تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصّمّ ولو كانوا لا يعقلون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ومن هؤلاء المشركين من يستمعون إلى قولك. {أفأنت تسمع الصّمّ ولو كانوا لا يعقلون} يقول: أفأنت تخلق لهم السّمع ولو كانوا لا سمع لهم يعقلون به، أم أنا؟
وإنّما هذا إعلامٌ من اللّه عباده أنّ التّوفيق للإيمان به بيده لا إلى أحدٍ سواه، يقول لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: كما أنّك لا تقدر أن تسمع يا محمّد من سلبته السّمع، فكذلك لا تقدر أن تفهم أمري ونهيي قلبًا سلبته فهم ذلك، لأنّي ختمت عليه أنّه لا يؤمن). [جامع البيان: 12/186]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصّمّ ولو كانوا لا يعقلون (42)
قوله تعالى: ومنهم من يستمعون إليك الآية
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ومنهم من يستمعون إليك قال قريشٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1954]
تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون}.
يقول تعالى ذكره: ومن هؤلاء المشركين، مشركي قومك، من ينظر إليك يا محمّد ويرى أعلامك وحججك على نبوّتك، ولكنّ اللّه قد سلبه التّوفيق فلا يهتدي، ولا تقدر أن تهديه، كما لا تقدر أن تحدث للأعمى بصرًا يهتدي به. {أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون} يقول: أفأنت يا محمّد تحدث لهؤلاء الّذين ينظرون إليك وإلى أدلّتك وحججك فلا يوفّقون للتصديق بك أبصارًا لو كانوا عميًا يهتدون بها ويبصرون؟ فكما أنّك لا تطيق ذلك ولا تقدر عليه ولا غيرك، ولا يقدر عليه أحدٌ سواي، فكذلك لا تقدر على أن تبصّرهم سبيل الرّشاد، أنت ولا أحدٌ غيري، لأنّ ذلك بيدي وإليّ.
وهذا من اللّه تعالى ذكره تسليةً لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن جماعةٍ ممّن كفر به من قومه وأدبر عنه فكذّب، وتعزيةً له عنهم، وأمرًا برفع طمعه من إنابتهم إلى الإيمان باللّه). [جامع البيان: 12/186]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون (43)
قوله تعالى: ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي الآية
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: لا يبصرون أي: لا يبصرون الحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1954]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يظلم النّاس شيئًا ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون}.
يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه لا يفعل بخلقه ما لا يستحقّون منه، لا يعاقبهم إلاّ بمعصيتهم إيّاه، ولا يعذّبهم إلاّ بكفرهم به؛ {ولكنّ النّاس} يقول: ولكنّ النّاس هم الّذين يظلمون أنفسهم باجترامهم ما يورثها غضب اللّه وسخطه.
وإنّما هذا إعلامٌ من اللّه تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين به، أنّه لم يسلب هؤلاء الّذين أخبر جلّ ثناؤه عنهم أنّهم لا يؤمنون الإيمان ابتداءً منه بغير جرمٍ سلف منهم، وإخبارٌ أنّه إنّما سلبهم ذلك باستحقاقٍ منهم، سلبه لذنوبٍ اكتسبوها، فحقّ عليهم قول ربّهم، {وطبع على قلوبهم}). [جامع البيان: 12/187]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ اللّه لا يظلم النّاس شيئًا ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون (44)
قوله تعالى: إنّ اللّه لا يظلم النّاس شيئًا الآية
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: أنفسهم يظلمون قال: يضرّون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1954]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 44.
أخرج أبو الشيخ عن مكحول رضي الله عنه في قوله {إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا). [الدر المنثور: 7/663]