تفاسير القرن الثامن الهجري
تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها النّاس قد جاءتكم موعظةٌ من ربّكم وشفاءٌ لما في الصّدور وهدًى ورحمةٌ للمؤمنين (57) قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ ممّا يجمعون (58)}
يقول تعالى ممتنًّا على خلقه بما أنزل إليهم من القرآن العظيم على رسوله الكريم: {يا أيّها النّاس قد جاءتكم موعظةٌ من ربّكم} أي: زاجرٌ عن الفواحش، {وشفاءٌ لما في الصّدور} أي: من الشبه والشّكوك، وهو إزالة ما فيها من رجسٍ ودنس، {وهدًى ورحمةً} أي: محصلٌ لها الهداية والرّحمة من اللّه تعالى. وإنّما ذلك للمؤمنين به والمصدّقين الموقنين بما فيه، كما قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلا خسارًا} [الإسراء: 82]، وقال تعالى: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} [فصلت: 44]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 274]
تفسير قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله تعالى: {قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ ممّا يجمعون} أي: بهذا الّذي جاءهم من اللّه من الهدى ودين الحقّ فليفرحوا، فإنّه أولى ما يفرحون به، {هو خيرٌ ممّا يجمعون} أي: من حطام الدّنيا وما فيها من الزّهرة الفانية الذّاهبة لا محالة، كما قال ابن أبي حاتمٍ، في تفسير هذه الآية: "وذكر عن بقيّة -يعني ابن الوليد -عن صفوان بن عمرٍو، سمعت أيفع بن عبدٍ الكلاعيّ يقول: لمّا قدم خراج العراق إلى عمر، رضي اللّه عنه، خرج عمر ومولًى له فجعل عمر يعدّ الإبل، فإذا هي أكثر من ذلك، فجعل عمر يقول: الحمد للّه تعالى، ويقول مولاه: هذا واللّه من فضل اللّه ورحمته. فقال عمر: كذبت. ليس هذا، هو الّذي يقول اللّه تعالى: {قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ ممّا يجمعون} وهذا ممّا يجمعون.
وقد أسنده الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ، فرواه عن أبي زرعة الدّمشقيّ، عن حيوة بن شريح، عن بقيّة، فذكره). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 275]