العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 01:25 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (60) إلى الآية (62) ]

{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 12:05 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف



تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {ويعلم ما جرحتم بالنهار}، قال: ما علمتم بالنهار ثم يبعثكم في النهار والبعث اليقظة). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 208]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: وقل لهم يا محمّد، واللّه أعلم بالظّالمين: واللّه هو الّذي يتوفّى أرواحكم باللّيل فيقبضها من أجسادكم، {ويعلم ما جرحتم بالنّهار} يقول: ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنّهار.
ومعنى التّوفّي في كلام العرب: استيفاء العدد، كما قال الشّاعر:
إنّ بني الأدرد ليسوا من أحد ....... ولا توفّاهم قريشٌ في العدد
بمعنى: لم تدخلهم قريشٌ في العدد.
وأمّا الاجتراح عند العرب: فهو عمل الرّجل بيده أو رجله أو فمه، وهي الجوارح عندهم جوارح البدن فيما ذكر عنهم، ثمّ يقال لكلّ مكتسبٍ عملاً: جارحٌ، لاستعمال العرب ذلك في هذه الجوارح، ثمّ كثر ذلك في الكلام حتّى قيل لكلّ مكتسبٍ كسبًا بأيّ أعضاء جسمه اكتسب: مجترحٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار}، أمّا {يتوفّاكم باللّيل}: ففي النّوم، وأمّا {يعلم ما جرحتم بالنّهار} فيقول: ما اكتسبتم من الإثم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار} يعني: ما اكتسبتم من الإثم.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {ما جرحتم بالنّهار} قال: ما عملتم بالنّهار.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل} يعني بذلك: نومهم، {ويعلم ما جرحتم بالنّهار} أي ما عملتم من ذنبٍ فهو يعلمه، لا يخفى عليه شيءٌ من ذلك.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار} قال: أمّا وفاته إيّاهم باللّيل فمنامهم، وأمّا {ما جرحتم بالنّهار} فيقول: ما اكتسبتم بالنّهار.
وهذا الكلام وإن كان خبرًا من اللّه تعالى عن قدرته وعلمه، فإنّ فيه احتجاجًا على المشركين به الّذين كانوا ينكرون قدرته على إحيائهم بعد مماتهم وبعثهم بعد فنائهم، فقال تعالى محتجًّا عليهم: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجلٌ مسمًّى} يقول: فالّذي يقبض أرواحكم باللّيل ويبعثكم في النّهار، لتبلغوا أجلاً مسمًّى وأنتم ترون ذلك وتعلمون صحّته، غير منكرٍ له القدرة على قبض أرواحكم وإفنائكم ثمّ ردّها إلى أجسادكم وإنشائكم بعد مماتكم، فإنّ ذلك نظير ما تعاينون وتشاهدون، وغير منكرٍ لمن قدر على ما تعاينون من ذلك القدرة على ما لم تعاينوه، وإنّ الّذي لم تروه ولم تعاينوه من ذلك شبيه ما رأيتم وعاينتم).[جامع البيان: 9/ 284-286]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجلٌ مسمًّى ثمّ إليه مرجعكم ثمّ ينبّئكم بما كنتم تعملون}.
يعني تعالى ذكره: ثمّ يبعثكم، يثيركم ويوقظكم من منامكم فيه، يعني في النّهار. والهاء الّتي في: (فيه) راجعةٌ على النّهار. {ليقضى أجلٌ مسمًّى} يقول: ليقضي اللّه الأجل الّذي سمّاه لحياتكم، وذلك الموت، فيبلغ مدّته ونهايته. {ثمّ إليه مرجعكم} يقول: ثمّ إلى اللّه معادكم ومصيركم. {ثمّ ينبّئكم بما كنتم تعملون} يقول: ثمّ يخبركم بما كنتم تعملون في حياتكم الدّنيا، ثمّ يجازيكم بذلك، إن خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ثمّ يبعثكم فيه} قال: في النّهار.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {ثمّ يبعثكم فيه} في النّهار، والبعث: اليقظة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة مثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ثمّ يبعثكم فيه} قال: في النّهار.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال عبد اللّه بن كثيرٍ: {ثمّ يبعثكم فيه} قال: يبعثكم في المنام.
{ليقضى أجلٌ مسمًّى}: وذلك الموت.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ليقضى أجلٌ مسمًّى}: وهو الموت.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ليقضى أجلٌ مسمًّى} قال: هو أجل الحياة إلى الموت.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال عبد اللّه بن كثيرٍ: {ليقضى أجلٌ مسمًّى} قال: مدّتهم.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجلٌ مسمًّى ثمّ إليه مرجعكم ثمّ ينبّئكم بما كنتم تعملون (60)}
قوله: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل}
- حدّثني محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ أبو عبد اللّه، أنا حفص بن عمر العدنيّ ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل قال: يتوفّى الأنفس عند منامها، ما من ليلةٍ إلا واللّه عزّ وجلّ يقبض الأرواح كلّها، فيسأل كلّ نفسٍ عمّا عمل صاحبها من النّهار، ثمّ يدعو ملك الموت فيقول: اقبض هذا، اقبض هذا. وما من يومٍ إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة النّاس. قائلٌ يقول: ثلاثًا وقائلٌ يقول: خمسًا.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل قال: أمّا وفاته إيّاهم باللّيل، فمنامهم.
قوله: {ويعلم ما جرحتم بالنّهار}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: ويعلم ما جرحتم بالنّهار يعني: ما تكسبون من الإثم. وروي، عن مجاهدٍ، والسّدّيّ، وقتادة نحو ذلك.
قوله: {ثمّ يبعثكم}
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنا عبد الرّزّاق، أنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: ثمّ يبعثكم فيه والبعث: اليقظة.
قوله: {فيه}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: ثمّ يبعثكم فيه قال: في النّهار. وروي، عن قتادة والسّدّيّ مثل ذلك.
قوله: {ليقضى أجلٌ مسمًّى}.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن مسعودٍ أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ليقضى أجلٌ مسمًّى: وهو الموت.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه، أنا الحجّاج قال: قال ابن جريجٍ قال ابن كثيرٍ: يعني قوله: {ليقضى أجلٌ مسمًّى} قال: ليقضي أجل مدّتهم. وله: ثمّ إليه مرجعكم الآية.
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا زيد بن الحباب، عن أبي سنانٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {إليه مرجعكم} قال: البرّ والفاجر.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية يعني قوله: إليه مرجعكم قال: يرجعون إليه بعد الحياة).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 1305-1306]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {ويعلم ما جرحتم بالنهار} يعني: ما كسبتم، {ثم يبعثكم فيه} يعني: في النهار). [تفسير مجاهد: 217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه فإن أذن الله في قبض روحه قبضه وإلا رد إليه» فذلك قوله: {يتوفاكم بالليل}.
- وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، عن عكرمة في قوله: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} قال: يتوفى الأنفس عند منامها ما من ليلة إلا والله يقبض الأرواح كلها فيسأل كل نفس عما عمل صاحبها من النهار ثم يدعو ملك الموت فيقول: اقبض هذا اقبض هذا وما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الناس، قائل يقول ثلاثا وقائل يقول خمسا.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} الآية، قال: أما وفاتهم بالليل فمنامهم وأما ما جرحتم بالنهار فيقول: ما اكتسبتم بالنهار {ثم يبعثكم فيه} قال: في النهار، {ليقضى أجل مسمى}: وهو الموت.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} يعني بذلك نومهم {ويعلم ما جرحتم} قال: ما عملتم من الإثم بالنهار ،{ثم يبعثكم فيه} قال: في النهار والبعث اليقظة.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس: {ويعلم ما جرحتم} قال: ما كسبتم من الإثم
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: قال عبد الله بن كثير في قوله: {ليقضى أجل مسمى} قال: ليقضي الله إليهم مدتهم). [الدر المنثور: 6/ 67-69]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {توفته رسلنا}، قال: يلي قبضها الرسل ثم ترفعها إليه يقول إلى ملك الموت.
عن معمر، وقال الكلبي: «وإن ملك الموت هو الذي يلي ذاك فيرفعه إن كان مؤمنا إلى ملائكة الرحمة وإن كان كافرا إلى ملائكة العذاب»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 209]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن منصور، عن إبراهيم، في قوله تعالى: {توفته رسلنا} قال تتوفاه الرسل ويقبض منهم ملك الموت الأنفس.
عن الثوري قال وأخبرني الحسن بن عبد الله بن إبراهيم قال: هم أعوان ملك الموت.
عن الثوري أخبرني رجل عن مجاهد قال جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث يشاء وجعلت له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم.
أخبرني محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن مجاهد قال ما من أهل بيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطوف بهم في كل يوم مرتين). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 209-210]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم في قوله: {توفّته رسلنا} قال: ملك الموت.
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم قال: أعوان ملك الموت ثمّ يقبضها ملك الموت منهم بعد). [تفسير الثوري: 108]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون} قال: أعوان ملك الموت من الملائكة). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 243-244]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}.

يقول تعالى ذكره: {وهو القاهر} واللّه الغالب خلقه العالي عليهم بقدرته، لا المقهور من أوثانهم وأصنامهم المذلّل المغلوب عليه لذلّته.
{ويرسل عليكم حفظةً}: وهي ملائكته الّذين يتعاقبونكم ليلاً ونهارًا، يحفظون أعمالكم ويحصونها، ولا يفرّطون في حفظ ذلك وإحصائه ولا يضيّعون.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ويرسل عليكم حفظةٌ} قال: هي المعقّبات من الملائكة، يحفظونه ويحفظون عمله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون} يقول: حفظةٌ يا ابن آدم يحفظون عليك عملك ورزقك وأجلك، إذا توفّيت ذلك قبضت إلى ربّك.
{حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}، يقول تعالى ذكره: إنّ ربّكم يحفظكم برسلٍ يعقّب بينها، يرسلهم إليكم بحفظكم، وبحفظ أعمالكم إلى أن يحضركم الموت وينزل بكم أمر اللّه، فإذا جاء ذلك أحدكم توفّاه أملاكنا الموكّلون بقبض الأرواح ورسلنا المرسلون به وهم لا يفرّطون في ذلك فيضيّعونه.
فإن قال قائلٌ: أوليس الّذي يقبض الأرواح ملك الموت، فكيف قيل: {توفّته رسلنا}، والرّسل جملةٌ وهو واحدٌ؟ أوليس قد قال: {قل يتوفّاكم ملك الموت الّذي وكّل بكم}؟
قيل: جائزٌ أن يكون اللّه تعالى أعان ملك الموت بأعوانٍ من عنده، فيتولّون ذلك بأمر ملك الموت، فيكون (التّوفّي) مضافًا، وإن كان ذلك من فعل أعوان ملك الموت إلى ملك الموت، إذ كان فعلهم ما فعلوا من ذلك بأمره، كما يضاف قتل من قتل أعوان السّلطان وجلد من جلدوه بأمر السّلطان إلى السّلطان، وإن لم يكن السّلطان باشر ذلك بنفسه ولا وليه بيده.
وقد تأوّل ذلك كذلك جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: حدّثنا الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم، في قوله: {حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}، قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: لملك الموت أعوانٌ من الملائكة.
- حدّثني أبو السّائب قال: حدّثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبيد اللّه، في قوله: {توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}، قال: سئل ابن عبّاسٍ عنها، فقال: إنّ لملك الموت أعوانًا من الملائكة.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم، في قوله: {توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}، قال: أعوان ملك الموت.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}، قال: الرّسل توفّي الأنفس، ويذهب بها ملك الموت.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا حفصٌ، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن ابن عبّاسٍ: {توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}، قال: أعوان ملك الموت من الملائكة.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا قبيصة، عن سفيان، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم: {توفّته رسلنا}، قال: هم الملائكة أعوان ملك الموت.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {توفّته رسلنا}، قال: إنّ ملك الموت له رسلٌ فيرسل، ويرفع ذلك إليه.
وقال الكلبيّ: إنّ ملك الموت هو يلي ذلك، فيدفعه إن كان مؤمنًا إلى ملائكة الرّحمة، وإن كان كافرًا إلى ملائكة العذاب.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {توفّته رسلنا}، قال: يلي قبضها الرّسل، ثمّ يدفعونها إلى ملك الموت.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، في قوله: {توفّته رسلنا}، قال: يتوفّاه الرّسل، ثمّ يقبض منهم ملك الموت الأنفس.
- قال الثّوريّ: وأخبرني الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم قال: هم أعوانٌ لملك الموت.
- قال الثّوريّ: وأخبرني رجلٌ، عن مجاهدٍ قال: جعلت الأرض لملك الموت مثل الطّست يتناول من حيث شاء، وجعلت له أعوانٌ يتوفّون الأنفس ثمّ يقبضها منهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {توفّته رسلنا} قال: أعوان ملك الموت من الملائكة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم قال: الملائكة أعوان ملك الموت.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا قبيصة، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {توفّته رسلنا}، قال: يتوفّونه ثمّ يدفعونه إلى ملك الموت.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، قال: سألت الرّبيع بن أنسٍ عن ملك الموت، أهو وحده الّذي يقبض الأرواح؟ قال: هو الّذي يلي أمر الأرواح، وله أعوانٌ على ذلك، ألا تسمع إلى قول اللّه تعالى: {حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم}، وقال: {توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}، غير أنّ ملك الموت هو الّذي يسيّر كلّ خطو منه من المشرق إلى المغرب. قلت: أين تكون أرواح المؤمنين؟ قال: عند السّدرة في الجنّة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا محمّد بن مسلمٍ، عن إبراهيم بن ميسرة، عن مجاهدٍ، قال: ما من أهل بيت شعرٍ ولا مدرٍ إلاّ وملك الموت يطيف بهم كلّ يومٍ مرّتين.
وقد بيّنّا أنّ معنى التّفريط التّضييع فيما مضى قبل. وكذلك تأوّله المتأوّلون في هذا الموضع.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وهم لا يفرّطون} يقول: لا يضيّعون.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وهم لا يفرّطون}، قال: لا يضيّعون).[جامع البيان: 9/ 288-293]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون (61)}
قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ويرسل عليكم حفظةً} قال: هم المعقّبات من الملائكة، يحفظونه، ويحفظون عمله.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً} يقول: حفظةٌ يا ابن آدم، يحفظون عليك رزقك وعملك وأجلك.
قوله: {حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا}.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن زاذان، عن البراء. قال أبو داود: وحدّثنا عمرو بن ثابتٍ سمعه من المنهال بن عمرٍو، عن زاذان، عن البراء. وحديث أبي عوانة أتمّهما قال البراء: خرجنا مع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- في جنازة رجلٍ من الأنصار فانتهينا إلى القبر، ولم يلحد، فجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وجلسنا حوله كأنّما على رءوسنا الطّير، فجعل يرفع بصره وينظر إلى السّماء، يخفض بصره وينظر إلى الأرض. ثمّ قال: «عوذوا باللّه». قالها مرارًا. ثمّ قال: إنّ العبد المؤمن إذا كان في قبلٍ من الآخرة، وانقطاعٍ من الدّنيا، جاءه ملكٌ، فجلس عند رأسه، فيقول: اخرجي أيّتها النّفس الطّيّبة إلى مغفرةٍ من اللّه ورضوانٍ، فتخرج نفسه، فتسيل كما يسيل القطر من السّقاء -قال عمرٌو في حديثه، ولم يقله أبو عوانة- وإن كنتم ترون غير ذلك وتنزل ملائكةٌ من الجنّة بيض الوجوه كأنّ وجوههم الشّمس، معهم أكفانٌ من أكفان الجنّة، حنوطٌ من حنوطها، فيجلسون منه مدّ البصر، فإذا قبضها الملك لم يدعوها في يده طرفة عينٍ فذلك قوله: {توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}».
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان ، عن منصورٍ، عن إبراهيم توفّته رسلنا قال: الرّسل تتوفّى الأنفس ثمّ يذهب بها ملك الموت.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، وابن فضيلٍ، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن إبراهيم، عن ابن عبّاسٍ توفّته رسلنا قال: أعوان ملك الموت.
قوله: {وهم لا يفرّطون}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وهم لا يفرّطون} يقول: لا يضيّعون.
وروي، عن السّدّيّ مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1306-1307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ويرسل عليكم حفظة} قال: هم المعقبات من الملائكة يحفظونه ويحفظون عمله.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {ويرسل عليكم حفظة} يقول: حفظة يا ابن آدم عليك عملك ورزقك وأجلك فإذا توفيت ذلك قبضت إلى ربك.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {توفته رسلنا} قال: أعوان ملك الموت من الملائكة.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم في قوله: {توفته رسلنا} قال: الملائكة تقبض الأنفس ثم يذهب بها ملك الموت، وفي لفظ: ثم يقبضها منهم ملك الموت بعد.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد قال: جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء وجعلت له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله: {توفته رسلنا} قال: إن ملك الموت له رسل فيلي قبضها الرسل ثم يدفعونها إلى ملك الموت.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن الكلبي قال: إن ملك الموت هو الذي يلي ذلك فيدفعه إن كان مؤمنا إلى ملائكة الرحمة وإن كان كافرا إلى ملائكة العذاب.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد قال: ما من أهل البيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطيف بهم كل يوم مرتين.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس، أنه سئل عن ملك الموت أهو وحده الذي يقبض الأرواح قال: هو الذي يلي أمر الأرواح وله أعوان على ذلك ألا تسمع إلى قوله تعالى {حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم} [الأعراف: 37]، وقال: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} غير أن ملك الموت هو الرئيس وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب، قيل: أين تكون أرواح المؤمنين قال: عند السدرة في الجنة.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس: {وهم لا يفرطون} يقول: لا يضيعون).[الدر المنثور: 6/ 69-71]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ ردّت الملائكة الّذين توفّوهم فقبضوا نفوسهم وأرواحهم إلى اللّه سيّدهم الحقّ: {ألا له الحكم} يقول: ألا له الحكم والقضاء دون من سواه من جميع خلقه.
{وهو أسرع الحاسبين} يقول: وهو أسرع من حسب عددكم وأعمالكم وآجالكم وغير ذلك من أموركم أيّها النّاس، وأحصاها وعرف مقاديرها ومبالغها، لأنّه لا يحسب بعقد يدٍ، ولكنّه يعلم ذلك ولا يخفى عليه منه خافيةٌ، و{لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلاّ في كتابٍ مبينٍ}). [جامع البيان: 9/ 293-294]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (62)}
قوله: {ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ}
- ذكر، عن محمّد بن عبد اللّه بن نميرٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنا إسماعيل، عن قيسٍ قال: دخل عثمان بن عفّان على عبد اللّه بن مسعودٍ، فقال: كيف تجدك؟
قال: مردودًا إلى مولاي الحقّ. فقال: طبت أو طيّبت، شكّ يزيد.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن سعيد بن الأصبهانيّ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ قال: دخلت على عاصمٍ قبل أن يموت وهو يقرأ: {ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين}، وأما أعلمه يعقل). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قيس قال: دخل عثمان بن عفان على عبد الله بن مسعود فقال: كيف تجدك قال: مردود إلى مولاي الحق، فقال: طبت، والله أعلم).[الدر المنثور: 6/ 71]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ربيع الثاني 1434هـ/4-03-2013م, 11:45 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)}:

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({جرحتم بالنّهار} أي: كسبتم). [مجاز القرآن: 1/ 194]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وهو الذي يتوفاكم بالليل}، و{يتوفى الأنفس} و{يتوفاكم ملك الموت} فإن التوفي - إذا قلت: توفي فلان - من الوفاء للعدد من الأجل عندنا؛ وقد حكي ذلك لنا؛ وهذا الشعر:
إن بني الأدرم ليسوا من أحد = ولا توفاهم قريش في العدد
وقوله عز وجل {ويعلم ما جرحتم بالنهار} واجترحتم؛ مأخوذ من الجوارح: اليد والرج لوالعينين؛ وقد فسرنا ذلك بما فيه في سورة المائدة؛ وقول العرب: هذا جارحة بني فلان؛ أي كاسبهم). [معاني القرآن لقطرب: 542]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({جرحتم}: كسبتم وكذلك اجترحتم، والجوارح الكواسب. مثال عبد الرجل وأمته ومن كسب عليه يقال لا ترك الله له جارحا أي لا ترك الله له عبدا ولا أمة ولا شيئا ممال يكتسبه). [غريب القرآن وتفسيره: 137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({جرحتم بالنّهار} أي: كسبتم.
{ثمّ يبعثكم فيه} أي: يبعثكم في النهار من نومكم.
{ليقضى أجلٌ مسمًّى}: الموت). [تفسير غريب القرآن: 154]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمّى ثمّ إليه مرجعكم ثمّ ينبّئكم بما كنتم تعملون} أي: ينيمكم فيتوفى نفوسكم التي بها تميزون كما قال - عزّ وجلّ -:{اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها}
ومعنى: {يبعثكم فيه} أي: ينبهكم من نومكم فيه في النهار.
{ليقضى أجل مسمّى}أي: يبعثكم من نومكم إلى أن تبلغوا أجالكم). [معاني القرآن: 2/ 257-258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} أي: ينيمكم فيتوفى الأنفس التي تميزون بها كما قال الله عز وجل: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} ). [معاني القرآن: 2/ 437]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ويعلم ما جرحتم بالنهار}،
قال ابن أبي نجيح: أي كسبتم ومعروف في اللغة أنه يقال جرح إذا كسب ومنه وما علمتم من الجوارح مكلبين). [معاني القرآن: 2/ 438]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ثم يبعثكم فيه}،
قال: ابن أبي نجيح أي في النهار). [معاني القرآن: 2/ 438]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل عز {ليقضى أجل مسمى} أي: لتستوفوا أجلكم). [معاني القرآن: 2/ 438]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ويعلم ما جرحتم بالنهار} أي: ما كسبتم). [ياقوتة الصراط: 221]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} أي: كسبتم.
{ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} أي: النهار من نومكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 76]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جَرَحْتُم}: كسبتم). [العمدة في غريب القرآن: 127]


تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وهم لا يفرّطون} أي: لا يتوانون ولا يتركون شيئاً، ولا يخلفونه ولا يغادرون). [مجاز القرآن: 1/ 194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}الحفظة الملائكة، واحدهم حافظ والجمع حفظة، مثل كاتب وكتبة، وفاعل وفعلة.
وقوله: {حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا} أي: هؤلاء الحفظة لأنه قال: {ويرسل عليكم حفظة}
{وهم لا يفرّطون} أي: لا يغفلون ولا يتوانون، ومعنى التفريط في اللغة: تقدمة العجز.
فالمعنى أنهم لا يعجزون). [معاني القرآن: 2/ 258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا}،
قال إبراهيم النخعي: يعني أعوان ملك الموت يتوفون الأرواح ويدفعونها إلى ملك الموت أو يرفعونها كذا في الحديث). [معاني القرآن: 2/ 438-439]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وهم لا يفرطون}،
قال أبو عبيدة: لا يتوانون.
وقال غيره معنى فرطت: قدمت العجز). [معاني القرآن: 2/ 439]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({وهم لا يفرطون} أي: لا يقصرون). [ياقوتة الصراط: 221]


تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ} مجازه: مولاهم ربهم). [مجاز القرآن: 1/ 194]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 11:29 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) }


تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم الآية، فيها إيضاح الآيات المنصوبة للنظر، وفيها ضرب مثل للبعث من القبور، أن هذا أيضا إماتة وبعث على نحو ما، والتوفي هو استيفاء عدد، قال الشاعر [منظور الوبري]: [الرجز]
إنّ بني الأدرم ليسوا من أحد ....... ولا توفّاهم قريش في العدد
وصارت اللفظة عرفا في الموت، وهي في النوم على بعض التجوز، وجرحتم معناه كسبتم، ومنه جوارح الصيد أي كواسبه، ومنه جوارح البدن لأنها كواسب النفس، ويحتمل أن يكون جرحتم هنا من الجرح كأن الذنب جرح في الدين، والعرب تقول جرح اللسان كجرح اليد، وروي عن ابن مسعود أو سلمان شك ابن دينار، أنه قال: إن هذه الذنوب جراحات فمنها شوى ومنها مقتلة، ألا وإن الشرك بالله مقتلة، ويبعثكم يريد الإيقاظ، ففي فيه عائد على النهار قاله مجاهد، وقتادة والسدي، وذكر النوم مع الليل واليقظة مع النهار بحسب الأغلب وإن كان النوم يقع بالنهار واليقظة بالليل فنادر، ويحتمل أن يعود الضمير على التوفي أي يوقظكم في التوفي أي في خلاله وتضاعيفه قاله عبد الله بن كثير، وقيل يعود على الليل وهذا قلق في اللفظ وهو في المعنى نحو من الذي قبله، وقرأ طلحة بن مصرف وأبو رجاء «ليقضي أجلا مسمى»، والمراد بالأجل آجال بني آدم، ثمّ إليه مرجعكم يريد بالبعث والنشور ثمّ ينبّئكم أي يعلمكم إعلام توقيف ومحاسبة). [المحرر الوجيز: 3/ 377-378]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون (61) ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (62)}
القاهر إن أخذ صفة فعل أي مظهر القهر بالصواعق والرياح والعذاب فيصح أن يجعل فوق ظرفية للجهة لأن هذه الأشياء إنما تعاهدها العباد من فوقهم، وإن أخذ القاهر صفة ذات بمعنى القدرة والاستيلاء ف فوق لا يجوز أن تكون للجهة، وإنما هي لعلو القدر والشأن على حد ما تقول:
الياقوت فوق الحديد، ويرسل عليكم معناه يبثهم فيكم، وحفظةً جمع حافظ مثل كاتب وكتبة، والمراد بذلك الملائكة الموكلون بكتب الأعمال، وروي أنهم الملائكة الذين قال فيهم النبي عليه السلام «تتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» وقاله السدي وقتادة، وقال بعض المفسرين حفظةً يحفظون الإنسان من كل شيء حتى يأتي أجله، والأول أظهر، وكلهم غير حمزة قرأ «توفيه رسلنا» على تأنيث لفظ الجمع. كقوله عز وجل: {ولقد كذّبت رسلٌ من قبلك} [الأنعام: 34] وقرأ حمزة «توفاه رسلنا»، وحجته أن التأنيث غير حقيقي، وظاهر الفعل أنه ماض كقوله تعالى: {وقال نسوةٌ} [يوسف: 30] ويحتمل أن يكون بمعنى تتوفاه فتكون العلامة مؤنثة، وأمال حمزة من حيث خط المصحف بغير ألف فكأنها إنما كتبت على الإمالة، وقرأ الأعمش «يتوفيه رسلنا» بزيادة ياء في أوله والتذكير، وقوله تعالى: رسلنا يريد به على ما ذكر ابن عباس وجميع أهل التأويل ملائكة مقترنين بملك الموت يعاونونه ويأتمرون له، وقرأ جمهور الناس «لا يفرّطون» بالتشديد، وقرأ الأعرج «يفرطون» بالتخفيف، ومعناه يجاوزون الحد مما أمروا به، قال أبو الفتح: فكما أن المعنى في قراءة العامة لا يقصرون فكذلك هو في هذه لا يزيدون على أمروا به). [المحرر الوجيز: 3/ 379-380]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ورجح اللفظ في قوله ردّوا من الخطاب إلى الغيبة، والضمير في ردّوا عائد على المتقدم ذكرهم، ويظهر أن يعود على العباد فهو إعلام برد الكل، وجاءت المخاطبة بالكاف في قوله عليكم تقريبا للموعظة من نفوس السامعين، ومولاهم لفظ عام لأنواع الولاية التي تكون بين الله وبين عبيده من الرّزق والنصرة والمحاسبة والملك وغير ذلك، وقوله الحقّ نعت ل مولاهم، ومعناه الذي ليس بباطل ولا مجاز، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والأعمش «الحقّ» بالنصب، وهو على المدح، ويصح على المصدر، ألا له الحكم ابتداء كلام مضمنه التنبيه وهز نفس السامع، «الحكم» تعريفه للجنس أي جميع أنواع التصرفات في العباد وأسرع الحاسبين متوجه على أن الله -عز وجل- حسابه لعبيده صادر عن علمه بهم فلا يحتاج في ذلك إلى إعداد ولا تكلف سبحانه لا رب غيره، وقيل لعلي بن أبي طالب كيف يحاسب الله العباد في حال واحدة؟ قال: كما يرزقهم في حال واحدة في الدنيا). [المحرر الوجيز: 3/ 380]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 11:12 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجلٌ مسمًّى ثمّ إليه مرجعكم ثمّ ينبّئكم بما كنتم تعملون (60) وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون (61) ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (62)}
يخبر تعالى أنّه يتوفّى عباده في منامهم باللّيل، وهذا هو التّوفّي الأصغر كما قال تعالى: {إذ قال اللّه يا عيسى إنّي متوفّيك ورافعك إليّ [ومطهّرك من الّذين كفروا]} [آل عمران: 55] ، وقال تعالى: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى} [الزّمر: 42]، فذكر في هذه الآية الوفاتين: الكبرى والصّغرى، وهكذا ذكر في هذا المقام حكم الوفاتين الصّغرى ثمّ الكبرى، فقال: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار} أي: ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنّهار. وهذه جملةٌ معترضةٌ دلّت على إحاطة علمه تعالى بخلقه في ليلهم ونهارهم، في حال سكونهم وفي حال حركتهم، كما قال: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار}[الرّعد: 10]، وكما قال تعالى: {ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه} أي: في اللّيل {ولتبتغوا من فضله} [القصص: 73] أي: في النّهار، كما قال: {وجعلنا اللّيل لباسًا * وجعلنا النّهار معاشًا} [النّبأ: 10، 11]؛ ولهذا قال هاهنا: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار} أي: ما كسبتم بالنّهار {ثمّ يبعثكم فيه} أي: في النّهار. قاله مجاهدٌ، وقتادة، والسّدّي.
وقال ابن جريجٍ عن عبد اللّه بن كثيرٍ: أي في المنام.
والأوّل أظهر. وقد روى ابن مردويه بسنده عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «مع كلّ إنسانٍ ملكٌ إذا نام أخذ نفسه، ويرد إليه. فإن أذن اللّه في قبض روحه قبضه، وإلّا ردّ إليه»، فذلك قوله: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل}
وقوله: {ليقضى أجلٌ مسمًّى} يعني به: أجل كلّ واحدٍ من النّاس، {ثمّ إليه مرجعكم} أي: يوم القيامة، {ثمّ ينبّئكم} أي: فيخبركم {بما كنتم تعملون} أي: ويجزيكم على ذلك إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًا فشر). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 266]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهو القاهر فوق عباده} أي: هو الّذي قهر كلّ شيءٍ، وخضع لجلاله وعظمته وكبريائه كلّ شيءٍ.
{ويرسل عليكم حفظةً} أي: من الملائكة يحفظون بدن الإنسان، كما قال [تعالى] {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} [الرّعد: 11]، وحفظةً يحفظون عمله ويحصونه [عليه] كما قال: {وإنّ عليكم لحافظين * [كرامًا كاتبين * يعلمون ما تفعلون]} [الانفطار: 10 -12]، وقال: {عن اليمين وعن الشّمال قعيدٌ * ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ} [ق: 17، 18].
وقوله: {حتّى إذا جاء أحدكم الموت} أي: إذا احتضر وحان أجله {توفّته رسلنا} أي: ملائكةٌ موكّلون بذلك.
قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: لملك الموت أعوانٌ من الملائكة، يخرجون الرّوح من الجسد، فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم وسيأتي عند قوله تعالى: {يثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثّابت [في الحياة الدّنيا وفي الآخرة]} [إبراهيم: 27] ، الأحاديث المتعلّقة بذلك، الشّاهدة لهذا المرويّ عن ابن عبّاسٍ وغيره بالصّحّة.
وقوله: {وهم لا يفرّطون} أي: في حفظ روح المتوفّى، بل يحفظونها وينزلونها حيث شاء اللّه، عزّ وجلّ، إن كان من الأبرار ففي علّيّين، وإن كان من الفجّار ففي سجّينٍ، عياذًا باللّه من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 267]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ}، قال ابن جريرٍ: {ثمّ ردّوا} يعني: الملائكة {إلى اللّه مولاهم الحقّ}
ونذكر هاهنا الحديث الّذي رواه الإمام أحمد [عن أبي هريرة في ذكر صعود الملائكة بالرّوح من سماءٍ إلى سماءٍ حتّى ينتهي بها إلى السّماء الّتي فيها اللّه عزّ وجلّ] حيث قال: حدّثنا حسين بن محمّدٍ، حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، عن محمّد بن عمرو بن عطاءٍ، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «إنّ الميّت تحضره الملائكة، فإذا كان الرّجل الصّالح قالوا: اخرجي أيّتها النّفس الطّيّبة كانت في الجسد الطّيّب، اخرجي حميدةً، وأبشري بروحٍ وريحانٍ، وربٍّ غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتّى تخرج، ثمّ يعرج بها إلى السّماء فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلانٌ، فيقال: مرحبًا بالنّفس الطّيّبة كانت في الجسد الطّيّب، ادخلي حميدةً وأبشري بروحٍ وريحانٍ وربٍّ غير غضبان. فلا يزال يقال لها ذلك حتّى ينتهي بها إلى السّماء الّتي فيها اللّه عزّ وجلّ. وإذا كان الرّجل السّوء، قالوا: اخرجي أيّتها النّفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمةً وأبشري بحميمٍ وغسّاقٍ، وآخر من شكله أزواجٍ، فلا يزال يقال لها ذلك حتّى تخرج، ثمّ يعرج بها إلى السّماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلانٌ، فيقال: لا مرحبًا بالنّفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمةً، فإنّه لا يفتح لك أبواب السّماء. فترسل من السّماء ثمّ تصير إلى القبر، فيجلس الرّجل الصّالح فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأوّل، ويجلس الرّجل السّوء فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأوّل»
هذا حديثٌ غريبٌ
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: {ثمّ ردّوا إلى اللّه} يعني: الخلائق كلّهم إلى اللّه يوم القيامة، فيحكم فيهم بعدله، كما قال [تعالى]: {قل إنّ الأوّلين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يومٍ معلومٍ} [الواقعة: 49، 50]، وقال: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا}، إلى قوله: {ولا يظلم ربّك أحدًا} [الكهف: 47 -49]؛ ولهذا قال: {مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين}). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 267-268]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة