العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:04 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يونس [ من الآية (11) إلى الآية (14) ]

تفسير سورة يونس
[ من الآية (11) إلى الآية (14) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:05 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} [يونس: 11] : " قول الإنسان لولده وماله إذا غضب: اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه ". {لقضي إليهم أجلهم} [يونس: 11] : «لأهلك من دعي عليه ولأماته»). [صحيح البخاري: 6/72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير قول الإنسان لولده وما له إذا غضب اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه وقوله لقضى إليهم أجلهم أي لأهلك من دعي عليه ولأماته هكذا وصله الفريابيّ وعبد بن حميد وغيرهما من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في تفسير هذه الآية ورواه الطّبريّ بلفظٍ مختصرٍ قال فلو يعجّل اللّه لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب في الخير لأهلكهم ومن طريق قتادة قال هو دعاء الإنسان على نفسه وما له بما يكره أن يستجاب له انتهى وقد ورد في النّهي عن ذلك حديثٌ مرفوعٌ أخرجه مسلمٌ في أثناء حديثٍ طويلٍ وأفرده أبو داود من طريق عبادة بن الوليد عن جابرٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من اللّه ساعةً يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم). [فتح الباري: 8/346-347]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} قول الإنسان لولده وماله إذا غضب اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه لقضي إليهم أجلهم لأهلك من دعي عليه ولأماته {للّذين أحسنوا الحسنى} مثلها حسنى وزيادة مغفرة ورضوان وقال غيره النّظر إلى وجهه
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 11 يونس {ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} قال قول الإنسان لولده ولماله إذا غضب عليه اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه وفي قوله 11 يونس {لقضي إليهم أجلهم} قال لأهلك من دعا عليه فأماته). [تغليق التعليق: 4/222]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ يعجّل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير قول الإنسان لولده وماله إذا غضب {اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه. لقضي إليهم أجلهم لأهلك من دعي عليه ولأماته} .
أشار به إلى قوله تعالى: {ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} (يونس: 11) . نزلت هذه الآية في النّضر بن الحارث حيث قال: أللهم إن كان هذا هو الحق، والتعجيل تقديم الشّيء قبل وقته، والاستعجال طلب العجلة، والمعنى: لو يعجل الله للنّاس الشّرّ إذا دعوه على أنفسهم عند الغضب وعلى أهليهم وأموالهم كما يعجل لهم الخير لهلكوا. قوله: (وقال مجاهد) تعليق وصله ابن أبي حاتم عن حجاج بن حمزة حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، فذكره. قوله: (يعجل الله) في محل الرّفع على الابتداء بتقدير محذوف فيه وهو إخباره تعالى بقوله: {ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} . قوله: (قول الإنسان) خبر المبتدأ المقدر. قوله: (لقضى إليهم أجلهم) ، جواب: لو قال الزّمخشريّ: معناه لأميتوا وأهلكوا، وهو معنى قوله: (لأهلك من دعى عليه وأماته) ، أي: لأهلك الله من دعى عليه، ويجوز فيه صيغة المعلوم والمجهول. قوله: ولأماته عطف على قوله: لأهلكه، واللّام فيهما للابتداء). [عمدة القاري: 18/284-285]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي وعبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه في قوله تعالى: ({ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير}) [يونس: 11] هو (قول الإنسان لولده وماله إذا غضب اللهم لا تبارك فيه) وفي الفرع له فيه وليس له في أصله (والعنه {لقضي إليهم أجلهم} [يونس: 11] (لأهلك من دعي عليه) بضم همزة أهلك ودال دعي مبنيين للمفعول ولأبي ذر لأهلك من دعا عليه بفتحهما (ولأماته) قال في فتوح الغيب ({ولو يعجل الله}) متضمن معنى نفي التعجيل لأن لو لتعليق ما امتنع بامتناع غيره يعني لم يكن التعجيل ولا قضاء العذاب فيلزم من ذلك حصول المهلة وهذا لطف من الله تعالى بعباده ورحمة. وفي حديث مسلم عن جابر مرفوعًا لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم ففيه النهي عن ذلك). [إرشاد الساري: 7/165]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون}.
يقول تعالى ذكره: {ولو يعجّل اللّه للنّاس} إجابة دعائهم في {الشّرّ} وذلك فيما عليهم مضرّةٌ في نفسٍ أو مالٍ؛ {استعجالهم بالخير} يقول: كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به {لقضي إليهم أجلهم} يقول: لهلكوا وعجّل لهم الموت، وهو الأجل.
وعنى بقوله: {لقضي} لفرغ إليهم من أجلهم وتبدّى لهم، كما قال أبو ذؤيبٍ:
وعليهما مسرودتان قضاهما = داود أو صنع السّوابغ تبّع
{فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا} يقول: فندع الّذين لا يخافون عقابنا ولا يوقنون بالبعث ولا بالنّشور، {في طغيانهم} يقول: في تمرّدهم وعتوّهم، {يعمهون} يعني: يتردّدون.
وإنّما أخبر جلّ ثناؤه عن هؤلاء الكفرة بالبعث بما أخبر به عنهم من طغيانهم وتردّدهم فيه عند تعجيله إجابة دعائهم في الشّرّ لو استجاب لهم أنّ ذلك كان يدعوهم إلى التّقرّب إلى الوثن الّذي يشرك به أحدهم، أو يضيف ذلك إلى أنّه من فعله.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} قال: قول الإنسان إذا غضب لولده وماله: لا بارك اللّه فيه ولعنه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه فلو يعجّل اللّه الاستجابة لهم في ذلك كما يستجاب في الخير لأهلكهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه: {لقضي إليهم أجلهم} قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} قال: قول الرّجل لولده إذا غضب عليه أو ماله: اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه قال اللّه: {لقضي إليهم أجلهم} قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته. قال: {فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا} قال: يقول: لا نهلك أهل الشّرك، ولكن نذرهم في طغيانهم يعمهون.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} قال: هو دعاء الرّجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {لقضي إليهم أجلهم} قال: لأهلكناهم، وقرأ: {ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} قال: يهلكهم كلّهم.
ونصب قوله {استعجالهم} بوقوع يعجّل عليه، كقول القائل: قمت اليوم قيامك، بمعنى قمت كقيامك، وليس بمصدرٍ من يعجّل، لأنّه لو كان مصدرًا لم يحسن دخول الكاف، أعني كافّ التّشبيه فيه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {لقضي إليهم أجلهم} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والعراق: {لقضي إليهم أجلهم} على وجه ما لم يسمّ فاعله بضمّ القاف من قضي ورفع الأجل. وقرأ عامّة أهل الشّأم: لقضي إليهم أجلهم بمعنى: لقضى اللّه إليهم أجلهم. وهما قراءتان متّفقتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، غير أنّي أقرؤه على وجه ما لم يسمّ فاعله، لأنّ عليه أكثر القرّاء). [جامع البيان: 12/129-132]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون (11)
قوله تعالى: ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن الأعلى الصّنعانيّ ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن قتادة ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير قال هو دعاء الرّجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له.
قوله تعالى: استعجالهم بالخير
- ذكر عن معاوية بن هشامٍ، عن شريكٍ عن سالمٍ عن سعيدٍ في قوله:
ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير قال: هو الرّجل يدعو على نفسه: اللّهمّ اخزه اللّهمّ افعل به كذا وكذا، فلو عجّل اللّه لهم ذلك، كما يعجّل اللّه لهم: اللّهمّ ارزقني لقضي إليهم الأجل.
قوله تعالى: لقضي إليهم أجلهم
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: لقضي إليهم أجلهم لأهلك من دعا عليه ولأماته.
قوله تعالى: فنذر الذين لا يرجون لقاءنا
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة الّذين لا يرجون لقاءنا مشركي أهل مكّة.
قوله تعالى: في طغيانهم يعمهون
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية في طغيانهم يعني: في ضلالهم، وقد تقدّم القول فيه). [تفسير القرآن العظيم: 6/1932]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير قال هو قول الرجل لولده وأهله وماله إذا غضب عليهم اللهم لا تبارك فيه اللهم العنه يقول لو عجل له ذلك لقضي إليهم أجلهم أي لهلك من دعا عليه فأماته). [تفسير مجاهد: 292]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 11.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير} قال: هو قول إنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللهم لا تبارك فيه والعنه {لقضي إليهم أجلهم} قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير} قال: قول الرجل للرجل: اللهم اخزه اللهم العنه قال: وهو يحب أن يستجاب له كما يحب اللهم اغفر له اللهم ارحمه.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له). [الدر المنثور: 7/635]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (12) : قوله تعالى: { [وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، قال: أخبرني محمّد بن سوقة، قال: دخلت مع عون بن عبد اللّه قصر الكوفة فقلت له: لو رأيتنا زمن الحجّاج وأتي بنا هذا القصر، وبنا من الحزن والغمّ؟ فقال لي عونٌ: فمررت به كأن لم تدعه إلى ضرٍّ مسّك؟ اذهب إلى ذلك المكان، واحمد اللّه عزّ وجلّ فيه، واذكر اللّه. نحو هذا من الكلام قاله سفيان). [سنن سعيد بن منصور: 5/307]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون}.
يقول عالى ذكره: وإذا أصاب الإنسان الشّدّة والجهد {دعانا لجنبه} يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه، لجنبه: يعني مضطجعًا لجنبه. {أو قاعدًا أو قائمًا} الحال الّتي يكون بها عند نزول ذلك الضّرّ به. {فلمّا كشفنا عنه ضرّه} يقول: فلمّا فرّجنا عنه الجهد الّذي أصابه، {مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه} يقول: استمرّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضّرّ، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء، أو تناساه، وترك الشّكر لربه الّذي فرّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء حين استعاذ به، وعاد للشّرك ودعوى الآلهة والأوثان أربابًا معه يقول تعالى ذكره: {كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون} يقول: كما زيّن لهذا الإنسان الّذي وصفنا صفته استمراره على كفره بعد كشف اللّه عنه ما كان فيه من الضّرّ، كذلك زيّن للّذين أسرفوا في الكذب على اللّه وعلى أنبيائه، فتجاوزوا في القول فيهم إلى غير ما أذن اللّه لهم به، ما كانوا يعملون من معاصي اللّه والشّرك به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {دعانا لجنبه} قال: مضطجعًا). [جامع البيان: 12/132-133]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون (12)
قوله تعالى: وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن قتادة قال: إذا مسهم الضر: خلصوا للّه الدّعاء.
قوله تعالى: فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضر مسه إلى قوله: كذلك زين للمسرفين
......
قوله تعالى: كذلك زيّن للمسرفين
- حدّثنا الحسن بن أحمد ثنا موسى بن مسلمٍ ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد ابن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: زيّن قال زيّن لهم الشّيطان). [تفسير القرآن العظيم: 6/1933]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 12 - 13
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {دعانا لجنبه} قال: مضطجعا.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما} قال: على كل حال.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال: ادع الله يوم سرائك يستجب لك يوم ضرائك). [الدر المنثور: 7/635-636]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين}.
يقول تعالى ذكره: ولقد أهلكنا الأمم الّتي كذّبت رسل اللّه من قبلكم أيّها المشركون بربّهم {لمّا ظلموا} يقول: لمّا أشركوا وخالفوا أمر اللّه ونهيه. {وجاءتهم رسلهم} من عند اللّه، {بالبيّنات} وهي الآيات والحجج الّتي تبيّن عن صدق من جاء بها.
ومعنى الكلام: وجاءتهم رسلهم بالآيات البيّنات أنّها حقٌّ. {وما كانوا ليؤمنوا} يقول: فلم تكن هذه الأمم الّتي أهلكناها ليؤمنوا برسلهم ويصدّقوهم إلى ما دعوهم إليه من توحيد اللّه وإخلاص العبادة له {كذلك نجزي القوم المجرمين} يقول تعالى ذكره: كما أهلكنا هذه القرون من قبلكم أيّها المشركون بظلمهم أنفسهم وتكذيبهم رسلهم وردّهم نصيحتهم، كذلك أفعل بكم فأهلككم كما أهلكتهم بتكذيبكم رسولكم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وظلمكم أنفسكم بشرككم بربّكم، إن أنتم لم تنيبوا وتتوبوا إلى اللّه من شرككم، فإنّ من ثواب الكافر بي على كفره عندي أن أهلكه بسخطي في الدّنيا وأورده النّار في الآخرة). [جامع البيان: 12/133-134]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين (13)
قوله تعالى: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنبأ ابن وهيب، ثنا ابن زيدٍ يعني عبد الرّحمن قال ما عذّب قوم نوحٍ حتّى ما كان في الأرض سهلٌ ولا جبلٌ إلا وله عامر يعمره وحائز يحوزه.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنبأ ابن وهبٍ حدّثني مالك بن أنسٍ عن زيد بن أسلم أنّ أهل السّهل كان قد ضاق بهم وأهل الجبل حتّى ما يقدروا أهل السّهل أن يرتقوا إلى الجبل ولا أهل الجبل أن ينزلوا إلى أهل السّهل في زمان نوحٍ قال حشوا.
قوله تعالى: وجاءتهم رسلهم بالبيّنات
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمد بن علي ثنا محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: بالبيّنات يعني: بالبيّنات ما أنزل اللّه من الحلال والحرام.
قوله تعالى: وما كانوا ليؤمنوا كذلك
- حدّثنا أبو بكر بن موسى ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ، قوله: كذلك يعني: هكذا). [تفسير القرآن العظيم: 6/1933]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون}.
يقول تعالى ذكره: {ثمّ جعلناكم} أيّها النّاس {خلائف} من بعد هؤلاء القرون الّذين أهلكناهم لمّا ظلموا تخلفونهم {في الأرض} وتكونون فيها بعدهم {لننظر كيف تعملون} يقول: لينظر ربّكم أين عملكم من عمل من هلك من قبلك من الأمم بذنوبهم وكفرهم بربّهم، تحذون مثالهم فيه، فتستحقّون من العقاب ما استحقّوا، أم تخالفون سبيلهم، فتؤمنون باللّه ورسوله، وتقرّون بالبعث بعد الممات، فتستحقّون من ربّكم الثّواب الجزيل.
- كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه قال: صدق ربّنا ما جعلنا خلفاء إلاّ لينظر كيف أعمالنا، فأروا اللّه من أعمالكم خيرًا، باللّيل والنّهار والسّر والعلانية.
حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن ثابت البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى: أنّ عوف بن مالكٍ، رضي اللّه عنه قال لأبي بكرٍ رضي اللّه عنه: رأيت فيما يرى النّائم كأنّ سببًا دلّي من السّماء فانتشط رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ دلّي فانتشط أبو بكرٍ، ثمّ ذرع النّاس حول المنبر، ففضل عمر رضي اللّه عنه بثلاث أذرعٍ إلى المنبر فقال عمر: دعنا من رؤياك لا أرب لنا فيها فلمّا استخلف عمر قال: يا عوف رؤياك؟ قال: وهل لك في رؤياي من حاجةٍ، أو لم تنتهرني؟ قال: ويحك إنّي كرهت أن تنعي لخليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه فقصّ عليه الرّؤيا، حتّى إذا بلغ ذرع النّاس إلى المنبر بهذه الثّلاث الأذرع، قال: أمّا إحداهنّ فإنّه كائنٌ خليفةً، وأمّا الثّانية فإنّه لا يخاف في اللّه لومة لائمٍ، وأمّا الثّالثة فإنّه شهيدٌ. قال: فقال يقول اللّه: {ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} فقد استخلفت يا ابن أمّ عمر، فانظر كيف تعمل؛ وأمّا قوله: فإنّي لا أخاف في اللّه لومة لائمٍ فما شاء اللّه، وأمّا قوله: فإنّي شهيدٌ فأنّى لعمر الشّهادة والمسلمون مطيفون به ثمّ قال إنّ اللّه على ما يشاء قديرٌ). [جامع البيان: 12/134-135]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون (14)
قوله تعالى: ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة ثنا حمّادٌ ثنا ثابت البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال: قال عمر يقول اللّه تعالى: ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون قال: فقد استخلفت يا ابن أمّ عمر فانظر كيف تعمل؟
قوله تعالى: لننظر كيف تعملون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا خليدٌ وسعيدٌ، عن قتادة، في قول اللّه: ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب قرأ هذه الآية فقال: صدق ربّنا ما جعلنا خلائف الأرض إلا لينظر إلى أعمالنا فأدّوا اللّه خير أعمالكم باللّيل والنّهار والسّر والعلانية). [تفسير القرآن العظيم: 6/1934]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 14.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية فقال: صدق ربنا ما جعلنا خلائف في الأرض إلا لينظر إلى أعمالنا فأروا الله خير أعمالكم بالليل والنهار والسر والعلانية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ثم جعلناكم خلائف} لأمة محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 7/636]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:09 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير...}
يقول: لو أجيب الناس في دعاء أحدهم على ابنه وشبهه بقولهم. أماتك الله، ولعنك الله، وأخزاك الله لهلكوا. و{استعجالهم} منصوب بوقوع الفعل: {يعجل}؛
كما تقول: قد ضربت اليوم ضربتك، والمعنى: ضربت كضربتك وليس المعنى ها هنا كقولك: ضربت ضربا؛ لأن ضربا لا تضمر الكاف فيه؛ لأنك لم تشبهه بشيء،
وإنما شبهت ضربك بضرب غيرك فحسنت فيه الكاف.
وقوله: {لقضي إليهم أجلهم} ويقرأ: {لقضى إليهم أجلهم}. ومثله {فيمسك التي قضى عليها الموت} و {قضي عليها الموت} ). [معاني القرآن: 1/458]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لقضي إليهم أجلهم} مجازه: لفزغ ولقطع ونبذ إليهم، وقال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما= داود أو صنع السوابغ تبّع).
[مجاز القرآن: 1/275]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة العامة {لقضى إليهم أجلهم} لا يذكر فاعلاً.
قراءة عبد الله بن أبي إسحاق وعبد الله بن عامر - [عن محمد بن صالح] -: {لقضى إليهم أجلهم} بالنصب.
وقراءة ابن مسعود "لقضينا إليهم" وهي مخالفة للكتاب). [معاني القرآن لقطرب: 653]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم} أي لو عجل اللّه للناس الشر إذا دعوا به على أنفسهم عند الغضب وعلى أهليهم وأولادهم، واستعجلوا به كما يستعجلون بالخير فيسألونه الرزق والرحمة: {لقضي إليهم أجلهم} أي لماتوا). [تفسير غريب القرآن: 194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
يريد أن الناس عند الغضب وعند الضّجر، قد يدعون على أنفسهم وأهلهم وأولادهم بالموت وبالخزي وتعجيل البلاء، كما قد يدعونه بالرزق والرحمة وإعطاء السّؤل.
يقول: فلو أجابهم الله إذا دعوه بالشر الذي يستعجلونه استعجالهم بالخير- لقضي إليهم أجلهم، أي لهلكوا.
وفي الكلام حذف للاختصار، كأنه قال: ولو يعجّل الله للنّاس إجابتهم بالشر الذي يستعجلونه استعجالهم بالخير، لهلكوا). [تأويل مشكل القرآن: 393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون}
يروى أنهم لو أجيبوا في الدعاء على أنفسهم وأهليهم، كقول الرجل لابنه وحميمه: أماتك اللّه، وفعل بك كذا وكذا.
وجائز أن يكون عنى قوله: {فأمطر علينا حجارة من السّماء}، وما أشبه ذلك فلو عجل الله ذلك كما يعجّل لهم الخير لأهلكهم به.
ونصب {استعجالهم} على مثل استعجالهم بالخير، أي على نعت مصدر محذوف.
والمعنى: ولو يعجّل اللّه للنّاس الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير، {لقضي إليهم أجلهم}.
ويقرأ: لقضى إليهم أجلهم جميعا، جيّدتان، ولقضي أحسنهما، لأن
قوله: {ولو يعجل اللّه للناس الشر} يتصل به {لقضي إليهم أجلهم}.
{فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون}.
الطغيان في كل شيء ارتفاعه وعلوّه.
والعمه التحير.
المعنى فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في غلوهم وكفرهم يتحيرون). [معاني القرآن: 3/8-9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم}
قال مجاهد وهو دعاء الرجل عند الغضب على أهله وولده فلو عجل لهم ذلك لماتوا
وقيل إنه قولهم {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء}
فلو عجل لهم هذا لهلكوا). [معاني القرآن: 3/280]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مرّ كأن لّم يدعنا إلى ضرٍّ مّسّه...}
يقول: استمرّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه البلاء). [معاني القرآن: 1/459]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً} مجازه: دعانا على إحدى هذه الحلات، ومجاز دعانا لجنبه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: دعانا وهو مضطجع لجنبه.
{مرّ كأن لمّ يدعنا} أي استمر فمضى). [مجاز القرآن: 1/275]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لّم يدعنا إلى ضرٍّ مّسّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون}
وقال: {كأن لّم يدعنا إلى ضرٍّ مّسّه} و{كأن لّم يلبثوا إلاّ ساعةً} وهذا في الكلام كثير وهي {كأنّ} الثقيلة ولكنه اضمر فيها فخفف كما تخفف {أنّ} ويضمر فيها وإنما هي {كأنه لم} وقال الشاعر:
*وي كأن من يكن له نشبٌ يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ*
وكما قال
[وصدرٍ مشرق النّحر] كأن ثدياه حقّان
أي: كأنه ثدياه حقّان. وقال بعضهم "كأن ثدييه" فخففها واعلمها ولم يضمر فيها كما قال: {إن كلّ نفسٍ لما عليها حافظٌ}
أراد معنى الثقيلة فأعملها كما يعمل الثقيلة ولم يضمر فيها). [معاني القرآن: 2/31]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {مر كأن لم يدعنا} قال ابن عباس: استمر على ترك الدعاء). [معاني القرآن لقطرب: 664]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرّ مسّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون}
المعنى - واللّه أعلم -: وإذا مسّ الإنسان الضر من حال من الأحوال فجائز أن يكون دعانا لجنبه، ودعانا وهو سطيح، أو دعانا قائما.
ويجور أن يكون: وإذا مس الإنسان الضر لجنبه أو مسّه قاعدا، أو مسّه قائما، دعانا.
{فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرّ مسّه}.
المعنى مر في العافية على ما كان عليه قبل أن يبتلى، ولم يتعظ بما ناله.
وقوله: {كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون}.
ويجوز زيّن للمسرفين.
موضع الكاف نصب على مفعول ما لم يسم فاعله المعنى زين للمسرفين عملهم كذلك أي مثل ذلك، أي جعل جزاءهم الإضلال بإسرافهم بكفرهم). [معاني القرآن: 3/9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما}
ويجوز أن يكون المعنى وإذا مس الإنسان الضر مضطجعا أو قاعدا أو قائما دعانا
ويجوز أن يكون التقدير دعانا على إحدى هذه الأحوال
ثم قال جل وعز: {فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه}
روى أبو عبيد عن أبي عبيدة أن مر من مذهب استمر
وقال الفراء أي استمر على ما كان عليه من قبل أن يمسه الضر). [معاني القرآن: 3/280-281]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين}
المعنى كالمعنى من قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل}.
أعلم اللّه - جل ثناؤه أنهم لا يؤمنون ولو أبقاهم أبدا. فجائز أن يكون جعل جزاءهم الطبع على قلوبهم، وجائز أن يكون أعلم ما قد علم منهم.
والدّليل على أنّه طبع على قلوبهم جزاء لهم
قوله: {كذلك نجزي القوم المجرمين}.
قوله: {كأن لم يدعنا إلى ضرّ مسّه}.
{كأن} مخففة من الشديدة، المعنى كأنّه لم يدعنا.
قالت الخنساء:

كأن لم يكونوا حمى يتّقى= إذ الناس إذ ذاك من عزّ بزّا
أي كأنهم لم يكونوا). [معاني القرآن: 3/10]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا}
قوله تعالى: {وما كانوا ليؤمنوا} فيه قولان:
أحدهما الله جل وعز أخبر بما يعلم منهم لو بقاهم
والآخر أنه جازاهم على كفرهم بأن طبع على قلوبهم
ويدل على هذا أنه قال كذلك نجزي القوم المجرمين). [معاني القرآن: 3/281-282]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون}
موضع {كيف} نصب بقوله {تعملون} لأنها حرف استفهام، ولا يعمل فيها {لننظر} لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل في الاستفهام.
ولو قلت: لننظر أخيرا تعملون أم شرّا كان العامل في خير وشيء تعملون). [معاني القرآن: 3/10]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:11 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} قال: أي دعانا متكئًا، أو في هذه الحال، أو في هذه الحال). [مجالس ثعلب: 165]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا} قال: أفلم يعلموا.
وقال في قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} قال: بعضهم يقول: ويلك، وبعضهم يقول: اعلم أن الله. وأنشد:

ويكأن من يكن له نشب يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال في قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}: ذلك في موضع رفع ونصب أراد فعلنا ذلك، ومن رفع أراد فعلنا ليعلم ذلك، فيرفع باللام.
{أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}، الحقب سنة، والأحقاب السنون.
{كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ}، فأنشد:
كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة الـ = ـرجال فأصلان الرجال أقاصره).
[مجالس ثعلب: 322] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:11 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 04:11 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:45 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:46 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون (11) وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون (12)
هذه الآية قال مجاهد نزلت في دعاء الرجل على نفسه أو ماله أو ولده ونحو هذا، فأخبر الله تعالى أنه لو فعل مع الناس في إجابته إلى المكروه مثل ما يريدون فعله معهم في إجابته إلى الخير لأهلكهم، ثم حذف بعد ذلك من القول جملة يتضمنها الظاهر، تقديرها ولا يفعل ذلك ولكن يذر الذين لا يرجون فاقتضب القول وتوصّل إلى هذا المعنى بقوله فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا فتأمل هذا التقدير تجده صحيحا، واستعجالهم نصب على المصدر، والتقدير مثل استعجالهم، وقيل: التقدير تعجيلا مثل استعجالهم، وهذا قريب من الأول، وقيل إن هذه الآية نزلت في قوله اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء [الأنفال: 32]
وقيل نزلت في قوله ائتنا بما تعدنا [الأعراف: 77] وما جرى مجراه، وقرأ جمهور القراء «لقضي» على بناء الفعل للمفعول ورفع «الأجل»، وقرأ ابن عامر وحده وعوف وعيسى بن عمر ويعقوب، «لقضى» على بناء الفعل للفاعل ونصب «الأجل» وقرأ الأعمش:
«لقضينا»، و «الأجل» في هذا الموضع أجل الموت، ومعنى قضى في هذه الآية أكمل وفرغ، ومنه قول أبي ذؤيب: [الكامل]
وعليهما مسرودتان قضاهما = داود أو صنع السوابغ تبع
وأنشد أبو علي في هذا المعنى: [الطويل]
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها = فوائح في أكمامها لم تفتق
وتعدّى «قضى» في هذه الآية ب «إلى» لما كان بمعنى فرغ، وفرغ يتعدى بإلى ويتعدى باللام، فمن ذلك قول جرير:
ألان فقد فرغت إلى نمير = فصرت على جماعتها عذابا
ومن الآخر قوله عز وجل سنفرغ لكم أيّه الثّقلان [الرحمن: 31] وقرأ الأعمش: «فنذر الذين لا يرجون لقاءنا»، ويرجون في هذا الموضع على بابها والمراد الذين لا يؤمنون بالبعث فهم لا يرجون لقاء الله، والرجاء مقترن أبدا بخوف، «والطغيان» الغلو في الأمر وتجاوز الحد، و «العمه» الخبط في ضلال، فهذه الآية نزلت ذامة لخلق ذميم هو في الناس، يدعون في الخير فيريدون تعجيل الإجابة فيحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء في الشر، فلو عجل لهم لهلكوا). [المحرر الوجيز: 4/ 457-459]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وإذا مسّ الإنسان الضّرّ الآية، هذه الآية أيضا عتاب على سوء الخلق من بعض الناس، ومضمنه النهي عن مثل هذا والأمر بالتسليم إلى الله تعالى والضراعة إليه في كل حال والعلم بأن الخير والشر منه لا رب غيره، وقوله لجنبه في موضع حال كأنه قال: مضطجعا، ويجوز أن يكون حالا من الإنسان والعامل فيه مسّ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل في دعانا والعامل فيه دعا وهما معنيان متباينان، والضّرّ لفظ لجميع الأمراض، والرزايا في النفس والمال والأحبة هذا قول اللغويين، وقيل هو مختص برزايا البدن: الهزال والمرض، وقوله مرّ يقتضي أن نزولها في الكفار ثم هي بعد تتناول كل من دخل تحت معناها من كافر أو عاص، فمعنى الآية مرّ في إشراكه بالله وقلة توكله عليه، وقوله زيّن إن قدرناه من الله تعالى فهو خلقه الكفر لهم واختراعه في نفوسهم صحبة أعمالهم الفاسدة ومثابرتهم عليها، وإن قدرنا ذلك من الشيطان فهو بمعنى الوسوسة والمخادعة، ولفظة التزيين قد جاءت في القرآن بهذين المعنيين من فعل الله تعالى ومرة من فعل الشياطين). [المحرر الوجيز: 4/ 459]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين (13) ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون (14) وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآنٍ غير هذا أو بدّله قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يومٍ عظيمٍ (15)
هذه الآية وعيد للكفار وضرب أمثال لهم، أي كما فعل هؤلاء فعلكم فكذلك يفعل بكم ما فعل بهم،
وقوله وما كانوا ليؤمنوا إخبار عن قسوة قلوبهم وشدّة كفرهم، وقرأ جمهور السبعة وغيرهم: «نجزي» بنون الجماعة، وفرقة «يجزي» بالياء على معنى يجزي الله). [المحرر الوجيز: 4/ 460]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وخلائف جمع خليفة، وقوله لننظر معناه لنبين في الوجود ما علمناه أزلا، لكن جرى القول على طريق الإيجاز والفصاحة والمجاز، وقرأ يحيى بن الحارث وقال: رأيتها في الإمام مصحف عثمان، «لنظر» بإدغام النون في الظاء، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الله تعالى إنما جعلنا خلفاء لينظر كيف عملنا فأروا الله حسن أعمالكم في السر والعلانية، وكان أيضا يقول: قد استخلفت يا ابن الخطاب فانظر كيف تعمل؟ وأحيانا كان يقول قد استخلفت يا ابن أم عمر). [المحرر الوجيز: 4/ 460]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:46 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:46 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون (11) }
يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنّه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنّه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه -لطفًا ورحمةً، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنّماء؛ ولهذا قال: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم} أي: لو استجاب لهم كلّ ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، كما جاء في الحديث الّذي رواه الحافظ أبو بكرٍ البزّار في مسنده:
حدّثنا محمّد بن معمر، حدّثنا يعقوب بن محمّدٍ، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، حدّثنا يعقوب بن مجاهدٍ أبو حزرة عن عبادة بن الوليد، حدّثنا جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من اللّه ساعةً فيها إجابةٌ فيستجيب لكم".
ورواه أبو داود، من حديث حاتم بن إسماعيل، به.
وقال البزّار: [و] تفرّد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت الأنصاريّ، لم يشاركه أحدٌ فيه، وهذا كقوله تعالى: {ويدع الإنسان بالشّرّ دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا} [الإسراء: 11].
وقال مجاهدٌ في تفسير هذه الآية: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: "اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه". فلو يعجل لهم الاستجابة فيذلك، كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 251-252]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون (12) ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين (13) ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون (14) }
يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسّه الضّرّ، كقوله: {وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاءٍ عريضٍ} [فصّلت: 51] أي: كثيرٍ، وهما في معنًى واحدٍ؛ وذلك لأنّه إذا أصابته شدّةٌ قلق لها وجزع منها، وأكثر الدّعاء عند ذلك، فدعا اللّه في كشفها وزوالها عنه في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه، وفي جميع أحواله، فإذا فرّج اللّه شدّته وكشف كربته، أعرض ونأى بجانبه، وذهب كأنّه ما كان به من ذاك شيءٌ، {مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه}
ثمّ ذمّ تعالى من هذه صفته وطريقته فقال: {كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون} فأمّا من رزقه اللّه الهداية والسّداد والتّوفيق والرّشاد، فإنّه مستثنى من ذلك، كما قال تعالى: {إلا الّذين صبروا وعملوا الصّالحات} [هودٍ: 11]، وكقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "عجبًا لأمر المؤمن لا يقضي اللّه له قضاءً إلّا كان خيرًا له: إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له"، وليس ذلك لأحدٍ إلّا للمؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 252]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون}
أخبر تعالى عمّا أحلّ بالقرون الماضية، في تكذيبهم الرّسل فيما جاءوهم به من البيّنات والحجج الواضحات، ثمّ استخلف اللّه هؤلاء القوم من بعدهم، وأرسل إليهم رسولًا لينظر طاعتهم له، واتّباعهم رسوله، وفي صحيح مسلمٍ من حديث أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ الدّنيا حلوةٌ خضرة، وإنّ اللّه مستخلفكم فيها فناظرٌ ماذا تعملون، فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء؛ فإنّ أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء".
وقال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى، حدّثنا زيد بن عوفٍ أبو ربيعة فهدٌ حدّثنا حمّادٌ، عن ثابت البناني، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى؛ أنّ عوف بن مالكٍ قال لأبي بكرٍ: رأيت فيما يرى النّائم كأنّ سببًا دلّي من السّماء، فانتشط رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ أعيد، فانتشط أبو بكرٍ، ثمّ ذرع النّاس حول المنبر، ففضل عمر بثلاث أذرعٍ إلى المنبر. فقال عمر: دعنا من رؤياك، لا أرب لنا فيها! فلمّا استخلف عمر قال: يا عوف، رؤياك! فقال: وهل لك في رؤياي من حاجةٍ؟ أولم تنتهرني ؟ فقال: ويحك! إنّي: كرهت أن تنعى لخليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه! فقصّ عليه الرّؤيا، حتّى إذا بلغ: "ذرع النّاس إلى المنبر بهذه الثّلاث الأذرع"، قال: أمّا إحداهنّ فإنّه كائنٌ خليفةً. وأمّا الثّانية فإنّه لا يخاف في اللّه لومة لائمٍ. وأمّا الثّالثة فإنّه شهيدٌ. قال: فقال: يقول اللّه تعالى: {ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} فقد استخلفت يا ابن أمّ عمر، فانظر كيف تعمل؟ وأمّا قوله: "فإنّي لا أخاف في اللّه لومة لائمٍ"، فما شاء اللّه! وأمّا قوله: [إنّي] شهيدٌ فأنّى لعمر الشّهادة والمسلمون مطيفون به). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 252-253]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة