العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 01:28 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (80) إلى الآية (83) ]

{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 12:12 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وحاجّه قومه قال أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلاّ أن يشاء ربّي شيئًا وسع ربّي كلّ شيءٍ علمًا أفلا تتذكّرون}.
يقول تعالى ذكره: وجادل إبراهيم قومه في توحيد اللّه وبراءته من الأصنام، وكان جدالهم إيّاه قولهم: إنّ آلهتهم الّتي يعبدونها خيرٌ من إلهه. {قال} إبراهيم: {أتحاجّونّي في اللّه} يقول: أتجادلونني في توحيدي اللّه وإخلاصي العمل له دون ما سواه من آلهةٍ؟ {وقد هدان} يقول: وقد وفّقني ربّي لمعرفة وحدانيّته، وبصّرني طريق الحقّ حتّى ألفت أن لا شيء يستحقّ أن يعبد سواه. {ولا أخاف ما تشركون به} يقول: ولا أرهب من آلهتكم الّتي تدعونها من دونه شيئًا ينالني في نفسي من سوءٍ ومكروهٌ، وذلك أنّهم قالوا له: إنّا نخاف أن تمسّك آلهتنا بسوءٍ من برصٍ أو خبلٍ، لذكرك إيّاها بسوءٍ، فقال لهم إبراهيم: لا أخاف ما تشركون باللّه من هذه الآلهة أن تنالني بضرٍّ ولا مكروهٍ، لأنّها لا تنفع ولا تضرّ، {إلاّ أن يشاء ربّي شيئًا} يقول: ولكن خوفي من اللّه الّذي خلقني وخلق السّموات والأرض، فإنّه إن شاء أن ينالني في نفسي أو مالي بما شاء من فناءٍ أو بقاءٍ أو زيادةٍ أو نقصانٍ أو غير ذلك نالني به، لأنّه القادر على ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك كان ابن جريجٍ يقول.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وحاجّه قومه قال أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان} قال: دعا قومه مع اللّه آلهةً، وخوّفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبلٌ، فقال إبراهيم: {أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان} قال: قد عرفت ربّي، {لا أخاف ما تشركون به}.
{وسع ربّي كلّ شيءٍ علمًا} يقول: وعلم ربّي كلّ شيءٍ فلا يخفى عليه شيءٌ، لأنّه خالق كلّ شيءٍ، وليس كالآلهة الّتي لا تضرّ ولا تنفع ولا تفهم شيئًا، وإنّما هي خشبةٌ منحوتةٌ وصورةٌ ممثّلةٌ. {أفلا تتذكّرون} يقول: أفلا تعتبرون أيّها الجهلة، فتعقلوا خطأ ما أنتم عليه مقيمون من عبادتكم صورةً مصوّرةً وخشبةً منحوتةً، لا تقدر على ضرٍّ ولا على نفعٍ، ولا تفقه شيئًا ولا تعقله، وترككم عبادة من خلقكم وخلق كلّ شيءٍ، وبيده الخير وله القدرة على كلّ شيءٍ، والعالم لكلّ شيءٍ). [جامع البيان: 9/ 364-365]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وحاجّه قومه قال أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلّا أن يشاء ربّي شيئًا وسع ربّي كلّ شيءٍ علمًا أفلا تتذكّرون (80)}
قوله عزّ وجلّ: {وحاجّه قومه}
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: أمّا قوله: {وحاجّه قومه}، يقول: خاصموه.
قوله تعالى: {قال أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان}.
- ذكر، عن محمّد بن الصّلت، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: أتحاجّونّي في اللّه قال أتخاصموني في اللّه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق: وحاجّه قومه عند ذلك في اللّه يستوصفونه إيّاه، ويخبرونه أنّ آلهتهم خيرٌ ممّا يعبد، فقال: أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان.
قوله: {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربّي شيئًا وسع ربّي كلّ شيء علما أفلا تتذكرون}.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا معتمرٌ قال سمعت أبي يحدّث، عن سيّارٍ أبي الحكم، عن ابن عبّاسٍ أنّه سأل كعبًا، عن أمّ الكتاب، فقال: إنّ اللّه علم ما هو خالقٌ وما خلقه عاملون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {وحاجه قومه}، يقول: خاصموه.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أتحاجوني} قال: أتخاصموني.
- وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ (أتحاجوني) مشددة النون.
- وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {وحاجه قومه} قال: دعوا مع الله إلها {قال أتحاجوني في الله وقد هدان} وقد عرفت ربي خوفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبل فقال {ولا أخاف ما تشركون به} ثم قال {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون} أيها المشركون {أنكم أشركتم}). [الدر المنثور: 6/ 115]

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزّل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون}.
وهذا جواب إبراهيم لقومه حين خوّفوه من آلهتهم أن تمسّه لذكره إيّاها بسوءٍ في نفسه بمكروهٍ، فقال لهم: وكيف أخاف وأرهب ما أشركتموه في عبادتكم ربّكم فعبدتموه من دونه وهو لا يضرّ ولا ينفع، ولو كانت تنفع أو تضرّ لدفعت عن أنفسها كسري إيّاها وضربي لها بالفأس، وأنتم لا تخافون اللّه الّذي خلقكم ورزقكم وهو القادر على نفعكم وضرّكم في إشراككم في عبادتكم إيّاه {ما لم ينزّل به عليكم سلطانًا} يعني: ما لم يعطكم على إشراككم إيّاه في عبادته حجّةً، ولم يضع لكم عليه برهانًا، ولم يجعل لكم به عذرًا. {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن} يقول: أنا أحقّ بالأمن من عاقبة عبادتي ربّي، مخلصًا له العبادة، حنيفًا له ديني، بريئًا من عبادة الأوثان والأصنام، أم أنتم الّذين تعبدون من دون اللّه أصنامًا لم يجعل اللّه لكم بعبادتكم إيّاها برهانًا ولا حجّةً؟ {إن كنتم تعلمون} يقول: إن كنتم تعلمون صدق ما أقول وحقيقة ما أحتجّ به عليكم، فقولوا وأخبروني أيّ الفريقين أحقّ بالأمن؟
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، كان محمّد بن إسحاق يقول فيما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: قال محمّد بن إسحاق، في قوله: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه} يقول: كيف أخاف وثنًا تعبدون من دون اللّه لا يضرّ ولا ينفع، ولا تخافون أنتم الّذي يضرّ وينفع، وقد جعلتم معه شركاء لا تضرّ ولا تنفع؟ {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون}، أي بالأمن من عذاب اللّه في الدّنيا والآخرة، الّذي يعبد الّذي بيده الضّرّ والنّفع؟ أم الّذي يعبد ما لا يضرّ ولا ينفع؟ يضرب لهم الأمثال، ويصرّف لهم العبر، ليعلموا أنّ اللّه هو أحقّ أن يخاف ويعبد ممّا يعبدون من دونه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قال: أفلج اللّه إبراهيم عليه السّلام حين خاصمهم، فقال: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزّل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون} ثمّ قال: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: قول إبراهيم حين سألهم: {أيّ الفريقين أحقّ بالأمن} هي حجّة إبراهيم عليه السّلام.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه تعالى عن إبراهيم حين سألهم: {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن} قال: وهي حجّة إبراهيم عليه السّلام.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون}، أمن يعبد ربًّا واحدًا، أم من يعبد أربابًا كثيرةً؟ يقول قومه: الّذين آمنوا بربٍّ واحدٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون}، أمن خاف غير اللّه ولم يخفه؟ أم من خاف اللّه ولم يخف غيره؟ فقال اللّه تعالى: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ ... الآية}). [جامع البيان: 9/ 365-367]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزّل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون (81)}
قوله: {وكيف أخاف ما أشركتم}
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: وكيف أخاف ما أشركتم، قال: كيف أخاف وثنًا تعبدونه من دون اللّه ما لا ينفع ولا يضرّ.
قوله: {ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه}
- وبه، عن محمّد بن إسحاق، قوله: ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه قال: لا تخافون أنتم الّذي يضرّ وينفع، وقد جعلتم معه شركاء لا تضرّ ولا تنفع.
قوله:{ ما لم ينزّل به عليكم سلطانًا}
- حدّثنا أبي، ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرٍو، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كلّ سلطانٍ في القرآن حجّةٌ.
وروي، عن أبي مالكٍ ومحمّد بن كعبٍ وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ والضّحّاك والسّدّيّ ونضر بن عربيٍّ، مثله.
قوله: {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون؟}.
- حدّثنا حجّاجٌ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال قول إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام حين سألهم: فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن؟ قال: حجّة إبراهيم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن؟: أمن خاف غير اللّه ولم يخفه، أم من خاف اللّه ولم يخف غيره؟ فقال اللّه عزّ وجلّ: الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون أي بالأمن من عذاب اللّه في الدّنيا والآخرة الّذي يعبد الّذي بيده الضّرّ والنّفع، أم الّذي يعبد ما لا يضرّ ولا ينفع؟). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1331-1332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {وحاجه قومه} قال: دعوا مع الله إلها، {قال أتحاجوني في الله وقد هدان} وقد عرفت ربي خوفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبل فقال: {ولا أخاف ما تشركون به} ثم قال: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون} أيها المشركون {أنكم أشركتم}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فأي الفريقين أحق بالأمن} قال: قول إبراهيم حين سألهم أي الفريقين أحق بالأمن ومن حجة إبراهيم
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله: {فأي الفريقين أحق بالأمن} أمن خاف غير الله ولم يخفه أم من خاف الله ولم يخف غيره فقال الله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} ). [الدر المنثور: 6/ 115-116]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني محمد بن مسلم عن [ .... عمر بن] الخطاب قرأ: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، قال: فخرج [ .. .. ] فخرج إليه فقال: آيةٌ قرأتها فوقعت مني موقعا [ .. .. الآية]، هي يا أمير المؤمنين، قال: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، [ ....... ] ظن إنما هو الذنب [ .. .. ] لم تسمع إلى قول العبد الصالح إن الشرك [ ........ قال] عمر: رحمك الله، يا أبا المنذر، لقد فرجت عني، فرج الله عنك). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 104-105]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم قال بشرك}). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 213]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الأعمش، أن ابن مسعود قال لما نزلت ولم يلبسوا إيمانهم بظلم كبر ذلك على المسلمين فقالوا يا رسول الله ما ها هنا أحد إلا وهو يظلم نفسه فقال النبي: «ليس ذاكم أما سمعتم قول لقمان لابنه إن الشرك لظلم عظيم»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 213]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيم، قال: نا العوّام بن حوشب، عن إبراهيم التّيمي؛ أنّ رسول - صلّى الله عليه وسلّم - سئل عن قوله عز وجلّ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، فلم يجبهم بشيءٍ حتّى جاء رجلٌ فأسلم، فلم يمكث إلّا قليلًا حتّى جاهد في سبيل اللّه عزّ وجلّ، فقتل، فقال رسول اللّه - صلّى الله عليه وسلّم -: «هذا منهم»
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة - في قوله عزّ وجلّ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} -، قال: لم يخلطوه بشركٍ.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، (عن عبد اللّه)، قال: لما نزلت: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} شقّ ذلك على النّاس، فقالوا: يا رسول اللّه! أيّنا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول اللّه - صلّى الله عليه وسلّم -: «إنّه ليس الّذي تعنون، ألم تسمعوا إلى ما قال العبد الصّالح: {يا بنيّ لا تشرك بالله إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} ؟» ). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 31-33]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(باب: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: « لمّا نزلت: {ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ قال أصحابه: وأيّنا لم يظلم؟ فنزلت: {إنّ الشّرك} [لقمان: 13] لظلمٌ عظيمٌ »).[صحيح البخاري: 6/ 56-57]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( قوله: باب {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}
ذكر فيه حديث سليمان وهو الأعمش عن إبراهيم وهو النّخعيّ عن علقمة وهو بن يزيد عن عبد الله وهو بن مسعودٍ قال لمّا نزلت ولم يلبسوا إيمانهم بظلم قال أصحابه أي أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقد تقدّم شرحه مستوفًى في كتاب الإيمان بما أغنى عن إعادته). [فتح الباري: 8/ 294]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (3 - بابٌ: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}
أي: هذا باب في قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}، قبله: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} أريد به الشّرك.
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ حدّثنا ابن أبي عديّ عن شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال أصحابه وأيّنا لم يظلم فنزلت إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ.

مطابقته للتّرجمة ظاهرة وابن أبي عدي هو محمّد واسم أبي عدي إبراهيم البصريّ وسليمان هو الأعمش، وإبراهيم هو النّخعيّ، وعلقمة هو ابن يزيد وعبد الله هو ابن مسعود. والحديث قد مضى في كتاب الإيمان في: باب ظلم دون ظلم، فإنّه أخرجه هناك عن أبي الوليد عن شعبة. قوله: (قال أصحابه) ، أي: أصحاب النّبي صلى الله عليه وسلم).[عمدة القاري: 18/ 225]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (3 - باب {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} أي بشرك، وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد اللّه -رضي الله عنه- قال: لمّا نزلت {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال أصحابه: وأيّنا لم يظلم فنزلت: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار العبدي قال: (حدّثنا ابن أبي عدي) هو محمد واسم أبي عدي إبراهيم البصري (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: لما نزلت {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}) أي عظيم أي لم يخلطوه بشرك كما سيأتي، واستشكل تصوير خلط الإيمان بالشرك وحمله بعضهم على خلطهما ظاهرًا وباطنًا أي لم ينافقوا؛ أو المراد بالإيمان مجرد التصديق بالصانع وحده فيكون لغويًّا وحينئذ فلا إشكال. (قال أصحابه) -صلّى اللّه عليه وسلّم- ورضي الله عنهم: (وأينا لم يظلم) وفي نسخة لأبي ذر عن الحموي: لا يظلم (فنزلت) عقب ذلك ({إن الشرك لظلم عظيم}) [لقمان: 13] فبيّن أن عموم الظلم المفهوم من الإتيان به نكرة في سياق النفي غير مراد بل هو من العام الذي أريد به الخاص وهو الشرك الذي هو أعلى أنواع الظلم.
وهذا الحديث قد سبق في باب الإيمان).[إرشاد الساري: 7/ 119]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عليّ بن خشرمٍ، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: لمّا نزلت: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ شقّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله وأيّنا لا يظلم نفسه. قال: «ليس ذلك إنّما هو الشّرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه: {يا بنيّ لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/ 112]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (
قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}
- أخبرنا بشر بن خالدٍ، أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: " لمّا نزلت هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ قال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيّنا لم يظلم؟ فأنزل الله جلّ وعزّ: {إنّ الشّرك} [لقمان: 13] لظلمٌ عظيمٌ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 92]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.
اختلف أهل التّأويل في الّذي أخبر تعالى ذكره عنه أنّه قال هذا القول، أعني: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ ... الآية}، فقال بعضهم: هذا فصل القضاء من اللّه بين إبراهيم خليله عليه السّلام وبين من حاجّه من قومه من أهل الشّرك باللّه، إذ قال لهم إبراهيم: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزّل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون}، فقال اللّه تعالى فاصلاً بينه وبينهم: الّذين صدقوا اللّه، وأخلصوا له العبادة، ولم يخلطوا عبادتهم إيّاه، وتصديقهم له، بظلمٍ، يعني: بشركٍ، ولم يشركوا في عبادته شيئًا، ثمّ جعلوا عبادتهم للّه خالصًا، أحقّ بالأمن من عقابه مكروه عبادته من الّذين يشركون في عبادتهم إيّاه الأوثان والأصنام، فإنّهم الخائفون من عقابه مكروه عبادتهم، أمّا في عاجل الدّنيا فإنّهم وجلون من حلول سخط اللّه بهم، وأمّا في الآخرة فإنّهم الموقنون بأليم عذاب اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: يقول اللّه تعالى ذكره: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، أي الّذين أخلصوا كإخلاص إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم لعبادة اللّه وتوحيده. {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} أي: بشركٍ، {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} الأمن من العذاب، والهدى في الحجّة بالمعرفة والاستقامة، يقول اللّه تعالى: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون} قال: فقال اللّه وقضى بينهم: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ، قال: {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، فأمّا الذّنوب فليس يبري منها أحدٌ.
وقال آخرون: هذا جوابٌ من قوم إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم لإبراهيم حين قال لهم: أيّ الفريقين أحقّ بالأمن؟ فقالوا له: الّذين آمنوا باللّه فوحّدوه أحقّ بالأمن إذا لم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون} أمن يعبد ربًّا واحدًا أم من يعبد أربابًا كثيرةً؟ يقول قومه: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} بعبادة الأوثان، وهي حجّة إبراهيم {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب، قول من قال: هذا خبرٌ من اللّه تعالى عن أولى الفريقين بالأمن، وفصل قضاءٍ منه بين إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم وبين قومه، وذلك أنّ ذلك لو كان من قول قوم إبراهيم الّذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة اللّه، لكانوا قد أقرّوا بالتّوحيد واتّبعوا إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التّوحيد، ولكنّه كما ذكرت من تأويله بدءًا.
واختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي عناه اللّه تعالى بقوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} فقال بعضهم: بشركٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ شقّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ألا ترون إلى قول لقمان: إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ؟ قال أبو كريبٍ: قال ابن إدريس: حدّثنيه أوّلاً أبي، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، ثمّ سمعته قيل له: من الأعمش؟ قال: نعم.
- حدّثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرّمليّ قال: حدّثني عمّي يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ شقّ ذلك على المسلمين فقالوا: يا رسول اللّه، ما منّا أحدٌ إلاّ وهو يظلم نفسه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ليس بذلك، ألا تسمعون إلى قول لقمان لابنه: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}؟.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ شقّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقالوا: أيّنا لم يظلم نفسه؟ قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ليس كما تظنّون، وإنّما هو كما قال لقمان لابنه: {لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ شقّ ذلك على النّاس فقالوا: يا رسول اللّه، وأيّنا لا يظلم نفسه؟ فقال: إنّه ليس كما تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصّالح: يا بنيّ لا تشرك باللّه، إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ؟ إنّما هو الشّرك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، في قوله: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: حدّثنا فضيلٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، في قوله: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} شقّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقالوا: أيّنا لم يلبس إيمانه بظلمٍ؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليس بذلك، ألم تسمعوا قول لقمان: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}؟».
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، وابن إدريس، عن الشّيبانيّ، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلالٍ، عن أبي بكرٍ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ قال: بشركٍ.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا قبيصة، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكرٍ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ قال: بشركٍ.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سعيد بن عبيدٍ الطّائيّ، عن أبي الأشعر العبديّ، عن أبيه، أنّ زيد بن صوحان، سأل سلمان، فقال: يا أبا عبد اللّه، آيةٌ من كتاب اللّه قد بلغت منّي كلّ مبلغٍ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، فقال سلمان: هو الشّرك باللّه تعالى فقال زيدٌ: ما يسرّني بها أنّي لم أسمعها منك وأنّ لي مثل كلّ شيءٍ أمسيت أملكه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سعيد بن عبيدٍ، عن أبي الأشعر، عن أبيه، عن سلمان، قال: بشركٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا نسير بن ذعلوقٍ، عن درسبٍ، عن حذيفة، في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن أبي إسحاق الكوفيّ، عن رجلٍ، عن عيسى، عن حذيفة، في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عارمٌ أبو النّعمان، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، وغيره، أنّ ابن عبّاسٍ، كان يقول: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} يقول: بكفرٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} يقول: لم يلبسوا إيمانهم بالشّرك، وقال: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}.
- حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا جرير بن حازمٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن المسيّب، أنّ عمر بن الخطّاب، قرأ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، فلمّا قرأها فزع، فأتى أبيّ بن كعبٍ فقال: يا أبا المنذر، قرأت آيةً من كتاب اللّه من يسلم؟ فقال: ما هي؟ فقرأها عليه، فأيّنا لا يظلم نفسه؟ فقال: غفر اللّه لك، أما سمعت اللّه تعالى يقول: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}؟ إنّما هو: ولم يلبسوا إيمانهم بشركٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، عن حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، أنّ عمر، دخل منزله، فقرأ في المصحف فمرّ بهذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، فأتى أبيًّا فأخبره، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّما هو الشّرك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن مهران، أنّ عمر بن الخطّاب، كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأه، فدخل ذات يومٍ فقرأ، فأتى على هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} فاشتغل وأخذ رداءه، ثمّ أتى أبيّ بن كعبٍ فقال: يا أبا المنذر، فتلا هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، وقد ترى أنّا نظلم ونفعل ونفعل؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ هذا ليس بذاك، يقول اللّه تعالى: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}، إنّما ذلك الشّرك.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن مطرّفٍ، عن أبي عثمان عمرو بن سالمٍ قال: قرأ عمر بن الخطّاب هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، فقال عمر: قد أفلح من لم يلبس إيمانه بظلمٍ، فقال أبيّ: يا أمير المؤمنين: ذاك الشّرك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أسباطٌ، عن محمّد بن مطرّفٍ، عن ابن سالمٍ قال: قرأ عمر بن الخطّاب، فذكره نحوه.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حسينٌ، عن عليٍّ، عن زائدة، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، أي بشركٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا حميدٌ، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بعبادة الأوثان.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الأعمش، أنّ ابن مسعودٍ قال: لمّا نزلت {ولم يلبسوا} إيمانهم بظلمٍ كبر ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول اللّه، ما منّا أحدٌ إلاّ وهو يظلم نفسه، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أما سمعتم قول لقمان: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: عبادة الأوثان.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ، عن مسعرٍ، عن أبي حصينٍ، عن أبي عبد الرّحمن، قال: بشركٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: بشركٍ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولم يخلطوا إيمانهم بشيءٍ من معاني الظّلم. وذلك فعل ما نهى اللّه عن فعله، أو ترك ما أمر اللّه بفعله، وقالوا: الآية على العموم، لأنّ اللّه لم يخصّ به معنًى من معاني الظّلم.
قالوا: فإن قال لنا قائلٌ: أفلا أمن في الآخرة إلاّ لمن لم يعص اللّه في صغيرةٍ ولا كبيرةٍ، وإلاّ لمن لقي اللّه ولا ذنب له؟ قلنا: إنّ اللّه عنى بهذه الآية خاصًّا من خلقه دون الجميع منهم، والّذي عنى بها وأراده بها خليله إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمّا غيره فإنّه إذا لقي اللّه لا يشرك به شيئًا فهو في مشيئته إذا كان قد أتى بعض معاصيه الّتي لا تبلغ أن تكون كفرًا، فإن شاء لم يؤمنه من عذابه، وإن شاء تفضّل عليه فعفا عنه.
قالوا: وذلك قول جماعةٍ من السّلف وإن كانوا مختلفين في المعنيّ بالآية، فقال بعضهم: عنى بها إبراهيم.
وقال بعضهم: عنى بها المهاجرين من أصحاب رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال: عنى بهذه الآية إبراهيم خليل الرّحمن -صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، وحميد بن عبد الرّحمن، عن قيس بن الرّبيع، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة، عن عليٍّ، قال: هذه الآية -لإبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم- خاصّةً، ليس لهذه الأمّة منها شيءٌ.
ذكر من قال: عني بها المهاجرون خاصّةً.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، وحميد بن عبد الرّحمن، عن قيس بن الرّبيع، عن سماكٍ، عن عكرمة: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: هي لمن هاجر إلى المدينة.
وأولى القولين بالصّحّة في ذلك، ما صحّ به الخبر عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وهو الخبر الّذي رواه ابن مسعودٍ عنه أنّه قال: الظّلم الّذي ذكره اللّه تعالى في هذا الموضع هو الشّرك.
وأمّا قوله: {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} فإنّه يعني: هؤلاء الّذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشركٍ، لهم الأمن يوم القيامة من عذاب اللّه، {وهم مهتدون} يقول: وهم المصيبون سبيل الرّشاد، والسّالكون طريق النّجاة).[جامع البيان: 9/ 367-378]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82)}
قوله تعالى: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، يقول: لم يخلطوا إيمانهم بشركٍ.
قوله: {بظلمٍ}.
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس ووكيعٌ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ شقّ على أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ذلك، قالوا: أيّنا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليس كما تظنّون، إنّما قال لقمان لابنه: لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ».
- حدّثنا عمر بن شبّه النّميريّ، ثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، قال: بشركٍ.
وروي، عن أبي بكرٍ الصّدّيق، وعمر، وأبيّ بن كعبٍ، وسلمان، وحذيفة، وابن عمر، وعمرو بن شرحبيل، وابن عبّاسٍ، وأبي عبد الرّحمن السّلميّ، ومجاهدٍ ، وعكرمة، والنخعي، والضحاك، وقتادة، السدى نحو ذلك، رضي اللّه عنهم.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، عن قيس بن الرّبيع، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة قال: سئل عليٌّ، عن هذه الآية ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ قال: هذه لإبراهيم خاصّةً.
رضي اللّه، عن عليٍّ وبنيه.
قوله عزّ وجلّ: {أولئك لهم الأمن}
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً عليه، أنا ابن وهبٍ، أخبرني يحيى بن أيّوب، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن بكر بن سوادة قال: حمل رجلٌ من العدوّ على المسلمين فقتل رجلا، ثمّ حمل فقتل آخر، ثمّ حمل فقتل آخر، ثمّ قال: أينفعني الإسلام بعد هذا؟ قالوا: ما ندري حتّى نذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال: فذكروا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نعم.
فضرب فرسه فدخل فيهم، ثمّ حمل على أصحابه فقتل رجلا، ثمّ آخر، ثمّ آخر، ثمّ قتل. قال: فيرون أن هذه الآية فنزلت فيه: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.
قوله: {وهم مهتدون}.
- حدّثنا أبي، ثنا يوسف بن موسى القطّان، ثنا مهران بن أبي عمر، ثنا يونس بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كنّا مع النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في مسيرٍ سراة، إذ عرض له أعرابيٌّ فقال: يا رسول اللّه، والّذي بعثك بالحقّ لقد خرجت من بلادي وتلادي ومالي لأهتدي بهداك وآخذ من قولك، فما بلغتك حتّى مالي طعامٌ إلا من خضر الأرض، فاعرض عليّ. فعرض عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقبل، فازدحمنا حوله، فدخل خفّ بكره في بيت جرذانٍ، فتردّى الأعرابيّ فانكسرت عنقه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«صدق والّذي بعثني بالحقّ لقد خرج من بلاده وتلاده وماله، يهتدي بهداي، ويأخذ من قولي، فما بلغني حتى ما له طعامٌ إلا من خضر الأرض، أسمعتم بالّذي عمل قليلا وجزي كثيرًا؟ هذا منهم. أسمعتم ب الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ، أولئك لهم الأمن وهم مهتدون؟ فإنّ هذا منهم».
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق: {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، والهدى في الحجّة بالمعرفة والاستقامة.
- حدّثنا أبي، ثنا مقاتل بن محمّدٍ، ثنا محمّد بن المعلّى ابن أخي زبيدٍ الياميّ، عن زياد بن خيثمة، عن أبي داود، عن عبد اللّه بن سخبرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من ابتلي فصبر، وأعطي فشكر، وظلم فغفر وظلم فاستغفر»، ثمّ سكت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقيل له: يا رسول اللّه، ما له؟ قال: «أولئك لهم الأمن وهم مهتدون»).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 1333-1334]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولم يلبسوا إيمانهم بظلم يعني بعبادة الأوثان).[تفسير مجاهد: 219]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة، قال: سمعت عليّ بن أبي طالبٍ، يقرأ هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: «هذه في إبراهيم وأصحابه ليست في هذه الأمّة» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه " إنّما اتّفقا على حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه أنّهم قالوا: يا رسول اللّه، وأيّنا لم يظلم نفسه؟ الحديث بطوله بغير هذا التّأويل "). [المستدرك: 2/ 346]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه – قال: لما نزلت {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}شقّ ذلك على المسلمين، وقالوا: أيّنا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس ذلك، إنّما هو الشّرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه» : {يا بنيّ لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلمٌ عظيم} [لقمان: 13].
وفي أخرى: «ليس هو كما تظنّون، إنما هو كما قال لقمان لابنه».
وفي أخرى: «ألم تسمعوا قول العبد الصالح». أخرجه البخاري، ومسلم والترمذي). [جامع الأصول: 2/ 134-135]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال إسحاق بن راهويه: أبنا جريرٌ، عن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلالٍ، عن أبي بكرٍ الصّدّيق- رضي اللّه عنه- "أنّه قال لأصحابه: ما تقولون في هاتين الآيتين «إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا» و «الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم» قالوا (الّذين قالوا ربّنا اللّه) ثمّ عملوا بها واستقاموا على أمره. قالوا: و (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ) لم يذنبوا. قال: لقد حملتموها على أمرٍ شديدٍ (الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ) يقول: بشركٍ. والّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا عليها فلم يعدلوا عنها بشركٍ ولا غيره"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 207]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال إسحاق: أخبرنا جريرٌ عن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلالٍ، عن أبي بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه أنّه قال (لأصحابه): ما تقولون في هاتين الآيتين: {إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا}، و{الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، (قالوا): الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ عملوا بها (ثم استقاموا)، (على أمره)، قالوا: والّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ، لم يذنبوا، قال: لقد حملتموها على أمرٍ شديدٍ، الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ، يقول: بشركٍ، والذين قالوا: ربّنا اللّه، ثمّ استقاموا عليها، فلم يعدلوا عنها بشركٍ ولا غيره). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/ 640]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدار قطني في الأفراد وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على الناس فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه قال إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13] إنما هو الشرك.
- وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ، وابن مردويه عن أبي بكر الصديق، أنه سئل عن هذه الآية: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: ما تقولون قالوا: لم يظلموا، قال: حملتم الأمر على أشده بظلم: بشرك ألم تسمع إلى قول الله: {إن الشرك لظلم عظيم}
- وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن الخطاب: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك.
- وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة وأبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن حذيفة: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك.
- وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي، أنه سئل عن هذه الآية: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: إنما عنى به الشرك ألم تسمع الله يقول {إن الشرك لظلم عظيم}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ من طرق عن أبي بن كعب في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: ذاك الشرك.
- وأخرج ابن المنذر والحاكم، وابن مردويه عن ابن عباس، أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف يقرأه فدخل ذات يوم فقرأ سورة الأنعام فأتى
على هذه الآية: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} إلى آخر الآية فانتقل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب فقال: يا أبا المنذر أتيت على هذه الآية: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} وقد نرى أنا نظلم ونفعل ونفعل فقال: يا أمير المؤمنين إن هذا ليس بذاك، يقول الله: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13] إنما ذلك الشرك.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وأبوالشيخ من طرق عن ابن عباس: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}، قال: بشرك.
- وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن مجاهد: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}، قال: بعبادة الأوثان.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}، يقول: لم يخلصوا إيمانهم بشرك.
- وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصة ليس في هذه الأمة
- وأخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن جرير بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول صلى الله عليه وسلم فلما برزنا من المدينة إذا راكب يوضع نحونا فانتهى إلينا فسلم فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:« من أين أقبلت»، فقال: من أهلي وولدي وعشيرتي أريد رسول الله، قال: «قد أصبته»، قال: علمني ما الإيمان قال: «تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت»، قال: قد أقررت، ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جردان فهوى ووقع الرجل على هامته فمات، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا من الذين عملوا قليلا وأجروا كثيرا هذا من الذين قال الله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} إني رأيت حور العين يدخلن في فيه من ثمار الجنة فعلمت أن الرجل مات جائعا».
- وأخرج الحكيم الترمذي، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ساره إذ عرض له أعرابي فقال: والذي بعثك بالحق لقد خرجت من بلادي وتلادي لأهتدي بهداك وآخذ من قولك فاعرض علي فأعرض عليه الإسلام فقبل فازدحمنا حوله فدخل خف بكره في ثقب جردان فتردى الأعرابي فانكسرت عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسمعتم بالذي عمل قليلا وأجر كثيرا هذا منهم أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم هذا منهم».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن سوادة قال: حمل رجل من العدو على المسلمين فقتل رجلا ثم حمل فقتل آخر ثم حمل فقتل آخر ثم قال: أينفعني الإسلام بعد هذا قالوا: ما ندري فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:« نعم»، فضرب فرسه فدخل فيهم ثم حمل على أصحابه فقتل رجلا ثم آخر ثم قتل، قال:« فيرون أن هذه الآية نزلت فيه {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ... الآية}».
- وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي أن رجلا سأل عنها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسكت حتى جاء رجل فأسلم فلم يلبث إلا قليلا حتى قاتل فاستشهد فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «هذا منهم من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم».
- وأخرج البغوي في معجمه، وابن أبي حاتم، وابن قانع والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سخبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ابتلي فصبر وأعطي فشكر وظلم فغفر وظلم فاستغفر»، ثم سكت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله قال: {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} ). [الدر المنثور: 6/ 116-120]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني مالك قال: سمعت زيد بن أسلم يقول في قول الله: {نرفع درجاتٍ من نشاء}، قال: بالعلم). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 136-137]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {وتلك حجّتنا} قول إبراهيم لمخاصميه من قومه المشركين: أيّ الفريقين أحقّ بالأمن، أمن يعبد ربًّا واحدًا مخلصًا له الدّين والعبادة أم من يعبد أربابًا كثيرةً؟ وإجابتهم إيّاه بقولهم: بل من يعبد ربًّا واحدًا أحقّ بالأمن، وقضاءهم له على أنفسهم، فكان في ذلك قطع عذرهم، وانقطاع حجّتهم، واستعلاء حجّة إبراهيم عليهم، فهي الحجّة الّتي آتاها اللّه إبراهيم على قومه.
- كالّذي حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: هي {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال إبراهيم حين سأل: أيّ الفريقين أحقّ بالأمن؟ قال: هي حجّة إبراهيم.
وقوله: و{آتيناها إبراهيم على قومه} يقول: لقنّاها إبراهيم وبصّرناه إيّاها، وعرّفناه على قومه.
{نرفع درجاتٍ من نشاء} واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والبصرة: (نرفع درجات من نشاء) بإضافة الدّرجات إلى من، بمعنى: نرفع الدّرجات لمن نشاء.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة {نرفع درجاتٍ من نشاء} بتنوين (الدّرجات)، بمعنى نرفع من نشاء درجاتٍ. والدّرجات: جمع درجةٍ، وهي المرتبة، وأصل ذلك مراقي السّلّم ودرجه، ثمّ تستعمل في ارتفاع المنازل والمراتب.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: هما قراءتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما أئمّةٌ من القرّاء، متقاربٌ معناهما، وذلك أنّ من رفعت درجته فقد رفع في الدّرج، ومن رفع في الدّرج فقد رفعت درجته، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب في ذلك.
فمعنى الكلام إذن: وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه فرفعنا بها درجته عليهم، وشرّفناه بها عليهم في الدّنيا والآخرة، فأمّا في الدّنيا فآتيناه فيها أجره، وأمّا في الآخرة فهو من الصّالحين، {نرفع درجاتٍ من نشاء} أي بما فعل من ذلك وغيره.
وأمّا قوله: {إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ} فإنّه يعني: إنّ ربّك يا محمّد حكيمٌ في سياسته خلقه، وتلقينه أنبياءه الحجج على أممهم المكذّبة لهم الجاحدة توحيد ربّهم، وفي غير ذلك من تدبيره، عليمٌ بما يئول إليه أمر رسله والمرسل إليهم من ثبات الأمم على تكذيبهم إيّاهم، وهلاكهم على ذلك، وإنابتهم وتوبتهم منه بتوحيد اللّه تعالى وتصديق رسله والرّجوع إلى طاعته.
يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: تأسّ يا محمّد في نفسك وقومك المكذّبيك والمشركين بأبيك خليلي إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم، واصبر على ما ينوبك منهم صبره، فإنّي بالّذي يئول إليه أمرك وأمرهم عالم التّدبير، فيك وفيهم حكيمٌ). [جامع البيان: 9/ 379-381]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ (83)}
قوله تعالى: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه}
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع قوله: وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه قال: وذاك في الخصومة الّتي كانت بينه وبين قومه، والخصومة الّتي كانت بينه وبين الجبّار الّذي يسمّى نمرود
قوله: {نرفع درجاتٍ من نشاء}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عبد الرّحمن بن أبي الغمر، ثنا عبد الرّحمن بن القاسم قال: قال مالكٌ: سمعت زيد بن أسلم يقول في هذه الآية: نرفع درجاتٍ من نشاء: إنّه العلم، يرفع اللّه به من يشاء في الدّنيا.
قوله تعالى: {إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم العسقلانيّ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: حكيمٌ، يقول: حكيمٌ في أمره.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا أبو غسّان زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمد ابن إسحاق: حكيمٌ في عذره وحجّته إلى عباده.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق:
عليمٌ، أي: عليمٌ بما يخفون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: ذاك في الخصومة التي كانت بينه وبين قومه والخصومة التي كانت بينه وبين الجبار الذي يسمى نمرود.
- وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: خصمهم.
- وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: خصمهم.
- وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله: {نرفع درجات من نشاء} قال: بالعلم.
- وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: إن للعلماء درجات كدرجات الشهداء). [الدر المنثور: 6/ 121]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 12:04 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}


تفسير قوله تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80)}:
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أهل مكة {أتحاجونني} بنونين، و{تأمرونني} وهي الأصل.
الحسن وأبو عمرو {أتحاجوني} يدغم، وقد فسرنا ذلك في صدر الكتاب.
أهل المدينة {أتحاجوني} بحذف إحدى النونين، وفي الزمر {أفغير الله تأمروني} يحذف أيضًا، وهي لغة لغطفان.
وأنشدنا المفضل:
تذكرونا إذ نقاتلكم = لا يضر معدمًا عدمه
على قراءة أهل المدينة.
وأنشدنا أبو عبيدة:
أبالموت الذي لا بد أني = ملاق لا أباك تخوفيني
حذف إحدى النونين لما اجتمعتا.
أبو عمرو {وقد هداني ولا} بإثبات الياء؛ وهي الحسنة؛ وقد فسرنا ذلك كله.
أهل المدينة {وقد هدان ولا} بحذف الياء). [معاني القرآن لقطرب: 517]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جل وعلا: {وحاجّه قومه قال أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلّا أن يشاء ربّي شيئا وسع ربّي كلّ شيء علما أفلا تتذكّرون}
المعنى حاجوه في اللّه، فقال: {أتحاجّونّي في اللّه}.
ومحاجتهم إياه كانت - واللّه أعلم - فيما عبدوا مع اللّه عزّ وجلّ من الكواكب والشمس والقمر والأصنام، فقال: {أتحاجّونّي في اللّه}.
أي في توحيد اللّه.
{وقد هداني} وقد بين لي ما به اهتديت.
{ولا أخاف ما تشركون به} أي هذه الأشياء التي تعبدونها لا تضر ولا تنفع، ولا أخافها.
{إلّا أن يشاء ربّي شيئا}
إلا أن يشاء أن يعذبني بذنب إن كان مني. وموضع (أن) نصب، أي لا أخاف إلا مشيئة اللّه). [معاني القرآن: 2/ 268]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وحاجه قومه} المعنى وحاجه قومه أي في توحيد الله). [معاني القرآن: 2/ 452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا}
المعنى إلا أن يشاء ربي أن يلحقني شيئا بذنب عملته وهذا استثناء ليس من الأول). [معاني القرآن: 2/ 452-453]

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)}:

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما لم ينزّل به عليكم سلطاناً} أي ما لم يجعل لكم فيه حجة، ولا برهاناً، ولا عذراً). [مجاز القرآن: 1/ 200]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({كيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزّل به عليكم سلطانا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون}
أي ولا تخافون أنتم شرككم باللّه ما لم ينزل به عليكم سلطانا، أي حجة بينة.
{فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن}
أي أحق بأن يأمن من العذاب، الموحّد أم المشرك). [معاني القرآن: 2/ 269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فأي الفريقين أحق بالأمن} المعنى المؤمن أحق بالأمن أم المشرك). [معاني القرآن: 2/ 453]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)}:

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أصل الظلم في كلام العرب: وضع الشيء في غير موضعه.
ويقال: (من أشبه أباه فما ظلم)، أي: فما وضع الشّبه غير موضعه.
وظلم السّقاء: هو أن يشرب قبل إدراكه.
وظلم الجزور: أن يعتبط، أي ينحر، من غير علّة.
وأرض مظلومة: أي حفرت وليست موضع حفر.
ويقال: الزم الطريق ولا تظلمه، أي: لا تعدل عنه.
ثم قد يصير الظلم بمعنى الشّرك، لأنّ من جعل لله شريكا: فقد وضع الرّبوبيّة غير موضعها.
يقول الله سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، وقال: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، أي: يشرك). [تأويل مشكل القرآن: 467]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}
قالوا جائز أن يكون هذا قول اللّه {أولئك لهم الأمن} غير حكاية عن إبراهيم، وجائز أن يكون إبراهيم قال ذلك). [معاني القرآن: 2/ 269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} يجوز أن يكون هذا إخبار عن إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- أنه قاله ويجوز أن يكون مستأنفا من قول الله جل وعز وفي بعض الروايات عن مجاهد ما يدل أنه إخبار عن إبراهيم
وروي عن مجاهد أنه قال في قول الله جل وعز: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال هو قوله: {فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون} {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال أبو بكر وعلي رضي الله عنهما وسلمان وحذيفة في قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} أي بشرك وروى علقمة عن عبد الله بن مسعود لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لا يظلم فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:« ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان إن الشرك لظلم عظيم»). [معاني القرآن: 2/ 453-454]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} أي لم يخلطوه بشرك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 77]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}:

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه...}
وذلك أنهم قالوا له: أما تخاف أن تخبلك آلهتنا لسبّك إياها؟ فقال لهم: أفلا تخافون أنتم ذلك منها إذ سوّيتم بين الصغير والكبير والذكر والأنثى أن يغضب الكبير إذ سوّيتم به الصغير. ثم قال لهم: أمن يعبد إلها واحدا أحقّ أن يأمن أم من يعبد آلهة شتّى؟ قالوا: من يعبد إلها واحدا، فغضبوا على أنفسهم. فذلك قوله: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه}). [معاني القرآن: 1/ 341]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {نرفع درجات من نشاء} بإضافة؛ وهي قراءة أبي عمرو وشيبة وأبي جعفر.
مجاهد {نرفع درجات من نشاء} بغير إضافة؛ كأنه قال: نرفع من نشاء درجات). [معاني القرآن لقطرب: 518]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 11:43 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وإذا كان فعل الجميع مرفوعاً ثم أدخلت فيه النون الخفيفة أو الثقيلة حذفت نون الرفع وذلك قولك لتفعلن ذاك ولتذهبن لأنه اجتمعت فيه ثلاث نونات فحذفوها استثقالا وتقول هل تفعلن ذاك تحذف نون الرفع لأنك ضاعفت النون وهم يستثقلون التضعيف فحذفوها إذ كانت تحذف وهم في ذا الموضع أشد استثقالاً للنونات وقد حذفوها فيما هو أشد من ذا بلغنا أن بعض القراء قرأ: (أتحاجونِي) وكان يقرأ: (فبم تبشرونِ)
وهي قراءة أهل المدينة وذلك لأنهم استثقلوا التضعيف). [الكتاب: 3/ 519-520]

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} قال: سلم مصدر. و(سالمًا) نعت، أي سالمًا لله لا يعبد إلا الله. وقال: ومثله قوله عز وجل: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا}، أي كيف أخاف آلهتكم وأنتم لا تخافون الله). [مجالس ثعلب: 262-263] (م)

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) }

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي لم يلبسوه بغيره). [مجالس ثعلب: 224]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وحاجّه فاعله من الحجة، قال أتراجعوني في الحجة في توحيد الله، وقرأت فرقة «أتحاجونني» بإظهار النونين وهو الأصل، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي «أتحاجوني» بإدغام النون الأولى في الثانية، وقرأ نافع وابن عامر «أتحاجوني» بحذف النون الواحدة فقيل: هي الثانية وقيل هي الأولى، ويدل على ذلك أنها بقيت مكسورة، قال أبو علي الفارسي: لا يجوز أن تحذف الأولى لأنها للإعراب وإنما حذفت الثانية التي هي توطئة لياء المتكلم كما حذفت في «ليتي» وفي قول الشاعر: [الوافر] يسوء الفاليات إذا فليني وكسرت بعد ذلك الأولى الباقية لمجاورتها للياء و «قد هداني» أي أرشدني إلى معرفته وتوحيده، وأمال الكسائي «هدان»، والإمالة في ذلك حسنة وإذا جازت الإمالة في غزا ودعا وهما من ذوات الواو فهي في «هدان» التي هي من ذوات الياء أجوز وأحسن، وحكي أن الكفار قالوا لإبراهيم عليه السلام خف أن تصيبك آلهتنا ببرص أو داء لإذايتك لها وتنقصك، فقال لهم لست أخاف الذي تشركون به، لأنه لا قدرة له ولا غناء عنده وما في هذا الموضع بمعنى الذي، والضمير في به يحتمل أن يعود على الله عز وجل فيكون على هذا في قوله تشركون ضمير عائد على ما تقدير الكلام ولا أخاف الأصنام التي تشركونها بالله في الربوبية، ويحتمل أن يعود الضمير على ما فلا يحتاج إلى غيره، كأن التقدير ما تشركون بسببه، وقوله تعالى: إلّا أن يشاء ربّي شيئاً استثناء ليس من الأول وشيئاً منصوب ب يشاء، ولما كانت قوة الكلام أنه لا يخاف ضرا استثنى مشيئة ربه تعالى في أن يريده بضر، وعلماً نصب على التمييز وهو مصدر بمعنى الفاعل، كما تقول العرب: تصبب زيد عرقا، المعنى تصبب عرق زيد فكذلك المعنى هنا وسع علم ربي كل شيء أفلا تتذكّرون توقيف وتنبيه وإظهار لموضع التقصير منهم). [المحرر الوجيز: 3/ 405-406]

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزّل به عليكم سلطاناً فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون (81) الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82) وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ (83)}
هذه الآية إلى تعلمون هي كلها من قول إبراهيم عليه السلام لقومه، وهي حجته القاطعة لهم، المعنى: وكيف أخاف الأصنام التي لا خطب لها وهي حجارة وخشب إذا أنا نبذتها ولم أعظمها، ولا تخافون أنتم الله عز وجل وقد أشركتم به في الربوبية أشياء لم ينزل بها عليكم حجة، و «السلطان»: الحجة، ثم استفهم على جهة التقرير فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن أي من لم يشرك بالقادر العالم أحق أن يأمن). [المحرر الوجيز: 3/ 406]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الّذين آمنوا ... الآية}، الّذين رفع بالابتداء، ويلبسوا معناه يخلطوا، و «الظلم» في هذه الآية الشرك تظاهرت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من الصحابة أنه لما نزلت هذه الآية أشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أيّنا لم يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذلك كما قال لقمان: إن الشرك لظلم عظيم وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ في المصحف فلما أتى عليها عظمت عليه، فلبس رداءه ومر إلى أبي بن كعب، فقال: يا أبا المنذر وسأله عنها، فقال له إنه الشرك يا أمير المؤمنين فسري عن عمر، وجرى لزيد بن صوحان مع سلمان نحو مما جرى لعمر مع أبي بن كعب رضي الله عنهم، وقرأ مجاهد، «ولم يلبسوا إيمانهم بشرك» وقرأ عكرمة «يلبسوا» بضم الياء، والأمن رفع بالابتداء وخبره في المجرور والجملة خبر أولئك، وهم مهتدون أي راشدون، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: المراد بهذه الآية إبراهيم خاصة، وقال عكرمة: نزلت في مهاجري أصحاب محمد عليه السلام خاصة، وقالت فرقة: هي من قول إبراهيم لقومه فهي من الحجة التي أوتيها، وقال ابن جريج هي من قول قوم إبراهيم ويجيء هذا من الحجة أيضا أن أقروا بالحق وهم قد ظلموا في الإشراك، وقال ابن إسحاق وابن زيد وغيرهما: بل ذلك قول من الله عز وجل ابتداء حكم فصل عام لوقت محاجة إبراهيم وغيره ولكل مؤمن تقدم أو تأخر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا هو البين الفصيح الذي يرتبط به معنى الآية ويحسن رصفها، وهو خبر من الله تعالى). [المحرر الوجيز: 3/ 406-407]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ووتلك إشارة إلى هذه الحجة المتقدمة وهي رفع بالابتداء وحجّتنا خبره وآتيناها في موضع الحال، ويجوز أن تكون حجّتنا بدلا من تلك وآتيناها خبر «تلك» «وإبراهيم» مفعول ب «آتينا»، والضمير مفعول أيضا ب آتينا مقدم وعلى متعلقة بقوله حجّتنا وفي ذلك فصل كثير، ويجوز أن تتعلق على ب «آتيناها» على المعنى إذ أظهرناها لإبراهيم على قومه ونحو هذا، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «نرفع درجات من نشاء» بإضافة الدرجات إلى من، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «نرفع درجات من نشاء».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهما مأخذان من الكلام، والمعنى المقصود بهما واحد، ودرجاتٍ على قراءة من نون نصب على الظرف، وحكيمٌ عليمٌ صفتان تليق بهذا الموضع إذ هو موضع مشيئة واختيار فيحتاج ذلك إلى العلم والإحكام، والدرجات أصلها في الأجسام ثم تستعمل في المراتب والمنازل المعنوية). [المحرر الوجيز: 3/ 407-408]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وممّا يؤيّد أنّه كان في هذا المقام مناظرًا لقومه فيما كانوا فيه من الشّرك لا ناظرًا قوله تعالى: {وحاجّه قومه قال أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربّي شيئًا وسع ربّي كلّ شيءٍ علمًا أفلا تتذكّرون (80) وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون (81) الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82) وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ (83)}
يقول تعالى: وجادله قومه فيما ذهب إليه من التّوحيد، وناظروه بشبه من القول، قال: {قال أتحاجّونّي في اللّه وقد هدان} أي: تجادلونني في أمر اللّه وأنّه لا إله إلّا هو، وقد بصّرني وهداني إلى الحقّ وأنا على بيّنةٍ منه؟ فكيف ألتفت إلى أقوالكم الفاسدة وشبهكم الباطلة؟!
وقوله: {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربّي شيئًا} أي: ومن الدّليل على بطلان قولكم فيما ذهبتم إليه أنّ هذه الآلهة الّتي تعبدونها لا تؤثّر شيئًا، وأنا لا أخافها، ولا أباليها، فإن كان لها صنعٌ، فكيدوني بها [جميعًا] ولا تنظرون، بل عاجلوني بذلك.
وقوله: {إلا أن يشاء ربّي شيئًا} استثناءٌ منقطعٌ. أي لا يضرّ ولا ينفع إلّا اللّه، عزّ وجلّ.
{وسع ربّي كلّ شيءٍ علمًا} أي: أحاط علمه بجميع الأشياء، فلا تخفى عليه خافيةٌ.
{أفلا تتذكّرون} أي: فيما بيّنته لكم فتعتبرون أنّ هذه الآلهة باطلةٌ، فتزجروا عن عبادتها؟ وهذه الحجّة نظير ما احتجّ به نبيّ اللّه هودٌ، عليه السّلام، على قومه عادٍ، فيما قصّ عنهم في كتابه، حيث يقول: {قالوا يا هود ما جئتنا ببيّنةٍ وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ قال إنّي أشهد اللّه واشهدوا أنّي بريءٌ ممّا تشركون * من دونه فكيدوني جميعًا ثمّ لا تنظرون * إنّي توكّلت على اللّه ربّي وربّكم ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها [إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ]} [هودٍ: 53 -56] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 293-294]

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكيف أخاف ما أشركتم} أي: كيف أخاف من هذه الأصنام الّتي تعبدون من دون اللّه: {ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزل به عليكم سلطانًا}؟ قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ من السّلف: أي حجّةٌ وهذا كما قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به اللّه} [الشّورى: 21] وقال: {إن هي إلا أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اللّه بها من سلطانٍ} [النّجم: 23].
وقوله: {فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون} أي: فأيّ الطّائفتين أصوب؟ الّذي عبد من بيده الضّرّ والنّفع، أو الّذي عبد من لا يضرّ ولا ينفع بلا دليلٍ، أيّهما أحقّ بالأمن من عذاب اللّه يوم القيامة؟). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 294]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} أي: هؤلاء الّذين أخلصوا العبادة للّه وحده لا شريك، له، ولم يشركوا به شيئًا هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدّنيا والآخرة.
قال البخاريّ: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال أصحابه: وأيّنا لم يظلم نفسه؟ فنزلت: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13]
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} شقّ ذلك على النّاس وقالوا: يا رسول اللّه، فأيّنا لا يظلم نفسه؟ قال: «إنّه ليس الّذي تعنون! ألم تسمعوا ما قال العبد الصّالح: {يا بنيّ لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} إنّما هو الشّرك»
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا وكيعٌ وابن إدريس، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} شقّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قالوا: وأيّنا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليس كما تظنّون، إنّما قال [لقمان] لابنه: {يا بنيّ لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ}»
وحدّثنا عمر بن شبّة النّمريّ، حدّثنا أبو أحمد، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} قال: «بشركٍ».
قال: وروي عن أبي بكرٍ الصّدّيق، وعمر، وأبيّ بن كعبٍ، وسلمان، وحذيفة، وابن عبّاسٍ، وابن عمر، وعمرو بن شرحبيل، وأبي عبد الرّحمن السّلمي، ومجاهدٍ، وعكرمة، والنّخعي، والضّحّاك، وقتادة، والسّدّي نحو ذلك.
وقال ابن مردويه: حدّثنا الشّافعيّ، حدّثنا محمّد بن شدّاد المسمعيّ، حدّثنا أبو عاصمٍ، حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لمّا نزلت: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قيل لي: أنت منهم»
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إسحاق بن يوسف، حدّثنا أبو جناب، عن زاذان، عن جرير بن عبد اللّه قال: خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فلمّا برزنا من المدينة، إذا راكبٌ يوضع نحونا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "كأنّ هذا الرّاكب إيّاكم يريد". فانتهى إلينا الرّجل، فسلّم فرددنا عليه فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أين أقبلت؟» قال: من أهلي وولدي وعشيرتي. قال: «فأين تريد؟»، قال: أريد رسول اللّه. قال: «فقد أصبته». قال: يا رسول اللّه، علّمني ما الإيمان؟ قال: «تشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت». قال: قد أقررت. قال: ثمّ إن بعيره دخلت يده في جحر جرذان، فهوى بعيره وهوى الرّجل، فوقع على هامته فمات، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «عليّ بالرّجل». فوثب إليه عمّار بن ياسرٍ وحذيفة بن اليمان فأقعداه، فقالا يا رسول اللّه، قبض الرّجل! قال: فأعرض عنهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم قال لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أما رأيتما إعراضي عن الرّجل، فإنّي رأيت ملكين يدسّان في فيه من ثمار الجنّة، فعلمت أنّه مات جائعًا»، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «هذا من الّذين قال اللّه، عزّ وجلّ: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} ثمّ قال: دونكم أخاكم». قال: فاحتملناه إلى الماء فغسّلناه وحنّطناه وكفّنّاه، وحملناه إلى القبر، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى جلس على شفير القبر فقال: "الحدوا ولا تشقّوا، فإنّ اللّحد لنا والشّقّ لغيرنا"
ثمّ رواه أحمد عن أسود بن عامرٍ، عن عبد الحميد بن جعفرٍ الفرّاء، عن ثابتٍ، عن زاذان، عن جرير بن عبد اللّه، فذكر نحوه، وقال فيه: "هذا ممّن عمل قليلًا وأجر كثيرًا"
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا يوسف بن موسى القطّان، حدّثنا مهران بن أبي عمر، حدّثنا عليّ بن عبد الأعلى عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في مسيرٍ ساره، إذ عرض له أعرابيٌّ فقال: يا رسول اللّه، والذي بعثك بالحقّ، لقد خرجت من بلادي وتلادي ومالي لأهتدي بهداك، وآخذ من قولك، وما بلغتك حتّى ما لي طعامٌ إلّا من خضر الأرض، فاعرض عليّ. فعرض عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقبل فازدحمنا حوله، فدخل خفّ بكره في بيت جرذان، فتردّى الأعرابيّ، فانكسرت عنقه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «صدق والّذي بعثني بالحقّ، لقد خرج من بلاده وتلاده وماله ليهتدي بهداي ويأخذ من قولي، وما بلغني حتّى ما له طعامٌ إلّا من خضر الأرض، أسمعتم بالّذي عمل قليلًا وأجر كثيرًا هذا منهم! أسمعتم بالّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون؟ فإنّ هذا منهم» [وروى ابن مردويه من حديث محمد ابن معلّى -وكان نزل الرّيّ -حدّثنا زياد بن خيثمة عن أبي داود عن عبد اللّه بن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أعطي فشكر ومنع فصبر وظلم فاستغفر وظلم فغفر» وسكت، قالوا: يا رسول اللّه ما له؟ قال : {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 294-297]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه} أي: وجّهنا حجّته على قومه.
قال مجاهدٌ وغيره: يعني بذلك قوله: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن [إن كنتم تعلمون]} وقد صدّقه اللّه، وحكم له بالأمن والهداية فقال: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} ثمّ قال بعد ذلك كلّه: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ من نشاء}
قرئ بالإضافة وبلا إضافةٍ، كما في سورة يوسف، وكلاهما قريبٌ في المعنى.
وقوله: {إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ} أي: حكيمٌ في أفعاله وأقواله {عليمٌ} أي: بمن يهديه ومن يضلّه، وإن قامت عليه الحجج والبراهين، كما قال: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97]؛ ولهذا قال هاهنا: {إنّ ربّك حكيمٌ عليمٌ} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 297]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة