومة بخاتمي لا تطير أبدا ينتفع بك ذريتي، فبعث الغراب فأصاب جيفة فوقع عليها فاحتبس فلعنه فمن ثم يقتل في الحرم وبعث الحمامة وهي القمري فذهبت فلم تجد في الأرض قرارا فوقعت على شجرة بأرض سبا [ سبأ ] فحملت ورقة زيتون فرجعت إلى نوح فعلم أنها لم تستمكن من الأرض ثم بعثها بعد أيام فخرجت حتى وقعت بوادي الحرم فإذا الماء قد نضب وأول ما نضب موضع الكعبة وكانت طينتها حمراء فخضبت رجليها ثم جاءت إلى نوح فقالت: البشرى استمكن الأرض فمسح يده على عنقها وطوقها ووهب لها الحمرة في رجليها ودعا لها وأسكنها الحرم وبارك عليها فمن ثم شفق بها الناس ثم خرج فنزل بأرض الموصل وهي قرية الثمانين لأنه نزل في ثمانين فوقع فيهم الوباء فماتوا إلا نوح وسام وحان ويافث ونساؤهم وطبقت الأرض منهم وذلك قوله (وجعلنا ذريته هم الباقين) ). [الدر المنثور: 8/54-56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن خالد الزيات قال: بلغنا أن نوحا عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب وقال لمن معه من الجن والإنس: صوموا هذا اليوم فإنه من صامه منكم بعدت عنه النار مسيرة سنة ومن صام منكم سبعة أيام أغلقت له أبواب جهنم السبعة ومن صام منكم ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية ومن صام منكم عشرة أيام قال الله له: سل تعطه ومن صام منكم خمسة عشر يوما قال الله له: استأنف العمل فد غفرت لك ما مضى ومن زاد زاده الله، فصام نوح عليه السلام في السفينة رجب وشعبان ورمضان وشوالا وذا القعدة وذا الحجة وعشرا من المحرم فأرست السفينة يوم عاشوراء فقال نوح عليه السلام لمن معه من الجن والإنس: صوموا هذا اليوم). [الدر المنثور: 8/56-57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: ركب نوح عليه السلام في السفينة في عشرة خلون من رجب نزل عنها في عشر خلون من المحرم فصام هو وأهله من الليل إلى الليل). [الدر المنثور: 8/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال: لما حمل نوح عليه السلام في السفينة من كل شيء حمل الأسد وكان يؤذي أهل السفينة فألقيت عليه الحمى). [الدر المنثور: 8/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي عبيدة رضي الله عنه قال: لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين لم يستطع أن يحمل الأسد حتى ألقيت عليه الحمى فحمله فأدخله). [الدر المنثور: 8/57-58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال له أصحابه: وكيف مطمئن ومعنا الأسد فسلط الله عليه الحمى، فكانت أول حمى نزلت الأرض، ثم شكوا الفأرة فقالوا الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها). [الدر المنثور: 8/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما كان نوح عليه السلام في السفينة قرض الفأر حبال السفينة فشكا إلى الله عز وجل ذلك فأوحى الله إليه فمسح جبهة الأسد فخرج سنوران وكان في السفينة عذرة فشكا نوح إلى الله فأوحى الله إليه فمسح ذنب الفيل فخرج خنزيران فأكلا العذرة). [الدر المنثور: 8/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تأذى أهل السفينة بالفأر فعطس الأسد فخرج من منخره سنوران ذكر وأنثى فأكلا الفأر إلا ما أراد الله أن يبقى منه وأوذوا بأذى أهل السفينة فعطس الفيل فخرج من منخره خنزيران ذكر وأنثى فأكلا أذى أهل السفينة قال ولما أراد أن يدخل الحمار السفينة أخذ نوح بأذني الحمار وأخذ إبليس بذنبه فجعل نوح عليه السلام يجذبه وجعل إبليس يجذبه فقال نوح: ادخل شيطان فدخل الحمار ودخل إبليس معه فلما سارت السفينة جلس في أذنابها يتغنى فقال له نوح عليه السلام: ويلك من أذن لك، قال: أنت، قال: متى، قال: أن قلت للحمار ادخل يا شيطان فدخلت بإذنك). [الدر المنثور: 8/58-59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول ما حمل نوح في الفلك من الدواب الدرة وآخر ما حمل الحمار فلما دخل الحمار أدخل صدره فتعلق إبليس بذنبه فلم تستقل رجلاه فجعل نوح يقول: ويحك، ادخل يا شيطان، فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح: ويحك، ادخل وإن كان الشيطان معك - كلمة زلت على لسانه - فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال له نوح: ما أدخلك يا عدو الله قال: ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك قال: اخرج عني، قال: مالك بد من أن تحملني فكان كما يزعمون في ظهر الفلك). [الدر المنثور: 8/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال: مكث نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله يسره إليهم ثم يجهر به لهم ثم أعلن قال مجاهد رضي الله عنه: الإعلان الصياح: فجعلوا يأخذونه فيخنقونه حتى يغشي عليه فيسقط الأرض مغشيا عليه ثم يفيق فيقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، فيقول الرجل منهم لأبيه: يا أبت ما لهذا الشيخ يصيح كل يوم لا يفتر فيقول: أخبرني أبي عن جدي أنه لم يزل على هذا منذ كان فلما دعا على قومه أمره الله أن يصنع الفلك فصنع السفينة فعملها في ثلاث سنين كاما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه يعجبون من نجارته السفينة فلما فرغ منها جعل له ربه آية إذا رأيت التنور قد فار فاجعل في السفينة من كل زوجين اثنين وكان التنور فيما بلغني في زاوية من مسجد الكوفة فلما فار التنور جعل فيها كل ما أمره الله قال: يا رب كيف بالأسد والفيل قال: سألقي عليهم الحمى إنها ثقيلة فحمل أهله وبنيه وبناته وكنائنه ودعا ابنه فلما أبى عليه وفرغ من كل شيء يدخله السفينة طبق السفينة الأخرى عليهم ولولا ذلك لم يبق في السفينة شيء إلا هلك لشدة وقع الماء حين يأتي من السماء قال الله تعالى (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) (القمر آية 11) فكان قدر كل قطرة مثل ما يجري من فم القربة فلم يبق على ظهر الأرض شيء إلا هلك يومئذ إلا ما في السفينة ولم يدخل الحرم منه شيء). [الدر المنثور: 8/60-61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن عبد الله بن زياد بن سمعان عن رجال سماهم، أن الله أعقم رجالهم قبل الطوفان بأربعين عاما وأعقم نساءهم فلم يتوالدوا أربعين عاما منذ يوم دعا نوح عليه السلام حتى أدرك الصغير وأدرك الحنث وصارت لله عليهم الحجة ثم أرسل الله السماء عليه بالطوفان). [الدر المنثور: 8/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال: يزعم الناس أن من أغرق الله من الولدان مع آبائهم وليس كذلك إنما الولد بمنزلة الطير وسائر من أغرق الله بغير ذنب ولكن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم والمدركون من الرجال والنساء كان الغرق عقوبة لهم). [الدر المنثور: 8/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وأبو الشيخ، وابن عساكر من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال: لما أصاب قوم نوح الغرق قام الماء على رأس كل جبل خمسة عشر ذراعا فأصاب الغرق امرأة فيمن أصاب معها صبي لها فوضعته على صدرها فلما بلغها الماء وضعته على منكبيها فلما بلغها الماء وضعته على يديها، فقال الله: لو رحمت أحدا من أهل الأرض لرحمتها ولكن حق القول مني). [الدر المنثور: 8/61-62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال: بلغني أن نوحا عليه السلام قال لجاريته: إذا فار تنورك ماء فأخبريني فلما فرغت من آخر خبزها فار التنور فذهبت إلى سيدها فأخبرته فركب هو ومن معه بأعلى السفينة وفتح الله السماء بماء منهمر وفجر الأرض عيونا). [الدر المنثور: 8/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريقه أنا عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما نبع الماء حول سفينة نوح خرج رجل من تلك الأمة إلى فرعون من فراعنتهم فقال: هذا الذي تزعمون أنه مجنون قد أتاكم بما كان يعدكم فجاء يسير في موكب له وجماعة من أصحابه حتى وقف من نوح غير بعيد فقال لنوح: ما تقول قال: قد أتاكم ما كنتم توعدون، قال: ما علامة ذلك قال: اعطف برأس برذونك، فعطف برذونه فنبع الماء من تحت قوائمه فخرج يركض إلى الجبل هاربا من الماء). [الدر المنثور: 8/62-63]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن عساكر عن جعفر بن محمد رضي الله عنه قال: فار الماء من التنور من دار نوح عليه السلام من تنور تختبز فيه ابنته وكان نوح يتوقع ذلك إذ جاءته ابنته فقالت: يا أبت قد فار الماء من التنور، فآمن بنوح النجارون إلا نجارا واحدا فقال له: أعطني أجري قال: أعطيتك أجرك على أن تركب معنا، قال: فإن ودا وسواع ويغوث ونسرا سينجوني، فأوحى الله إليه أن أحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول وكان ممن سبق عليه القول امرأته والقة وكنعان ابنه فقال: يا رب هؤلاء قد حملتهم فكيف لي بالوحش والبهائم والسباع والطير قال: أنا أحشرهم عليك: فبعث جبريل عليه السلام فحشرهم فجعل يضرب بيديه على الزوجين فجعل يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى فيدخله السفينة حتى أدخل عدة ما أمره الله تعالى به فلما جمعهم في السفينة رأت البهائم والوحش والسباع العذاب فجعلت تلحس قدم نوح عليه السلام وتقول: احملنا معك، فيقول: إنما أمرت من كل زوجين اثنين). [الدر المنثور: 8/63]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الزهري قال: إن الله بعث ريحا فحمل إليه من كل زوجين اثنين من الطير والسباع والوحش والبهائم). [الدر المنثور: 8/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من كل زوجين اثنين} قال: ذكر وأنثى من كل صنف). [الدر المنثور: 8/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال: الذكر زوج والأنثى زوج). [الدر المنثور: 8/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه {إلا من سبق عليه القول} قال: العذاب هي امرأته كانت في الغابرين). [الدر المنثور: 8/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحكم {وما آمن معه إلا قليل} قال: نوح وبنوه ثلاثة وأربع كنائنه). [الدر المنثور: 8/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج قال: حدثت أن نوحا حمل معه بنيه الثلاثة وثلاث نسوة لبنيه وأصاب حام زوجته في السفينة فدعا نوح أن تغير نطفته فجاء بالسودان
وأخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن أبي صالح). [الدر المنثور: 8/64-65]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حمل نوح عليه السلام معه في السفينة ثمانين إنسانا، أحدهم جرهم وكان لسانه عربيا). [الدر المنثور: 8/65]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم وكانوا في السفينة مائة وخمسين يوما وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما ثم وجهها إلى الجودي فاستوت عليه فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بالخبر فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين فعرف نوح عليه السلام أن الماء نضب فهبط إلى أسفل الجودي فابتنى قرية وسماها ثمانين فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة أحدها اللسان العربي فكان لا يفقه بعضهم كلام بعض وكان نوح عليه السلام يعبر عنهم). [الدر المنثور: 8/65]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان، وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما ركب نوح عليه السلام في السفينة وحمل فيها من كل زوجين اثنين كما أمر رأى في السفينة شيخا لم يعرفه فقال له: من أنت قال: إبليس دخلت لأصيب قلوب أصحابك فتكون قلوبهم معي وأبدانهم معك ثم قال: خمس أهلك بهن الناس وسأحدثك منهن بثلاثة ولا أحدثك بالثنتين، فأوحي إلى نوح: لا حاجة لك بالثلاث مره يحدثك بالثنتين، قال: الحسد وبالحسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما والحرص أبيح آدم الجنة كلها فأصبت حاجتي منه بالحرص). [الدر المنثور: 8/65-66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحكم قال: خرج القوس قزح بعد الطوفان أمانا لأهل الأرض أن يغرقوا جميعا). [الدر المنثور: 8/66]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:38 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا تبتئس بما كانوا يفعلون...}
يقول: {لا تستكن ولا تحزن} ). [معاني القرآن: 2/13]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {فلا تبتئس} فهي تفتعل، من البؤس أو من البأس جميعًا؛ وقالوا: ابتأس بالأمر ابتئاسًا؛ إذا اشتد عليه.
وقال لبيد:
في مأتم كنعاج صارة يبتئسن بما لقينا). [معاني القرآن لقطرب: 687]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأوحي إلى نوح أنّه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون}
فلذلك - واللّه أعلم - استجار نوح بقوله: {لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا * إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلّا فاجرا كفّارا}.
أعلم أنّهم لا يلدون إلا الكفرة.
بقوله تعالى: {أنّه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} معناه لا تحزن ولا تستكن). [معاني القرآن: 3/50-49]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن }
قال الضحاك فدعا عليهم أي لما أخبر بهذا قال إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
ثم قال جل وعز: {فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} ثم قال مجاهد وقتادة أي فلا تحزن
قال أبو جعفر وهو عند أهل اللغة حزن مع استكانة). [معاني القرآن: 3/347-346]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بأعيننا ووحينا...}
كقوله: {ارجعون} يخرج على الجمع ومعناه واحد على ما فسّرت لك من قوله: {بل نظنّكم كاذبين} لنوح وحده، و{على خوفٍ من فرعون وملئهم} ). [معاني القرآن: 2/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والفلك} السفينة. وجمعها فلك، مثل الواحد). [تفسير غريب القرآن: 203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون}
الفلك السفينة، والفلك يكون واحدا ويكون جمعا كما أنهم قالوا أسد وأسد، قالوا في الواحد فلك وفي الجمع فلك، لأن فعلا وفعلا جمعها واحد ويأتيان بمعنى كثيرا، يقال العجم والعجم، والعرب والعرب والفلك والفلك.
والفلكة يقال لكلّ شيء مستدير أو في استدارة.
ومعنى: {بأعيننا ووحينا} أي بإبصارنا إليك وحفظنا لك، وبما أوحينا إليك
{ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون} المعنى: لا تخاطبني في إمهال الذين كفروا إنهم مغرقون). [معاني القرآن: 3/50]

تفسير قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {تسخروا منا} تقول: سخرت منه وسخرت به جميعًا، سخرًا وسخرًا وسخرًا وسخريًا وسخريًا؛ كله الهزء.
وقد قالوا: اتخذت زيدًا سخرة؛ أي سخريًا؛ وقالوا: تسخرته سخرة، بإسكان الخاء؛ أي قهرته على ما في يده؛ وقالوا أيضًا: اتخذته سخريًا؛ أي سخرة بضم السين؛ وقالوا اتخذتني هزويًا؛ أي سخريًا من الهزء يا هذا). [معاني القرآن لقطرب: 688]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أخبر اللّه - جل ثناؤه - بعمله الفلك فقال:
{ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون}
يقال في التفسير إنهم كانوا يقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي مرسل صار نجّارا، فقال: {إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون}.
أي نحن نستجهلكم كما تستجهلوننا، ثم أعلمهم بما يكون عاقبة أمرهم فقال:
{فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم} ). [معاني القرآن: 3/51-50]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه}
يروى أنهم كانوا يمرون به وهو يصنع الفلك فيقولون هذا الذي كان يزعم أنه نبي قد صار نجارا
ثم قال جل وعز: {قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون}
أي إن تستجهلونا فنحن نستجهلكم كما استجهلتمونا). [معاني القرآن: 3/347]

تفسير قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم}
أي فسوف تعلمون من هو أحق بالخزي، ومن هو أحمد عاقبة). [معاني القرآن: 3/51]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم}
أي من يؤول أمره إلى هذا فهو الجاهل). [معاني القرآن: 3/347]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وفار التّنّور...}
هو تنّور الخابز: إذا فار الماء من أحرّ مكان في دارك فهي آية العذاب فأسر بأهلك. وقوله: {من كلٍّ زوجين اثنين} والذكر والأنثى من كل نوع زوجان.
وقوله: {وأهلك إلاّ من سبق عليه القول} حمل معه امرأة له سوى التي هلكت، وثلاثة بنين ونسوتهم، وثمانين إنسانا سوى ذلك.
فذلك قوله: {ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ} و(الثمانون) هو القليل).[معاني القرآن: 2/14]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ}
وقال: {قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين} فجعل الزوجين الضربين الذكور والإناث.
وزعم يونس أن قول الشاعر:
وأنت امرؤٌ تعدو على كلّ غرّةٍ = فتخطئ فيها مرّةً وتصيب
يعني الذئب فهذا أشد من ذلك). [معاني القرآن: 2/41]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أهل المدينة وأبي عمر والعامة {من كل زوجين اثنين} بالإضافة.
وقراءة ابن الزبير {من كل زوجين} ينون "كل" ولا يضيف في هود هاهنا، وفي {قد أفلح المؤمنون} ). [معاني القرآن لقطرب: 672]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وفار التنور} فكان ابن عباس رحمه الله يقول: كان تنور آدم وهبه الله لنوح.
وكان علي رحمه الله يقول {وفار التنور} هو طلوع الفجر.
فار يفور فورا وفؤورًا وفورانًا.
(وقوله {من كل زوجين اثنين} كان الحسن يقول في {من كل زوج كريم}: أي لون حسن، والزوج: اللون.
وقال الأعشى:
وكل زوج من الديباج يلبسه = أبو قدامة محبوا بذاك معا
وقال لبيد:
وذي بهجة كن المقانب صوبه = وزينه أزواج نور مشرب
[معاني القرآن لقطرب: 687]
وكان الحسن يقول في قوله {ومن كل شيء خلقنا زوجين} قال: السماء زوج، والأرض زوج، والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج؛ حتى يصير الأمر إلى الله عز وجل الذي لا يشبهه شيء).
[وعن محمد بن صالح]:
أي ضرب أنت، وأي شرج أنت، وأي زوج أنت، كله: أي لون أنت ونوع). [معاني القرآن لقطرب: 688]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {من كلٍّ زوجين اثنين} أي من كلّ ذكر وأنثى اثنين.
{وأهلك إلّا من سبق عليه القول} أي سبق القول بهلكته). [تفسير غريب القرآن: 204]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلّا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلّا قليل}
أعلم اللّه - جلّ وعزّ - نوحا أن وقت إهلاكهم فور التّنور.
وقيل في التّنور أقوال:
- قيل إن التّنور وجه الأرض.
- ويقال إن الماء فار من ناحية مسجد الكوفة
- ويقال إن الماء فار من تنور الخابزة، وقيل التنور تنوير الصبح.
والجملة أن الماء فار من الأرض وجاء من السّماء قال اللّه جلّ وعزّ: {ففتحنا أبواب السّماء بماء منهمر * وفجّرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر}.
فالماء فوره من تنّور أو من ناحية المسجد أو من وجه الأرض، أو في وقت الصبح لا يمنع أن يكون ذلك العلامة لإهلاك القوم.
{قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين} أي: من كل شيء، والزوج في كلام العرب واحد ويجوز أن يكون معه واحد، والاثنان يقال لهما زوجان يقول الرجل: على زوجان من الخفاف.
وتقول: عندي زوجان من الطير، وإنما تريد ذكر أو أنثى فقط.
وتقرأ من كلّ زوجين -على الإضافة- والمعنى واحد في الزوجين أضفت أم لم تضف.
(وأهلك إلّا من سبق عليه القول ومن آمن) أي واحمل من آمن، ويقال إن الذين آمنوا معه كانوا ثمانين نفسا.
فقال تعالى: {وما آمن معه إلّا قليل} لأن ثمانين قليل في جملة أمّة قوم نوح). [معاني القرآن: 3/51-52]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور}
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أي وطلع الفجر كأنه يذهب إلى تنوير الصبح
قال عبد الله بن عباس التنور وجه الأرض وكانت علامة بين نوح وربه جل وعز أي إذا رأيت الماء قد فار على وجه الأرض فاركب أنت وأصحابك السفينة
وقال قتادة التنور أعلى الأرض وأشرفها وكان ذلك علامة له
وكان مجاهد يذهب إلى أنه تنور الخابز
وقال الشعبي جاء الماء من ناحية الكوفة
قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأن الله قد خبرنا أن الماء قد جاء من السماء والأرض فقال: {ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا}
فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة
وقوله جل وعز: {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين}
قال مجاهد أي ذكرا وأنثى
وقال قتادة أي من كل صنفين
والزوج في اللغة واحد معه آخر لا يستغني عنه
يقال عندي زوجان من الخفاف وما أشبه ذلك
ثم قال جل وعز: {وأهلك إلا من سبق عليه القول} أي إلا من سبق عليه القول بالهلاك
ثم قال جل وعز: {ومن آمن} أي واحمل من آمن
ثم قال جل وعز: {وما آمن معه إلا قليل}
يروى عن ابن عباس أنه قال حمل معه ثمانين
وقال قتادة ما آمن معه إلا ثمانية خمسة بنين وثلاث نسوة). [معاني القرآن: 3/347-350]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:39 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (تَبتَئِسْ: مِن البُؤْسِ). [شرح لامية العرب: --]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فدع عنك هذا ولا تبتهج = لخير ولا تبتئس عند ضر
...
و(لا تتباءس) من (البؤس).
و(الابتهاج) الفرح والسرور، و(الاغتباط) الفرح، و(البؤس) الضر والهزال، وقوله: (لا تبتئس) أي لا تحزن). [شرح أشعار الهذليين: 1/117]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (باب نوادر
تقول سخرت من فلان فهذه اللغة الفصيحة قال الله جل ثناؤه: {فيسخرون منهم سخر الله منهم} وقال: {فإن تسخروا منا فإنا نسخر منكم} ). [إصلاح المنطق: 281] (م)
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول قد سخرت منه ولا تقل سخرت به قال الله جل وعز: {إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون} وقال أيضا: {والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم} ). [إصلاح المنطق: 342]

تفسير قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) }

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«الطاغوت» أنثى، وربما بها إلى الجمع؛ قال الله عز وجل: {أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم}. قال: وهي فيما أحسب في قراءة أبي: {يخرجهم من النور إلى الظلمات}.
وهي مثل «الفلك» تذكر وتؤنث، ويذهب بها إلى الجمع؛ قال الله تعالى: {في الفلك المشحون} فجاء مذكرا. وقال الله عز وجل: {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين}، وقال تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} ). [المذكور والمؤنث: 88] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
لما وردنا رفعنا ظل أردية = وفار باللحم للقوم المراجيل
ويروى لما نزلنا، يريد أنهم خبوا عليهم أرديتهم، أي جعلوها مثل الخباء، وفار: ارتفع بالغلي يقال فار يفور فورًا وفورانًا). [شرح المفضليات: 284-285]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:39 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:39 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وأوحي إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36) واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون (37)
قرأ أبو البرهسم: «وأوحى» بفتح الهمزة على إسناد الفعل إلى الله عز وجل، «إنه» بكسر الهمزة، وقيل لنوح هذا بعد أن طال عليه كفر القرن بعد القرن به، وكان يأتيه الرجل بابنه فيقول: يا بني لا تصدق هذا الشيخ فهكذا عهده أبي وجدي كذابا مجنونا رواه عبيد بن عمير وغيره، وهذه الآية هي التي أيأست نوحا عليه السلام من قومه، فروي أنه لما أوحي إليه ذلك دعا فقال: ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً [نوح: 26].
وتبتئس من البؤس تفتعل، ومعناه: لا تحزن نفسك ومنه قول الشاعر- وهو لبيد بن ربيعة-:
[مجزوء الكامل]
في مأتم كنعاج صا = رة تبتئس بما لقينا
صارة: موضع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي أمر نوح عليه السلام تدافع في ظاهر الآيات والأحاديث ينبغي أن نخلص القول فيه، وذلك أن ظاهر أمره أنه عليه السلام دعا على الكافرين عامة من جميع الأمم ولم يخص قومه دون غيرهم، وتظاهرت الروايات وكتب التفاسير بأن الغرق نال جميع أهل الأرض وعم الماء جميعها، قاله ابن عباس وغيره، ويوجب ذلك أمر نوح بحمل الأزواج من الحيوان، ولولا خوف إفناء أجناسها من جميع الأرض، ما كان ذلك، فلا يتفق لنا أن نقول إنه لم يكن في الأرض غير قوم نوح في ذلك الوقت، لأنه يجب أن يكون نوح بعث إلى جميع الناس، وقد صح أن هذه الفضيلة خاصة لمحمد صلى الله عليه وسلم بقوله:
«أوتيت خمسا لم يؤتهن أحد قبلي». فلا بد أن نقرر كثيرا من الأمم كان في ذلك الوقت، وإذا كان ذلك، فكيف استحقوا العقوبة في جمعهم ونوح لم يبعث إلى كلهم؟ وكنا نقدر هنا أن الله تعالى بعث إليهم رسلا قبل نوح فكفروا بهم واستمر كفرهم، لولا أنا نجد الحديث ينطق بأن نوحا هو أول الرسل إلى أهل الأرض ولا يمكن أيضا أن نقول: عذبوا دون رسالة ونحن نجد القرآن: وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولًا [الإسراء: 15].
والتأويل المخلص من هذا كله هو أن نقول: إن نوحا عليه السلام أول رسول بعث إلى كفار من أهل الأرض ليصلح الخلق ويبالغ في التبليغ ويحتمل المشقة من الناس- بحسب ما ثبت في الحديث- ثم نقول: إنه بعث إلى قومه خاصة بالتبليغ والدعاء والتنبيه، وبقي أمم في الأرض لم يكلف القول لهم، فتصح الخاصة لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم نقول: إن الأمم التي لم يبعث ليخاطبها إذا كانت بحال كفر وعبادة أوثان، وكانت الأدلة على الله تعالى منصوبة معرضة للنظر، وكانوا متمكنين من النظر من جهة إدراكهم، وكان الشرع- ببعث نوح- موجودا مستقرا.
فقد وجب عليهم النظر، وصاروا بتركه بحال من يجب تعذيبه: فإن هذا رسول مبعوث وإن كان لم يبعث إليهم معينين ألا ترى أن لفظ الآية إنما هو وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولًا [الإسراء: 15]، أي حتى نوجده، لأن بعثة الأنبياء إلى قوم مخصوصين إنما هو في معنى القتال والشدة، وأما من جهة بذل النصيحة وقبول من آمن فالناس أجمع في ذلك سواء ونوح قد لبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو إلى الله، فغير ممكن أن لم تبلغ نبوءته للقريب والبعيد، ويجيء تعذيب الكل بالغرق بعد بعثة رسول وهو نوح صلى الله عليه وسلم.
ولا يعارضنا مع هذه التأويلات شيء من الحديث ولا الآيات، والله الموفق للصواب). [المحرر الوجيز: 4/ 570-572]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: واصنع الفلك عطف على قوله: فلا تبتئس والفلك: السفينة، وجمعها أيضا فلك، وليس هو لفظا للواحد والجمع وإنما هو فعل وجمع على فعل ومن حيث جاز أن يجمع فعل على فعل كأسد وأسد، جاز أن يجمع فعل على فعل، فظاهر لفظ الجمع فيها كظاهر لفظ واحد وليس به، تدل على ذلك درجة التثنية التي بينهما لأنك تقول: فلك وفلكان وفلك، فالحركة في الجمع نظير ضمة الصاد إذا ناديت «يا منصور»، تريد «يا منصور»، فرخمت على لغة من يقول: يا حار بالضم، فإن ضمة الصاد هي في اللفظ كضمة الأصل، وليست بها في الحكم.
وقوله: بأعيننا يمكن- فيما يتأول- أن يريد به بمرأى منا وتحت إدراك، فتكون عبارة عن الإدراك والرعاية والحفظ، ويكون جمع الأعين للعظمة لا للتكثير كما قال تعالى: فنعم القادرون [المرسلات: 23] فرجع معنى الأعين في هذه وفي غيرها إلى معنى عين في قوله: لتصنع على عيني [طه: 39]، وذلك كله عبارة عن الإدراك وإحاطته بالمدركات، وهو تعالى منزه عن الحواس والتشبيه والتكييف لا رب غيره. ويحتمل قوله بأعيننا أي بملائكتنا الذين جعلناهم عيونا على مواضع حفظك ومعونتك، فيكون الجمع على هذا للتكثير.
وقرأ طلحة بن مصرف «بأعينا» مدغما.
وقوله ووحينا معناه: وتعليمنا لك صورة العمل بالوحي، وروي في ذلك أن نوحا عليه السلام لما جهل كيفية صنع السفينة أوحى الله إليه: أن اصنعها على مثال جؤجؤ الطير، إلى غير ذلك مما عمله نوح من عملها، فقد روي أيضا أنها كانت مربعة الشكل طويلة في السماء، ضيقة الأعلى، وأن الغرض منها إنما كان الحفظ لا سرعة الجري، والحديث الذي تضمن أنها كجؤجؤ الطائر أصح ومعناه أظهر: لأنها لو كانت مربعة لم تكن فلكا بل كانت وعاء فقط، وقد وصفها الله تعالى بالجري في البحر، وفي الحديث: كان راز سفينة نوح عليه السّلام جبريل عليه السّلام والراز: القيم بعمل السفن. ومن فسر قوله ووحينا أي بأمرنا لك، فذلك ضعيف لأن قوله: واصنع الفلك مغن عن ذلك. والّذين ظلموا هم قومه الذين أعرضوا عن الهداية حتى عمتهم النقمة، قال ابن جريج: وهذه الآية تقدم الله فيها إلى نوح أن لا يشفع فيهم). [المحرر الوجيز: 4/ 572-573]

تفسير قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأٌ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون (38) فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ (39) حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ (40)
التقدير: فشرع يصنع فحكيت حال الاستقبال، إذ في خلالها وقع مرورهم، قال ابن عباس: صنع نوح الفلك ببقاع دمشق وأخذ عودها من لبنان وعودها من الشمشار وهو البقص. وروي أن عودها من الساج وأن نوحا عليه السّلام اغترسه حتى كبر في أربعين سنة وروي أن طول السفينة ألف ذراع ومائتان، وعرضها ستمائة ذراع، ذكره الحسن بن أبي الحسن وقيل: طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعا، ذكره قتادة، وروي غير هذا مما لم يثبت، فاختصرت ذكره، وذكر الطبري حديث إحياء عيسى ابن مريم لسام بن نوح وسؤاله إياه عن أمر السفينة فذكر أنها ثلاث طبقات: طبقة للناس، وطبقة للبهائم، وطبقة للطير، إلى غير ذلك في حديث طويل.
و «الملأ» هنا الجماعة، وسخروا معناه استجهلوه، وهذا الاستجهال إن كان الأمر كما ذكر أنهم لم يكونوا قبل رأوا سفينة ولا كانت- فوجه الاستجهال واضح. وبذلك تظاهرت التفاسير وإن كانت السفائن حينئذ معروفة فاستجهلوه في أن صنعها في موضع لا قرب لها من البحر وروي أنهم كانوا يقولون له صرت نجارا بعد النبوة؟!!.
وقوله فإنّا نسخر منكم قال الطبري: يريد في الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويحتمل الكلام، بل هو الأرجح، أن يريد: إنا نسخر منكم الآن، أي نستجهلكم لعلمنا بما أنتم عليه من الغرر مع الله تعالى والكون بمدرج عذابه، ثم جاء قوله: فسوف تعلمون تهديدا، والسخر: الاستجهال مع استهزاء، ومصدره: سخرى بضم السين، والمصدر من السخرة والتسخير سخرى بكسرها.
و «العذاب المخزي» هو الغرق، و «المقيم» هو عذاب الآخرة، وحكى الزهراوي أنه يقرأ «ويحل» بضم الحاء، ويقرأ «ويحل» بكسرها، بمعنى ويجب. ومن في موضع نصب ب تعلمون. وجاز أن يكون تعلمون بمثابة تعرفون في التعدي إلى مفعول واحد، وجائز أن تكون التعدية إلى مفعولين واقتصر على الواحد). [المحرر الوجيز: 4/ 573-574]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: حتّى إذا جاء أمرنا الآية، الأمر هاهنا يحتمل أن بكون واحد الأمور، ويحتمل أن يكون مصدر أمر، فمعناه أمرنا للماء بالفوران، أو للسحاب بالإرسال، أو للملائكة بالتصرف في ذلك، ونحو هذا مما يقدر في النازلة وفار معناه انبعث بقوة واختلف الناس في التّنّور، فقالت فرقة- وهي الأكثر- منهم ابن عباس ومجاهد وغيرهما: هو تنور الخبز الذي يوقد فيه، وقالت فرقة: كانت هذه أمارة جعلها الله لنوح، أي إذا فار التنور فاركب في السفينة ويشبه أن يكون وجه الأمارة أن مستوقد النار إذا فار بالماء فغيره أشد فورانا، وأحرى بذلك. وروي أنه كان تنور آدم عليه السّلام خلص إلى نوح فكان يوقد فيه، وقال النقاش: اسم المستوقد التنور بكل لغة وذكر نحو ذلك ابن قتيبة في الأدب عن ابن عباس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا بعيد، وقيل: إن موضع تنور نوح عليه السّلام كان بالهند، وقيل: كان في موضع مسجد الكوفة، وقيل كان في ناحية الكوفة، قاله الشعبي ومجاهد، وقيل كان في الجهة الغربية من قبلة المسجد بالكوفة، وقال ابن عباس وعكرمة: التنور وجه الأرض، ويقال له: تنور الأرض، وقال قتادة: التّنّور: أعالي الأرض، وقالت فرقة: التّنّور: عين بناحية الجزيرة، وقال الحسن بن أبي الحسن: التّنّور مجتمع ماء السفينة فار منه الماء وهي بعد في اليبس، وقالت فرقة: التّنّور هو الفجر، المعنى: إذا طلع الفجر فاركب في السفينة، وهذا قول روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إلا أن التصريف يضعفه، وكان يلزم أن يكون التنور، وقالت فرقة: الكلام مجاز وإنما أراد غلبة الماء وظهور العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لشدة الحرب: «حمي الوطيس» والوطيس أيضا مستوقد النار، فلا فرق بين حمي وفار إذ يستعملان في النار، قال الله تعالى: سمعوا لها شهيقاً وهي تفور [الملك: 7]، فلا فرق بين الوطيس والتنور.
وقرأ حفص عن عاصم «من كلّ زوجين اثنين» بتنوين كلٍّ وقرأ الباقون «من كلّ زوجين» بإضافة كلٍّ إلى زوجين. فمن قرأ بالتنوين حذف المضاف إليه التقدير: من كل حيوان أو نحوه، وأعمل «الحمل» في زوجين، وجاء قوله: اثنين تأكيدا- كما قال: إلهين اثنين [النحل: 51]. ومن قرأ بالإضافة فأعمل «الحمل» في قوله اثنين، وجاء قوله زوجين بمعنى العموم، أي من كل ما له ازدواج، هذا معنى قوله: من كلٍّ زوجين قاله أبو علي وغيره، ولو قدرنا المعنى: احمل من كل زوجين حاصلين اثنين لوجب أن يحمل من كل نوع أربعة، والزوج يقال في مشهور كلام العرب للواحد مما له ازدواج، فيقال: هذا زوج هذا، وهما زوجان: وهذا هو المهيع في القرآن في قوله تعالى: ثمانية أزواجٍ [الأنعام: 143، الزمر: 6] ثم فسرها، وكذلك هو في قوله تعالى: وأنّه خلق الزّوجين الذّكر والأنثى [النجم: 45]. قال أبو الحسن الأخفش في كتاب الحجة: وقد يقال في كلام العرب للاثنين زوج، ومن ذلك قول لبيد: [الكامل]
من كل محفوف يظل عصيه = زوج عليه كلة وقرامها
وهكذا يأخذ العدديون: الزوج أيضا في كلام العرب النوع كقوله تعالى: وأنبتنا فيها من كلّ زوجٍ بهيجٍ [ق: 7] وقوله: سبحان الّذي خلق الأزواج كلّها [يس: 36] إلى غير ذلك.
وروي في قصص هذه الآية أن نوحا عليه السّلام كان يأتيه الحيوان، فيضع يمينه على الذكر ويساره على الأنثى. وروي أن أول ما ادخل في السفينة الذر، وآخر ما أدخل الحمار، فتمسك الشيطان بذنبه، فزجره نوح عليه السّلام فلم ينبعث فقال له: ادخل ولو كان معك الشيطان، قال ابن عباس: زلت هذه الكلمة من لسانه فدخل الشيطان حينئذ، وكان في كوثل السفينة، أي عند مؤخرها، وقيل كان على ظهرها.
وروي أن نوحا عليه السّلام آذاه نتن الزبل والعذرة، فأوحى الله إليه: أن امسح على ذنب الفيل، ففعل، فخرج من الفيل- وقيل من أنفه- خنزير وخنزيرة، فكفيا نوحا وأهله ذلك الأذى وهذا يجيء منه أن نوع الخنازير لم يكن قبل ذلك. وروي أن الفأر آذى الناس في السفينة بقرض حبالها وغير ذلك، فأمر الله نوحا أن يمسح على جبهة الأسد ففعل، فعطس فخرج منه هر وهرة، فكفياهم الفأر، وروي أيضا أن الفأر خرج من أنف الخنزير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله قصص لا يصح إلا لو استند والله أعلم كيف كان.
وقوله: وأهلك عطف على ما عمل فيه احمل و «الأهل» هنا القرابة، وبشرط من آمن منهم، خصصوا تشريفا ثم ذكر من آمن وليس من الأهل واختلف في الذي سبق عليه القول فقيل: هو ابنه يام، وقال النقاش: اسمه كنعان وقيل هي امرأته والعة هكذا اسمها بالعين غير منقوطة وقيل: هو عموم في من لم يؤمن من أهل نوح وعشيرته. والقول هاهنا معناه: القول بأنه يعذب، وقوله: ومن آمن عطف على قوله: وأهلك ثم قال إخبارا عن حالهم وما آمن معه إلّا قليلٌ واختلف في ذلك «القليل»
فقيل: كانوا ثمانين رجلا وثمانين امرأة
وقيل كان جميعهم ثلاثة وثمانين
وقيل كانوا ثمانين في الكل، قاله السدي
وقيل: عشرة
وقيل: ثمانية، قاله قتادة
وقيل: سبعة والله أعلم.
وقيل: كان في السفينة جرهم،
وقيل لم ينج من الغرق أحد إلا عوج بن أعنق، وكان في السفينة مع نوح عليه السّلام ثلاثة من بنيه: سام، وحام، ويافث، وغرق يام. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش). [المحرر الوجيز: 4/ 575-578]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأوحي إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36) واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون (37) ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون (38) فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ (39)}
يخبر تعالى أنّه أوحى إلى نوح لمّا استعجل قومه نقمة اللّه بهم وعذابه لهم، فدعا عليهم نوح دعوته الّتي قال اللّه تعالى مخبرًا عنه أنّه قال: {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا} [نوح: 26]، {فدعا ربّه أنّي مغلوبٌ فانتصر} [القمر: 10]، فعند ذلك أوحى اللّه تعالى إليه: {أنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} فلا تحزن عليهم ولا يهمّنك أمرهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 319]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واصنع الفلك} يعني: السّفينة {بأعيننا} أي: بمرأى منّا، {ووحينا} أي: وتعليمنا لك ماذا تصنعه، {ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون}.
فقال بعض السّلف: أمره اللّه تعالى أن يغرز الخشب ويقطّعه وييبّسه، فكان ذلك في مائة سنةٍ، ونجرها في مائة سنةٍ أخرى، وقيل: في أربعين سنةً، فاللّه أعلم.
وذكر محمّد بن إسحاق عن التّوراة: أنّ اللّه أمره أن يصنعها من خشب السّاج، وأن يجعل طولها ثمانين ذراعًا وعرضها خمسين ذراعًا.
وأن يطلي باطنها وظاهرها بالقار، وأن يجعل لها جؤجؤًا أزور يشقّ الماء. وقال قتادة: كان طولها ثلاثمائة ذراعٍ، في عرض خمسين.
وعن الحسن: طولها ستّمائة ذراعٍ وعرضها ثلاثمائة ذراعٍ.
وعنه مع ابن عبّاسٍ: طولها ألفٌ ومائتا ذراعٍ، في عرض ستّمائةٍ.
وقيل: طولها ألفا ذراعٍ، وعرضها مائة ذراعٍ، فاللّه أعلم.
قالوا كلّهم: وكان ارتفاعها في السّماء ثلاثين ذراعًا، ثلاث طبقاتٍ، كلّ طبقةٍ عشرة أذرعٍ، فالسّفلى للدّوابّ والوحوش: والوسطى للإنس: والعليا للطّيور. وكان بابها في عرضها، ولها غطاءٌ من فوقها مطبقٌ عليها.
وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جريرٍ أثرًا غريبًا، من حديث عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ؛ أنّه قال: قال الحواريّون لعيسى ابن مريم: لو بعثت لنا رجلًا شهد السّفينة فحدّثنا عنها. قال: فانطلق بهم حتّى أتى إلى كثيب من ترابٍ، فأخذ كفًّا من ذلك التّراب بكفّه، قال أتدرون ما هذا؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: هذا كعب حام بن نوحٍ. قال: وضرب الكثيب بعصاه، قال: قم بإذن اللّه فإذا هو قائمٌ ينفض التّراب عن رأسه، قد شاب. قال له عيسى، عليه السّلام: هكذا هلكت؟ قال: لا. ولكنّي متّ وأنا شابٌّ، ولكنّني ظننت أنّها السّاعة، فمن ثمّ شبت. قال: حدّثنا عن سفينة نوحٍ؟ قال: كان طولها ألف ذراعٍ ومائتي ذراعٍ، وعرضها ستّمائة ذراعٍ، وكانت ثلاث طبقاتٍ، فطبقةٌ فيها الدّوابّ والوحوش، وطبقةٌ فيها الإنس، وطبقةٌ فيها الطّير، فلمّا كثر أرواث الدّوابّ، أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى نوحٍ، عليه السّلام، أن اغمز ذنب الفيل، فغمزه، فوقع منه خنزيرٌ وخنزيرةٌ، فأقبلا على الرّوث، فلمّا وقع الفأر بخرز السّفينة يقرضه وحبالها، أوحى إلى نوحٍ؛ أن اضرب بين عيني الأسد، فخرج من منخره سنّور وسنّورةٌ، فأقبلا على الفأر. فقال له عيسى، عليه السّلام: كيف علم نوحٌ أنّ البلاد قد غرقت؟ قال: بعث الغراب يأتيه بالخبر، فوجد جيفةً فوقع عليها، فدعا عليه بالخوف، فلذلك لا يألف البيوت قال: ثمّ بعث الحمامة، فجاءت بورق زيتونٍ بمنقارها، وطينٍ برجليها، فعلم أنّ البلاد قد غرقت. قال: فطوّقها الخضرة الّتي في عنقها، ودعا لها أن تكون في أنسٍ وأمانٍ، فمن ثمّ تألف البيوت. قال: فقلنا: يا رسول اللّه، ألّا ننطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدّثنا؟ قال: كيف يتبعكم من لا رزق له؟ قال: فقال له: عد بإذن اللّه، فعاد ترابًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 319-320]

تفسير قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه} أي: يطنزون به ويكذّبون بما يتوعّدهم به من الغرق، {قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 320]

تفسير قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): ({فسوف تعلمون} وعيدٌ شديدٌ، وتهديدٌ أكيدٌ، {من يأتيه عذابٌ يخزيه} أي: يهنه في الدّنيا، {ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ} أي: دائمٌ مستمرٌّ أبدًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 320]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليلٌ (40)}
هذه مواعدة من اللّه تعالى لنوحٍ، عليه السّلام، إذا جاء أمر اللّه من الأمطار المتتابعة، والهتّان الّذي لا يقلع ولا يفتر، بل هو كما قال تعالى: {ففتحنا أبواب السّماء بماءٍ منهمرٍ وفجّرنا الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر وحملناه على ذات ألواحٍ ودسرٍ تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر} [القمر:11 -14].
وأمّا قوله: {وفار التّنّور} فعن ابن عبّاسٍ: التّنّور: وجه الأرض، أي: صارت الأرض عيونًا تفور، حتّى فار الماء من التّنانير الّتي هي مكان النّار، صارت تفور ماءً، وهذا قول جمهور السّلف وعلماء الخلف.
وعن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه: التّنّور: فلق الصّبح، وتنوير الفجر، وهو ضياؤه وإشراقه.
والأوّل أظهر.
وقال مجاهدٌ والشّعبيّ: كان هذا التّنّور بالكوفة، وعن ابن عبّاسٍ: عينٌ بالهند. وعن قتادة: عينٌ بالجزيرة، يقال لها: عين الوردة.
وهذه أقوالٌ غريبةٌ.
فحينئذٍ أمر اللّه نوحًا، عليه السّلام، أن يحمل معه في السّفينة من كلّ زوجين -من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، قيل: وغيرها من النّباتات -اثنين. ذكرًا وأنثى، فقيل: كان أوّل من أدخل من الطّيور الدّرّة، وآخر من أدخل من الحيوانات الحمار، فدخل إبليس متعلّقًا بذنبه، فدخل بيده، وجعل يريد أن ينهض فيثقله إبليس وهو متعلّقٌ بذنبه، فجعل يقول له نوحٌ: مالك؟ ويحك. ادخل. فينهض ولا يقدر، فقال: ادخل وإن كان إبليس معك فدخلا في السّفينة.
وذكر أبو عبيدة بن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّهم لم يستطيعوا أن يحملوا معهم الأسد، حتّى ألقيت عليه الحمّى.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني اللّيث، حدّثني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم. عن أبيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لمّا حمل نوحٌ في السّفينة من كلّ زوجين اثنين، قال أصحابه: وكيف يطمئنّ أو: تطمئنّ -المواشي ومعها الأسد؟ فسلّط اللّه عليه الحمّى، فكانت أوّل حمّى نزلت الأرض، ثمّ شكوا الفأرة فقالوا: الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا. فأوحى اللّه إلى الأسد، فعطس، فخرجت الهرّة منه، فتخبّأت الفأرة منها.
وقوله: {وأهلك إلا من سبق عليه القول} أي: "واحمل فيها أهلك، وهم أهل بيته وقرابته" إلّا من سبق عليه القول منهم، ممّن لمّ يؤمن باللّه، فكان منهم ابنه "يامٌ" الّذي انعزل وحده، وامرأة نوحٍ وكانت كافرةً باللّه ورسوله.
وقوله: {ومن آمن} أي: من قومك، {وما آمن معه إلا قليلٌ} أي: نزرٌ يسيرٌ مع طول المدّة والمقام بين أظهرهم ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا، فعن ابن عبّاسٍ: كانوا ثمانين نفسًا منهم نساؤهم. وعن كعب الأحبار: كانوا اثنين وسبعين نفسًا. وقيل: كانوا عشرةً. وقيل: إنّما كانوا نوحٌ وبنوه الثّلاثة سامٌ، وحامٌ، ويافث، وكنائنه الأربع نساءٍ هؤلاء الثّلاثة وامرأة يام. وقيل: بل امرأة نوح كانت معهم في السّفينة، وهذا فيه نظرٌ، بل الظّاهر أنّها هلكت؛ لأنّها كانت على دين قومها، فأصابها ما أصابهم، كما أصاب امرأة لوطٍ ما أصاب قومها، واللّه أعلم وأحكم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 320-322]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة