العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > آداب تلاوة القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 شعبان 1433هـ/7-07-2012م, 05:58 AM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي


آداب إقراء القرآن
إخلاص المقرئ لله تعالى
...- كلام النووى: {...وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما يعطى الرجل على قدر نيته وعن غيره إنما يعطى الناس على قدر نياتهم...}
اتباع السنّة في إقراء القرآن
...
-
أثر عروة بن الزبير رضي الله عنهما:{... فاقرءوه كما أقرئتموه}
...- أثر سلمان رضي الله عنه : { ..."إن القرآن عربي فاستقرئوه رجلا عربيا"...}
...- أثر زيد بن ثابت رضي الله عنه:{...القراءة سنة}
...- أثر بن عباس رضي الله عنهما:{...فرأى ابن عباس أن السنة قد لزمت الناس في تتبع الحروف في القراءة...}
...- كلام السخاوى: {... " أقرئني يا رسول الله"...}
...- كلام السخاوى: { ..."إن القرآن عربي فاستقرئوه رجلا عربيا"...}
حكم أخذ الهدية على إقراء القرآن
...- حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه:{... فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((جمرة بين كتفيك تقلدتها)}
...- حديث أبى بن كعب: {...فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (( إن كنت تريد أن تقلد قوسا من نار , فخذها)}
...- أثر أبى بن كعب: {...(( إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله الذي يأكلون فكل، وإن كان طعاما يتحفك به فلا تأكل))...}
...- حديث الطفيل بن عمرو:{...(( أما طعام صنع لغيرك فحضرته فلا بأس أن تأكله , وإما ما صنع لك فإنما تأكل بخلاقك))}
...- أثر عوف بن مالك:{..." أتريد أن تعلق قوسا من نار"...}
...- أثر بن سيرين: {... فيقول: الغلمان : دعنا نكفيك , فيأبى عليهم...}
...- كلام النووى: {...ولا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالا أو خدمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه...}
آداب معلّم القرآن
...- كلام الآجرى: {...وهو أن يتواضع في نفسه إذا جلس في مجلسه، ولا يتعاظم في نفسه...}
...- كلام النووى: {...وينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها...}
...- كلام النووى: {...وليحذر كل الحذر من قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به...}
...- كلام السيوطى: {...ويعمل بمكارم الأخلاق المرضية من الزهد في الدنيا وعدم الالتفات إليها وإلى أهلها، والجود وطلاقة الوجه...}
آداب المقرئ والطالب
...- أثر أبي عبدالرحمن السلمي رحمه الله: {...إنما أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن...}
...- كلام السيوطى: {...ومما يشترك فيه القارئ والمُقرئ: الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها...}
آداب المقرئ مع الطالب
...- أثر إبراهيم رحمه الله: {..."أنه كره أن يشترط المعلم"...}
...- أثر الحسن: {...ولم يعدل كتب من الظلمة"...}
...- حديث معاوية بن الحكم السلمى: {...ما رأيت معلما أحسن تعليما منه...}
...- كلام الآجرى: {...ويتواضع لمن يلقّنه القرآن، ويقبل عليه إقبالاً جميلاً...}
...- كلام النووى: {...وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما...}
...- كلام النووى: {...يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية...}
...- كلام السيوطى: {...ويعتني بمصالحهم ويصبر على بطئ الفهم ويعذر من قل أدبه في بعض الأحيان...}
آداب الطالب
...- كلام الآجرى: {...من كان يقرأ على غيره، ويتلقّن، فينبغي له أن يحسن الأدب في جلوسه بين يديه...}
...- كلام النووى: {...وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره...}
...- كلام النووى: {...وينظر إلى معلمه بعين الاحترام والتعظيم ولا يدخل عليه بلا إذن إلا إن كان بموضع لا يحتاج إلى استئذان...}
غير مصنف


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:06 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إخلاص المقرئ لله تعالى

كلام النووى: {...وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما يعطى الرجل على قدر نيته وعن غيره إنما يعطى الناس على قدر نياتهم...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ):
(الباب الرابع : في آداب معلم القرآن ومتعلمه

هذا الباب مع البابين بعده مقصود الكتاب وهو طويل منتشر جدا فإني أشير إلى مقاصده مختصرة في فصول ليسهل حفظه وضبطه إن شاء الله تعالى
[فصل]
أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}، أي: الملة المستقيمة.
وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى.))، وهذا الحديث من أصول الإسلام.
وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما يعطى الرجل على قدر نيته وعن غيره إنما يعطى الناس على قدر نياتهم.
وروينا عن الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى قال: الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى، قال: ويصح أن يقال الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين.
وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى: الإخلاص استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن.
وعن ذي النون رحمه الله تعالى قال: ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية العمل في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة.
وعن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
وعن سهل التستري رحمه الله تعالى قال: نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولا دنيا.
وعن السري رحمه الله قال: لا تعمل للناس شيئا ولا تترك لهم شيئا ولا تغط لهم شيئا ولا تكشف لهم شيئا.
وعن القشيري قال: أفضل الصدق استواء الصدق والعلانية.
وعن الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى قال: الصادق هو الذي لا يبالي ولو خرج عن كل قدر له في قلوب الخلائق من أجل صلاح قلبه ولا يحب إطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله ولا يكره إطلاع الناس على السيئ من عمله فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم وليس هذا من أخلاق الصديقين.
وعن غيره: إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك الله مرآة تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة.
وأقاويل السلف في هذا كثيرة أشرنا إلى هذه الأحرف منها تنبيها على المطلوب وقد ذكرت جملا من عن ذلك مع شرحها في أول شرح المهذب وضممت إليها من آداب العالم والمتعلم والفقيه والمتفقه ما لا يستغني عنه طالب العلم والله أعلم). [التبيان في آداب حملة القرآن:26- 30]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:06 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اتباع السنّة في إقراء القرآن

*أثر عروة بن الزبير رضي الله عنهما:{...
فاقرءوه كما أقرئتموه}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (حدثنا ابن أبي مريم، وحجاج، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن عروة بن الزبير، قال: إن قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرءوه كما أقرئتموه. ).[فضائل القرآن: ](م)
أثر سلمان رضي الله عنه : { ..."إن القرآن عربي فاستقرئوه رجلا عربيا"...}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : ( حدثني هوذة بن خليفة، عن عوف بن أبي جميلة، عن خليد العصري، قال: لما ورد علينا سلمان أتيناه نستقرئه القرآن , فقال: "إن القرآن عربي فاستقرئوه رجلا عربيا". قال: فكان زيد بن صوحان يقرئنا، ويأخذ عليه سلمان، فإذا أخطأ غير عليه، وإذا أصاب قال: "نعم أتم الآية").[فضائل القرآن : ](م)
*أثر زيد بن ثابت رضي الله عنه:{...
القراءة سنة}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (حدثنا حجاج، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: قال لي خارجة بن زيد، قال لي زيد بن ثابت: القراءة سنة.
قال أبو عبيد: فقول زيد هذا يبين لك ما قلنا؛ لأنه الذي ولي نسخ المصاحف التي أجمع عليها المهاجرون والأنصار، فرأى اتباعها سنة واجبة. ومنه قول ابن عباس أيضا.
قال أبو عبيد : حدثنا هشيم , عن عكرمة , عن ابن عباس أيضا. ).[فضائل القرآن: ](م)
* أثر بن عباس رضي الله عنهما:{...فرأى ابن عباس أن السنة قد لزمت الناس في تتبع الحروف في القراءة...}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كل السنة قد علمت، غير أني لا أدري: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف يقرأ هذا الحرف وقد بلغت من الكبر عتيا أو قال: (عسيا
قال أبو عبيد: فرأى ابن عباس أن السنة قد لزمت الناس في تتبع الحروف في القراءة، حتى ميز فيها ما بين السين والتاء من العتي والعسي، على أن المعنى فيهما واحد، فأشفق أن تكون إحدى القراءتين خارجة من السنة. فكيف يجوز لأحد أن يتسهل فيما وراء ذلك مما يخالف الخط، وإن كان ظاهر العربية على غير ذلك؟. ).[فضائل القرآن: ](م)
كلام السخاوى: {... " أقرئني يا رسول الله"...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( النسائي، أخبرنا عبيد الله بن فضالة، أنا عبد الله، نا سعيد، حدثني عياش بن عباس القتباني، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أقرئني يا رسول الله"،
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ ثلاثا من ذات الراء)).
فقال الرجل: "كبرت سني واشتد قلبي وغلظ لساني"، فقال: ((اقرأ ثلاثا من آل حم)) فقال مثل مقالته الأولى،
فقال: ((اقرأ ثلاثا من المسبحات))، فقال مثل مقالته، ثم قال الرجل: "ولكن أقرئني سورة جامعة" ،
قال: ((فاقرأ {إذا زلزلت الأرض زلزالها} )) فقرأ حتى فرغ منها فقال: "والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها شيئا أبدا" ، ثم أدبر الرجل،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح الرويجل، أفلح الرويجل)).
والرويجل تصغير رجل على غير قياس، وكأنه تصغير راجل، يقال: رجل ورجيل ورويجل). [جمال القراء : 1/71]م1
كلام السخاوى: {
..."إن القرآن عربي فاستقرئوه رجلا عربيا"...}
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( وعن خليد العصري قال: لما ورد علينا سلمان رحمه الله، أتيناه نستقرئه القرآن فقال: "إن القرآن عربي فاستقرئوه رجلا عربيا". قال: فكان زيد بن صوحان يقرئنا، ويأخذ عليه سلمان.). [جمال القراء:1/114](م)


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:07 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

حكم أخذ الهدية على إقراء القرآن

*حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه
:{
... فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((جمرة بين كتفيك تقلدتها)}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ): ( حدثنا نعيم، عن بقية، عن بشر بن عبد الله بن يسار، قال: حدثني عبادة بن نسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم عليه مهاجر, دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن، فدفع إلي رجلا فكنت أقرئه القرآن، فأهدى إلي قوسا، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((جمرة بين كتفيك تقلدتها)).) [فضائل القرآن:](م)
*حديث أبى بن كعب: {...
فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (( إن كنت تريد أن تقلد قوسا من نار , فخذها)}.
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ)
: (حدثنا هشام بن عمار، عن عمرو بن واقد مولى قريش قال: حدثني إسماعيل بن عبيد الله، قال: حدثتني أم الدرداء، عن أبي الدرداء، أن أبي بن كعب، أقرأ رجلا من أهل اليمن سورة، فرأى عنده قوسا. فقال: "بعنيها".

فقال: لا، بل هي لك.
فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (( إن كنت تريد أن تقلد قوسا من نار , فخذها)) .
حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ذلك لأبي بن كعب، إلا أنه قال: (( لو تقوستها , لتقوست قوسا من نار)).
حدثنا هشيم، عن أبي هاشم، بمثل ذلك أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب) [فضائل القرآن:](م)
أثر أبى بن كعب: {
...(( إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله الذي يأكلون فكل، وإن كان طعاما يتحفك به فلا تأكل))...}
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ)
: (حدثنا عبد الله بن صالح، عن موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: ((ألم أنهك عن فلان؟، فاردد القوس عليه)).
قال: "فرددتها عليه".

وزاد في الحديث قال: وقال أبي: "كنت أختلف إلى رجل مكفوف أقرئه القرآن، فكنت إذا أقرأته دعا لي بطعام، فأكلت منه، فحاك في نفسي منه شيء، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقلت: يا رسول الله، إني آتي فلان بن فلان فأقرئه القرآن وو فيدعو لي بطعام لا آكل مثله بالمدينة".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله الذي يأكلون فكل، وإن كان طعاما يتحفك به فلا تأكل)).
قال: "فأتيته نحوا مما كنت آتيه، فلما فرغ قال: يا جارية، هلمي طعام أخي".
فقلت له: "أهذا طعامك وطعام أهلك الذي تأكل ويأكلون؟"
فقال: "لا، ولكني أتحفك به".
قال: "فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاني عنه"). [فضائل القرآن:](م)

*حديث الطفيل بن عمرو:{...
(( أما طعام صنع لغيرك فحضرته فلا بأس أن تأكله , وإما ما صنع لك فإنما تأكل بخلاقك))}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا إسماعيل بن عياش , عن عبد ربه بن سليمان بن زيتون , عن الطفيل بن عمرو قال : أقرأني أبي القرآن, فأهديت إليه قوسا , فغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو متقلد بها فقال: ((من سلحك هذه؟))
قال: " الطفيل بن عمرو , أقرأته القرآن" .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تقلدها شلوة من نار جهنم))
قالوا: "يا رسول الله , إنا نأكل من طعامهم" .
فقال: (( أما طعام صنع لغيرك فحضرته فلا بأس أن تأكله , وإما ما صنع لك فإنما تأكل بخلاقك)) ). [سنن سعيد بن منصور: 359](م)
*أثر عوف بن مالك:{..." أتريد أن تعلق قوسا من نار"...}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا إسماعيل بن عياش , عن صفوان بن عمرو, عن عمير بن هانئ : أن رجلا كان يقرئ رجلا القرآن , فحج ذلك الرجل , فأهدى للذي أقرأه قوسا , فأتى عوف بن مالك فأخبره , فقال له : " ألقها عنك" .
فقال: إني أريد أن أغزو. فقال: " ألقها عنك" .فقال: إني أريد أن أغزو بها . فقال له عوف : " أتريد أن تعلق قوسا من نار" .
قال: فردها الرجل إلى صاحبها). [سنن سعيد بن منصور: 357](م)
أثر بن سيرين: {... فيقول: الغلمان : دعنا نكفيك , فيأبى عليهم...}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا مهدي بن ميمون , قال : سألت محمد بن سيرين عن كتاب المعلم , فقال: "كان معلم بالمدينة, وكان عنده أولاد أولئك الضخام , وكان مملوكا , وكان مواليه يكلفونه الشيء , فيقول: الغلمان : دعنا نكفيك , فيأبى عليهم "). [سنن سعيد بن منصور: 387](م)
كلام النووى: {...ولا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالا أو خدمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ): ([فصل]
وينبغي أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك *
ولا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالا أو خدمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه، قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}، وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد..} الآية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)). رواه أبو داود بإسناد صحيح ومثله أحاديث كثيرة.
وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار)). رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك وقال: أدخله النار.).[التبيان في آداب حملة القرآن:30- 32](م)



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:08 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

آداب معلّم القرآن

كلام الآجرى: {...وهو أن يتواضع في نفسه إذا جلس في مجلسه، ولا يتعاظم في نفسه...}
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ) : (
باب: أخلاق المقرئ إذا جلس يقرئ لوجه الله عزّ وجلّ

ماذا ينبغي له أن يتخلّق به:
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: ينبغي لمن علّمه الله تعالى كتابه، فأحبّ أن يجلس في المسجد يقريء القرآن لله تعالى، يغتنم قول النّبيّ صّلّى الله عليه وسلّم«خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»، فينبغي له أن يستعمل من الأخلاق الشّريفة ما يدلّ على فضله وصدقه، وهو أن يتواضع في نفسه إذا جلس في مجلسه، ولا يتعاظم في نفسه.
وأحبّ له أن يستقبل القبلة في مجلسه لقول النّبيّ صّلّى الله عليه وسلّم «أفضل الجبالس ما استقبل به القبلة»)
). [أخلاق حملة القرآن: --](م)
كلام النووى: {...وينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ): ([فصل]
وينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها والسخاء والجود ومكارم الأخلاق وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة والحلم والصبر والتنزه عن دنيئ المكاسب، وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع واجتناب الضحك والإكثار من المزاح، وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة، وليحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب واحتقار غيره وإن كان دونه.
وينبغي أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك وأن يكون تعويله في جميع أموره على الله تعالى).
[التبيان في آداب حملة القرآن:34-38](م)
كلام النووى: {...وليحذر كل الحذر من قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ):
([فصل]
وليحذر كل الحذر من قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك بل قال لنفسه أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه.
وقد روينا في مسند الإمام المجمع على حفظه وإمامته أبي محمد الدارمي رحمة الله عليه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: يا حملة القرآن، أو قال: يا حملة العلم اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى.
وقد صح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم يعني علمه وكتبه أن لا ينسب إلي حرف منه.). [التبيان في آداب حملة القرآن:32- 33] (م)
كلام السيوطى: {
...ويعمل بمكارم الأخلاق المرضية من الزهد في الدنيا وعدم الالتفات إليها وإلى أهلها، والجود وطلاقة الوجه...}
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الثامن والثمانون والتاسع والثمانون: آداب القارئ والمقرئ:
هذان النوعان من زيادتي، وشبههما من علم الحديث: آداب المحدث وآداب طالب الحديث، وللناس في ذلك تصانيف أشهرها: التبيان للنووي، ومختصره له، وأنا أُشير هنا إلى مقاصده حاذفاً معظم الأدلة اختصاراً.
فعلى كل من القارئ والمقرئ: إخلاص النية، وقصد وجه الله، وأن لا يقصد بتعلمه أو بتعليمه غرضاً من الدنيا كرئاسة أو مال. ولا يشين المقرئ إقراؤه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه، ولا التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمترددين إليه، ولا يكره قراءة أصحابه على غيره ـ والتخلق بآداب القرآن ويقف عند حدوده وأوامره ونواهيه، ويعمل بمكارم الأخلاق المرضية من الزهد في الدنيا وعدم الالتفات إليها وإلى أهلها، والجود وطلاقة الوجه والمسكنة والوقار والخضوع واجتناب الضحك وكثرة المزح، والتنظف بإزالة الأوساخ والشعر والظفر والريح الكريه وتسريح اللحية ودهنها، والمحافظة على الطهارة واتباع الأحاديث الواردة بالأذكار وفضائل الأعمال والتبري من أمراض القلوب كالحسد والرياء والعجب والكبر -وإن كان غيره دونه- وأن لا يرى نفسه خيراً من أحد
). [التحبير في علم التفسير:317-322](م)


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:09 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

آداب المقرئ والطالب

أثر أبي عبدالرحمن السلمي رحمه الله: {...
إنما أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن...}
قال أبو بكرٍ جَعفرُ بنُ مُحمدٍ الفِرْيابِيُّ (ت:301هـ): (حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : "إنما أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن (1) إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن من العمل ، قال : فتعلمنا العلم والعمل جميعا ، وأنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز هذا ، وأشار بيده إلى حنكه"). [فضائل القرآن:](م)
كلام السيوطى: {
...ومما يشترك فيه القارئ والمُقرئ: الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها...}
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ):
(النوع الثامن والثمانون والتاسع والثمانون: آداب القارئ والمقرئ:

هذان النوعان من زيادتي، وشبههما من علم الحديث: آداب المحدث وآداب طالب الحديث، وللناس في ذلك تصانيف أشهرها: التبيان للنووي، ومختصره له، وأنا أُشير هنا إلى مقاصده حاذفاً معظم الأدلة اختصاراً.
ومما يشترك فيه القارئ والمُقرئ: الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها، نعم يجوز عند الشافعي ومالك أخذ الأجرة على تعليمه، وملازمة التلاوة، والإكثار منها، ونسيانه كبيرة، وإذا أراد القراءة استاك وتوضأ، فإن قرأ محدثاً جاز بلا كراهة.
ويحرم مس المصحف والقراءة على الجنب والحائض، ويجوز لهما النظر في المصحف، وإمرار القرآن على قلبيهما، ويسن أن يقرأ في مكان نظيف، ولا يكره في الحمام عندنا، ولا في الطريق، ويستقبل القبلة، ويجلس بخشوع وسكينة وحضور قلب، ولا يكون قائماً، ولا مضطجعاً، ويستعيذ، وأفضل ألفاظ الاستعاذة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولو تعوذ بغير ذلك أجزأه، ويتدبر القرآن.
وتقدمت كيفيات القراءة في كيفية التحمل، ويبكي عند القراءة، فإن لم يبك تباك وإذا مر بآية رحمة سأل من فضل الله أو عذاب استعاذ أو تنزيه نزه أو تفكر تفكر، ويقرأ على ترتيب المصحف، ويجوز مخالفته إلا أن يقرأ السورة معكوساً فلا، والقراءة في المصحف أفضل، لأن النظر فيه عبادة، والجهر، إلا إذا خاف الرياء، ويسن تحسين الصوت به ما لم يخرج إلى حد التمطيط والإفراط بزيادة حرف أو إخفائه أو مد ما لا يجوز مده فحرام، ويُراعي الوقف عند تمام الكلام ولا يتقيد بالأحزاب والأعشار، ويقطع القراءة إذا نعس أو مل أو عرض له ريح حتى يتم خروجها، أو تثاؤب حتى ينقضي، وإذا قرأ نحو: {وقالت اليهود يد الله مغلولة..}، {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً} خفض بها صوته، ويتأكد الاعتناء بسجود التلاوة وهي أربع عشرة عندنا ومحالها معروفة، وإنما اختلف في التي في {حم}، والأصح عندنا أنها عند قوله: {وهم لا يسأمون} والتي في النمل والأصح أنها عند {رب العرش العظيم} وتحرم القراءة بغير العربية مطلقاً للقادر وغيره، ولا يكره النفث معه للرقية ولا أن يقول: قراءة أبي عمرو وقراءة فلان، وكرههما بعض السلف، ويكره أن يقول: نسيت آية كذا بل أُنسيت ولبعض مسائل هذا الباب تتمات مبسوطة في كتب الفقه انتهى). [التحبير في علم التفسير:317-322](م)


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:10 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

آداب المقرئ مع الطالب

أثر إبراهيم رحمه الله: {
..."أنه كره أن يشترط المعلم"...}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا أبو عوانة , عن مغيرة, عن إبراهيم : "أنه كره أن يشترط المعلم" ). [سنن سعيد بن منصور: 354](م)
أثر الحسن: {...
ولم يعدل كتب من الظلمة"...}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا فضيل , عن ليث بن أبي سليم , عن الحسن قال: "إذا قاطع المعلم, ولم يعدل كتب من الظلمة"). [سنن سعيد بن منصور: 357]

حديث معاوية بن الحكم السلمى: {...ما رأيت معلما أحسن تعليما منه...}
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ (ت:294 هـ)
: (أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد، قال: أخبرنا سهل بن بكار الدارمي، عن أبان بن يزيد العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم , فعطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم قال: قلت: واثكل أمياه، ما لكم تنظرون إلي في الصلاة، فضربوا بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني , فبأبي هو , وأمي , ما رأيت معلما أحسن تعليما منه، وما سبني، ولا كهرني، ولا ضربني قال: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التكبير والتسبيح، وقراءة القرآن، والتحميد ))أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)
[فضائل القرآن:](م)

كلام الآجرى: {...ويتواضع لمن يلقّنه القرآن، ويقبل عليه إقبالاً جميلاً...}
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ) : (
باب: أخلاق المقرئ إذا جلس يقرئ لوجه الله عزّ وجلّ

ماذا ينبغي له أن يتخلّق به:
ويتواضع لمن يلقّنه القرآن، ويقبل عليه إقبالاً جميلاً، وينبغي له أن يستعمل مع كلّ إنسانٍ يلقّنه ما يصلح لمثله. إذا كان يتلقّن عليه الصّغير، والكبير، والحدث، والغني، والفقير. فينبغي له أن يوفي كلّ ذي حقٍّ حقّه، ويعتقد الإنصاف إن كان يريد الله عزّ وجلّ بتلقينه القرآن. فلا ينبغي له أن يرفق بالغنى، ويخرق على الفقير، فإن فعل هذا، فقد جار في فعله، فحكمه أن يعدل بينهما.
ثمّ ينبغي له أن يحذر على نفسه التّواضع للغني، والتّكبّر على الفقير، بل يكون متواضعاً للفقير، مقرّباً لجّلسه، متعطّفاً عليه، يتحبّب إلى الله بذلك.
- حدّثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا إسحاق بن الجرّاح الأذنيّ ومحمّد بن عبد الملك الدّقيقيّ قالا: ثنا جعفر بن عونٍ أنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ في قول الله عزّ وجلّ «ولا تصعر خدّك للنّاس»(لقمان 18) قال: يكون الغني والفقير عندك في العلم سواء.
- حدّثنا ابن أبي داود ثنا بشر بن خالدٍ العسكريّ ثنا شبابة يعني ابن سوّارٍ عن أبي جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية في قول الله عزّ وجلّ «ولا تصعر خدّك للنّاس» (لقمان 18) قال: يكون الغني والفقير عندك في العلم سواء.
قال محمّد بن الحسين: ويتأوّل فيه ما أدّب الله عزّ وجلّ به نبيّه صلّى الله عليه وسلّم حيث أمره أن يقرّب الفقراء، ولا تعد عيناه عنهم، إذ كان قومٌ أرادوا الدّنيا، فأحبّوا من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يدني منهم مجلسهم، وأن يرفعهم على من سواهم من الفقراء، فأجابهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى ما سألوا، لا لأنّه أراد الدّنيا، ولكنّه يتألفهم على الإسلام، فأرشد الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم على أشرف الأخلاق عنده، فأمره أن يقرّب الفقراء، وينبسط إليهم، ويصبر عليهم، وأن يباعد الأغنياء الّذين يميلون إلى الدّنيا، ففعل صلّى الله عليه وسلّم.
وهذا أصلٌ يحتاج إليه جميع من جلس يعلّم القرآن والعلم، يتأدب به، ويلزم نفسه ذلك، إن كان يريد الله تعالى بذلك.
فأنا أذكر ما فيه، ليكون النّاظر في كتابنا فقيهاً بما يتقرّب به إلى الله عزّ وجلّ، يقرئ لله عزّ وجلّ، ويقتضي ثوابه من الله جلّت عظمته، لا من المخلوقين.
- حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز ثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ ثنا أسباط عن السّديّ عن أبي سعيدٍ الأزديّ وكان قارئ الأزد عن أبي الكنود عن خبّاب بن الأرت في قول الله «ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه» إلى قوله «فتكون من الظّالمين»(الأنعام 6/52)؛ قال: جاء الأقرع بن حابسٍ التّميميّ وعيينة بن حصنٍ الفزاريّ، فوجدوا رسول الله مع صهيبٍ وبلالٍ وعمّار وخبّابٍ في أناسٍ من الضّعفاء من المؤمنين، فقالا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا به العرب، نأتيك فنستحيى أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فنحهم عنّا، أو كما قالا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، فقال: نعم، فقالا: فاكتب لنا عليك كتاباً، قال: فدعا بالصّحيفةٍ، ودعا عليّاً رضي الله عنه ليكتب، ونحن قعودٌ في ناحيةٍ، فنزل جبريل عليه السّلام، فقال «ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين» (الأنعام 6/52)، ثمّ ذكر الأقرع وعيينة، فقال «وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشّاكرين» (الأنعام 6/53)، ثمّ قال «وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة»(الأنعام 6/54)، قال: فدنونا منه حتّى وضعنا ركبتنا على ركبته، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام، وتركنا، فأنزل الله عزّ وجلّ «واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا» (الكهف 18/28) يقول: تعد عيناك عنهم وتجالس الأشراف «ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا» يعني عيينة والأقرع، «واتّبع هواه وكان أمره فرطاً» (الكهف 18/28)، ثمّ ضرب لهم مثل الرّجلين ومثل الحياة الدّنيا، قال: فكنّا نقعد مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فإذا بلغنا السّاعة الّتي يقوم فيها قمنا، وتركناه حتّى يقوم.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: أحقًّ النّاس باستعمال هذا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل القرآن، إذا جلسوا لتعليم القرآن، يريدون به الله عزّ وجلّ.
- حدّثنا الفريابيّ ثنا يزيد بن خالد بن موهبٍ الرّمليّ ثنا عيسى بن يونس عن هارون بن أبي وكيعٍ قال: سمعت زاذان أبا عمر يقول: دخلت على ابن مسعودٍ فوجدت أصحاب الخزّ واليمنيّة قد سبقوني إلى الج لس، فناديته: يا عبد الله؛ من أجل أنّي رجلٌ أعمي أدنيت هؤلاء وأقصيتني، فقال: ادنه، فدنوت، حتّى ما كان بيني وبينه جليسٌ.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: وأحبّ له إذا جاءه من يريد أن يقرأ عليه، من صغيرٍ أو حدثٍ أو كبيرٍ؛ أن يعتبر كلّ واحدٍ منهم، قبل أن يلقّنه من سورة البقرة، يعتبره بأن يعرف ما معه من الحمد، إلى مقدار ربعٍ، سبعٍ، أو أكثر ممّا يؤدّي به صلاته، ويصلح أن يؤمّ به في الصّلوات إذا احتيج إليه، فإن كان يحسنه، وكان تعلّمه في الكتّاب؛ أصلح من لسانه، وقوّمه، حتّى يصلح أن يؤدّي فرائضه، ثمّ يبتدئ فيلقّنه من سورة البقرة.
وأحبّ لمن يلقّن إذا قرئ عليه أن يحسن الاستماع إلى من يقرأ عليه، ولا يشتغل عنه بحديثٍ ولا غيره، فبالحريّ أن ينتفع به من يقرأ عليه، وكذا ينتفع هو أيضاً، ويتدبّر ما يسمع من غيره، وربّما كان سماعه للقرآن من غيره له فيه زيادة منفعةٍ، وأجرٌ عظيمٌ، ويتأوّل قول الله عزّ وجلّ «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون» (الأعراف 7/204).
فإذا لم يتحدّث مع غيره، وأنصت إليه أدركته الرّحمة من الله سبحانه، وكان أنفع للقارئ عليه. وقد قال النّبيّ لعبد الله بن مسعودٍ «اقرأ عليّ»، قال: فقلت: يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟، قال: «إنّي أحبّ أن أسمعه من غيري».
- حدّثنا الفريابيّ ثنا محمّد بن الحسن البلخيّ قال: أنا عبد الله بن المبارك قال: أنا سفيان عن سليمان يعني الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن ابن مسعودٍ قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرأ عليّ»، فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل !، قال: «إنّي أحبّ أن أسمعه من غيري»، قال: فافتتحت سورة النّساء، فلمّا بلغت «فكيف إذا جئنا من كلّ أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً» (النّساء 4/41)، قال: فرأيت عينيه تذرفان، فقال لي: «حسبك».
قال محمّد بن الحسين: وأحبّ لمن كان يقرئ أن لا يدرس عليه وقت الدّرس إلا واحدٌ، ولا يكون ثانٍ معه، فهو أنفع للجميع، وأمّا التّلقين فلا بأس أن يلقّن الجماعة.
وينبغي لمن قرئ عليه القرآن، فأخطأ فيه القارئ، أو غلط؛ أن لا يعنّفه، وأن يرفق به، ولا يجفو عليه، ويصبر عليه، فإنّي لا آمن أن يجفو عليه فينفر عنه، وبالحريّ أن لا يعود إلى المسجد، وقد روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «علّموا ولا تعنّفوا، فإنّ المعلّم خيرٌ من المعنّف»، وقال صلّى الله عليه وسلّم «إنّما بعثتم ميسّرين، ولم تبعثوا معسّرين».
- حدّثنا حامد بن شعيبٍ البلخيّ قال: ثنا بشر بن الوليد ح وثنا عمر بن أيّوب السّقطيّ ثنا الحسن بن عرفة قالا: ثنا إسماعيل بن عيّاش عن حميد بن أبي سويدٍ عن عطاء بن أبي رباحٍ عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «علّموا ولا تعنّفوا، فإنّ المعلّم خيرٌ من المعنّف».
- قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن عبد العزيز ثنا عليّ بن الجعد أنا شعبة عن أبي التّياح قال: سمعت أنس بن مالكٍ يحدّث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «يسّروا ولا تعسّروا، وسكّنوا ولا تنفّروا».
- أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصّوفيّ قال: ثنا محمّد بن بكّار ثنا عنبسة بن عبد الواحد عن عمرو بن عامرٍ البجليّ قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: تعلّموا العلم، وتعلّموا للعلم السّكينة والحلم، وتواضعوا لمن تعلّمون، وليتواضع لكم من تعلّمون، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: فمن كانت هذه أخلاقه انتفع به من يقرأ عليه.
ثمّ أقول إنّه ينبغي لمن كان يقرئ القرآن لله جلّت عظمته أن يصون نفسه عن استقضاء الحوائج ممّن يقرأ عليه القرآن، وأن لا يستخدمه، ولا يكلّفه حاجةً يقوم فيها.
وأختار له إذا عرضت له حاجةٌ أن يكلّفها لمن لا يقرأ عليه، وأحبّ له أن يصون القرآن عن أن تقضي له به الحوائج، فإن عرضت له حاجةٌ سأل مولاه الكريم قضاءها، فإذا ابتدأه أحدٌ من إخوانه من غير مسألةٍ منه، فقضاها له؛ شكر الله عزّ وجلّ إذ صانه عن المسألة، والتّذلّل لأهل الدّنيا، وإذ سهّل له قضاءها، ثمّ يشكر لمن أجرى ذلك على يديه، فإنّ هذا واجبٌ عليه.
وقد رويت فيما ذكرت أخبارٌ تدلّ على ما قلت، وأنا أذكرها ليزداد النّاظر في كتابنا بصيرةً إن شاء الله تعالى.
- حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن يوسف الشّكليّ ثنا إسحاق بن الجرّاح الأذنيّ ثنا الحسن بن الرّبيع البورانيّ قال: كنت عند عبد الله بن إدريس، فلمّا قمت، قال لي: سل عن سعر الأشنان ، فلمّا مشيت ردّني، فقال: لا تسل، فإنّك تكتب منّي الحديث، وأنا أكره أن أسأل من يسمع منّي الحديث حاجةً.
- قال: وحدّثنا أبو الفضل ثنا إسحاق بن الجرّاح قال خلف بن تميمٍ: مات أبي وعليه دينٌ، فأتيت حمزة الزّيّات، فسألته أن يكلّم صاحب الدّين أن يضع عن أبي من دينه شيئاً، فقال لي حمزة رحمه الله: ويحك؛ إنّه يقرأ عليّ القرآن، وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ عليّ القرآن الماء.
- حدّثنا جعفر بن محمّدٍ الصّندليّ قال: ثنا الفضل بن زيادٍ ثنا عبد الصّمد ابن يزيد قال: سمعت الفضيل بن عياضٍ يقول: ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجةً إلى أحدٍ من النّاس، إلى الخليفة فمن دونه، وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه.
- حدّثنا حامد بن شعيبٍ البلخيّ قال: ثنا سريح بن يونس ثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ وأبو النّضر عن أبي جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ قال: مكتوبٌ في التّوراة «علّم مجاناً كما علّمت مجاناً».
- أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصّوفيّ ثنا شجاع ابن مخلدٍ ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشامٍ الدّستوائيّ عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي راشدٍ الحبرانيّ قال: قال عبد الرّحمن بن شبلٍ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا ».
- حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن سهلٍ الأشنانيّ قال: ثنا بشر بن الوليد ثنا فليح بن سليمان عن عبد الله بن عبد الرّحمن بن معمرٍ عن سعيد بن يسارٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من تعلّم علماً ممّا يبتغى به وجه الله تعالى، لا يتعلّمه إلا ليصيب به عرضاً من الدّنيا، لم يجد عرف الجنّة يوم القيامة».
- أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن مخلدٍ ثنا محمّد بن إسماعيل الحسّانيّ ثنا وكيعٌ ثنا سفيان عن واقدٍ مولى زيد بن خليدة عن زاذان قال: من قرأ القرآن يتأكّل به النّاس، جاء يوم القيامة، ووجهه عظمٌ ليس عليه لحمٌ.
- حدّثنا أبو محمّدٍ يحيى بن محمّد بن صاعدٍ ثنا شعيب بن أيّوب ثنا عبد الله بن نميرٍ ثنا معاوية النّصريّ [عن نهشلٍ] عن الضّحّاك عن الأسود بن يزيد - وقال غير شعيبٍ وعلقمة، ولم أر شعيباً ذكر علقمة - قال: قال عبد الله يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه: لو أنّ أهل العلم صانوا العلم، ووضعوه عند أهله، سادوا به أهل زمانهم، ولكنّهم بذلوه لأهل الدّنيا لينالوا به من دنياهم، فهانوا علي أهلها، سمعت نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من جعل الهمّ همّاً واحداً؛ همّ آخرته، كفاه الله عزّ وجلّ همّ دنياه، ومن تشعّبت به الهموم في أحوال الدّنيا، لم يبال الله تعالى في أيّ أوديتها هلك».
- قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن مخلدٍ ثنا إبراهيم بن مهديٍّ ثنا أحمد ابن عبد الله بن خيرون ثنا العبّاس بن بكّارٍ الضّبيّ ثنا عيسى بن عمر النّحويّ قال: أقبلت حتّى أقمت عند الحسن، فسمعته يقول: قرّاء هذا القرآن ثلاثة رجالٍ: فرجلٌ قرأه فاتّخذه بضاعةً، ونقله من بلدٍ إلى بلدٍ، ورجلٌ قرأه، فأقام على حروفه، وضيّع حدوده، يقول: إنّي والله لا أسقط من القرآن حرفاً، كثّر الله بهم القبور، وأخلى منهم الدّور، فوالله لهم أشدّ كبراً من صاحب السّرير على سريره، ومن صاحب المنبر على منبره، ورجلٌ قرأه، فأسهر ليله، وأظمأ نهاره، ومنع به شهوته، فجثوا في برانسهم، وركدوا في محاريبهم، بهم ينفي الله عزّ وجلّ عنّا العدوّ، وبهم يسقينا الله تعالى الغيث، وهذا الضّرب من أهل القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: الأخبار في هذا المعنى كثيرةٌ، ومرادي من هذا نصيحةٌ لأهل القرآن، لئلا يبطل سعيهم، إن هم طلبوا به شرف الدّنيا حرموا شرف الآخرة، إذ بذلوه لأهل الدّنيا طمعاً في دنياهم، أعاذ الله حملة القرآن من ذلك.
فينبغي لمن جلس يقرئ المسلمين أن يتأدّب بأدب القرآن، يقتضي ثوابه من الله تعالى، يستغني بالقرآن عن كلّ أحدٍ من الخلق، متواضعٌ في نفسه ليكون رفيعاً عند الله جلّت عظمته.
- حدّثنا عليّ بن إسحاق بن زاطيا ثنا عبيد الله بن عمر القواريريّ ثنا حمّاد ابن زيدٍ قال: سمعت أيّوب يقول: ينبغي للعالم أن يضع الرّماد على رأسه تواضعاً لله جلّت عظمته.). [أخلاق حملة القرآن: --](م)
كلام النووى: {...
وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ):
([فصل]
وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما.
فقد روينا عن أبي هرون العبدي قال كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا.)) رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
وروينا نحوه في مسند الدارمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
[فصل]
وينبغي أن يبذل لهم النصيحة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.)) رواه مسلم
ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن وتأليف قلب الطالب وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضا له على التعلم
وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية وهو طريق العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
وينبغي أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن.
وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنه قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.))
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت. وفي رواية: إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
فصل: وينبغي أن لا يتعاظم على المتعلمين بل يلين إليهم ويتواضع لهم فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرة معروفة فكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه.)).
وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله قال: ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل.
[فصل]
وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله).[التبيان في آداب حملة القرآن:34-38](م)
كلام النووى: {...يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ): (
[فصل]

يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة وأن يكون حريصا على تفهيمهم وأن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره ومن قصر عنفه تعنيفالط
يفا في ما لم يخش عليه تنفيره ولا يحسد أحدا منه لبراعة تظهر منه ولا يستكثر فيه ما أنعم الله به عليه فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل وفي الدنيا الثناء الجميل والله الموفق.
[فصل] ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه.
وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.
[فصل] قال العلماء رضي الله عنهم ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية فقد قال سفيان وغيره طلبهم للعلم نية وقالوا طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله معناه كانت غايته أن صار لله تعالى.
[فصل] ويصون يديه في حال الإقراء عن العبث وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار وتكون ثيابه بيضا نظيفة وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع.
روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
[فصل] ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى بحفظه أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة.
[فصل] وينبغي أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((خير المجالس أوسعها)). رواه أبو داود في سنته في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه). [التبيان في آداب حملة القرآن:39-41](م)
كلام السيوطى: {
...ويعتني بمصالحهم ويصبر على بطئ الفهم ويعذر من قل أدبه في بعض الأحيان...}
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الثامن والثمانون والتاسع والثمانون: آداب القارئ والمقرئ:
هذان النوعان من زيادتي، وشبههما من علم الحديث: آداب المحدث وآداب طالب الحديث، وللناس في ذلك تصانيف أشهرها: التبيان للنووي، ومختصره له، وأنا أُشير هنا إلى مقاصده حاذفاً معظم الأدلة اختصاراً.
ويرفق بطلبته، ويرحب بهم ويُحسن إليهم بحسب حاله وحالهم، وينصحهم ما استطاع، ويتواضع لهم ويحرضهم على التعلم ويؤلفهم عليه، ويعتني بمصالحهم ويصبر على بطئ الفهم ويعذر من قل أدبه في بعض الأحيان ويُعرفه ذلك بلطف، لئلا يعود إلى مثله، ويعودهم بالتدريج بالآداب السنية، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم، ويُثني على من ظهرت نجابته -ما لم يخش عليه الإعجاب- ويعنف من قصر تعنيفاً لطيفاً ما لم يخش تنفيره، ويُقدم في تعليمهم السابق فالسابق، ولا يمكنه من إيثاره بنوبته إلا لمصلحة شرعية، فإن الإيثار في القرب مكروه ـ ويفتقد أحوالهم، ويسأل عن غائبهم، ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، ويصون يديه حال الإقراء عن العبث وعينيه وأُذنيه عن النظر والسمع لغير القارئ، ويقعد متطهراً مستقبل القبلة في ثياب بيض نظيفة، وإذا وصل لموضع جلوسه صلى ركعتين، فإن كان مسجدا تأكد، وليكن مجلسه حسناً واسعاً، ولا يُذل العلم فيذهب إلى موضع يُنسب إلى من يتعلم منه فيُعلمه فيه ولو كان خليفة فمن دونه). [التحبير في علم التفسير:317-322](م)




رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:11 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

آداب الطالب

كلام الآجرى: {...من كان يقرأ على غيره، ويتلقّن، فينبغي له أن يحسن الأدب في جلوسه بين يديه...}

قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ) : ( باب: ذكر أخلاق من يقرأ القرآن على المقرئ
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: من كان يقرأ على غيره، ويتلقّن، فينبغي له أن يحسن الأدب في جلوسه بين يديه، ويتواضع في جلوسه، ويكون مقبلاً عليه، فإن ضجر عليه احتمله، وإن زجره احتمله، ورفق به، واعتقد له الهيبة، والاستحياء منه.
وأحبّ أن يتلقّن ما يعلم أنّه يضبطه، هو أعلم بنفسه، إن كان يعلم أنّه لا يحتمل في التّلقين أكثر من خمسٍ خمسٍ، فلا ينبغي أن يسأل الزّيادة، وإن كان يعلم أنّه لا يحتمل أن يتلقّن إلا ثلاث آياتٍ، لم يسأل أن يلقّنه خمساً، فإن لقّنه الأستاذ ثلاثاً لم يزده عليها، وإن علم هو من نفسه أن يحتمل خمساً سأله أن يزيده على أرفق ما يكون، فإن أبى لم يؤذه بالطّلب، وصبر على مراد الأستاذ منه، فإنّه إذا فعل ذلك كان هذا الفعل منه داعيةً للزّيادة ممّن يلقّنه إن شاء الله.
ولا ينبغي له أن يضجر من يلقّنه فيزهد فيه، وإذا لقّنه شكر له ذلك، ودعا له، وعظّم قدره.
ولا يجفو عليه إن جفا عليه، ويكرم من يلقّنه إذا كان هو يكرمه، وتستحي منه إن كان هو لم يستح منك. تلزم أنت نفسك واجب حقّه عليك، فبالحريّ أن يعرف حقّك، لأنّ أهل القرآن أهل خيرٍ وتيقّظٍ وأدبٍ، يعرفون الحقّ على أنفسهم.
فإن غفل عن واجب حقّك، فلا تغفل أنت عن واجب حقّه، فإنّ الله عزّ وجلّ قد أمرك أن تعرف حقّ العالم، وأمرك بطاعة العلماء، وكذا أمر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
- حدّثنا أبو شعيبٍ عبد الله بن الحسن الحرّانيّ ثنا أحمد بن عيسى المصريّ ثنا عبد الله بن وهبٍ عن مالك بن الخير الزّياديّ من أهل اليمن عن أبي قبيلٍ المعافريّ عن عبادة بن الصّامت قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس من أمّتي من لم يجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا»، قال أحمد يعني: يعرف حقّه.
- حدّثنا الفريابيّ قال: أنا قتيبة بن سعيدٍ قال: أنا ابن لهيعة عن جميلٍ الأسلميّ عن سهل بن سعدٍ السّاعديّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللّهمّ لا يدركني زمانٌ، ولا أدركه لا يتبع فيه العالم، ولا يستحى فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب».
- أخبرنا إبراهيم بن الهيثم النّاقد ثنا أبو معمرٍ القطيعيّ ثنا سفيان عن الزّهريّ عن أبي سلمة قال: لو رفقت بابن عبّاسٍ لأصبت منه علماً.
- حدّثنا أحمد بن سهلٍ الأشنانيّ ثنا الحسين بن عليّ بن الأسود ثنا يحيى ابن آدم ثنا شريكٌ عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله «أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم»(النّساء 4/59)، قال: الفقهاء والعلماء.
- وحدّثنا يحيى بن آدم عن مفضّل بن مهلهلٍ عن مغيرة عن إبراهيم مثله.
قال محمّد بن الحسين: ثمّ ينبغي لمن لقّنه الأستاذ أن لا يجاوز ما لقّنه، إذا كان ممّن قد أحبّ أن يتلقّن عليه. وإذا جلس بين يدي غيره لم يتلقّن منه إلا ما لقّنه الأستاذ؛ أعني بحرفٍ غير الحرف الّذي تلقّنه من الأستاذ، فإنّه أعود عليه وأصحّ لقراءته، وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «اقرأوا كما علمتم».
- حدّثنا أبو محمّدٍ يحيى بن محمّد بن صاعدٍ ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ ثنا عاصمٍ عن زرٍّ عن عبد الله يعني ابن مسعودٍ قال: قلت لرجلٍ: أقرئني من الأحقاف ثلاثين آيةً، فأقرأني خلاف ما أقرأني الأوّل، فأتيت بهما النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فغضب، وعليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه جالسٌ، فقال عليٌّ رضي الله عنه: قال لكم «اقرأوا كما علمتم».
- وحدّثنا ابن صاعدٍ أيضاً قال: ثنا أحمد بن سنانٍ القطّان ثنا يزيد بن هارون أنا شريكٌ عن عاصمٍ عن زرٍّ عن عبد الله قال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورةً، فدخلت المسجد، فقلت: أفيكم من يقرأ؟، فقال رجلٌ من القوم: أنا، فقرأ السّورة الّتي أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا هو يقرأها خلاف ما أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانطلقنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلنا: يا رسول الله؛ اختلفنا في قراءتها، فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال عليٌّ رضي الله عنه: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّما هلك من كان قبلكم بالاختلاف فليقرأ كلّ امرئٍ منكم ما أقرئ».
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: من قنع بتلقين الأستاذ ولم يجاوزه، فبالحريّ أن يواظب عليه، وأحبّ ذلك منه، وإذا رآه قد تلقّن ما لم يلقّنه زهد في تلقينه، وثقل عليه، ولم تحمد عواقبه.
وأحبّ له إذا قرأ عليه أن لا يقطع حتّى يكون الأستاذ هو الّذي يقطع عليه، فإن بدت له حاجةٌ، وقد كان الأستاذ مراده أن يأخذ عليه مائة آيةٍ، فاختار هو أن يقطع القراءة في خمسين آيةٍ، فليخبره قبل ذلك بعذره، حتّى يكون الأستاذ هو الّذي يقطع عليه.
وينبغي أن يقبل على من يلقّنه أو يأخذ عليه، ولا يقبل على غيره، فإن شغل الأستاذ عنه بكلامٍ لا بد له في الوقت من كلامه، قطع القراءة حتّى يعود إلى الاستماع إليه.
وأحبّ له إذا انقضت قراءته على الأستاذ، وكان في المسجد، فإن أحبّ أن ينصرف انصرف وعليه الوقار، ودرس في طريقه ما قد التقن، وإن أحبّ أن يجلس ليأخذ على غيره فعل. وإن جلس في المسجد، وليس بالحضرة من يأخذ عليه، فإمّا أن يركع، فيكتسب خبراً، وإمّا أن يكون ذاكراً لله تعالى، شاكراً له على ما علّمه من كتابه، وإمّا جالسٌ يحبس نفسه في المسجد، يكره الخروج منه خشية أن يقع بصره على ما لا يحلّ، أو معاشرة من لم تحسن معاشرته، فجلس في المسجد، فحكمه أن يأخذ على نفسه في جلوسه في المسجد: أن لا يخوض فيما لا يعنيه، ويحذر الوقيعة في أعراض النّاس، ويحذر أن يخوض في حديث الدًّنيا، وفضول الكلام، فإنّه ربّما استراحت النّفوس إلى ما ذكرت، ممّا لا يعود نفعه، وله عاقبةٌ لا تحمد.
ويستعمل من الأخلاق الشّريفة في حضوره، وفي انصرافه ما يشبه أهل القرآن. والله عزّ وجلّ الموفّق لذلك.). [أخلاق حملة القرآن: --](م)

كلام النووى: {...وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ):
([فصل] في آداب المتعلم:

جميع ما ذكرناه من آداب المعلم في نفسه آداب للمتعلم، ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة، وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره؛ فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)).
وقد أحسن القائل بقوله يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة.
وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك ويتواضع للعلم فبتواضعه يدركه وقد قالوا:

العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي

وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق وهذا أولى.
[فصل] ولا يتعلم إلا ممن تكلمت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني.
وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: (ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له).
وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (من حق المعلم عليك أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية وأن تجلس أمامه ولا تشيرن عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول ولا تغتابن عنده أحدا ولا تشاور جليسك في مجلسه ولا تأخذ بثوبه إذا قام ولا تلح عليه إذا كسل ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته).
وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي كرم الله وجهه وأن يرد غيبة شيخه إن قدر فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس.
[فصل] ويدخل على شيخه كامل الخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم متطهرا مستعملا للسواك فارغ القلب من الأمور الشاغلة وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث فليست الأولى بأحق من الثانية.
ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقيم أحدا من موضعه فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما وإن فسحا له قعد وضم نفسه.
[فصل] وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.
[فصل] ومما يتأكد الاعتناء به أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستيفازه سنة وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط وأن يغتنم أوقات نشاطه.
ومن آدابه أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وإنقاء لقلب شيخ له.
وقد قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: (ذللت طالبا فعززت مطلوبا).
وقد أحسن من قال:


من لم يذق طعم المذلة ساعة ....... قطع الزمان بأسره مذلولا


[فصل] ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون.
وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة.
فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تفقهوا قبل أن تسودوا؛ معناه اجتهدوا في كمال أهليتكم قبل وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم.
وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه.
[فصل] وينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).
وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظة وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعض الأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك امتثل أمره.
ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله وقد قدمنا إيضاح هذا في آداب الشيخ.
وطريقه في نفي العجب أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه.
وطريقه في نفي الحسد أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها، والله أعلم.).[التبيان في آداب حملة القرآن:41-49](م)
كلام النووى: {...وينظر إلى معلمه بعين الاحترام والتعظيم ولا يدخل عليه بلا إذن إلا إن كان بموضع لا يحتاج إلى استئذان...}
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ):
(
والنوع الثامن والثمانون والتاسع والثمانون: آداب القارئ والمقرئ:
هذان النوعان من زيادتي، وشبههما من علم الحديث: آداب المحدث وآداب طالب الحديث، وللناس في ذلك تصانيف أشهرها: التبيان للنووي، ومختصره له، وأنا أُشير هنا إلى مقاصده حاذفاً معظم الأدلة اختصاراً.
على المتعلم أن يتجنب الأسباب الشاغلة عن العلم إلا ما لا بد منه ويُطهر قلبه ويتواضع لمعلمه وإن كان أصغر سناً منه أو أقل شهرة، وينقاد له ويقبل قوله كالمريض مع الطبيب الناصح الحاذق.

ولا يتعلم إلا ممن تأهل وظهر دينه وصيانته -فالعلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم- وينظر إلى معلمه بعين الاحترام والتعظيم ولا يدخل عليه بلا إذن إلا إن كان بموضع لا يحتاج إلى استئذان، ويسلم على الحاضرين، ويخصه بزيادة تودد، ويسلم عند انصرافه أيضاً، ولا يتخطى الناس، ويجلس حيث انتهى به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، ولا يقيم أحداً ويجلس موضعه، ولا يجلس وسط الحلقة، ولا بين صاحبين بغير إذنيهما، ولا يغمز بعينه عند الشيخ، ولا يقول له: قال فلان بخلاف قولك، ولا يغتاب عنده أحداً، ولا يُلح عليه إذا كسل، ولا يشبع من طول صحبته، ويرد غيبة شيخه -إذا قدر- ولا يُفارق ذلك المجلس، ويتأدب مع رفقائه ولا يحسد أحداً منهم، ولا يعجب بما حصله، ولا يرفع صوته بلا حاجة عند الشيخ، ولا يضحك، ولا يكثر الكلام، ولا يعبث بيده، ولا يلتفت بلا حاجة، بل يتوجه إلى الشيخ، ولا يقرأ على الشيخ في حال ملله، ويحتمل جفوة الشيخ وسوء خلقه، وإذا جفاه ابتدأه هو بالاعتذار وإظهار الذنب له، وإذا صدر من الشيخ أفعال ظاهرها منكر أولها ولا ينكرها).
[التحبير في علم التفسير:317-322](م)


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:31 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

غير مصنف
أثر أبو العالية رحمه الله:
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن شعيب بن الحبحاب، قال: كان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما تقرأ، ويقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا. قال شعيب: فذكرت ذلك لإبراهيم , فقال: "أرى صاحبك قد سمع أنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله" ). [فضائل القرآن : ](م)

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (النوع التاسع والعشرون: في آداب تلاوته وكيفيتها
وقال أبو الليث: لا بأس أن يقرأ الجنب والحائض أقل من آية واحدة، قال: وإذا أرادت الحائض التعلم فينبغي لها أن تلقن نصف آية ثم تسكت ولا تقرأ آية واحدة بدفعة واحدة وتكره القراءة حال خروج الريح وأما غيره من النواقض كاللمس والمس ونحوه فيحتمل عدم الكراهة لأنه غير مستقذر عادة ولأنه في حال خروج الريح يبعد بخلاف هذه). [البرهان في علوم القرآن:1/449-480](م)

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (النوع التاسع والعشرون: في آداب تلاوته وكيفيتها
ولتكن تلاوته بعد أخذه القرآن من أهل الإتقان لهذا الشأن الجامعين بين الدراية والرواية والصدق والأمانة وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجتمع به جبريل في رمضان فيدراسه القرآن.).[البرهان في علوم القرآن:1/449-480](م)


*أثر عبد الله بن ... رضي الله عنه:
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: " ليس الخطأ أن يدخل بعض السورة في الأخرى ، ولا أن يختم الآية بحكيم عليم ، أو عليم حكيم ، أو غفور رحيم، ولكن الخطأ أن يجعل فيه ما ليس منه، أو أن يختم آية رحمة بآية عذاب ، أو آية عذاب بآية رحمة ".
قال أبو عبيد: أرى عبد الله إنما أراد بهذا أنه إذا سمع السامع من يقرأ هذه الحروف من نعت الله عز وجل لم يجز له أن يقول: أخطأت، لأنها كلها من نعوت الله، ولكن يقول: هو كذا وكذا على ما قال أبو العالية، وليس وجهه أن يضع كل حرف من هذا في موضع الآخر، وهو عامد لذلك. فإذا سمع رجلا ختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، فهناك يجوز له أن يقول: أخطأت. لأنه خلاف الحكاية عن الله عز وجل. فهذا عندنا مذهب عبد الله في الخطأ ). [فضائل القرآن : ](م)
أثر إبراهيم رحمه الله
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا أبو الأحوص , عن مغيرة عن إبراهيم قال: قال عبد الله : "ليس الخطأ أن تجعل خاتمة آية , خاتمة آية أخرى"). [سنن سعيد بن منصور: 430]
*أثر أبي الدرداء رضي الله عنه:
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا إسماعيل بن عياش , عن محمد بن يزيد , عن عمير بن ربيعة قال : رأيت أبا الدرداء يدرس القرآن في جماعة من أصحابه).[سنن سعيد بن منصور: 484](م)

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة