تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في براءة: {الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله والله عليمٌ حكيم}؛
واستثنى منها فقال: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول ألا إنّها قربةٌ لهم سيدخلهم الله في رحمته}). [الجامع في علوم القرآن: 3/75-76]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله واللّه عليمٌ حكيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: الأعراب أشدّ جحودًا لتوحيد اللّه، وأشدّ نفاقًا من أهل الحضر في القرى والأمصار. وإنّما وصفّهم جلّ ثناؤه بذلك لجفائهم وقسوة قلوبهم وقلّة مشاهدتهم لأهل الخير، فهم لذلك أقسى قلوبًا وأقلّ علمًا بحقوق اللّه.
وقوله: {وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله} يقول: وأخلق أن لا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله؛ وذلك فيما قال قتادة: السّنن.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله} قال: هم أقلّ علمًا بالسّنن.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مقرّنٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: جلس أعرابيٌّ إلى زيد بن صوحان، وهو يحدّث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال: واللّه إنّ حديثك ليعجبني، وإنّ يدك لتريبني فقال زيدٌ: وما يريبك من يدي، إنّها الشّمال؟ فقال الأعرابيّ: واللّه ما أدري اليمين يقطعون أم الشّمال؟ فقال زيد بن صوحان: صدق اللّه: {الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله}.
وقوله: {واللّه عليمٌ حكيمٌ} يقول: واللّه عليمٌ بمن يعلم حدود ما أنزل على رسوله، والمنافق من خلقه والكافر منهم، لا يخفى عليه منهم أحدٌ، حكيمٌ في تدبيره إيّاهم، وفي حلمه عن عقابهم مع علمه بسرائرهم وخداعهم أولياءه). [جامع البيان: 11/632-633]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله واللّه عليمٌ حكيمٌ (97)
قوله تعالى: الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا يعلى ومحمّد بن عبيدٍ عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان زيد بن صوحان يحدّث فقال أعرابيٌّ: إنّ حديثك ليعجبني، وإنّ يدك لتريني فقال: أما تراها الشّمال؟ فقال الأعرابيّ: واللّه ما أدري، اليمين يقطعون أم الشّمال؟ قال زيدٌ: صدق اللّه الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله.
- (*) حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا حجّاج بن محمّدٍ ثنا ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ عن ابن عبّاسٍ، قوله: الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا إلى قوله: واللّه عليمٌ حكيمٌ ثمّ استثنى منهم فقال: ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قربات عند اللّه إلى قوله: غفورٌ رحيمٌ.
قوله تعالى: وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل الله الآية.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة قوله: وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله قال هم أقلّ علمًا بالسّنن). [تفسير القرآن العظيم: 6/1866]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 97.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الأعراب أشد كفرا ونفاقا} ثم استثنى منهم فقال (من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) (التوبة الآية 99) الآية.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله} قال: هم أقل علما بالسنن.
وأخرج ابن سعد، وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال: كان زيد بن صوحان يحدث فقال أعرابي: إن حديثك ليعجبني وإن يدك لتريبني، فقال: أما تراها الشمال فقال الأعرابي: والله ما أدري اليمين يقطعون أم الشمال قال زيد: صدق الله {الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله {الأعراب أشد كفرا ونفاقا} قال: من منافقي المدينة {وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله} يعني الفرائض وما أمر به من الجهاد.
وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي في الآية: أنها أنزلت في أسد وغطفان.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن سيرين قال: إذا تلا أحدكم هذه الآية
{الأعراب أشد كفرا ونفاقا} فليتل الآية الأخرى ولا يسكت (ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) (التوبة الآية 99).
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الشعب عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن وما ازداد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا). [الدر المنثور: 7/490-491]
تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرمًا ويتربّص بكم الدّوائر عليهم دائرة السّوء واللّه سميعٌ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ومن الأعراب من يعدّ نفقته الّتي ينفقها في جهاد مشركٍ أو في معونة مسلمٍ أو في بعض ما ندب اللّه إليه عباده {مغرمًا} يعني غرمًا لزمه لا يرجو له ثوابًا ولا يدفع به عن نفسه عقابًا. {ويتربّص بكم الدّوائر} يقول: وينتظرون بكم الدّوائر أن تدور بها الأيّام واللّيالي إلى مكروهٍ ونفي محبوبٍ، وغلبة عدوٍّ لكم. يقول اللّه تعالى ذكره: {عليهم دائرة السّوء} يقول: جعل اللّه دائرة السّوء عليهم، ونزول المكروه بهم لا عليكم أيّها المؤمنون، ولا بكم، واللّه سميعٌ لدعاء الدّاعين عليمٌ بتدبيرهم وما هو بهم نازلٌ من عقاب اللّه وما هم إليه صائرون من أليم عقابه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه: {ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرمًا ويتربّص بكم الدّوائر} قال: هؤلاء المنافقون من الأعراب الّذين إنّما ينفقون رياءً اتّقاء أن يغزوا، أو يحاربوا، أو يقاتلوا، ويرون نفقتهم مغرمًا، ألا تراه يقول: {ويتربّص بكم الدّوائر عليهم دائرة السّوء}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأ عامّة أهل المدينة والكوفة: {عليهم دائرة السّوء} بفتح السّين، بمعنى النّعت للدّائرة، وإن كانت الدّائرة مضافةً إليه، كقولهم: هو رجل السّوء، وامرؤ الصّدق، كأنّه إذا فتح مصدرٌ من قولهم: سؤته أسوءه سوءًا ومساءةً ومسائيّةً. وقرأ ذلك بعض أهل الحجاز وبعض البصريّين: عليهم دائرة السّوء بضمّ السّين كأنّه جعله اسمًا، كما يقال عليه دائرة البلاء والعذاب. ومن قال: عليهم دائرة السّوء فضمّ، لم يقل هذا رجل السّوء بالضّم، والرّجل السّوء، وقال الشّاعر:
وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دمًا = بصاحبه يومًا أحال على الدّم
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا بفتح السّين، بمعنى: عليهم الدّائرة الّتي تسوءهم سوءًا كما يقال هو رجلٌ صدقٌ على وجه النّعت). [جامع البيان: 11/633-634]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرمًا ويتربّص بكم الدّوائر عليهم دائرة السّوء واللّه سميعٌ عليمٌ (98)
قوله تعالى: ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرمًا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرمًا ويتربّص بكم الدّوائر قال: هؤلاء المنافقون من الأعراب، الّذين إنّما ينفقون رياءً اتّقاءً على أن يغزوا ويحاربوا ويقاتلوا ويروا نفقاتهم مغرمًا ألا تراه يقول: ويتربّص بكم الدّوائر عليهم دائرة السّوء؟.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: ويتربّص بكم الدّوائر أي: من صدقةٍ، أو نفقةٍ في سبيل اللّه عليهم دائرة السوء.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرمًا ويتربّص بكم الدّوائر فيعدّ ما ينفق في سبيل اللّه غرامةً يغرمها، ويتربّص بمحمّدٍ- صلّى اللّه عليه وسلّم- الهلاك.
قوله تعالى: واللّه سميعٌ عليمٌ.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: سميعٌ عليمٌ أي: سميعٌ ما يقولون، عليمٌ بما يخفون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1866-1867]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 98
أخرج أبو الشيخ عن الضحاك {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما} يعني أنه لا يرجو له ثوابا عند الله ولا مجازاة وإنما يعطي ما يعطي من صدقات ماله كرها {ويتربص بكم الدوائر} الهلكات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما} قال: هؤلاء المنافقون من الأعراب الذين إنما ينفقون رياء اتقاء على أن يغزوا ويحاربوا ويقاتلوا ويرون نفقاتهم مغرما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما} يعد ما ينفق في سبيل الله غرامة يغرمها {ويتربص} بمحمد صلى الله عليه وسلم الهلاك). [الدر المنثور: 7/491-492]
تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في براءة: {الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله والله عليمٌ حكيم}؛
واستثنى منها فقال: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول ألا إنّها قربةٌ لهم سيدخلهم الله في رحمته}). [الجامع في علوم القرآن: 3/75-76] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول ألا إنّها قربةٌ لهم سيدخلهم اللّه في رحمته إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ومن الأعراب من يصدّق اللّه ويقرّ بوحدانيّته وبالبعث بعد الموت والثّواب والعقاب، وينوي بما ينفق من نفقةٍ في جهاد المشركين وفي سفره مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم {قرباتٍ عند اللّه} القربات: جمع قربةٍ، وهو ما قرّبه من رضي اللّه ومحبّته {وصلوات الرّسول}، يعني بذلك: ويبتغي بنفقة ما ينفق مع طلب قربته من اللّه دعاء الرّسول واستغفاره له.
وقد دلّلنا فيما مضى من كتابنا على أنّ من معاني الصّلاة الدّعاء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وصلوات الرّسول} يعني استغفار النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول} قال: دعاء الرّسول، قال: هذه ثنيّة اللّه من الأعراب.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر} قال: هم بنو مقرّنٍ من مزينة، وهم الّذين قال اللّه فيهم: {ولا على الّذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدّمع حزنًا} قال: هم بنو مقرّنٍ من مزينة.
- قال: حدّثني حجّاج، قال: قال ابن جريجٍ، قوله: {الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا} ثمّ استثنى فقال: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر}.. الآية.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا جعفرٌ، عن البختريّ بن المختار العبديّ، قال: سمعت عبد اللّه بن مغفّلٍ، قال: كنّا عشرة ولدٍ مقرّنٍ، فنزلت فينا: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر} إلى آخر الآية.
قال اللّه: {ألا إنّها قربةٌ لهم} يقول تعالى ذكره: ألا إنّ صلوات الرّسول قربةٌ لهم من اللّه، وقد يحتمل أن يكون معناه: ألا إنّ نفقته الّتي ينفقها كذلك قربةٌ لهم عند اللّه {سيدخلهم اللّه في رحمته} يقول: سيدخلهم اللّه فيمن رحمه فأدخله برحمته الجنّة، إنّ اللّه غفورٌ لما اجترموا، رحيمٌ بهم مع توبتهم وإصلاحهم أن يعذّبهم). [جامع البيان: 11/634-636]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول ألا إنّها قربةٌ لهم سيدخلهم اللّه في رحمته إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (99)
قوله تعالى: ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر.
- حدّثنا الحسين بن الحسن ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن حاتمٍ ثنا حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر: هم بنو مقرّنٍ من مزينة.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن إسماعيل بن أبي ضرارٍ ثنا أبو تميلة عن الحسين بن واقدٍ عن يزيد النّحويّ عن عكرمة والحسن في قول اللّه في براءة: الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله واللّه عليمٌ حكيمٌ
قد استثنى فقال ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول إلى قوله: غفورٌ رحيمٌ
قوله تعالى: ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ، قوله: ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول يعني استغفار الرّسول- صلّى اللّه عليه وسلّم-.
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس النّرسيّ ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول دعاء الرّسول- صلّى اللّه عليه وسلّم-.
قوله تعالى: ألا إنها قربة لهم الآية.
بياض). [تفسير القرآن العظيم: 6/1867-1868]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 99
أخرج سنيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر} قال: هم بنو مقرن من مزينة وهم الذين قال الله (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) (التوبة الآية 92) الآية
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عبدالرحمن بن معقل قال: كنا عشرة ولد مقرن فنزلت فينا: (ومن الأعراب من يؤمن بالله واليومالآخر) الآية ..
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وصلوات الرسول} يعني استغفار النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ومن الأعراب من يؤمن بالله} قال: هذه ثنية الله من الأعراب وفي قوله {وصلوات الرسول} قال: دعاء الرسول). [الدر المنثور: 7/492-493]