العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الثاني 1434هـ/22-02-2013م, 01:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (153) إلى الآية (154) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (153) إلى الآية (154) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (154)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:50 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا الحكم بن ظهير، عن السّدّي، عن عمرو بن ميمونٍ قال: سمعت عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه يقرأ: {فأخذتهم الصّعقة} ). [سنن سعيد بن منصور: 4/1427]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مّبينًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {يسألك} يا محمّد {أهل الكتاب} يعني بذلك: أهل التّوراة من اليهود {أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} واختلف أهل التّأويل في الكتاب الّذي سأل اليهود محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزّل عليهم من السّماء، فقال بعضهم: سألوه أن ينزّل عليهم كتابًا من السّماء مكتوبًا، كما جاء موسى بني إسرائيل بالتّوراة مكتوباً من عند اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} كما قالت اليهود: إن كنت صادقًا أنّك رسول اللّه، فأتنا كتابًا مكتوبًا من السّماء كما جاء به موسى.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، قال: جاء أناسٌ من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: إنّ موسى جاء بالألواح من عند اللّه، فأتنا بالألواح من عند اللّه حتّى نصدّقك. فأنزل اللّه: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} إلى قوله: {وقولهم على مريم بهتانًا عظيمًا}.
وقال آخرون: بل سألوه أن ينزّل عليهم كتابًا خاصّةً لهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} أي كتابًا خاصّةً {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً}.
وقال آخرون: بل سألوه أن ينزّل على رجالٍ منهم بأعيانهم كتبًا بالأمر بتصديقه واتّباعه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قوله: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} وذلك أنّ اليهود والنّصارى أتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: لن نتابعك على ما تدعونا إليه، حتّى تأتينا بكتابٍ من عند اللّه إلى فلانٍ أنّك رسول اللّه، وإلى فلانٍ بكتابٍ أنّك رسول اللّه. قال اللّه جلّ ثناؤه: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً}
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ أهل التّوراة سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يسأل ربّه أن ينزّل عليهم كتابًا من السّماء آيةً، معجزةً جميع الخلق عن أن يأتوا بمثلها، شاهدةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالصّدق، آمرةً لهم باتّباعه.
وجائزٌ أن يكون الّذي سألوه من ذلك كتابًا مكتوبًا ينزل عليهم من السّماء إلى جماعتهم، وجائزٌ أن تكون مسألتهم اياه ذلك كتبًا إلى أشخاصٍ بأعينهم. بل الّذي هو أولى بظاهر التّلاوة أن تكون مسألتهم إيّاه ذلك كانت مسألةً لينزّل الكتاب الواحد إلى جماعتهم لذكر اللّه تعالى في خبره عنهم الكتاب بلفظ الواحد، بقوله: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} ولم يقل: كتبًا.
وأمّا قوله: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك} فإنّه توبيخٌ من اللّه جلّ ثناؤه سائلي الكتاب الّذي سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزّله عليهم من السّماء في مسألتهم إيّاه ذلك، وتقريعٌ منه لهم. يقول لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد لا يعظمنّ عليك مسألتهم ذلك، فإنّهم من جهلهم باللّه وجراءتهم عليه واغترارهم بحلمه، لو أنزلت عليهم الكتاب الّذي سألوك أن تنزله عليهم، لخالفوا أمر اللّه كما خالفوه بعد إحياء اللّه أوائلهم من صعقتهم، فعبدوا العجل، واتّخذوه إلهًا يعبدونه من دون خالقهم وبارئهم الّذي أراهم من قدرته وعظيم سلطانه ما أراهم؛ لأنّهم لن يعدوا أن يكونوا كأوائلهم وأسلافهم.
ثمّ قصّ اللّه من قصّتهم وقصّة موسى ما قصّ، يقول اللّه: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك} يعني: فقد سأل أسلاف هؤلاء اليهود وأوائلهم موسى عليه السّلام أعظم ممّا سألوك من تنزيل كتابٍ عليهم من السّماء فقالوا له {أرنا اللّه جهرةً} أي عيانًا نعاينه وننظر إليه.
وقد أتينا على معنى الجهرة بما في ذلك من الرّواية والشّواهد على صحّة ما قلنا في معناه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقد روى عن ابن عبّاس أنّه كان يقول في ذلك بما:
- حدّثني به الحرث، قال: حدّثنا أبو عبيدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون بن موسى، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن عبد الرّحمن بن معاوية، عن ابن عبّاسٍ، في هذه الآية، قال: إنّهم إذا رأوه فقد رأوه، إنّما قالوا: جهرةً أرنا اللّه، قال: هو مقدّمٌ ومؤخّرٌ وكان ابن عبّاسٍ يتأوّل ذلك أنّ سؤالهم موسى كان جهرةً.
وأمّا قوله: {فأخذتهم الصّاعقة} فإنّه يقول: فصعقوا بظلمهم أنفسهم، وظلمهم أنفسهم كان مسألتهم موسى أن يريهم ربّهم جهرةً، لأنّ ذلك ممّا لم يكن لهم مسألته.
وقد بيّنّا معنى الصّاعقة فيما مضى باختلاف المختلفين في تأويلها والدّليل على أولى ما قيل فيها بالصّواب.
وأمّا قوله: {ثمّ اتّخذوا العجل} فإنّه يعني: ثمّ اتّخذ هؤلاء الّذين سألوا موسى ما سألوه من رؤية ربّهم جهرةً، بعد ما أحياهم اللّه، فبعثهم من صعقتهم، العجل الّذي كان السّامريّ نبذ فيه ما نبذ من القبضة الّتي قبضها من أثر فرس جبريل عليه السّلام، إلهًا يعبدونه من دون اللّه.
وقد أتينا على ذكر السّبب الّذي من أجله اتّخذوا العجل وكيف كان أمرهم وأمره فيما مضى بما فيه الكفاية.
وقوله: {من بعد ما جاءتهم البيّنات} يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء الّذين سألوا موسى ما سألوا البيّنات من اللّه، والدّلالات الواضحات بأنّهم لن يروا اللّه عيانًا جهارًا. وإنّما عنى بالبيّنات: أنّها آياتٌ تبيّن عن أنّهم لن يروا اللّه في أيّام حياتهم في الدّنيا جهرةً، وكانت تلك الآيات البيّنات لهم على أنّ ذلك كذلك، إصعاق اللّه إيّاهم عند مسألتهم موسى أن يريهم ربّه جهرةً، ثمّ إحياءه إيّاهم بعد مماتهم مع سائر الآيات الّتي أراهم اللّه دلالةً على ذلك.
يقول اللّه مقبّحًا إليهم فعلهم ذلك وموضّحًا لعباده جهلهم ونقص عقولهم وأحلامهم: ثمّ أقرّوا للعجل بأنّه لهم إلهٌ، وهم يرونه عيانًا وينظرون إليه جهارًا، بعد ما أراهم ربّهم من الآيات البيّنات ما أراهم، أنّهم لا يرون ربّهم جهرةً وعيانًا في حياتهم الدّنيا، فعكفوا على عبادته مصدّقين بألوهيته.
وقوله: {فعفونا عن ذلك} يقول: فعفونا لعبدة العجل عن عبادتهم إيّاه، وللمصدّقين منهم بأنّه إلههم، بعد الّذي أراهم اللّه أنّهم لا يرون ربّهم في حياتهم من الآيات ما أراهم عن تصديقهم بذلك بالتّوبة الّتي تابوها إلى ربّهم بقتلهم أنفسهم وصبرهم في ذلك على أمر ربّهم. {وآتينا موسى سلطانًا مبينًا} يقول: وآتينا موسى حجّةً تبيّن عن صدقه وحقيّة نبوّته، وتلك الحجّة هي الآيات البيّنات الّتي آتاه اللّه إيّاها). [جامع البيان: 7/638-643]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مبينًا (153)
قوله تعالى: يسألك أهل الكتاب.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ، قوله: يسألك أهل الكتاب قال: اليهود.
قوله تعالى: أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء.
- وبه عن السّدّيّ قوله: أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك قالت له اليهود: إن كنت صادقًا أنّك رسول اللّه فأتنا بكتابٍ مكتوبٍ من السّماء كما جاء به موسى.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ زيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ عن قتادة، قوله: يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء أي كتابًا خاصّةً.
قوله تعالى: فقد سألوا موسى أكبر من ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة فقد سألوا موسى أكبر من ذلك قولهم: أرنا اللّه جهرةً.
قوله تعالى: فقالوا أرنا اللّه جهرةً.
- حدّثني أبي قال: كتب إليّ أحمد بن حفص بن عبد اللّه النّيسابوريّ، حدّثني أبي حدّثني إبراهيم بن طهمان، عن عبّاد بن إسحاق عن أبي الحويرن، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: في قول اللّه: جهرةً
أي: علانيةً.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، أخبرني سعيدٌ عن قتادة في قوله: جهرةً أي: عيانًا. وروي عن الرّبيع بن أنسٍ مثل ذلك.
قوله تعالى: فأخذتهم الصّاعقة.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ قوله: فأخذتهم الصّاعقة قال: هم السّبعون الّذين اختارهم موسى فساروا معه، قال: سمعوا كلامًا فصعقوا، يقول: ماتوا.
قوله تعالى: الصاعقة بظلمهم.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن صدقة، عيسى بن يونس الرّمليّ: ثنا محمّد بن شعيبٍ يعني ابن شابور قال: سمعت عروة بن رويمٍ يقول: سأل بنو إسرائيل موسى- يعني- أن يريهم اللّه جهرةً، فأخبرهم أنّهم لن يطيقوا ذلك، فأبوا، فسعوا من اللّه فصعق بعضهم وبعضٌ ينظرون، ثمّ بعث هؤلاء وصعق هؤلاء. والسّياق لمحمّدٍ.
وفي حديث عيسى بن يونس: ثمّ بعث الّذين صعقوا أو صعق الآخرون ثمّ بعثوا، فقال اللّه تعالى: فأخذتهم الصّاعقة.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: جهرةً فأخذتكم الصاعقة والصّاعقة: نارٌ.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: فأخذتهم الصّاعقة قال: أخذتهم الصّاعقة، أي: ماتوا.
قوله تعالى: ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات.
- حدّثنا عصام بن داود، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال:
قال أبو العالية: إنّما سمّي العجل، لأنّهم عجّلوا فاتّخذوه قبل أن يأتيهم.
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: العجل حسيل البقر: ولد البقرة.
قوله تعالى: فعفونا عن ذلك.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع عن أبي العالية قوله: فعفونا يعني: من بعد ما اتّخذوا العجل.
وروي عن الرّبيع بن أنس مثل ذلك.
قوله تعالى: وآتينا موسى سلطانًا مبينًا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: وآتينا موسى سلطانًا مبينًا يقول: حجّةً). [تفسير القرآن العظيم: 4/1103-1105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن موسى جاءنا بالألواح من عند الله فائتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء} إلى {وقولهم على مريم بهتانا عظيما}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال: إن اليهود والنصارى قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله من الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان أنك رسول الله فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب} الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: قالت اليهود: إن كنت صادقا أنك رسول الله فآتنا كتابا مكتوبا من السماء كما جاء به موسى.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {أن تنزل عليهم كتابا من السماء} أي كتابا خاصة، وفي قوله {جهرة} أي عيانا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {فقالوا أرنا الله جهرة} قال: إنهم إذا رأوه إنما قالوا جهرة أرنا الله قال: هو مقدم ومؤخر.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه قرأ فأخذتهم الصعقة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فأخذتهم الصاعقة} قال: الموت أماتهم الله قبل آجالهم عقوبة بقولهم ما شاء الله أن يميتهم ثم بعثهم). [الدر المنثور: 5/94-96]

تفسير قوله تعالى: (وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {ورفعنا فوقهم الطّور} يعني: الجبل، وذلك لمّا امتنعوا من العمل بما في التّوراة، وقبول ما جاءهم به موسى فيها {بميثاقهم} يعني: بما أعطوا اللّه الميثاق والعهد: لنعملنّ بما في التّوراة {وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا} يعني: باب حطّةٍ، حين أمروا أن يدخلوا منه سجودًا، فدخلوا يزحفون على أستاههم. {وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت} يعني بقوله: {لا تعدوا في السّبت} لا تتجاوزوا في يوم السّبت ما أبيح لكم إلى ما لم يبح لكم. كما:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا} قال: كنّا نحدّث أنّه بابٌ من أبواب بيت المقدس {وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت} أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السّبت ولا يعرضوا لها، وأحلّ لهم ما وراء ذلك.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أمصار الإسلام: {لا تعدوا في السّبت} بتخفيف العين؛ من قول القائل: عدوت في الأمر: إذا تجاوزت الحقّ فيه، أعدو عدوًا وعدوانًا وعداءً.
وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل المدينة: وقلنا لهم لا تعدّوا بتسكين العين وتشديد الدّال والجمع بين ساكنين، بمعنى: تعتدوا، ثمّ تدغم التّاء في الدّال فتصير دالًّا مشدّدةً مضمومةً، كما قرأ من قرأ: أم من لا يهدّي بتسكين الهاء.
وقوله {وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} يعني: عهدًا مؤكّدًا شديدًا، بأنّهم يعملون بما أمرهم اللّه به وينتهون عمّا نهاهم اللّه عنه ممّا ذكره في هذه الآية وممّا في التّوراة.
وقد بيّنّا فيما مضى السّبب الّذي من أجله كانوا أمروا بدخول الباب سجّدًا، وما كان من أمرهم في ذلك، وخبرهم وقصّتهم، وقصّة السّبت، وما كان اعتداؤهم فيه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 7/644-645]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا (154)
قوله تعالى: ورفعنا فوقهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ البطين في قوله: ورفعنا فوقهم الطّور قال: رفعته الملائكة.
قوله تعالى: الطّور بميثاقهم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحرث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: الطّور قال: الطّور: ما أنبت من الجبال، وما لم ينبت فليس بطورٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن مهديٍّ المصّيصيّ، ثنا أبو عبد الصّمد العمّيّ عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: الطّور: جبلٌ.
وروي عن مجاهدٍ، وعكرمة، والحسن، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، وأبي صخرٍ نحو ذلك.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاجٌ قال ابن جريجٍ قال لي عطاءٌ: ورفعنا فوقهم الطّور: رفع فوقهم الجبل على بني إسرائيل، فقال: لتؤمننّ به أو ليقعنّ عليكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: فلمّا أبوا أن يسجدوا أمر اللّه الجبل أن يقع عليهم فنظروا إليه وقد غشيهم، فسقطوا سجّدًا على شقٍّ ونظروا بالشّقّ الآخر فرحمهم اللّه فكشفه عنهم، فقالوا: ما سجدةٌ أحبّ إلى اللّه من سجدةٍ كشف بها العذاب عنهم فهم يسجدون كذلك، وذلك قول اللّه تعالى: ورفعنا فوقهم الطّور.
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث الرّازيّ قال: أنبأ يحيى بن الضّريس عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله:
ادخلوا الباب سجّدًا قال: من بابٍ صغيرٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا مالك بن إسماعيل أبو غسّان، ثنا زهيرٌ، قال: سئل خصيفٌ عن قول اللّه تعالى: ادخلوا الباب سجّدًا قال: قال عكرمة: قال ابن عبّاسٍ: كان الباب قبل القبلة.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن صبّاحٍ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: باب الحطّة من باب إيلياء بيت المقدس.
وروي عن الضّحّاك، والسّدّيّ مثل قول مجاهد.
قوله تعالى: سجدا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن همّام بن منبّهٍ أنّه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قال اللّه تعالى لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجّدًا فدخلوا الباب يزحفون على أستائهم.
- حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا يحيى بن آدم، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله:
ادخلوا الباب سجّدًا قال: ركّعًا من بابٍ صغيرٍ، فدخلوا من قبل أستائهم.
[الوجه الثاني]
- حدّثنا أبي، ثنا مالك بن إسماعيل أبو غسّان، ثنا زهيرٌ قال: سئل خصيفٌ عن قول اللّه تعالى: ادخلوا الباب سجّدًا قال عكرمة: قال ابن عبّاسٍ:
فدخلوا على شقٍّ.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع قوله: سجّدًا قال: وكان سجود أحدهم على خدّه.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا مقاتل بن محمّدٍ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي سعدٍ الأزديّ، عن أبي الكنود، عن عبد اللّه يعني ابن مسعودٍ قال: قيل لهم:
ادخلوا الباب سجّدًا، فدخلوا مقنعي رؤوسهم.
قوله تعالى: وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، أخبرني عمرو بن مرّة، سمع عبد الله سلمة يحدّث عن صفوان بن عسّالٍ المراديّ أنّ رجلين من أهل الكتاب قال أحدهما لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النّبيّ، فقال: لا يسمعن هذا فيصير له أربعة له أربعة أعينٍ، فأتياه فسألاه عن تسع آياتٍ بيّناتٍ، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
وعليكم خاصّة يهود أن لا تعدوا في السّبت، فقبّلا يديه ورجليه، وقالا: نشهد أنّك نبيٌّ.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ عن قتادة وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السّبت ولا يعرضوا، وأحلّت لهم ما خلا ذلك.
قوله تعالى: وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا.
- حدّثنا أبو بكر أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٌ عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: غليظاً يعني: شديدًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/1105-1107]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: {ادخلوا الباب سجّدًا} [النساء: 154] قال: «بابًا ضيّقًا». قال: «ركّعًا» {وقولوا حطّةٌ} [البقرة: 58] قال: " مغفرةً، فقالوا: حنطةٌ ودخلوا على أستاههم " فذلك قوله تعالى {فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم} [البقرة: 59] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2/288] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {ورفعنا فوقهم الطور} قال: جبل كانوا في أصله فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة فقال: لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فقالوا: نأخذه وأمسكه الله عنهم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا} قال: كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} قال: أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا لها وأحلت لهم ما خلا ذلك وفي قوله {فبما نقضهم} يقول: فبنقضهم ميثاقهم {وقولهم قلوبنا غلف} أي لا نفقه {بل طبع الله عليها} يقول: لما ترك القوم أمر الله وقتلوا رسوله وكفروا بآياته ونقضوا الميثاق الذي عليهم طبع الله على قلوبهم ولعنهم حين فعلوا ذلك). [الدر المنثور: 5/96-97]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (أرنا الله جهرةً) (152): علانية). [مجاز القرآن: 1/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الصّعق: الموت، قال تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}، وقال تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}. أي ميّتا، ثم ردّ الله إليه حياته.
وقال الله تعالى: {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}، أي الموت، يدلك على ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 501] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرة فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا (153)
وهذا حين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (ولن نؤمن لرقيّك حتّى تنزّل علينا كتابا نقرؤه).
أي فقد سألوا موسى بعد أن جاءهم بالآيات، فقالوا: (أرنا الله جهرة).
وقال أهل اللغة في (جهرة) قولين:
قال أبو عبيدة: قالوا جهرة أرنا اللّه؛ لأنهم إذا رأوا الله فالسر جهرة، فإنما جهرة صفة لقولهم.
وقال بعضهم: (أرنا اللّه جهرة)، إنما معناه أرنا رؤية بينة منكشفة ظاهرة؛ لأن من علم الله عزّ وجلّ فقد زاد علما، ولكن سألوه رؤية يدركونها بأبصارهم.
ودليل هذا القول قوله عز وجلّ: (وإذ قلتم يا موسى لن نومن لك حتى نرى الله جهرة). وهذا عندي هو القول البين إن شاء اللّه). [معاني القرآن: 2/126-127]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة}
قال قتادة: أي عيانا
وقال أبو عبيدة: هو من صفة القول والمعنى فقالوا : جهرة أرنا الله والقول عند أهل النظر قول قتادة، والمعنى فقالوا: أرنا الله رؤية منكشفة؛ لأن من عرف الله فقد رآه علما). [معاني القرآن: 2/228-229]

تفسير قوله تعالى: (وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (الّطور) (153): الجبل). [مجاز القرآن: 1/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (و{الطور}: الجبل). [غريب القرآن وتفسيره: 124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً} كل من أرسل إليه رسول فاستجاب له وأقرّ به فقد أخذ منه الميثاق). [تفسير غريب القرآن: 136]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم} الطور الجبل). [معاني القرآن: 2/229]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا}
قال قتادة: كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس). [معاني القرآن: 2/229-230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} قال قتادة نهوا عن صيد الحيتان في يوم السبت ويقال عدا يعدو عدوا وعدوانا وعداء وعدوا إذا جاوز الحق ويقرأ (تعدوا) بمعنى تعتدوا). [معاني القرآن: 2/230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فيما نقضهم ميثاقهم}
(ما) زائدة للتوكيد يؤدي عن معنى قولك حقا
وفي معناه ثلاثة أقوال:
أحدها أن قتادة قال: المعنى فبنقضهم ميثاقهم لعناهم فعلى قول قتادة حذف هذا لعلم السامع.
وقال الكسائي: هو متعلق بما قبله والمعنى فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم عطف على ذلك إلى قوله: {فبما نقضهم ميثاقهم}
فزعم أنه فسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة من أجله بما بعده من نقضهم ميثاقهم وقتلهم الأنبياء وسائر ما بين من أمورهم التي ظلموا فيها أنفسهم
وهذا خطأ وغلط؛ لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى والذين قتلوا الأنبياء ورموا مريم بالبهتان كانوا بعد موسى عليه السلام بدهر طويل فليس الذين أخذتهم الصاعقة أخذتهم برميهم مريم بالبهتان، وقول قتادة أولاها بالصواب.
قال أبو جعفر: قال أبو إسحاق: المعنى فبما نقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم فنقضوا ذلك وكتموها). [معاني القرآن: 2/230-232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الطُّورَ}: الجبل). [العمدة في غريب القرآن: 115]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 04:09 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) }

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المتأولون في كيفية سؤال أهل الكتاب لمحمد عليه الصلاة والسلام أن ينزل عليهم كتابا من السماء، فقال السدي: قالت اليهود: يا محمد إن كنت صادقا فجيء بكتاب من السماء كما جاء موسى بكتاب، وقال محمد بن كعب القرظي: قد جاء موسى بألواح فيها التوراة فجيء أنت بألواح فيها كتابك، وقال قتادة: بل سألوه أن يأتي بكتاب خاص لليهود، يأمرهم فيه بالإيمان بمحمد، وقال ابن جريج: قالت اليهود: يا محمد لن نتابعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان وإلى فلان أنك رسول الله.
قال القاضي أبو محمد- رحمه الله-: فقول ابن جريج يقتضي أن سؤالهم كان على نحو سؤال عبد الله بن أبي أمية المخزومي القرشي، ثم قال تعالى فقد سألوا موسى أكبر من ذلك على جهة التسلية لمحمد عليه السلام، وعرض الأسوة، وفي الكلام متروك يدل عليه المذكور، تقديره: فلا تبال يا محمد عن سؤالهم وتشططهم فإنها عادتهم، فقد سألوا موسى أكبر من ذلك، وقرأ جمهور الناس «أكبر» بالباء المنقوطة بواحدة، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «أكثر» بالثاء المثلثة، وجمهور الناس «أكبر» بالباء المنقوطة بواحدة، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «أكثر» بالثاء المثلثة، وجمهور المتأولين على أن جهرةً معمول ل أرنا، أي: حتى نراه جهارا أي عيانا رؤية منكشفة بينة، وروي عن ابن عباس أنه كان يرى أن جهرةً معمول لقالوا، أي قالوا جهرة منهم وتصريحا أرنا اللّه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأهل السنة معتقدون أن هؤلاء لم يسألوا محالا عقلا، لكنه محال من جهة الشرع، إذ قد أخبر تعالى على ألسنة أنبيائه أنه لا يرى في هذه الحياة الدنيا، والرؤية في الآخرة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر المتواتر، وهي جائزة عقلا دون تحديد ولا تكييف ولا تحيز، كما هو تعالى معلوم لا كالمعلومات كذاك هو مرئي لا كالمرئيات، هذه حجة أهل السنة وقولهم، ولقد حدثني أبي رضي الله عنه عن أبي عبد الله النحوي أنه كان يقول عند تدريس هذه المسألة: مثال العلم بالله حلق لحا المعتزلة في إنكارهم الرؤية، والجملة التي قالت أرنا اللّه جهرةً هي التي مضت مع موسى لحضور المناجاة، وقد تقدم قصصها في سورة البقرة، وقرأ جمهور الناس «فأخذتهم الصاعقة» وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وإبراهيم النخعي «الصعقة» والمعنى يتقارب، إذ ذلك كله عبارة عن الوقع الشديد من الصوت يصيب الإنسان بشدته وهو له خمود وركود حواس، وبظلمهم هو تعنتهم وسؤالهم ما ليس لهم أن يسألوه. وقوله تعالى: قد كان من أمرهم أن اتخذوا العجل، وذلك أن اتخاذ العجل كان عند أمر المضي للمناجاة، فلم يكن الذين صعقوا ممن اتخذوا العجل، لكن الذين اتخذوه كانوا قد جاءتهم البينات في أمر إجازة البحر وأمر العصا وغرق فرعون وغير ذلك، وقوله تعالى: فعفونا عن ذلك يعني بما امتحنهم به من القتل لأنفسهم، ثم وقع العفو عن الباقين منهم، و «السلطان» الحجة). [المحرر الوجيز: 3/56-58]

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّداً وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً (154) فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات اللّه وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ وقولهم قلوبنا غلفٌ بل طبع اللّه عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلاّ قليلاً (155) وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً (156)
الطّور الجبل اسم جنس، هذا قول، وقيل الطّور: كل جبل غير منبت، وبالشام جبل قد عرف بالطور ولزمه الاسم وهو طور سيناء، وليس بالمرفوع على بني إسرائيل، لأن رفع الجبل كان فيما يلي فحص التيه من جهة ديار مصر، وهم ناهضون مع موسى عليه السلام، وقد تقدم في سورة البقرة قصص رفع الطور، وقوله بميثاقهم أي بسبب ميثاقهم أن يعطوه في أخذ الكتاب بقوة والعمل بما فيه، وقوله تعالى: وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّداً هو باب بيت المقدس المعروف بباب حطة، أمروا أن يتواضعوا شكرا لله تعالى على الفتح الذي منحهم في تلك البلاد، وأن يدخلوا باب المدينة سجّدا. وهذا نوع من سجدة الشكر التي قد فعلها كثير من العلماء، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان مالك بن أنس رحمه الله لا يراها. وقوله تعالى وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت أي على الحيتان وفي سائر الأعمال، وهؤلاء كانوا بأيلة من ساحل البحر فأمروا بالسكون عن كل شغل في يوم السبت فلم يفعلوا، بل اصطادوا وتصرفوا، وقد تقدم قصص ذلك، وأخذ الله تعالى منهم «الميثاق الغليظ» هو على لسان موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء، أي بأنهم يأخذون التوراة بقوة، ويعملون بجميع ما فيها، ويوصلونه إلى أبنائهم ويؤدون الأمانة فيه). [المحرر الوجيز: 3/58-59]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مبينًا (153) ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا (154)}
قال محمّد بن كعبٍ القرظيّ، والسّدّيّ، وقتادة: سأل اليهود رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزّل عليهم كتابًا من السّماء. كما نزلت التّوراة على موسى مكتوبةً.
قال ابن جريج: سألوه أن ينزّل عليهم صحفًا من اللّه مكتوبةً إلى فلانٍ وفلانٍ وفلانٍ، بتصديقه فيما جاءهم به. وهذا إنّما قالوه على سبيل التّعنّت والعناد والكفر والإلحاد، كما سأل كفار قريشٍ قبلهم نظير ذلك، كما هو مذكورٌ في سورة "سبحان": {وقالوا لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا} [الإسراء: 90، 93] الآيات. ولهذا قال تعالى: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم} أي: بطغيانهم وبغيهم، وعتوّهم وعنادهم. وهذا مفسّرٌ في سورة "البقرة" حيث يقول تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتّى نرى اللّه جهرةً فأخذتكم الصّاعقة وأنتم تنظرون. ثمّ بعثناكم من بعد موتكم لعلّكم تشكرون} [البقرة: 55، 56].
وقوله تعالى: {ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات} أي: من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلّة القاهرة على يد موسى، عليه السّلام، في بلاد مصر وما كان من إهلاك عدوّ اللّه فرعون وجميع جنوده في اليمّ، فما جاوزوه إلّا يسيرًا حتّى أتوا على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم، فقالوا لموسى {اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ [قال إنّكم قومٌ تجهلون. إنّ هؤلاء متبّرٌ ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون]} [الأعراف: 138، 139]. ثمّ ذكر تعالى قصّة اتّخاذهم العجل مبسوطةً في سورة "الأعراف"، وفي سورة "طه" بعد ذهاب موسى إلى مناجاة اللّه، عزّ وجلّ، ثمّ لمّا رجع وكان ما كان، جعل اللّه توبتهم من الّذي صنعوه وابتدعوه: أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده، فجعل يقتل بعضهم بعضًا ثمّ أحياهم اللّه، عزّ وجلّ، فقال اللّه عزّ وجلّ {فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مبينًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/446]

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم} وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التّوراة، وظهر منهم إباءٌ عمّا جاءهم به موسى، عليه السّلام، ورفع اللّه على رؤوسهم جبلًا ثمّ ألزموا فالتزموا وسجدوا، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط عليهم، كما قال تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ [واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون]} [الأعراف: 171].
{وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا} أي: فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل، فإنّهم أمروا أن يدخلوا باب بيت القدس سجّدًا، وهم يقولون: حطّةٌ. أي: اللّهمّ حطّ عنّا ذنوبنا في تركنا الجهاد ونكولنا عنه، حتّى تهنا في التّيه أربعين سنةً. فدخلوا يزحفون على استاههم، وهم يقولون: حنطةٌ في شعرةٍ.
{وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت} أي: وصّيناهم بحفظ السّبت والتزام ما حرّم اللّه عليهم، ما دام مشروعًا لهم {وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} أي: شديدًا، فخالفوا وعصوا وتحيّلوا على ارتكاب مناهي اللّه، عزّ وجلّ، كما هو مبسوطٌ في سورة الأعراف عند قوله: {واسألهم عن القرية الّتي كانت حاضرة البحر [إذ يعدون في السّبت]} [الأعراف: 163-166] الآيات، وسيأتي حديث صفوان بن عسّالٍ، في سورة "سبحان" عند قوله: {ولقد آتينا موسى تسع آياتٍ بيّناتٍ} [الإسراء: 101]، وفيه: "وعليكم -خاصة يهود-أن لا تعدوا في السبت"). [تفسير القرآن العظيم: 2/446-447]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة