تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عطاء بن السّائب عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ أنّه سئل عن ذبائح مشركي العرب فقرأ: {ومن يتولّهم منكم فإنه منهم} [الآية: 51].
سفيان [الثوري] عن عاصمٍ الأحول عن عكرمة عن ابن عباس مثله.
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم أنّه لم يكن يرى بأسًا).
[تفسير الثوري: 103]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بهذه الآية وإن كان مأمورًا بذلك جميع المؤمنين، فقال بعضهم: عنى بذلك: عبادة بن الصّامت وعبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ في براءة عبادة من حلف اليهود، وفي تمسّك عبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ بحلف اليهود بعد ما ظهرت عداوتهم للّه ولرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وأخبره اللّه أنّه إذا تولاّهم وتمسّك بحلفهم أنّه منهم في براءته من اللّه ورسوله كبراءتهم منهما.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي، عن عطيّة بن سعدٍ قال: جاء عبادة بن الصّامت من بني الحرث بن الخزرج إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه، إنّ لي موالي من يهود كثيرٌ عددهم، وإنّي أبرأ إلى اللّه ورسوله من ولاية يهود وأتولّى اللّه ورسوله. فقال عبد اللّه بن أبيٍّ: إنّي رجلٌ أخاف الدّوائر، لا أبرأ من ولاية موالي. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعبد اللّه بن أبيٍّ: يا أباالحباب ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصّامت فهو إليك دونه قال: قد قبلت. فأنزل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ} إلى قوله: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ}.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثني عثمان بن عبد الرّحمن، عن الزّهريّ، قال: لمّا انهزم أهل بدرٍ قال المسلمون لأوليائهم من يهود: آمنوا قبل أن يصيبكم اللّه بيومٍ مثل يوم بدرٍ. فقال مالك بن صيفٍ: غرّكم أن أصبتم رهطًا من قريشٍ لا علم لهم بالقتال، أما لو أمررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يدٌ أن تقاتلونا، فقال عبادة: يا رسول اللّه، إنّ أوليائي من اليهود كانت شديدةً أنفسهم كثيرًا سلاحهم شديدةً شوكتهم، وإنّي أبرأ إلى اللّه وإلى رسوله من ولايتهم، ولا مولًى لي إلاّ اللّه ورسوله. فقال عبد اللّه بن أبيٍّ: لكنّي لا أبرأ من ولاء يهود، إنّي رجلٌ لا بدّ لي منهم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا أبا حبابٍ، أرأيت الّذي نفست به من ولاء يهود على عبادة، فهو لك دونه قال: إذن أقبل. فأنزل اللّه تعالى ذكره: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ} إلى أن بلغ إلى قوله: {واللّه يعصمك من النّاس}.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا يونس، قال: حدّثنا ابن إسحاق، قال: حدّثني والدي إسحاق بن يسارٍ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت، قال: لمّا حاربت بنو قينقاعٍ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، تشبّث بأمرهم عبد اللّه بن أبيٍّ، وقام دونهم. ومشى عبادة بن الصّامت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان أحد بني عوف بن الخزرج من له حلفهم مثل الّذي لهم من عبد اللّه بن أبيٍّ، فخلعهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتبرأ إلى اللّه وإلى رسوله من حلفهم، وقال: يا رسول اللّه أتبرأ إلى اللّه وإلى رسوله من حلفهم وأتولّى اللّه ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفّار وولايتهم. ففيه وفي عبد اللّه بن أبيٍّ نزلت الآيات في المائدة: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ} الآية،
وقال آخرون: بل عني بذلك قومٌ من المؤمنين كانوا همّوا حين نالهم بأحدٍ من أعدائهم من المشركين ما نالهم أن يأخذوا من اليهود عصمًا، فنهاهم اللّه عن ذلك، وأعلمهم أنّ من فعل ذلك منهم فهو منهم.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم} قال: لمّا كانت وقعة أحدٍ، اشتدّ على طائفةٍ من النّاس وتخوّفوا أن يدال عليهم الكفّار، فقال رجلٌ لصاحبه: أمّا أنا فألحق بدهلك اليهوديّ فآخذ منه أمانًا وأتهوّد معه، فإنّي أخاف أن تدال علينا اليهود. وقال الآخر: أمّا أنا فألحق بفلانٍ النّصرانيّ ببعض أرض الشّام فآخذ منه أمانًا وأنتصر معه. فأنزل اللّه تعالى ذكره ينهاهما: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}.
وقال آخرون: بل عني بذلك أبو لبابة بن عبد المنذر في إعلامه بني قريظة إذ رضوا بحكم سعدٍ أنّه الذّبح.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم} قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أبا لبابة بن عبد المنذر من الأوس، وهو من بني عمرو بن عوفٍ، فبعثه إلى قريظة حين نقضت العهد، فلمّا أطاعوا له بالنّزول أشار إلى حلقه: الذّبح الذّبح.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعًا أن يتّخذوا اليهود والنّصارى أنصارًا وحلفاء على أهل الإيمان باللّه ورسوله، وأخبر أنّه من اتّخذهم نصيرًا وحليفًا ووليًّا من دون اللّه ورسوله والمؤمنين، فإنّه منهم في التّحزّب على اللّه وعلى رسوله والمؤمنين، وأنّ اللّه ورسوله منه بريئان.
وقد يجوز أن تكون الآية نزلت في شأن عبادة بن الصّامت وعبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ وحلفائهما من اليهود، ويجوز أن تكون نزلت في أبي لبابة بسبب فعله في بني قريظة، ويجوز أن تكون نزلت في شأن الرّجلين اللّذين ذكر السّدّيّ أنّ أحدهما همّ باللّحاق بدهلك اليهوديّ والآخر بنصرانيٍّ بالشّأم، ولم يصحّ من هذه الأقوال الثّلاثة خبرٌ يثبت بمثله حجّةٌ فيسلّم لصحّته القول بأنّه كما قيل.
فإذ كان ذلك كذلك فالصّواب أن يحكم لظاهر التّنزيل بالعموم على ما عمّ، ويجوز ما قاله أهل التّأويل فيه من القول الّذي لا علم عندنا بخلافه؛ غير أنّه لا شكّ أنّ الآية نزلت في منافقٍ كان يوالي يهود أو نصارى، خوفًا على نفسه من دوائر الدّهر، لأنّ الآية الّتي بعد هذه تدلّ على ذلك، وذلك قوله: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ} الآية.
وأمّا قوله: {بعضهم أولياء بعضٍ} فإنّه عنى بذلك أنّ بعض اليهود أنصار بعضهم على المؤمنين، ويدٌ واحدةٌ على جميعهم، وأنّ النّصارى كذلك بعضهم أنصار بعضٍ على من خالف دينهم وملّتهم، معرّفًا بذلك عباده المؤمنين أنّ من كان لهم أو لبعضهم وليًّا فإنّما هو وليّهم على من خالف ملّتهم ودينهم من المؤمنين، كما اليهود والنّصارى لهم حربٌ، فقال تعالى ذكره للمؤمنين: فكونوا أنتم أيضًا بعضكم أولياء بعضٍ، ولليهوديّ والنّصرانيّ حربًا كما هم لكم حربٌ، وبعضهم لبعضٍ أولياء؛ لأنّ من والاهم فقد أظهر لأهل الإيمان الحرب ومنهم البراءة، وأبان قطع ولايتهم).
[جامع البيان: 8/504-508]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم}
يعني تعالى ذكره بقوله: {ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم} ومن يتولّ اليهود والنّصارى دون المؤمنين فإنّه منهم، يقول: فإنّ من تولاّهم ونصرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملّتهم، فإنّه لا يتولّى متولٍّ أحدًا إلاّ وهو به وبدينه وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه، ولذلك حكم من حكم من أهل العلم لنصارى بني تغلب في ذبائحهم ونكاح نسائهم وغير ذلك من أمورهم بأحكام نصارى بني إسرائيل، لموالاتهم إيّاهم ورضاهم بملّتهم ونصرتهم لهم عليها، وإن كانت أنسابهم لأنسابهم مخالفةً وأصل دينهم لأصل دينهم مفارقًا.
وفي ذلك الدّلالة الواضحة على صحّة ما نقول، من أنّ كلّ من كان يدين بدينٍ فله حكم أهل ذلك الدّين كانت دينونته به قبل مجيء الإسلام أو بعده، إلاّ أن يكون مسلمًا من أهل ديننا انتقل إلى ملّةٍ غيرها، فإنّه لا يقرّ على ما دان به فانتقل إليه، ولكن يقتل لردّته عن الإسلام ومفارقته دين الحقّ، إلاّ أن يرجع قبل القتل إلى الدّين الحقّ، وفساد ما خالفه من قول من زعم أنّه لا يحكم بحكم أهل الكتابين لمن دان بدينهم، إلاّ أن يكون إسرائيليًّا أو منتقلاً إلى دينهم من غيرهم قبل نزول الفرقان. فأمّا من دان بدينهم بعد نزول الفرقان ممّن لم يكن منهم ممّن خالف نسبه نسبهم وجنسه جنسهم، فإنّه حكمه لحكمهم مخالفٌ.
ذكر من قال بما قلنا من التّأويل:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن الرّواسيّ، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: سئل ابن عبّاسٍ عن ذبائح نصارى العرب، فقرأ: {ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، في هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم} أنّها في الذّبائح، من دخل في دين قومٍ فهو منهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عطاء بن السّائب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: كلوا من ذبائح بني تغلب، وتزوّجوا من نسائهم، فإنّ اللّه يقول في كتابه: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم} ولو لم يكونوا منهم إلاّ بالولاية لكانوا منهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حسين بن عليٍّ، عن زائدة، عن هشامٍ، قال: كان الحسن لا يرى بذبائح نصارى العرب ولا نكاح نسائهم بأسًا، وكان يتلو هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن هارون بن إبراهيم، قال: سئل ابن سيرين عن رجلٍ، يبيع داره من نصارى يتّخذونها بيعةً، قال: فتلا هذه الآية: {لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء}).
[جامع البيان: 8/508-510]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
يعني تعالى ذكره بذلك، أنّ اللّه لا يوفّق من وضع الولاية في غير موضعها فوالى اليهود والنّصارى مع عداوتهم اللّه ورسوله والمؤمنين على المؤمنين، وكان لهم ظهيرًا ونصيرًا، لأنّ من تولاّهم فهو للّه ولرسوله وللمؤمنين حربٌ.
وقد بيّنّا معنى الظّلم في غير هذا الموضع وأنّه وضع الشّيء في غير موضعه بما أغنى عن إعادته).
[جامع البيان: 8/510]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين (51)
قوله تعالى: لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الأصبغ الحرّانيّ ثنا محمّد بن سلمة عن محمّد بن إسحاق، حدّثني أبي إسحاق بن يسارٍ عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصّامت قال:
لما حاربت بنوا قينقاع تشبّث بأمرهم عبد اللّه بن أبيٍّ سلول وقام دونهم ومشى عبادة بن الصّامت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتبر إلى اللّه ورسوله من حلفهم، وكان أحد بني عوف بن الخزرج وله من حلفهم مثل الّذي لهم من عبد اللّه بن أبيٍّ فخلعهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وتبرّأ من حلف الكفّار وولايتهم. فقال أتولّى اللّه ورسوله والمؤمنين وأبرأ إلى اللّه من حلف هؤلاء الكفّار وولايتهم. قال: ففيه وفي عبد اللّه بن أبيٍّ نزلت القصّة في المائدة يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم قال: لمّا كانت وقعة أحدٍ اشتدّ على طائفة من الناس وتخوفوا أن يذال عليهم الكفّار فقال رجلٌ لصاحبه: أمّا أنا فألحق بذلك اليهوديّ فآخذ منه أمانًا وأتهّود معه فإنّي أخاف أن تدال علينا اليهود. وقال الآخر: أمّا أنا فألحق بفلانٍ النّصرانيّ ببعض أرض الشّام فآخذ منه أمانًا وأتنصّر معه.
فأنزل الله تعالى فيه ما ينهاهما فقال: يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ عن معاوية بن صالحٍ في غير كتابٍ أنّ عليّ بن أبي طلحة قال: هذه الآية يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ إنّها آيةٌ في الذّبائح من دخل في دين قومٍ فهو منهم.
قوله عزّ وجلّ ومن يتولّهم منكم فإنه منهم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عمر بن محمّدٍ الكوفيّ عن خصيفٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ أنّه سئل عن ذبائح نصارى بني تغلب فكرهه وقال: ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ عن سماك بن حربٍ عن عياضٍ أنّ عمر أمر أبا موسى الأشعريّ أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديمٍ واحدٍ وكان له كاتبٌ نصرانيٌّ فرفع إليه ذلك فعجب عمر وقال: إنّ هذا الحفيظٌ هل أنت قارئٌ لنا كتابًا في المسجد جاء الشّام فقال: إنّه لا يستطيع قال: عمر: أجنبٌ هو قال: لا، بل نصرانيٌّ قال: فانتهرني وضرب فخذي قال: أخرجوه، ثمّ قرأ يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا عثمان بن عمر ثنا ابن عونٍ عن محمّد بن سيرين قال: قال عبد اللّه بن عتبة: ليتّق أحدكم أن يكون يهوديًّا أو نصرانيًّا وهو لا يشعر قال: فظننّاه أنّه يريد هذه الآية يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن فضيلٍ عن عاصمٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ
أنّه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال: كل. قال اللّه: ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم وروي عن أبي الزّناد نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا موسى ابن إسماعيل، ثنا حمّادٌ عن عطاء بن السّائب عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: كلوا ذبائح نصارى بني تغلب. فإنّ اللّه يقول: ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم
قوله تعالى: إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: الظّالمين أي المنافقين الّذين يظهرون بألسنتهم الطّاعة وقلوبهم مصرّةٌ على المعصية.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية قوله: الظّالمين يعني: من أبا أن يقول لا إله إلا اللّه. وروي عن عكرمة وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك).
[تفسير القرآن العظيم: 4/1155-1157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن عبادة بن الوليد أن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن سلول وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله والى رسوله من حلفهم - وكان أحد بني عوف بن الخزرج - وله من حلفهم مثل الذي كان لهم من عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ إلى الله ورسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم وفيه وفي عبد الله بن أبي نزلت الآيات في المائدة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} إلى قوله: {فإن حزب الله هم الغالبون}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: إن عبد الله بن أبي بن سلول قال: أن بيني وبين قريظة والنضير حلف واني أخاف الدوائر فأرتد كافرا، وقال عبادة بن الصامت: أبرأ إلى الله من حلف قريظة والنضير وأتولى الله ورسوله والمؤمنين فانزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} إلى قوله {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم} يعني عبد الله بن أبي، وقوله {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}) (المائدة الآية 55) يعني عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون} المائدة الآية 81.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبادة بن الوليد عن أبيه عن جده عن عبادة بن الصامت قال: في نزلت هذه الآية حين أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأت إليه من حلف اليهود وظاهرت رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين عليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن عطية بن سعد قال جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أن لي موالي من يهود كثير عددهم واني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود وأتولى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي: اني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي: يا أبا حباب أرأيت الذي نفست به من ولاء يهود على عبادة، فهو لك دونه، قال: إذن أقبل فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} إلى أن بلغ إلى قوله {والله يعصمك من الناس}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: لما كانت وقعة أحد اشتد على طائفة من الناس وتخوفوا أن يدال عليهم الكفار فقال رجل لصاحبه: أما أنا فألحق بفلان اليهودي فآخذ منه أمانا وأتهود معه فاني أخاف أن يدال على اليهود، وقال الآخر: أما إنا فألحق بفلان النصراني ببعض أرض الشام فآخذ منه أمانا وأتنصر معه، فانزل الله تعالى فيهما ينهاهما {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عكرمة في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} في بني قريظة إذ غدروا ونقضوا العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه إلى أبي سفيان بن حرب يدعونه وقريشا ليدخلوهم حصونهم فبعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر إليهم أن يستنزلهم من حصونهم فلما أطاعوا له بالنزول وأشار إلى حلقه بالذبح وكان طلحة والزبير يكاتبان النصارى وأهل الشام وبلغني أن رجالا من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانوا
يخافون العوز والفاقة فيكاتبون اليهود من بني قريظة والنضير فيدسون إليهم الخبر من النّبيّ صلى الله عليه وسلم يلتمسون عندهم القرض والنفع فنهوا عن ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كلوا من ذبائح بني تغلب وتزوجوا من نسائهم فإن الله يقول {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم} فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} الآية، قال: إنها في الذبائح من دخل في دين قوم فهو منهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عياض، أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أزيم واحد وكان له كاتب نصراني فرفع إليه ذلك فعجب عمر وقال: أن هذا لحفيظ هل انت قارئ لنا كتابا في المسجد جاء من الشام فقال: إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد، قال عمر: أجنب هو قال: لا بل نصراني، فانتهرني وضرب فخذي ثم قال: أخرجوه ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن حذيفة قال: ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر وتلا {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}).
[الدر المنثور: 5/345-350]
تفسير قوله تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرٍو، سمع ابن الزّبير يقرأ: {فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبح الفسّاق على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين}، قال عمرٌو: فلا أدري كانت قراءةً، أم فسّر؟). [سنن سعيد بن منصور: 4/1499]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): ({دائرةٌ} [المائدة: 52]: «دولةٌ»). [صحيح البخاري: 6/50] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (دائرةٌ دولةٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} (المائدة: 52) ثمّ فسرها بقوله: دولة، وهكذا فسره السّديّ: رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن أحمد بن مفضل حدثنا أسباط عن السّديّ به). [عمدة القاري: 18/198]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({دائرة}) يريد قوله تعالى: {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} [المائدة: 52] أي: (دولة) كذا فسره السدي). [إرشاد الساري: 7/100]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين}
اختلف أهل التّأويل فيمن عني بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي، عن عطيّة بن سعدٍ: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ} عبد اللّه بن أبيٍّ {يسارعون فيهم} في ولايتهم {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ} إلى آخر الآية {فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين}.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا ابن إسحاق، قال: حدّثني والدي إسحاق بن يسارٍ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ} يعني: عبد اللّه بن أبيٍّ {يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ} لقوله: إنّي أخشى دائرةً تصيبني.
وقال آخرون: بل عني بذلك قومٌ من المنافقين كانوا يناصحون اليهود ويغشّون المؤمنين ويقولون: نخشى أن تكون الدائرةٌ لليهود على المؤمنين.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى ذكره: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم} قال: المنافقون في مصانعة يهود ومناجاتهم، واسترضاعهم أولادهم إيّاهم. وقول اللّه تعالى ذكره: {نخشى أن تصيبنا دائرةٌ} قال: يقول: نخشى أن تكون الدّائرة لليهود.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ} إلى قوله: {نادمين} أناسٌ من المنافقين كانوا يودّون اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ} قال: شكٌّ {يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ} والدّائرة: ظهور المشركين عليهم.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنّ ذلك من اللّه خبرٌ عن ناسٍ من المنافقين كانوا يوالون اليهود والنّصارى، ويغشّون المؤمنين، ويقولون: نخشى أن تدور دوائرٌ، إمّا لليهود والنّصارى، وإمّا لأهل الشّرك من عبدة الأوثان أو غيرهم على أهل الإسلام، أو تنزل بهؤلاء المنافقين نازلةٌ، فيكون بنا إليهم حاجةٌ. وقد يجوز أن يكون ذلك كان من قول عبد اللّه بن أبيٍّ، ويجوز أن يكون كان من قول غيره، غير أنّه لا شكّ أنّه من قول المنافقين.
فتأويل الكلام إذن: فترى يا محمّد الّذين في قلوبهم مرضٌ وشكّ إيمانٍ بنبوّتك، وتصديق ما جئتهم به من عند ربّك {يسارعون فيهم} يعني في اليهود والنّصارى. ويعني بمسارعتهم فيهم: مسارعتهم في موالاتهم ومصانعتهم {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ} يقول هؤلاء المنافقون: إنّما نسارع في موالاة هؤلاء اليهود والنّصارى خوفًا من دائرةٍ تدور علينا من عدوّنا. ويعني بالدّائرة: الدّولة، كما قال الرّاجز:.
تردّ عنك القدر المقدورا = ودائرات الدّهر أن تدورا
يعني: أن تدول للدّهر دولةٌ فنحتاج إلى نصرتهم إيّانا، فنحن نواليهم لذلك. فقال اللّه تعالى ذكره لهم: {فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين}). [جامع البيان: 8/510-513]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين}
يعني تعالى ذكره بقوله: {فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده} فلعلّ اللّه أن يأتي بالفتح.
ثمّ اختلفوا في تأويل الفتح في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى به ههنا القضاء.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فعسى اللّه أن يأتي، بالفتح} قال: بالقضاء.
وقال آخرون: عني به فتح مكّة.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فعسى اللّه أن يأتي، بالفتح} قال: فتح مكّة.
والفتح في كلام العرب: هو القضاء كما قال قتادة، ومنه قول اللّه تعالى: {ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ} وقد يجوز أن يكون ذلك القضاء الّذي وعد اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله: {فعسى اللّه أن يأتي بالفتح} فتح مكّة، لأنّ ذلك كان من عظيم قضاء اللّه وفصل حكمه بين أهل الإيمان والكفر، ويقرّر عند أهل الكفر والنّفاق أنّ اللّه معلي كلّمته وموهن كيد الكافرين.
وأمّا قوله: {أو أمرٍ من عنده} فإنّ السّدّيّ كان يقول في ذلك ما:.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أو أمرٍ من عنده} قال: الأمر: الجزية.
وقد يحتمل أن يكون الأمر الّذي وعد اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يأتي به، هو الجزية، ويحتمل أن يكون غيرها. غير أنّه أيّ ذلك كان فهو ممّا فيه إدالة المؤمنين على أهل الكفر باللّه وبرسوله، وممّا يسوء المنافقين ولا يسرّهم؛ وذلك أنّ اللّه تعالى قد أخبر عنهم أنّ ذلك الأمر إذا جاء أصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين.
وأمّا قوله: {فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين} فإنّه يعني: هؤلاء المنافقين الّذين كانوا يوالون اليهود والنّصارى، يقول تعالى ذكره: لعلّ اللّه أن يأتي بأمرٍ من عنده يديل به المؤمنين على الكافرين اليهود والنّصارى وغيرهم من أهل الكفر، فيصبح هؤلاء المنافقون على ما أسرّوا في أنفسهم من مخالّة اليهود والنّصارى ومودّتهم وبغضة المؤمنين ومحادّتهم نادمين.
كما:.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين} من موادّتهم اليهود، ومن غشّهم للإسلام وأهله). [جامع البيان: 8/513-515]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين (52)
قوله تعالى: فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الأصبغ الحرّانيّ، ثنا محمّد بن سلمة عن محمّد بن إسحاق، حدّثني أبي إسحاق بن يسارٍ عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصّامت قال:
فأنزل اللّه فيهم الّذين في قلوبهم مرضٌ يعني: عبد اللّه بن أبيٍّ.
قوله تعالى: مرضٌ
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ قال: الشّكّ
قوله تعالى: يسارعون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهدٍ قوله: يسارعون فيهم قال: المنافقون.
قوله تعالى: فيهم
- وبه عن مجاهدٍ قوله: يسارعون فيهم قال: المنافقون يسارعون في المعصية وملاحاتهم، أو قال مناجاتهم واسترضاعهم أولادهم إيّاهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن إدريس قال: سمعت أبي يذكر عن عطيّة قوله: فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم قال: في ولايتهم يعني: عبد اللّه بن أبيٍّ في ولاية اليهود.
- حدّثنا أبي ثنا أبو الأصبغ الحرّانيّ، ثنا محمّد بن سلمة عن محمّد بن إسحاق حدّثني أبي إسحاق بن يسارٍ عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصّامت قال:
فأنزل اللّه يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ يعني: عبد اللّه بن أبيٍّ لقوله إنّي أخشى الدّوائر.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ يقول: نخشى أن تكون الدّائرة لليهود بالفتح حينئذٍ.
قوله تعالى: دائرةٌ
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ ظهور المشركين عليهم
قوله تعالى: فعسى اللّه أن يأتي بالفتح
- وبه عن السّدّيّ في قوله: فعسى اللّه أن يأتي بالفتح فتح مكّة.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: فعسى اللّه أن يأتي بالفتح قال: القضاء.
قوله تعالى: أو أمرٍ من عنده
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: أو أمرٍ من عنده قال: والأمر هو الجزية.
قوله تعالى: فيصبحوا
- ذكر عن سفيان بن عيينة عن عمرٍو سمع ابن الزّبير يقول: فيصبح الفسّاق على ما أسرّوا به أنفسهم نادمين.
قوله تعالى: على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة قوله: فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين يقول: من موادّتهم اليهود وغشّهم الإسلام وأهله). [تفسير القرآن العظيم: 4/1157-1159]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فترى الذين في قلوبهم مرض قال هم المنافقون يسارعون فيهم يقول يسارعون في مصانعة اليهود وملاحاتهم واسترضاعهم أولادهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة أن تكون الدائرة لليهود فعسى الله أن يأتي بالفتح يعني حينئذ
). [تفسير مجاهد: 198-199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين}.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطية {فترى الذين في قلوبهم مرض} كعبد الله بن أبي {يسارعون فيهم} في ولايتهم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم} قال: هم المنافقون في مصانعة اليهود وملاحاتهم واسترضاعهم أولادهم إياهم {يقولون نخشى} أن تكون الدائرة لليهود بالفتح حينئذ {فعسى الله أن يأتي بالفتح} على الناس عامة {أو أمر من عنده} خاصة للمنافقين {فيصبحوا} المنافقون {على ما أسروا في أنفسهم} من شأن يهود {نادمين}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {فترى الذين في قلوبهم مرض} قال: شك {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} والدائرة ظهور المشركين عليهم {فعسى الله أن يأتي بالفتح} فتح مكة {أو أمر من عنده} قال: والأمر هو الجزية.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {فترى الذين في قلوبهم مرض} قال: أناس من المنافقين كانوا يوادون اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين، قال الله تعالى {فعسى الله أن يأتي بالفتح} أي بالقضاء {أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}.
وأخرج ابن سعد وسعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن عمرو، انه سمع ابن الزبير يقرأ فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم من موادتهم اليهود ومن غمهم الإسلام وأهله نادمين.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن عمرو، انه سمع ابن الزبير يقرأ فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبح الفساق على ما أسروا في أنفسهم نادمين قال عمر: ولا أدري كانت قراءته أم فسر).
[الدر المنثور: 5/350-352]
تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقول الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه جهد أيمانهم إنّهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين}
اختلف القرّاء في قراءة قوله: {ويقول الّذين آمنوا} فقرأتها قرّاء أهل المدينة: فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين يقول الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه بغير واو.
وتأويل الكلام على هذه القراءة: فيصبح المنافقون إذا أتى اللّه بالفتح أو أمرٍ من عنده، على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين، يقول المؤمنين تعجّبًا منهم ومن نفاقهم وكذبهم واجترائهم على اللّه في أيمانهم الكاذبة باللّه: أهؤلاء الّذين أقسموا لنا باللّه إنّهم لمعنا وهم كاذبون في أيمانهم لنا.
وهذا المعنى قصد مجاهدٌ في تأويله ذلك الّذي:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده} حينئذٍ، يقول الّذين آمنوا: أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه جهد إيمانهم، إنّهم لمعكم، حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.
كذلك ذلك في مصاحف أهل المدينة بغير واو.
وقرأ ذلك بعض البصريّين: {ويقول الّذين آمنوا} بالواو، ونصب يقول عطفًا به على: فعسى اللّه أن يأتي بالفتح، وذكر قارئ ذلك أنّه كان يقول: إنّما يريد بذلك: فعسى اللّه أن يأتي بالفتح، وعسى أن يقول الّذين آمنوا. ومحالٌ غير ذلك، لأنّه لا يجوز أن يقال: وعسى اللّه أن يقول الّذين آمنوا، وكان يقول: ذلك نحو قولهم: أكلت خبزًا ولبنًا، وكقول الشّاعر:.
ورأيت زوجك في الوغى = متقلّدًا سيفًا ورمحا
فتأويل الكلام على هذه القراءة: فعسى اللّه أن يأتي بالفتح المؤمنين، أو أمرٍ من عنده يديلهم به على أهل الكفر من أعدائهم، فيصبح المنافقون على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين، وعسى أن يقول الّذين آمنوا حينئذٍ: هؤلاء الّذين أقسموا باللّه كذبًا جهد أيمانهم إنّهم لمعكم.
وهي في مصاحف أهل العراق بالواو: {ويقول الّذين آمنوا}
وقرأ ذلك قرّاء الكوفيّين: {ويقول الّذين آمنوا} بالواو ورفع يقول بالاستقبال والسّلامة من الجوازم والنّواصب.
وتأويل من قرأ ذلك كذلك: فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم يندمون، ويقول الّذين آمنوا؛ فيبتدئ يقول فيرفعها.
وقراءتنا الّتي نحن عليها: {ويقول} بإثبات الواو في: ويقول، لأنّها كذلك هي في مصاحفنا مصاحف أهل الشّرق بالواو، وبرفع يقول على الابتداء.
فتأويل الكلام إذ كان القراءة عندنا على ما وصفنا: فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين، ويقول المؤمنون: أهؤلاء الّذين حلفوا لنا باللّه جهد أيمانهم كذبًا إنّهم لمعنا.
يقول اللّه تعالى ذكره مخبرًا عن حالهم عنده بنفاقهم وخبث أعمالهم: {حبطت أعمالهم} يقول: ذهبت أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا باطلاً لا ثواب لها ولا أجر، لأنّهم عملوها على غير يقينٍ منهم بأنّها عليهم للّه فرضٌ واجبٌ ولا على صحّة إيمانٍ باللّه ورسوله، وإنّما كانوا يعملونها ليدفعوا المؤمنين بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، فأحبط اللّه أجرها إذ لم تكن له {فأصبحوا خاسرين} يقول: فأصبح هؤلاء المنافقون عند مجيء أمر اللّه بإدالة المؤمنين على أهل الكفر قد وكسوا في شرائهم الدّنيا بالآخرة، وخابت صفقتهم وهلكوا).
[جامع البيان: 8/515-517]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويقول الّذين آمنوا أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه جهد أيمانهم إنّهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين (53)
قوله تعالى: ويقول الّذين آمنوا
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ ثنا حجّاج بن محمّدٍ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ قوله: أهؤلاء الّذين أقسموا باللّه جهد أيمانهم إنّهم لمعكم مع المؤمنين.
قوله تعالى: حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الخطميّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: حبطت أعمالهم يعني: بطلت أعمالهم).
[تفسير القرآن العظيم: 4/1159]