العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 12:45 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 12:02 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف



تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملكٌ إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: قل لهؤلاء المنكرين نبوّتك: لست أقول لكم إنّي الرّبّ الّذي له خزائن السّموات والأرض وأعلم غيوب الأشياء الخفيّة الّتي لا يعلمها إلاّ الرّبّ الّذي لا يخفى عليه شيءٌ، فتكذّبوني فيم أقول من ذلك لأنّه لا ينبغي أن يكون ربًّا إلاّ من له ملك كلّ شيءٍ وبيده كلّ شيءٍ ومن لا يخفى عليه خافيةٌ، وذلك هو اللّه الّذي لا إله غيره. {ولا أقول لكم إنّي ملكٌ} لأنّه لا ينبغي لملكٍ أن يكون ظاهرًا بصورته لأبصار البشر في الدّنيا، فتجحدوا ما أقول لكم من ذلك.
{إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ} يقول: قل لهم: ما أتّبع فيما أقول لكم وأدعوكم إليه إلاّ وحي اللّه الّذي يوحيه إليّ وتنزيله الّذي ينزّله عليّ، فأمضى لوحيه وأئتمر لأمره، وقد أتيتكم بالحجج القاطعة من اللّه عذركم على صحّة قولي في ذلك، وليس الّذي أقول من ذلك بمنكرٍ في عقولكم ولا مستحيلٌ كونه بل ذلك مع وجود البرهان على حقيقته هو الحكمة البالغة، فما وجه إنكاركم لذلك؟
وذلك تنبيهٌ من اللّه تعالى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم على موضع حجّته على منكري نبوّته من مشركي قومه.
{قل هل يستوي الأعمى والبصير} يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهم: هل يستوي الأعمى عن الحقّ والبصير به؟ والأعمى هو الكافر الّذي قد عمي عن حجج اللّه فلا يتبيّنها فيتّبعها. والبصير: المؤمن الّذي قد أبصر آيات اللّه وحججه فاقتدى بها واستضاء بضيائها. {أفلا تتفكّرون}، يقول لهؤلاء الّذين كذّبوا بآيات اللّه: أفلا تتفكّرون فيما أحتجّ عليكم به أيّها القوم من هذه الحجج، فتعلموا صحّة ما أقول وأدعوكم إليه من فساد ما أنتم عليه مقيمون من إشراك الأوثان والأنداد باللّه ربّكم وتكذيبكم إيّاي مع ظهور حجج صدقي لأعينكم، فتدعوا ما أنتم عليه من الكفر مقيمون إلى ما أدعوكم إليه من الإيمان الّذي به تفوزون؟
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {قل هل يستوي الأعمى والبصير} قال: الضّالّ والمهتدي.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {قل هل يستوي الأعمى والبصير} الآية، قال: الأعمى: الكافر الّذي قد عمي عن حقّ اللّه وأمره ونعمه عليه، والبصير: العبد المؤمن الّذي أبصر بصرًا نافعًا، فوحّد اللّه وحده، وعمل بطاعة ربّه، وانتفع بما آتاه اللّه). [جامع البيان: 9/ 255-257]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملكٌ إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون (50)}
قوله تعالى: {قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه} إلى قوله: {هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون}.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {قل هل يستوي الأعمى والبصير} قال: الأعمى: الضّالّ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: {قل هل يستوي الأعمى والبصير}، والأعمى: الكافر الّذي عمي، عن حقّ اللّه وأمره، ونعمه عليه.
قوله: {والبصير أفلا تتفكّرون}.
- حدّثنا حجّاجٌ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
{قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون} قال: والبصير: المهتدي.
- حدّثنا محمّدٌ، ثنا العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة، قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون قال: البصير: العبد المؤمن أبصر بصرًا نافعًا، فوحّد اللّه وحده، وعمل بطاعة ربّه، وانتفع بما آتاه اللّه).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 1296]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {هل يستوي الأعمى} يعني: الضال والبصير يعني المهتدي). [تفسير مجاهد: 215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {يصدفون} قال: يعرضون، وفي قوله: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة} قال: فجأة آمنين {أو جهرة} قال: وهم ينظرون وفي قوله: {قل هل يستوي الأعمى والبصير}
قال: {الضال والمهتدي}.
- وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كل فسق في القرآن فمعناه الكذب.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {قل هل يستوي الأعمى والبصير} قال: الأعمى الكافر الذي عمي عن حق الله وأمره ونعمه عليه {والبصير} العبد المؤمن الذي أبصر بصرا نافعا فوحد الله وحده وعمل بطاعة ربه وانتفع بما آتاه الله). [الدر المنثور: 6/ 53-54]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ لعلّهم يتّقون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأنذر} يا محمّد بالقرآن الّذي أنزلناه إليك القوم {الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم} علمًا منهم بأنّ ذلك كائنٌ فهم مصدّقون بوعد اللّه ووعيده، عاملون بما يرضي اللّه، دائمون في السّعي فيما ينقذهم في معادهم من عذاب اللّه. {ليس لهم من دونه وليّ} أي ليس لهم من عذاب اللّه إن عذّبهم وليّ ينصرهم فيستنقذهم منه. {ولا شفيعٌ} يشفع لهم عند اللّه تعالى فيخلّصهم من عقابه. {لعلّهم يتّقون} يقول: أنذرهم كي يتّقوا اللّه في أنفسهم، فيطيعوا ربّهم ويعملوا لمعادهم، ويحذروا سخطه باجتناب معاصيه.
وقيل: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا} ومعناه: يعلمون أنّهم يحشرون، فوضعت (المخافة) موضع (العلم) لأنّ خوفهم كان من أجل علمهم بوقوع ذلك ووجوده من غير شكٍّ منهم في ذلك.
وهذا أمرٌ من اللّه تعالى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بتعليم أصحابه ما أنزل اللّه إليه من وحيه، وتذكيرهم والإقبال عليهم بالإنذار، وصدّه عن المشركين به بعد الإعذار إليهم وبعد إقامة الحجّة عليهم، حتّى يكون اللّه هو الحاكم في أمرهم بما يشاء من الحكم فيهم). [جامع البيان: 9/ 257-258]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ لعلّهم يتّقون (51)}
قوله عزّ وجلّ: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم}
الوجه الأول:
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، ثنا يعمر بن بشر، ثنا ابن المبارك، ثنا أشعث ابن سوّارٍ، عن كردوس بن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: مرّ الملأ من قريشٍ على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم، وعنده خبّابٌ وبلالٌ وصهيبٌ فقالوا: أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا، أتأمرنا أن نكون تبعًا لهؤلاء؟ اطردهم عنك فلعلّنا نتّبعك. فأنزل اللّه:
{وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله: {ولتستبين سبيل المجرمين}.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع، هؤلاء المؤمنون.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عمران بن موسى الطّرسوسيّ، ثنا فيض بن إسحاق الرّقّيّ قال: قال الفضيل بن عياضٍ: ليس كلّ خلقه عاتب، إنّما عاتب الّذين يعقلون فقال: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم}.
قوله: {لعلّهم يتّقون}.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو صفوان القاسم بن يزيد بن عوانة، عن يحيى أبي النّضر، ثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك في قوله: {لعلّهم يتّقون} يقول: لعلّهم يتّقون النّار بالصّلوات الخمس.
- أخبرنا عمرو بن ثورٍ القيساريّ فيما كتب إليّ، ثنا الفريابيّ، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: لعلّهم يتّقون: لعلّهم يطيعون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1296-1297]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم}، وقوله تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم}.
- عن ابن مسعودٍ قال: «مرّ الملأ من قريشٍ على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وعنده خبّابٌ وصهيبٌ وبلالٌ وعمّارٌ، فقالوا: يا محمّد، أرضيت بهؤلاء؟ فنزل فيهم القرآن: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم}إلى قوله: {واللّه أعلم بالظّالمين}.
رواه أحمد والطّبرانيّ، إلّا أنّه قال: فقالوا: يا محمّد، أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا؟ لو طردت هؤلاء لاتّبعناك. فأنزل اللّه: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} إلى قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}. ورجال أحمد رجال الصّحيح غير كردوسٍ وهو ثقةٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 20-21]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج أحمد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، عن عبد الله بن مسعود، قال: مر الملأ من قريش على النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك من الله عليهم من بيننا أونحن نكون تبعا لهؤلاء أطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك، فأنزل فيهم القرآن {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم}، إلى قوله {والله أعلم بالظالمين}.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عكرمة، قال: مشى عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وقرظة بن عبد عمر، وبن نوفل، والحارث بن عامر بن نوفل، ومطعم بن عدي بن الخيار بن نوفل في أشراف الكفار من عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن اخيك طرد عنا هؤلاء إلا عبد فإنهم عبيدنا وعسفاؤنا كان أعظم له في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقه فذكر ذلك أبو طالب للنبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب:« لو فعلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ننظر ما يريدون بقولهم وما يصيرون إليه من أمرهم» فأنزل الله: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين} قالوا: وكانوا بلالا وعمار بن ياسر وسالما مولى أبي حذيفة وصبحا مولى أسيد ومن الحلفاء ابن مسعود والمقداد بن عمرو وواقد بن عبد الله الحنظلي وعمرو بن عبد عمر وذو الشمالين ومرثد بن أبي مرثد وأشباهم ونزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا ... الآية}، فلما نزلت أقبل عمر بن الخطاب فاعتذر من مقالته فأنزل الله: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا ... الآية}.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن ماجه وأبو يعلى وأبو نعيم في الحلية، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن خباب قال جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في أناس ضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا: إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا العرب به فضلنا فإن وفود العرب ستأتيك فنستحي أن ترانا العرب قعودا مع هؤلاء الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فلتقعد معهم إن شئت، قال: نعم، قالوا: فكتب لنا عليك بذلك كتابا فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل بهذه الآية: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله: {فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيفة من يده ثم دعا فأتيناه وهو يقول: {سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28] الآية، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا بعد فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها تركناه حتى يقوم.
- وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عمر بن عبد الله بن المهاجر مولى غفرة، أنه قال في أسطوان التوبة: كان أكثر نافلة -النّبيّ صلى الله عليه وسلم- إليها وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين وأهل الضر وضيفان النّبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤلفة قلوبهم ومن لا مبيت له إلا المسجد، قال: وقد تحلقوا حولها حلقا بعضها دون بعض فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح فيتلو عليهم ما أنزل الله عليه من ليلته ويحدثهم ويحدثونه حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى فلم يجدوا إليه مخلصا فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم فأنزل الله عز وجل: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28] إلى منتهى الآيتين فلما نزل ذلك فيهم قالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو طردتهم عنا ونكون نحن جلساءك وإخوانك لا نفارقك فأنزل الله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى منتهى الآيتين). [الدر المنثور: 6/ 54-57]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الكلبي، في قوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي}، قال عيينة بن حصن للنبي: إن سرك أن نتبعك فاطرد عنك فلانا وفلانا فإنه قد آذاني ريحهم يعني بلالا وسلمانا وصهيبا وناسا من ضعفاء المسلمين فأنزل الله عز و جل ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي قال عيينة بن حصن للنبي إن سرك أن نتبعك فاطرد عنك فرنا وفلانا فإنه قد آذاني ريحهم يعني بلالا وسلمانا وصهيبا وناسا من ضعفاء المسلمين فأنزل الله عز و جل ولا تطرد الذين يدعون ربهم والعشي.
وأنزل في عيينة ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه إلى فرطا). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 207-208]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة: أن ناسا من كفار قريش قالوا للنبي: إن سرك أن نتبعك فاطرد عنك فلانا وفلانا ناسا من ضعفاء المسلمين فقال الله -تعالى-: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} وقال: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض} يقول ابتلينا بعضهم ببعض). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 208]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن المقدام بن شريحٍ عن أبيه قال: قال سعدٌ نزلت هذه الآية في ستّةٍ من أصحاب رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- منهم ابن مسعودٍ قال: كنّا نسبق إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وندنو منه فقالت قريشٌ: تدني هؤلاء وتنحينا فكان للنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- همٌّ فنزلت: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي} إلى آخر الآية). [تفسير الثوري: 107]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): (قوله تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصور، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} -، قال: لا تطردهم عن الذّكر). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 20-21]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (
قوله تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم}
- أخبرنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن، حدّثنا سفيان، عن المقدام بن شريحٍ، عن أبيه، عن سعدٍ، في هذه الآية: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: نزلت في ستّةٍ: أنا، وابن مسعودٍ فيهم، فنزلت أن ائذن لهؤلاء). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين}.
ذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سبب جماعةٍ من ضعفاء المسلمين، قال المشركون له: لو طردت هؤلاء عنك لغشيناك وحضرنا مجلسك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا أبو زيدٍ، عن أشعث، عن كردوسٍ الثّعلبيّ، عن ابن مسعودٍ، قال: مرّ الملأ من قريشٍ بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعنده صهيبٌ وعمّارٌ وبلالٌ وخبّابٌ ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمّد، أرضيت بهؤلاء من قومك، هؤلاء الّذين منّ اللّه عليهم من بيننا، أنحن نكون تبعًا لهؤلاء؟ اطردهم عنك، فلعلّك إن طردتهم أن نتّبعك، فنزلت هذه الآية: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} إلى آخر الآية.
- حدّثنا جريرٌ، عن أشعث، عن كردوسٍ الثّعلبيّ، عن عبد اللّه قال: مرّ الملأ من قريشٍ على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن أشعث، عن كردوسٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: مرّ على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ملأٌ من قريشٍ، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثني الحسين بن عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ الأزديّ، وكان، قارئ الأزد، عن أبي الكنود، عن خبّابٍ، في قول اللّه تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} إلى قوله: {فتكون من الظّالمين} قال: جاء الأقرع بن حابسٍ التّميميّ وعيينة بن حصنٍ الفزاريّ، فوجدوا النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قاعدًا مع بلالٍ وصهيبٍ وعمّارٍ وخبّابٍ، في أناسٍ من ضعفاء المؤمنين، فلمّا رأوهم حوله حقروهم، فأتوه فقالوا: إنّا نحبّ أن تجعل لنا منك مجلسًا تعرف لنا العرب به فضلنا، فإنّ وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنّا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، قال: نعم، قالوا: فاكتب لنا عليك بذلك كتابًا. قال: فدعا بالصّحيفة، ودعا عليًّا ليكتب، قال: ونحن قعودٌ في ناحيةٍ، إذ نزل جبريل بهذه الآية: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين}، ثمّ قال: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}، ثمّ قال: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة}، فألقى رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- الصّحيفة من يده، ثمّ دعانا، فأتيناه وهو يقول: {سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة}، فكنّا نقعد معه، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل اللّه تعالى: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا}، قال: فكان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقعد معنا بعد، فإذا بلغ السّاعة الّتي يقوم فيها قمنا وتركناه حتّى يقوم.
- حدّثني محمّد بن الحسين قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ الأزديّ، عن أبي الكنود، عن خبّاب بن الأرتّ، بنحو حديث الحسين بن عمرٍو، إلاّ أنّه قال في حديثه: فلّما رأوهم حوله نفّروهم، فأتوه فخلوا به. وقال أيضًا: {فتكون من الظّالمين}، ثمّ ذكر الأقرع وصاحبه، فقال: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} الآية. وقال أيضًا: فدعانا فأتيناه وهو يقول: سلامٌ عليكم، فدنونا منه يومئذٍ حتّى وضعنا ركبنا على ركبتيه، وسائر الحديث نحوه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، وحدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، والكلبيّ، أنّ ناسًا، من كفّار قريشٍ قالوا للنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: إن سرّك أن نتّبعك فاطرد عنّا فلانًا وفلانًا، ناسًا من ضعفاء المسلمين. فقال اللّه تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} إلى قوله: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ... الآية}، قال: وقد قال قائلون من النّاس لرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: يا محمّد، إن سرّك أن نتّبعك فاطرد عنّا فلانًا وفلانًا، لأناسٍ كانوا دونهم في الدّنيا ازدراهم المشركون. فأنزل اللّه -تعالى- هذه الآية إلى آخرها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}: بلالاً وابن أمّ عبدٍ كانا يجالسان محمّدًا -صلّى اللّه عليه وسلّم-، فقالت قريشٌ محقّرتهما: لولاهما وأمثالهما لجالسناه، فنهي عن طردهم، حتّى قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}، قال: قل سلامٌ عليكم، فيما بيّن ذلك في هذا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا سفيان، عن المقدام بن شريحٍ، عن أبيه، قال: قال سعيدٌ: نزلت هذه الآية في ستّةٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، منهم ابن مسعودٍ قال: كنّا نسبق إلى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وندنو منه ونسمع منه، فقالت قريشٌ: يدني هؤلاء دوننا؟ فنزلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، في قوله: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ... الآية}، قال: جاء عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومطعم بن عديٍّ والحرث بن نوفلٍ وقرظة بن عبد عمرو بن نوفلٍ في أشرافٍ من بني عبد منافٍ من الكفّار إلى أبي طالبٍ، فقالوا: يا أبا طالبٍ، لو أنّ ابن أخيك يطرد عنه موالينا وحلفاءنا، فإنّما هم عبيدنا وعسفاؤنا، كان أعظم في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتّباعنا إيّاه وتصديقنا له، قال: فأتى أبو طالبٍ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-، فحدّثه بالّذي كلّموه به، فقال عمر بن الخطّاب: «لو فعلت ذلك حتّى تنظر ما الّذي يريدون وإلام يصيرون من قولهم»، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليّ ولا شفيعٌ لعلّهم يتّقون، ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} إلى قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين} قال: وكانوا: بلالاً، وعمّار بن ياسرٍ، وسالمًا مولى أبي حذيفة، وصبيحًا مولى أسيدٍ، ومن الحلفاء: ابن مسعودٍ، والمقداد بن عمرٍو، ومسعود بن القاريّ، وواقد بن عبد اللّه الحنظليّ، وعمرو بن عبد عمرٍو ذو الشّمالين، ومرثد بن أبي مرثدٍ، وأبو مرثدٍ من عنيّ حليف حمزة بن عبد المطّلب، وأشباههم من الحلفاء. ونزلت في أئمّة الكفر من قريشٍ والموالي والحلفاء: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا ... الآية}، فلمّا نزلت أقبل عمر بن الخطّاب فاعتذر من مقالته، فأنزل اللّه تعالى: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم ... الآية}
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: قال رجلٌ للنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: إنّي أستحيي من اللّه أن يراني مع سلمان وبلالٍ وذويهم، فاطردهم عنك وجالس فلانًا وفلانًا، قال: فنزل القرآن: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}، فقرأ حتّى بلغ: {فتكون من الظّالمين}: ما بينك وبين أن تكون من الظّالمين إلاّ أن تطردهم. ثمّ قال: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}، ثمّ قال: وهؤلاء الّذين أمروك أن تطردهم فأبلغهم منّي السّلام وبشّرهم، وأخبرهم أنّي قد غفرت لهم، وقرأ: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة}، فقرأ حتّى بلغ: {وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}، قال: لتعرفها.
واختلف أهل التّأويل في الدّعاء الّذي كان هؤلاء الرّهط الّذين نهى اللّه نبيّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن طردهم يدعون ربّهم به، فقال بعضهم: هي الصّلوات الخمس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} يعني: يعبدون ربّهم بالغداة والعشيّ، يعني: الصّلوات المكتوبة.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، في قوله: {يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} قال: هي الصّلوات الخمس الفرائض، ولو كان يقول القصّاص: هلك من لم يجلس إليهم.
- حدّثنا هنّاد بن السّريّ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} قال: هي الصّلاة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} الصّلاة المفروضة: الصّبح والعصر.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن الكنديّ، قال: حدّثنا حسن الجعفيّ، قال: أخبرني حمزة بن المغيرة، عن حمزة بن عيسى، قال: دخلت على الحسن فسألته فقلت: يا أبا سعيدٍ، أرأيت قول اللّه: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} أهم هؤلاء القصّاص؟ قال: لا، ولكنّهم المحافظون على الصّلوات في الجماعة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: الصّلاة المكتوبة.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: يعبدون ربّهم بالغداة والعشيّ، يعني الصّلاة المفروضة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}: هما الصّلاتان: صلاة الصّبح وصلاة العصر.
- حدّثني ابن البرقيّ، قال: حدّثنا ابن أبي مريم، قال: حدّثنا يحيى بن أيّوب، قال: حدّثنا محمّد بن عجلان، عن نافعٍ، عن عبد اللّه بن عمر، في هذه الآية: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ ... الآية}، أنّهم الّذين يشهدون الصّلوات المكتوبة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، وإبراهيم: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قالا: الصّلوات الخمس.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: المصلّين المؤمنين بلالاً وابن أمّ عبدٍ.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح مع سعيد بن المسيّب، فلمّا سلّم الإمام ابتدر النّاس القاصّ، فقال سعيدٌ: ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهدٌ: فقلت: يتأوّلون ما قال اللّه تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: وفي هذا ذا؟ إنّما ذاك في الصّلاة الّتي انصرفنا عنها الآن، إنّما ذاك في الصّلاة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن منصورٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي عمرة، قال: الصّلاة المكتوبة.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ، قال: هي الصّلاة.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن إسرائيل، عن عامرٍ، قال: هي الصّلاة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} يقول: صلاة الصّبح وصلاة العصر.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: صلّى عبد الرّحمن في مسجد الرّسول، فلمّا صلّى قام فاستند إلى حجرة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فانثال النّاس عليه، فقال: يا أيّها النّاس، إليكم، فقيل: يرحمك اللّه، إنّما جاءوا يريدون هذه الآية: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، فقال: وهذا عني بهذا، إنّما هو في الصّلاة.
وقال آخرون: هي الصّلاة، ولكنّ القوم لم يسألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طرد هؤلاء الضّعفاء عن مجلسه ولا تأخيرهم عن مجلسه، وإنّما سألوه تأخيرهم عن الصّفّ الأوّل حتّى يكونوا وراءهم في الصّفّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} الآية، فهم أناسٌ كانوا مع النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- من الفقراء، فقال أناسٌ من أشراف النّاس: نؤمن لك، وإذا صلّينا فأخّر هؤلاء الّذين معك فليصلّوا خلفنا.
وقال آخرون: بل معنى دعائهم كان ذكرهم اللّه -تعالى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وحدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: أهل الذّكر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: هم أهل الذّكر.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: لا تطردهم عن الذّكر.
وقال آخرون: بل كان ذلك تعلّمهم القرآن وقراءته.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ، قوله: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: كان يقرئهم القرآن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: بل عنى بدعائهم ربّهم عبادتهم إيّاه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: يعني: يعبدون، ألا ترى أنّه قال: {لا جرم أنّما تدعونني إليه}، يعني: تعبدونه.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه -تعالى- نهى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد قومًا كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ، والدّعاء للّه يكون بذكره وتمجيده والثّناء عليه قولاً وكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال الّتي كان عليهم فرضها وغيرها من النّوافل الّتي ترضي، والعامل له عابده بما هو عاملٌ له، وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلّها، فوصفهم اللّه بذلك بأنّهم يدعونه بالغداة والعشيّ، لأنّ اللّه قد سمّى العبادة دعاءً، فقال -تعالى-: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين}. وقد يجوز أن يكون ذلك على خاصٍّ من الدّعاء.
ولا قول أولى بذلك بالصّحّة من وصف القوم بما وصفهم اللّه به من أنّهم كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ فيعمّون بالصّفة الّتي وصفهم بها ربّهم ولا يخصّون منها بشيءٍ دون شيءٍ.
فتأويل الكلام إذن: يا محمّد أنذر القرآن الّذي أنزلته إليك، الّذين يعلمون أنّهم إلى ربّهم محشورون، فهم من خوف ورودهم على اللّه الّذي لا شفيع لهم من دونه ولا نصير، في العمل له دائبون إذ أعرض عن إنذارك واستماع ما أنزل اللّه عليك المكذّبون باللّه واليوم الآخر من قومك استكبارًا على اللّه. ولا تطردهم ولا تقصهم فتكون ممّن وضع الإقصاء في غير موضعه فأقصى وطرد من لم يكن له طرده وإقصاؤه، وقرّب من لم يكن له تقديمه بقربه وإدناؤه، فإنّ الّذين نهيتك عن طردهم هم الّذين يدعون ربّهم فيسألون عفوه ومغفرته لصالح أعمالهم وأداء ما ألزمهم من فرائضه ونوافل تطوّعهم وذكرهم إيّاه بألسنتهم بالغداة والعشيّ، يلتمسون بذلك القربة إلى اللّه والدّنوّ من رضاه. {ما عليك من حسابهم من شيءٍ} يقول: ما عليك من حساب ما رزقتهم من الرّزق من شيءٍ، وما عليهم من حساب ما رزقتك من الرّزق من شيءٍ، فتطردهم حذار محاسبتي إيّاك بما خوّلتهم في الدّنيا من الرّزق.
وقوله: {فتطردهم}: جوابٌ لقوله: {ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ}.
وقوله: {فتكون من الظّالمين} جوابٌ لقوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم} ) [جامع البيان: 9/ 258-270]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين (52)}
قوله تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ... الآية}.
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي سعد الأزديّ وكان قارئ الأزد، عن أبي الكنود، عن خبّابٍ، في قوله: ولا تطرد الّذين يدعون ربهم بالغداة والعشي قال: جاء الأقرع بن حابسٍ التّميميّ، وعيينة بن حصنٍ الفزاريّ، فوجدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مع صهيبٍ، وبلالٍ، وعمّارٍ، وخبّابٍ قاعدًا في ناسٍ من الضّعفاء من المؤمنين، فلمّا رأوهم حول النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- حقروهم.
فأتوه فخلوا به فقالوا: إنّا نريد أن تجعل لنا منك مجلسًا تعرف لنا به العرب فضلنا، فإنّ وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنّا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: نعم. قالوا: فاكتب لنا عليك كتابًا، قال: فدعا بالصّحيفة، ودعا عليًّا ليكتب، ونحن قعودٌ في ناحيةٍ. فنزل جبريل فقال: ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين. فرمى رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- بالصّحيفة ثم دعانا فأتيناه.
حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان ، عن المقدام بن شريحٍ، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقّاصٍ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: نزلت في ستّةٍ أنا وابن مسعودٍ فيهم، فأنزلت أن أدن هؤلاء.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ قال: كان رجالٌ يستبقون إلى مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منهم بلالٌ، وصهيبٌ، وسلمان. قال: فيجيء أشراف قومه وسادتهم، وقد أخذ هؤلاء المجلس، فيجلسون ناحيةً. فقالوا: صهيبٌ روميٌّ، وسلمان فارسيٌّ وبلالٌ حبشيٌّ، يجلسون عنده ونحن نجيء فنجلس ناحيةً، حتّى ذكروا ذلك لرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، إنّا سادة قومك وأشرافهم، فلو أدنيتنا منك إذا جئنا، قال: فهمّ أن يفعل فأنزل اللّه تعالى: ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه يعني: سلمان وأصحابه.
قوله: {الّذين يدعون ربّهم}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، يعني: يعبدون ربّهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: هم أهل الذّكر.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أحمد الزّبيريّ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ قال: كان يجلس معهم يعلّمهم القرآن.
قوله: {بالغداة}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة}، قال: الصّلاة المفروضة الصّبح.
وروي، عن الضّحّاك نحو ذلك.
وروي، عن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ والنخعي قالوا: في الصلاة المكتوبة.
قوله: {والعشيّ يريدون وجهه}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ قال: الصّلاة المفروضة العصر
- حدّثنا أبو عبيد الله بن أخي بن وهبٍ، ثنا عمّي، حدّثني يحيى بن أيّوب، عن المثنّى بن الصّبّاح، عن عمرو بن شعيبٍ في قول اللّه: {يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: العشيّ: صلاة العشاء.
قوله تعالى: {ما عليك من حسابهم من شيءٍ}.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه، ما عليك من حسابهم من شيءٍ، وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم: بلالا وابن أمّ مفيدٍ فكانا يجالسان محمّدًا -صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت قريشٌ: نحتقرهما، لولا هما وأمثالهم لجالستك. فنهي، عن طردهم. إلى قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}
قوله: {فتكون من الظّالمين}.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: فتطردهم فتكون من الظّالمين: ما بينك وبين أن تكون من الظّالمين إلّا أن تطردهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1297-1299]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يعني المصلين بلالا وابن أم معبد كانا يجالسان النبي _صلى الله عليه وسلم_ قالت قريش محقرتهما لولاهما وأمثالهما لجالسناه فنهى عن طردهم إلى قوله أليس الله بأعلم بالشاكرين ونزلت فيهم أيضا وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم). [تفسير مجاهد: 215-216]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: قال: «كنّا مع النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ستّة نفرٍ، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعودٍ ورجل من هذيل وبلالٌ ورجلان - لست أسمّيهما - فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع، فحدّث نفسه، فأنزل الله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}». أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
(يجترئون) الاجتراء: افتعال من الجرأة، وهي الإقدام في الشيء والسرعة إليه). [جامع الأصول: 2/ 132-133]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم}، وقوله تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم}.
- عن ابن مسعودٍ قال: «مرّ الملأ من قريشٍ على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وعنده خبّابٌ وصهيبٌ وبلالٌ وعمّارٌ، فقالوا: يا محمّد، أرضيت بهؤلاء؟ فنزل فيهم القرآن {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم} إلى قوله: {واللّه أعلم بالظّالمين} [الأنعام: 58].
رواه أحمد والطّبرانيّ، إلّا أنّه قال: فقالوا: يا محمّد، أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا؟ لو طردت هؤلاء لاتّبعناك. فأنزل اللّه: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} إلى قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}». ورجال أحمد رجال الصّحيح غير كردوسٍ وهو ثقةٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 20-21] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم} [الكهف: 28].
- عن عبد الرّحمن بن سهل بن حنيفٍ قال: «نزلت هذه الآية على النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - وهو في بعض أبياته {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} [الكهف: 28]، خرج يلتمس، فوجد قومًا يذكرون اللّه، منهم ثائر الرّأس وحاف الجلد وذو الثّوب الواحد، فلمّا رآهم جلس معهم فقال: " الحمد للّه الّذي جعل في أمّتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم».
رواه الطّبرانيّ، ورجاله رجال الصّحيح، وقد ذكر الطّبرانيّ عبد الرّحمن في الصّحابة). [مجمع الزوائد: 7/ 21]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير بن عبد الحميد، عن أشعث بن سوّارٍ، عن كردوسٍ الثّعلبيّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: مرّ الملأ من قريشٍ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعنده صهيبٌ، وبلالٌ، وعمّارٌ، وخبّابٌ، ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمّد! اطردهم، أرضيت هؤلاء من قومك، أفنحن نكون تبعًا لهؤلاء، أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا، فلعلّ إن طردتهم أن نأتيك، قال: فنزلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين} قال البزّار: لا نعلمه يروى عن عبد اللّه إلا بهذا الإسناد). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/ 48-49]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : ( [1] حدثنا حسين بن عمرو (العنقزيّ)، ثنا أبي، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ الأزديّ، عن أبي الكنود، عن خبّاب بن الأرتّ رضي الله عنه في قوله تبارك وتعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين (52) } قال: جاء الأقرع بن حابسٍ وعيينة بن حصنٍ الفزاريّ رضي الله عنهما، فوجدوا النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قاعدًا مع بلالٍ وصهيبٍ وخبّابٍ رضي الله عنهم، وناسٍ من الضّعفاء، من المؤمنين، فلمّا رأوهم حوله صلّى اللّه عليه وسلّم حقروهم فأتوه، فخلوا به (صلّى اللّه عليه وسلّم)، فقالوا: إنّا نحبّ أن تجعل لك منك مجلسًا، تعرف لنا به العرب فضلنا، فإنا وجوه العرب (نفد عليك)، فنستحي أن ترانا العرب وهذه الأعبد، فإذا نحن جئناك، فأقمهم عنّا، فإذا (نحن) فرغنا فأقعدهم إن شئت، قال صلّى اللّه عليه وسلّم: نعم، قالوا: فاكتب لنا عليك (كتابًا)، فدعا (صلّى اللّه عليه وسلّم) بالصّحيفة، ودعا عليًّا -رضي الله عنه- ليكتب ونحن قعودٌ في ناحيةٍ، إذ نزل جبريل عليه (الصلاة و) السّلام (بقوله تعالى): {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه... إلى قوله من الظّالمين (52) }، ثمّ قال (جل وعلا): {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة}، فرمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالصّحيفة من يده، (ثمّ دعانا فأتيناه) وهو (صلّى اللّه عليه وسلّم) يقول:« سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة»، فدنونا منه (صلّى اللّه عليه وسلّم) حتّى وضعنا ركبنا على ركبته فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم، قام وتركنا، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا}، قال: فجالس الأشراف {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا}. قال: عيينة والأقرع، واتّبع هواه، وكان أمره فرطًا، قال: هلاكًا، ثمّ ضرب لهم مثل رجلين وبمثل الحياة الدّنيا، فكان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم -يقعد معنا، فإذا بلغ السّاعة الّتي يقوم فيها، قمنا وتركناه، وإلّا صبر صلّى اللّه عليه وسلّم أبدًا حتّى نقوم.
[2] وقال أبو بكرٍ: حدثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباط بن نصرٍ، فذكره بتمامه.
وأخرجه ابن ماجه من طريق عمرٍو العنقزيّ مختصرًا). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/ 651-653]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أحمد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن مسعود قال: مر الملأ من قريش على النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك من الله عليهم من بيننا أونحن نكون تبعا لهؤلاء أطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك، فأنزل فيهم القرآن {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله {والله أعلم بالظالمين}.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عكرمة قال مشى عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وقرظة بن عبد عمر وبن نوفل والحارث بن عامر بن نوفل ومطعم بن عدي بن الخيار بن نوفل في أشراف الكفار من عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن اخيك طرد عنا هؤلاء إلا عبد فإنهم عبيدنا وعسفاؤنا كان أعظم له في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقه فذكر ذلك أبو طالب للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال عمر بن الخطاب:« لو فعلت يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى ننظر ما يريدون بقولهم وما يصيرون إليه من أمرهم» فأنزل الله {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين} قالوا: وكانوا بلالا وعمار بن ياسر وسالما مولى أبي حذيفة وصبحا مولى أسيد ومن الحلفاء ابن مسعود والمقداد بن عمرو وواقد بن عبد الله الحنظلي وعمرو بن عبد عمر وذو الشمالين ومرثد بن أبي مرثد وأشباهم ونزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا ... الآية}، فلما نزلت أقبل عمر بن الخطاب فاعتذر من مقالته فأنزل الله: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا ... الآية}.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن ماجه وأبو يعلى وأبو نعيم في الحلية، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن خباب قال جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في أناس ضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا: إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا العرب به فضلنا فإن وفود العرب ستأتيك فنستحي أن ترانا العرب قعودا مع هؤلاء الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فلتقعد معهم إن شئت، قال: نعم، قالوا: فكتب لنا عليك بذلك كتابا فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل بهذه الآية: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله: {فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فألقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحيفة من يده، ثم دعا فأتيناه، وهو يقول: {سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}[الكهف: 28]، قال: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقعد معنا بعد فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها تركناه حتى يقوم.
- وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عمر بن عبد الله بن المهاجر مولى غفرة، أنه قال في أسطوان التوبة: كان أكثر نافلة النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليها وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين وأهل الضر وضيفان النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- والمؤلفة قلوبهم ومن لا مبيت له إلا المسجد، قال: وقد تحلقوا حولها حلقا بعضها دون بعض فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح فيتلو عليهم ما أنزل الله عليه من ليلته ويحدثهم ويحدثونه حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى فلم يجدوا إليه مخلصا فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم فأنزل الله عز وجل {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28] إلى منتهى الآيتين فلما نزل ذلك فيهم قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لو طردتهم عنا ونكون نحن جلساءك وإخوانك لا نفارقك فأنزل الله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى منتهى الآيتين).[الدر المنثور: 6/ 54-57] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وأحمد، وعبد بن حميد ومسلم والنسائي، وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حيان وأبو الشيخ، وابن مردويه والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة أنا وعبد الله بن مسعود وبلال ورجل من هذيل واثنين قالوا: يا رسول الله أطردهم فإنا نستحي أن نكون تبعا لهؤلاء فوقع في نفس النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فأنزل الله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين}
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: المصلين بلال، وابن أم عبد كانا يجالسان محمدا صلى الله عليه وسلم فقالت قريش تحقرة لهما: لولاهما وأشباههما لجالسناه فنهى عن طردهم حتى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال كان رجال يستبقون إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم بلال وصهيب وسلمان فيجيء أشراف قومه وسادتهم وقد أخذ هؤلاء المجلس فيجلسون ناحية فقالوا: صهيب رومي وسلمان فارسي وبلال حبشي يجلسون عنده ونحن نجيء فنجلس ناحية حتى ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا سادة قومك وأشرافهم فلو أدنيتنا منك إذا جئنا قال: فهم أن يفعل فأنزل الله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم} الآية.
- وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال: كان أشراف قريش يأتون النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده بلال وسلمان وصهيب وغيرهم مثل ابن أم عبد وعمار وخباب فإذا أحاطوا به قال أشراف قريش: بلال حبشي وسلمان فارسي وصهيب رومي فلو نحاهم لأتيناه فأنزل الله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}، يعني: يعبدون ربهم بالغداة والعشي يعني الصلاة المكتوبة.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: الصلاة المفروضة الصبح والعصر.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: هم أهل الذكر لا تطردهم عن الذكر قال سفيان: هم أهل الفقر). [الدر المنثور: 6/ 57-59]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ}: وكذلك اختبرنا وابتلينا.
- كالّذي حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، وحدّثنا الحسين بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} يقول: ابتلينا بعضهم ببعضٍ.
وقد دلّلنا فيما مضى من كتابنا هذا على معنى الفتنة، وأنّها الاختبار والابتلاء، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وإنّما فتنة اللّه تعالى بعض خلقه ببعضٍ، مخالفته بينهم فيما قسم لهم من الأرزاق والأخلاق، فجعل بعضًا غنيًّا وبعضًا فقيرًا، وبعضًا قويًّا وبعضًا ضعيفًا، فأحوج بعضهم إلى بعضٍ، اختبارًا منه لهم بذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} يعني أنّه جعل بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء، فقال الأغنياء للفقراء: أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا؟ يعني: هداهم اللّه. وإنّما قالوا ذلك استهزاءً وسخريةً.
وأمّا قوله: {ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا}، يقول تعالى: اختبرنا النّاس بالغنى والفقر، والعزّ والذّلّ، والقوّة والضّعف، والهدى والضّلال، كي يقول من أضلّه اللّه وأعماه عن سبيل الحقّ للّذين هداهم اللّه ووفّقهم: أهؤلاء منّ اللّه عليهم بالهدى والرّشد وهم فقراء ضعفاء أذلاّء من بيننا ونحن أغنياء أقوياء استهزاءً بهم، ومعاداةً للإسلام وأهله.
يقول تعالى: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}، وهذا منه تعالى إجابةٌ لهؤلاء المشركين الّذين أنكروا أن يكون اللّه هدى أهل المسكنة والضّعف للحقٍّ، وخذلهم عنه وهم أغنياء، وتقريرٌ لهم: أنا أعلم بمن كان من خلقي شاكرًا نعمتي ممّن هو لها كافرٌ، فمنّي على من مننت عليه منهم بالهداية جزاء شكره إيّاي على نعمتي، وتخذّلي من خذلت منهم عن سبيل الرّشاد عقوبة كفرانه إيّاي نعمتي، لا لغنى الغنيّ منهم، ولا لفقر الفقير، لأنّ الثّواب والعقاب لا يستحقّه أحدٌ إلاّ جزاءً على عمله الّذي اكتسبه لا على غناه وفقره، لأنّ الغنى والفقر والعجز والقوّة ليس من أفعال خلقي). [جامع البيان: 9/ 270-271]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين (53)}
قوله: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ}، يعني: جعل بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء.
قوله: {ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا}.
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، ثنا يعمر بن بشيرٍ، ثنا ابن المبارك، أنا أشعث ابن سوّارٍ، عن كردوس بن عبّاسٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: مرّ الملأ من قريشٍ على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم، وعنده خبّابٌ وبلالٌ وصهيبٌ، فقالوا: أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا؟ أيأمرنا أن نكون تبعًا لهؤلاء؟.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا قال: فقال الأغنياء للفقراء: أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا؟ يعني: هداهم اللّه. وإنّما قالوا ذلك استهزاءً وسخريًّا.
قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}.
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي عسد الأزديّ، عن أبي الكنود، عن خبّابٍ قال ثمّ ذكر الأقرع وعيينة فقال: وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا يقول اللّه تعالى: أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1299-1300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج أحمد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن مسعود قال مر الملأ من قريش على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك من الله عليهم من بيننا أونحن نكون تبعا لهؤلاء أطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك، فأنزل فيهم القرآن: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله: {والله أعلم بالظالمين}.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عكرمة قال مشى عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وقرظة بن عبد عمر وبن نوفل والحارث بن عامر بن نوفل ومطعم بن عدي بن الخيار بن نوفل في أشراف الكفار من عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن اخيك طرد عنا هؤلاء إلا عبد فإنهم عبيدنا وعسفاؤنا كان أعظم له في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقه فذكر ذلك أبو طالب للنبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ننظر ما يريدون بقولهم وما يصيرون إليه من أمرهم فأنزل الله: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين} قالوا: وكانوا بلالا وعمار بن ياسر وسالما مولى أبي حذيفة وصبحا مولى أسيد ومن الحلفاء ابن مسعود والمقداد بن عمرو وواقد بن عبد الله الحنظلي وعمرو بن عبد عمر وذو الشمالين ومرثد بن أبي مرثد وأشباهم ونزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا ... الآية}، فلما نزلت أقبل عمر بن الخطاب فاعتذر من مقالته فأنزل الله: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا ... الآية}.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن ماجه وأبو يعلى وأبو نعيم في الحلية، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن خباب قال جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا النّبيّ صلى الله عليه وسلم قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في أناس ضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا: إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا العرب به فضلنا فإن وفود العرب ستأتيك فنستحي أن ترانا العرب قعودا مع هؤلاء الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فلتقعد معهم إن شئت، قال: نعم، قالوا: فكتب لنا عليك بذلك كتابا فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل بهذه الآية: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله: {فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فألقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحيفة من يده ثم دعا فأتيناه وهو يقول: {سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28]، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا بعد فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها تركناه حتى يقوم.
- وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عمر بن عبد الله بن المهاجر مولى غفرة، أنه قال في أسطوان التوبة: كان أكثر نافلة النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليها وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين وأهل الضر وضيفان النّبيّ -صلى الله عليه وسلم والمؤلفة قلوبهم ومن لا مبيت له إلا المسجد، قال: وقد تحلقوا حولها حلقا بعضها دون بعض فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح فيتلو عليهم ما أنزل الله عليه من ليلته ويحدثهم ويحدثونه حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى فلم يجدوا إليه مخلصا فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم فأنزل الله عز وجل: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28] إلى منتهى الآيتين فلما نزل ذلك فيهم قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لو طردتهم عنا ونكون نحن جلساءك وإخوانك لا نفارقك فأنزل الله عز وجل {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى منتهى الآيتين). [الدر المنثور: 6/ 54-57] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وأحمد، وعبد بن حميد ومسلم والنسائي، وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حيان وأبو الشيخ، وابن مردويه والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة أنا وعبد الله بن مسعود وبلال ورجل من هذيل واثنين قالوا: يا رسول الله أطردهم فإنا نستحي أن نكون تبعا لهؤلاء فوقع في نفس النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فأنزل الله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين}
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: المصلين بلال، وابن أم عبد كانا يجالسان محمدا صلى الله عليه وسلم فقالت قريش تحقرة لهما: لولاهما وأشباههما لجالسناه فنهى عن طردهم حتى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال كان رجال يستبقون إلى مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم بلال وصهيب وسلمان فيجيء أشراف قومه وسادتهم وقد أخذ هؤلاء المجلس فيجلسون ناحية فقالوا: صهيب رومي وسلمان فارسي وبلال حبشي يجلسون عنده ونحن نجيء فنجلس ناحية حتى ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا سادة قومك وأشرافهم فلو أدنيتنا منك إذا جئنا قال: فهم أن يفعل فأنزل الله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم ... الآية}.
- وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال: كان أشراف قريش يأتون النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده بلال وسلمان وصهيب وغيرهم مثل ابن أم عبد وعمار وخباب فإذا أحاطوا به قال أشراف قريش: بلال حبشي وسلمان فارسي وصهيب رومي فلو نحاهم لأتيناه فأنزل الله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} يعني: يعبدون ربهم بالغداة والعشي يعني الصلاة المكتوبة.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: الصلاة المفروضة الصبح والعصر.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم في قوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: هم أهل الذكر لا تطردهم عن الذكر قال سفيان: هم أهل الفقر). [الدر المنثور: 6/ 57-59] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض} يعني أنه جعل بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء فقال الأغنياء للفقراء {أهؤلاء من الله عليهم من بيننا} يعني هؤلاء هداهم الله وإنما قالوا ذلك استهزاء وسخريا.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض} يقول: ابتلينا بعضهم ببعض.
- وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {أهؤلاء من الله عليهم من بيننا} لو كان بهم كرامة على الله ما أصابهم هذا من الجهد.
- وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ... الآية}، قال: هم أناس كانوا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الفقراء فقال أناس من أشراف الناس: نؤمن لك فإذا صلينا معك فأخر هؤلاء الذين معك فليصلوا خلفنا). [الدر المنثور: 6/ 59-60]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ربيع الثاني 1434هـ/4-03-2013م, 11:30 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي


{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}



تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)}:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملك إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون}
هذا متصل بقوله: {لولا نزّل عليه آية من ربّه}. فأعلمهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يملك خزائن الله التي بها يرزق ويعطي، وأنه لا يعلم الغيب فيخبرهم بما غاب عنه ممّا مضى، وما سيكون إلا بوحي من اللّه جلّ وعزّ.
{ولا أقول لكم إنّي ملك} أي: الملك يشاهد من أمور الله عزّ وجلّ ما لا يشاهده البشر،
فأعلمهم أنه يتبع الوحي فقال: {إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ} أي: ما أنبأتكم به من غيب فيما مضى، وفيما سيكون فهو بوحي من اللّه، فأمّا الإنباء بما مضى، فإخبار بقصص الأمم السالفة، والإخبار بما سيكون كقوله: {غلبت الرّوم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين}، فوجد من ذلك ما أنبأ به،
ونحو قوله: {واللّه يعصمك من النّاس} فاجتهدوا في قتله، فلم يصلوا إلى ذلك.
وقوله: {ليظهره على الدّين كلّه} وما يروى من الأخبار عنه بما يكون أكثر من أن يحصى). [معاني القرآن: 2/ 250-251]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب} هذا متصل بقوله جل وعز: {لولا نزل عليه آية من ربه} أي: لا أقول لكم عندي خزائن الله التي يرزق منها ويعطي {ولا أعلم الغيب} فأخبركم بما غاب عنكم إلا بوحي {ولا أقول لكم اني ملك} لأن الملك يشاهد من أمر الله جل وعلا ما لا يشاهد البشر). [معاني القرآن: 2/ 427]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل هل يستوي الأعمى والبصير}
قال مجاهد: يعني المسلم والكافر). [معاني القرآن: 2/ 428]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم...}
يقول: يخافون أن يحشروا إلى ربهم علما بأنه سيكون.
ولذلك فسّر المفسرون {يخافون}: يعلمون). [معاني القرآن: 1/ 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(خشيت) بمعنى: (علمت)، قال عز وجل: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا}، أي: علمنا.
وفي قراءة أبيّ: فخاف ربك.
ومثله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}.
وقوله: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} أي: علم.
وقوله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ}، لأنّ في الخشية والمخافة طرفا من العلم). [تأويل مشكل القرآن: 190-191](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليّ ولا شفيع لعلّهم يتّقون}
قوله: {وأنذر به} أي: بالقرآن،
وإنما ذكر الذين يخافون الحشر، دون غيرهم وهو -صلى الله عليه وسلم- منذر جميع الخلق، لأن الذين يخافون الحشر الحجة عليهم أوجب، لأنهم أفهم بالميعاد.
فهم أحد رجلين:
- إما رجل مسلم فيؤدي حق اللّه في إسلامه.
- وإما رجل من أهل الكتاب، فأهل الكتاب أجمعون معترفون بأن اللّه جل ثناؤه خالقهم، وأنّهم مبعوثون.
وقوله: {ليس لهم من دونه وليّ ولا شفيع}لأن النصارى، واليهود ذكرت أنّها أبناء اللّه وأحباؤه، فأعلم اللّه أنّه لا ولي له إلّا المؤمنون، وأنّ أهل الكفر ليس لهم عن دون اللّه ولي ولا شفيع). [معاني القرآن: 2/ 251]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} أي: بالقرآن وخص من يخاف الحشر لأن الحجة عليهم أوكد فإن كان مسلما أنذر ليترك المعاصي وإن كان من أهل الكتاب أنذر ليتبع الحق). [معاني القرآن: 2/ 428]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ليس لهم من دونه من ولي ولا شفيع} لأن اليهود والنصارى قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه). [معاني القرآن: 2/ 428]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم...}
يقول القائل: وكيف يطرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يدعوا ربه حتى ينهى عن ذلك؟ فإنه بلغنا أن عيينة بن حصن الفزاريّ دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده سلمان وبلال وصهيب وأشباههم، فقال عيينة: يا رسول الله لو نحّيت هؤلاء عنك لأتاك أشراف قومك فأسلموا، فأنزل الله تبارك وتعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}). [معاني القرآن: 1/ 336]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم مّن شيءٍ وما من حسابك عليهم مّن شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين}
وقال: {فتطردهم فتكون من الظّالمين} فالأولى أن ينصب جواباً لقوله: {ما عليك من حسابهم مّن شيءٍ وما من حسابك عليهم مّن شيءٍ فتطردهم}
والأخرى [أن] ينصب بقوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم} {فتكون من الظّالمين}). [معاني القرآن: 1/ 239]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومما يزاد في الكلام: (الوجه)، يقول الله عز وجل: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} أي: يريدونه بالدعاء.
و{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} أي: إلا هو.
و{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي: فثمّ الله.
و{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي: لله). [تأويل مشكل القرآن: 254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظّالمين}
كان قوم من المشركين أرادوا الحيلة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا لو باعدت عنك هؤلاء السفلة والعبيد لجلس إليك الكبراء والأشراف وكانوا عنوا بالذين قدروا أن يباعدهم النبي -صلى الله عليه وسلم- صهيبا وخبّابا، وعمّار بن ياسر وسلمان الفارسي وبلالا، فأعلم اللّه عزّ وجلّ، أن أمر الدّين هو المقدّم، ونهاه أن يباعد هؤلاء، وأعلمه أنهم يريدون ما عند الله فشهد لهم بصحة النيات وأنهم مخلصون في ذلك لله، فقال: {يريدون وجهه}أي: يريدون اللّه ويقصدون الطرق التي أمرهم بقصدها وإنما قدروا بهذا أن يباعدهم فتكون لهم حجة عليه، واللّه قد أعلم .
في قصة نوح إنّه اتبع نوحا من كان عندهم من أراذلهم فقال:{قالوا أنومن لك واتبعك الأرذلون}، وقالوا: {ما نراك اتبعك إلا الّذين هم أراذلنا}
وقوله عزّ وجل: {فتكون من الظّالمين} جواب {ولا تطرد}
وقوله {فتطردهم} جواب {ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم}). [معاني القرآن: 2/ 251-252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}
قال سعد: «نزلت في ستة أنا وعبد الله بن مسعود وأربعة قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم إنا نستحيي أن نكون تبعا لهؤلاء فأنزل الله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} إلى قوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين}»
قال مجاهد: نزلت في بلال وعبد الله بن مسعود.
وقال غيره: إنما أراد المشركون بهذا أن يحتجوا على النبي صلى الله عليه وسلم لأن أتباع الأنبياء الفقراء فطلبوا أن يطردهم فيحتجوا عليه بذلك فعصمه الله مما أرادوا منه). [معاني القرآن: 2/ 429-430]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين}
المعنى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم فتكون من الظالمين وما من حسابك من شيء فتطردهم؛ على التقديم والتأخير). [معاني القرآن: 2/ 430]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} أي: ابتلينا بعضا ببعض). [تفسير غريب القرآن: 154]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: العبرة، كقوله: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
وفي موضع آخر: {لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}أي: يعتبرون أمرهم بأمرنا، فإذا رأونا في ضرّ وبلاء ورأوا أنفسهم في غبطة ورخاء- ظنّوا أنهم على حق، ونحن على باطل.
وكذلك قوله: {فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 473-474](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ومعنى: {كذلك فتنّا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين} أي: اختبرنا وابتلينا، {ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا}أي: ليكون ذلك آية أنّهم اتبعوا الرسول وصبروا على الشدة، وهم في حال شديدة). [معاني القرآن: 2/ 252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض} أي: اختبرنا وابتلينا لأن الفقراء صبروا على الجهد مع فقرهم فكان ذلك أوكد على الأغنياء في الحجة). [معاني القرآن: 2/ 430]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا}
أي: ليقول الأغنياء). [معاني القرآن: 2/ 430]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَكَذَلِكَ فَتَنَّا} أي: ابتلينا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 76]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 11:04 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: البصير الصحيح البصر. والبصير: الأعمى). [الأضداد: 99]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) }


تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقال بعضهم في صفة أوّل النهار: قال الله تعالى: {بكرةً وعشيّا} و{بالغداة والعشيّ}.
وقالوا: لقيته غدوةً غدوةً وبكرةً بكرةً.
وحكي عن الخليل: رأيته غديّة وبكيرة يا هذا، معرفةٌ غير مصروفةٍ.
وقالوا: بكرت بكوراً، وأبكرت وبكّرت. وغدوت غدوًّا. فهذا من أوّل النهار.
ويقال: أضحينا في الغدوّ، إذا أخّروه.
ثمّ الضّحى بعد الغدوّ. ثمّ الضّحاء بعد ذلك بالمدّ). [الأزمنة: 57] (م)
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقالوا: الظّلّ بالغداة والعشيّ. وقالوا: بالعشيّ الفيء.
وقال أبو ذؤيبٍ:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله ....... واقعد في أفيائه بالأصائل
فجعله بالعشيّ. وقال الآخر:
فلا الظّلّ من برد الضّحى نستطيعه ....... ولا الفيء من برد العشيّ نذوق
فجعله بالعشيّ.
وكان رؤبة بن العجّاج يقول: الظّلّ ما نسجت الشمس وهو أوّل، والفيء ما نسجت الشمس أيضاً وهو آخر). [الأزمنة:65- 66]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 10:26 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 10:26 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 10:26 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 10:27 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملكٌ إن أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون (50) وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ لعلّهم يتّقون (51)}
هذا من الرد على القائلين لولا أنزل عليه آية والطالبين أن ينزل ملك أو تكون له جنة أو أكثر أو نحو هذا، والمعنى: لست بهذه الصفات فيلزمني أن أجيبكم باقتراحاتكم، وقوله لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب يحتمل معنيين أظهرهما أن يريد أنه بشر لا شيء عنده من خزائن الله ولا من قدرته ولا يعلم شيئا مما غيب عنه، والآخر أنه ليس بإله فكأنه قال لا أقول لكم إني أتصف بأوصاف إله في أن عندي خزائنه وأني أعلم الغيب، وهذا هو قول الطبري وتعطي قوة اللفظ في هذه الآية الملك أفضل من البشر، وليس ذلك بلازم من هذا الموضع، وإنما الذي يلزم منه أن الملك أعظم موقعا في نفوسهم وأقرب إلى الله، والتفضيل يعطيه المعنى عطاء خفيا وهو ظاهر من آيات أخر، وهي مسألة خلاف، وما يوحى يريد القرآن وسائر ما يأتي به الملك، أي وفي ذلك عبر وآية لمن تأمل ونظر، وقوله تعالى قل هل يستوي الآية، أي قل لهم إنه لا يستوي الناظر المفكر في الآيات أو المعرض الكافر المهمل للنظر، فالأعمى والبصير مثالان للمؤمن والكافر، أي ففكروا أنتم وانظروا وجاء الأمر بالفكرة في عبارة العرض والتحضيض). [المحرر الوجيز: 3/ 365-366]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأنذر عطف على قل، والنبي عليه السلام مأمور بإنذار جميع الخلائق، وإنما وقع التحضيض هنا بحسب المعنى الذي قصد، وذلك أن فيما تقدم من الآيات نوعا من اليائس في الأغلب عن هؤلاء الكفرة الذين قد قال فيهم أيضا: {أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [البقرة: 6، يس: 10] فكأنه قيل له هنا: قل لهؤلاء الكفرة المعرضين كذا ودعهم ورأيهم لأنفسهم وأنذر بالقرآن هؤلاء الآخرين الذين هم مظنة الإيمان وأهل للانتفاع، ولم يرد أنه لا ينذر سواهم، بل الإنذار العام ثابت مستقر، والضمير في به عائد على ما يوحى «ويخافون» على بابها في الخوف أي الذين يخافون ما تحققوه من أن يحشروا ويستعدون لذلك، ورب متحقق لشيء مخوف وهو لقلة النظر والحزم لا يخافه ولا يستعد له.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقال الطبري: وقيل يخافون هنا بمعنى يعلمون، وهذا غير لازم وقوله الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم يعم بنفس اللفظ كل مؤمن بالبعث من مسلم ويهودي ونصراني، وقوله ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ يحتمل معنيين فإن جعلناه داخلا في الخوف في موضع نصب على الحال أي يخافون أن يحشروا في حال من لا ولي له ولا شفيع، فهي مختصة بالمؤمنين المسلمين ولأن اليهود والنصارى يزعمون أن لهم شفعاء وأنهم أبناء الله ونحو هذا من الأباطيل، وإن جعلنا قوله:
ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ إخبارا من الله تعالى عن صفة الحال يومئذ فهي عامة للمسلمين وأهل الكتاب ولعلّهم يتّقون ترجّ على حسب ما يرى البشر ويعطيه نظرهم). [المحرر الوجيز: 3/ 366]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين (52) وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين (53)}
المراد ب الّذين ضعفة المؤمنين في ذلك الوقت في أمور الدنيا بلال وعمار وابن أم عبد ومرثد الغنوي وخباب وصهيب وصبيح وذو الشمالين والمقداد ونحوهم وسبب الآية أن الكفار قال بعضهم للنبي
صلى الله عليه وسلم: نحن لشرفنا وأقدارنا لا يمكننا أن نختلط بهؤلاء، فلو طردتهم لاتبعناك وجالسناك، ورد في ذلك حديث عن ابن مسعود، وقيل: إنما قال هذه المقالة أبو طالب على جهة النصح للنبي صلى الله عليه وسلم قال له: لو أزلت هؤلاء لاتبعك أشراف قومك وروي أن ملأ قريش اجتمعوا إلى أبي طالب في ذلك، وظاهر الأمر أنهم أرادوا بذلك الخديعة، فصوب هذا الرأي من أبي طالب عمر بن الخطاب وغيره من المؤمنين فنزلت الآية، وقال ابن عباس: إن بعض الكفار إنما طلب أن يؤخر هؤلاء عن الصف الأول في الصلاة، ويكونون هم موضعهم، ويؤمنون إذا طرد هؤلاء من الصف الأول فنزلت الآية، أسند الطبري إلى خباب بن الأرت أن الأقرع بن حابس ومن شابهه من أشراف العرب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا منك مجلسا، لا يخالطنا فيه العبيد والحلفاء، واكتب لنا كتابا، فهمّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك فنزلت هذه الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تأويل بعيد في نزول الآية، لأن الآية مكية وهؤلاء الأشراف لم يفدوا إلا في المدينة، وقد يمكن أن يقع هذا القول منهم ولكنه إن كان وقع فبعد نزول الآية بمدة اللهم إلا تكون الآية مدنية، قال خباب رضي الله عنه: ثم نزلت: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم}الآية فكنا نأتي فيقول لنا: سلام عليكم ونقعد معه، فإذا أراد يقوم قام وتركنا، فأنزل الله: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم} [الكهف: 28] الآية فكان يقعد معنا، فإذا بلغ الوقت الذي يقوم فيه قمنا وتركناه حتى يقوم ويدعون ربّهم بالغداة والعشيّ قال الحسن بن أبي الحسن المراد به صلاة مكة التي كانت مرتين في اليوم بكرة وعشيا وقيل: بل قوله: بالغداة والعشيّ عبارة عن استمرار الفعل وأن الزمن معمور به، كما تقول: الحمد لله بكرة وأصيلا، فإنما تريد الحمد لله في كل وقت والمراد على هذا التأويل قيل، هو الصلوات الخمس، قاله ابن عباس وإبراهيم، وقيل الدعاء وذكر الله واللفظة على وجهها وقال بعض القصاص: إنه الاجتماع إليهم غدوة وعشيا فأنكر ذلك ابن المسيب وعبد الرحمن بن أبي عمرة وغيرهما وقالوا: إنما الآية في الصلوات في الجماعة، وقيل: قراءة القرآن وتعلمه قاله أبو جعفر ذكره الطبري، وقيل العبادة قاله الضحاك: وقرأ أبو عبد الرحمن ومالك بن دينار والحسن ونصر بن عاصم وابن عامر «بالغدوة والعشي»، وروي عن أبي عبد الرحمن «بالغدو» بغير هاء، وقرأ ابن أبي عبلة «بالغدوات والعشيات» بألف فيهما على الجمع، وغدوة: معرفة لأنها جعلت علما لوقت من ذلك اليوم بعينه وجاز إدخال الألف واللام عليها كما حكى أبو زيد لقيته فينة غير مصروف والفينة بعد الفينة فألحقوا لام المعرفة ما استعمل معرفة، وحملا على ما حكاه الخليل أنه يقال: لقيته اليوم غدوة منونا، ولأن فيها مع تعيين اليوم، إمكان تقدير معنى الشياع، ذكره أبو علي الفارسي ووجهه في هذا الموضع معناه جهة التزلق إليه كما تقول خرج فلان في وجه كذا أي في مقصد وجهة وما عليك من حسابهم من شيءٍ معناه لم تكلف شيئا غير دعائهم فتقدم أنت وتؤخر ويظهر يكون الضمير في حسابهم وعليهم للكفار الذين أرادوا طرد المؤمنين، أي ما عليك منهم آمنوا ولا كفروا فتطرد هؤلاء رعيا لذلك، والضمير في «تطردهم» عائد على الضعفة من المؤمنين، ويؤيد هذا التأويل أن ما بعد الفاء أبدا سبب ما قبلها، وذلك لا يبين إذا كانت الضمائر كلها للمؤمنين، وحكى الطبري أن الحساب هنا إنما هو في رزق الدنيا، أي لا ترزقهم ولا يرزقونك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فعلى هذا تجيء الضمائر كلها للمؤمنين، وذكره المهدوي، وذكر عن الحسن أنه من حساب عملهم كما قال الجمهور، ومن الأولى للتبعيض والثانية زائدة مؤكدة، وقوله: فتطردهم جواب النفي في قوله: ما عليك وقوله: فتكون جواب النهي في قوله: ما عليك وقوله: فتكون جواب النهي في قوله: ولا تطرد ومن الظّالمين، معناه يضعون الشيء غير مواضعه). [المحرر الوجيز: 3/ 367-369]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ... الآية} فتنّا معناه في هذه الآية: ابتلينا، فابتلاء المؤمنين بالمشركين هو ما يلقون منهم من الأذى، وابتلاء المشركين بالمؤمنين هو أن يرى الرجل الشريف من المشركين قوما لا شرف لهم قد عظمهم هذا الدين وجعل لهم عند نبيه قدرا ومنزلة، والإشارة بذلك إلى ما ذكر من طلبهم أن يطرد الضعفة وليقولوا معناه ليصير بحكم القدر أمرهم إلى أن يقولوا، فهي لام الصيرورة كما قال تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزناً} [القصص: 8] أي ليصير مثاله أن يكون لهم عدوا وقول المشركين على هذا التأويل أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا هو على جهة الاستخفاف والهزء ويحتمل الكلام معنى آخر وهو أن تكون اللام في ليقولوا على بابها في لام كي وتكون المقالة منهم استفهاما لأنفسهم ومباحثة لها وتكون سبب إيمان من سبق إيمانه منهم، فمعنى الآية على هذا التأويل وكذلك ابتلينا أشراف الكفار بضعفاء المؤمنين ليتعجبوا في نفوسهم من ذلك ويكون سبب نظر لمن هدي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والتأويل الأول أسبق والثاني يتخرج، ومنّ على كلا التأويلين إنما هي على معتقد المؤمنين، أي هؤلاء منّ الله عليهم بزعمهم أن دينهم منة، وقوله أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين أي يا أيها المستخفون أو المتعجبون على التأويل الآخر ليس الأمر أمر استخفاف ولا تعجب، فالله أعلم بمن يشكر نعمته والمواضع التي ينبغي أن يوضع فيها فجاء إعلامهم بذلك في لفظ التقدير إذ ذلك بين لا تمكنهم فيه معاندة). [المحرر الوجيز: 3/ 369-370]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 10:27 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 10:27 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملكٌ إن أتّبع إلا ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون (50) وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ لعلّهم يتّقون (51) ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين (52) وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين (53) وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رحيمٌ (54)}
يقول تعالى لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه} أي: لست أملكها ولا أتصرّف فيها، {ولا أعلم الغيب} أي: ولا أقول: إنّي أعلم الغيب إنّما ذاك من علم اللّه، عزّ وجلّ، لا أطّلع منه إلّا على ما أطلعني عليه، {ولا أقول لكم إنّي ملكٌ} أي: ولا أدّعي أنّي ملكٌ، إنّما أنا بشر من البشر، يوحي إليّ من اللّه، عزّ وجلّ، شرّفني بذلك، وأنعم عليّ به؛ ولهذا قال: {إن أتّبع إلا ما يوحى إليّ} أي: لست أخرج عنه قيد شبرٍ ولا أدنى منه.
{قل هل يستوي الأعمى والبصير} أي: هل يستوي من اتّبع الحقّ وهدي إليه، ومن ضلّ عنه ولم ينقد له؟ {أفلا تتفكّرون} وهذه كقوله تعالى: {أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى إنّما يتذكّر أولو الألباب} [الرّعد: 19] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 258-259]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ} أي: وأنذر بهذا القرآن يا محمّد {الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} [المؤمنون: 57] والذين {ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب} [الرّعد: 21].
{الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم} أي: يوم القيامة. {ليس لهم} أي: يومئذٍ {من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ} أي: لا قريب لهم ولا شفيع فيهم من عذابه إن أراده بهم، {لعلّهم يتّقون}: أي: أنذر هذا اليوم الّذي لا حاكم فيه إلّا اللّه، عزّ وجلّ {لعلّهم يتّقون}: فيعملون في هذه الدّار عملًا ينجيهم اللّه به يوم القيامة من عذابه، ويضاعف لهم به الجزيل من ثوابه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 259]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} أي: لا تبعد هؤلاء المتّصفين بهذه الصّفة عنك، بل اجعلهم جلساءك وأخصّاءك، كما قال: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا} [الكهف: 28].
وقوله: {يدعون ربّهم} أي: يعبدونه ويسألونه، {بالغداة والعشيّ} قال سعيد بن المسيّب، ومجاهدٌ، والحسن، وقتادة: المراد بذلك الصّلوات المكتوبات.
وهذا كقوله [تعالى] {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم} [غافرٍ: 60] أي: أتقبّل منكم.
وقوله: {يريدون وجهه} أي: يبتغون بذلك العمل وجه اللّه الكريم، فهم مخلصون فيما هم فيه من العبادات والطّاعات.
وقوله: {ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ}، كما قال نوحٌ، عليه السّلام، في جواب الّذين قالوا: {أنؤمن لك واتّبعك الأرذلون}، قال: {وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربّي لو تشعرون} [الشّعراء: 112، 113] ، أي: إنّما حسابهم على اللّه، عزّ وجلّ، وليس عليّ من حسابهم من شيءٍ، كما أنّه ليس عليهم من حسابي من شيءٍ.
وقوله: {فتطردهم فتكون من الظّالمين} أي: إن فعلت هذا والحالة هذه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أسباطٌ -هو ابن محمّدٍ -حدّثنا أشعث، عن كردوس، عن ابن مسعود
قال: مرّ الملأ من قريشٍ على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وعنده: خبّاب، وصهيب، وبلالٌ، وعمّارٌ. فقالوا: يا محمّد، أرضيت بهؤلاء؟ فنزل فيهم القرآن: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم} إلى قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين}
ورواه ابن جريرٍ، من طريق أشعث، عن كردوسٍ، عن ابن مسعودٍ قال: مرّ الملأ من قريشٍ برسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وعنده: صهيبٌ، وبلالٌ، وعمّارٌ، وخبّابٌ، وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمّد، أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء الّذين منّ اللّه عليهم من بيننا؟ ونحن نكون تبعًا لهؤلاء؟ اطردهم عنك، فلعلّك إن طردتهم أن نتّبعك، فنزلت هذه الآية: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} إلى آخر الآية
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، حدثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّي، عن أبي سعيدٍ الأزديّ -وكان قارئ الأزد -عن أبي الكنود، عن خبّابٍ في قول اللّه، عزّ وجلّ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: جاء الأقرع بن حابسٍ التّميميّ وعيينة بن حصنٍ الفزاريّ، فوجدوا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- مع صهيبٍ وبلالٍ وعمّارٍ وخبّابٍ قاعدًا في ناسٍ من الضّعفاء من المؤمنين فلمّا رأوهم حول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حقّروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنّا نريد أن تجعل لنا منك مجلسًا تعرف لنا به العرب فضلنا، فإنّ وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنّا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: "نعم". قالوا: فاكتب لنا عليك كتابًا، قال: فدعا بالصّحيفة ودعا عليًّا ليكتب، ونحن قعودٌ في ناحيةٍ، فنزل جبريل فقال: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم [بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين]} فرمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالصّحيفة، ثمّ دعانا فأتيناه.
ورواه ابن جريرٍ، من حديث أسباطٍ، به.
وهذا حديثٌ غريبٌ، فإنّ هذه الآية مكّيّةٌ، والأقرع بن حابسٍ وعيينة إنّما أسلما بعد الهجرة بدهرٍ.
وقال سفيان الثّوريّ عن المقدام بن شريحٍ، عن أبيه قال: قال سعدٌ: نزلت هذه الآية في ستّةٍ من أصحاب النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-، منهم ابن مسعودٍ، قال: كنّا نسبق إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وندنو منه ونسمع منه، فقالت قريشٌ: يدني هؤلاء دوننا، فنزلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}
رواه الحاكم في مستدركه من طريق سفيان، وقال: على شرط الشّيخين. وأخرجه ابن حبّان في صحيحه من طريق المقدام بن شريحٍ، به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 259-261]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ} أي: ابتلينا واختبرنا وامتحنّا بعضهم ببعضٍ {ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا} وذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كان غالب من اتّبعه في أوّل البعثة، ضعفاء النّاس من الرّجال والنّساء والعبيد والإماء، ولم يتبعه من الأشراف إلّا قليلٌ، كما قال قوم نوحٍ لنوحٍ: {وما نراك اتّبعك إلا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي} الآية [هودٍ: 27]، وكما قال هرقل ملك الرّوم لأبي سفيان حين سأله [عن تلك] المسائل، فقال له: فهل اتّبعه ضعفاء النّاس أو أشرافهم؟ قال: بل ضعفاؤهم. فقال: هم أتباع الرّسل
والغرض: أنّ مشركي قريشٍ كانوا يسخرون بمن آمن من ضعفائهم، ويعذّبون من يقدرون عليه منهم، وكانوا يقولون: {أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا}؟ أي: ما كان اللّه ليهدي هؤلاء إلى الخير -لو كان ما صاروا إليه خيرًا -ويدعنا، كما قالوا: {لو كان خيرًا ما سبقونا إليه} [الأحقاف: 11]، وكما قال تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} [مريم: 73].
قال اللّه تعالى في جواب ذلك: {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثًا ورئيًا} [مريم: 74]، وقال في جوابهم حين قالوا: {أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين} أي: أليس هو أعلم بالشّاكرين له بأقوالهم وأفعالهم وضمائرهم، فيوفّقهم ويهديهم سبل السّلام، ويخرجهم من الظّلمات إلى النّور، ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا، كما قال تعالى: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين} [العنكبوت: 69]. وفي الحديث الصّحيح: «إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى ألوانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم: حدّثنا الحسين، حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ... الآية}، قال: جاء عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ومطعم بن عديّ، والحارث بن نوفل، وقرظة بن عبد عمرو بن نوفلٍ، في أشرافٍ من بني عبد منافٍ من أهل الكفر إلى أبي طالبٍ فقالوا: يا أبا طالبٍ، لو أنّ ابن أخيك محمّدًا يطرد عنه موالينا وحلفاءنا، فإنّما هم عبيدنا وعسفاؤنا، كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدنى لاتّباعنا إيّاه، وتصديقنا له. قال: فأتى أبو طالبٍ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فحدّثه بالّذي كلّموه فقال عمر بن الخطّاب، -رضي اللّه عنه-،: «لو فعلت ذلك، حتّى تنظر ما الّذي يريدون، وإلى ما يصيرون من قولهم؟» فأنزل الله عزّ وجلّ، هذه الآية: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم [ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ لعلّهم يتّقون * ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه]} إلى قوله: {أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين} قال: وكانوا بلالًا وعمّار بن ياسرٍ، وسالمًا مولى أبي حذيفة، وصبيحًا مولى أسيدٍ، ومن الحلفاء: ابن مسعودٍ، والمقداد بن عمرٍو، ومسعود بن القارّيّ، وواقد بن عبد اللّه الحنظليّ، وعمرو بن عبد عمرٍو، وذو الشّمالين، ومرثد بن أبي مرثدٍ -وأبو مرثدٍ من غنيٍّ حليف حمزة بن عبد المطّلب -وأشباههم من الحلفاء. ونزلت في أئمّة الكفر من قريشٍ والموالي والحلفاء: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا ... الآية}. فلمّا نزلت، أقبل عمر، رضي اللّه عنه، فاعتذر من مقالته، فأنزل اللّه، -عزّ وجلّ-: {وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا [فقل سلامٌ] ... الآية}). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 261-262]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة