العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 03:00 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة التوبة [ الآيتين (69) ، (70) ]

تفسير سورة التوبة
[ الآيتين (69) ، (70) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70 ) }

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 03:02 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله تعالى فاستمتعوا بخلاقهم قال بدينهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/283]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالاً وأولادًا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المنافقين الّذين قالوا: إنّما كنّا نخوض ونلعب: أباللّه وآيات كتابه ورسوله كنتم تستهزئون، كالّذين من قبلكم من الأمم الّذين فعلوا فعلكم فأهلكهم اللّه، وعجّل لهم في الدّنيا الخزي مع ما أعدّ لهم من العقوبة والنّكال في الآخرة؟ يقول لهم جلّ ثناؤه: واحذروا أن يحلّ بكم من عقوبة اللّه مثل الّذي حلّ بهم، فإنّهم كانوا أشدّ منكم قوّةً وبطشًا، وأكثر منكم أموالاً وأولادًا، {فاستمتعوا بخلاقهم} يقول: فتمتّعوا بنصيبهم وحظّهم من دنياهم ودينهم، ورضوا بذلك من نصيبهم في الدّنيا عوضًا من نصيبهم في الآخرة، وقد سلكتم أيّها المنافقون سبيلهم في الاستمتاع بخلاقكم، يقول: فعلتم بدينكم ودنياكم كما استمتع الأمم الّذين كانوا من قبلكم الّذين أهلكتهم بخلافهم أمري بخلاقهم، يقول: كما فعل الّذين من قبلكم بنصيبهم من دنياهم ودينهم، وخضتم في الكذب والباطل على اللّه كالّذي خاضوا، يقول: وخضتم أنتم أيّها المنافقون كخوض تلك الأمم قبلكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني أبو معشرٍ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: لتأخذنّ كما أخذ الأمم من قبلكم، ذراعًا بذراعٍ، وشبرًا بشبرٍ، وباعًا بباعٍ، حتّى لو أنّ أحدًا من أولئك دخل جحر ضبٍّ لدخلتموه. قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم القرآن: {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالاً وأولادًا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا} قالوا: يا رسول اللّه، كما صنعت فارس والرّوم؟ قال: فهل النّاس إلاّ هم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عمر بن عطاءٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كالّذين من قبلكم} الآية قال: قال ابن عبّاسٍ: ما أشبه اللّيلة بالبارحة {كالّذين من قبلكم} هؤلاء بنو إسرائيل شبّهنا بهم، لا أعلم إلاّ أنّه قال: والّذي نفسي بيده لتتّبعنّهم حتّى لو دخل الرّجل منهم جحر ضبٍّ لدخلتموه.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرنا زياد بن سعدٍ، عن محمّد بن زيد بن مهاجرٍ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: والّذي نفسي بيده لتتّبعنّ سنن الّذين من قبلكم شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، وباعًا بباعٍ، حتّى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه قالوا: ومن هم يا رسول اللّه، أهل الكتاب؟ قال: فمه؟.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال أبو سعيدٍ الخدريّ: إنّه قال: فمن؟.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن: {فاستمتعوا بخلاقهم} قال: بدينهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: حذركم أن تحدثوا في الإسلام حدثًا وقد علم أنّه سيفعل ذلك أقوامٌ من هذه الأمّة، فقال اللّه في ذلك: {فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا} وإنّما حسبوا أن لا يقع بهم من الفتنة ما وقع ببني إسرائيل قبلهم، وإنّ الفتنة عائدةٌ كما بدت.
وأمّا قوله: {أولئك حبطت أعمالهم} فإنّ معناه: هؤلاء الّذين قالوا إنّما كنّا نخوض ونلعب، وفعلوا في ذلك فعل الهالكين من الأمم قبلهم. {حبطت أعمالهم} يقول: ذهبت أعمالهم باطلاً، فلا ثواب لها إلاّ النّار؛ لأنّها كانت فيما يسخط اللّه ويكرهه. {وأولئك هم الخاسرون} يقول: وأولئك هم المغبونون صفقتهم ببيعهم نعيم الآخرة بخلاقهم من الدّنيا اليسير الزّهيد). [جامع البيان: 11/550-553]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالًا وأولادًا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون (69)
قوله تعالى: كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالا وأولادا
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ ثنا أبو الجماهر، أنبأ سعيد بن بشيرٍ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله: كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالا وأولادًا الآية، قال: صنيع الكفّار.
قوله تعالى: فاستمتعوا بخلاقهم
- ذكره الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا حجّاج بن محمّدٍ عن ابن جريجٍ ثنا عمر بن عطاءٍ عن عكرمة أنّ ابن عبّاسٍ قال: ما أشبه اللّيلة بالبارحة كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالًا وأولادًا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا فهؤلاء بنو إسرائيل أشبهناهم قال ابن جريجٍ: ولا أعلم إلا أنّ فيه: والّذي نفسي بيده لتتّبعنّهم حتّى لو دخل رجلٌ جحر ضبٍّ لدخلتموه.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى ثنا محمّدٌ عن معمرٍ عن الحسن فاستمتعوا بخلاقهم قال: بدينهم.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ عن السّدّيّ قوله: فاستمتعوا بخلاقهم يقول: بنصيبهم من الدّنيا.
قوله تعالى: فاستمتعتم بخلاقكم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن عليّ بن حمزة ثنا يحيى ثنا عبد اللّه بن المبارك، أنبأنا شريكٌ عن أبي معشرٍ عن سعيدٍ عن أبي هريرة فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم قال: الخلاق: الدّين.
- حدّثنا أبي ثنا عبدة بن سليمان، أنبأ ابن المبارك أنبأ أبو معشرٍ عن محمّد بن كعبٍ أو عن سعيدٍ قوله: فاستمتعتم بخلاقكم الآية، قال: الخلاق: الدّين.
- حدّثنا أبي ثنا عبدة حدّثنا ابن المبارك عن شريكٍ عن ليثٍ عن مجاهدٍ نحوه.
قوله تعالى: كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: بخلاقهم قال: بدينهم.
قوله تعالى: وخضتم كالّذي خاضوا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: في قول اللّه: وخضتم كالّذي خاضوا قال: الخوض: ما يتكلّمون به من الباطل، وما يخوضون فيه من أمر اللّه ورسله، وتكذيبهم إيّاهم.
قوله تعالى: أولئك حبطت أعمالهم الآية.
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى ثنا هارون بن حاتمٍ ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: حبطت أعمالهم، يقول: بطلت أعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1834-1835]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كالذين من قبلكم} قال: صنيع الكفار كالكفار.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: ما أشبه الليلة بالبارحة {كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة} إلى قوله {وخضتم كالذي خاضوا} هؤلاء بنو إسرائيل أشبهناهم والذي نفسي بيده لنتبعنهم حتى لو دخل رجل جحر ضب لدخلتموه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بخلاقهم} قال: بدينهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي هريرة قال: الخلاق الدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فاستمتعوا بخلاقهم} قال: بنصيبهم من الدنيا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله {وخضتم كالذي خاضوا} قال: لعبتم كالذي لعبوا.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذركم أن تحدثوا حدثا في الإسلام وعلم أنه سيفعل ذلك أقوام من هذه الأمة فقال الله {فاستمتعوا بخلاقهم} الآية). [الدر المنثور: 7/431-432]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال والمؤتفكات قوم لوط ائتفكت بهم أرضوهم فجعل عاليها سافلها). [تفسير عبد الرزاق: 1/283]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({والمؤتفكات} [التوبة: 70] : " ائتفكت: انقلبت بها الأرض "). [صحيح البخاري: 6/63]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله والمؤتفكات ائتفكت انقلبت بها الأرض قال أبو عبيدة في قوله تعالى والمؤتفكات أتتهم رسلهم هم قوم لوطٍ ائتفكت بهم الأرض أي انقلبت بهم). [فتح الباري: 8/314]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والمؤتفكات ائتفكت انقلبت بها الأرض
أشار به إلى قوله تعالى: {وأصحاب مدين والمؤتفكات اتتهم رسلهم بالبيّنات} (براءة: 70) وفسّر المؤتفكات بقوله: ائتفكت انقلبت بها الأرض وهم قوم لوط، وفي التّفسير: والمؤتفكات قرى قوم لوط، عليه السّلام، وكانوا يسكنون في مدن وأمّها سدوم وأهلكهم الله عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوطا عليه السّلام، وإتيانهم الفاحشة الّتي لم يسبقهم بها أحد من العالمين، وأصله من أفكه يأفكه أفكا إذا صرفه عن الشّيء. وقلبه، وأفك فهو مأفوك والآفكة العذاب الّذي أرسله الله على قوم لوط فقلب بها ديارهم، والبلدة مؤتفكة وتجمع على مؤتفكات). [عمدة القاري: 18/255]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {وأصحاب مدين} ({والمؤتفكات}) [التوبة:70] وهي قريات قوم لوط (ائتفكت) أي (انقلبت بها) أي القريات (الأرض) فصار عاليها سافلها وأمطروا حجارة من سجيل). [إرشاد الساري: 7/139]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أهوى} [النجم: 53] : «ألقاه في هوّةٍ»). [صحيح البخاري: 6/64]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أهوى ألقاه في هوّةٍ هذه اللّفظة لم تقع في سورة براءة وإنّما هي في سورة النّجم ذكرها المصنّف هنا استطرادًا من قوله والمؤتفكة أهوى). [فتح الباري: 8/314]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أهوى ألقاه في هوّةٍ
هذه اللّفظة لم تقع في سورة براءة وإنّما هي في سورة النّجم ذكرها هنا البخاريّ استطرادًا لقوله: والمؤتفكة أهوى، والهوة بضم الهاء وتشديد الواو وهو المكان العميق). [عمدة القاري: 18/255]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أهوى}) يريد: {والمؤتفكة أهوى} بسورة النجم يقال: (ألقاه في هوّة) بضم الهاء وتشديد الواو أي مكان عميق وذكرها استطرادًا). [إرشاد الساري: 7/139]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
يقول تعالى ذكره: ألم يأت هؤلاء المنافقين الّذين يسرّون الكفر باللّه، وينهون عن الإيمان به وبرسوله {نبأ الّذين من قبلهم} يقول: خبر الأمم الّذين كانوا من قبلهم حين عصوا رسلنا، وخالفوا أمرنا ماذا حلّ بهم من عقوبتنا؟
ثمّ بيّن جلّ ثناؤه من أولئك الأمم الّتي قال لهؤلاء المنافقين ألم يأتهم نبؤهم، فقال: {قوم نوحٍ} ولذلك خفض القوم لأنّه ترجم بهنّ عن الّذين، والّذين في موضع خفضٍ.
ومعنى الكلام: ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر قوم نوحٍ وصنيعي بهم؛ إذ كذّبوا رسولي نوحًا وخالفوا أمري، ألم أغرقهم بالطّوفان؟ {وعادٍ} يقول: وخبر عادٍ إذ عصوا رسولي هودًا، ألم أهلكهم بريحٍ صرصرٍ عاتيةٍ؟ وخبر ثمود إذ عصوا رسولي صالحًا، ألم أهلكهم بالرّجفة، فأتركهم بأفنيتهم خمودًا؟ وخبر قوم إبراهيم إذ عصوه، وردّوا عليه ما جاءهم به من عند اللّه من الحقّ، ألم أسلبهم النّعمة وأهلك ملكهم نمروذ؟ وخبر أصحاب مدين بن إبراهيم، ألم أهلكهم بعذاب يوم الظّلّة؛ إذ كذّبوا رسولي شعيبًا؟ وخبر المنقلبة بهم أرضهم، فصار أعلاها أسفلها؛ إذ عصوا رسولي لوطًا وكذّبوا ما جاءهم به من عندي من الحقّ. يقول تعالى ذكره: أفأمن هؤلاء المنافقون الّذين يستهزئون باللّه وبآياته ورسوله، أن يسلك بهم في الانتقام منهم وتعجيل الخزي والنّكال لهم في الدّنيا سبيل أسلافهم من الأمم، ويحلّ بهم بتكذيبهم رسولي محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم ما حلّ بهم في تكذيبهم رسلنا؛ إذ أتتهم بالبيّنات.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {والمؤتفكات} قال: قوم لوطٍ انقلبت بهم أرضهم، فجعل عاليها سافلها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والمؤتفكات} قال: هم قوم لوطٍ.
فإن قال قائلٌ: فإن كان عنى بالمؤتفكات قوم لوطٍ، فكيف قيل: المؤتفكات، فجمعت ولم توحّد؟
قيل: إنّها كانت قرياتٍ ثلاثًا، فجمعت لذلك، ولذلك جمعت بالتّاء على قول اللّه: {والمؤتفكة أهوى}.
فإن قال: وكيف قيل: أتتهم رسلهم بالبيّنات، وإنّما كان المرسل إليهم واحدًا؟
قيل: معنى ذلك: أتى كلّ قريةٍ من المؤتفكات رسولٌ يدعوهم إلى اللّه، فتكون رسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الّذين بعثهم إليهم للدّعاء إلى اللّه عن رسالته رسلاً إليهم، كما قالت العرب لقومٍ نسبوا إلى أبي فديكٍ الخارجيّ: الفديكات، وأبو فديكٍ واحدٌ، ولكنّ أصحابه لمّا نسبوا إليه وهو رئيسهم دعوا بذلك ونسبوا إلى رئيسهم، فكذلك قوله: {أتتهم رسلهم بالبيّنات}.
وقد يحتمل أن يقال: معنى ذلك: أتت قوم نوحٍ وعادٍ وثمود وسائر الأمم الّذين ذكرهم اللّه في هذه الآية رسلهم من اللّه بالبيّنات.
وقوله: {فما كان اللّه ليظلمهم} يقول جلّ ثناؤه: فما أهلك اللّه هذه الأمم الّتي ذكر أنّه أهلكها إلاّ بإجرامها وظلمها أنفسها واستحقاقها من اللّه عظيم العقاب، لا ظلمًا من اللّه لهم ولا وضعًا منه جلّ ثناؤه عقوبةً في غير من هو لها أهلٌ؛ لأنّ اللّه حكيمٌ، لا خلل في تدبيره ولا خطأ في تقديره، ولكنّ القوم الّذين أهلكهم ظلموا أنفسهم بمعصية اللّه وتكذيبهم رسله حتّى أسخطوا عليهم ربّهم فحقّ عليهم كلمة العذاب فعذّبوا). [جامع البيان: 11/553-556]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (70)
قوله تعالى: ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم.
- ذكر ابن أبي أسلم ثنا إسحاق بن راهويه، أنبأ محمّد بن يزيد الواسطيّ ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك قوله ممّا يعيّر به المنافقون ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم الآية.
قوله تعالى: قوم نوحٍ.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنبأ ابن وهبٍ، ثنا مسلمة بن عليٍّ عن سعيد بن بشيرٍ عن قتادة: أنّ نوحًا بعث من الجزيرة.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ ثنا عبد الرّحمن بن سلمة بن الفضل ثنا محمّد بن إسحاق قال: كان من حديث نوحٍ وحديث قومه فيما قصّ اللّه على لسان نبيّه محمّدٍ- صلّى اللّه عليه وسلّم- وما يذكر أهل الكتاب يعني: من أهل التّوراة وما حفظ لنا من الأحاديث عن عبد اللّه بن عبّاسٍ وعن عبيد بن عميرٍ أنّ اللّه- عزّ وجلّ- بعث نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى اللّه، وقد فشت في الأرض المعاصي وكثرت فيها الجبابرة وعتوا على اللّه عتوًّا كبيرًا، وكان نوحٌ فيما يذكر حليمًا صبورًا، لم يلق نبيًّ من قومه من البلاء أكثر ممّا لقي إلا نبيّ قتل.
قوله تعالى: وعادٍ
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قال: إنّ عادٍا كانوا قومًا باليمن بالأحقاف والأحقاف: هي الرّمال، فأتاهم فوعظهم وذكّرهم بما قصّ اللّه في القرآن فكذّبوه وكفروا، وسألوه أن يأتيهم بالعذاب.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة ثنا محمّد بن إسحاق قال: وكان من حديث عادٍ فيما بلغني- واللّه أعلم- أنّهم كانوا قومًا عربًا وكانوا أصحاب أوثانٍ يعبدونها من دون اللّه، صنمٌ يقال له: صمدن وآخر يقال له: صمودٌ، وصنمٌ يقال له: الهناء، فبعث اللّه إليهم هودًا فأمرهم أن يوحّدوا اللّه، لا يعبدوا معه إلهًا غيره، وأن يكفّوا عن ظلم النّاس، لم يأمرهم فيما يذكرون واللّه أعلم إلا بذلك.
قوله تعالى: وثمودٍ
- حدّثنا محمّد بن عمّار الرّازيّ ثنا سهل بن بكّارٍ ثنا داود بن أبي الفرات عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: أنّ صالحًا النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- بعثه اللّه إلى قومه فآمنوا به، ثمّ إنّه مات فرجعوا بعده عن الإسلام، فأحيى اللّه صالحًا وبعثه إليهم، فأخبرهم أنّه صالحٌ، فكذّبوه وقالوا: قد مات صالحٌ، فائتنا بآيةٍ إن كنت من الصّادقين، فسأل اللّه أن يأتيهم بآيةٍ، فأتاهم اللّه بالنّاقة، فكفروا به وعقروها، فأهلكهم اللّه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل عن محمّد بن إسحاق قال: فلمّا أهلك اللّه عادًا وتقضّى أمرها، عمرت ثمودٌ بعدها، فاستخلفوا في الأرض فربلوا وانتشروا ثمّ عتوا على اللّه، فلمّا ظهر فسادهم وعبدوا غير اللّه، بعث اللّه إليهم صالحًا- وكانوا قومًا عربًا، وهو من أوسطهم نسبًا، وأفضلهم موضعًا رسولًا، وكانت منازلهم الحجر إلى قرحٌ، وهو وادي القرى وبين ذلك ثمانية عشر ميلا، فيما بين الحجاز والشّام، فبعثه اللّه إليهم غلامًا شابًّا، فدعاهم إلى اللّه حتّى شمط وكبر لا يتبعه منهم أحدٌ إلّا قليلٌ مستضعفون.
قوله تعالى: وقوم إبراهيم
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم ثنا عبد الصّمد بن معقلٍ قال: سمعت وهبًا يعني: ابن منبّهٍ، يذكر مسير إبراهيم النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- حين أخرجه قومه بعد ما ألقوه في النّار فخرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوطٌ- فتوجّها إلى أرض الشّام ثمّ بلغوا مصر.
قوله تعالى: وأصحاب مدين
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قال: إنّ اللّه- عزّ وجلّ- بعث شعيبًا إلى مدين وإلى أصحاب الأيكة: هي الغيضة من الشّجر، فكانوا مع كفرهم يبخسون الكيل والوزن، فدعاهم فكذّبوه، فقال لهم: ما ذكر اللّه في القرآن، وما ردّوا عليه، فلمّا عتوا وكذبوا سألوه العذاب.
قوله تعالى: والمؤتفكات
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن قتادة قوله: والمؤتفكات قال: قوم لوطٍ، ائتفكت بهم أرضهم فجعل عاليها سافلها.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن كثيرٍ أنبأ سليمان بن كثيرٍ يعني: أخاه ثنا حصينٍ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا ولج رسل اللّه على قوم لوطٍ ظنّ أنّهم ضيفانٌ قال: فأخرج بناته بالطّريق، وجعل ضيفانه بينه وبين بناته قال وجاءه قومه يهرعون إليه. فقال: إن هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي إلى قوله: أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ فالتفت إليه جبريل- عليه السّلام- فقال: لا تخف إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فلمّا دنوا طمس أعينهم، فانطلقوا يركب بعضهم بعضًا، حتّى خرجوا إلى الّذين بالباب فقالوا: جئناكم من عند أسحر النّاس، طمست أبصارنا، قال: فانطلقوا يركب بعضهم بعضًا حتّى دخلوا المدينة، فكان في جوف اللّيل، فرفعت حتّى إنّهم ليسمعون صوت الطّير في جوّ السّماء، ثمّ قلبت عليهم، فمن أصابته الائتفاكة أهلكته، قال: ومن خرج منها اتّبعه حجرٌ حيث كان فقتله، قال: وخرج منها لوطٌ ببناته وهنّ ثلاثٌ فلمّا بلغ مكانًا من الشّام، ماتت الكبرى فدفنها فخرجت عندها عينٌ يقال لها عين الدّبة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: ربثًا، قال: ثمّ انطلق حتّى بلغ مكانًا آخر، ماتت الصّغرى فدفنها، فخرجت عندها عينٌ يقال لها: الزّغرتة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: زغوتًا قال: ولم يبق غير الوسطى.
- حدّثنا أبي ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن الهذلي في قوله: المؤتفكات قال: هنّ أربعٌ، المؤتفكات دادوما، وسدومٌ، وعامورًا، وصابومًا.
قوله تعالى: أتتهم رسلهم بالبيّنات
- قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ ثنا محمّد بن مزاحمٍ ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: بالبيّنات يعني: البيّنات، ما أنزل اللّه من الحلال والحرام.
قوله تعالى: فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عباس في قوله: يظلمون قال: يضرّون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1835-1838]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والمؤتفكات} قال: قوم لوط ائتفكت بهم أرضهم فجعل عليها سافلها). [الدر المنثور: 7/432]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 03:07 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كالّذين من قبلكم...}
أي فعلتم كأفعال الذين من قبلكم.
وقوله: {فاستمتعوا بخلاقهم}. يقول: رضوا بنصيبهم في الدنيا من أنصبائهم في الآخرة.
وقوله: {فاستمتعتم} أي أردتم ما أراد الذين من قبلكم.
وقوله: {وخضتم كالّذي خاضوا} يريد: كخوضهم الذي خاضوا). [معاني القرآن: 1/446]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاستمتعوا بخلاقهم} أي بنصيبهم ودينهم ودنياهم.
{وماله في الآخرة من خلاقٍ} [2 :200]أي من نصيب يعود إليه). [مجاز القرآن: 1/263]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وخضتم كالذي خاضوا} كأنه قال: كالخوض الذي خاضوا؛ يريد المصدر من الفعل؛ ولو أراد القوم لقال: كالذين، خاضوا؛ وإن ذهب ذاهب إلى أنه أراد كالذين، فقال: الذي على ما وصفنا في سورة أم الكتاب، في هذا الباب من قوله {كمثل الذي استوقد نارًا} ). [معاني القرآن لقطرب: 650]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاستمتعوا بخلاقهم} أي استمتعوا بنصيبهم من الآخرة في الدنيا). [تفسير غريب القرآن: 190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون}
{كالّذين من قبلكم}.
موضع الكاف نصب، أي وعدهم اللّه على الكفر به كما وعد الذين من قبلهم.
وقوله: {فاستمتعوا بخلاقهم} قيل فاستمتعوا بحظهم من الدنيا وقيل فاستمتعوا بدينهم.
والخلاق النصيب الذي هو عند صاحبه وافر الحظ). [معاني القرآن: 2/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاستمتعوا بخلاقهم}
قال قتادة أي بدينهم والمعنى عند أهل اللغة فاستمتعوا بنصيبهم من الدنيا). [معاني القرآن: 3/232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فاستمتعوا بخلاقهم} أي بنصيبهم في الدنيا من الآخرة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 98]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والمؤتفكات أتتهم رسلهم...}
يقال: إنها قريات قوم لوط وهود وصالح. ويقال: إنهم أصحاب لوط خاصّة. جمعوا بالتاء على قوله: {والمؤتفكة أهوى}. وكأنّ جمعهم إذ قيل {والمؤتفكات أتتهم} على الشيع والطوائف؛ كما قيل: قتلت الفديكات، نسبوا إلى رئيسهم أبى فديك). [معاني القرآن: 1/446]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والمؤتفكات} قوم لوط ائتفكت بهم الأرض أي انقلبت بهم). [مجاز القرآن: 1/263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {والمؤتفكات}: قوم لوط. ائتفكت بهم الأرض: انقلبت بهم. ومنه الإفك وهو الكذب لأنه قلب الحديث عن وجهه). [غريب القرآن وتفسيره: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والمؤتفكات}: مدائن قوم لوط، لأنها ائتفكت، أي انقلبت). [تفسير غريب القرآن: 190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}
ألم يأتهم خبر الذين هلكوا في الدنيا بذنوبهم فيتعظوا.
و{المؤتفكات}.
جمع مؤتفكة، ائتفكت بهم الأرض، أي انقلبت، يقال إنهم قوم لوط.
ويقال إنهم جميع من أهلك، كما تقول للهالك انقلبت عليه الدنيا.
{فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
أعلم اللّه جلّ ثناؤه أن تعذيبه إياهم باستحقاقهم، وأن ذلك عدل). [معاني القرآن: 2/460-461]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والمؤتفكات}
قال قتادة هي مدائن قوم لوط
وقال أهل اللغة سميت مؤتفكات لأنها ائتفكت بهم أي انقلبت وهو من الإفك وهو الكذب لأنه مقلوب ومصروف عن الصدق). [معاني القرآن: 3/232]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {والمؤتفكات}: المتقلبات بالخسف والزلازل). [ياقوتة الصراط: 244]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} مدائن قوم لوط، لأنها انقلبت عليهم، أي ائتفكت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 99]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ}: المخسوف بها). [العمدة في غريب القرآن: 149]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 03:12 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 06:09 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 06:09 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى كالّذين من قبلكم الآية، أمر الله نبيه أن يخاطب بها المنافقين فيقول لهم كالّذين من قبلكم، والمعنى أنتم كالذين أو مثلكم مثل الذين من قبلكم، وقال الزجّاج: المعنى وعدا كما وعد الذين من قبلكم فهو متعلق بوعد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قلق، ثم قال كانوا أشدّ منكم وأعظم فعصوا فأهلكوا فأنتم أحرى بالإهلاك لمعصيتكم وضعفكم، والخلاق الحظ من القدر والدين وجميع حال المرء وخلاق المرء الشيء الذي هو به خليق والمعنى عجلوا حظهم في دنياهم وتركوا باب الآخرة فاتبعتموهم أنتم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأورد الطبري في تفسير هذه الآية قوله صلى الله عليه وسلم «لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه»، وما شاكل هذا الحديث مما يقتضي اتباع محمد صلى الله عليه وسلم لسائر الأمم، وهو معنى لا يليق بالآية جدا إذ هي مخاطبة لمنافقين كفار أعمالهم حابطة والحديث مخاطبة لموحدين يتبعون سنن من مضى في أفعال دنيوية لا تخرج عن الدين، وقوله خضتم كالّذي خاضوا أي خلطتم كالذي خلطوا، وهو مستعار من الخوض في المائعات، ولا يستعمل إلا في الباطل، لأن التصرف في الحقائق إنما هو على ترتيب ونظام، وأمور الباطل إنما هي خوض، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «رب متخوض في مال الله له النار يوم القيامة»، ثم قال تعالى: أولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة فيحتمل أن يراد ب أولئك القوم الذين وصفهم بالشدة وكثرة الأموال والاستمتاع بالخلاق، والمعنى وأنتم أيضا كذلك يعتريكم بإعراضكم عن الحق، ويحتمل أن يريد ب أولئك المنافقين المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم، ويكون الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم وفي ذلك خروج من خطاب إلى خطاب غير الأول، و «حبط العمل» وما جرى مجراه يحبط حبطا إذا بطل بعد التعب فيه، وحبط البطن حبطا بفتح الباء وهو داء في البطن، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم»، وقوله في الدّنيا معناه إذا كان في المنافقين ما يصيبهم في الدنيا من المقت من المؤمنين وفساد أعمالهم عليهم وفي الآخرة بأن لا تنفع ولا يقع عليها جزاء، ويقوي أن الإشارة ب أولئك إلى المنافقين قوله في الآية المستقبلة ألم يأتهم فتأمله). [المحرر الوجيز: 4/ 358-359]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (70) والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة ويطيعون اللّه ورسوله أولئك سيرحمهم اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ (71) وعد اللّه المؤمنين والمؤمنات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيّبةً في جنّات عدنٍ ورضوانٌ من اللّه أكبر ذلك هو الفوز العظيم (72)
يقول عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر الأمم السالفة التي عصت الله بتكذيب رسله فأهلكها، وعادٍ وثمود قبيلتان، وقوم إبراهيم نمرود وأصحابه وتباع دولته، وأصحاب مدين قوم شعيب، والمؤتفكات أهل القرى الأربعة، وقيل السبعة الذين بعث إليهم لوط صلى الله عليه وسلم، ومعنى المؤتفكات المنصرفات والمنقلبات أفكت فانتفكت لأنها جعل أعاليها أسفلها، وقد جاءت في القرآن مفردة تدل على الجمع، ومن هذه اللفظة قول عمران بن حطان: [البسيط]
بمنطق مستبين غير ملتبس = به اللسان وإني غير مؤتفك
أي غير منقلب منصرف مضطرب ومنه يقال للريح مؤتفكة لتصرفها، ومنه أنّى يؤفكون [المائدة: 75، التوبة: 30، العنكبوت: 61، الزخرف: 87، المنافقون: 4] والإفك صرف القول من الحق إلى الكذب، والضمير في قوله أتتهم رسلهم عائد على هذه الأمم المذكورة، وقيل على المؤتفكات خاصة، وجعل لهم رسلا وإنما كان نبيهم واحدا لأنه كان يرسل إلى كل قرية رسولا داعيا، فهم رسل رسول الله ذكره الطبري، والتأويل الأول في عود الضمير على جميع الأمم أبين، وقوله بالبيّنات يريد بالمعجزات وهي بينة في أنفسها بالإضافة إلى الحق لا بالإضافة إلى المكذبين بها). [المحرر الوجيز: 4/ 359-360]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:35 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالا وأولادًا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون (69)}
يقول تعالى: أصاب هؤلاء من عذاب اللّه في الدّنيا والآخرة كما أصاب من قبلهم، وقد كانوا أشدّ منهم قوّةً وأكثر أموالًا وأولادًا، {فاستمتعوا بخلاقهم} قال الحسن البصريّ: بدينهم، {كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا} أي: في الكذب والباطل، {أولئك حبطت أعمالهم} أي: بطلت مساعيهم، فلا ثواب لهم عليها لأنّها فاسدةٌ {في الدّنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون}؛ لأنّهم لم يحصل لهم عليها ثوابٌ.
قال ابن جريج عن عمر بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {كالّذين من قبلكم} الآية، قال ابن عبّاسٍ: ما أشبه اللّيلة بالبارحة، {كالّذين من قبلكم} هؤلاء بنو إسرائيل، شبّهنا بهم، لا أعلم إلّا أنّه قال: "والّذي نفسي بيده، لتتّبعنّهم حتّى لو دخل الرّجل منهم جحر ضبٍّ لدخلتموه".
قال ابن جريج: وأخبرني زياد بن سعدٍ، عن محمّد بن زيد بن مهاجرٍ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفسي بيده، لتتّبعنّ سنن الّذين من قبلكم، شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، وباعًا بباعٍ، حتّى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه". قالوا: ومن هم يا رسول اللّه؟ أهل الكتاب؟ قال: "فمه"
وهكذا رواه أبو معشر، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره وزاد: قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم القرآن. {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالا وأولادًا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم} قال أبو هريرة: الخلاق: الدّين. {وخضتم كالّذي خاضوا} قالوا: يا رسول اللّه، كما صنعت فارس والرّوم؟ قال: "فهل الناس إلا هم"
وهذا الحديث له شاهدٌ في الصّحيح). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 173-174]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (70)}
يقول تعالى واعظًا لهؤلاء المنافقين المكذّبين للرّسل: {ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم} أي: ألم تخبروا خبر من كان قبلكم من الأمم المكذّبة للرّسل {قوم نوحٍ} وما أصابهم من الغرق العامّ لجميع أهل الأرض، إلّا من آمن بعبده ورسوله نوحٍ، عليه السّلام، {وعادٍ} كيف أهلكوا بالرّيح العقيم، لمّا كذّبوا هودًا، عليه السّلام، {وثمود} كيف أخذتهم الصّيحة لمّا كذّبوا صالحًا، عليه السّلام، وعقروا النّاقة، {وقوم إبراهيم} كيف نصره اللّه عليهم وأيّده بالمعجزات الظّاهرة عليهم، وأهلك ملكهم النّمروذ بن كنعان بن كوش الكنعانيّ لعنه اللّه، {وأصحاب مدين} وهم قوم شعيبٍ، عليه السّلام، وكيف أصابتهم الرّجفة والصّيحة وعذاب يوم الظّلّة، {والمؤتفكات} قوم لوطٍ، وقد كانوا يسكنون في مدائن، وقال في الآية الأخرى: {والمؤتفكة أهوى} [النّجم: 53،] أي: الأمّة المؤتفكة، وقيل: أمّ قراهم، وهي "سدوم". والغرض: أنّ اللّه تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبيّ اللّه لوطًا، عليه السّلام، وإتيانهم الفاحشة الّتي لم يسبقهم بها أحدٌ من العالمين.
{أتتهم رسلهم بالبيّنات} أي: بالحجج والدّلائل القاطعات، {فما كان اللّه ليظلمهم} أي: بإهلاكه إيّاهم؛ لأنّه أقام عليهم الحجّة بإرسال الرّسل وإزاحة العلل {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} أي: بتكذيبهم الرّسل ومخالفتهم الحقّ، فصاروا إلى ما صاروا إليه من العذاب والدّمار). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 174]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة