تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أنّ لكلّ نفسٍ ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون}.
يقول تعالى ذكره: ولو أنّ لكلّ نفسٍ كفرت باللّه. وظلمها في هذا الموضع: عبادتها غير من يستحقّ عبادةً وتركها طاعة من يجب عليها طاعته. {ما في الأرض} من قليلٍ أو كثيرٍ، {لافتدت به} يقول: لافتدت بذلك كلّه من عذاب اللّه إذا عاينته.
وقوله: {وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب} يقول: وأخفت رؤساء هؤلاء المشركين من وضعائهم وسفلتهم النّدامة حين أبصروا عذاب اللّه قد أحاط بهم، وأيقنوا أنّه واقعٌ بهم. {وقضي بينهم بالقسط} يقول: وقضى اللّه يومئذٍ بين الأتباع والرّؤساء منهم بالعدل. {وهم لا يظلمون} وذلك أنّه لا يعاقب أحدًا منهم إلاّ بجريرته، ولا يأخذه بذنب أحدٍ، ولا يعذّب إلاّ من قد أعذر إليه في الدّنيا وأنذر وتابع عليه الحجج). [جامع البيان: 12/191-192]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولو أنّ لكلّ نفسٍ ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون (54)
قوله تعالى: ولو أنّ لكلّ نفسٍ ظلمت الآية
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة: عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يقال للكافرين يوم القيامة: أرأيت لو كان ملء الأرض ذهبًا أكنت مفتديًا به قال: فيقول:
نعم قال: فيقول: قد كلّفت ما هو أهون من ذلك قال اللّه لهم جهنم يصلونها فبئس المهاد.
قوله تعالى: لا يظلمون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة: حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وهم لا يظلمون يعني: من أعمالهم فلا ينقص من حسابهم ولا يزاد على سيّئاتهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1956]
تفسير قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألا إنّ للّه ما في السّموات والأرض ألا إنّ وعد اللّه حقٌّ ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}.
يقول جلّ ذكره: ألا إنّ كلّ ما في السّماوات وكلّ ما في الأرض من شيءٍ للّه ملكٌ، لا شيء فيه لأحدٍ سواه. يقول: فليس لهذا الكافر باللّه يومئذٍ شيءٌ يملكه فيفتدي به من عذاب ربه، وإنّما الأشياء كلّها للّذي إليه عقابه، ولو كانت له الأشياء الّتي هي في الأرض، ثمّ افتدى بما لم يقبل منه بدلاً من عذابه فيصرف بها عنه العذاب، فكيف وهو لا شيء له يفتدي به منه، وقد حقّ عليه عذاب اللّه.
يقول اللّه جلّ ثناؤه: {ألا إنّ وعد اللّه حقٌّ} يعني أنّ عذابه الّذي أوعد هؤلاء المشركين على كفرهم حقٌّ، فلا عليهم أن لا يستعجلوا به فإنّه بهم واقعٌ لا شكّ. {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} يقول: ولكنّ أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون حقيقة وقوع ذلك بهم، فهم من أجل جهلهم به مكذّبون). [جامع البيان: 12/192-193]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألا إنّ للّه ما في السّماوات والأرض ألا إنّ وعد اللّه حقٌّ ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (55)
قوله: ألا إن لله ما في السماوات والأرض الآية
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء أبو كريبٍ، ثنا عثمان بن سعيدٍ الزّيّات، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ لا يعلمون يقول: لا يعقلون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1957]
تفسير قوله تعالى: (هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو يحيي ويميت وإليه ترجعون}.
يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه هو المحيي المميت لا يتعذّر عليه فعل ما أراد فعله من إحياء هؤلاء المشركين إذا أراد إحياءهم بعد مماتهم، ولا إماتتهم إذا أراد ذلك، وهم إليه يصيرون بعد مماتهم فيعاينون ما كانوا به مكذّبين من وعيد اللّه وعقابه). [جامع البيان: 12/193]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (هو يحيي ويميت وإليه ترجعون (56)
قوله تعالى: هو يحيي ويميت وإليه ترجعون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق يحيي ويميت: يعجّل ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من ذلك من آجالهم بقدرته). [تفسير القرآن العظيم: 6/1957]