جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى:{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثم مأواهم جهنّم وبئس المهاد}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ولا يغرّنّك يا محمّد تقلّب الّذين كفروا في البلاد، يعني: تصرّفهم في الأرض وضربهم فيها.
- كما: حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد} يقول: ضربهم في البلاد
فنهى اللّه تعالى ذكره نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الاغترار بضربهم في البلاد، وإمهال اللّه إيّاهم مع شركهم وجحودهم نعمه، وعبادتهم غيره، وخرج الخطاب بذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمعنيّ به غيره من أتباعه وأصحابه، كما قد بيّنّا فيما مضى قبل من اشكاله وما اعتز رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بهم ولاخدعوه عن شى من أمر اللّه، ولكن كان بأمر اللّه صادعًا، وإلى الحقّ داعيًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال قتادة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد} واللّه ما غرّوا نبيّ اللّه، ولا وكل إليهم شيئًا من أمر اللّه حتّى قبضه اللّه على ذلك
وأمّا قوله: {متاعٌ قليلٌ} فإنّه يعني: أنّ تقلّبهم في البلاد وتصرّفهم فيها متعةٌ يمتّعون بها قليلاً، حتّى يبلغوا آجالهم، فتخترمهم منيّاتهم، ثمّ مأواهم جهنّم بعد مماتهم، والمأوى الموضع الّذي يأوون إليه يوم القيامة، فيصيرون فيه.
ويعني بقوله: {وبئس المهاد} وبئس الفراش والمضجع جهنّم). [جامع البيان: 6/324-325]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد (197) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلًا من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار (198) }
قوله تعالى: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليل}
- حدّثنا الحسن بن أحمد، حدّثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد} قال: لا تغترّ بأهل الدّنيا يا محمّد.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد يقول: ضربهم في البلاد.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد: واللّه ما غرّ نبيٌّ ولا وكّل إليهم شيئاً من أمر اللّه حتّى قبضه اللّه على ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/845-846]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 196 - 198)
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة {لا يغرنك تقلب الذين كفروا} تقلب ليلهم ونهارهم وما يجري عليهم من النعم {متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد} قال عكرمة: قال ابن عباس: أي بئس المنزل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد} يقول ضربهم في البلاد). [الدر المنثور: 4/191-193]
تفسير قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) }
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {وبئس المهاد} قال: بئس ما مهدوه لأنفسهم). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 72] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثم مأواهم جهنّم وبئس المهاد}
...
وأمّا قوله: {متاعٌ قليلٌ} فإنّه يعني: أنّ تقلّبهم في البلاد وتصرّفهم فيها متعةٌ يمتّعون بها قليلاً، حتّى يبلغوا آجالهم، فتخترمهم منيّاتهم، ثمّ مأواهم جهنّم بعد مماتهم، والمأوى الموضع الّذي يأوون إليه يوم القيامة، فيصيرون فيه.
ويعني بقوله: {وبئس المهاد} وبئس الفراش والمضجع جهنّم). [جامع البيان: 6/324-325] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد (197) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلًا من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار (198) }
قوله تعالى: لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليل
- حدّثنا الحسن بن أحمد، حدّثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد} قال: لا تغترّ بأهل الدّنيا يا محمّد.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد يقول: ضربهم في البلاد.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد: واللّه ما غرّ نبيٌّ ولا وكّل إليهم شيئاً من أمر اللّه حتّى قبضه اللّه على ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/845-846] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):قوله تعالى: (ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد)
- حدّثنا أبي، ثنا إسحاق بن الضّيف، ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدّثني أبي، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وبئس المهاد قال: بئس المنزل.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن أبي عمر العدنيّ، قال: قال سفيان في تفسير مجاهدٍ: وبئس المهاد قال: بئس المضجع.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وبئس المهاد قال: بئس ما مهدوا لأنفسهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/845-846]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 196 - 198
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة {لا يغرنك تقلب الذين كفروا} تقلب ليلهم ونهارهم وما يجري عليهم من النعم {متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد} قال عكرمة: قال ابن عباس: أي بئس المنزل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد} يقول ضربهم في البلاد). [الدر المنثور: 4/191-193] (م)
تفسير قوله تعالى: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ([ .... ] والموت {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}، ثم تلا حتى بلغ: {نزلا من عند الله وما عند الله خيرٌ للأبرار}). [الجامع في علوم القرآن: 2/55] (م)
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود، قال: قال عبد الله: ما من نفسٍ برّةٍ، ولا فاجرةٍ إلاّ وإنّ الموت خيرٌ لها من الحياة، لئن كان برًّا لقد قال اللّه: {وما عند الله خيرٌ للأبرار} ولئن كان فاجرًا لقد قال اللّه: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنمّا نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 175]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {نزلًا} [آل عمران: 198] : ثوابًا، ويجوز: ومنزلٌ من عند اللّه، كقولك: أنزلته "). [صحيح البخاري: 6/33]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله نزلًا ثوابًا ويجوز ومنزلٌ من عند اللّه كقولك أنزلته هو قول أبي عبيدة أيضا بفصه والنّزل ما يهيّأ للنّزيل وهو الضّيف ثمّ اتّسع فيه حتّى سمّي به الغداء وإن لم يكن للضّيف وفي نزلٍ قولان أحدهما مصدرٌ والآخر أنّه جمع نازلٍ كقول الأعشى أو تنزلون فإنّا معشرٌ نزلٌ أي نزولٌ وفي نصب نزلًا في الآية أقوالٌ منها أنّه منصوبٌ على المصدر المؤكّد لأنّ معنى لهم جنّاتٌ ننزلهم جنّاتٍ نزلًا وعلى هذا يتخرّج التّأويل الأوّل لأنّ تقديره ينزلهم جنّاتٍ رزقًا وعطاءً من عند اللّه ومنها أنّه حالٌ من الضّمير في فيها أي منزلةً على أنّ نزلًا مصدرٌ بمعنى المفعول وعليه يتخرّج التّأويل الثّاني). [فتح الباري: 8/208]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نزلاً ثوابا ويجوز ومنزّلٌ من عند الله كقولك أنزلته
أشار به إلى قوله تعالى: {لكن الّذين اتّقوا ربهم لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار} (آل عمران: 198) وفسّر: نزلا، بقوله: ثوابًا. وفسره في التّفسير. بقوله: أي ضيافة من الله، والنزل: بسكون الزّاي وضمّها ما يقدم للنازل. وقال الزّمخشريّ: وانتصابه إمّا على الحال من: جنّات، لتخصصها بالوصف، والعامل اللّام، ويجوز أن يكون بمعنى مصدر مؤكد كأنّه قيل: رزقا أو عطاء، من عند الله. قوله: (ويجوز: ومنزل من عند الله) أراد به أن نزلا الّذي هو المصدر يكون بمعنى منزلا على صيغة اسم المفعول من قولك: أنزلته. ويكون المعنى: لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها منزلة، يعني: معطى لهم منزلا من عند الله كما يعطى الضّيف النزل وقت قدومه). [عمدة القاري: 18/137]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (قوله تعالى: {خالدين فيها} ({نزلًا}) {من عند الله}[آل عمران: 198] أي (ثوابًا) قال أبو حيان النزل ما يهيأ للنزيل وهو الضيف ثم اتسع فيه فأطلق على الرزق وهل هو مصدر أو جمع قولان (ويجوز ومنزل من عند الله) بضم الميم وفتح الزاي (كقولك أنزلته). قال في العمدة يعني أن نزلًا الذي هو المصدر يكون بمعنى منزلًا على صيغة اسم المفعول من قولك أنزلته اهـ). [إرشاد الساري: 7/50]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار}
يعني بقوله: {لكن الّذين اتّقوا ربّهم} لكن الّذين اتّقوا اللّه بطاعته، واتّباع مرضاته، في العمل بما أمرهم به، واجتناب ما نهاهم عنه {لهم جنّاتٌ} يعني بساتين {تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} يقول: باقين فيها أبدًا {نزلاً من عند اللّه} يعني: إنزالاً من اللّه إيّاهم فيها أنزلهموها ونصب نزلاً على التّفسير، من قوله: لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار، كما يقال: لك عند اللّه جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار ثوابًا، وكما يقال: هو لك صدقةٌ، وهو لك هبةٌ.
وقوله: {من عند اللّه} يعني: من قبل اللّه، ومن كرامة اللّه إيّاهم، وعطاياه لهم. وقوله: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} يقول: وما عند اللّه من الحياة والكرامة، وحسن المآب خيرٌ للأبرار، ممّا يتقلّب فيه الّذين كفروا فإنّ الّذي يتقلّبون فيه زائلٌ فانٍ، وهو قليلٌ من المتاع خسيسٌ، وما عند اللّه خيرٌ من كرامته للأبرار، وهم أهل طاعته، باقٍ غير فانٍ ولا زائلٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت ابن زيدٍ، يقول في قوله: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} قال: لمن يطيع اللّه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود، عن عبد اللّه، قال: ما من نفسٍ برّةٍ ولا فاجرةٍ إلاّ والموت خيرٌ لها، ثمّ قرأ عبد اللّه: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} وقرأ هذه الآية: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم}الآية.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن فرج بن فضالة، عن لقمان، عن أبي الدّرداء، أنّه كان يقول: ما من مؤمنٍ إلاّ والموت خيرٌ له، وما من كافرٍ إلاّ والموت خيرٌ له. ومن لم يصدّقني فإنّ اللّه يقول: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} ويقول: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا}). [جامع البيان: 6/325-327]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): قوله تعالى: {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلًا من عند اللّه}
- حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن مسعرٍ والمسعوديّ وسفيان، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، حدّثني مسروقٌ قال: أنهار الجنّة تجري في غير أخدودٍ، ثمرها كالقلال، كلّما نزعت ثمرةٌ عادت مثلها أخرى، والعنقود اثنا عشر ذراعًا.
قوله تعالى: وما عند اللّه خيرٌ للأبرار
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود قال: قال عبد اللّه، ما من نفسٍ برّةٍ ولا فاجرةٍ إلا الموت خيرٌ لها، لئن كان برّاً لقد قال اللّه: وما عند اللّه خيرٌ للأبرار.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن جنابٍ، ثنا عيسى بن يونس، عن عبيد اللّه بن الوليد الوصّافيّ، عن محارب بن دثارٍ، عن ابن عمر قال: إنّما سمّاهم اللّه أبراراً لأنّهم برّوا الآباء والأبناء، كما أنّ لوالدك عليك حقّاً، كذلك لولدك عليك حقّاً.
- حدّثنا أبي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا هشامٌ الدّستوائيّ، عن رجلٍ، عن الحسن قال: للأبرار: الّذين لا يؤذون الذّرّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/845-846]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، ثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن خيثمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: " والّذي لا إله غيره ما على الأرض نفسٌ إلّا الموت خيرٌ لها إن كان مؤمنًا، فإنّ اللّه يقول: {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار} [آل عمران: 198] ، وإن كان فاجرًا فإنّ اللّه يقول: {إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا} [آل عمران: 178] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» ). [المستدرك: 2/326] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ابن عباس - رضي الله عنهما -) قال: ما من برٍّ ولا فاجرٍ، إلا والموت خيرٌ له، ثم تلا {إنّما نملي لهم ليزدادوا إثماً} [آل عمران: 178] وتلا {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} [آل عمران: 198]. أخرجه.
[شرح الغريب]
(نملي) الإملاء: الإمهال وإطالة العمر). [جامع الأصول: 2/75-76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: والله ما غروا نبي الله ولا وكل إليهم شيئا من أمر الله حتى قبضه الله على ذلك، قوله تعالى: {وما عند الله خير للأبرار}.
أخرج البخاري في الأدب المفرد، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق، وأخرجه ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا، والأول أصح
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال {الأبرار} الذين لا يؤذون الذر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {وما عند الله خير للأبرار} قال: لمن يطيع الله عز وجل). [الدر المنثور: 4/191-193]