تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه ورسوله ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله {أطيعوا اللّه ورسوله} فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه. {ولا تولّوا عنه} يقول: ولا تدبروا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مخالفين أمره ونهيه، وأنتم تسمعون أمره إيّاكم ونهيه، وأنتم به مؤمنون.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه ورسوله ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون} أي: لا تخالفوا أمره وأنتم تسمعون لقوله، وتزعمون أنّكم مؤمنون). [جامع البيان: 11/97]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه ورسوله ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون (20)
قوله تعالى: ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن ابن إسحاق حدّثني محمّد بن جعفر بن الزّبير عن عروة بن الزّبير ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون أي: لا تخالفوا أمره وأنتم تسمعون). [تفسير القرآن العظيم: 5/1677]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين باللّه ورسوله من أصحاب نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تكونوا أيّها المؤمنون في مخالفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كالمشركين الّذين إذا سمعوا كتاب اللّه يتلى عليهم، قالوا قد سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون؛ يقول: وهم لا يعتبرون ما يسمعون بآذانهم. ولا ينتفعون به لإعراضهم عنه، وتركهم أن يوعوه قلوبهم ويتدبّروه فجعلهم اللّه لمّا لم ينتفعوا بمواعظ القرآن وإن كانوا قد سمعوها بآذانهم، بمنزلة من لم يسمعها. يقول جلّ ثناؤه لأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تكونوا أنتم في الإعراض عن أمر رسول اللّه وترك الانتهاء إليه وأنتم تسمعونه بآذانكم كهؤلاء المشركين الّذين يسمعون مواعظ كتاب اللّه بآذانهم، ويقولون: قد سمعنا، وهم عن الاستماع لها والاتّعاظ بها معرضون، كمن لم يسمعها.
وكان ابن إسحاق يقول في ذلك ما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} أي: كالمنافقين الّذين يظهرون له الطّاعة، ويسرّون المعصية.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {وهم لا يسمعون} قال: عاصون.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وللّذي قال ابن إسحاق وجهٌ، ولكنّ قوله: {ولا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} في سياق قصص المشركين، ويتلوه الخبر عنهم بذمّهم، وهو قوله: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} فلأن يكون ما بينهما خبرًا عنهم أولى من أن يكون خبرًا عن غيرهم). [جامع البيان: 11/98-99]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (21)
قوله تعالى: ولا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا
- وبه عن محمّد بن إسحاق ولا تكونوا كالّذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون أي: كالمنافقين الّذين يظهرون له بالطّاعة، ويسرّون له المعصية.
قوله تعالى وهم لا يسمعون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: وهم لا يسمعون عاصين). [تفسير القرآن العظيم: 5/1677]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله سمعنا وهم لا يسمعون يعني عاصين). [تفسير مجاهد: 260]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 21.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وهم لا يسمعون} قال: عاصون). [الدر المنثور: 7/79]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} [الأنفال: 22] - حدّثنا محمّد بن يوسف، حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} [الأنفال: 22] قال: «هم نفرٌ من بني عبد الدّار»). [صحيح البخاري: 6/61]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله
[4646] إن شرّ الدّوابّ ذكر فيه حديث مجاهد عن بن عبّاسٍ قال هم نفرٌ من بني عبد الدّار وفي رواية الإسماعيليّ نزلت في نفرٍ زاد بن جريرٍ من طريق شبل بن عبّادٍ عن بن أبي نجيحٍ لا يتّبعون الحقّ ثمّ أورد من طريق ورقاء عن بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله لا يعقلون لا يتّبعون الحقّ قال مجاهدٌ قال بن عبّاسٍ هم نفرٌ من بني عبد الدّار). [فتح الباري: 8/307]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون
هذا يعم جميع من أشرك باللّه عز وجل من حيث الظّاهر وإن كان سبب نزوله خاصّا على ما روي عن مجاهد أن المراد بهؤلاء نفر من بني عبد الدّار من قريش، وقال محمّد بن إسحاق: هم المنافقون، وأخبر الله تعالى عنهم أن هذا الضّرب من بني آدم سيء الخلق والخليفة، فقال: إن شرّ الدّوابّ الصم أي عن سماع الحق إليكم عن فهمه ولهذا قال: لا يعقلون، فهؤلاء شرّ البريّة لأن كل دابّة ممّا سواهم مطيعة لله تعالى فيما خلقها له، وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا ولهذا شبههم بالأنعام في قوله: {أولئك كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا} (الأعراف: 179) .
- حدّثنا محمّد بن يوسف حدثنا ورقاء عن ابن نجيحٍ عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون قال هم نفرٌ من بني عبد الدّار). [عمدة القاري: 18/247]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} [الأنفال: 22]
({إن شرّ الدواب عند الله}) ما يدب على أرض أو شرّ البهائم ({الصمّ}) عن سماع الحق ({البكم}) عن فهمه ولذا قال ({الذين لا يعقلون}) [الأنفال: 22] أجعلهم من البهائم ثم جعلهم شرّها وزاد أبو ذر قال قال هم نفر من بني عبد الدار.
- حدّثنا محمّد بن يوسف، حدّثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} قال: هم نفرٌ من بني عبد الدّار.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا ورقاء) بفتح الواو وبعد الراء الساكنة قاف.
ممدود ابن عمر بن كليب (عن ابن أبي نجيح) عبد الله وأبو نجيح بفتح النون وكسر الجيم آخره حاء مهملة اسمه يسار الثقفي المكي (عن مجاهد) المفسر (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: ({إن شرّ الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} قال: هم نفر من بني عبد الدار) من قريش وكانوا يحملون اللواء يوم أحد حتى قتلوا وأسماؤهم في السير قاله في المقدمة، وهؤلاء شر البرية لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقت له، وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا وهذا يعم كل مشرك من حيث الظاهر وإن كان السبب خاصًا كما لا يخفى). [إرشاد الساري: 7/133-134]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون}.
يقول تعالى ذكره: إنّ شرّ ما دبّ على الأرض من خلق اللّه عند اللّه الّذين يصغون عن الحقّ لئلاّ يستمعوه فيعتبروا به ويتّعظوا به وينكصون عنه إن نطقوا به، الّذين لا يعقلون عن اللّه أمره ونهيه، فيستعملوا بهما أبدانهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه} قال: الدّوابّ: الخلق.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، عن عكرمة، قال: وكانوا يقولون: إنّا صمٌّ بكمٌ عمّا يدعونا إليه محمّدٌ، لا نسمعه منه، ولا نجيبه به بتصديقٍ. فقتلوا جميعًا بأحدٍ، وكانوا أصحاب اللّواء.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون قال: الّذين لا يتّبعون الحقّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} وليس بالأصمّ في الدّنيا ولا بالأبكم، ولكن صمّ القلوب وبكمها وعميها. وقرأ: {فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور}.
واختلف فيمن عني بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها نفرٌ من المشركين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون: نفرٌ من بني عبد الدّار، لا يتّبعون الحقّ.
- قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} قال: لا يتّبعون الحقّ. قال: قال ابن عبّاسٍ: هم نفرٌ من بني عبد الدّار.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
وقال آخرون: عني بها المنافقون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون} لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النّعمة والسّعة.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال بقول ابن عبّاسٍ، وأنّه عني بهذه الآية مشركو قريشٍ؛ لأنّها في سياق الخبر عنهم). [جامع البيان: 11/99-101]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون (22)
قوله تعالى: إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أحمد بن صالحٍ ثنا عنبسة بن خالدٍ عن يونس عن ابن شهابٍ حدّثني أبو عثمان بن سنةٍ الخزاعيّ الكعبيّ وهو من أهل دمشق أنّه لحق بعليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه أنّه كان معه فخلا به يومًا وهو يحدّثنا فيما أنزلت هذه الآية الّتي قال اللّه: إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه ثمّ قال: إنّ هذه الآية أنزلت في فلانٍ وأصحابٍ له.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ- فيما كتب إليّ- ثنا أصبغ بن الفرج أنبأ ابن زيدٍ في قوله: إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه قال: الدّوابّ: الخلق، وقرأ ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللّه رزقها قال: هذا يدخل في هذا.
قوله تعالى: الصّمّ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون نفر من بني عبد الدار.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا سعيدٌ عن قتادة: صمٌّ عن الحقّ فهم لا يسمعونه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ ثنا ابن زيدٍ عبد الرّحمن في قول اللّه: الصّمّ وليس بالصّمّ في الدّنيا ولكن صم القلب.
قوله تعالى البكم
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم قال: الأبكم: الأخرس.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قال: بكمٌ فهم لا ينطقون به.
قوله تعالى: الّذين لا يعقلون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق ثنا جعفر بن الزّبير عن عروة بن الزّبير إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون أي المنافقين لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النّقمة والتباعة
- حدّثنا أبي حدّثنا أبو حذيفة ثنا شبلٌ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون لا يتّبعون الحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 5/1677-1678]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس إن شر الدواب قال هم نفر من بني عبد الدار). [تفسير مجاهد: 260]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد الصم البكم الذين لا يعقلون قال لا يتبعون الحق). [تفسير مجاهد: 260]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: {إن شرّ الدواب عند اللّه الصّمّ البكم الذين لا يعقلون... } الآية [الأنفال: 22] قال: هم نفر من بني عبد الدار. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
(الصم) جمع الأصم، وهو الذي لا يسمع، والبكم: جمع الأبكم، وهو الذي لا ينطق خرساً). [جامع الأصول: 2/146]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 22.
أخرج ابن ابي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {إن شر الدواب عند الله} قال: هم الكفار.
وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن شر الدواب عند الله} قال: هم نفر من قريش من بني عبد الدار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الصم البكم الذين لا يعقلون} قال: لا يتبعون الحق.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: أنزلت في حي من أحياء العرب من بني عبد الدار.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في المضر بن الحارث وقومه
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {إن شر الدواب عند الله} قال: الدواب الخلق وقرأ {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} فاطر الآية 45، (وما من دابة في الأرض إلا على رزقها) (هود الآية 6) قال: هذا يدخل في هذا). [الدر المنثور: 7/80-81]
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون}.
اختلف أهل التّأويل، فيمن عني بهذه الآية وفي معناها، فقال بعضهم: عني بها المشركون، وقال: معناه أنّهم لو رزقهم اللّه الفهم لما أنزله على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يؤمنوا به؛ لأنّ اللّه قد حكم عليهم أنّهم لا يؤمنون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثنّى حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، قوله: {ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم} لقالوا {ائت بقرآنٍ غير هذا} ولقالوا: {لولا اجتبيتها} ولو جاءهم بقرآنٍ غيره {لتولّوا وهم معرضون}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون} قال: لو أسمعهم بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ما انتفعوا بذلك، ولتولّوا وهم معرضون.
- وحدثني به مرّةً أخرى، فقال: لو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم، ولو أسمعهم بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ما نفعهم بعد أن نفذ علمه بأنّهم لا ينتفعون به.
وقال آخرون: بل عني بها المنافقون قالوا: ومعناه ما:
- حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم} لأنفذ لهم قولهم الّذي قالوه بألسنتهم، ولكن القلوب خالفت ذلك منهم، ولو خرجوا معكم لتولّوا وهم معرضون، فأوفوا لكم بشرّ ممّا خرجوا عليه.
وأولى القول في تأويل ذلك بالصّواب عندي ما قاله ابن جريجٍ وابن زيدٍ لما قد ذكرنا قبل من العلّة، وأنّ ذلك ليس من صفة المنافقين. فتأويل الآية إذن: ولو علم اللّه في هؤلاء القائلين خيرًا لأسمعهم مواعظ القرآن وعبره؛ حتّى يعقلوا عن اللّه حججه منه، ولكنّه قد علم أنّه لا خير فيهم وأنّهم ممّن كتب لهم الشّقاء فهم لا يؤمنون. ولو أفهمهم ذلك حتّى يعلموا ويفهموا لتولّوا عن اللّه وعن رسوله، وهم معرضون عن الإيمان بما دلّهم على حقيقته مواعظ اللّه وعبره وحججه معاندون للحقّ بعد العلم به). [جامع البيان: 11/102-103]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون (23)
قوله تعالى: ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة بن الفضل عن محمّد بن إسحاق حدّثني محمّد بن جعفر بن الزّبير عن عروة بن الزّبير ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم أي لأنفذ لهم قولهم الّذي قالوا بألسنتهم، ولكن القلوب خالفت ذلك منهم.
قوله تعالى: ولو أسمعهم
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ- فيما كتب إليّ- حدّثني اصبغ أنبأ ابن زيدٍ عبد الرّحمن قوله: ولو أسمعهم بعد إذ يعلم أن لا خير فيهم ما نفعهم بعد أن ينفذ علمهم بأنّهم لا ينتفعون به.
قوله تعالى: لتولّوا وهم معرضون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق حدّثني محمّد بن جعفر بن الزّبير عن عروة بن الزّبير ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون ولو خرجوا معكم لتولّوا وهم معرضون ما وفوا لكم بشيءٍ ممّا خرجوا عليه). [تفسير القرآن العظيم: 5/1678-1679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 23.
وأخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} أي لأعدلهم قولهم الذي قالوا بألسنتهم ولكن القلوب خالفت ذلك منهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولو أسمعهم} قال: بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ما نفعهم بعد أن ينفذ علمه بأنهم لا ينتفعون به
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال: قالوا: نحن صم عما يدعونا إليه محمد لا نسمعه بكم لا نجيبه فيه بتصديق قتلوا جميعا بأحد وكانوا أصحاب اللواء يوم أحد). [الدر المنثور: 7/81-82]