العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الثاني 1434هـ/22-02-2013م, 01:05 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (140) إلى الآية (141) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (140) إلى الآية (141) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:47 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) )

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا محمّد بن فضيل بن غزوان، عن عبيد المكتب، عن إبراهيم قال: إن الرجل ليجلس في المجلس، فيتكلّم (بالكلمة)، فيرضى الله عزّ وجلّ بها، فتصيبه الرّحمة، فتعمّ من حوله. وإنّ الرّجل ليجلس في المجلس، فيتكلّم بالكلمة، (فيسخط الله بها)، فيصيبه السّخط، فيعمّ من حوله.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا محمّد بن فضيل، عن حجّاج بن دينارٍ، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل نحوًا من هذا، وزاد فيه: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذًا مثلهم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن محمّد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص اللّيثي، عن أبيه، عن جدّه، عن بلال بن الحارث، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((إنّ الرّجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان اللّه عزّ وجلّ ما يظنّ أن تبلغ ما بلغت، فيكتب اللّه له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإنّ الرّجل ليتكلّم بالكلمة من سخط اللّه، ما يظنّ أن تبلغ ما بلغت، فيكتب اللّه له (بها) سخطه إلى يوم يلقاه)) ). [سنن سعيد بن منصور: 4/1406-1411]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}
- أخبرنا عليّ بن حجرٍ، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدّه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ويلٌ للّذي يحدّث فيكذب فيضحك به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/74]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (علامةٌ المنافق
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا إسماعيل بن جعفرٍ، عن أبي سهيلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدّث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/74]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفّر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: بشّر المنافقين الّذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين. {وقد نزّل عليكم في الكتاب} يقول: أخبر من اتّخذ من هؤلاء المنافقين الكفّار أنصارًا وأولياء بعدما نزل عليهم من القرآن {أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره} يعني: بعدما علموا نهي اللّه عن مجالسة الكفّار الّذين يكفرون بحجج اللّه وآي كتابه، ويستهزئون بها {حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره} يعني بقوله: {يخوضوا} يتحدّثوا حديثًا غيره بأنّ لهم عذابًا أليمًا.
وقوله: {إنّكم إذًا مثلهم} يعني: وقد نزّل عليكم أنّكم إن جالستم من يكفر بآيات اللّه، ويستهزئ بها وأنتم تسمعون فأنتم مثلهم، يعني: فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال مثلهم في فعلهم، لأنّكم قد عصيتم اللّه بجلوسكم معهم، وأنتم تسمعون آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها كما عصوه باستهزائهم بآيات اللّه، فقد أتيتم من معصية اللّه نحو الّذي أتوه منها، فأنتم إذًا مثلهم في ركوبكم معصية اللّه، وإتيانكم ما نهاكم اللّه عنه.
وفي هذه الآية الدّلالة الواضحة على النّهي عن مجالسة أهل الباطل من كلّ نوعٍ من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم.
وبنحو ذلك كان جماعةٌ من الأمّة الماضين يقولون تأوّلاً منهم هذه الآية، إنّه مرادٌ بها النّهي عن مشاهدة كلّ باطلٍ عند خوض أهله فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، عن العوّام بن حوشبٍ عن إبراهيم التّيميّ، عن أبي وائلٍ، قال: إنّ الرّجل ليتكلّم بالكلمة في المجلس من الكذب ليضحك بها جلساءه، فيسخط اللّه عليهم. قال: فذكرت ذلك لإبراهيم النّخعيّ، فقال: صدق أبو وائلٍ. أوليس ذلك في كتاب اللّه: {أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، عن العلاء بن المنهال، عن هشام بن عروة، قال: أخذ عمر بن عبد العزيز قومًا على شرابٍ، فضربهم وفيهم صائمٌ، فقالوا: إنّ هذا صائمٌ فتلا: {فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أن إذا سمعتم آيات اللّه، يكفر بها ويستهزأ بها} وقوله: {ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله} وقوله: {أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه} ونحو هذا من القرآن، قال: أمر اللّه المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم: إنّما هلك من كان قبلكم بالمراء والخصومات في دين اللّه.
وقوله: {إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم} يقول: إنّ اللّه جامع الفريقين من أهل الكفر والنّفاق في القيامة في النّار، فموفّقٌ بينهم في عقابه في جهنّم وأليمٌ عذابه، كما اتّفقوا في الدّنيا فاجتمعوا على عداوة المؤمنين وتوازروا على التّخذيل عن دين اللّه وعن الّذي ارتضاه وأمر به أهله.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: وقد نزّل عليكم في الكتاب فقرأ ذلك عامّة القرّاء بضمّ النّون وتثقيل الزّاي وتشديدها على وجه ما لم يسمّ فاعله. وقرأ بعض الكوفيّين بفتح النّون وتشديد الزّاي على معنى: وقد نزّل اللّه عليكم. وقرأ ذلك بعض المكّيّين: وقد نزل عليكم بفتح النّون وتخفيف الزّاي، بمعنى: وقد جاءكم من اللّه أن إذا سمعتم.
قال أبو جعفرٍ: وليس في هذه القراءات الثّلاثة وجهٌ يبعد معناه ممّا يحتمله الكلام، غير أنّ الّذي أختار القراءة به قراءة من قرأ: (وقد نزّل) بضمّ النّون وتشديد الزّاي، على وجه ما لم يسمّ فاعله؛ لأنّ معنى الكلام فيه: التّقديم على ما وصفت قبل، على معنى {الّذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها} إلى قوله: {حديثٍ غيره} {أيبتغون عندهم العزّة} فقوله: {فإنّ العزّة للّه جميعًا} يعني التّأخير، فلذلك كان ضمّ النّون من قوله: {نزّل} أصوب عندنا في هذا الموضع.
وكذا اختلفوا في قراءة قوله: {والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل} فقرأه بفتحٍ {أنزل} أكثر القرّاء، بمعنى: والكتاب الّذي نزّل اللّه على رسوله، والكتاب الّذي أنزل من قبل. وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة بضمّه في الحرفين كلاهما، بمعنى: ما لم يسمّ فاعله. وهما متقاربتا المعنى، غير أنّ الفتح في ذلك أعجب إليّ من الضّمّ، لأنّ ذكر اللّه قد جرى قبل ذلك في قوله: {آمنوا باللّه ورسوله}). [جامع البيان: 7/602-605]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعًا (140)
قوله تعالى: وقد نزّل عليكم في الكتاب
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: وقد نزّل عليكم في الكتاب. قال: في سورة الأنعام بمكّة.
قوله تعالى: أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها ونحو هذا في القرآن قال: أمر اللّه المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والفرقة وأخبرهم إنّما هلك من كان قبلهم بالمري والخصومات في الدّين.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فنسخت هذه الآية الّتي في الأنعام فكان هذا الّذي أنزل بالمدينة. وخوّفهم فقال: إن قعدتم ورضيتم بخوضهم واستهزائهم بالقرآن ف إنكم إذًا مثلهم.
قوله تعالى: فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن سلامٍ الطّرسوسيّ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ العوّام بن حوشبٍ، عن إبراهيم التّيميّ عن أبي وائلٍ، قال: إنّ الرّجل ليتكلّم بالكلمة من الكذب ليضحك بها القوم، فيسخط اللّه عليه، فذكرت ذلك لإبراهيم، النّخعيّ فقال: صدق، أليس اللّه تعالى يقول: إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره.
قوله تعالى: إنّكم إذًا مثلهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن العلاء بن المنهال عن هشام ابن عروة، أنّ عمر بن عبد العزيز أخذ قومًا يشربون فضربهم وفيهم رجلٌ صالحٌ فقيل إنّه صائمٌ، فتلا: فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعًا.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان فقال: إن قعدتم ورضيتم بخوضهم واستهزائهم بالقرآن ف إنكم إذا مثلهم.
قوله تعالى: إن الله جامع المنافقين الآية.
- وبه عن مقاتلٍ قوله: إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعًا قال: إنّ اللّه جامع المنافقين من أهل المدينة والمشركين من أهل مكّة، الّذين خاضوا واستهزءوا بالقرآن في جهنّم جميعًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/1092-1094]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر، وابن جرير عن أبي وائل قال: إن الرجل ليتكلم في المجلس بالكلمة الكذب يضحك بها جلساءه فيسخط الله عليهم جميعا فذكر ذلك لإبراهيم النخعي فقال: صدق أبو وائل أو ليس ذلك في كتاب الله {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: أنزل في سورة الأنعام (حتى يخوضوا في حديث غيره) (الأنعام الآية 68) ثم نزل التشديد في سورة النساء {إنكم إذا مثلهم}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في الآية قال: كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول الله والقرآن فشتموه واستهزؤوا به فأمر الله أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
وأخرج عن سعيد بن جبير أن الله جامع المنافقين من أهل المدينة والمشركين من أهل مكة الذين خاضوا واستهزؤوا بالقرآن في جهنم جميعا). [الدر المنثور: 5/78-79]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن الأعمش عن يشيع الكندي في قوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا قال جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال كيف تقرأ هذه الآية ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وهم يقتلون قال علي ادنه فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين يوم القيامة على المؤمنين سبيلا). [تفسير عبد الرزاق: 1/175]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن ذرٍّ عن يسيع قال: جاء رجلٌ إلى علي فقال: يقول اللّه تبارك وتعالى: {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا} وهو ذا المؤمنين يقتلون له عليٌّ: ادنه فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا [الآية: 141]). [تفسير الثوري: 98]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من اللّه قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {الّذين يتربّصون بكم} الّذين ينتظرون أيّها المؤمنون بكم {فإن كان لكم فتحٌ من اللّه} يعني: فإن فتح اللّه عليكم فتحًا من عدوّكم، فأفاء عليكم فيئًا من المغانم. {قالوا} لكم {ألم نكن معكم} نجاهد عدوّكم، ونغزوهم معكم، فأعطونا نصيبًا من الغنيمة، فإنّا قد شهدنا القتال معكم. {وإن كان للكافرين نصيبٌ} يعني: وإن كان لأعدائكم من الكافرين حظٌّ منكم بإصابتهم منكم. {قالوا ألم نكن مّعكم} يعني: قال هؤلاء المنافقون للكافرين: {ألم نستحوذ عليكم} يعني: قال هؤلاء المنافقون للكافرين: {ألم نستحوذ عليكم} ألم نغلب عليكم حتّى قهرتم المؤمنين، ونمنعكم منهم بتخذيلنا إيّاهم، حتّى امتنعوا منكم فانصرفوا. {فاللّه يحكم بينهم يوم القيامة} يعني: فاللّه يحكم بين المؤمنين والمنافقين يوم القيامة، فيفصل بينكم بالقضاء الفاصل بإدخال أهل الإيمان جنّته وأهل النّفاق مع أوليائهم من الكفّار ناره. {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} يعني: حجّةً يوم القيامة.
وذلك وعدٌ من اللّه المؤمنين أنّه لن يدخل المنافقين مدخلهم من الجنّة ولا المؤمنين مدخل المنافقين، فيكون بذلك للكافرين على المؤمنين حجّةٌ، بأن يقولوا لهم: أن ادخلوا مدخلهم، ها أنتم كنتم في الدّنيا أعداءنا، وكان المنافقون أولياءنا، وقد اجتمعتم في النّار فيجمع بينكم وبين أوليائنا، فأين الّذين كنتم تزعمون أنّكم تقاتلوننا من أجله في الدّنيا؟ فذلك هو السّبيل الّذي وعد اللّه المؤمنين أن لا يجعلها عليهم للكافرين.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {فإن كان لكم فتحٌ من اللّه} قال: المنافقون يتربّصون بالمسلمين، فإن كان لكم فتحٌ قال: إن أصاب المسلمون من عدوّهم غنيمةً، قال المنافقون: ألم نكن معكم؟ قد كنّا معكم فأعطونا غنيمةً مثل ما تأخذون وإن كان للكافرين نصيبٌ يصيبونه من المسلمين، قال المنافقون للكافرين: ألم نستحوذ عليكم، ونمنعكم من المؤمنين؟ قد كنّا نثبّطهم عنكم
واختلف أهل التّأويل في تأوّل قوله: {ألم نستحوذ عليكم} فقال بعضهم: معناه: ألم نغلب عليكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ألم نستحوذ عليكم} قال: نغلب عليكم.
وقال آخرون: معنى ذلك: ألم نبيّن لكم أنّا معكم على ما أنتم عليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ألم نستحوذ عليكم} ألم نبيّن لكم أنّا معكم على ما أنتم عليه.
قال أبو جعفرٍ: وهذان القولان متقاربًا المعنى، وذلك أنّ من تأوّله بمعنى: ألم نبيّن لكم إنّما أراد إن شاء اللّه ألم نغلب عليكم بما كان منّا من البيان لكم أنّا معكم.
وأصل الاستحواذ في كلام العرب فيما بلغنا الغلبة، ومنه قول اللّه جلّ ثناؤه: {استحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه} بمعنى غلب عليهم، يقال منه: حاذ عليه، واستحاذ يحيذ ويستحيذ، وأحاذ يحيذ. ومن لغة من قال حاذ، قول العجّاج في صفة ثورٍ وكلابٍ:.
يحوذهنّ وله حوذيّ = وقد أنشد بعضهم:.
يحوزهنّ وله حوزي = وهما متقاربا المعنى.
ومن لغة من قال أحاذ، قول لبيدٍ في صفة عيرٍ وأتنٍ:
إذا اجتمعت وأحوذ جانبيها = وأوردها على عوجٍ طوال
يعني بقوله: وأحوذ جانبيها: غلبها وقهرها حتّى حاذ كلا جانبيه فلم يشذّ منها شيءٌ.
وكان القياس في قوله: {استحوذ عليهم الشّيطان} أن يأتي استحاذ عليهم، لأنّ الواو إذا كانت عين الفعل وكانت متحرّكةً بالفتح وما قبلها ساكنٌ، جعلت العرب حركتها في فاء الفعل قبلها، وحوّلوها ألفًا متبعةً حركة ما قبلها، كقولهم: استحال هذا الشّيء عمّا كان عليه من حال يحول، واستنار فلانٌ بنور اللّه من النّور، واستعاذ باللّه من عاذ يعوذ. وربّما تركوا ذلك على أصله، كما قال لبيدٌ: وأحوذ، ولم يقل: وأحاذ.
وبهذه اللّغة جاء القرآن في قوله: {استحوذ عليهم الشّيطان}.
وأمّا قوله: {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} فلا خلاف بينهم في أنّ معناه: ولن يجعل اللّه للكافرين يومئذٍ على المؤمنين سبيلاً..
ذكر الخبر عمّن قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن ذرٍّ، عن يسيعٍ الحضرميّ، قال: كنت عند عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، فقال رجلٌ: يا أمير المؤمنين أرأيت قول اللّه: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} وهم يقاتلوننا فيظهرون ويقتلون؟ قال له عليّ: ادنه. ثمّ قال: {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} يوم القيامة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن ذرٍّ، عن يسيعٍ الكنديّ في قوله: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال: جاء رجلٌ إلى عليّ بن أبي طالبٍ، فقال: كيف هذه الآية: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} فقال عليّ: ادنه {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه} يوم القيامة {للكافرين على المؤمنين سبيلا}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن ذرٍّ، عن ٍ يسيع الحضرميّ، مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، قال: سمعت سليمان يحدّث عن ذرٍّ عن رجلٍ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه أنّه قال في هذه الآية: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال: في الآخرة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} يوم القيامة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال: ذاك يوم القيامة.
وأمّا السّبيل في هذا الموضع فالحجّة. كما:.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال: حجّةً). [جامع البيان: 7/605-611]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من اللّه قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا (141)
قوله تعالى: الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من الله قالوا ألم نكن معكم.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة يعني قوله: الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من اللّه قالوا ألم نكن معكم قال: هم المنافقين.
قوله تعالى: وإن كان للكافرين نصيبٌ.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الخطميّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: نصيبٌ يعني: حظًّا.
قوله تعالى: ألم نستحوذ عليكم.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: وإن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم يقول: نغلب عليكم.
قوله تعالى: ونمنعكم من المؤمنين.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: ونمنعكم من المؤمنين فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة قال: هم المنافقون
- حدّثنا أبو هارون محمّد بن خالدٍ الحرّانيّ، ثنا عبد اللّه بن الجهم ثنا عمرٌو يعني ابن أبي قيسٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: يجتمع النّاس في صعيدٍ واحدٍ في أرضٍ بيضاء كأنّها سبيكةٌ فضّيّةٌ، ثمّ أوّل ما يقضى فيه من خصومات النّاس الدّماء، فيؤتى بالقاتل والمقتول فيوقفان بين يدي الرّحمن، فيقال له:
لم قتلته؟ فإن قتله للّه قال: قتلته لتكون العزّة للّه، قال: فيقال: فإنّها للّه، وإن كان قتله لخلقٍ من خلق اللّه يقول: قتلته لتكون العزّة لفلانٍ، فيقال: فإنّها ليست له، فيقتله يومئذ كل خلق لله قتلته ظالمًا غير أنّه يذاق الموت عدّة الأيّام الّتي أذاقها الآخر في الدّنيا.
قوله تعالى: ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا.
- حدّثنا أبي، ثنا معاذ بن أسدٍ المروزيّ، ثنا الفضل بن موسى ثنا الأعمش، عن ذرٍّ، عن يسيعٍ قال: جاء رجلٌ إلى عليٍّ فقال: أرأيت قول اللّه تعالى:
ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا قال: الكافر يقتل المؤمن والمؤمن يقتل الكافر، قال عليٌّ: ولن يجعل اللّه للكافرين يوم القيامة على المؤمنين سبيلا.
وروي عن أبي مالكٍ، وعطاء الخرساني نحو ذلك.
قوله تعالى: سبيلا.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٍ عن السّدّيّ قوله: سبيلا قال: حجّةً). [تفسير القرآن العظيم: 4/1094-1095]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن ذرٍّ، عن سبيعٍ الكنديّ، قال: كنت عند عليّ بن أبي طالبٍ فقال رجلٌ: يا أمير المؤمنين، أرأيت قول اللّه تعالى: {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة، ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا} [النساء: 141] وهم يقاتلونهم فيظهرون ويقتلون؟ فقال عليٌّ: " ادنه ادنه، ثمّ قال: {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا} [النساء: 141] " هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه). [المستدرك: 2/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {الذين يتربصون بكم} قال: هم المنافقون يتربصون بالمؤمنين {فإن كان لكم فتح من الله} إن أصاب المسلمون من عدوهم غنيمة قال المنافقون {ألم نكن معكم} قد كنا معكم فأعطونا من الغنيمة مثل ما تأخذون {وإن كان للكافرين نصيب} يصيبونه من المسلمين قال المنافقون للكفار {ألم نستحوذ عليكم} ألم نبين لكم أنا على ما أنتم عليه قد نثبطهم عنكم
وأخرج ابن جرير عن السدي {ألم نستحوذ عليكم} قال: نغلب عليكم.
أخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه عن علي أنه قيل له: أرأيت هذه الآية {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} وهم يقاتلونا فيظهرون ويقتلون فقال: ادنه ادنه ثم قال: فالله يحكم بينكم يوم القيامة {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}، واخرج ابن جرير عن علي {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال: ذاك يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال: ذاك يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي مالك، مثله
وأخرج ابن جرير عن السدي {سبيلا} قال: حجة). [الدر المنثور: 5/79-81]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:46 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (حتّى) يخوضوا في حديثٍ غيره) يأخذوا في حديث غيره). [مجاز القرآن: 1/141]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديث غيره إنّكم إذا مثلهم إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعا (140)
أعلم الله عزّ وجلّ المؤمنين أن المنافقين يهزأون بكتاب اللّه، فأمروا ألا يقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديث غيره أي في حديت غير القرآن.
وقوله: (إنّكم إذا مثلهم).
أي إنكم إذا جالستموهم على الخوض في كتاب اللّه بالهزؤ فأنتم مثلهم). [معاني القرآن: 2/121]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم...}
جزم. ولو نصبت على تأويل الصرف؛ كقولك في الكلام: ألم نستحوذ عليكم وقد منعناكم، فيكون مثل قوله: {ولمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} وهي في قراءة أبيّ (ومنعناكم من المؤمنين) فإن شئت جعلت "ومنعناكم" في تأويل "وقد كنا منعناكم" وإن شئت جعلته مردودا على تأويل {ألم} كأنه قال: أما استحوذنا عليكم ومنعناكم. وفي قراءة أبيّ (ألم تنهيا عن تلكما الشّجرة وقيل لكما) ). [معاني القرآن: 1/292]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ألم نستحوذ عليكم): نغلب عليكم (استحوذ عليهم الشّيطان): غلب عليهم، قال العجاج:
يحوذهنّ وله حوذىّ... كما يحوذ الفئة الكمىّ
أي يغلب عليها، يحوذهن: مثل يحوزهن، أي يجمعهن). [مجاز القرآن: 1/141-142]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({ألم نستحوذ عليكم}: نغلب عليكم). [غريب القرآن وتفسيره: 124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({نستحوذ عليكم} نغلب عليكم). [تفسير غريب القرآن: 136]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (الفتح: أن يفتح المغلق...، والفتح: النّصر، كقوله: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ} وقوله: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}، لأن النصر يفتح الله به أمرا مغلقا). [تأويل مشكل القرآن: 492]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتح من اللّه قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا (141)
(ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين)
هذا يقوله المنافقون إذا كان للكافرين نصيب قالوا: ألم نستحوذ عليكم، أي ألم نغلب عليكم بالموالاة لكم، ونمنعكم من المؤمنين بما كنا نعلمكم من أخبارهم.
ونستحوذ في اللغة: نستولي على الشيء، يقال حاذ الحمار آتنه إذا استولى عليها وجمعها، وكذلك حازها.
قال الشاعر:
يحوذهن وله حوذيّ
ورووه أيضا:
يحوزهن وله حوزيّ
قال النحويون: استحوذ خرج على أصله، فمن قال حاذ يحوذ لم يقل إلا استحاذ يستحيذ، ومن قال أحوذ فهو كما قال بعضهم أجودت وأطيبت بمعنى أجدت وأطبت، فأخرجه على الأصل قال: استحوذ.
وقوله: (ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا).
أي إن اللّه ناصر المؤمنين بالحجة والغلبة، فلن يجعل للكافرين أبدا على المؤمنين سبيلا). [معاني القرآن: 2/122]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {قالوا ألم نستحوذ عليكم} يقال استحوذ عليه إذا استولى عليه فالمعنى قال المنافقون للكافرين ألم نغلب عليكم بموالاتنا إياكم {ونمنعكم من المؤمنين} أي أخبرناكم بأخبارهم لتحذروا ما يكون منهم).
[معاني القرآن: 2/219]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} روي عن علي رضي الله عنه أنه قال ذلك في الآخرة وقال ابن عباس ذاك يوم القيامة وقال السدي السبيل الحجة
وقيل إن المعنى أن الله ناصر المؤمنين بالحجة والغلبة ليظهر دينهم على الدين كله). [معاني القرآن: 2/220-221]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): (و{نَسْتَحْوِذْ} نغلب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 64]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({نَسْتَحْوِذْ}: نغلب). [العمدة في غريب القرآن: 115]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 10:32 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال في تثنية الند: ندان، وفي جمعه أنداد. ومن العرب من لا يثنيه ولا يجمعه ولا يؤنثه؛ فيقول: الرجلان ندي، والرجال ندي، والمرأة ندي، والنساء ندي، كما قالوا: القوم مثلي، والقوم أمثالي؛ قال الله عز وجل: {ثم لا يكونوا أمثالكم}، وقال تبارك وتعالى في موضع آخر: {إنكم إذا مثلهم} ). [كتاب الأضداد: 25] (م)

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى وقد نزّل عليكم مخاطبة لجميع من أظهر الإيمان من محقق ومنافق، لأنه إذا أظهر الإيمان فقد لزمه أن يمتثل أوامر كتاب الله تعالى، والإشارة بهذه الآية إلى قوله تعالى: وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره [الإنعام: 68]، إلى نحو هذا من الآيات، وقرأ جمهور الناس «نزّل عليكم» بضم النون وكسر الزاي المشددة قال الطبري: وقرأ بعض الكوفيين «نزّل» بفتح النون والزاي المشددة على معنى نزل الله، وقرأ أبو حيوة وحميد «نزل» بفتح النون والزاي خفيفة، وقرأ إبراهيم النخعي «أنزل» بألف على بناء الفعل للمفعول، والكتاب في هذا الموضع القرآن، وفي هذه الآية دليل قوي على وجوب تجنب أهل البدع وأهل المعاصي، وأن لا يجالسوا، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ قوما يشربون الخمر فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم فحمل عليه الأدب، وقرأ هذه الآية إنّكم إذاً مثلهم وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة، وهذا المعنى كقول الشاعر: [الطويل]
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه = فكلّ قرين بالمقارن يقتدي
ثم توعد تعالى المنافقين والكافرين بجمعهم في جهنم، فتأكد بذلك النهي والحذر من مجالسهم وخلطتهم). [المحرر الوجيز: 3/47-48]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من اللّه قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً (141) إنّ المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى يراؤن النّاس ولا يذكرون اللّه إلاّ قليلاً (142) مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل اللّه فلن تجد له سبيلاً (143)
الّذين صفة للمنافقين، ويتربّصون معناه: ينتظرون دور الدوائر عليكم، فإن كان فتح للمؤمنين ادعوا فيه النصيب بحكم ما يظهرونه من الإيمان، وإن كان للكافرين نيل من المؤمنين ادعوا فيه النصيب بحكم ما يبطنونه من موالاة الكفار، وهذا حال المنافقين، ونستحوذ معناه: نغلب على أمركم، ونحطكم ونحسم أمركم، ومنه قول العجاج في صفة ثور وبقر: [الرجز]
يحوذهن وله حوذي
أي يغلبهن على أمرهن، ويغلب الثيران عليهن، ويروى يحوزهن بالزاي، ومن اللفظة قول لبيد في صفة عير وأتن:
إذا اجتمعت وأحوذ جانبيها = وأوردها على عوج طوال
أحوذ جانبيها قهرها وغلب عليها. وقوله تعالى: استحوذ عليهم الشّيطان [المجادلة: 19] معناه: غلب عليهم، وشذ هذا الفعل في أن لم تعل واوه، بل استعملت على الأصل، وقرأ أبيّ بن كعب «ومنعناكم من المؤمنين» وقرأ ابن أبي عبلة «ونمنعكم» بفتح العين على الصرف، ثم سلى وأنس المؤمنين بما وعدهم به في قوله فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة أي وبينهم وينصفكم من جميعهم، وبقوله ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا وقال يسيع الحضرمي: كنت عند علي بن أبي طالب فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أرأيت قول الله تعالى: ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلًا كيف ذلك وهم يقاتلوننا ويظهرون علينا أحيانا؟ فقال علي رضي الله عنه: معنى ذلك: يوم القيامة يكون الحكم، وبهذا قال جميع أهل التأويل.
و «السبيل»: الحجة والغلبة، ومخادعة المنافقين هي لأولياء الله تعالى، إذ يظنونهم غير أولياء، ففي الكلام حذف مضاف، وإلزام ذنب اقتضته أفعالهم، وإن كانت نياتهم لم تقتضه، لأنه لا يقصد أحد من البشر مخادعة الله تعالى). [المحرر الوجيز: 3/48-49]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله [تعالى] {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذًا مثلهم} أي: إذا ارتكبتم النّهي بعد وصوله إليكم، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الّذي يكفر فيه بآيات اللّه ويستهزأ وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك، فقد شاركتموهم في الّذي هم فيه. فلهذا قال تعالى: {إنّكم إذًا مثلهم} [أي] في المأثم، كما جاء في الحديث: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يجلس على مائدةٍ يدار عليها الخمر".
والّذي أحيل عليه في هذه الآية من النّهي في ذلك، هو قوله تعالى في سورة الأنعام، وهي مكّيّةٌ: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم [حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره وإمّا ينسينّك الشّيطان فلا تقعد بعد الذّكرى مع القوم الظّالمين]} [الأنعام: 68] قال مقاتل بن حيّان: نسخت هذه الآية الّتي في الأنعام. يعني نسخ قوله: {إنّكم إذًا مثلهم} لقوله {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيءٍ ولكن ذكرى لعلّهم يتّقون} [الأنعام: 69].
وقوله: {إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعًا} أي: كما أشركوهم في الكفر، كذلك شارك اللّه بينهم في الخلود في نار جهنّم أبدًا، وجمع بينهم في دار العقوبة والنّكال، والقيود والأغلال. وشراب الحميم والغسلين لا الزّلال). [تفسير القرآن العظيم: 2/435-436]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من اللّه قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا (141)}
يخبر تعالى عن المنافقين أنّهم يتربّصون بالمؤمنين دوائر السّوء، بمعنى ينتظرون زوال دولتهم، وظهور الكفر عليهم، وذهاب ملّتهم {. فإن كان لكم فتحٌ من اللّه} أي: نصرٌ وتأييدٌ وظفر وغنيمةٌ {قالوا ألم نكن معكم}؟ أي: يتودّدون إلى المؤمنين بهذه المقالة {وإن كان للكافرين نصيبٌ} أي: إدالةٌ على المؤمنين في بعض الأحيان، كما وقع يوم أحدٍ، فإنّ الرّسل تبتلى ثمّ يكون لها العاقبة {قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين}؟ أي: ساعدناكم في الباطن، وما ألوناهم خبالًا وتخذيلًا حتّى انتصرتم عليهم.
وقال السّدّيّ: {نستحوذ عليكم} نغلب عليكم، كقوله: {استحوذ عليهم الشّيطان} [المجادلة: 19] وهذا أيضًا تودّدٌ منهم إليهم، فإنّهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء؛ ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم، وما ذاك إلّا لضعف إيمانهم، وقلّة إيقانهم.
قال اللّه تعالى: {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة} أي: بما يعلمه منكم -أيّها المنافقون-من البواطن الرّديئة، فلا تغترّوا بجريان الأحكام الشّرعيّة عليكم ظاهرًا في الحياة الدّنيا، لما له [تعالى] في ذلك من الحكمة، فيوم القيامة لا تنفعكم ظواهركم، بل هو يومٌ تبلى فيه السّرائر ويحصّل ما في الصّدور.
وقوله: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال عبد الرّزّاق: أنبأنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن ذرّ، عن يسيع الكنديّ قال: جاء رجلٌ إلى عليّ بن أبي طالبٍ، فقال: كيف هذه الآية: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا}؟ فقال عليٌّ، رضي اللّه عنه: ادنه ادنه، ثمّ قال: {فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا}
وكذا روى ابن جريجٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال: ذاك يوم القيامة. وكذا روى السّدّيّ عن أبي مالكٍ الأشجعيّ: يعني يوم القيامة. وقال السّدّيّ: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا} أي: حجة.
ويحتمل أن يكون المراد: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا} أي: في الدّنيا، بأن يسلّطوا عليهم استيلاء استئصالٍ بالكلّيّة، وإن حصل لهم ظفرٌ في بعض الأحيان على بعض النّاس، فإنّ العاقبة للمتّقين في الدّنيا والآخرة، كما قال تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا [ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار]} [غافرٍ: 51، 52]. وعلى هذا فيكون ردًّا على المنافقين فيما أملوه وتربّصوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين، وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين، خوفًا على أنفسهم منهم إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم، كما قال تعالى: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم [يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم] نادمين} [المائدة: 52].
وقد استدلّ كثيرٌ من العلماء بهذه الآية الكريمة على أصحّ قولي العلماء، وهو المنع من بيع العبد المسلم من الكافر لما في صحّة ابتياعه من التّسليط له عليه والإذلال، ومن قال منهم بالصّحّة يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال؛ لقوله تعالى: {ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/436-437]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة