تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل انظروا ماذا في السّموات والأرض وما تغني الآيات والنّذر عن قوم لاّ يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: {قل} يا محمّد لهؤلاء المشركين من قومك، السّائليك الآيات على صحّة ما تدعوهم إليه من توحيد اللّه وخلع الأنداد والأوثان: {انظروا} أيّها القوم {ماذا في السّموات} من الآيات الدّالّة على حقيقة ما أدعوكم إليه من توحيد اللّه من شمسها وقمرها، واختلاف ليلها ونهارها، ونزول الغيث بأرزاق العباد من سحابها، وفي {الأرض} من جبالها، وتصدّعها بنباتها، وأقوات أهلها، وسائر صنوف عجائبها؛ فإنّ في ذلك لكم إن عقلتم وتدبّرتم موعظةً ومعتبرًا، ودلالةً على أنّ ذلك من فعل من لا يجوز أن يكون له في ملكه شريكٌ ولا له تدبيره وحفظه يغنيكم عمّا سواه من الآيات.
يقول اللّه جلّ ثناؤه: {وما تغني الآيات والنّذر عن قومٍ لا يؤمنون} يقول جلّ ثناؤه: وما تغني الحجج، والعبر، والرّسل المنذرة عباد اللّه عقابه عن قومٍ قد سبق لهم من اللّه الشّقاء وقضى لهم في أمّ الكتاب أنّهم من أهل النّار لا يؤمنون بشيءٍ من ذلك ولا يصدّقون به. {ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم}). [جامع البيان: 12/300-301]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل انظروا ماذا في السّماوات والأرض وما تغني الآيات والنّذر عن قومٍ لا يؤمنون (101)
قوله تعالى: قل انظروا ماذا في السماوات والأرض
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: لا يؤمنون قال: أوجب عليهم أنّهم لا يؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1991]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {وما تغني الآيات والنذر عن قوم} يقول: عند قوم لا يؤمنون نسخت قوله (حكمة بالغة فما تغني النذر) (القمر الآية 5) ). [الدر المنثور: 7/709]
تفسير قوله تعالى: (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (102) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فهل ينتظرون إلاّ مثل أيّام الّذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم محذّرًا مشركي قومه من حلول عاجل نقمه بساحتهم نحو الّذي حلّ بنظرائهم من قبلهم من سائر الأمم الخالية من قبلهم السّالكة في تكذيب رسل اللّه، وجحود توحيد ربّهم سبيلهم: فهل ينتظر يا محمّد هؤلاء المشركون من قومك المكذّبون بما جئتهم به من عند اللّه، إلاّ يومًا يعاينون فيه من عذاب اللّه مثل أيّام أسلافهم الّذين كانوا على مثل الّذي هم عليه من الشّرك والتّكذيب الّذين مضوا قبلهم فخلوا من قوم نوحٍ وعادٍ وثمود، قل لهم يا محمّد: إن كانوا كذلك ينتظرون، فانتظروا عقاب اللّه إيّاكم، ونزول سخطه بكم، إنّي من المنتظرين هلاككم، وبواركم بالعقوبة الّتي تحلّ بكم من اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فهل ينتظرون إلاّ مثل أيّام الّذين خلوا من قبلهم} يقول: وقائع اللّه في الّذين خلوا من قبلهم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {فهل ينتظرون إلاّ مثل أيّام الّذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين} قال: خوّفهم عذابه، ونقمته وعقوبته، ثمّ أخبرهم أنّه إذا وقع من ذلك أمرٌ أنجى اللّه رسله والّذين آمنوا معه، فقال اللّه: {ثمّ ننجّي رسلنا والّذين آمنوا كذلك حقًّا علينا ننج المؤمنين}). [جامع البيان: 12/301-302]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فهل ينتظرون إلّا مثل أيّام الّذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين (102)
قوله تعالى: فهل ينتظرون إلا مثل أيّام الّذين خلوا من قبلهم
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ، عن قتادة: فهل ينتظرون إلا مثل أيّام الّذين خلوا من قبلهم أي مثل قوم نوحٍ وعادٍ وثمود: قل فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ السّعديّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ هو المراريّ، عن الرّبيع في قوله: فهل ينتظرون إلا مثل أيّام الّذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين: خوّفهم عذابه وعقوبته ونقمته). [تفسير القرآن العظيم: 6/1991]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم} قال: وقائع الله في الذين خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في قوله {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين} قال: خوفهم الله عذابه ونقمته وعقوبته ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر نجى الله رسله والذين آمنوا فقال {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا}). [الدر المنثور: 7/709-710]
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ ننجّي رسلنا والّذين آمنوا كذلك حقًّا علينا ننج المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين من قومك انتظروا مثل أيّام الّذين خلوا من قبلكم من الأمم السّالفة الّذين هلكوا بعذاب اللّه، فإنّ ذلك إذا جاء لم يهلك به سواهم، ومن كان على مثل الّذي هم عليه من تكذيبك، ثمّ ننجّي هنالك رسولنا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، ومن آمن به وصدّقه، واتّبعه على دينه، كما فعلنا قبل ذلك برسلنا الّذين أهلكنا أممهم فأنجيناهم ومن آمن به معهم من عذابنا حين حقّ على أممهم. {كذلك حقًّا علينا ننج المؤمنين} يقول: كما فعلنا بالماضين من رسلنا فأنجيناها والمؤمنين معها، وأهلكنا أممها، كذلك نفعل بك يا محمّد وبالمؤمنين، فننجيك وننجي المؤمنين بك حقًّا علينا غير شكٍّ). [جامع البيان: 12/302]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ثمّ ننجّي رسلنا والّذين آمنوا كذلك حقًّا علينا ننج المؤمنين (103)
قوله تعالى: ثمّ ننجّي رسلنا والّذين آمنوا كذلك
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ قال: ثمّ أخبرهم أنّه إذا وقع من ذلك أمرٌ نجّى اللّه رسله والّذين آمنوا فقال: ثمّ ننجّي رسلنا والّذين آمنوا كذلك حقًّا علينا ننج المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 6/1991]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في قوله {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين} قال: خوفهم الله عذابه ونقمته وعقوبته ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر نجى الله رسله والذين آمنوا فقال {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا}). [الدر المنثور: 7/710] (م)