تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآنٍ غير هذا أو بدّله قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يومٍ عظيمٍ}.
يقول تعالى ذكره: وإذا قرئ على هؤلاء المشركين آيات كتاب اللّه الّذي أنزلناه إليك يا محمّد بيّناتٍ واضحاتٍ على الحقّ دالاّتٍ. {قال الّذين لا يرجون لقاءنا} يقول: قال الّذين لا يخافون عقابنا ولا يوقنون بالمعاد إلينا ولا يصدّقون بالبعث لك: {ائت بقرآنٍ غير هذا أو بدّله} بقولٍ: أو غيره. {قل} لهم يا محمّد: {ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي} أي من عندي.
والتّبديل الّذي سألوه - فيما ذكر - أن يحوّل آية الوعيد آية وعدٍ وآية الوعد وعيدًا والحرام حلالاً والحلال حرامًا، فأمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يخبرهم أنّ ذلك ليس إليه، وأنّ ذلك إلى من لا يردّ حكمه ولا يتعقّب قضاؤه، وإنّما هو رسولٌ مبلّغٍ ومأمورٌ متّبعٌ.
وقوله: {إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ} يقول: قل لهم: ما أتّبع في كلّ ما آمركم به أيّها القوم وأنهاكم عنه إلاّ ما ينزله إليّ ربّي ويأمرني به.
{إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يومٍ عظيمٍ} يقول إنّي أخشى من اللّه إن خالفت أمره وغيّرت أحكام كتابه وبدّلت وحيه فعصيته بذلك، {عذاب يومٍ عظيمٍ} هوله، وذلك {يوم ترونها تذهل كلّ مرضعةٍ عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حملٍ حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى}). [جامع البيان: 12/136-137]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآنٍ غير هذا أو بدّله قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يومٍ عظيمٍ (15)
قوله تعالى: وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الذين لا يرجون لقاءنا
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ إلى قوله: من تلقاء نفسي هذا قول مشركي مكّة لنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي
- قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ ثنا محمّد بن مزاحمٍ ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: عذاب (يومٍ) عظيمٍ يعني: عذابًا). [تفسير القرآن العظيم: 6/1934]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 15.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات} قال: لا يرجون لقاءنا، إيت بقرآن غير هذا أو بدله قال: هذا قول مشركي أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم}). [الدر المنثور: 7/636-637]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (16) : قوله تعالى: {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، قال: نا حنظلة السّدوسي، عن شهر بن حوشب، (عن ابن عبّاسٍ)، أنّه كان يقرأ: {قل لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أنذرتكم به}.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه معرّفه الحجّة على هؤلاء المشركين الّذين قالوا له ائت بقرآنٍ غير هذا أو بدّله: قل لهم يا محمّد {لو شاء اللّه ما تلوته عليكم} أي ما تلوت هذا القرآن عليكم أيّها النّاس بأن كان لا ينزل عليّ فيأمرني بتلاوته عليكم، {ولا أدراكم به} يقول: ولا أعلمكم به.
{فقد لبثت فيكم عمرًا من قبله} يقول: فقد مكثت فيكم أربعين سنة من قبل أن أتلوه عليكم، ومن قبل أن يوحيه إليّ ربي {أفلا تعقلون}، أني لو كنت منتحلا ما ليس لي من القول، كنت قد انتحلته في أيّام شبابي وحداثتي، وقبل الوقت الذي تلوته عليكم؟ فقد كان لي اليوم، لو لم يوح إليّ وأومر بتلاوته عليكم، مندوحةٌ عن معاداتكم، ومتّسعٌ، في الحال التي كنت بها منكم قبل أن يوحى إلي وأومر بتلاوته عليكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا أدراكم به} ولا أعلمكم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به} يقول: لو شاء اللّه لم يعلّمكموه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به} يقول: ما حذّرتكم به.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآنٍ غير هذا أو بدّله} وهو قول مشركي أهل مكّة للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ قال لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرًا من قبله أفلا تعقلون} لبث أربعين سنةً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {قل لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرًا من قبله أفلا تعقلون} ولا أعلمكم به.
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن: أنّه كان يقرأ: ولا أدرأتكم به يقول: ما أعلمتكم به.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ولا أدراكم به} يقول: ولا أشعركم اللّه به.
وهذه القراءة الّتي حكيت عن الحسن عند أهل العربيّة غلطٌ، وكان الفرّاء يقول في ذلك قد ذكر عن الحسن أنّه قال: ولا أدرأتكم به، قال: فإن يكن فيها لغةٌ سوى دريت وأدريت، فلعلّ الحسن ذهب إليها، وأمّا أن يصلح من دريت أو أدريت فلا، لأنّ الياء والوا إذا انفتح ما قبلهما وسكنتا صحّتا ولم تنقلبا إلى ألفٍ مثل قضيت ودعوت، ولعلّ الحسن ذهب إلى طبيعته وفصاحته فهمزها، لأنّها تضارع درأت الحدّ وشبهه. وربّما غلطت العرب في الحرف إذا ضارعه آخر من الهمز، فيهمزون غير المهموز. وسمعت امرأةً من طيّئٍ تقول: رثأت زوجي بأبياتٍ، ويقولون: لبأت بالحجّ وحلأت السّويق؛ يتغلّطون، لأنّ حلأت قد يقال في دفع العطاش، من الإبل، ولبأت: ذهبت به إلى اللّبأ، لبأ الشّاة، ورثأت زوجي: ذهبت به إلى رثأت اللّبن إذا أنت حلبت الحليب على الرّائب، فتلك الرّثيثة.
وكان بعض البصريّين يقول: لا وجه لقراءة الحسن هذه لأنّها من أدريت مثل أعطيت، إلاّ أنّ لغة بني عقيلٍ أعطأت يريدون أعطيت، تحوّل الياء ألفًا، قال الشّاعر:
لقد آذنت أهل اليمامة طيّئٌ = بحربٍ كناصاة الأغرّ المشهّر
يريد كناصيةٍ؛ حكي ذلك عن المفضّل. وقال زيدٌ الخيل:
لعمرك ما أخشى التّصعلك ما بقا = على الأرض قيسيٌّ يسوق الأباعرا
فقال بقا. وقال الشّاعر:
لزجرت قلبًا لا يريع لزاجرٍ = إنّ الغويّ إذا نها لم يعتب
يريد: نهي. قال: وهذا كلّه على قراءة الحسن، وهي مرغوبٌ عنها، قال: وطيّئٌ تصيّر كلّ ياءٍ انكسر ما قبلها ألفًا، يقولون: هذه جاراةٌ، وفي التّرقوة: ترقاة، والعرقوة: عرقاة، قال: وقال بعض طيّئٍ: قد لقت فزارة، حذف الياء من لقيت لمّا لم يمكنه أن يحوّلها ألفًا لسكون التّاء فيلتقي ساكنان.
وقال: زعم يونس أنّ نسا ورضا لغةٌ معروفةٌ، قال الشّاعر:
وأبنيت بالأعراض ذا البطن خالدًا = نسا أو تناسى أن يعدّ المواليا
وروي عن ابن عبّاسٍ في قراءة ذلك أيضًا روايةٌ أخرى، وهي ما:
- حدّثنا به المثنّى، قال: حدّثنا المعلّى بن أسدٍ، قال: حدّثنا خالد عن حنظلة، عن شهر بن حوشبٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ: قل لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أنذرتكم به.
والقراءة الّتي لا أستجيز أن تعدّوها هي القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار: {لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به} بمعنى: ولا أعلمكم به، ولا أشعركم به). [جامع البيان: 12/137-141]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرًا من قبله أفلا تعقلون (16)
قوله تعالى: قل لو شاء اللّه ما تلوته عليكم
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: ثمّ قال اللّه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به.
قوله تعالى: ولا أدراكم به
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا أدراكم به يقول: أعلمكم به.
الوجه الثاني:
- حدّثنا أبي هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة ولا أدراكم به أشعركم.
الوجه الثّالث:
- ذكر أبي عن مالك بن إسماعيل ثنا خالد بن عبد اللّه، عن حنظلة، عن شهر بن حوشبٍ قال: لو شاء اللّه ما تلوته عليكم ولا أدراكم به يعني: ولا أنذركم به
قوله تعالى: فقد لبثت فيكم عمرًا من قبله أفلا تعقلون
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قوله: فقد لبثت فيكم عمرًا من قبله أفلا تعقلون قال: لبث أربعين سنةً ضالا ورأى رؤيا النّبوّة سنتين وأوحي إليه عشر سنين بمكّة وعشر سنين بالمدينة وتوفّي وهو ابن اثنتين وستّين سنةً صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قوله: لبثت فيكم عمرًا من قبله قال: لم أتلوا عليكم، ولم أذكره أفلا تعقلون؟). [تفسير القرآن العظيم: 6/1934]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 16.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ولا أدراكم به} يقول: أعلمكم به.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {ولا أدراكم به} يقول: ولا أشعركم به.
وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن أنه قال ولا أدرأتكم به يعني بالهمز قال الفراء: لا أعلم هذا يجوز من دريت ولا أدريت إلا أن يكون الحسن همزها على طبيعته فإن العرب ربما غلطت فهمزت ما لم يهمز.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يقرأ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أنذرتكم به
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولا أدراكم به} قال: ما حذرتكم به.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {فقد لبثت فيكم عمرا من قبله} قال: لم أتل عليكم ولم أذكر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {فقد لبثت فيكم عمرا من قبله} قال: لبث أربعين سنة قبل أن يوحى إليه ورأى الر ؤيا سنتين وأوحى الله إليه عشر سنين بمكة وعشرا بالمدينة وتوفي وهو ابن اثنتين وستين سنة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والترمذي عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين ومات وهو ابن ثلاث وستين
وأخرج أحمد والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه، أنه سئل بسن أي الرجال كان النّبيّ إذ بعث قال: كان ابن أربعين سنة.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الشعبي قال: نزلت النبوة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة فقرن بنبوته إسرافيل عليه السلام ثلاث سنين فكان يعلمه الحكمة
والشيء لم ينزل القرآن فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل عليه السلام فنزل القرآن على لسانه عشرين عشرا بمكة وعشرا بالمدينة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس بن مالك قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس أربعين فأقام بمكة عشرا وبالمدينة عشرا وتوفي على رأس ستين سنة). [الدر المنثور: 7/637-639]
تفسير قوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته إنّه لا يفلح المجرمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء المشركين الّذين نسبوك فيما جئتهم به من عند ربّك إلى الكذب: أيّ خلقٍ أشرٌّ بعدنا وأوضع لقيله في غير موضعه، ممّن اختلق على اللّه كذبًا وافترى عليه باطلاً.
{أو كذّب بآياته} يعني بحججه ورسله وآيات كتابه. يقول له جلّ ثناؤه: قل لهم ليس الّذي أضفتموني إليه بأعجب من كذبكم على ربّكم وافترائكم عليه وتكذيبكم بآياته {إنّه لا يفلح المجرمون} يقول: إنّه لا ينجح الّذين اجترموا الكفر في الدّنيا يوم القيامة إذا لقوا ربهم، ولا ينالون الفلاح). [جامع البيان: 12/141-142]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته إنّه لا يفلح المجرمون (17)
قوله تعالى: فمن أظلم ممّن افترى على الله كذبا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو عبد اللّه بن محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ أنبأ حفص بن عمر العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال النّضر وهو من بني عبد الدّار: وإذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزّى، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته إنه لا يفلح المجرمون
الوجه الثاني:
- حدثنا أبي، ثنا بن نفيلٍ الحرّانيّ ثنا مسكين بن بكيرٍ عن معاذ بن رفاعة قال: سمعت أبا خلفٍ الأعمى قال: كان ابن أبي سرحٍ يكتب للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الوحي، فأتى أهل مكّة فقالوا: يا ابن أبي سرحٍ كيف كتبت لابن أبي كبشة القرآن؟ قال: كنت أكتب كيف شئت فأنزل اللّه تعالى ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته إنّه لا يفلح الظّالمون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1935]