العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:32 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يونس [ الآيتين (26) ، (27) ]

تفسير سورة يونس
[ الآيتين (26) ، (27) ]

بسم الله الرحمن الرحيم

{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:33 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سليمان بن المغيرة، قال: أخبرنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قيل: أرأيت قوله: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} [سورة يونس: 26] قال: إن أهل الجنة أعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم، نودوا: يا أهل الجنة، إن الله وعدكم الزيادة فيتجلى لهم، قال ابن أبي ليلى: فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم، وحين صارت الصحف في أيمانهم، وحين جاوزوا جسر جهنم، فأدخلوا الجنة وأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم، كان ذلك لم يكن شيئًا فيما رأوه). [الزهد لابن المبارك: 2/571]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا أبو بكر الهذلي قال: أخبرنا أبو تميمة الهجيمي قال: سمعت أبا موسى الأشعري على منبر البصرة، يقول: إن الله يبعث يوم القيامة ملكًا إلى أهل الجنة، فيقول: هل أنجزكم الله ما وعدكم؟ فينظرون فيرون الحلي، والحلل، والثمار، والأنهار، والأزواج المطهرة، فيقولون: نعم، قد أنجزنا الله ما وعدنا، فيقول الملك: هل أنجزكم ما وعدكم؟ ثلاث مرات، فلا يفقدون شيئًا مما وعدوا فيقولون: نعم، فيقول: بقي لكم شيء، إن الله يقول: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [سورة يونس: 26]، ألا إن الحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى الله). [الزهد لابن المبارك: 2/ 768-769]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيبٌ، عن أبانٍ، عن أبي تميمة الهجيميّ أنّه سمع أبا موسى الأشعريّ يحدث عن رسول الله: إن الله بعث يوم القيامة مناديًا ينادي أهل الجنّة بصوتٍ يسمع أوّلهم وآخرهم: إنّ اللّه وعدكم الحسنى وزيادةً، فالحسنى الجنّة، والزّيادة النّظر إلى وجه الله). [الجامع في علوم القرآن: 1/76]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال الحسنى الجنة والزيادة فيما بلغنا النظر إلى وجه الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/294]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عوف عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله فلا أدري أقال في المنام أم لا وكان منامه وحيا رأيت كأن رجلا شق أحد شدقيه حتى سقط لحيه ويتحول إلى الشق الآخر فيشقه ويلتئم هذا ثم يعود إليه أيضا فيشقه فقلت من هذا قال هو الذي يكذب الكذبة تطير في الآفاق قال رأيت رجلا يرضخ رأسه بحجر فكلما رضخ رضخة ثأت الحجر أو تدأت ثم يعود رأسه فيرضخ قال فقلت من هذا قيل كان ينام عن الصلاة ولا يصلي من الليل شيئا). [تفسير عبد الرزاق: 1/294-295]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني عبد الرحمن بن البيلقاني قال ما من ليلة إلا ينزل ربكم إلى السماء الدنيا وما من سماء إلا وله فيها كرسي فإذا نزل إلى سماء خر أهلها سجودا حتى يرفع فإذا أتى إلى السماء الدنيا تأططت وترعدت من خشية الله وهو باسط يديه يقول من يدعني أجبته ومن يتوب إلي أتوب عليه ومن يستغفرني فأغفر له ومن يسألني فأعطيه ومن يقرض غير عدوم ولا ظلوم). [تفسير عبد الرزاق: 1/295]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أن رسول الله قال إن الله تبارك وتعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الآخر نزل إلى هذه السماء فنادى يقول هل من مذنب يتوب هل من يستغفر هل من داع هل من سائل إلى الفجر). [تفسير عبد الرزاق: 1/295]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/296]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (26) قوله تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصورٍ، عن الحكم، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه - في قوله عزّ وجلّ: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} - قال: الزّيادة: غرفةٌ من لؤلؤة واحدةٍ لها أربعة أبوابٍ، غرفها وأبوابها من لؤلؤة واحدة.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن ليثٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، قال: الزّيادة: النّظر إلى وجه ربّهم عزّ وجلّ.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن علقمة، قال: سئل عن الزّيادة، قال: الحسنة بعشر أمثالها.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: سمعت سفيان، يقول: ليس في تفسير القرآن اختلافٌ، إنّما هو كلامٌ جامعٌ يراد به هذا وهذا). [سنن سعيد بن منصور: 5/310-312]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مسلمٍ، عن حذيفة: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه الله). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 253]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، قال: أخبرنا ثابتٌ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: {لا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ} قال: بعد نظرهم إلى ربّهم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 297]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن ابن سابطٍ {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه الله). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 300]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({للّذين أحسنوا الحسنى} [يونس: 26] : «مثلها حسنى» . {وزيادةٌ} [يونس: 26] : «مغفرةٌ ورضوانٌ» وقال غيره: «النّظر إلى وجهه»). [صحيح البخاري: 6/72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله للّذين أحسنوا الحسنى مثلها حسنى وزيادة مغفرةٍ ورضوانٍ هو قول مجاهدٍ وصله الفريابيّ وعبد وغيرهما من طريق بن أبي نجيحٍ عنه قوله وقال غيره النّظر إلى وجهه ثبت هذا لأبي ذرٍّ وأبي الوقت خاصّةً والمراد بالغير هنا فيما أظنّ قتادة فقد أخرج الطّبريّ من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه قال الحسنى هي الجنّة والزّيادة النّظر إلى وجه الرّحمن وعند عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة الحسنى الجنّة والزّيادة فيما بلغنا النّظر إلى وجه اللّه ولسعيد بن منصورٍ من طريق عبد الرّحمن بن سابطٍ مثله موقوفًا أيضًا ولعبد بن حميدٍ عن الحسن مثله وله عن عكرمة قال للّذين أحسنوا قالوا لا إله إلّا اللّه الحسنى الجنّة وزيادةٌ النّظر إلى وجه اللّه الكريم وقد ورد ذلك في حديثٍ مرفوعٍ أخرجه مسلمٌ والتّرمذيّ وغيرهما من طريق حمّاد بن سلمة عن ثابتٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن صهيبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا دخل أهل الجنّة الجنّة نودوا إنّ لكم عند اللّه وعدًا فيقولون ألم يبيّض وجوهنا ويزحزحنا عن النّار ويدخلنا الجنّة قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فواللّه ما أعطاهم شيئًا هو أحبّ إليهم منه ثمّ قرأ للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال التّرمذيّ إنّما أسنده حمّاد بن سلمة ورواه سليمان بن المغيّرة عن ثابتٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قلت وكذا قال معمرٌ أخرجه عبد الرّزّاق عنه وحمّاد بن زيدٍ عن ثابتٍ أخرجه الطّبريّ وأخرجه أيضًا من طريق أبي موسى الأشعريّ نحوه موقوفًا عليه ومن طريق كعب بن عجرة مرفوعًا قال الزّيادة النّظر إلى وجه الرّبّ ولكن في إسناده ضعف ومن حديث حذيفة موقوفًا مثله ومن طريق أبي إسحاق عن عامر بن سعدٍ عن أبي بكرٍ الصّدّيق مثله وصله قيس بن الرّبيع وإسرائيل عنه ووقفه سفيان وشعبة وشريكٌ على عامر بن سعدٍ وجاء في تفسير الزّيادة أقوالٌ أخر منها قول علقمة والحسن إنّ الزّيادة التّضعيف ومنها قول عليٍّ إنّ الزّيادة غرفةٌ من لؤلؤةٍ واحدةٍ لها أربعة أبوابٍ أخرج جميع ذلك الطّبريّ وأخرج عبد بن حميدٍ رواية حذيفة ورواية أبي بكرٍ من طريق إسرائيل أيضًا وأشار الطّبريّ إلى أنه لا تعارض بين هذه الأقوال لأنّ الزّيادة تحتمل كلًّا منها واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/347]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وفي قوله 26 يونس {للّذين أحسنوا الحسنى} قال مثلها وزيادة مغفرة ورضوان
وأما قول غيره فقد رواه مسلم مرفوعا وذلك فيما قرأت على أم عيسى الأسدية أن علّي بن عمر السواني أخبرهم أنا سبط السلفي أنا جدي لأمي أنا أبو الحسن الربعي وغيره أنا أبو الحسن بن مخلد ثنا إسماعيل الصفار ثنا الحسن ابن عرفة ثنا يزيد بن هارون ثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم إذا دخل أهل الجنّة الجنّة نودوا أن يا أهل الجنّة إن لكم عند الله موعدا لم تروه قال يقولون وما هو ألم تبيض وجوهنا وتزحزحنا عن النّار وتدخلنا الجنّة قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه قال فواللّه ما أعطاهم الله شيئا هو أحب إليهم منه ثمّ قرأ {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة}
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون فوقع لنا بدلا عاليا
ورواه مسلم أيضا والتّرمذيّ والنّسائيّ من طريق عبد الرّحمن بن مهدي عن حمّاد بن سلمة قال التّرمذيّ إنّما أسنده حمّاد بن سلمة
ورواه سليمان بن المغيرة عن ثابت البنانيّ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى
قوله
قلت وكذا رواه موقوفا حمّاد بن زيد ومعمر عن ثابت
أخرجه الطّبريّ من طريق ابن المبارك عنهما من قول عبد الرّحمن بن أبي ليلى
ورواه بسند لا بأس به عن أبي موسى الأشعريّ وحذيفة وغير واحد من التّابعين
ورواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله موقوفا أيضا
ورواه أيضا أبو إسحاق السبيعي عن عامر بن سعد عن أبي بكر الصّديق
قوله
رواه عنه هكذا إسرائيل وغيره
ورواه شعبة والثّوري عن أبي إسحاق فلم يذكروا فيه أبا بكر والله أعلم). [تغليق التعليق: 4/222-224]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({للّذين أحسنوا الحسنى} مثلها حسنى {وزيادةٌ ورضوانٌ}
أشار به إلى قوله تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر} (يونس: 26) . الآية، والّذي ذكره قول مجاهد وصله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه، وكذا روي عن ابن عبّاس: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا منجاب بن الحارث أخبرنا بشر عن أبي روق عن الضّحّاك عن ابن عبّاس، قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى} قال الزّمخشريّ: أي: المثوبة، وقال غيره: الحسنى قول لا إل هـ إلاّ الله. قوله: (مثلها حسنى) أي: مثل تلك الحسنى حسنى أخرى مثلها تفضلاً وكرماً، كما في قوله تعالى: {ويزيدهم من فضله} (النّساء: 173) وفسّر الزّيادة بقوله: {مغفرة ورضوان} (فاطر: 30، الشورى: 26) ، وعن الحسن: أن الزّيادة التّضعيف، وعن عليّ: الزّيادة غرفة من لؤلؤ واحدة لها أربعة أبواب، أخرجه الطّبريّ.
وقال غيره النّظر إلى وجهه
هذا لم يثبت إلاّ لأبي ذر وأبي الوقت خاصّة وقال بعضهم: المراد بالغير فيما أظن قتادة، وقال صاحب (التشريح) : يعني غير مجاهد، قلت: الأصوب هذا المذكور فيما قبله قول مجاهد فيكون هذا قول غيره، والّذي اعتمد عليه بعضهم فيما قاله على ما أخرج الطّبريّ من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قال: الحسنى هي جنّة، والزّيادة النّظر إلى وجه الرّحمن، وذالا يدل على ما اعتمده على ما لا يخفى). [عمدة القاري: 18/285]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({للذين أحسنوا الحسنى}) [يونس: 26] قال مجاهد فيما وصله الفريابي وعد أي (مثلها حسنى {وزيادة}) أي (مغفرة) ولأبوي الوقت وذر ورضوان (وقال غيره): قيل هو أبو قتادة (النظر إلى وجهه) تعالى. وقد رواه مسلم والترمذي وغيرهما من حديث صهيب مرفوعًا وروي عن الصديق وحذيفة وابن عباس وغيرهم من السلف والخلف). [إرشاد الساري: 7/165]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قول الله عزّ وجلّ: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: إذا دخل أهل الجنّة الجنّة نادى منادٍ: إنّ لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكموه، قالوا: ألم يبيّض وجوهنا وينجنا من النّار ويدخلنا الجنّة؟ قال: فيكشف الحجاب قال: فواللّه ما أعطاهم اللّه شيئًا أحبّ إليهم من النّظر إليه.
حديث حمّاد بن سلمة هكذا روى غير واحدٍ عن حمّاد بن سلمة مرفوعًا وروى سليمان بن المغيرة، هذا الحديث عن ثابتٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قوله، ولم يذكر فيه عن صهيبٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [سنن الترمذي: 5/137]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى}
- أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا عفّان بن مسلمٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا ثابتٌ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ، قال: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} [يونس: 26] قال: " إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، نادى منادٍ: يا أهل الجنّة، إنّ لكم عند ربّكم موعدًا يريد أن ينجزكموه، قالوا: ألم يبيّض وجوهنا، ويثقّل موازيننا، ويدخلنا الجنّة، ويجرنا من النّار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحبّ إليهم من النّظر إليه، ولا أقرّ لأعينهم"). [السنن الكبرى للنسائي: 10/123]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ}.
يقول تعالى ذكره: للّذين أحسنوا عبادة اللّه في الدّنيا من خلقه فأطاعوه فيما أمر ونهى {الحسنى}.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في معنى الحسنى والزّيادة اللّتين وعدهما المحسنين من خلقه. فقال بعضهم: الحسنى: هي الجنّة، جعلها اللّه للمحسنين من خلقه جزاءً، والزّيادة عليها النّظر إلى اللّه تعالى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعدٍ، عن أبي بكرٍ الصّدّيق، {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه ربّهم.
- حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن، عن قبسٍ، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعدٍ، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكرٍ: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه اللّه تعالى.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعدٍ، {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه ربّهم.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعدٍ، قال: في هذه الآية: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: الزّيادة: النّظر إلى وجه الرّحمن.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذيرٍ، عن حذيفة، {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه ربّهم.
- حدّثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، قال: سمعت أبا إسحاق، يقول في قول اللّه: {وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه الرّحمن.
- حدّثني عليّ بن عيسى، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الهذليّ، قال: سمعت أبا تميمة الهجيميّ، يحدّث عن أبي موسى الأشعريّ، قال: إذا كان يوم القيامة بعث اللّه إلى أهل الجنّة مناديًا ينادي: هل أنجزكم اللّه ما وعدكم؟ فينظرون إلى ما أعدّ اللّه لهم من الكرامة، فيقولون: نعم، فيقول: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} النّظر إلى وجه الرّحمن.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن أبي بكرٍ الهذليّ، قال: أخبرنا أبو تميمة الهجيميّ، قال: سمعت أبا موسى الأشعريّ يخطب على منبر البصرة يقول: إنّ اللّه يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنّة، فيقول: يا أهل الجنّة هل أنجزكم اللّه ما وعدكم؟ فينظرون إلى ما أعدّ اللّه لهم من الكرامة، فيرون الحليّ والحلل والثّمار والأنهار والأزواج المطهرة، فيقولون: نعم، قد أنجزنا اللّه ما وعدنا. ثمّ يقول الملك: هل أنجزكم اللّه ما وعدكم؟ ثلاث مرّاتٍ، فلا يفقدون شيئًا ممّا وعدوا، فيقولون: نعم، فيقول: قد بقي لكم شيءٌ، إنّ اللّه يقول: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} ألا إنّ الحسنى الجنّة، والزّيادة: النّظر إلى وجه اللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني شبيبٌ، عن أبان، عن أبي تميمة الهجيميّ، أنّه سمع أبا موسى الأشعريّ، يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه يبعث يوم القيامة مناديًا ينادي أهل الجنّة بصوتٍ يسمع أوّلهم وآخرهم: إنّ اللّه وعدكم الحسنى وزيادةً، فالحسنى الجنّة، والزّيادة النّظر إلى وجه الرّحمن.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن ثابتٍ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه ربّهم. وقرأ: {ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ} قال: بعد النّظر إلى وجه ربّهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، قال: أخبرنا ثابتٌ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قوله: {وزيادةٌ} قال: قيل له: أرأيت قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: إنّ أهل الجنّة إذا دخلوا الجنّة فأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنّعيم قال: نودوا يا أهل الجنّة إنّ اللّه قد وعدكم الزّيادة، فيتجلّى لهم. قال ابن أبي ليلى: فما ظنّك بهم حين ثقلت موازينهم، وحين صارت الصّحف في أيمانهم، وحين جاوزوا جسر جهنّم ودخلوا الجنّة، وأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنّعيم؟ كلّ ذلك لم يكن شيئًا فيما رأوا.
- قال: حدّثنا ابن المبارك، عن معمرٍ وسليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه ربّهم.
- قال: حدّثنا الحجّاج، ومعلّى بن أسدٍ، قالا: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن ثابتٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، قال لهم: إنّه قد بقي من حقّكم شيءٌ لم تعطوه. قال: فيتجلّى لهم تبارك وتعالى. قال: فيصغر عندكم كلّ شيءٍ أعطوه. قال: ثمّ قال: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: الحسنى: الجنّة، والزّيادة: النّظر إلى وجه ربّهم، ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ بعد ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ثابتٍ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} النّظر إلى وجه اللّه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا هوذة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قول اللّه: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} النّظر إلى الرّبّ.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، ومحمّد بن بشّارٍ، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار، نودوا: يا أهل الجنّة، إنّ لكم عند اللّه موعدًا قالوا: ما هو؟ ألم تبيّض وجوهنا، وتثقّل موازيننا، وتدخلنا الجنّة، وتنجّنا من النّار؟ فيكشف الحجاب، فيتجلّى لهم؛ فواللّه ما أعطاهم شيئًا أحبّ إليهم من النّظر إليه.
ولفظ الحديث لعمرٍو.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ، قال: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، نادى منادٍ: يا أهل الجنّة، إنّ لكم عند اللّه موعدًا يريد أن ينجزكموه فيقولون: وما هو؟ ألم يثقّل اللّه موازيننا، ويبيّض وجوهنا؟ ثمّ ذكر سائر الحديث نحو حديث عمرو بن عليٍّ وابن بشّارٍ، عن عبد الرّحمن.
- قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه عنه: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه اللّه تبارك وتعالى.
- قال: حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} بلغنا أنّ المؤمنين لمّا دخلوا الجنّة ناداهم منادٍ: إنّ اللّه وعدكم الحسنى وهي الجنّة وأمّا الزّيادة: فالنّظر إلى وجه الرّحمن.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن المختار، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن كعب بن عجرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: الزّيادة: النّظر إلى وجه الرّحمن تبارك وتعالى.
- قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، قال: الحسنى: النّضرة، والزّيادة: النّظر إلى وجه اللّه تعالى.
- حدّثنا ابن البرقيّ، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت زهيرًا، عمّن سمع أبا العالية، قال: حدّثنا أبيّ بن كعبٍ، أنّه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قول اللّه تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: الحسنى: الجنّة، والزّيادة: النّظر إلى وجه اللّه.
وقال آخرون في الزّيادة بما:
- حدّثنا به، يحيى بن طلحة، قال: حدّثنا فضيل بن عياضٍ، عن منصورٍ، عن الحكم، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: الزّيادة: غرفةٌ من لؤلؤةٍ واحدةٍ لها أربعة أبوابٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن منصورٍ، عن الحكم، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، نحوه، إلاّ أنّه قال: فيها أربعة أبوابٍ.
- قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن الحكم بن عتيبة، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، مثل حديث يحيى بن طلحة، عن فضيل سواءً.
وقال آخرون: الحسنى واحدةٌ من الحسنات بواحدةٍ. والزّيادة: التّضعيف إلى تمام العشر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: هو مثل قوله: {ولدينا مزيدٌ} [ق] يقول: يجزيهم بعملهم ويزيدهم من فضله، وقال: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلاّ مثلها وهم لا يظلمون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عن علقمة بن قيسٍ، {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: قلت: هذه الحسنى، فما الزّيادة؟ قال: ألم تر أنّ اللّه يقول: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول في هذه الآية: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: الزّيادة: بالحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعفٍ.
وقال آخرون: الحسنى: حسنةٌ مثل حسنةٍ. والزّيادة: زيادةٌ مغفرةٌ من اللّه ورضوانٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {للّذين أحسنوا الحسنى} مثلها حسنى وزيادةٌ مغفرةٌ ورضوانٌ.
وقال آخرون: الزّيادة ما أعطوا في الدّنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: الحسنى: الجنّة، وزيادةٌ: ما أعطاهم في الدّنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة. وقرأ {وآتيناه أجره في الدّنيا} قال: ما آتاه ممّا يحبّ في الدّنيا عجّل له أجره فيها.
وكان ابن عبّاسٍ يقول في قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى} بما:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى} يقول: للّذين شهدوا أن لا إله إلاّ اللّه.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنّة، وأن تبيضّ وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزّيادة عليها، ومن الزّيادة على إدخالهم الجنّة أن يكرمهم بالنّظر إليه، وأن يعطيهم غرفًا من لآلئٍ، وأن يزيدهم غفرانًا ورضوانًا؛ كلّ ذلك من زيادات عطاء اللّه إيّاهم على الحسنى الّتي جعلها اللّه لأهل جنّاته. وعمّ ربّنا جلّ ثناؤه بقوله: {وزيادةٌ} الزّيادات على الحسنى، فلم يخصّص منها شيئًا دون شيءٍ، وغير مستنكرٍ من فضل اللّه أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كلّه مجموعٌ لهم إن شاء اللّه. فأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يعمّ كما عمّه عزّ ذكره.

القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ} لا يغشى وجوههم كآبةٌ ولا كسوفٌ حتّى تصير من الحزن كأنّما علاها قترٌ. والقتر: الغبار وهو جمع قترةٌ، ومنه قول الشّاعر:
متوّجٌ برداء الملك يتبعه = موجٌ ترى فوقه الرّايات والقترا
يعني بالقتر: الغبار.
{ولا ذلّةٌ} ولا هوانٌ. {أولئك أصحاب الجنّة} يقول هؤلاء الّذين وصفت صفتهم هم أهل الجنّة وسكّانها ومن {هم فيها خالدون} يقول هم فيها ماكثون أبدًا لا تبيد فيخافوا زوال نعيمهم، ولا هم بمخرجين فتتنغّص عليهم لذّتهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
وكان ابن أبي ليلى يقول في قوله: {ولا يرهق وجوههم قترٌ} ما:
- حدّثنا محمّد بن منصور الطّوسيّ، قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن ثابتٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى: {ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ} قال بعضٌ: نظرهم إلى ربّهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج ومعلّى بن أسدٍ، قالا: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن ثابتٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، بنحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا يرهق وجوههم قترٌ} قال: سواد الوجوه). [جامع البيان: 12/155-166]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون (26)
قوله تعالى: للذين أحسنوا
[الوجه الأول]
- حدثنا أبي، ثنا محمد بن المصفا ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا زهير بن محمّدٍ عمّن سمع أبا العالية، عن أبيّ بن كعبٍ قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قول اللّه: الذين أحسنوا قال: أهل التّوحيد.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: للّذين أحسنوا قال: الّذين شهدوا أن لا إله إلا اللّه وروي عن سعيد بن المسيّب وعكرمة مثل ذلك.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا الحارث بن مسكّينٍ، ثنا إبراهيم بن أبي مليح، عن داوود بن أبي زنبرٍ عن مالك بن أنسٍ عن يحيى بن سعيدٍ عن سعيد بن المسيّب، في قول اللّه تعالى: للّذين أحسنوا قال: أحسنوا عبادة ربّهم.
قوله تعالى: الحسنى
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ الدّمشقيّ، ثنا الوليد بن مسلمٍ، ثنا زهير بن محمّدٍ، حدّثني من سمع أبا العالية الرّياحيّ يحدّث عن أبيّ بن كعبٍ سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الزّيادتين في كتاب اللّه للّذين أحسنوا الحسنى قال: الحسنى: الجنّة. وروي عن أبي موسى الأشعريّ وسعيد بن المسيّب وعبد الرّحمن بن أبي ليلى والحسن وقتادة والضّحّاك، وعكرمة مثل ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: للّذين أحسنوا الحسنى قال: الحسنى مثلها.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: للّذين أحسنوا الحسنى قال: الحسنى: الجنّة.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة أنبأ جريرٌ عن ليثٍ عن ابن سابطٍ، في قوله: للّذين أحسنوا الحسنى قال: الحسنى: النّضرة.
قوله تعالى: وزيادة
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحسن بن عرفة العبديّ، ثنا يزيد بن مروان، ثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت البنانيّ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا دخل أهل الجنّة الجنّة نودوا يا أهل الجنّة إنّ لكم عند اللّه موعودًا لم تروه قال: فيقولون: وما هو؟ ألم يبيّض وجوهنا، ويزحزحنا عن النّار ويدخلنا الجنّة قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه تبارك وتعالى فو الله ما أعطاهم اللّه شيئًا هو أحبّ إليهم منه ثمّ قرأ للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ
- حدّثنا أبي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا أبو بكرٍ الهذليّ، ثنا أبو تميمة قال سمعت أبا موسى الأشعريّ يخطب فتلا هذه الآية: للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ قال الحسنى الجنّة والزّيادة النّظر وإذا أدخلوا الجنّة فنظروا إلى الخلل فسألوا اللّه الزّيادة فيقول: لكم عندي الزّيادة النّظر إلى وجهي
، قال أبو محمّدٍ وروي عن أبي بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه عنه وحذيفة بن اليمان وابن عبّاسٍ وعبد الرّحمن بن أبي ليلى وعبد الرّحمن بن سابطٍ وعكرمة وعامر بن سعيدٍ والحسن ومجاهدٍ وقتادة وأبي إسحاق والضّحّاك وأبي سنانٍ والسّدّيّ: إنّ الزّيادة النّظر إلى وجه اللّه عزّ وجلّ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا عمر بن أبي قيسٍ، عن منصورٍ عن الحكم عن عليّ بن أبي طالبٍ، في قول اللّه: للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ قال: فالزّيادة غرفة لؤلؤٍ فيها أربعة أبوابٍ.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: للّذين أحسنوا الحسنى قال: الحسنى: مثلها وزيادةٌ مغفرةٌ ورضوانٌ.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة ثنا عبيد بن يعيش، ثنا محمد ابن الصّلت، عن قيسٍ عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن علقمة بن قيسٍ، في قوله: وزيادةٌ قال: الزّيادة: العشر من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
الوجه الخامس:
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ قال: الزّيادة: ما أعطاهم اللّه في الدّنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة.
قوله تعالى: ولا يرهق وجوههم قتر
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ، ثنا حجّاجٌ، ثنا ابن جريجٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ عن ابن عباس لا يرهق وجوههم قترٌ قال: سوّاد الوجه وروي عن السّدّيّ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي أميّة بن بسطامٍ الأزديّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن روح بن القسم، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: قتر قال: خزي.
قوله تعالى: ولا ذلّةٌ
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبدة، ثنا حمّاد بن زيدٍ، ثنا ثابتٌ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى أنّه تلا هذه الآية: ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ بعد نظرهم إلى ربّهم تبارك وتعالى.
قوله تعالى: أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون
- حدّثنا محمّد بن يحيى أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق، حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون أي من آمن بما كفرتم وعمل بما نزّله من دينه فلهم الجنّة خالدين فيها يخبرهم أنّ الثّواب بالخير والشّرّ مقيمٌ على أهله أبدًا لا انقطاع له). [تفسير القرآن العظيم: 6/1944-1946]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الحسنى مثلها حسنى والزيادة مغفرة ورضوان). [تفسير مجاهد: 293]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحارث: حدثنا داود بن (الح بّر)، ثنا عبّاد بن كثيرٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وعن رجلٍ عن (عبد اللّه) بن عمرٍو رضي الله عنهما، قالا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من كبّر تكبيرةً في سبيل اللّه تعالى، فذكر الحديث، وقد سبق في فضل الجهاد، قال: فينظر إلى ذي الجلال والإكرام بكرةً ومساءً، كما ترون الشّمس لا تشكّون في رؤيتها، وله من الكرامة والنّعيم كما قال اللّه (سبحانه و) تعالى: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ}.
وقال: الذين أحسنوا: (الّذين) قالوا: لا إله إلّا اللّه.
والحسنى: الجنّة، والزّيادة: النّظر إلى وجه اللّه تعالى). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/720]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 26.
أخرج الطيالسي وهناد وأحمد ومسلم والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والدارقطني في الرؤية، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: وما هو ألم تثقل موازيننا وتبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة وتزحزحنا عن النار
وقال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم
وأخرج الدارقطني، وابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه في الآية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الزيادة: النظر إلى وجه الله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والدارقطني في الرؤية، وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي: يا أهل الجنة - بصوت يسمعه أولهم وآخرهم - إن الله وعدكم الحسنى وزيادة فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه واللالكائي في السنة والبيهقي في كتاب الرؤية عن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: الزيادة: النظر إلى وجه الرحمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والدارقطني، وابن مردويه واللالكائي والبيهقي في كتاب الرؤية عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: الذين أحسنوا أهل التوحيد والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال أحسنوا شهادة أن لا إله إلا الله والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى الله.
وأخرج أبو الشيخ، وابن منده في الرد على الجهمية والدارقطني في الرؤية، وابن مردويه واللالكائي والخطيب، وابن النجار عن أنس رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} فقال: للذين أحسنوا العمل في الدنيا لهم الحسنى وهي الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: ينظرون إلى ربهم بلا كيفية ولا حدود ولا صفة معلومة.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كبر على سيف البحر تكبيرة رافعا بها صوته لا يلتمس بها رياء ولا سمعة كتب الله له رضوانه الأكبر ومن كتب له رضوانه الأكبر جمع بينه وبين محمد وإبراهيم عليهما السلام في داره ينظرون إلى ربهم في جنة عدن كما ينظر أهل الدنيا إلى الشمس والقمر في يوم لا غيم فيه ولا سحابة وذلك قوله {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} فالحسنى لا إله إلا الله والزيادة الجنة والنظر إلى الرب.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن خزيمة، وابن المنذر وأبو الشيخ والدارقطني، وابن منده في الرد على الجهمية، وابن مردويه واللالكائي والآجري والبيهقي كلاهما في الرؤية عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قوله {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله.
وأخرج ابن مردويه من طريق الحرث عن علي رضي الله عنه في قوله {للذين أحسنوا الحسنى} قال: يعني الجنة والزيادة يعني النظر إلى الله تعالى.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والدارقطني واللالكائي والآجري والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه في الآية قال: والزيادة النظر إلى وجه ربهم.
وأخرج هناد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والدارقطني واللالكائي والبيهقي عن أبي موسى الأشعري في الآية قال: الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه ربه.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما {للذين أحسنوا الحسنى} قال: قول لا إله إلا الله والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجهه الكريم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما {للذين أحسنوا} قال: الذين شهدوا أن لا إله إلا الله الحسنى: الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم واللالكائي عن ابن مسعود رضي الله عنه في الآية قال: أما الحسنى فالجنة وأما الزيادة فالنظر إلى وجه الله وأما القتر فالسواد
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الرؤية من طريق الحكم بن عتيبة عن علي رضي الله عنه في الآية قال: الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب غرفها وأبوابها من لؤلؤة واحدة.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {للذين أحسنوا} قال: شهادة أن لا إله إلا الله {الحسنى} قال: الجنة {وزيادة} قال: النظر إلى وجه الله.
وأخرج ابن جرير والدارقطني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه في قوله {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة أعطوا منها ما شاؤوا ثم يقال لهم: إنه قد بقي من حقكم شيء لم تعطوه فيتجلى الله تعالى لهم فيصغر ما أعطوا عند ذلك ثم تلا {للذين أحسنوا الحسنى} قال: الجنة {وزيادة} نظرهم إلى ربهم عز وجل.
وأخرج ابن جرير والدارقطني عن عامر بن سعد البجلي رضي الله عنه في قوله {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: النظر إلى وجه الله.
وأخرج الدارقطني عن السدي رضي الله عنه في قوله {للذين أحسنوا الحسنى} قال: الجنة {وزيادة} قال: النظر إلى وجه الرب عز وجل.
وأخرج الدارقطني عن الضحاك رضي الله عنه قال: الزيادة النظر إلى وجه الله
وأخرج ابن جرير والدارقطني عن عبد الرحمن بن سابط قال: الزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل.
وأخرج ابن جرير والدارقطني عن أبي إسحاق السبيعي رضي الله عنه في قوله {للذين أحسنوا الحسنى} قال: الجنة {وزيادة} قال: النظر إلى وجه الرحمن عز وجل.
وأخرج ابن جرير والدارقطني عن قتادة رضي الله عنه قال: ينادي المنادي يوم القيامة إن الله وعد الحسنى وهي الجنة فأما الزيادة فهي النظر إلى وجه الرحمن، قال: فيتجلى لهم حتى ينظروا إليه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: هو مثل قوله (ولدينا مزيد) (ق الآية 35) يقول: يجزيهم بعملهم ويزيدهم من فضله وقال (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (الأنعام الآية 160).
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {للذين أحسنوا الحسنى} قال: مثلها، قال {وزيادة} قال: مغفرة ورضوان.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علقمة بن قيس رضي الله عنه في الآية قال: الزيادة العشر (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (الأنعام الآية 160).
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال: الزيادة الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال: الزيادة ما أعطالهم في الدنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر والبيهقي في الرؤية عن سفيان رضي الله عنه قال: ليس في تفسير القرآن اختلاف إنما هو كلام جامع يراد به هذا وهذا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا يرهق وجوههم} قال: لا يغشاهم {قتر} قال: سواد الوجوه.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه في الآية قال: القتر سواد الوجه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا يرهق وجوههم قتر} قال: خزي.
وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: {ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة} قال: بعد نظرهم إلى الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والدارقطني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه في قوله {ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة} قال: بعد نظرهم إلى ربهم). [الدر المنثور: 7/651-659]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى قطعا من الليل مظلما قال ظلمة من الليل). [تفسير عبد الرزاق: 1/296]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ بمثلها وترهقهم ذلّةٌ ما لهم من اللّه من عاصمٍ}.
يقول تعالى ذكره: والّذين عملوا السّيّئات في الدّنيا، فعصوا اللّه فيها، وكفروا به وبرسوله، جزاء سيّئةٍ من عمله السّيّئ الّذي عمله في الدّنيا بمثلها من عقاب اللّه في الآخرة. {وترهقهم ذلّةٌ} يقول: وتغشاهم ذلّةٌ وهوانٌ بعقاب اللّه إيّاهم. {ما لهم من اللّه من عاصمٍ} يقول: ما لهم من اللّه من مانعٍ يمنعهم إذا عاقبهم يحول بينه وبينهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وترهقهم ذلّةٌ} قال: تغشاهم ذلّةٌ وشدّةٌ.
واختلف أهل العربيّة في الرّافع للجزاء، فقال بعض نحويّي الكوفة: رفع بإضمار لهم، كأنّه قيل: ولهم جزاء السّيّئة بمثلها، كما قال: {فصيام ثلاثة أيّامٍ في الحجّ} والمعنى: فعليه صيام ثلاثة أيّامٍ. قال: وإن شئت رفعت الجزاء بالباء في قوله: {جزاء سيّئةٍ بمثلها}.
وقال بعض نحويّي البصرة: الجزاء مرفوعٌ بالابتداء: وخبره بمثلها. قال: ومعنى الكلام: جزاء سيّئةٍ مثلها، وزيدت الباء كما زيدت في قوله: بحسبك قول السّوء. وقد أنكر ذلك من قول بعضهم فقال: يجوز أن تكون الباء في حسب زائدةً، لأنّ التّأويل: إن قلت السّوء فهو حسبك، فلمّا لم تدخل في الجزاء أدخلت في حسب بحسبك أن تقوم إن قمت فهو حسبك، فإن مدح ما بعد حسب أدخلت الباء فيما بعدها كقولك: حسبك بزيدٍ، ولا يجوز: بحسبك زيدٌ، لأنّ زيدًا الممدوح، فليس بتأويل جزاءٍ.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يكون الجزاء مرفوعًا بإضمارٍ بمعنى: فلهم جزاء سيّئةٍ بمثلها؛ لأنّ اللّه قال في الآية الّتي قبلها: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} فوصف ما أعدّ لأوليائه، ثمّ عقّب ذلك بالخبر عمّا أعدّ اللّه لأعدائه، فأشبه بالكلام أن يقال: وللّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ. وإذا وجّه ذلك إلى هذا المعنى كانت الباء للجزاء.

القول في تأويل قوله تعالى: {كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل مظلمًا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}.
يقول تعالى ذكره: كأنّما ألبست وجوه هؤلاء الّذين كسبوا السّيّئات قطعًا من اللّيل، وهي جمع قطعةٍ.
وكان قتادة يقول في تأويل ذلك ما:
- حدّثنا به، محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل مظلمًا} قال: ظلمةٌ من اللّيل.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله تعالى: {قطعًا} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار: {قطعًا} بفتح الطّاء على معنى جمع قطعةٍ، وعلى معنى أنّ تأويل ذلك: كأنّما أغشيت وجه كلّ إنسانٍ منهم قطعةً من سوّاد اللّيل، ثمّ جمع ذلك فقيل: كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من سوّادٍ، إذ جمع الوجه.
وقرأه بعض متأخري القرّاء: قطعًا بسكون الطّاء، بمعنى: كأنّما أغشيت وجوههم سوادًا من اللّيل، وبقيّةً من اللّيل، ساعةً منه، كما قال: {فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل} أي ببقيّةٍ قد بقيت منه، ويعتلّ لتصحيح قراءته ذلك كذلك أنّه في مصحف أبيّ: ويغشى وجوههم قطعٌ من اللّيل مظلمٌ.
والقراءة الّتي لا يجوز خلافها عندي قراءة ذلك بفتح الطّاء، لإجماع الحجّة من قرّاء الأمصار على تصويبها، وشذوذ ما عداها. وحسب الأخرى دلالةٌ على فسادها، خروج قارئها عمّا عليه قرّاء أهل الأمصار والإسلام.
فإن قال لنا قائلٌ: فإن كان الصّواب في قراءة ذلك ما قلت، فما وجه تذكير المظلم وتوحيده، وهو من نعت القطع، والقطع جمعٌ لمؤنّثٍ؟
قيل في تذكيره ذلك وجهان: أحدهما: أن يكون قطعًا من اللّيل، وأن يكون من نعت اللّيل، فلمّا كان نكرةً، واللّيل معرفةً نصب على القطع. فيكون معنى الكلام حينئذٍ: كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل المظلم، ثمّ حذفت الألف واللاّم من المظلم، فلمّا صار نكرةً، وهو من نعت اللّيل نصب على القطع؛ وتسمّي أهل البصرة ما كان كذلك حالاً، والكوفيّون قطعًا.
والوجه الآخر على نحو قول الشّاعر:
لو أنّ مدحة حيٍّ منشرٌ أحدًا
والوجه الأوّل أحسن وجهيه.
وقوله: {أولئك أصحاب النّار} يقول: هؤلاء الّذين وصفت لك صفتهم أهل النّار الّذين هم أهلها، {هم فيها خالدون} يقول: هم فيها ماكثون). [جامع البيان: 12/166-170]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ بمثلها وترهقهم ذلّةٌ ما لهم من اللّه من عاصمٍ كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل مظلمًا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (27)
قوله تعالى: والّذين كسبوا السّيّئات الآية
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: سيّئةٍ قال: الشّرّ.
قوله تعالى: وترهقهم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ما لهم من اللّه من عاصمٍ: من شافعٍ.
قوله تعالى: كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل مظلمًا
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ عن قتادة كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل مظلما قال: ظلمةٌ من اللّيل.
قوله تعالى: أولئك أصحاب النّار
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: أولئك أصحاب النّار فهم أصحاب النّار يعذّبون فيها.
قوله تعالى: هم فيها خالدون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة عن ابن عبّاسٍ قوله: هم فيها خالدون أي خالدًا أبدًا). [تفسير القرآن العظيم: 6/1947]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 27
أخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {والذين كسبوا السيئات} قال: الذين عملوا الكبائر {جزاء سيئة بمثلها} قال: النار {وترهقهم ذلة} قال: الذل {كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما} والقطع السواد نسخها الآية في البقرة (بلى من كسب سيئة) (البقرة الآية 81) الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وترهقهم ذلة} قال: يغشاهم ذلة وشدة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنهما {ما لهم من الله من عاصم} يقول: من مانع.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ما لهم من الله من عاصم} قال: من نصير {كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل} قال: ظلمة من الليل). [الدر المنثور: 7/659-660]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:35 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {للّذين أحسنوا الحسنى...}
في موضع رفع. يقال إن الحسنى الحسنة.{وزيادة} ... حدثني أبو الأحوص سلاّم بن سليم عن أبي إسحاق السبيعيّ عن رجل عن أبي بكر الصدّيق رحمه الله قال: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة: النظر إلى وجه الرب تبارك وتعالى. ويقال {للذين أحسنوا الحسنى} يريد حسنة مثل حسناتهم {وزيادة} زيادة التضعيف كقوله: {فله عشر أمثالها} ). [معاني القرآن: 1/461]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ} يرهق: أي يغشى، والقتر جميع قترة، وفي القرآن: {ترهقها قترةٌ} [80: 41]، وهو الغبار قال الأخطل:

يعلو القناطر يبنيها ويهدمها.=.. مسوّماً فوقه الرايات والقتر
وقال الفرزدق:
متوّجٌ برداء الملك يتبعه.=.. موجٌ ترى فوقه الرايات والفترا
). [مجاز القرآن: 1/277]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لّلّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون}
وقال: {ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ} لأنه من "رهق" "يرهق" "رهقاً"). [معاني القرآن: 2/33]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة}.
الحسن "قتر ولا ذلة" يسكن التاء.
والقترة الظلمة مع الغبار؛ ويقال: قد أقتر في الشواء إقتارًا؛ كأنه دخن فيه، جعله كالسواد والظلمة.
وقال أبو ذؤيب:
وكأن سفودين لما يقترا = عجلا له بشواء شرب ينزع
[معاني القرآن لقطرب: 656]
وقد روي "يقترا" بفتح الياء). [معاني القرآن لقطرب: 657]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يرهق وجوههم قتر}: يغشى و{القتر} الغبار). [غريب القرآن وتفسيره: 170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {للّذين أحسنوا الحسنى} أي المثل.
{وزيادةٌ}: التّضعيف حتى تكون عشرا، أو سبعمائة، وما شاء اللّه. يدل على ذلك قوله: {والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ بمثلها}.
{ولا يرهق وجوههم قترٌ} أي لا يغشاها غبار. وكذلك القترة). [تفسير غريب القرآن:195- 196]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلّة أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون}
الحسنى الجنة، و{زيادة} في التفسير النظر إلى وجه اللّه - جلّ وعزّ.
ويجوز أن تكون الزيادة تضعيف الحسنات لأنه قال - جلّ وعزّ:
{من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}.
والقول في النظر إلى وجه الله كثير في التفسير وهو مرويّ بالأسانيد الصحاح)، لا يشك في ذلك.
{ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلّة}.
{القتر}: الغبرة التي فيها سواد، {ولا يرهق} لا يغشى). [معاني القرآن: 3/15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}
قال أبو جعفر الذي عليه أهل الحديث أن الحسنى
الجنة والزيادة النظر إلى الله جل اسمه حدثنا الحسين بن عمر قال نا هناد قال نا وكيع عن أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي موسى في قول الله تعالى:
{للذين أحسنوا الحسنى} قال الجنة {وزيادة} قال النظر إلى الله جل وعز
حدثنا الحسين قال نا هناد قال نا قبيصة قال نا حماد بن سلمة وقرئ على ابن بنت منيع عن هدبة بن خالد قال نا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة فقال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون وما هو ألم يثقل الله موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة وينجنا من النار فيكشف عن الحجاب ويتجلى فينظرون إليه جل وعز قال فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة
قال أبو جعفر وفي حديث ابن بنت منيع ويجرنا وفي
حديثه فينظرون إلى الله جل وعز
ثم قال جل وعز: {ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة}
قال ابن عباس القتر سواد الوجوه
وقال غيره القتر جمع قترة وهي الغبرة
ومعنى يرهق يغشى والذلة الهوان
وفي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة قال بعد نظرهم إلى ربهم
والعاصم المانع). [معاني القرآن: 3/288-290]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة} يرهق: يغشى، والقتر: الغبار، والذلة: الذل، فهذه من صفة الكفار، وقد عدلت هذه الصفة عن المؤمنين، فوجوههم نضرة). [ياقوتة الصراط: 255]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلاَ يَرْهَقُ} أي يغشى.
{قَتَرٌ} أي غبار يعلوه سواد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 102]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَرْهَقُ}: يغش
{القَتَرٌ}: الغبار). [العمدة في غريب القرآن: 152]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ بمثلها...}
رفعت الجزاء بإضمار {لهم} كأنك قلت: فلهم جزاء السيئة بمثلها؛ كما قال {ففدية من صيامٍ} و{فصيام ثلاثة أيام في الحج} والمعنى: فعليه صيام ثلاثة أيام، وعليه فدية.
وإن شئت رفعت الجزاء بالباء في قوله: {جزاء سيّئةٍ بمثلها} والأوّل أعجب إليّ.
وقوله: {كأنّما أغشيت وجوههم قطعاً} و{قطعا}. والقطع قراءة العامّة. وهي في مصحف أبي {كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم} فهذه حجة لمن قرأ بالتخفيف.
وإن شئت جعلت المظلم وأنت تقول قطع قطعا من الليل، وإن شئت جعلت المظلم نعتا للقطع، فإذا قلت قطعا كان قطعا من الليل خاصة.
والقطع ظلمة آخر الليل {فأسر بأهلك بقطع من الليل} ). [معاني القرآن: 1/461-462]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قطعاً من اللّيل مظلماً} إذا أسكنت الطاء فمعناه بعضاً من الليل، والجميع: أقطاع من الليل، أي ساعات من الليل،
يقال: أتيته بقطع من الليل؛ وهو في آية أخرى: {بقطعٍ من اللّيل}. ومن فتح الطاء فإنه يجعلها جميع قطعة والمعنيان واحد.
ويجعل مظلماً من صفة الليل وينصبها على الحال وعلى أنها نكرة وصفت به معرفة). [مجاز القرآن: 1/278]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ بمثلها وترهقهم ذلّةٌ مّا لهم مّن اللّه من عاصمٍ كأنّما أغشيت وجوههم قطعاً مّن اللّيل مظلماً أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}
وقال: {جزاء سيّئةٍ بمثلها} وزيدت الباء كما زيدت في قولك {بحسبك قول السوء}.
وقال: {كأنّما أغشيت وجوههم قطعاً مّن اللّيل مظلماً} فالعين ساكنة لأنه ليس جماعة "القطعة" ولكنه "قطعٌ" اسمٌ على حياله. وقال عامّة الناس {قطعا} يريدون به جماعة "القطعة" ويقوي الأول قوله {مظلماً} لأن "القطع" واحد فيكون "المظلم" من صفته. والذين قالوا: "القطع" يعنون به الجمع وقالوا "نجعل مظلماً" حالا لـ"الليل". والأوّل أبين الوجهين).
[معاني القرآن: 2/33-34]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وشيبة ونافع وأبو جعفر {كأنما أغشيت وجوههم قطعا}.
وقراءة أهل مكة وابن يعمر {قطعا} بسكون الطاء.
وفي قراءة أبي "كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل".
قال أبو علي وأما قوله عز وجل {قطعا} فيجوز على وجهين:
على قوله {رحمت الله قريب}؛ وقول الشاعر:
لو أن مدحة حي منشر أحد = .................
والوجه الآخر: وهو حسن كأنه قال {قطعا من الليل مظلما}؛ جعل المظلم لليل لا للقطع؛ لأن القطع مؤنثة، مثل السرر والفلق؛ فلو كان مظلم للقطع لقال: مظلمة بالهاء، ولكنه يكون لليل حالاً، كأنه قال: قطعًا من الليل في حال ظلام الليل؛ فهذا وجه حسن.
ومن قرأ {قطعًا} فهو حسن؛ يصير المظلم وصفًا للقطع؛ لأن القطع ذكر؛ وهو الساعة من الليل؛ وكان ابن عباس يقول: بسواد من الليل؛ أي بغلس.
[معاني القرآن لقطرب: 657]
[وزاد محمد بن صالح في روايته]:
وقال ابن عباس أيضًا {بقطع من الليل} آخر السحر؛ وقد بقيت منه بقية.
وأنشد يونس:
سرت تحت أقطاع من الليل طلة = بخمان بيتي فهي لا شك ناشز). [معاني القرآن لقطرب: 658]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قطعا من الليل}: جماعة قطعة ويقرأ قطعا وهو بعض الليل ومنه {فأسر بأهلك بقطع من الليل} ساعة من الليل وجمعه أقطاع). [غريب القرآن وتفسيره: 170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما لهم من اللّه من عاصمٍ} أي مانع.
{كأنّما أغشيت وجوههم قطعاً من اللّيل} جمع قطعة. ومن قرأها: {قطعا من الليل} أراد اسم ما قطع تقول: قطعت الشيء قطعا. فتنصب
أول المصدر. واسم ما قطعت [منه] فسقط: «قطع»). [تفسير غريب القرآن: 196]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ، لأهل النار: {والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئة بمثلها وترهقهم ذلّة ما لهم من اللّه من عاصم كأنّما أغشيت وجوههم قطعا من اللّيل مظلما أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}
{كأنّما أغشيت وجوههم قطعا من اللّيل مظلما}.
ويقرأ قطعا من الليل مظلما من نعت القطع، ومن قرأ قطعا جعل مظلما حالا من الليل.
المعنى أغشيت وجوههم قطعا من الليل في حال ظلمته). [معاني القرآن: 3/16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما}
القطع جمع قطعة ومن قرأ قطعا فهو اسم ما قطع يقال قطعة قطعا واسم ما قطعت قطع). [معاني القرآن: 3/290-291]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ عَاصِمٍ} من مانع.
{قِطَعًا} جمع قطعة، ومن قرأ بإسكان الطاء فمعناه: بعض الليل وقطعة منه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 102]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قِطَعًا}: جمع قطعة). [العمدة في غريب القرآن: 152]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:36 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) }
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال: رهق فلان: خاف. والرَّهَق: الخوف والفزع؛ قد أرهقه، قد أخافه). [كتاب الجيم: 1/294]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والقتر الغبار). [الغريب المصنف: 3/784]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث أبي وائل أنه صلى على امرأة كانت ترهق.
حدثناه مروان بن معاوية الفزاري، عن الزبرقان الأسدي، عن
أبي وائل.
قوله: ترهق، يعني تتهم وتؤبن بشر، يقال منه: رجل مرهق، وفيه رهق: إذا كان يظن به السوء، قال: وقال معن بن أوس يمدح رجلا:
كالكوكب الأزهر انشقت دجنته = في الناس لا رهق فيه ولا بخل
والمرهق في غير هذا: الذي يغشاه الناس وينزل به الضيفان، قال زهير يمدح رجلا:
ومرهق النيران يحمد في الـ = لأواء غير ملعن القدر
وأصل الرهق: أن يأتي الشيء ويدنو منه، يقال: رهقت القوم، غشيتهم ودنوت منهم قال الله تبارك وتعالى: {ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة} ). [غريب الحديث: 5/408-409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال المفسرون في قول الله عز وجل: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}: النظر إلى الله.
وإن رآه ينظر إليه، فهي رحمته له؛ وإن رآه معرضا عنه، فهو تحذير للذنوب. يقول الله عز وجل في قوم لا تنالهم رحمته: {أولئك لا خلق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم}. ويقول الداعون في الدعاء: اللهم انظر إلي برحمتك). [تعبير الرؤيا: 102]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:36 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:36 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ الآية، قالت فرقة وهي الجمهور: الحسنى الجنة و «الزيادة» النظر إلى وجه الله عز وجل، وروي في نحو ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه صهيب، وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق وحذيفة وأبي موسى الأشعري وعامر بن سعد وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال:«الزيادة» غرفة من لؤلؤة واحدة، وقالت فرقة الحسنى هي الحسنة، و «الزيادة» هي تضعيف الحسنات إلى سبعمائة فدونها حسبما روي في نص الحديث، وتفسير قوله تعالى: واللّه يضاعف لمن يشاء [البقرة: 261]، وهذا قول يعضده النظر ولولا عظم القائلين بالقول الأول لترجح هذا القول، وطريق ترجيحه أن الآية تتضمن اقترانا بين ذكر عمال الحسنات وعمال السيئات، فوصف المحسنين بأن لهم حسنى وزيادة من جنسها، ووصف المسيئين بأن لهم بالسيئة مثلها فتعادل الكلامان، وعبر عن الحسنات ب الحسنى مبالغة، إذ هي عشرة، وقال الطبري: الحسنى عام في كل حسنى فهي تعم جميع ما قيل، ووعد الله تعالى على جميعها بالزيادة، ويؤيد ذلك أيضا قوله: أولئك أصحاب الجنّة، ولو كان معنى الحسنى الجنة لكان في القول تكرير بالمعنى، على أن هذا ينفصل عنه بأنه وصف المحسنين بأن لهم الجنة وأنهم لا يرهق وجوهم قتر ولا ذلة، ثم قال أولئك أصحاب الجنّة على جهة المدح لهم، أي أولئك مستحقوها وأصحابها حقا وباستيجاب، ويرهق معناه يغشى مع ذلة وتضييق، والقتر الغبار المسود، ومنه قول الشاعر [الفرزدق]: [البسيط]
متوج برداء الملك يتبعه = موج ترى وسطه الرايات والقترا
وقرأ الحسن وعيسى بن عمر والأعمش وأبو رجاء «قتر» بسكون التاء). [المحرر الوجيز: 4/ 473-474]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: والّذين كسبوا السّيّئات الآية، اختلف النحويون في رفع «الجزاء» بم هو؟ فقالت فرقة: التقدير لهم جزاء سيئة بمثلها، وقالت فرقة: التقدير جزاء سيئة مثلها والباء زائدة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويتوجه أن يكون رفع «الجزاء» على المبتدأ وخبره في الّذين لأن الّذين معطوف على قوله للّذين أحسنوا، فكأنه قال والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، وعلى الوجه الآخر فقوله والّذين كسبوا السّيّئات رفع بالابتداء، وتعم السّيّئات هاهنا الكفر والمعاصي، فمثل سيئة الكفر التخليد في النار، ومثل سيئة المعاصي مصروف إلى مشيئة الله تعالى.
و «العاصم» المنجي والمجير، ومنه قوله تعالى: إلى جبلٍ يعصمني من الماء [هود: 43].
وأغشيت كسيت ومنه الغشاوة، و «القطع» جمع قطعة، وقرأ ابن كثير والكسائي «قطعا» من الليل بسكون الطاء، وقرأ الباقون بفتح الطاء، و «القطع» الجزء من الليل ومنه قوله تعالى: فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل [هود: 81] وهذا يراد به الجزء من زمان الليل، وفي هذه الآية الجزء من سواده، ومظلماً، نعت ل «قطع»، ويجوز أن يكون حالا من الذكر الذي في قوله من اللّيل، فإذا كان نعتا فكان حقه أن يكون قبل الجملة ولكن قد يجيء بعدها، وتقدير الجملة قطعا استقر من الليل مظلما على نحو قوله تعالى: وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ [الأنعام: 155] ومن قرأ «قطعا» على جمع قطعة فنصب «مظلما» على الحال من اللّيل والعامل في الحال من إذ هي العامل في ذي الحال، وقرأ أبي بن كعب، «كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل وظلم»، وقرأ ابن أبي عبلة «قطع من الليل مظلم» بتحريك الطاء في قطع). [المحرر الوجيز: 4/ 474-475]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون (26)}
يخبر تعالى أنّ لمن أحسن العمل في الدّنيا بالإيمان والعمل الصّالح أبدله الحسنى في الدّار الآخرة، كما قال تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرّحمن: 60].
وقوله: {وزيادة} هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ، وزيادةٌ على ذلك [أيضًا] ويشمل ما يعطيهم اللّه في الجنان من القصور والحور والرّضا عنهم، وما أخفاه لهم من قرّة أعينٍ، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم، فإنّه زيادةٌ أعظم من جميع ما أعطوه، لا يستحقّونها بعملهم، بل بفضله ورحمته وقد روي تفسير الزّيادة بالنّظر إلى وجه اللّه الكريم، عن أبي بكرٍ الصّدّيق، وحذيفة بن اليمان، وعبد اللّه بن عبّاسٍ [قال البغويّ وأبو موسى وعبادة بن الصّامت] وسعيد بن المسيّب، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى، وعبد الرّحمن بن سابطٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وعامر بن سعدٍ، وعطاءٌ، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، والسّدّيّ، ومحمّد بن إسحاق، وغيرهم من السّلف والخلف.
وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرةٌ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد:
حدّثنا عفّان، أخبرنا حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ البناني، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلا هذه الآية: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} وقال: "إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، نادى منادٍ: يا أهل الجنّة، إنّ لكم عند اللّه موعدًا يريد أن ينجزكموه. فيقولون: وما هو؟ ألم يثقّل موازيننا، ويبيّض وجوهنا، ويدخلنا الجنّة، ويزحزحنا من النّار؟ ". قال: "فيكشف لهم الحجاب، فينظرون إليه، فواللّه ما أعطاهم اللّه شيئًا أحبّ إليهم من النّظر إليه، ولا أقرّ لأعينهم".
وهكذا رواه مسلمٌ وجماعةٌ من الأئمّة، من حديث حمّاد بن سلمة، به.
وقال ابن جريرٍ: أخبرنا يونس، أخبرنا ابن وهبٍ: أخبرنا شبيبٌ، عن أبانٍ عن أبي تميمة الهجيمي؛ أنّه سمع أبا موسى الأشعريّ يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه يبعث يوم القيامة مناديًا ينادي: يا أهل الجنّة -بصوت يسمع أوّلهم وآخرهم -: إنّ اللّه وعدكم الحسنى وزيادةً، الحسنى: الجنّة. وزيادةٌ: النّظر إلى وجه الرّحمن عزّ وجلّ".
ورواه أيضًا ابن أبي حاتمٍ، من حديث أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيميّ، به.
وقال ابن جريرٍ أيضًا: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج، عن عطاءٍ، عن كعب بن عجرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: النّظر إلى وجه الرّحمن عزّ وجلّ.
وقال أيضًا: حدّثنا ابن عبد الرّحيم حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، سمعت زهيرًا عمّن سمع أبا العالية، حدّثنا أبيّ بن كعبٍ: أنّه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قول اللّه عزّ وجلّ: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} قال: "الحسنى: الجنّة، والزّيادة: النّظر إلى وجه اللّه عزّ وجلّ".
ورواه ابن أبي حاتمٍ أيضًا من حديث زهيرٍ، به.
وقوله تعالى: {ولا يرهق وجوههم قترٌ} أي: قتامٌ وسوادٌ في عرصات المحشر، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة، {ولا ذلّةٌ} أي: هوانٌ وصغارٌ، أي: لا يحصل لهم إهانةٌ في الباطن، ولا في الظّاهر، بل هم كما قال تعالى في حقّهم: {فوقاهم اللّه شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسرورًا} أي: نضرةً في وجوههم، وسرورًا في قلوبهم، جعلنا اللّه منهم بفضله ورحمته، آمين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 262-263]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ بمثلها وترهقهم ذلّةٌ ما لهم من اللّه من عاصمٍ كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل مظلمًا أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (27)}
لمّا أخبر تعالى عن حال السّعداء الّذين يضاعف لهم الحسنات، ويزدادون على ذلك، عطف بذكر حال الأشقياء، فذكر عدله تعالى فيهم، وأنّه يجازيهم على السّيّئة بمثلها، لا يزيدهم على ذلك،
{وترهقهم} أي: تعتريهم وتعلوهم ذلّةٌ من معاصيهم وخوفهم منها، كما قال تعالى: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذّلّ ينظرون من طرفٍ خفيٍّ} [الشّورى: 45]، وقال تعالى: {ولا تحسبنّ اللّه غافلا عمّا يعمل الظّالمون إنّما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواءٌ * وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب} [إبراهيم: 42 -44]، وقوله {ما لهم من اللّه من عاصمٍ} أي: من مانعٍ ولا واقٍ يقيهم العذاب، كما قال تعالى: {يقول الإنسان يومئذٍ أين المفرّ * كلا لا وزر * إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ} [القيامة: 10 -12].
وقوله: {كأنّما أغشيت وجوههم قطعًا من اللّيل مظلمًا} إخبارٌ عن سواد وجوههم في الدّار الآخرة، كما قال تعالى: {يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * وأمّا الّذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون} [آل عمران: 106، 107]، وكما قال تعالى: {وجوهٌ يومئذٍ مسفرةٌ ضاحكةٌ مستبشرةٌ ووجوهٌ يومئذٍ عليها غبرةٌ ترهقها قترةٌ أولئك هم الكفرة الفجرة} [عبس: 38 -42]. الآية). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 263-264]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة