تفسير قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يحيى بن أزهر، عن عاصم بن عمر، عن محمّد بن طلحة، عن رجلٍ من بني تميمٍ قال: سألت ابن عبّاسٍ عن: {ومهيمناً عليه}، قال: مؤتمناً عليه؛ قال وسألته عن: {شرعةً ومنهاجاً}، قال: سبيلا وسنّةً).
[الجامع في علوم القرآن: 1/121]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أنزلت في ضبيعة بين شرحبيل، فنسختها: {واقتلوهم حيث وجدتموهم}، {فاعف عنهم واصفح}؛
فنسختها: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}، {أو أعرض عنهم}؛ نسختها: {فاحكم بينهم بما أنزل الله}).
[الجامع في علوم القرآن: 3/85-86] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله ومهيمنا عليه قال شهيدا عليه).
[تفسير عبد الرزاق: 1/190]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن السدي عن عكرمة قال نسخت هذه الآية فاحكم بينهم أو أعرض عنهم بقوله فاحكم بينهم بما أنزل الله).
[تفسير عبد الرزاق: 1/190] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا قال الدين واحد والشريعة مختلفة).
[تفسير عبد الرزاق: 1/192]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا الثوري عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس في قوله شرعة ومنهاجا قال سبيل وسنة).
[تفسير عبد الرزاق: 1/192]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق السبيعي عن التميمي عن ابن عبّاسٍ {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا} قال: سبيلا وسنة [الآية: 48]).
[تفسير الثوري: 103]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن رجلٍ من بني تميمٍ، عن ابن عبّاسٍ - في قوله: {ومهيمنًا عليه} - قال: مؤتمنًا عليه).
[سنن سعيد بن منصور: 4/1498]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا زيد بن الحباب، قال: حدّثنا أبو سنانٍ، قال: سمعت الضّحّاك بن مزاحمٍ يقول في قوله: {فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا} قال: أمّة محمّدٍ: البرّ والفاجر). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 445]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (المهيمن: «الأمين، القرآن أمينٌ على كلّ كتابٍ قبله»).
[صحيح البخاري: 6/50] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله المهيمن القرآن أمينٌ على كل كتاب قبله أورد بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى ومهيمنا عليه قال القرآن أمينٌ على كلّ كتابٍ كان قبله وروى عبد بن حميدٍ من طريق أربدة التّميمي عن بن عبّاس في قوله تعالى ومهيمنا عليه قال مؤتمنا عليه وقال بن قتيبة وتبعه جماعةٌ مهيمنًا مفيعلٌ من أيمن قلبت همزته هاءً وقد أنكر ذلك ثعلبٌ فبالغ حتّى نسب قائله إلى الكفر لأنّ المهيمن من الأسماء الحسنى وأسماء اللّه تعالى لا تصغّر والحقّ أنّه أصلٌ بنفسه ليس مبدلًا من شيءٍ وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب تقول هيمن فلانٌ على فلانٍ إذا صار رقيبًا عليه فهو مهيمنٌ قال أبو عبيدة لم يجئ في كلام العرب على هذا البناء إلّا أربعة ألفاظٍ مبيطرٌ ومسيطرٌ ومهيمنٌ ومبيقرٌ).
[فتح الباري: 8/269]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير حدثني موسى بن هارون ثنا عمرو بن حمّاد ثنا أسباط عن السّديّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله 29 المائدة {إنّي أريد أن تبوء بإثمي وإثمك} قال يكون إثمي وإثمك في عنقك
وأخبرنا عبد القادر بن محمّد الفراء أنا أحمد بن علّي العابد أنا محمّد بن إسماعيل أنا علّي بن حمزة أنا هبة الله بن محمّد الشّيرازيّ أنا أبو طالب بن غيلان أنا أبو بكر الشّافعي ثنا إسحاق بن الحسن ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن التّميمي عن ابن عبّاس {ومهيمنا عليه} 48 المائدة قال مؤتمنا عليه
رواه عبد من حديث سفيان وشعبة كليهما عن أبي إسحاق كذلك
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي عن ابن عبّاس قوله ومهيمنا عليه قال القرآن الأمين على كل كتاب قبله).
[تغليق التعليق: 4/201-202]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (المهيمن الأمين القرآن أمينٌ على كلّ كتابٍ قبله
أشار به إلى قوله تعالى: {ومهيمنا عليه} (المائدة: 484) وفسره بقوله الأمين. وقال في (فضائل القرآن) قال: قال ابن عبّاس المهيمن الأمين. وقال عبد بن حميد حدثنا سليمان بن داود عن شعبة عن أبي إسحاق سمعت التّيميّ سمعت ابن عبّاس، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو صالح حدثنا معاوية عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله عز وجل: {ومهيمنا عليه} قال المهيمن الأمين، القرآن أمين على كل كتاب قبله، وقال الخطابيّ: أصله مؤيمن، فقلبت الهمزة هاء لأن الهاء أخف من الهمزة وهو على وزن مسيطر ومبيطر، قال ابن قتيبة وآخرون، مهيمن مفيعل يعني بالتّصغير من أمين، قلبت همزته هاء وقد أنكر ذلك ثعلب فبالغ حتّى نسب قائله إلى الكفر لأن المهيمن من الأسماء الحسنى وأسماء الله تعالى لا تصغر، والحق أنه أصل بنفسه ليس مبدلاً من شيء وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب، يقال: هيمن فلان على فلان إذا صار رقيبا عليه فهو مهيمن، وقال أبو عبيدة لم يجيء في كلام العرب على هذا البناء إلاّ أربعة ألفاظ: مبيطر ومسيطر ومهيمن ومبيقر، وقال الأزهري: المهيمن من صفات الله تعالى، وقال بعض المفسّرين: المهيمن الشّهيد والشّاهد، وقيل: الرّقيب، وقيل: الحفيظ).
[عمدة القاري: 18/198]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (المهيمن) يريد قوله تعالى: {ومهيمنًا عليه} [المائدة: 48] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة عنه ومهيمنًا عليه قال المهيمن (الأمين القرآن أمين على كل كتاب قبله) وقال ابن جريج: القرآن أمين على الكتب المتقدمة فما وافقه منها فحق وما خالفه منها فهو باطل وقال العوفي عن ابن عباس ومهيمنًا أي حاكمًا على ما قبله من الكتب).
[إرشاد الساري: 7/100]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): ({شرعةً ومنهاجًا} [المائدة: 48]: «سبيلًا وسنّةً»).
[صحيح البخاري: 6/50] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله شرعةً ومنهاجًا سبيلًا وسنّةً وقد تقدّم في الإيمان وقال أبو عبيدة لكلٍّ جعلنا منكم شرعة أي سنّةً ومنهاجًا أي سبيلًا بيّنًا واضحًا).
[فتح الباري: 8/270]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
قال سفيان ما في القرآن آية أشد علّي من {لستم على شيء حتّى تقيموا التّوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم} 68 المائدة
وقال ابن عبّاس مخمصة مجاعة من أحياها يعني من حرم قتلها إلّا بحق حييّ النّاس منه جميعًا شرعة ومنهاجا سنة وسبيلا فبما نقضهم بنقضهم الّتي كتب الله حرم واحدها حرام تبوء تحمل دائرة دولة المهيمن الأمين القرآن أمين على كل كتاب قبله
قلت وأكثر هذه التفاسير وقع غير منسوب لأحد عند الأكثر
أما قول سفيان
وأما تفاسير ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية
[تغليق التعليق: 4/200]
عن علّي عن ابن عبّاس في قوله 3 المائدة {مخمصة} يعني مجاعة وبه {ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعًا} 22 المائدة وأحياها لا يقتل نفسا حرمها الله فذاك الّذي أحيى النّاس جميعًا يعني أنه من حرم قتلها إلّا بحق يحي النّاس منه جميعًا
وتفسيره {شرعة ومنهاجا} 48 المائدة تقدم في أول الكتاب).
[تغليق التعليق: 4/201] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (شرعةً ومنهاجا سبيلاً وسنّةً
أشار به إلى قوله تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} (المائدة: 48) وفسّر شرعة. بقوله: سبيلا ومنهاجا. بقوله: سنة قال الكرماني: ما يفهم منه أن قوله: سبيلا تفسير قوله: منهاجا. وقوله: وسنة تفسير قوله: شرعة، حيث قال: وفيه لف ونشر غير مرتّب. قلت: روى ابن أبي حاتم بما فيه لف ونشر مرتّب مثل ظاهر تفسير البخاريّ حيث قال: سبيلا وسنة فقوله سبيلا تفسير شرعة. وقوله: منهاجا تفسير قوله: وسنة، وذلك حيث قال ابن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن يوسف بن أبي إسحاق عن التّيميّ عن ابن عبّاس، الكل جعلنا منكم شرعة قال سبيلا وحدثنا أبو سعيد حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن التّيميّ عن ابن عبّاس ومنهاجا سنة وكذا روي عن مجاهد وعكرمة والحسن البصريّ وقتادة والضّحّاك والسّديّ وأبي إسحاق السبيعي أنهم قالوا في قوله شرعة ومنهاجا أي: سبيلا وسنة، وهذا كما هو لفظ البخاريّ، وفيه لف ونشر مرتّب، وقال ابن كثير: وعن ابن عبّاس أيضا وعطاء الخراساني، شرعة ومنهاجا أي: سنة وسبيلاً، ثمّ قال: والأول أنسب، فإن الشرعة وهي الشّريعة أيضا هي ممّا يبدأ فيه إلى الشّيء، ومنه يقال: شرع في كذا أي: ابتدأ وكذا الشّريعة وهي ما يشرع منها إلى الماء، وأما المنهاج فهو الطّريق الواضح السهل، وتفسير قوله: شرعة ومنهاجا بالسبيل والسّنة أظهر في المناسبة من العكس).
[عمدة القاري: 18/198]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مخمصة}) قال ابن عباس (مجاعة). وقال أيضًا فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ({من أحياها} يعني من حرّم قتلها إلا بحق حيي الناس منه جميعًا). وقال أيضًا في قوله تعالى: {لكل جعلنا منكم} ({شرعة ومنهاجًا}) [المائدة: 48] يعني (سبيلًا وسنة) وسقط قوله قال سفيان إلى هنا لغير أبوي ذر والوقت).
[إرشاد الساري: 7/100] (م)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {شرعةً ومنهاجًا} قال: سبيلٌ وسنّةٌ). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 121]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه فاحكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعًا فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون}
وهذا خطابٌ من اللّه تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول تعالى ذكره: {وأنزلنا إليك} يا محمّد {الكتاب} وهو القرآن الّذي أنزله عليه. ويعني بقوله: {بالحقّ} بالصّدق، ولا كذب فيه، ولا شكّ أنّه من عند اللّه {مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب} يقول: أنزلناه بتصديق ما قبله من كتب اللّه الّتي أنزلها إلى أنبيائه {ومهيمنًا عليه} يقول: أنزلنا الكتاب الّذي أنزلناه إليك يا محمّد مصدّقًا للكتب قبله، وشهيدًا عليها أنّها حقٌّ من عند اللّه، أمينًا عليها، حافظًا لها.
وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرّجل الشّيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلانٌ عليه، فهو يهيمن هيمنةً، وهو عليه مهيمنٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. إلاّ أنّهم اختلفت عباراتهم عنه، فقال بعضهم: معناه: شهيدًا.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومهيمنًا عليه} يقول: شهيدًا.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ومهيمنًا عليه} قال: شهيدًا عليه.
- حدّثني بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب} يقول: الكتب الّتي خلت قبله {ومهيمنًا عليه} أمينًا وشاهدًا على الكتب الّتي خلت قبله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ومهيمنًا عليه} مؤتمنًا على القرآن وشاهدًا ومصدّقًا وقال ابن جريجٍ وقال آخرون: القرآن أمينٌ على الكتب فيما إذ أخبرنا أهل الكتاب في كتابهم بأمرٍ إن كان في القرآن فصدّقوا، وإلاّ فكذّبوا
وقال بعضهم: معناه: أمينٌ عليه.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وحدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا وكيعٌ، جميعًا، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: {ومهيمنًا عليه} قال: مؤتمنًا عليه.
- حدّثنا محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ومهيمنًا عليه} قال: مؤتمنًا عليه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق بإسناده، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن مطرّفٍ، عن أبي إسحاق، عن رجلٍ من تميمٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومهيمنًا عليه} قال: والمهيمن: الأمين، قال: القرآن أمينٌ على كلّ كتابٍ قبله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب} وهو القرآن، شاهدٌ على التّوراة والإنجيل، مصدّقًا لهما {مهيمنًا عليه} يعني: أمينًا عليه، يحكم على ما كان قبله من الكتب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن، عن قيسٍ، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: {ومهيمنًا عليه} قال: مؤتمنًا عليه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال حدّثنا يحيى بن ادم عن زهير عن أبى إسحاق عن رجل من بنى تميم عن ابن عباس {ومهيمنًا عليه} قال موتمنا عليه.
- حدثني المثنى قال حدّثنا يحى الحمانى قال حدّثنا شريك عن أبى إسحاق عن التميمى عن ابن عباس مثله.
بعده زباد
حدّثنا معاذ بن المثنّى، حدّثنا محمّد بن المنهال، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن روح بن القاسم، عن عمرو بن دينارٍ، عن طاووسٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الأرض قال: تمنحها أخاك، خيرٌ من أن تأخذ عليها خراجًا.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، وإسرائيل، عن عليّ بن بذيمة، عن سعيد بن جبيرٍ: {ومهيمنًا عليه} قال: مؤتمنًا على ما قبله من الكتب.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سألت الحسن، عن قوله: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه} قال: مصدّقًا لهذه الكتب وأمينًا عليها. وسئل عنها عكرمة وأنا أسمع، فقال: مؤتمنًا عليه.
وقال آخرون: معنى المهيمن المصدّق.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ومهيمنًا عليه} قال: مصدّقًا عليه. كلّ شيءٍ أنزله اللّه من توراةٍ أو إنجيلٍ أو زبورٍ فالقرآن مصدّقٌ على ذلك، وكلّ شيءٍ ذكر اللّه في القرآن فهو مصدّقٌ عليها وعلى ما حدّث عنها أنّه حقٌّ.
وقال آخرون: عنى بقوله: {مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه} نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ومهيمنًا عليه} محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، مؤتمنٌ على القرآن.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ومهيمنًا عليه} قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، مؤتمنٌ على القرآن.
فتأويل الكلام على ما تأوّله مجاهدٌ: وأنزلنا الكتاب مصدّقًا الكتب قبله إليك، مهيمنًا عليه. فيكون قوله مصدّقًا حالاً من الكتاب وبعضًا منه، ويكون التّصديق من صفة الكتاب، والمهيمن حالاً من الكاف الّتي في إليك، وهي كنايةٌ عن ذكر اسم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والهاء في قوله: {عليه} عائدةٌ على الكتاب.
وهذا التّأويل بعيدٌ من المفهوم في كلام العرب، بل هو خطأٌ، وذلك أنّ المهيمن عطفٌ على المصدّق، فلا يكون إلاّ من صفة ما كان المصدّق صفةً له، ولو كان معنى الكلام ما روي عن مجاهدٍ لقيل: وأنزلنا إليك الكتاب مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه؛ لأنّه لم تقدّمٌ من صفة الكاف الّتي في {إليك}، وليس بعدها شيءٌ يكون مهيمنًا عليه عطفًا عليه، وإنّما عطف به على المصدّق، لأنّه من صفة الكتاب الّذي من صفته المصدّق.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ المصدّق على قول مجاهدٍ وتأويله هذا من صفة الكاف الّتي في إليك، فإنّ قوله: {لما بين يديه من الكتاب} يبطل أن يكون تأويل ذلك كذلك، وأن يكون المصدّق من صفة الكاف الّتي في إليك، لأنّ الهاء في قوله: {بين يديه} كناية اسمٍ غير المخاطب، وهو النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله إليك، ولو كان المصدّق من صفة الكاف لكان الكلام: وأنزلنا إليك الكتاب مصدّقًا لما بين يديك من الكتاب ومهيمنًا عليه، فيكون معنى الكلام حينئذٍ كذلك). [جامع البيان: 8/485-491]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاحكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ}
وهذا أمرٌ من اللّه تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهل الملل، بكتابه الّذي أنزله إليه، وهو القرآن الّذي خصّه بشريعته يقول تعالى ذكره: احكم يا محمّد بين أهل الكتاب والمشركين بما أنزل إليك من كتابي وأحكامي، في كلّ ما احتكموا فيه إليك من الحدود والجروح والقود والنّفوس، فارجم الزّاني المحصن، واقتل النّفس القاتلة بالنّفس المقتولة ظلمًا، وافقأ العين بالعين، واجدع الأنف بالأنف، فإنّي أنزلت إليك القرآن مصدّقًا في ذلك ما بين يديه من الكتب، ومهيمنًا عليه، رقيبًا يقضي على ما قبله من سائر الكتب قبله. ولا تتّبع أهواء هؤلاء اليهود، الّذين يقولون: إن أوتيتم الجلد في الزّاني المحصن دون الرّجم، وقتل الوضيع بالشّريف إذا قتله، وترك قتل الشّريف بالوضيع إذا قتله، فخذوه، وإن لم تؤتوه فاحذروا، عن الّذي جاءك من عند اللّه من الحقّ، وهو كتاب اللّه الّذي أنزله إليك. يقول له: اعمل بكتابي الّذي أنزلته إليك إذا احتكموا إليك، فاختر الحكم عليهم، ولا تتركنّ العمل بذلك اتّباعًا منك أهواءهم وإيثارًا لها على الحقّ الّذي أنزلته إليك في كتابي. كما:.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فاحكم بينهم بما أنزل اللّه} يقول: بحدود اللّه {ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عنبسة، عن جابرٍ، عن عامرٍ، عن مسروقٍ: أنّه كان يحلّف اليهوديّ والنّصرانيّ باللّه؛ ثمّ قرأ: {وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه} وأنزل اللّه: {ألاّ تشركوا به شيئًا}). [جامع البيان: 8/491-492]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا}
يقول تعالى ذكره: لكلّ قومٍ منكم جعلنا شرعةً. والشّرعة: هي الشّريعة بعينها، تجمع الشّرعة شراعًا، والشّريعة شرائع، ولو جمعت الشّرعة شرائع كان صوابًا، لأنّ معناها ومعنى الشّريعة واحدٌ، فيردّها عند الجمع إلى لفظ نظيرها. وكلّ ما شرعت فيه من شيءٍ فهو شريعةٌ، ومن ذلك قيل لشريعة الماء: شريعةٌ، لأنّه يشرع منها إلى الماء، ومنه سمّيت شرائع الإسلام شرائع، لشروع أهله فيه، ومنه قيل للقوم إذا تساووا في الشّيء: هم شرعٌ سواءٌ.
وأمّا المنهاج، فإنّ أصله: الطّريق البيّن الواضح، يقال منه: هو طريقٌ نهجٌ ومنهجٌ بيّنٌ، كما قال الرّاجز:.
من يك في شكٍّ فهذا فلج = ماءٌ رواءٌ وطريقٌ نهج
ثمّ يستعمل في كلّ شيءٍ كان بيّنًا واضحًا يعمل به.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {لكلٍّ جعلنا منكم} فقال بعضهم: عنى بذلك أهل الملل المختلفة، أي أنّ اللّه جعل لكلّ ملّةٍ شريعةً ومنهاجًا.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} يقول سبيلاً وسنّةً. والسّنن مختلفةٌ: للتّوراة شريعةٌ، وللإنجيل شريعةٌ، وللقرآن شريعةٌ، يحلّ اللّه فيها ما يشاء ويحرّم ما يشاء بلاءً، ليعلم من يطيعه ممّن يعصيه، ولكنّ الدّين الواحد الّذي لا يقبل غيره التّوحيد والإخلاص للّه الّذي جاءت به الرّسل.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} قال: الدّين واحدٌ، والشّريعة مختلفةٌ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن هاشمٍ، قال: أخبرنا سيف بن عمر، عن أبي روقٍ، عن أبي أيّوب، عن عليٍّ، قال: الإيمان منذ بعث اللّه تعالى ذكره آدم صلّى اللّه عليه وسلّم شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، والإقرار بما جاء من عند اللّه، لكلّ قومٍ ما جاءهم من شرعةٍ أو منهاجٍ، فلا يكون المقرّ تاركًا ولكنّه مطيعٌ.
وقال آخرون: بل عنى بذلك أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم. وقالوا: إنّما معنى الكلام: قد جعلنا الكتاب الّذي أنزلناه إلى نبيّنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أيّها النّاس لكلّكم: أي لكلّ من دخل في الإسلام وأقرّ بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه لي نبيّ، شرعةً ومنهاجًا.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} قال: سنّةً {ومنهاجًا} السّبيل لكلّكم، من دخل في دين محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقد جعل اللّه له شرعةً ومنهاجًا، يقول: القرآن هو له شرعةٌ ومنهاجٌ.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: معناه: لكلّ أهل ملّةٍ منكم أيّها الأمم جعلنا شرعةً ومنهاجًا.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب لقوله: {ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً} ولو كان عنى بقوله: {لكلٍّ جعلنا منكم} أمّة محمّدٍ وهم أمّةٌ واحدةٌ، لم يكن لقوله: {ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً} وقد فعل ذلك فجعلهم أمّةً واحدةً معنًى مفهومٌ، ولكن معنى ذلك على ما جرى به الخطاب من اللّه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه ذكر ما كتب على بني إسرائيل في التّوراة، وتقدّم إليهم فيها بالعمل بما فيها. ثمّ ذكر أنّه قفّى بعيسى ابن مريم على آثار الأنبياء قبله، وأنزل عليه الإنجيل، وأمر من بعثه إليه بالعمل بما فيه. ثمّ ذكر نبيّنا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وأخبره أنّه أنزل إليه الكتاب مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب، وأمره بالعمل بما فيه والحكم بما أنزل إليه فيه دون ما في سائر الكتب غيره وأعلمه أنّه قد جعل له ولأمّته شريعةً غير شرائع الأنبياء والأمم قبله الّذين قصّ عليه قصصهم، وإن كان دينه ودينهم في توحيد اللّه والإقرار بما جاءهم به من عنده والانتهاء إلى أمره ونهيه واحدًا، فهم مختلفو الأحوال فيما شرع لكلّ واحدٍ منهم، ولأمّته فيما أحلّ لهم وحرّم عليهم.
وبنحو الّذي قلنا في الشّرعة والمنهاج من التّأويل قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا مسعرٌ، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} قال: سنّةً وسبيلاً.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} قال: سنّةً وسبيلاً.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان وإسرائيل وأبيه، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن أبي شيبان، عن أبي إسحاق، عن يحيى بن وثّابٍ، قال: سألت ابن عبّاسٍ عن قوله: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} قال: سنّةً وسبيلاً.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: {شرعةً ومنهاجًا} قال: سنّةً وسبيلاً.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن مطرّفٍ، عن أبي إسحاق، عن رجلٍ من بني تميمٍ، عن ابن عبّاسٍ، بمثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} يعني: سبيلاً وسنّةً.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسينٍ، قال: سمعت الحسن، يقول: الشّرعة: السّنّة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهدٍ، قال: سنّةً وسبيلاً.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى ذكره: {شرعةً ومنهاجًا} قال: الشّرعة: السّنّة، ومنهاجًا، قال: السّبيل.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بنحوه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} يقول: سبيلاً وسنّةً.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحوضيّ، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا أبو إسحاق، قال: سمعت رجلاً من بني تميمٍ، عن ابن عبّاسٍ بنحوه.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {شرعةً ومنهاجًا} يقول: سبيلاً وسنّةً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: السّنّة والسّبيل.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: قوله: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} يقول: سبيلاً وسنّةً.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: أخبرني عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {شرعةً ومنهاجًا} قال: سبيلاً وسنّةً). [جامع البيان: 8/493-498]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً ولكن ليبلوكم فيما آتاكم}
يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربّكم لجعل شرائعكم واحدةً، ولم يجعل لكلّ أمّةٍ شريعةً ومنهاجً غير شرائع الأمم الآخر ومنهاجهم، فكنتم تكونون أمّةً واحدةً، لا تختلف شرائعكم ومنهاجكم. ولكنّه تعالى ذكره يعلم ذلك، فخالف بين شرائعكم ليختبركم فيعرف المطيع منكم من العاصي والعامل بما أمره في الكتاب الّذي أنزله إلى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم من المخالف.
والابتلاء: هو الاختيار، وقد ثبت ذلك بشواهده فيما مضى قبل.
وقوله {فيما آتاكم} يعني: فيما أنزل عليكم من الكتب. كما:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ولكن ليبلوكم فيما آتاكم} قال عبد اللّه بن كثيرٍ: لا أعلمه إلاّ قال: ليبلوكم فيما آتاكم من الكتب.
فإن قال قائلٌ: وكيف قال: ليبلوكم فيما آتاكم، ومن المخاطب بذلك، وقد ذكرت أنّ المعنى: لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا لكلّ نبيّاٍ مع الأنبياء الّذين مضوا قبله وأممهم الّذين قبل نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم، والمخاطب النّبيّ وحده؟
قيل: إنّ الخطاب وإن كان لنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّه قد أريد به الخبر عن الأنبياء قبله وأممهم، ولكنّ العرب من شأنها إذا خاطبت إنسانًا وضمّت إليه غائبًا فأرادت الخبر عنه أن تغلّب المخاطب فيخرج الخبر عنهما على وجه الخطاب، فلذلك قال تعالى ذكره: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا}). [جامع البيان: 8/498-499]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعًا فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون}.
يقول تعالى ذكره: فبادروا أيّها النّاس، إلى الصّالحات من الأعمال والقرب إلى ربّكم بإدمان العمل بما في كتابكم الّذي أنزله إلى نبيّكم، فإنّه إنّما أنزله امتحانًا لكم وابتلاءً، ليتبيّن المحسن منكم من المسيء، فيجازي جميعكم على عمله جزاءه عند مصيركم إليه، فإنّ مصيركم إليه جميعًا، فيخبر كلّ فريقٍ منكم بما كان يخالف فيه الفرق الأخرى، فيفصل بينهم بفصل القضاء، ويبيّن المحقّ بمجازاته إيّاه بجناته من المسيء بعقابه إيّاه بالنّار، فيتبيّن حينئذٍ كلّ حزبٍ عيانًا، المحقّ منهم من المبطل.
فإن قال قائلٌ: أو لم ينبئنا ربّنا في الدّنيا قبل مرجعنا إليه ما نحن فيه مختلفون؟ قيل: إنّه بيّن ذلك في الدّنيا بالرّسل والأدلّة والحجج، دون الثّواب والعقاب عيانًا، فمصدّقٌ بذلك ومكذّبٌ. وأمّا عند المرجع إليه، فإنّه ينبّئهم بذلك بالمجازاة الّتي لا يشكون معها في معرفة المحقّ والمبطل، ولا يقدرون على إدخال اللّبس معها على أنفسهم، فكذلك خبره تعالى ذكره أنّه ينبئنا عند المرجع إليه بما كنّا فيه نختلف في الدّنيا. وإنّما معنى ذلك: إلى اللّه مرجعكم جميعًا، فتعرفون المحقّ حينئذٍ من المبطل منكم. كما:.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، عن أبي سنانٍ قال: سمعت الضّحّاك يقول: {فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعًا} قال: أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم البرّ والفاجر). [جامع البيان: 8/499-500]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه فاحكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعًا فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون (48)
قوله تعالى: وأنزلنا إليك الكتاب
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن رجا أنا عمران أبو العوّام القطّان عن قتادة عن أبي المليح عن وائلة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أنزل القرآن لأربعٍ وعشرين خلت من رمضان.
قوله تعالى: الكتاب بالحقّ
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثني أبي ثنا عمّي حدّثني أبي عن أبيه عن بن عبّاسٍ قوله: وأنزلنا إليك الكتاب قال: فهو القرآن
قوله تعالى: مصدّقًا
- وبه عن ابن عباس قوله: مصدقا قال: شاهدا.
قوله تعالى: لما بين يديه من الكتاب
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله: مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب فهو القرآن شاهدٌ على التّوراة والإنجيل مصدّقًا بهما
وروي عن قتادة قال: الكتب الّتي خلت قبله.
قوله تعالى: ومهيمنا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا وكيعٌ عن سفيان وإسماعيل عن أبي إسحاق عن التّميميّ واسمه أربد عن ابن عبّاسٍ قوله ومهيمنًا عليه قال: مؤتمنًا عليه
- حدّثنا أبي ثنا أبو حذيفة ثنا شبلٌ عن بن أبي نجيحٍ قوله: ومهيمنًا عليه قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم مؤتمنٌ على القرآن.
وروي عن عكرمة والحسن وسعيد بن جبيرٍ وعطاءٍ الخراسانيّ أنّه الأمين.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ قوله: ومهيمنًا عليه قال المهيمن: الأمين قال: القرآن الأمين على كلّ كتابٍ قبله- وروي عن عطاءٍ الخراسانيّ نحو ذلك.
وروي عن محمّد بن قيسٍ قال: القرآن.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا بن عليّة عن أبي رجاءٍ قال: سألت الحسن ومهيمنًا عليه قال: مصدّقًا بهذه الكتب وأمينًا عليها.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية عن علي عن عبّاسٍ قوله ومهيمنًا يقول: سيّدا. وروي عن السّدّيّ نحو ذلك.
قوله تعالى: عليه
[الوجه الأول]
- وبه عن بن عبّاسٍ قوله: ومهيمنًا عليه قال: كلّ كتابٍ قبله. وروي عن سعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ في أحد الرّوايات وعكرمة وعطيّة وعطاءٍ الخراسانيّ ومحمّد بن كعبٍ وقتادة والسّدّيّ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: مهيمنًا عليه قال: مؤتمنًا على القرآن.
قوله تعالى: فاحكم بينهم
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: فاحكم بينهم بما أنزل اللّه قال: أمر محمّدًا على أن يحكم بينهم.
قوله تعالى: بما أنزل اللّه
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية عن علي عن بن عبّاسٍ قوله:
فاحكم بينهم بما أنزل اللّه قال: بحدود اللّه عزّ وجلّ.
قوله تعالى: ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ ثنا سعيد بن سليمان ثنا عبّاد بن العوّام عن سفيان بن حسينٍ عن الحكم عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مخيّرًا إن شاء حكم بينهم وإن شاء أعرض عنهم. فردّهم إلى أحكامهم فنزلت وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يحكم بينهم بما في كتابنا.
قوله تعالى: لكلٍّ جعلنا منكم شرعة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو خالدٍ الأحمر عن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن التميمي عن بن عبّاسٍ قوله: شرعةً قال: سبيلا وروي عن مجاهدٍ في أحدى قوليه والسّدّيّ وأبي إسحاق الهمدانيّ وعكرمة والضّحّاك مثل ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي لجيج عن مجاهدٍ
قوله: شرعةً قال: سنّةً. وروي عن الحسن في إحدى الرّوايات وعطاءٍ الخراسانيّ مثل ذلك.
والوجه الثّالث:
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال:
سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً قال: دينا.
قوله تعالى: ومنهاجا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا وكيعٌ عن سفيان عن أبي إسحاق عن التّميميّ عن بن عبّاسٍ قوله: ومنهاجًا قال: سنّةً- وروي عن مجاهدٍ في إحدى الرّوايات والحسين وعكرمة والسّدّيّ والضّحّاك وأبي إسحاق الهمدانيّ نحو ذلك
والوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله:
ومنهاجًا قال: سبيلا. وروي عن عطاءٍ الخراسانيّ مثل ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ عمر عن قتادة قوله:
لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا قال: الدّين واحدٌ والشّرائع مختلفةٌ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا يقول: سبيلا وسنّةً والسّنن مختلفةٌ في التّوراة شريعةٌ وللإنجيل شريعةٌ والفرقان شريعةٌ، يحلّ اللّه فيها ما شاء ويحرّم ما شاء ليعلم من يطيعه (ممّن يعصيه) ، والدّين الّذي لا يقبل غير التّوحيد والإخلاص الّذي جاءت به الرّسل.
قوله تعالى: ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو خالدٍ عن جويبرٍ عن الضّحّاك ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً قال: أهل دينٍ واحدٍ أهل ضلالةٍ أو أهل هدى.
قوله: ولكن ليبلوكم في ما آتاكم
- حدّثنا الحسين بن الحسن أبو معينٍ ثنا إبراهيم أبو عبد اللّه الهرويّ ثنا حجّاجٌ قال: ابن جريجٍ قال ابن كثيرٍ: ما أعمله إلا في ما آتاكم من الكتاب
قوله تعالى: فاستبقوا الخيرات
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا زيد بن الحباب عن أبي سنانٍ عن الضّحّاك في قوله: فاستبقوا الخيرات قال: أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: إلى اللّه مرجعكم جميعًا
- وبه عن الضّحّاك قوله: إلى اللّه مرجعكم جميعًا قال: البرّ والفاجر.
قوله تعالى: فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع بن أنسٍ قال: يبعثهم اللّه من بعد الموت فيبعث أولياءه وأعداءه فينبّئهم بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/1149-1153]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد شرعة ومنهاجا قال الشرعة السنة والمنهاج السبيل
). [تفسير مجاهد: 198]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ومهيمنا عليه قال مؤتمن على الكتب
). [تفسير مجاهد: 198]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون}.
أخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة قال: لما أنبأكم الله عن أهل الكتاب قبلكم بأعمالهم أعمال السوء وبحكمهم بغير ما أنزل الله وعظ نبيه والمؤمنين موعظة بليغة شافية وليعلم من ولي شيئا من هذا الحكم أنه ليس بين العباد وبين الله شيء يعطيهم به خيرا ولا يدفع عنهم به سوءا إلا بطاعته والعمل بما يرضيه فلما بين الله لنبيه والمؤمنين صنيع أهل الكتاب وجورهم قال {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه} يقول: للكتب التي قد خلت قبله. (ومهيمنا عليه). قال: شاهدا على الكتب التي قد خلت قبله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: (وأنزلنا إليك الكتاب قال: القرآن، (مصدقا لما بين يديه من الكتاب). قال: شاهدا على التوراة والإنجيل مصدقا لهما (ومهيمنا عليه). يعني أمينا عليه يحكم على ما كان قبله من الكتب.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا عليه.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {ومهيمنا عليه} قال: المهيمن الأمين والقرآن أمين على كل كتاب قبله.
وأخرج أبو الشيخ عن عطية {ومهيمنا عليه} قال: أمينا على التوراة والإنجيل يحكم عليهما ولا يحكمان عليه قال: مؤتمنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج آدم بن أبي إياس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن مجاهد {ومهيمنا عليه} قال: محمد صلى الله عليه وسلم مؤتمنا على القرآن والمهيمن الشاهد على ما قبله من الكتب
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ومهيمنا عليه} قال: شهيدا على كل كتاب قبله.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق {ومهيمنا عليه} قال: شهيدا على خلقه بأعمالهم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فاحكم بينهم بما أنزل الله} قال: بحدود الله.
وأخرج عبد بن حميد وسعيد بن منصور والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله {شرعة ومنهاجا} قال: سبيلا وسنة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {شرعة ومنهاجا} قال: الشرعة الدين والمنهاج الطريق، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:
لقد نطق المأمون بالصدق والهدى * وبين لنا الإسلام دينا ومنهاجا
يعني به النّبيّ صلى الله عليه وسلم
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} قال: الدين واحد والشرائع مختلفة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} يقول: سبيلا والسنن مختلفة للتوراة شريعة وللإنجيل من يطيعه ممن يعصيه ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره التوحيد والإخلاص الذي جاءت به الرسل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن كثير في قوله {ولكن ليبلوكم في ما آتاكم} قال: من الكتب).
[الدر المنثور: 5/340-343]
تفسير قوله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الله في المائدة: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم}؛
فنسخت، فقال: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتونك عن بعض ما أنزل الله إليك}).
[الجامع في علوم القرآن: 3/68] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عبد الكريم الجزري في قوله وأن احكم بينهم بما أنزل الله إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة إذا جاءك أهل الكتاب فاحكم بينهم بما في كتاب الله).
[تفسير عبد الرزاق: 1/190]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن السدي عن عكرمة قال نسخت هذه الآية فاحكم بينهم أو أعرض عنهم بقوله فاحكم بينهم بما أنزل الله).
[تفسير عبد الرزاق: 1/190]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك فإن تولّوا فاعلم أنّما يريد اللّه أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإنّ كثيرًا من النّاس لفاسقون}
يعني تعالى ذكره بقوله: وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه: وأنزلنا إليك يا محمّد الكتاب، مصدّقًا لما بين يديه من الكتاب، وأن احكم بينهم فأنّ في موضع نصبٍ بالتّنزيل.
ويعني بقوله: {بما أنزل اللّه} بحكم اللّه الّذي أنزله إليك في كتابه.
وأمّا قوله: {ولا تتّبع أهواءهم} فإنّه نهيٌ من اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتّبع أهواء اليهود الّذين احتكموا إليه في قتيلهم وفاجريهم، وأمرٌ منه له بلزوم العمل بكتابه الّذي أنزله إليه.
وقوله: {واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك} يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: واحذر يا محمّد هؤلاء اليهود الّذين جاءوك محتكمين إليك أن يفتنوك، فيصدّوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك من حكم كتابه، فيحملوك على ترك العمل به واتّباع أهوائهم. وقوله: {فإن تولّوا فاعلم أنّما يريد اللّه أن يصيبهم ببعض ذنوبهم} يقول تعالى ذكره: فإن تولّى هؤلاء اليهود الّذين اختصموا إليك عنك، فتركوا العمل بما حكمت به عليهم، وقضيت فيهم، فاعلم أنّما يريد اللّه أن يصيبهم ببعض ذنوبهم، يقول: فاعلم أنّهم لم يتولّوا عن الرّضا بحكمك وقد قضيت بالحقّ إلاّ من أجل أنّ اللّه يريد أن يتعجّل عقوبتهم في عاجل الدّنيا ببعض ما قد سلف من ذنوبهم {وإنّ كثيرًا من النّاس لفاسقون} يقول: وإنّ كثيرًا من اليهود لفاسقون، يقول: لتاركو العمل بكتاب اللّه، ولخارجون عن طاعته إلى معصيته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك جاءت الرّواية عن أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال كعب بن أسدٍ وابن صوريا وشأس بن قيسٍ بعضهم لبعضٍ: اذهبوا بنا إلى محمّدٍ لعلّنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمّد إنّك قد عرفت أنّا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم، وأنّا إن اتّبعناك اتّبعنا يهود ولم يخالفونا، وإنّ بيننا وبين قومنا خصومةً، فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم ونؤمن لك ونصدّقك. فأبى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه فيهم: {وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك} إلى قوله: {لقومٍ يوقنون}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك} قال: أن يقولوا في التّوراة كذا، وقد بيّنّا لك ما في التّوراة. وقرأ: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسّنّ بالسّنّ والجروح قصاصٌ} بعضها ببعضٍ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، قال: دخل المجوس مع أهل الكتاب في هذه الآية: {وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه}).
[جامع البيان: 8/501-502]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك فإن تولّوا فاعلم أنّما يريد اللّه أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإنّ كثيرًا من النّاس لفاسقون (49)
قوله تعالى: وأن احكم بينهم
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن جميلٍ المروزيّ ثنا عبّاد بن العوّام عن سفيان بن حسينٍ عن الحكم عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ قوله: فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مخيّرًا في هذه الآية حتى نزلت فاحكم بينهم بما أنزل اللّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه فأمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يحكم بينهم بعد ما كان قد رخّص له أن يعرض عنهم إن شاء، فنسخت هذه الآية الّتي كانت قبلها.
قوله تعالى: بما أنزل اللّه
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه قال: بحدود اللّه.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن أبي الجواري ثنا الوليد بن مسلمٍ عن الأوزاعيّ عن حسّان بن عطيّة في قوله: وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه قال: في كتابه.
قوله تعالى: ولا تتّبع أهواءهم
- ذكر عن محمّد بن إسحاق حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ حدّثني سعيد بن جبيرٍ، أو عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: قال كعب بن أسدٍ وابن صوريا وعبد اللّه بن نورن بعضهم لبعضٍ اذهبوا بنا إلى محمّدٍ لعلّنا نفتنه عن دينه فإنّما هو بشرٌ فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أن أحبار اليهود وأشرافهم وسادتهم وأنّا إن اتّبعناك اتّبعك اليهود، ولن يخالفونا وإنّ بيننا وبين قومنا خصومة فتتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك ونصدّقك فأبا ذلك عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه تعالى فيهم وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك الآية.
قوله تعالى: واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك
- أخبرنا أبو يزيد بن أسلم يقول: في قوله: واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل اللّه إليك قال: أن يقولوا في التّوراة كذا، قال: وبيّن له ما في التّوراة.
قوله تعالى: فإن تولّوا فاعلم أنّما يريد اللّه أن يصيبهم ببعض ذنوبهم
- حدّثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ فإن تولّوا يعني: الكفّار.
قوله تعالى: وإنّ كثيرًا من النّاس لفاسقون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: لفاسقون يقول: الكاذبون).
[تفسير القرآن العظيم: 4/1153-1154]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال الحارث بن محمّد بن أبي أسامة: ثنا بشر بن عمر الزهراني، عن عثمان، عن قتادة قال: "ثمّ أنزل من بعد ذلك (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) قال قتادة: ذكر لنا لما نزلت (وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه) قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: نحن اليوم نحكم على اليهود والنّصارى وعلى من سواهم من الأديان".
- وقال أبو بكر بن أبي شبية: ثنا عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عن سماك، عن عياض الأشعريّ قال: "قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: هم قوم هذا ويعني في قوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) .
هذا إسنادٌ رواته ثقاتٌ).
[إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/205]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحارث: حدثنا بشر بن عمر، عن عثمان، عن قتادة رضي الله عنه، قال: لمّا (نزل) من بعد ذلك: {وأن احكم بينهم بما أنزل اللّه}.
قال (رسول اللّه) صلّى اللّه عليه وسلّم: نحن اليوم نحكم على اليهود والنّصارى، وعلى من سواهم من الأديان).
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/613]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون}.
أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: قال كعب بن أسد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقالوا: يا محمد انك عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم وإنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن لك ونصدقك فأبى ذلك وأنزل الله عز وجل فيهم {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} إلى قوله {لقوم يوقنون}.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} قال: أمر الله نبيه أن يحكم بينهم بعدما كان رخص له أن يعرض عنهم أن شاء فنسخت هذه الآية ما كان قبلها.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: نسخت من هذه السورة {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} المائدة الآية 42 قال: فكان مخيرا حتى أنزل الله {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم بما في كتاب الله.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم قال: نسخت ما قبلها {فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} المائدة الآية 42.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مسروق، انه كان يحلف أهل الكتاب بالله وكان يقول {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}).
[الدر المنثور: 5/343-344]
تفسير قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقومٍ يوقنون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن طاوسٍ، أنّه سئل عن الرّجل يفضّل بعض ولده على بعضٍ، فقرأ: {فحكم الجاهلية يبغون}). [سنن سعيد بن منصور: 4/1499]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من اللّه حكمًا لقومٍ يوقنون}
يقول تعالى ذكره: أيبغي هؤلاء اليهود الّذين احتكموا إليك فلم يرضوا بحكمك، وقد حكمت فيهم بالقسط حكم الجاهليّة، يعني أحكام عبدة الأوثان من أهل الشّرك، وعندهم كتاب اللّه فيه بيان حقيقة الحكم الّذي حكمت به فيهم، وإنّه الحقّ الّذي لا يجوز خلافه.
ثمّ قال تعالى ذكره موبّخًا لهؤلاء الّذين أبوا قبول حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليهم ولهم من اليهود، ومستجهلاً فعلهم ذلك منهم: ومن هذا الّذي هو أحسن حكمًا أيّها اليهود من اللّه تعالى ذكره عند من كان يوقن بوحدانيّة اللّه ويقرّ بربوبيّته، يقول تعالى ذكره: أيّ حكمٍ أحسن من حكم اللّه إن كنتم موقنين أنّ لكم ربًّا وكنتم أهل توحيدٍ وإقرارٍ به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال مجاهدٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {أفحكم الجاهليّة يبغون} قال: يهود.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أفحكم الجاهليّة يبغون} يهود.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا شيخٌ، عن مجاهدٍ: {أفحكم الجاهليّة يبغون} قال: يهود). [جامع البيان: 8/503]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من اللّه حكمًا لقومٍ يوقنون (50)
قوله تعالى: أفحكم الجاهليّة يبغون
- حدّثنا أبي ثنا أبو سلمة ثنا حمّادٌ عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت تسمّى الجاهليّة العالميّة حتّى جاءت امرأةٌ قالت: يا رسول اللّه، كان في الجاهليّة كذا وكذا فأنزل اللّه ذكر الجاهليّة.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: أفحكم الجاهلية يبغون يهود.
- حدّثنا أبي ثنا هلال بن الفيّاض بن أبو عبيدة النّاجيّ قال: سمعت الحسن يقول: من حكم بغير حكم اللّه فحكم الجاهليّة.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيحٍ قال: كان طاوسٌ إذا سأله رجلٌ أفصل بين ولدين في النّحل قرأ أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لّقومٍ يوقنون
قوله تعالى: من أحسن من اللّه حكمًا لقوم يوقنون
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 4/1154-1155]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح أفحكم الجاهلية يبغون قال يعنى اليهود
). [تفسير مجاهد: 198]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا أحمد بن عليّ بن المثنّى حدّثنا أبو خيثمة حدثنا عبيد الله بن موسى أنبأنا عليّ بن صالحٍ عن سماكٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال كانت قريظة والنّضير وكانت النّضير أشرف من قريظة قال وكان إذا قتل رجلٌ من قريظة رجلا من النّضير قتل به وإذا قتل النضيري رجلا من قريظة ودى بمائة وسقٍ من تمرٍ فلمّا بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قتل رجلٌ من النّضير رجلا من قريظة فقالوا ادفعوه إلينا لنقتله فقالوا بيننا وبينكم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأتوه فنزلت: {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} والقسط النّفس بالنّفس ثمّ نزلت: {أفحكم الجاهليّة يبغون}).
[موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/430] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون}.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أفحكم الجاهلية يبغون} قال: يهود
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {أفحكم الجاهلية يبغون} قال: هذا في قتيل اليهود أن أهل الجاهلية كان يأكل شديدهم ضعيفهم وعزيزهم ذليلهم، قال {أفحكم الجاهلية يبغون}.
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبغض الناس إلى الله مبتغ في الإسلام سنة جاهلية وطالب امرئ بغير حق ليريق دمه.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: الحكم حكمان: حكم الله وحكم الجاهلية ثم تلا هذه الآية {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة قال: كانت تسمى الجاهلية العالمية حتى جاءت امرأة فقالت: يا رسول الله كان في الجاهلية كذا وكذا، فانزل الله ذكر الجاهلية).
[الدر المنثور: 5/345]