تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني حرملة بن عمران أنه سمع عمر بن عبد الله مولى غفرة يقول: إذا سمعت الله يقول: {كلا}، فإنما يقول: كذبت؛ وإذا [سمعت الله يقول (؟)]: {يضربون وجوههم وأدبارهم}، قال: يريد أستاههم). [الجامع في علوم القرآن: 2/57] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي هاشمٍ عن مجاهدٍ {يضربون وجوههم وأدبارهم} قال: استاههم [الآية: 50]). [تفسير الثوري: 119]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (50) : قوله تعالى: {ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن كثيرٍ، قال: قال لي مجاهدٌ: تدري ما قول اللّه عزّ وجل: {يضربون وجوههم وأدبارهم} ؟ قلت: ما هو؟ قال: (وأستاهم)، ولكنّ اللّه عزّ وجلّ كريمٌ يكني). [سنن سعيد بن منصور: 5/221]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ولو تعاين يا محمّد حين يتوفّى الملائكة أرواح الكفّار فتنزعها من أجسادهم، تضرب الوجوه منهم والأستاه، ويقولون لهم: ذوقوا عذاب النّار الّتي تحرقكم يوم ورودكم جهنّم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} قال: يوم بدرٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن أسلم، عن إسماعيل بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، {يضربون وجوههم وأدبارهم} قال: وأستاههم، ولكنّ اللّه كريمٌ يكنّي.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يضربون وجوههم وأدبارهم} قال: وأستاههم، ولكنّ اللّه كريمٌ يكنّي.
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا وهب بن جريرٍ، قال: أخبرنا شعبة، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {يضربون وجوههم وأدبارهم} قال: إنّ اللّه كنّى، ولو شاء لقال: أستاههم، وإنّما عنى بأدبارهم أستاههم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: أستاههم يوم بدرٍ.
قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسّيوف، وإذا ولّوا أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، عن الحسن، قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه إنّي رأيت بظهر أبي جهلٍ مثل الشّراك، فما ذاك؟ قال: ضرب الملائكة.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إسرائيل، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: أنّ رجلاً قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّي حملت على رجلٍ من المشركين، فذهبت لأضربه، فندر رأسه. فقال: سبقك إليه الملك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني حرملة، أنّه سمع عمر مولى غفرة يقول: إذا سمعت اللّه يقول: {يضربون وجوههم وأدبارهم} فإنّما يريد أستاههم.
قال أبو جعفرٍ: وفي الكلام محذوفٌ استغني بدلالة الظّاهر عليه من ذكره، وهو قوله: ويقولون ذوقوا عذاب الحريق، حذفت يقولون، كما حذفت من قوله: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم ربّنا أبصرنا وسمعنا} بمعنى: يقولون ربّنا أبصرنا). [جامع البيان: 11/229-231]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق (50)
قوله تعالى: ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن منيبٍ ثنا أبو معاذٍ النّحويّ عن عبيد بن سليمان عن الضّحّاك ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة الّذين قتلهم اللّه ببدرٍ من المشركين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو الأصبغ ثنا عتّابٌ عن خصيفٍ عن مقسمٍ عن ابن عبّاسٍ قال: آيتان يبشّر بهما الكافر عند موته ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم
قوله تعالى: يضربون وجوههم وأدبارهم
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم يوم بدرٍ.
- حدّثنا أبي ثنا أبو نعيمٍ ثنا سفيان عن أبي هاشمٍ عن مجاهدٍ يضربون وجوههم وأدبارهم قال: وأستاههم، ولكنّه كنّى، وروي عن سعيد بن جبيرٍ.
وعكرمة وعمر مولى غفرة نحو قول مجاهد حديث أبي هاشمٍ.
قوله تعالى: وذوقوا عذاب الحريق
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: عذاب يقول: نكال). [تفسير القرآن العظيم: 5/1717-1718]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم قال ذلك يوم بدر). [تفسير مجاهد: 265-266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 50 - 54.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة} قال: الذين قتلهم الله ببدر من المشركين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: آيتان يبشر بهما الكافر عند موته {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم}.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأدبارهم} قال: وأشباههم ولكن الله كريم يكني). [الدر المنثور: 7/149]
تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلاّمٍ للعبيد}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الملائكة لهؤلاء المشركين الّذين قتلوا ببدرٍ أنّهم يقولون لهم وهم يضربون وجوههم وأدبارهم: ذوقوا عذاب اللّه الّذي يحرقكم، هذا العذاب لكم {بما قدّمت أيديكم} أي بما كسبت أيديكم من الآثام والأوزار واجترحتم من معاصي اللّه أيّام حياتكم، فذوقوا اليوم العذاب وفي معادكم عذاب الحريق، وذلك لكم بأنّ اللّه ليس بظلاّمٍ للعبيد، لا يعاقب أحدًا من خلقه إلاّ بجرمٍ اجترمه، ولا يعذّبه إلاّ بمعصيته إيّاه؛ لأنّ الظّلم لا يجوز أن يكون منه.
وفي فتح أنّ من قوله: {وأنّ اللّه} وجهان من الإعراب: أحدهما النّصب، وهو للعطف على ما الّتي في قوله: {بما قدّمت} بمعنى: ذلك بما قدّمت أيديكم، وبأنّ اللّه ليس بظلاّمٍ للعبيد في قول بعضهم، والخفض في قول بعضٍ.
والآخر: الرّفع على {ذلك بما قدّمت} وذلك أنّ اللّه). [جامع البيان: 11/231-232]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلّامٍ للعبيد (51)
قوله تعالى: ذلك بما قدّمت أيديكم
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ ثنا عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ذلك يعني: الّذي نزل بهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/1718]
تفسير قوله تعالى: (كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم كفروا بآيات اللّه فأخذهم اللّه بذنوبهم إنّ اللّه شديد العقاب}.
يقول تعالى ذكره: فعل هؤلاء المشركون من قريشٍ الّذين قتلوا ببدرٍ كعادة قوم فرعون وصنيعهم وفعلهم، وفعل من كذّب بحجج اللّه ورسله من الأمم الخالية قبلهم، ففعلنا بهم كفعلنا بأولئك.
وقد بيّنّا فيما مضى أنّ الدّأب: هو الشّأن والعادة، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثني عبد العزيز، قال: حدّثنا شيبان، عن جابرٍ، عن عامرٍ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ: {كدأب آل فرعون} كفعل آل فرعون، كسنن آل فرعون وقوله: {فأخذهم الله بذنوبهم} يقول: فعاقبهم اللّه بتكذيبهم حججه ورسله ومعصيتهم ربّهم، كما عاقب أشكالهم والأمم الّذين قبلهم. {إنّ اللّه قويّ} لا يغلبه غالبٌ ولا يردّ قضاءه رادٌّ، ينفذ أمره ويمضي قضاؤه في خلقه، شديدٌ عقابه لمن كفر بآياته وجحد حججه). [جامع البيان: 11/232-233]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم كفروا بآيات اللّه فأخذهم اللّه بذنوبهم إنّ اللّه قويٌّ شديد العقاب (52)
قوله تعالى: كدأب آل فرعون الآية إلى آخره.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: كدأب آل فرعون قال: كصنيع آل فرعون. وروي عن مجاهدٍ والضّحّاك وأبي مالكٍ وعكرمة نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/1718]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل كدأب آل فرعون قال كفعل آل فرعون). [تفسير مجاهد: 266]
تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّ اللّه لم يك مغيّرًا نعمةً أنعمها على قومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وأنّ الله سميعٌ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: وأخذنا هؤلاء الّذين كفروا بآياتنا من مشركي قريشٍ ببدرٍ بذنوبهم وفعلنا ذلك بهم، بأنّهم غيّروا ما أنعم اللّه عليهم به من ابتعاثه رسوله منهم وبين أظهرهم، بإخراجهم إيّاه من بينهم وتكذيبهم له وحربهم إيّاه، فغيّرنا نعمتنا عليهم بإهلاكنا إيّاهم، كفعلنا ذلك في الماضين قبلهم ممّن طغى علينا وعصى أمرنا.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ذلك بأنّ اللّه لم يك مغيّرًا نعمةً أنعمها على قومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم} يقول: نعمة اللّه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنعم به على قريشٍ وكفروا، فنقله إلى الأنصار.
وقوله: {وأنّ الله سميعٌ عليمٌ} يقول: لا يخفى عليه شيءٌ من كلام خلقه، يسمع كلام كلّ ناطقٍ منهم بخيرٍ نطق أو بشرٍّ، عليمٌ بما تضمره صدورهم، وهو مجازيهم ومثيبهم على ما يقولون ويعملون، إن خيرًا فخيرًا وإن شرًّا فشرًّا). [جامع البيان: 11/233-234]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ذلك بأنّ اللّه لم يك مغيّرًا نعمةً أنعمها على قومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وأنّ اللّه سميعٌ عليمٌ (53)
قوله تعالى: ذلك بأنّ اللّه لم يك مغيرًا نعمة أنعمها على قوم
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباط عن السّدّيّ ذلك بأنّ اللّه لم يك مغيرًا نعمةً أنعمها على قومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم يقول: نعمة اللّه: محمّدٌ- صلّى اللّه عليه وسلّم- أنعم اللّه بها على قريشٍ، فكفروا ونقله إلى الأنصار). [تفسير القرآن العظيم: 5/1718]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} قال: نعمة الله: محمد صلى الله عليه وسلم أنعم الله بها على قريش فكفروا فنقله إلى الأنصار). [الدر المنثور: 7/149]
تفسير قوله تعالى: (كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم كذّبوا بآيات ربّهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌّ كانوا ظالمين}.
يقول تعالى ذكره: غيّر هؤلاء المشركون باللّه المقتولون ببدرٍ نعمة ربّهم الّتي أنعم بها عليهم، بابتعاثه محمّدًا منهم وبين أظهرهم، داعيًا لهم إلى الهدى، بتكذيبهم إيّاه وحربهم له. {كدأب آل فرعون} كسنّة آل فرعون وعادتهم، وفعلهم بموسى نبيّ اللّه في تكذيبهم إيّاه، وتصدّيهم لحربه وعادة من قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها وصنيعهم. {فأهلكناهم بذنوبهم} بعضًا بالرّجفة، وبعضًا بالخسف، وبعضًا بالرّيح. {وأغرقنا آل فرعون} في اليمّ. {وكلٌّ كانوا ظالمين} يقول: كلّ هؤلاء الأمم الّتي أهلكناها كانوا فاعلين ما لم يكن لهم فعله من تكذيبهم رسل اللّه والجحود لآياته، فكذلك أهلكنا هؤلاء الّذين أهلكناهم ببدرٍ؛ إذ غيّروا نعمة اللّه عندهم بالقتل بالسّيف، وأذللنا بعضهم بالإسار والسّباء). [جامع البيان: 11/234]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم كذّبوا بآيات ربّهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌّ كانوا ظالمين (54)
قوله تعالى: وأغرقنا آل فرعون
- أخبرنا محمّد بن عبيد اللّه بن المنادي- فيما كتب إليّ- ثنا يونس بن محمّدٍ المؤدّب ثنا شيبان النّحويّ عن قتادة قوله: وأغرقنا آل فرعون قال: أغرق اللّه آل فرعون عدوّهم نعمًا من اللّه يعرّفهم بها لكي ما يشكروا ويعرفوا حقّه). [تفسير القرآن العظيم: 5/1719]