العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأعراف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 10:42 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأعراف [ من الآية (59) إلى الآية (64) ]

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:28 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ}.
أقسم ربّنا جلّ ثناؤه للمخاطبين بهذه الآية أنّه أرسل نوحًا إلى قومه منذرهم بأسه، ومخوّفهم سخطه على عبادتهم غيره، فقال لمن كفر منهم: {يا قوم اعبدوا اللّه} الّذي له العبادة، وذلّوا له بالطّاعة واخضعوا له بالاستكانة، ودعوا عبادة ما سواه من الأنداد والآلهة، فإنّه ليس لكم معبودٌ يستوجب عليكم العبادة غيره، فإنّي أخاف عليكم إن لم تفعلوا ذلك {عذاب يومٍ عظيمٍ}، يعني: عذاب يومٍ يعظم فيه بلاؤكم بمجيئه إيّاكم بسخط ربّكم.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {غيره}، فقرأ ذلك بعض أهل المدينة والكوفة: (ما لكم من إله غيره) يخفض (غير) على النّعت لإلهٍ.
وقرأ جماعةٌ من أهل المدينة والبصرة والكوفة: {ما لكم من إلهٍ غيره} برفع (غير)، ردّ الهاء على موضع (من) لأنّ موضعها رفعٌ لو نزعت من الكلام لكان الكلام رفعًا، وقيل: ما لكم إلهٌ غير اللّه، فالعرب لمّا وصفت من أنّ المعلوم بالكلام أدخلت (من) فيه أو أخرجت، وأنّها تدخلها أحيانًا في مثل هذا من الكلام وتخرجها منه أحيانًا تردّ ما نعتت به الاسم الّذي عملت فيه على لفظه أحيانًا، وعلى معناه أحيانًا؛ لما وصفت.
وقد زعم بعضهم أنّ (غير) إذا خفضت فعلى كلامٍ واحدٍ، لأنّها نعتٌ لإلهٍ، وأمّا إذا رفعت فعلى كلامين: ما لكم غيره من إلهٍ، وهذا قولٌ يستضعفه أهل العربيّة). [جامع البيان: 10/ 260]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ (59)}
قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن الفضل بن أبي سويدٍ، ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنسٍ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«أوّل نبيٍّ أرسل نوحٌ صلّى اللّه عليه وسلّم».
- وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني سلمة بن عليٍّ، عن سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة: أنّ نوحًا بعث من الجزيرة.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل، حدّثني محمّد بن إسحاق قال: كان من حديث نوحٍ وحديث قومه فيما قصّ اللّه على لسان نبيّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وما يذكر أهل الكتاب من أهل التّوراة، وما حفظ من الأحاديث عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، وعن عبيد بن عميرٍ أنّ اللّه بعث نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى اللّه، وقد فشت في الأرض المعاصي، وكثرت فيها الجبابرة، وعتوا على اللّه عتوًّا كبيرًا، وكان نوحٌ فيما يذكر أهل العلم حليمًا صبورًا لم يلق نبيّ من قومه من البلايا أكثر ممّا لقي إلا نبيّ قتل.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي صالحٍ قال: أرسل. بعث.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عبد اللّه بن عمر القرشيّ، ثنا عبّاد بن كليبٍ أبو غسّان اللّيثيّ، ثنا مسلم أبو عبد اللّه العبّادانيّ، عن يزيد الرّقاشيّ قال: إنّما سمّي نوحٌ لطول ما ناح على نفسه.
قوله تعالى: {فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره}
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {اعبدوا}؛ أي وحّدوا.
قوله تعالى: {إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: عذاب يقول: نكالٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1504-1505]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن عساكر عن أنس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
«أول نبي أرسل نوح».
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم، وابن عساكر عن يزيد الرقاشي قال: إنما سمي نوح عليه السلام نوحا لطول ما ناح على نفسه
- وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: إنما سمي نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.
- وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن مقاتل وجويبر، أن آدم حين كبر ورق عظمه قال: يا رب إلى متى أكد وأسعى قال: يا آدم حتى يولد لك ولد مختون، فولد له نوح بعد عشرة أبطن وهو يومئذ ابن ألف سنة إلا ستين عاما فكان نوح بن لامك بن متوشلخ بن ادريس وهو أخنوخ بن يرد بن مهلايبل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم وكان اسم نوح السكن وإنما سمي نوح السكن لأن الناس بعد آدم سكنوا إليه فهو أبوهم وإنما سمي نوحا لأنه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله فإذا كفروا بكى وناح عليهم.
- وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: كان بين نوح وآدم عشرة آباء وكان بين إبراهيم ونوح عشرة آباء.
- وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق.
- وأخرج ابن عساكر عن نوف الشامي قال: خمسة من الأنبياء من العرب، محمد ونوح وهود وصالح وشعيب عليهم الصلاة والسلام.
- وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس، أن نوحا بعث في الألف الثاني وأن آدم لم يمت حتى ولد له نوح في آخر الألف الأول وكان قد فشت فيهم المعاصي وكثرت الجبابرة وعتوا عتوا كبيرا وكان نوح يدعوهم ليلا ونهارا سرا وعلانية صبورا حليما ولم يلق أحد من الأنبياء أشد مما لقي نوح فكانوا يدخلون عليه فيخنقونه ويضرب في المجالس ويطرد وكان لا يدع على ما يصنع به أن يدعوهم ويقول: يا رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون فكان لا يزيدهم ذلك إلا فرارا منه حتى إنه ليكلم الرجل منهم فيلف رأسه بثوبه ويجعل أصابعه في أذنيه لكيلا يسمع شيئا من كلامه فذلك قول الله: {جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم} [نوح: 7] ثم قاموا من المجلس فأسرعوا المشي وقالوا: امضوا فإنه كذاب، واشتد عليه البلاء وكان ينتظر القرن بعد القرن والجيل بعد الجيل فلا يأتي قرن إلا وهو أخبث من الأول وأعتى من الأول ويقول الرجل منهم: قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا فلم يزل هكذا مجنونا وكان الرجل منهم إذا أوصى عند الوفاة يقول لأولاده: احذروا هذا المجنون فإنه قد حدثني آبائي: إن هلاك الناس على يدي هذا، فكانوا كذلك يتوارثون الوصية بينهم حتى أن كان الرجل ليحمل ولده على عاتقه ثم يقف به وعليه فيقول: يا بني إن عشت ومت أنا فاحذر هذا الشيخ فلما طال ذلك به وبهم {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} [هود: 32].
- وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر عن قتادة: أن نوحا بعث من الجزيرة وهودا من أرض الشحر أرض مهرة وصالحا من الحجر ولوطا من سدوم وشعيبا من مدين ومات إبراهيم وآدم وإسحاق ويوسف بأرض فلسطين وقتل يحيى بن زكريا بدمشق.
- وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال: كانوا يضربون نوحا حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
- وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم، وابن عساكر من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير قال: إن كان نوحا ليضربه قومه حتى يغمى عليه ثم يفيق فيقول: اهد قومي فإنهم لا يعلمون وقال شقيق: قال عبد الله: لقد رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يمسح الدم عن وجهه وهو يحكي نبيا من الأنبياء وهو يقول:
«اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون».
- وأخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم من وجه آخر عن عبيد بن عمير الليثي، نحوه.
- وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: كان قوم نوح يخنقونه حتى تترقى عيناه فإذا تركوه قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم جهلة.
- وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم، وابن ماجة عن ابن مسعود قال كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء قد ضربه قومه وهو يمسح الدم عن جبينه ويقول:
«اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي مهاجر الرقي قال: لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما في بيت من شعر فيقال له: يا نبي الله ابن بيتا، فيقول: أموت اليوم وأموت غدا.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن وهيب بن الورد قال: بنى نوحا بيتا من قصب فقيل له: لو بنيت غير هذا فقال: هذا كثير لمن يموت.
- وأخرج ابن أبي الدنيا والعقيلي، وابن عساكر والديلمي عن عائشة مرفوعا:
«نوح كبير الأنبياء لم يخرج من خلاء قط إلا قال: الحمد لله الذي أذاقني طعمه وأبقى في منفعته».
وأخرج من أذاه.
- وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن مسعود قال: بعث الله نوحا فما أهلك أمته إلا الزنادقة ثم نبي فنبي والله لا يهلك هذه الأمة إلا الزنادقة
وأخرج أبو الشيخ عن سعد بن حسن قال: كان قوم نوح عليه السلام يزرعون في الشهر مرتين وكانت المرأة تلد أول النهار فيتبعها ولدها في آخره.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: ما عذب قوم نوح حتى ما كان في الأرض سهل ولا جبل إلا له عامر يعمره وحائز يحوزه.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أن أهل السهل كان قد ضاق بهم وأهل الجبل حتى ما يقدر أهل السهل أن يرتقوا إلى الجبل ولا أهل الجبل أن ينزلوا إلى أهل السهل في زمان نوح. قال: حسوا.
- وأخرج أبو نعيم في الحلية، وابن عساكر عن وهب بن منبه قال: كان نوح أجمل أهل زمانه وكان يلبس البرقع فأصابتهم مجاعة في السفينة فكان نوح إذا تجلى بوجهه لهم شبعوا.
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر عن ابن عباس قال لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي عسفان فقال:
«لقد مر بهذا الوادي هود وصالح ونوح على بكرات حمر خطمها الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق».
- وأخرج ابن عساكر عن ابن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«صام نوح الدهر إلا يوم الفطر والأضحى وصام داود نصف الدهر وصام إبراهيم ثلاثة أيام من كل شهر صام الدهر وأفطر الدهر».
- وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبزار والحاكم، وابن مردويه والبيهقي والصفات عن عبد الله بن عمرو أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
«إن نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصر عليك الوصية آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء وأنهاك عن الشرك والكبر».
- وأخرج ابن أبي شيبة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ألا أعلمكم ما علم نوح ابنه قالوا: بلى قال: قال آمرك أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فإن السموات لو كانت في كفة لرجحت بها ولو كانت حلقة قصمتها وآمرك بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق وبها يرزق الخلق»). [الدر المنثور: 6/ 435-444]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال الملأ من قومه إنّا لنراك في ضلالٍ مبينٍ}.
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن جواب مشركي قوم نوحٍ لنوحٍ، وهم الملأ والملأ: الجماعة من الرّجال لا امرأة فيهم أنّهم قالوا له حين دعاهم إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له: {إنّا لنراك} يا نوح {في ضلالٍ مبينٍ}، يعنون: في أمرٍ زائلٍ عن الحقّ، مبينٌ زواله عن قصد الحدّ لمن تأمّله). [جامع البيان: 10/ 261]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قال الملأ من قومه إنّا لنراك في ضلالٍ مبينٍ (60)}
قوله تعالى: {قال الملأ من قومه إنّا لنراك}
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: {قال الملأ}؛ يعني الأشراف من قومه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1505]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك: {قال الملأ}، يعني الأشراف من قومه). [الدر المنثور: 6/ 444]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين}.
يقول تعالى ذكره: قال نوحٌ لقومه مجيبًا لهم: يا قوم، لم آمركم بما أمرتكم به من إخلاص التّوحيد للّه وإفراده بالطّاعة دون الأنداد والآلهة زوالاً منّي عن محجّة الحقّ وضلالاً لسبيل الصّواب، وما بي ما تظنّون من الضّلال، ولكنّي رسولٌ إليكم من ربّ العالمين بما أمرتكم به من إفراده بالطّاعة والإقرار له بالوحدانيّة والبراءة من الأنداد والآلهة). [جامع البيان: 10/ 261]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين (61)}
قوله تعالى: {قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ}
- حدّثني محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل، حدّثني محمّد بن إسحاق، عن من لا يتّهم، عن عبيد بن عميرٍ اللّيثيّ أنّه كان يحدّث أنّه بلغه أنّهم كانوا يبطشون به يعني نوحًا فيخنقونه حتّى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللّهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون حتّى إذا تمادوا في المعصية، وعظمت فيهم في الأرض الخطيئة، وتطاول عليه وعليهم الشّأن، واشتدّ عليه منهم البلاء، وانتظر الجيل بعد الجيل فلا يأتي قرنٌ إلا كان أخبث من الّذي كان قبله حتّى كان الآخر منهم ليقول: قد كان هذا مع آبائنا ومع أجدادنا، هكذا مجنونًا لا يقبلون منه شيئًا حتّى شكا ذلك من أمرهم نوحٌ عليه الصّلاة والسّلام إلى اللّه عزّ وجلّ وقال: كما قصّ اللّه علينا في كتابه.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، ثنا ابن زيدٍ يعني عبد الرّحمن قال: ما عذّب قوم نوحٍ حقّ ما كان في الأرض سهلٌ ولا جبلٌ إلا له عامرٌ يعمره وحائز يحوزه.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني مالكٌ، عن زيد بن أسلم. أنّ أهل السّهل كان قد ضاق بهم وأهل الجبل حتّى ما يقدر أهل السّهل أن يرتقوا إلى الجبل ولا أهل الجبل أن ينزلوا إلى أهل السّهل في زمان نوحٍ قال: حشوا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1505-1506]

تفسير قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أبلّغكم رسالات ربّي وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون}.
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن نبيّه نوحٍ عليه السّلام أنّه قال لقومه الّذين كفروا باللّه وكذّبوه: ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين أرسلني إليكم، فأنا أبلّغكم رسالات ربّي، وأنصح لكم في تحذيري إيّاكم عقاب اللّه على كفركم به وتكذيبكم إيّاي وردّكم نصيحتي. {وأعلم من اللّه ما لا تعلمون}: من أنّ عقابه لا يردّ عن القوم المجرمين). [جامع البيان: 10/ 262]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({أبلّغكم رسالات ربّي وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون (62)}
قوله تعالى: {أبلّغكم رسالات ربّي}
- حدّثني محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا بن الفضل حدّثني محمّد بن إسحاق قال: كان من حديث نوحٍ وحديث قومه ممّا يذكر أهل العلم أنّه كان حليمًا صبورًا لم يلق نبيّ من قومه من البلايا أكثر ممّا لقي إلا نبيّ قتل وكان يدعوهم كما قال اللّه: ليلاً ونهارًا، سرًّا وجهارًا بالنّصيحة لهم، فلم يزدهم ذلك منه إلا فرارًا، حتّى إنّه ليكلّم الرّجل منهم فيلفّ رأسه بثوبه، ويجعل أصابعه في أذنيه لئلا يسمع شيئًا من قوله). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1506]

تفسير قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون}.
وهذا أيضًا خبرٌ من اللّه عزّ ذكره عن قيل نوحٍ لقومه أنّه قال لهم إذ ردّوا عليه النّصيحة في اللّه، وأنكروا أن يكون اللّه بعثه نبيًّا، وقالوا له: {ما نراك إلاّ بشرًا مثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين}: {أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم} يقول: أوعجبتم أن جاءكم تذكيرٌ من اللّه وعظةٌ، يذكّركم بما أنزل ربّكم على رجلٍ منكم. قيل: معنى قوله: {على رجلٍ منكم} مع رجلٍ منكم، {لينذركم} يقول: لينذركم بأس اللّه، ويخوّفكم عقابه على كفركم به. {ولتتّقوا} يقول: وكي تتّقوا عقاب اللّه وبأسه، بتوحيده وإخلاص الإيمان به والعمل بطاعته. {ولعلّكم ترحمون} يقول: وليرحمكم ربّكم إن اتّقيتم اللّه وخفتموه وحذرتم بأسه.
وفتحت الواو من قوله: {أوعجبتم} لأنّها واو عطفٍ دخلت عليها ألف استفهامٍ). [جامع البيان: 10/ 262]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون (63)}
قوله تعالى: {ولعلّكم ترحمون}
- أخبرنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ في قوله: {ولعلّكم ترحمون}؛ لكي ترحمون فلا تعذّبون). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1506]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي {أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم} قال: بيان من ربكم). [الدر المنثور: 6/ 444]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكذّبوه فأنجيناه والّذين معه في الفلك وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا إنّهم كانوا قومًا عمين}.
يقول تعالى ذكره: فكذّب نوحًا قومه، إذ أخبرهم أنّه للّه رسولٌ إليهم يأمرهم بخلع الأنداد والإقرار بوحدانيّة اللّه والعمل بطاعته، وخالفوا أمر ربّهم ولجّوا في طغيانهم يعمهون، فأنجاه اللّه في الفلك والّذين معه من المؤمنين به. وكانوا بنوحٍ عليه السّلام ثلاث عشرة.
- فيما حدّثني به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: نوحٌ وبنوه الثّلاثة: سامٌ، وحامٌ، ويافث، وأزواجهم، وستّة أناسيّ ممّن كان آمن به وكان حمل معه في الفلك من كلّ زوجين اثنين، كما قال تبارك وتعالى: {ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ}، والفلك: هو السّفينة.
{وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا}؛ يقول: وأغرق اللّه الّذين كذّبوا بحججه ولم يتّبعوا رسله ولم يقبلوا نصيحته إيّاهم في اللّه بالطّوفان. {إنّهم كانوا قومًا عمين} يقول: عمين عن الحقّ.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {عمين}؛ قال: عن الحقّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {قومًا عمين} قال: العمّيّ: العامي عن الحقّ). [جامع البيان: 10/ 263-264]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فكذّبوه فأنجيناه والّذين معه في الفلك وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا إنّهم كانوا قومًا عمين (64)}
قوله تعالى: {فكذّبوه فأنجيناه والّذين معه في الفلك}
- حدّثنا أبي، ثنا المؤمّل بن إهابٍ، ثنا زيد بن حبابٍ، ثنا الحسين بن واقدٍ، عن أبي نهيكٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان مع نوحٍ في السّفينة ثمانون رجلاً أحدهم جرهم.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ قال: بلغني، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: كان في سفينة نوحٍ ثمانون رجلا أحدهم جرهمٌ، وكان لسانه عربيًّا.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة قال: فحدّثني محمّد بن إسحاق، عن الحسن بن دينارٍ، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن عبد اللّه بن العبّاس قال: سمعته يقول: أوّل ما حمل نوحٌ في السّفينة من الدّوابّ الذّرة وآخر ما حمل الحمار، فلمّا دخل الحمار، دخل، صدره فتعلّق إبليس بذنبه فلا تستعل رجلاه، فجعل نوحٌ يقول: ويحك ادخل ينهض فلا يستطيع، حتّى قال نوحٌ: ويحك ادخل وإن كان الشّيطان معك، قال، كلمةً زلّت على لسانه.
قوله تعالى: {وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا}
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا أبو زهيرٍ، عن رجلٍ من أصحابه قال: بلغني أنّ قوم نوحٍ عاشوا في ذلك الغرق أربعين يومًا.
- حدّثني محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة قال حدّثني محمّد بن إسحاق قال: فلقد غرقت الأرض وما فيها وانتهى الماء إلى ما انتهى إليه، وما جاوز الماء ركبته، ودأب الماء حين أرسله خمسين ومائة كما يزعم أهل التّوراة فكان بين أن أرسل اللّه الطّوفان، وبين أن غاض الماء ستّة أشهرٍ وعشر ليالٍ، ولمّا أراد اللّه أن يكفّ ذلك أرسل اللّه ريحًا على وجه الماء فسكن الماء، واشتدّت ينابيع الأرض الغمر الأكبر وأبواب السّماء، فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر فكان استواء الفلك على الجوديّ فيما يزعم أهل التّوراة في الشّهر السّابع لسبع عشرة ليلةٍ مضت منه، وفي أوّل يومٍ من الشّهر العاشر رأى رؤوس الجبال، فلمّا مضى بعد ذلك أربعون يومًا فتح نوحٌ عليه الصّلاة والسّلام كوّة الفلك الّتي صنع فيها، ثمّ أرسل الغراب لينظر له ما فعل الماء فلم يرجع إليه، فأرسل الحمامة فرجعت إليه، فلم يجد لرجلها موضعًا فبسط يده للحمامة فأخذها فأدخلها، فمكث سبعة أيّامٍ ثمّ أرسلها لتنظر له فرجعت إليه حين أمست وفي فمها ورقة زيتونةٍ، فعلم نوحٌ أنّ الماء قد قلّ، عن وجه الأرض، ثمّ مكث سبعة أيّامٍ ثمّ أرسلها فلم ترجع إليه فعلم نوحٌ أنّ الأرض قد برزت
قوله تعالى: {إنّهم كانوا قومًا عمين}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إنّهم كانوا قومًا عمين} قال: كفارا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إنّهم كانوا قومًا عمين}؛ قال: عن الحقّ.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ، أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور، أخبرنا عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه عطاءٍ: {إنّهم كانوا قومًا عمين} فعماة، عن الخير
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدسيّ، ثنا حصين بن نميرٍ، ثنا سفيان بن حسينٍ: {إنّهم كانوا قومًا عمين}؛ قال: أعموا، عن ذلك الشّيء ليسوا عمي إنّما هم عموا عنه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1506-1508]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، في قوله: {إنهم كانوا قوما عمين}؛ قال: يعني عمين عن الحق). [تفسير مجاهد: 239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس: {إنهم كانوا قوما عمين} قال: كفارا.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد: {إنهم كانوا قوما عمين}؛ قال: عن الحق). [الدر المنثور: 6/ 444-445]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:54 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }


تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما لكم مّن اله غيره...}
تجعل (غير) نعتا للإله. وقد يرفع: يجعل تابعا للتأويل في إله؛ ألا ترى أن الإله لو نزعت منه (من) كان رفعا. وقد قرئ بالوجهين جميعا.
وبعض بني أسد وقضاعة إذا كانت (غير) في معنى (إلا) نصبوها، تمّ الكلام قبلها أو لم يتم. فيقولون: ما جاءني غيرك، وما أتاني أحد غيرك. قال: وأنشدني المفضّل:
لم يمنع الشرب منها غير أن هتفت ....... حمامةٌ من سحوقٍ ذاتأوقال
فهذا نصب وله الفعل والكلام ناقص. وقال الآخر:
لا عيب فيها غير شهلة عينها ....... كذاك عتاق الطير شهلاً عيونها
فهذا نصب والكلام تامّ قبله). [معاني القرآن: 1/ 383-384]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو ونافع {ما لكم من إله غيره} رفع؛ كأنه قال: مالكم غيره من إله، ولم يجعله وصفًا.
أبو جعفر وأصحاب عبد الله {ما لكم من إله غيره} يكون خفضًا على الوصف لـ "إله"؛ وكل حسن). [معاني القرآن لقطرب: 566]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله {قال الملأ من قومه إنّا لنراك في ضلال مبين (60)}
وهم الرؤساء والأشراف، وقال بعضهم يعنى به الرجال.
وقد بيّنّا الملأ فيما سبق من الكتاب). [معاني القرآن: 2/ 346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال الملأ}
الرؤساء والأشراف أي المليئون بما يفوض إليهم). [معاني القرآن: 3/ 46]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61)}

تفسير قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {وأبلغكم ما أرسلت به} يسكن الباء. وقراءة أهل المدينة {أبلغكم} بتحريك الباء الأولى من أبلغ، والثانية من بلغ؛ وهي قراءة الحسن). [معاني القرآن لقطرب: 566]


تفسير قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو عجبتم...}
هذه واو نسق أدخلت عليه ألف الاستفهام؛ كما تدخلها على الفاء، فتقول: أفعجبتم، وليست بأو، ولو أريد بها أو لسكّنت الواو.
وقوله: {أو عجبتم أن جاءكم ذكرٌ مّن رّبّكم على رجلٍ} يقال في التفسير: مع رجل. وهو في الكلام كقولك: جاءنا الخير على وجهك، وهدينا الخير على لسانك، ومع وجهك، يجوزان جميعا). [معاني القرآن: 1/ 384]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أو عجبتم أن جاءكم ذكرٌ مّن رّبّكم على رجلٍ مّنكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون}
وقال: {أو عجبتم أن جاءكم ذكرٌ مّن رّبّكم} كأنه قال: "صنعوا كذا وكذا وعجبوا" فقال "صنعتم كذا وكذا أو عجبتم" فهذه واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام). [معاني القرآن: 2/ 12]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وغيره {أو عجبتم} بتحريك الواو، وأدخل حرف الاستفهام على واو العطف، وثمل ذلك {أو أمن أهل القرى}.
أهل المدينة "أو عجبتم" {أو أمن أهل القرى}، بإسكان الواو، وكذلك قراءة أبي جعفر وشيبة {أو أمن أهل القرى} بإسكان الواو، وتكون في قراءتهم "أو" التي في قولك "رأيت زيدا أو عمرا"). [معاني القرآن لقطرب: 566]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم} أي على لسان رجل منكم). [تفسير غريب القرآن: 169]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربّكم على رجل منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون (63)}
هذه الواو واو العطف. دخلت عليها ألف الاستفهام، فبقيت مفتوحة، وقد بيّنّا أمرها في الكتاب). [معاني القرآن: 2/ 346]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ} أي على لسان رجل منكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 85]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فكذّبوه فأنجيناه والّذين معه في الفلك وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا إنّهم كانوا قوما عمين (64)}
{في الفلك}؛
والفلك السفينة، يكون الفلك واحدا، ويكون جمعا.
وقوله: {قوما عمين}؛
أي قد عموا عن الحق والإيمان). [معاني القرآن: 2/ 346-347]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنهم كانوا قوما عمين}
قال قتادة أي عن الحق). [معاني القرآن: 3/ 47]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 12:01 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فمما جاء نعتاً على الموضع وهو ها هنا أحسن قول الله عز وجل: {ما لكم من إله غيره}. إن شئت كان غيره استثناء، وإن شئت كان نعتاً على الموضع، وإنما كان هو الوجه؛ لأن من زائدة لم تحدث في المعنى شيئاً ولا ليست كذلك؛ لأنها أزالت ما كان موجباً، فصار بها منفياً. فمن ذلك قوله:
ورد جازرهم حرفاً مصرمة ....... ولا كريم من الولدان مصبوح
والعطف يجري هذا المجرى. فمن جعل المعطوف على الموضع قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. حمل الثاني على الموضع.
ونظير هذا قوله:
فلسنا بالجبال، ولا الحديدا
حمل الثاني على الموضع، كأنه قال: فلسنا الجبال ولسنا الحديدا.
ومثله قول الله عز وجل: {فأصدق وأكن} لولا الفاء كان أصدق مجزوماً؛ كما أنه لولا الباء لكانت الجبال منصوبة لأنه خبر ليس.
ومثله قولك: إن زيداً منطلق وعمرو، وقول الله عز وجل: {أن الله بريء من المشركين ورسوله} ). [المقتضب: 4/ 369-371]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والعزازة: العز، والمصادر تقع على" فعالة" للمبالغة، يقال عز عزا وعزازة، كما يقال: الشراسة والصرامة، قال الله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ} وفي موضع آخر: {لَيْسَ بِي ضَلالةٌ} ). [الكامل: 1/ 217] (م)

تفسير قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول نصحت لك وشكرت لك فهذه اللغة الفصيحة قال الله جل وعز: {أن اشكر لي ولوالديك} وقال في موضع آخر: {وأنصح لكم} ونصحتك وشكرتك لغة قال الشاعر:
نصحت بني عوف فلم يتقبلوا ....... رسولي ولم تنجح لديهم رسائلي ).[إصلاح المنطق: 281] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) }

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري


تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ (59) قال الملأ من قومه إنّا لنراك في ضلالٍ مبينٍ (60) قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين (61) أبلّغكم رسالات ربّي وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون (62)}
اللام لام القسم، قال الطبري أقسم الله -تعالى- أنه أرسل نوحا، وقالت فرقة من المفسرين: سمي نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف، قال سيبويه: نوح ولوط وهود أسماء أعجمية إلا أنها حقيقة فلذلك صرفت، وهذه نذارة من نوح لقومه دعاهم إلى عبادة الله وحده ورفض آلهتهم المسماة ودا وسواعا ويغوث ويعوق وغيرها مما لم يشتهر، وقرأ الكسائي وحده «غيره» بالكسر من الراء على النعت ل إلهٍ، وهي قراءة يحيى بن وثاب والأعمش وأبي جعفر، وقرأ الباقون «غيره» بالرفع، وقرأ حمزة والكسائي: «هل من خالق غير الله» خفضا، وقرأ الباقون: «غير الله» رفعا والرفع في قراءة الجماعة هنا على البدل من قوله من إلهٍ لأن موضع قوله: من إلهٍ رفع، وهو الذي رجح الفارسي، ويجوز أن يكون نعتا على الموضع لأن التقرير ما لكم إله غيره، أو يقدر «غير» ب «إلا» فيعرب بإعراب ما يقع بعد «إلا»، وقرأ عيسى بن عمر «غيره» بنصب الراء على الاستثناء، قال أبو حاتم: وذلك ضعيف من أجل النفي المتقدم، وقوله عذاب يحتمل أن يريد به عذاب الدنيا ويحتمل أن يريد به عذاب الآخرة). [المحرر الوجيز: 3/ 590]


تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والملأ الجماعة الشريفة، قال الطبري: لا امرأة فيهم، وحكاه النقاش عن ثعلب في الملأ والرهط والنفر والقوم، وقيل هم مأخوذون من أنهم يملؤون النفس والعين، ويحتمل أن يكون من أنهم إذا تمالؤوا على أمرتم، وقال سلمة بن سلامة بن وقش الأنصاري عند قفول رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر إنما قتلنا عجائز صلعا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك الملأ من قريش لو حضرت أفعالهم لاحتقرت فعلك». والملأ صفة غالبة وجمعه أملاء وليس من باب رهط وإن كانا اسمين للجمع لأن رهط لا واحد له من لفظه، و «ملأ» يوجد من لفظه مالئ قال أحمد بن يحيى: المالئ الرجل الجليل الذي يملأ العين بجهرته فيجيء كعازب وخادم ورائح فإن أسماء جموعها عرب وخدم وروح، وإن كانت اللفظة من تمالأ القوم على كذا فهي مفارقة باب رهط ومنه قول علي رضي الله عنه: ما قتلت عثمان ولا مالأت في دمه، وقال ابن عباس «الملؤ» بواو وكذلك هي في مصاحف الشام، وقولهم لنراك يحتمل أن يجعل من رؤية البصر، ويحتمل من رؤية القلب وهو الأظهر وفي ضلالٍ أي في إتلاف وجهالة بما تسلك). [المحرر الوجيز: 3/ 591]


تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله لهم جوابا عن هذا ليس بي ضلالةٌ مبالغة في حسن الأدب والإعراض عن الجفاء منهم وتناول رفيق وسعة صدر حسبما يقتضيه خلق النبوة، وقوله: ولكنّي رسولٌ تعرض لمن يريد النظر والبحث والتأمل في المعجزة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ونقدر ولا بد أن نوحا عليه السلام وكل نبي مبعوث إلى الخلق كانت له معجزة تخرق العادة فمنهم من عرفنا بمعجزته ومنهم من لم نعرف). [المحرر الوجيز: 3/ 591]


تفسير قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ السبعة سوى أبي عمرو «أبلّغكم» بشد اللام وفتح الباء، بسكون الباء وتخفيف اللام، وقوله -صلى الله عليه وسلم- وأعلم من اللّه ما لا تعلمون وإن كان لفظا عاما في كل ما علمه فالمقصود منه هنا المعلومات المخوفات عليهم لا سيما وهم لم يسمعوا قط بأمة عذبت فاللفظ مضمن الوعيد). [المحرر الوجيز: 3/ 591]


تفسير قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون (63) فكذّبوه فأنجيناه والّذين معه في الفلك وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا إنّهم كانوا قوماً عمين (64)}
هذه ألف استفهام دخلت على الواو العاطفة، والاستفهام هنا بمعنى التقرير والتوبيخ، وعجبهم الذي وقع إنما كان على جهة الاستبعاد والاستمحال، هذا هو الظاهر من قصتهم، وقوله: على قيل هي بمعنى مع، وقيل هو على حذف مضاف تقديره على لسان رجل منكم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويحتمل أن يكون المجيء بنفسه في هذا الموضع يصل ب على إذ كل ما يأتي من الله تعالى فله حكم النزول فكأن جاءكم معناه نزل فحسن معه أن يقال على رجلٍ واللام في لينذركم لام كي. وقوله ولعلّكم ترجّ بحسب حال نوح ومعتقده لأن هذا الخبر إنما هو من تلقاء نوح عليه السلام). [المحرر الوجيز: 3/ 592]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {فكذّبوه ... الآية}، أخبر الله عنهم أنهم بعد تلطفه بهم كذبوه فأنجاه الله والمؤمنين به في السفينة وهي الفلك، والفلك لفظ واحد للجمع والمفرد، وليس على حد جنب ونحوه، لكن فلك للواحد كسر على فلك للجميع فضمة الفاء في الواحد ليست هي في الجمع وفعل بناء تكسير مثل أسد وأسد، ويدل على ذلك قولهم في التثنية فلكان، وفي التفسير: أن الذين كانوا مع نوح في السفينة أربعون رجلا، وقيل ثمانون. وقيل عشرة، فهم أولاده يافث وسام وحام، وفي كثير من كتب الحديث للترمذي وغيره: أن جميع الخلق الآن من ذرية نوح عليه السلام، وقال الزهري في كتاب النقاش: وفي القرآن: {ذرّيّة من حملنا مع نوحٍ} [الإسراء: 3].
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فيحتمل أن يكون سائر العشرة أو الأربعين حسب الخلاف حفدة لنوح ومن ذريته فتجتمع الآية والحديث، ويحتمل أن من كان في السفينة غير بنيه لم ينسل، وقد روي ذلك، وإلا لكان بين الحديث والآية تعارض، وقوله: كذّبوا بآياتنا يقتضي أن نوحا عليه السلام كانت له آيات ومعجزات، وقوله: (عمين) وزنه فعلين وهو جمع عم وزنه فعل، ويريد عمى البصائر، وروي عن ابن عباس أن نوحا بعث ابن أربعين سنة، قال ابن الكلبي: بعد آدم بثمانمائة سنة، وجاء بتحريم البنات والأخوات والأمهات والخالات والعمات، وقال وهب بن منبه بعث نوح وهو ابن أربعمائة سنة، وقيل بعث ابن ثلاثمائة سنة، وقيل ابن خمسين سنة، وروي أنه عمر بعد الغرق ستين سنة، وروي أن الطوفان كان سنة ألف وستمائة من عمره -صلى الله عليه وسلم-، وأتى في حديث الشفاعة وغيره: أن نوحا أول نبي بعث إلى الناس، وأتى أيضا أن إدريس قبل نوح ومن آبائه وذلك يجتمع بأن تكون بعثة نوح مشتهرة لإصلاح الناس وحملهم بالعذاب والإهلاك على الإيمان، فالمراد أنه أول نبي بعث على هذه الصفة). [المحرر الوجيز: 3/ 592-593]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري


تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ (59) قال الملأ من قومه إنّا لنراك في ضلالٍ مبينٍ (60) قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين (61) أبلّغكم رسالات ربّي وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون (62)}
لمّا ذكر تعالى قصّة آدم في أوّل السّورة، وما يتعلّق بذلك وما يتّصل به، وفرغ منه، شرع تعالى في ذكر قصص الأنبياء، عليهم السّلام، الأوّل فالأول، فابتدأ بذكر نوحٍ، عليه السّلام، فإنّه أوّل رسولٍ إلى أهل الأرض بعد آدم، عليه السّلام، وهو: نوح بن لامك بن متوشلح بن خنوخ -وهو إدريس [النّبيّ] عليه السّلام -فيما، يزعمون، وهو أوّل من خطّ بالقلم -ابن برد بن مهليل بن قنين بن يانش بن شيث بن آدم، عليه السّلام.
هكذا نسبه [محمّد] بن إسحاق وغير واحدٍ من أئمّة النّسب، قال محمّد بن إسحاق: ولم يلق نبيٌّ من قومه من الأذى مثل نوحٍ إلّا نبيٌّ قتل.
وقال يزيد الرّقاشيّ: إنّما سمّي نوحًا لكثرة ما ناح على نفسه.
وقد كان بين آدم إلى زمن نوحٍ، عليهما السّلام، عشرة قرونٍ، كلّهم على الإسلام [قاله عبد الله ابن عبّاسٍ].
قال عبد اللّه بن عبّاسٍ وغير واحدٍ من علماء التّفسير: وكان أوّل ما عبدت الأصنام، أنّ قومًا صالحين ماتوا، فبنى قومهم عليهم مساجد وصوّروا صور أولئك فيها، ليتذكّروا حالهم وعبادتهم، فيتشبّهوا بهم. فلمّا طال الزّمان، جعلوا تلك الصّور أجسادًا على تلك الصّور. فلمّا تمادى الزّمان عبدوا تلك الأصنام وسمّوها بأسماء أولئك الصّالحين "ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرا". فلمّا تفاقم الأمر بعث اللّه، سبحانه وتعالى -وله الحمد والمنّة -رسوله نوحًا يأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له، فقال: {يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ} أي: من عذاب يوم القيامة إن لقيتم اللّه وأنتم مشركون به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 431-432]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قال الملأ من قومه} أي: الجمهور والسّادة والقادة والكبراء منهم: {إنّا لنراك في ضلالٍ مبينٍ} أي: في دعوتك إيّانا إلى ترك عبادة هذه الأصنام الّتي وجدنا عليها آباءنا. وهكذا حال الفجّار إنّما يرون الأبرار في ضلالةٍ، كما قال تعالى: {وإذا رأوهم قالوا إنّ هؤلاء لضالّون} [المطفّفين: 32]، {وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا لو كان خيرًا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفكٌ قديمٌ} [الأحقاف:11] إلى غير ذلك من الآيات). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ ولكنّي رسولٌ من ربّ العالمين} أي: ما أنا ضالٌّ، ولكن أنا رسولٌ من ربّ كلّ شيءٍ ومليكه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {أبلّغكم رسالات ربّي وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون} وهذا شأن الرّسول، أن يكون بليغًا فصيحًا ناصحًا باللّه، لا يدركهم أحدٌ من خلق اللّه في هذه الصّفات، كما جاء في صحيح مسلمٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأصحابه يوم عرفة، وهم أوفر ما كانوا وأكثر جمعًا: «أيّها النّاس، إنّكم مسئولون عنّي، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنّك بلّغت وأدّيت ونصحت، فجعل يرفع إصبعه إلى السّماء وينكتها عليهم ويقول: «اللّهمّ اشهد، اللّهمّ اشهد»). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون (63) فكذّبوه فأنجيناه والّذين معه في الفلك وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا إنّهم كانوا قومًا عمين (64)}
يقول تعالى إخبارًا عن نوحٍ [عليه السّلام] أنّه قال لقومه: {أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتّقوا ولعلّكم ترحمون} أي لا تعجبوا من هذا، فإنّ هذا ليس يعجب أن يوحي اللّه إلى رجلٍ منكم، رحمةً بكم ولطفا وإحسانا إليكم، لإنذركم ولتتّقوا نقمة اللّه ولا تشركوا به، {ولعلّكم ترحمون} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 432]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فكذّبوه} أي: فتمادوا على تكذيبه ومخالفته، وما آمن معه منهم إلّا قليلٌ، كما نصّ عليه في موضعٍ آخر، {فأنجيناه والّذين معه في الفلك} وهي السّفينة، كما قال: {فأنجيناه وأصحاب السّفينة} [العنكبوت:15] {وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا} كما قال: {ممّا خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارًا فلم يجدوا لهم من دون اللّه أنصارًا} [نوحٍ:25]
وقوله: {إنّهم كانوا قومًا عمين} أي: عن الحقّ، لا يبصرونه ولا يهتدون له.
فبيّن تعالى في هذه القصّة أنّه انتقم لأوليائه من أعدائه، وأنجى رسوله والمؤمنين، وأهلك أعداءهم من الكافرين، كما قال تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافر:51، 52]
وهذه سنّة اللّه في عباده في الدّنيا والآخرة، أنّ العاقبة للمتّقين والظّفر والغلب لهم، كما أهلك قوم نوح [عليه االسلام] بالغرق ونجّى نوحًا وأصحابه المؤمنين.
قال مالكٌ، عن زيد بن أسلم: كان قوم نوحٍ قد ضاق بهم السّهل والجبل.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: ما عذّب اللّه قوم نوحٍ [عليه السّلام] إلّا والأرض ملأى بهم، وليس بقعةٌ من الأرض إلّا ولها مالكٌ وحائزٌ.
وقال ابن وهب: بلغني عن ابن عبّاسٍ: أنّه نجا مع نوحٍ [عليه السّلام] في السّفينة ثمانون رجلًا أحدهم "جرهم"، وكان لسانه عربيًّا.
رواهنّ ابن أبي حاتمٍ. وقد روي هذا الأثر الأخير من وجهٍ آخر متّصلًا عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما). [تفسير القرآن العظيم: 3: 432-433]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة