العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة المائدة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 06:37 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة المائدة [ من الآية (35) إلى الآية (37) ]

تفسير سورة المائدة
[ من الآية (35) إلى الآية (37) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (37)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 11:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى وابتغوا إليه الوسيلة قال القربة). [تفسير عبد الرزاق: 1/189]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون}
يعني جلّ ثناؤه بذلك: يا أيّها الّذين صدقوا اللّه ورسوله فيما أخبرهم ووعدهم من الثّواب، وأوعد من العقاب اتّقوا اللّه يقول: أجيبوا اللّه فيما أمركم ونهاكم بالطّاعة له في ذلك، وحقّقوا إيمانكم وتصديقكم ربّكم ونبيّكم بالصّالح من أعمالكم وابتغوا إليه الوسيلة يقول: واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه.
والوسيلة: هي الفعيلة من قول القائل: توسّلت إلى فلانٍ بكذا، بمعنى: تقرّبت إليه، ومنه قول عنترة:
إنّ الرّجال لهم إليك وسيلةٌ = أن يأخذوك تكحّلي وتخضّبي
يعني بالوسيلة: القربة.
ومنه قول الآخر:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا = وعاد التّصافي بيننا والوسائل
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، ح وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا زيد بن الحباب، عن سفيان، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: القربة في الأعمال.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا وكيعٌ، ح حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبي، عن طلحة، عن عطاءٍ: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: القربة.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة} قال: هي المسألة والقربة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وابتغوا إليه الوسيلة} أي تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وابتغوا إليه الوسيلة} القربة إلى اللّه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: القربة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاج، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، قوله: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: القربة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: المحبّة، تحبّبوا إلى اللّه. وقرأ: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة}). [جامع البيان: 8/402-404]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون يقول جلّ ثناؤه للمؤمنين به وبرسوله: وجاهدوا أيّها المؤمنون أعدائي وأعداءكم في سبيلي.
يعني: في دينه وشريعته الّتي شرعها لعباده، وهي الإسلام، يقول: أتعبوا أنفسكم في قتالهم وحملهم على الدّخول في الحنيفيّة المسلمة لعلّكم تفلحون يقول: كيما تنجحوا فتدركوا البقاء الدّائم، والخلود في جنّاته.
وقد دلّلنا على معنى الفلاح فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 8/404-405]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الشّيبانيّ، ثنا محمّد بن عبد الوهّاب، ثنا محاضر بن المورّع، ثنا الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة، أنّه سمع قارئًا يقرأ " {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه، وابتغوا إليه الوسيلة} [المائدة: 35] قال: القربة، ثمّ قال: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم أنّ ابن أمّ عبدٍ من أقربهم إلى اللّه وسيلةً "). [المستدرك: 2/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون}.
أخرج عبد بن حميد والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في قوله {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: القربة.
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة في قوله {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: القربة
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: تقربوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي وائل قال {الوسيلة} في الايمان.
وأخرج الطستي، وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: اخبرني عن قوله عز وجل {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: الحاجة قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت عنترة وهو يقول:
إن الرجال لهم اليك وسيلة * أن يأخذوك تكللي وتخضبي). [الدر المنثور: 5/291-292]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبّل منهم ولهم عذابٌ أليمٌ}.
يقول عزّ ذكره: إنّ الّذين جحدوا ربوبيّة ربّهم وعبدوا غيره من بني إسرائيل الّذين عبدوا العجل ومن غيرهم الّذين عبدوا الأوثان والأصنام، وهلكوا على ذلك قبل التّوبة. لو أنّ لهم ملك ما في الأرض كلّها وضعفه معه ليفتدوا به من عقاب اللّه إيّاهم على تركهم أمره وعبادتهم غيره يوم القيامة، فافتدوا بذلك كلّه ما تقبّل اللّه منهم ذلك فداءً وعوضًا من عذابهم وعقابهم، بل هو معذّبهم في حميم يوم القيامة عذابًا موجعًا لهم.
وإنّما هذا إعلامٌ من اللّه جلّ ثناؤه لليهود الّذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّهم وغيرهم من سائر المشركين به سواءٌ عنده فيما لهم من العذاب الأليم والعقاب العظيم، وذلك أنّهم كانوا يقولون: لن تمسّنا النّار إلاّ أيّامًا معدودةً واغترارًا باللّه وكذبًا عليه. فكذّبهم تعالى ذكره بهذه الآية وبالّتي بعدها، وحسم طمعهم، فقال لهم ولجميع الكفرة به وبرسوله: إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبّل منهم ولهم عذابٌ أليمٌ يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ يقول لهم جلّ ثناؤه: فلا تطمعوا أيّها الكفرة في قبول الفدية منكم ولا في خروجكم من النّار بوسائل آبائكم عندي بعد دخولكموها إن أنتم متّم على كفركم الّذي أنتم عليه، ولكن توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا). [جامع البيان: 8/405-406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم}
- أخرج مسلم، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج من النار قوم فيدخلون الجنة، قال يزيد بن الفقير: فقلت لجابر بن عبد الله: يقول الله {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها} قال: اتل أول الآية {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة} ألا أنهم الذين كفروا.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن طلق بن حبيب قال: كنت من أشد الناس تكذيبا للشفاعة حتى لقيت جابر بن عبد الله فقرأت عليه كل آية أقدر عليها يذكر الله فيها خلود أهل النار، قال: يا طلق أتراك أقرأ لكتاب الله وأعلم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مني أن الذين قرأت هم أهلها هم المشركون ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوبا ثم خرجوا منها ثم أهوى بيديه إلى أذنيه فقال: صمتا أن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرجون من النار بعدما دخلوا ونحن نقرأ كما قرأت). [الدر المنثور: 5/292-293]

تفسير قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة مولى ابن عباس حسبت أنه أسنده يقول إن الله تبارك وتعالى يخرج يوم القيامة من النار مثل أهل الجنة قال الحكم لا أعلمه إلا قال مثلي أهل الجنة فأما مثل فلا أشك مكتوب ها هنا وأشار الحكم إلى نحره عتقاء الله فقال رجل يا أبا عبد الله أفرأيت قول الله تعالى يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها قال ويلك أولئك أهلها الذين هم أهلها). [تفسير عبد الرزاق: 1/204-205]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: يريدون أن يخرجوا من النّار يريد هؤلاء الّذين كفروا بربّهم يوم القيامة أن يخرجوا من النّار بعد دخولها وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ يقول: لهم عذابٌ دائمٌ ثابتٌ لا يزول عنهم ولا ينتقل أبدًا، كما قال الشّاعر:
فإنّ لكم بيوم الشّعب منّي = عذابًا دائمًا لكم مقيما
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، أنّ نافع بن الأزرق قال لابن عبّاسٍ: يا أعمى البصر، أعمى القلب، تزعم أنّ قومًا يخرجون من النّار، وقد قال اللّه جلّ وعزّ: {وما هم بخارجين منها} فقال ابن عبّاسٍ: ويحك، اقرأ ما فوقها، هذه للكفّار). [جامع البيان: 8/406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم}
- أخرج مسلم، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج من النار قوم فيدخلون الجنة، قال يزيد بن الفقير: فقلت لجابر بن عبد الله: يقول الله {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها} قال: اتل أول الآية {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة} ألا أنهم الذين كفروا.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن طلق بن حبيب قال: كنت من أشد الناس تكذيبا للشفاعة حتى لقيت جابر بن عبد الله فقرأت عليه كل آية أقدر عليها يذكر الله فيها خلود أهل النار، قال: يا طلق أتراك أقرأ لكتاب الله وأعلم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مني أن الذين قرأت هم أهلها هم المشركون ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوبا ثم خرجوا منها ثم أهوى بيديه إلى أذنيه فقال: صمتا أن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرجون من النار بعدما دخلوا ونحن نقرأ كما قرأت). [الدر المنثور: 5/292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس {وما هم بخارجين منها} فقال ابن عباس: ويحك، اقرأ ما فوقها هذه للكفار.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: أن الله إذا فرغ من القضاء بين خلقه
أخرج كتابا من تحت عرشه فيه: رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين، قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة أو قال مثلي أهل الجنة مكتوب ههنا منهم - وأشار إلى نحره - عتقاء الله تعالى فقال رجل لعكرمة: يا أبا عبد الله فإن الله يقول {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها} قال: ويلك، أولئك هم أهلها الذين هم أهلها.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في الشعب عن أشعث قال: قلت: أرأيت قول الله {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها} فقال: انك والله لا تسقط على شيء أن للنار أهلا لا يخرجون منها كما قال الله تعالى.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك قال: ما كان فيه عذاب مقيم يعني دائم لا ينقطع). [الدر المنثور: 5/293-294]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 11:31 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) )

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وابتغوا إليه الوسيلة) (35)، أي القربة، أي اطلبوا، واتخذوا ذلك بطاعته، ويقال: توسلت إليه تقرّبت، وقال:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا=وعاد التصافي بيننا والوسائل
الحوائج، وقال عنترة:
إنّ الرّجال لهم إليك وسيلةٌ=أن يأخذوك تكحّلي وتخضّبي
الحاجة، (قال رؤبة:
النّاس إن فصّلتهم فصائلا=كلٌّ إلينا يبتغى الوسائلا) ). [مجاز القرآن: 1/164-165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الوسيلة}: القربة). [غريب القرآن وتفسيره: 130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({الوسيلة} القربة والزّلفة. يقال: توسل إليّ بكذا أي تقرب). [تفسير غريب القرآن: 143]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون (35)
معناه اطلبوا إليه القربة.
(وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون).
أي لعلكم تظفرون بعدوكم، والمفلح الفائز بما فيه غاية صلاح حاله). [معاني القرآن: 2/171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة}
قال ابن عباس: يعني القربة وكذلك قال الحسن.
وروى موسى بن وردان عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الوسيلة درجة عند الله جل وعز وليس فوقها درجة))). [معاني القرآن: 2/303]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْوَسِيلَةَ} القُربة والُزلفى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 69]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْوَسِيلَةَ}: القربة). [العمدة في غريب القرآن: 121]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم مّا في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبّل منهم ولهم عذابٌ أليمٌ}
وقال: {لو أنّ لهم مّا في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبّل منهم} يقول: "لو أنّ هذا معهم للفداء ما تقبّل منهم"). [معاني القرآن: 1/223]

تفسير قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (عذابٌ مقيمٌ) (37) أي دائم، قال:
فإنّ لكم بيوم الشّعب منّي=عذاباً دائماً لكم مقيما).[مجاز القرآن: 1/165]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها}
قال يزيد: الفقير.
قيل لجابر بن عبد الله: أنتم يا أصحاب محمد تقولون أن قوما يخرجون من النار والله يقول {وما هم بخارجين منها} فقال جابر: إنكم تجعلون العام خاصا والخاص عاما إنما هذا في الكفار خاصة فقرأت الآية من أولها إلى آخرها فإذا هي في الكفار خاصة). [معاني القرآن: 2/303-304]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 02:49 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) }

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 12:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 12:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 12:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 12:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون (35) إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبّل منهم ولهم عذابٌ أليمٌ (36) يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ (37)
هذه الآية وعظ من الله تعالى بعقب ذكر العقوبات النازلة بالمحاربين، وهذا من أبلغ الوعظ لأنه يرد على النفوس وهي خائفة وجلة، وعادة البشر إذا رأى وسمع أمر ممتحن ببشيع المكاره أن يرق ويخشع، فجاء الوعظ في هذه الحال، ابتغوا معناه اطلبوا، والوسيلة القربة وسبب النجاح في المراد، ومن ذلك قول عنترة لامرأته:
إن الرجال لهم إليك وسيلة = أن يأخذوك تكحلي وتخضبي
وأما الوسيلة المطلوبة لمحمد صلى الله عليه وسلم فهي أيضا من هذا، لأن الدعاء له بالوسيلة والفضيلة إنما هو أن يؤتاهما في الدنيا ويتصف بهما ويكون ثمرة ذلك في الآخرة التشفيع في المقام المحمود، ومن هذه اللفظة قول الشاعر:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا = وعاد التصافي بيننا والوسائل
أنشده الطبري، وقوله تعالى: وجاهدوا في سبيله خص الجهاد بالذكر لوجهين، أحدهما نباهته في أعمال البر وأنه قاعدة الإسلام، وقد دخل بالمعنى في قوله: وابتغوا إليه الوسيلة ولكن خصه تشريفا، والوجه الآخر أنها العبادة التي تصلح لكل منهي عن المحاربة وهو معدلها من حاله وسنه وقوته وشره نفسه، فليس بينه وبين أن ينقلب إلى الجهاد إلا توفيق الله تعالى). [المحرر الوجيز: 3/159-160]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واللام في قوله: ليفتدوا لام كي، وقرأ جمهور الناس «تقبل» بضم التاء والقاف على ما لم يسم فاعله، وقرأ يزيد بن قطيب «تقبل» بفتحها على معنى ما قبل الله). [المحرر الوجيز: 3/160]

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: يريدون إخبار عن أنهم يتمنون هذا في قلوبهم، وفي غير ما آية أنهم ينطقون عن هذه الإرادة، وقال الحسن بن أبي الحسن: إذا فارت بهم النار قربوا من حاشيتها فحينئذ يريدون الخروج ويطمعون به وذلك قوله تعالى: يريدون أن يخرجوا من النّار.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وقد تأول قوم هذه الإرادة أنها بمعنى يكادون على هذا القصص الذي حكى الحسن، وهذا لا ينبغي أن يتأول إلا فيما لا تتأتى منه الإرادة الحقيقة كقوله تعالى:
يريد أن ينقضّ [الكهف: 77] وأما في إرادة بني آدم فلا إلا على تجوز كثير، وقرأ جمهور الناس «يخرجوا» بفتح الياء وضم الراء وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي «يخرجوا» بضم الياء وفتح الراء، وأخبر تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم ليسوا بخارجين من النار بل عذابهم فيها مقيم متأبد، وحكى الطبري عن نافع بن الأزرق الخارجي أنه قال لابن عباس يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوما «يخرجون من النار» وقد قال الله تعالى: وما هم بخارجين منها فقال له ابن عباس: ويحك اقرأ ما فوقها، هذه الآية في الكفار). [المحرر الوجيز: 3/160]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 12:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 12:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون (35) إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبّل منهم ولهم عذابٌ أليمٌ (36) يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ (37)}.
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، وهي إذا قرنت بالطّاعة كان المراد بها الانكفاف عن المحارم وترك المنهيّات، وقد قال بعدها: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال سفيان الثّوريّ، حدّثنا أبي، عن طلحة، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ: أي القربة. وكذا قال مجاهدٌ [وعطاءٌ] وأبو وائلٍ، والحسن، وقتادة، وعبد اللّه بن كثيرٍ، والسّدّيّ، وابن زيدٍ.
وقال قتادة: أي تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه. وقرأ ابن زيدٍ: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة} [الإسراء:57] وهذا الّذي قاله هؤلاء الأئمّة لا خلاف بين المفسّرين فيه وأنشد ابن جريرٍ عليه قول الشّاعر
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا = وعاد التّصافي بيننا والوسائل
والوسيلة: هي الّتي يتوصّل بها إلى تحصيل المقصود، والوسيلة أيضًا: علمٌ على أعلى منزلةٍ في الجنّة، وهي منزلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وداره في الجنّة، وهي أقرب أمكنة الجنّة إلى العرش، وقد ثبت في صحيح البخاريّ، من طريق محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من قال حين يسمع النّداء: اللّهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة، والصّلاة القائمة، آت محمّدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الّذي وعدته، إلا حلّت له الشفاعة يوم القيامة".
حديثٌ آخر في صحيح مسلمٍ: من حديث كعبٍ عن علقمة، عن عبد الرّحمن بن جبير، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول، ثمّ صلّوا عليّ، فإنّه من صلّى عليّ صلاةً صلّى اللّه عليه بها عشرًا، ثمّ سلوا اللّه لي الوسيلة، فإنّها منزلة في الجنّة، لا تنبغي إلّا لعبدٍ من عباد اللّه، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلًّت عليه الشّفاعة."
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا سفيان، عن ليث، عن كعبٍ، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا صلّيتم عليّ فسلوا لي الوسيلة". قيل: يا رسول اللّه، وما الوسيلة؟ قال: "أعلى درجةٍ في الجنّة، لا ينالها إلّا رجلٌ واحدٌ وأرجو أن أكون أنا هو".
ورواه التّرمذيّ، عن بندار، عن أبي عاصمٍ، عن سفيان -هو الثّوريّ-عن ليث بن أبي سليم، عن كعبٍ قال: حدّثني أبو هريرة، به. ثمّ قال: غريبٌ، وكعبٌ ليس بمعروفٍ، لا نعرف أحدًا روى عنه غير ليث بن أبي سليمٍ.
طريقٌ أخرى: عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال أبو بكر بن مردويه: حدّثنا عبد الباقي بن قانعٍ، حدّثنا محمّد بن نصرٍ التّرمذيّ، حدّثنا عبد الحميد بن صالحٍ، حدّثنا أبو شهابٍ، عن ليثٍ، عن المعلّى، عن محمّد بن كعبٍ، عن أبي هريرة رفعه قال: "صلّوا عليّ صلاتكم، وسلوا اللّه لي الوسيلة". فسألوه وأخبرهم: "أنّ الوسيلة درجةٌ في الجنّة، ليس ينالها إلّا رجلٌ واحدٌ، وأرجو أن أكونه".
حديثٌ آخر: قال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: أخبرنا أحمد بن عليٍّ الأبّار، حدّثنا الوليد بن عبد الملك الحرّانيّ، حدّثنا موسى بن أعين، عن ابن أبي ذئبٍ عن محمّد بن عمرو بن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "سلوا الله لي الوسيلة، فإنّه لم يسألها لي عبدٌ في الدّنيا إلّا كنت له شهيدًا -أو: شفيعًا-يوم القيامة".
ثمّ قال الطّبرانيّ: "لم يروه عن ابن أبي ذئبٍ إلّا موسى بن أعين". كذا قال، وقد رواه ابن مردويه: حدّثنا محمّد بن عليّ بن دحيمٍ، حدّثنا أحمد بن حازمٍ، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، حدّثنا موسى بن عبيدة، عن محمّد بن عمرو بن عطاءٍ، فذكر بإسناده نحوه.
حديثٌ آخر: روى ابن مردويه بإسناده عن عمارة بن غزية، عن موسى بن وردان: أنّه سمع أبا سعيدٍ الخدريّ يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "أن الوسيلة درجةٌ عند اللّه، ليس فوقها درجةٌ، فسلوا اللّه أن يؤتيني الوسيلة على خلقه".
حديثٌ آخر: روى ابن مردويه أيضًا من طريقين، عن عبد الحميد بن بحرٍ: حدّثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "في الجنّة درجةٌ تدعى الوسيلة، فإذا سألتم اللّه فسلوا لي الوسيلة". قالوا: يا رسول اللّه، من يسكن معك؟ قال: "عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين".
هذا حديثٌ غريبٌ منكرٌ من هذا الوجه
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا الحسن الدّشتكيّ، حدّثنا أبو زهيرٍ، حدّثنا سعد بن طريف، عن عليّ بن الحسين الأزدي -مولى سالم بن ثوبان-قال: سمعت عليّ بن أبي طالبٍ ينادي على منبر الكوفة: يا أيّها النّاس، إنّ في الجنّة لؤلؤتين: إحداهما بيضاء، والأخرى صفراء، أمّا الصّفراء فإنّها إلى بطنان العرش، والمقام المحمود من اللّؤلؤة البيضاء سبعون ألف غرفةٍ، كلّ بيتٍ منها ثلاثة أميالٍ، وغرفها وأبوابها وأسرّتها وكأنّها من عرقٍ واحدٍ، واسمها الوسيلة، هي لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وأهل بيته، والصّفراء فيها مثل ذلك، هي لإبراهيم، عليه السّلام، وأهل بيته.
وهذا أثرٌ غريبٌ أيضًا
وقوله: {وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون} لمّا أمرهم بترك المحارم وفعل الطّاعات، أمرهم بقتال الأعداء من الكفّار والمشركين الخارجين عن الطّريق المستقيم، التّاركين للدّين القويم، ورغّبهم في ذلك بالّذي أعدّه للمجاهدين في سبيله يوم القيامة، من الفلاح والسّعادة العظيمة الخالدة المستمرّة الّتي لا تبيد ولا تحول ولا تزول في الغرف العالية الرّفيعة الآمنة، الحسنة مناظرها، الطّيّبة مساكنها، الّتي من سكنها ينعم لا ييأس، ويحيا لا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه). [تفسير القرآن العظيم: 3/103-105]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى بما أعدّ لأعدائه الكفّار من العذاب والنّكال يوم القيامة، فقال: {إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبّل منهم ولهم عذابٌ أليمٌ} أي: لو أنّ أحدهم جاء يوم القيامة بملء الأرض ذهبًا، وبمثله ليفتدي بذلك من عذاب اللّه الّذي قد أحاط به وتيقّن وصوله إليه ما تقبل ذلك منه بل لا مندوحة عنه ولا محيص له ولا مناص ؛ ولهذا قال: {ولهم عذابٌ أليمٌ} أي: موجعٌ). [تفسير القرآن العظيم: 3/105]

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ} كما قال تعالى: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها} الآية [الحج:22]، فلا يزالون يريدون الخروج ممّا هم فيه من شدّته وأليم مسّه، ولا سبيل لهم إلى ذلك، كلّما رفعهم اللّهب فصاروا في أعالي جهنّم، ضربتهم الزّبانية بالمقامع الحديد، فيردّونهم إلى أسفلها، {ولهم عذابٌ مقيمٌ} أي: دائمٌ مستمرٌّ لا خروج لهم منها، ولا محيد لهم عنها.
وقد قال حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يؤتى بالرّجل من أهل النّار، فيقول: يا ابن آدم، كيف وجدت مضجعك؟ فيقول: شرّ مضجعٍ، فيقول: هل تفتدي بقراب الأرض ذهبًا؟ " قال: "فيقول: نعم، يا ربّ! فيقول: كذبت! قد سألتك أقلّ من ذلك فلم تفعل: فيؤمر به إلى النّار".
رواه مسلمٌ والنّسائيّ من طريق حمّاد بن سلمة بنحوه. وكذا رواه البخاريّ ومسلمٌ من طريق معاذ بن هشامٍ الدّستوائي، عن أبيه، عن قتادة، عن أنسٍ، به. وكذا أخرجاه من طريق أبي عمران الجوني، واسمه عبد الملك بن حبيبٍ، عن أنس بن مالكٍ، به. ورواه مطر الورّاق، عن أنس بن مالكٍ، ورواه ابن مردويه من طريقه، عنه.
ثمّ رواه ابن مردويه، من طريق المسعوديّ، عن يزيد بن صهيب الفقير، عن جابر بن عبد اللّه؛ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال] "يخرج من النّار قومٌ فيدخلون الجنّة" قال: فقلت لجابر بن عبد اللّه: يقول اللّه: {يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها} قال: اتل أوّل الآية: {إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه ليفتدوا به} الآية، ألّا إنّهم الّذين كفروا.
وقد روى الإمام أحمد ومسلمٌ هذا الحديث من وجهٍ آخر، عن يزيد الفقير، عن جابرٍ وهذا أبسط سياقًا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسين بن محمّد بن شنبة الواسطيّ، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا مبارك بن فضالة، حدّثني يزيد الفقير قال: جلست إلى جابر بن عبد اللّه، وهو يحدّث، فحدّث أنّ أناسًا يخرجون من النّار -قال: وأنا يومئذٍ أنكر ذلك، فغضبت وقلت: ما أعجب من النّاس، ولكن أعجب منكم يا أصحاب محمّدٍ! تزعمون أنّ اللّه يخرج ناسًا من النّار، واللّه يقول: {يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها [ولهم عذابٌ مقيمٌ]} فانتهرني أصحابه، وكان أحلمهم فقال: دعوا الرّجل، إنّما ذلك للكفّار: {إنّ الّذين كفروا لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة} حتّى بلغ: {ولهم عذابٌ مقيمٌ} أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى قد جمعته قال: أليس اللّه يقول: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا}؟ [الإسراء:79] فهو ذلك المقام، فإنّ اللّه [تعالى] يحتبس أقوامًا بخطاياهم في النّار ما شاء، لا يكلّمهم، فإذا أراد أن يخرجهم أخرجهم. قال: فلم أعد بعد ذلك إلى أن أكذب به.
ثمّ قال ابن مردويه: حدّثنا دعلج بن أحمد، حدّثنا عمرو بن حفصٍ السّدوسي، حدّثنا عاصم بن عليٍّ، حدّثنا العبّاس بن الفضل، حدّثنا سعيد بن المهلّب، حدّثني طلق بن حبيبٍ قال: كنت من أشدّ النّاس تكذيبًا بالشّفاعة، حتّى لقيت جابر بن عبد اللّه، فقرأت عليه كلّ آيةٍ أقدر عليها يذكر اللّه [تعالى] فيها خلود أهل النّار، فقال: يا طلق، أتراك أقرأ لكتاب اللّه وأعلم بسنّة رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] منّي؟ إنّ الّذين قرأت هم أهلها، هم المشركون، ولكنّ هؤلاء قومٌ أصابوا ذنوبًا فعذّبوا، ثمّ أخرجوا منها ثمّ أهوى بيديه إلى أذنيه، فقال صمّتًا إن لم أكن سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرجون من النّار بعدما دخلوا". ونحن نقرأ كما قرأت). [تفسير القرآن العظيم: 3/105-107]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة