العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة آل عمران

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 09:50 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (190) إلى الآية (191) ]

تفسير سورة آل عمران
[من الآية (190) إلى الآية (191) ]

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:29 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب}
- حدّثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، قال: أخبرني شريك بن عبد اللّه بن أبي نمرٍ، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: بتّ عند خالتي ميمونة، فتحدّث رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مع أهله ساعةً، ثمّ رقد، فلمّا كان ثلث اللّيل الآخر، قعد فنظر إلى السّماء، فقال: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} ، ثمّ «قام فتوضّأ واستنّ فصلّى إحدى عشرة ركعةً» ، ثمّ أذّن بلالٌ، «فصلّى ركعتين ثمّ خرج فصلّى الصّبح»). [صحيح البخاري: 6/41]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله إنّ في خلق السّماوات والأرض)
ساق إلى الألباب وذكر حديث بن عبّاسٍ في بيت ميمونة أورده مختصرًا وقد تقدّم شرحه مستوفًى في أبواب الوتر وورد في سبب نزول هذه الآية ما أخرجه بن أبي حاتمٍ والطّبرانيّ من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبيرٍ عن بن عبّاسٍ أتت قريشٌ اليهود فقالوا أيّما جاء به موسى قالوا العصا ويده الحديث إلى أن قال فقالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اجعل لنا الصّفا ذهبًا فنزلت هذه الآية ورجاله ثقاتٌ إلّا الحمّانيّ فإنّه تكلّم فيه وقد خالفه الحسن بن موسى فرواه عن يعقوب عن جعفرٍ عن سعيدٍ مرسلًا وهو أشبه وعلى تقدير كونه محفوظًا وصله ففيه إشكالٌ من جهة أنّ هذه السّورة مدنيّةٌ وقريشٌ من أهل مكّة قلت ويحتمل أن يكون سؤالهم لذلك بعد أن هاجر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة ولا سيما في زمن الهدنة). [فتح الباري: 8/235]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (17 - (باب قوله: {إنّ في خلق السّماوات والأرض} (آل عمران: 190) الآية)

أي: هذا باب في قوله تعالى: {إن في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآيات لأولي الألباب} (آل عمران: 190) ويروى: باب قوله تعالى: {إن في خلق السّموات والأرض} وساق إلى (الألباب) وقال الطّبرانيّ بإسناده إلى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس. قال: أتت قريش اليهود فقالوا: بما جاءكم موسى، عليه السّلام؟ قالوا: عصاه ويده البيضاء للناظرين، وأتوا النّصارى فقالوا: كيف كان عيسى، عليه السّلام؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا النّبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا أن يجعل لنا الصّفا ذهبا. فدعا به فنزلت هذه الآية: {إن في خلق السّماوات والأرض} الآية. فليتفكروا فيها انتهى قلت: هذا مشكل لأن هذه الآية مدنيّة وسؤالهم أن يكون الصّفا ذهبا كان بمكّة، والله أعلم. قوله: (أن في خلق السّموات) ، أي: في ارتفاعها واتساعها والأرض في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيها من الآيات العظيمة المشاهدة من كواكب سيارات وثوابت وبحار وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار وحيوان ومعادن ومنافع مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص، (واختلاف اللّيل والنّهار) أي: تعاقبهما وتعارضهما بالطول والقصر (لآيات) أي: لأدلة واضحة على الصّانع وعظم قدرته وباهر حكمته وعلى وحدانيته (لأولي الألباب) أي: لأصحاب العقول التّامّة الذكية الّتي تدرك الأشياء بحقائقها على ما هي عليه.

- حدّثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمّد بن جعفرٍ قال أخبرني شريك بن عبد الله بن أبي نمرٍ عن كريبٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال بتّ عند خالتي ميمونةً فتحدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعةٌ ثمّ رقد فلمّا كان ثلث اللّيل الآخر قعد فنظر إلى السّماء فقال :{إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} ثمّ قام فتوضأ واستنّ فصلى إحدى عشرة ركعةً ثمّ أذّن بلالٌ فصلّى ركعتين ثمّ خرج فصلّى الصّبح.

مطابقته للتّرجمة ظاهرة، ومحمّد بن جعفر هو ابن أبي كثير. والحديث قد مضى في كتاب الوتر فإنّه أخرجه هناك بأتم منه عن عبد الله بن سلمة عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عبّاس إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك، وفيه ممّا لم يذكر هناك ما ذكره الصيدلاني من رواية المخلص عنه عن عبد الله أردت أن أعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من اللّيل، فسألت عن ليلته فقيل لزوجته ميمونة، رضي الله تعالى عنها، فأتيتها فقلت: إنّي تنحيت عن السخ، ففرشت له في جانب الحجرة، فلمّا صلى صلى الله عليه وسلم، بأصحابه دخل إلى بيته فحس بي. فقال: من هذا؟ فقالت ميمونة: ابن عمك، وذكر فيه، فلمّا كان في جوف اللّيل خرج إلى الحجرة فقلب وجهه إلى السّماء ثمّ عاد إلى مضجعه فلمّا كان ثلث اللّيل الآخر خرج إلى الحجرة فقلب وجهه في أفق السّماء ثمّ عمد إلى قربة الحديث. وذكر أبو الشّيخ ابن حبان عن ابن عبّاس، قال: تضيفت ليلة خالتي ميمونة، وهي حينئذٍ لا تصلي. انتهى. وهذا يمنع تخرص من قال: لعلّها كانت حائضًا ليلتئذ. قوله: (الآخر) مرفوع لأنّه صفة للثلث في قوله: (فلمّا كان ثلث اللّيل) فإن قلت: جاء في لفظ نام حتّى انتصف اللّيل أو بعده، بقليل أو قبله: بقليل، وفي لفظ: فقام من آخر اللّيل. قلت: طريق الجمع أنه قام قومتين وتوضّأ). [عمدة القاري: 18/159-160]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (17 - باب قوله: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب}
(باب قوله) تعالى: ({إن في خلق السماوات}) من الارتفاع والاتساع وما فيها من الكواكب السيارات والثوابت وغيرها ({والأرض}) من الانخفاض والكثافة والاتضاع وما فيها من البحار والجبال والقفار والأشجار والنبات والحيوان والمعادن وغيرها ({واختلاف الليل والنهار}) في الطول والقصر وتعاقبهما (الآيات) لدلالات واضحات على وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته، واقتصر على هذه الثلاثة في هذه الآية لأن الاستدلال هو التغير وهذه معرّضة لجملة أنواعه فإنه إنما يكون في ذات الشيء كتغير الليل والنهار أو جزئه كتغير العناصر بتبدل صورتها أو الخارج عنه كتغير الأفلاك بتبدل أوضاعها قاله في الأنوار. وقال في المفاتح ما حاصله: إن السالك إلى الله لا بد له في أوّل الأمر من تكثير الدلائل وبعد كمال العرفان يميل إلى تقليل الدلائل ومن اشتغاله بها كالحجاب له عن استغراق القلب في معرفة الله تعالى، ثم إنه سبحانه حذف هنا الدلائل الأرضية واستبقى الدلائل السماوية لأنها أقهر وأبهر والعجائب فيها أكثر وانتقال القلب منها إلى عظمة الله وكبريائه أشدّ ({لأولي الألباب}) [آل عمران: 190] لذوي العقول الصافية الذين يفتحون بصائرهم للنظر والاستدلال والاعتبار لا ينظرون إليها نظر البهائم غافلين عما فيها من عجائب مخلوقاته وغرائب مبتدعاته وسقط لغير أبي ذر قوله واختلاف الليل والنهار إلى آخره وقالوا الآية بعد قوله والأرض.
- حدّثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، قال: أخبرني شريك بن عبد اللّه بن أبي نمرٍ، عن كريبٍ عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: بتّ عند خالتي ميمونة فتحدّث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مع أهله ساعةً ثمّ رقد فلمّا كان ثلث اللّيل الآخر قعد فنظر إلى السّماء فقال: " {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} " ثمّ قام فتوضّأ واستنّ فصلّى إحدى عشرة ركعةً، ثمّ أذّن بلالٌ فصلّى ركعتين ثمّ خرج فصلّى الصّبح.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن جعفر) هو ابن أبي كثير (قال: أخبرني) بالإفراد (شريك بن عبد الله بن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم (عن كريب) بضم الكاف وفتح الراء (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: بت عند خالتي ميمونة) ولأبي ذر بت في بيت ميمونة (فتحدّث رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم مع أهله ساعة ثم رقد فلما كان ثلث الليل الآخر) رفع صفة للثلث وفي كتاب الوتر من طريق مخرمة بن سليمان عن كريب فنام حتى انتصف الليل أو قريبًا منه فلعله قام مرتين (قعد فنظر إلى السماء فقال {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}) العشر الآيات إلى آخرها (ثم قام) عليه الصلاة والسلام (فتوضأ) زاد في الوتر فأحسن الوضوء (واستنّ) أي استاك (فصلى إحدى عشرة ركعة) وهي أكثر الوتر عند الشافعية كما مرّ في موضعه بمباحثه (ثم أذن بلال) للصبح (فصلّى) النبي صلّى اللّه عليه وسلّم (ركعتين) سنة الصبح في بيته (ثم خرج) إلى المسجد (فصلّى الصبح) زاد في نسخة بالناس). [إرشاد الساري: 7/70-71]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّ في خلق السّموات والأرض}
[السنن الكبرى للنسائي: 10/57]
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالكٍ، عن مخرمة بن سليمان، عن كريبٍ مولى ابن عبّاسٍ: أنّ ابن عبّاسٍ أخبره أنّه بات ليلةً عند ميمونةٍ زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهي خالته، فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى إذا انتصف اللّيل أو قبله بقليلٍ أو بعده بقليلٍ استيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمسح النّوم عن وجهه، ثمّ قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثمّ قام إلى شنٍّ معلّقةٍ، فتوضّأ منها وضوءه، ثمّ قام يصلّي، قال ابن عبّاسٍ: فقمت فصنعت مثل ما صنع، وذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني يفتلها، فصلّى ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ أوتر فاضطجع حتّى جاءه المؤذّن، ثمّ قام فصلّى ركعتين، ثمّ خرج فصلّى الصّبح). [السنن الكبرى للنسائي: 10/57]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب}
وهذا احتجاجٌ من اللّه تعالى ذكره على قائل ذلك وعلى سائر خلقه بأنّه المدبّر المصرّف الأشياء، والمسخّر ما أحبّ، وإنّ الإغناء والإفقار إليه وبيده، فقال جلّ ثناؤه: تدبّروا أيّها النّاس، واعتبروا ففيما أنشأته فخلقته من السّماوات والأرض لمعاشكم وأقواتكم وأرزاقكم، وفيما عقّبت بينه من اللّيل والنّهار، فجعلتهما يختلفان ويعتقبان عليكم، تتصرّفون في هذا لمعاشكم وتسكنون في هذا راحةً لأبدنكم، معتبرٌ ومدّكرٌ، وآياتٌ وعظاتٌ، فمن كان منكم ذا لبٍّ وعقلٍ، يعلم أنّ من نسبني إلى أنّي فقيرٌ وهو غنيّ كاذبٌ مفترٍ، فإنّ ذلك كلّه بيدي أقلّبه وأصرّفه، ولو أبطلت ذلك لهلكتم، فكيف ينسب فقرٌ إلى من كان كلّ ما به عيش ما في السّماوات والأرض بيده وإليه؟ أم كيف يكون غنيًّا من كان رزقه بيد غيره، إذا شاء رزقه، وإذا شاء حرمه، فاعتبروا يا أولي الألباب). [جامع البيان: 6/308-309]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {إنّ في خلق السماوات والأرض }الآية
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ، ثنا يعقوب بن عبد اللّه، عن جعفرٍ يعني: ابن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتت قريشٌ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: ادع لنا ربّك أن يجعل لنا الصّفا ذهباً، فدعا ربّه، فنزلت: إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لّأولي الألباب). [تفسير القرآن العظيم: 2/841-842]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إنّ في خلق السّماوات والأرض} [البقرة: 164].
- «عن ابن عبّاسٍ قال: أتت قريشٌ اليهود، فقالوا: بما جاءكم موسى، صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قالوا: عصاه ويده بيضاء للنّاظرين.
وأتوا النّصارى فقالوا: كيف كان عيسى، صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى.
فأتوا النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقالوا: ادع لنا ربّك أن يجعل لنا الصّفا ذهبًا، [فدعا ربّه] فنزلت هذه الآية: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} [آل عمران: 190]. " فليتفكّروا فيها».
رواه الطّبرانيّ، وفيه يحيى الحمّانيّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 6/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 190
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس قال: أتت قريش اليهود فقالوا: ما جاءكم موسى من الآيات قالوا: عصاه ويده بيضاء للناظرين، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى فيكم قالوا: كان يبرى ء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا، فدعا ربه فنزلت {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} فليتفكروا فيها.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر آيات الأواخر من سورة آل عمران حتى ختم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني والحاكم في الكنى والبغوي في معجم الصحابة عن صفوان بن المعطل السلمي قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرهقت صلاته ليلة فصلى العشاء الآخرة ثم نام فلما كان نصف الليل استيقظ فتلا الآيات العشر، آخر سورة آل عمران ثم تسوك ثم توضأ فصلى إحدى عشرة ركعة). [الدر المنثور: 4/178-179]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، ويتفكّرون في خلق السّموات والأرض}
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن مالك بن أنسٍ، عن مخرمة بن سليمان، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: بتّ عند خالتي ميمونة، فقلت: لأنظرنّ إلى صلاة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فطرحت لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وسادةٌ، فنام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في طولها، فجعل يمسح النّوم عن وجهه، ثمّ «قرأ الآيات العشر الأواخر من آل عمران، حتّى ختم ثمّ أتى شنًّا معلّقًا، فأخذه فتوضّأ ثمّ قام يصلّي فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثمّ جئت فقمت إلى جنبه فوضع يده على رأسي، ثمّ أخذ بأذني فجعل يفتلها، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين ثمّ أوتر»). [صحيح البخاري: 6/41]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم }الآية)
أورد فيه حديث بن عبّاسٍ من وجهٍ آخر عن كريبٍ عنه مطوّلًا وقد تقدّمت فوائده أيضًا ووقع في هذه الرّواية فقرأ الآيات العشر الأواخر من آل عمران حتّى ختم فلهذا ترجم ببعض الآية المذكورة واستفيد من الرّواية الّتي في الباب قبله أنّ أوّل المقروء قوله تعالى أن في خلق السّماوات والأرض قوله باب ربّنا إنّك من تدخل النّار فقد أخزيته ذكر فيه حديث بن عبّاسٍ المذكور وليس فيه إلّا تغيير شيخ شيخه فقط وسياق الرّواية في هذا الباب أتمّ من تلك ووقع في رواية الأصيليّ هنا وأخذ بيدي اليمنى وهو وهمٌ والصّواب بأذني كما في سائر الرّوايات). [فتح الباري: 8/236]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (18 - (باب: {الّذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض} (آل عمران: 191)

أي: هذا باب في قوله تعالى: {الّذين يذكرون الله} إلى آخره. قوله: {الّذين يذكرون الله} مدح لأولي الألباب وقياما جمع قائم أي: حال كونهم قائمين وحال كونهم قاعدين وعلى جنوبهم حال أيضا عطفا على ما قبله، كأنّه قال: قياما وقعودا مضطجعين.

- حدّثنا عليّ بن عبد الله حدّثنا عبد الرّحمان بن مهديّ عن مالك بن أنسٍ عن مخرمة بن سليمان عن كريبٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال بتّ عند خالتي ميمونة فقلت لأنظرنّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فطرحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم في طولها فجعل يمسح النّوم عن وجهه ثمّ قرأ الآيات العشر الأواخر من آل عمران حتّى ختم ثمّ أتى شنّا معلّقا فأخذه فتوضأ ثمّ قام يصلّي فقمت فصنعت مثل ما صنع ثمّ جئت فقمت إلى جنبه فوضع يده على رأسي ثمّ أخذ بأذني فجعل يقتلها ثمّ صلّى ركعتين ثمّ صلّى ركعتين ثمّ صلّى ركعتين ثمّ صلّى ركعتين ثمّ صلّى ركعتين ثمّ صلّى ركعتين ثمّ أوتر.

مطابقته للتّرجمة تؤخذ من قوله: (ثمّ قرأ الآيات العشر الأواخر من آل عمران) ، وهذا الحديث قد مر في أبواب الوتر كما ذكرنا في الباب الّذي قبله. قوله: (شنا) ، بفتح الشين المعجمة وتشديد النّون: وهو القربة الّتي يبست وعتقت من الاستعمال. قوله: (ثمّ أوتر) أي: بالركعة الأخيرة فصارت هي وما قبلها ركعتان وترا). [عمدة القاري: 18/160]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (18 - باب {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّموات والأرض}
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({الذين يذكرون الله}) في موضع جر نعت لأولي أو خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين يذكرون الله حال كونهم ({قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم}) أي يداومون على الذكر بألسنتهم وقلوبهم لأن الشخص لا يخلو عن هذه الأحوال، وقيل: يصلون على الهيئات الثلاث حسب طاقتهم لحديث عمران بن حصين المروي في البخاري والترمذي وغيرهما: صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب. قال في الأنوار وهو حجة للشافعي رضي الله عنه في أن المريض يصلّي مضطجعًا على جنبه الأيمن مستقبلًا بمقاديم بدنه، وقيل الأوّلان في الصلاة والثالثة عند النوم، وقيل إنه القيام بأوامره، والقعود عن زواجره، والاجتناب عن مخالفته ({ويتفكّرون في خلق السماوات والأرض}) [آل عمران: 191] الفكر هو أعمال الخاطر في الشيء وتردّد القلب فيه وهو قوّة مطرقة للعلم إلى المعلوم والتفكّر جريان تلك القوة بحسب نظر العقل ولا يمكن التفكّر إلا فيما له صورة في القلب ولذا قيل تفكّروا في آلاء الله ولا تتفكّروا في الله إذ كان الله منزها عن أن يوصف بصورة ولذا أخبر تعالى عن هؤلاء بأنهم تفكّروا في خلق السماوات والأرض وما أبدع فيهما من عجائب المصنوعات وغرائب المبدعات ليدلهم ذلك على كمال قدرته ودلائل التوحيد منحصرة في الآفاق والأنفس ودلائل الآفاق أعظم قال الله تعالى: {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} [غافر: 57] فلذا أمر بالفكر في خلق السماوات والأرض لأن دلائلهما أعظم فإنه إذا فكر الإنسان في أصغر ورقة من الشجر رأى عرفًا واحدًا ممتدًّا في وسطها تتشعب منه عروق كثيرة إلى الجانبين ثم يتشعب من كل عرق عروق دقيقة ولا يزال كذلك حتى لا يراه الحس فيعلم أن الخالق خلق فيها قوى جاذبة لغذائها من قعر الأرض يتوزع في كل جزء من أجزائها بتقدير العزيز العليم، فإذا تأمل ذلك علم عجزه عن الوقوف على كيفية خلقها وما فيها من العجائب فالفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية كما يحدث الماء للزرع النماء وما جليت القلوب بمثل الأحزان ولا استنارت بمثل الفكرة. وقال بعضهم قوله: ({ويتفكّرون في خلق السماوات والأرض}) هو من جعل الجرم محلاًّ لتعلق المعنى جعل الأجرام محلًا لتعلق الفكر لا لنفس الفكر لأن الفكر قائم بالمتفكر ومنه أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض جعل السماوات والأرض والمخلوقات كلها محلًا لتعلق النظر لا لنفس النظر فإن النظر قائم بالناظر حال فيه ومنه {أولم يتفكّروا في أنفسهم} [الروم: 8] أي في خلق أنفسهم وهذا كله من مجاز التشبيه وسقط لأبي ذر لفظ باب وقوله ويتفكرون الخ وقال: بعد جنوبهم الآية.
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن مالك بن أنسٍ، عن مخرمة بن سليمان، عن كريبٍ عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: بتّ عند خالتي ميمونة فقلت لأنظرنّ إلى صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فطرحت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وسادةٌ فنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في طولها فجعل يمسح النّوم عن وجهه ثمّ قرأ الآيات العشر الأواخر من آل عمران حتّى ختم ثمّ أتى شنًّا معلّقًا فأخذه فتوضّأ ثمّ قام يصلّي فقمت فصنعت مثل ما صنع ثمّ جئت فقمت إلى جنبه، فوضع يده على رأسي ثمّ أخذ بأذني فجعل يفتلها ثمّ صلّى ركعتين ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ صلّى ركعتين ثمّ أوتر.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي) بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الدال وتشديد التحتية ابن حسان العنبري مولاهم أبو سعيد البصري (عن مالك بن أنس) الإمام الأعظم (عن مخرمة بن سليمان) الأسدي الوالبي بكسر اللام والموحدة المدني (عن كريب) مولى ابن عباس (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أنه (قال: بت عند خالتي ميمونة) أم المؤمنين -رضي الله عنها- (فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فطرحت) بضم الطاء وكسر الراء مبنيًا للمفعول (لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- وسادة) رفع مفعول نائب عن الفاعل (فنام رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم في طولها) أي وابن عباس في عرضها. قال ابن عبد البر: فكان ابن عباس مضطجعًا عند رجل رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم أو عند رأسه (فجعل يمسح النوم) فيه حذف ذكره في الرواية الأخرى من الوتر فنام حتى انتصف الليل أو قريبًا منه فاستيقظ يمسح النوم أي أثره (عن وجهه ثم قرأ) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فقرأ (الآيات العشر الأواخر من) سورة (آل عمران) التي أولها {إن في خلق السماوات والأرض}. (حتى ختم) العشر (ثم أتي شنّا) بفتح الشين المعجمة وتشديد النون قربة عتقت من الاستعمال ولأبي ذر عن الكشميهني سقاء (معلقًا فأخذه فتوضأ) منه لتجديد الطهارة لا للنوم (ثم قام يصلي). قال ابن عباس: (فقمت فصنعت مثل ما صنع) صلّى اللّه عليه وسلّم من الوضوء وغيره (ثم جئت فقمت إلى جنبه فوضع يده) زاد في باب الوتر كالرواية الآتية اليمنى (على رأسي ثم أخذ بأذني فجعل يفتلها) بكسر المثناة الفوقية أي يدلكها لينتبه (ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين) ست مرات باثنتي عشرة ركعة (ثم أوتر) بواحد فهي ثلاثة عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين). [إرشاد الساري: 7/71-72]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (18 ـ باب {الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}
قوله: (فطرحت) مبني للمفعول. قوله: (طولها) أي: وابن عباس في عرضها.
قوله: (فجعل يمسح الخ) فيه حذف، أي: فنام حتى انتصف الليل أو قريباً منه، فاستيقظ يمسح النوم، أي: أثره. قوله: (شنا): بفتح الشين المعجمة، وتشديد النون قربة عتقت من الاستعمال. قوله: (يفتلها): بكسر المثناة الفوقية، أي: يدلكها لينتبه من بقية نومه، ويستحضر أفعال الرسول الله صلى الله عليه وسلّم، وفيه أن الفعل القليل غير مبطل للصلاة اهـ قسطلاني). [حاشية السندي على البخاري: 3/45-46]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّموات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النّار}
وقوله: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا} من نعت {أولي الألباب}، و{الّذين} [الفاتحة] في موضع خفضٍ ردًّا على قوله: {لأولي الألباب}
ومعنى الآية أنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب، الذّاكرين اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، يعني بذلك: قيامًا في صلاتهم وقعودًا في تشهّدهم وفي غير صلاتهم وعلى جنوبهم نيامًا.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا} الآية، قال: هو ذكر اللّه في الصّلاة وفي غير الصّلاة، وقراءة القرآن.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم} وهذه حالاتك كلّها يا ابن آدم فاذكره وأنت على جنبك يسرًا من اللّه وتخفيفًا.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {وعلى جنوبهم} فعطف ب على، وهي صفةٌ على القيام والقعود وهما اسمان.
قيل: لأنّ قوله: {وعلى جنوبهم} في معنى الاسم، ومعناه: ونيامًا أو مضطجعين على جنوبهم؛ فحسن عطف ذلك على القيام والقعود لذلك المعنى، كما قيل: {وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا} فعطف بقوله: {أو قاعدًا أو قائمًا} على قوله: {لجنبه} لأنّ معنى قوله: لجنبه مضطجعًا، فعطف بالقاعد والقائم على معناه، فكذلك ذلك في قوله: {وعلى جنوبهم}
وأمّا قوله: {ويتفكّرون في خلق السّموات والأرض} فإنّه يعني بذلك أنّهم يعتبرون بصنعة صانع ذلك، فيعلمون أنّه لا يصنع ذلك إلاّ من ليس كمثله شيءٌ، ومن هو مالك كلّ شيءٍ ورازقه، وخالق كلّ شيءٍ ومدبّره، من هو على كلّ شيءٍ قديرٌ، وبيده الإغناء والإفقار، والإعزاز والإذلال، والإحياء والإماتة، والشّقاء والسّعادة). [جامع البيان: 6/309-310]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النّار}
يعني بذلك تعالى ذكره: ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض، قائلين: {ربّنا ما خلقت هذا باطلاً} فترك ذكر قائلين، إذ كان فيما ظهر من الكلام دلالةٌ عليه.
وقوله: {ما خلقت هذا باطلاً} يقول: لم تخلق هذا الخلق عبثًا ولا لعبًا، لم تخلقه إلاّ لأمرٍ عظيمٍ من ثوابٍ وعقابٍ ومحاسبةٍ ومجازاةٍ
وإنّما قال: ما خلقت هذا باطلاً، ولم يقل: ما خلقت هذه، ولا هؤلاء؛ لأنّه أراد بهذا الخلق الّذي في السّماوات والأرض، يدلّ على ذلك قوله: {سبحانك فقنا عذاب النّار} ورغبتهم إلى ربّهم في أن يقيهم عذاب الجحيم، ولو كان المعنيّ بقوله: {ما خلقت هذا باطلاً} السّماوات والأرض، لما كان لقوله عقيب ذلك: {فقنا عذاب النّار} معنًى مفهومٌ؛ لأنّ السّماوات والأرض أدلّةٌ على بارئها، لا على الثّواب والعقاب، وإنّما الدّليل على الثّواب والعقاب الأمر والنّهي؛
وإنّما وصف جلّ ثناؤه أولي الألباب الّذين ذكرهم في هذه الآية، أنّهم إذا رأوا المأمورين المنهيّين، قالوا: يا ربّنا لم تخلق هؤلاء باطلاً عبثًا
سبحانك، يعني: تنزيهًا لك وتعظيما من أن تفعل شيئًا عبثًا، ولكنّك خلقتهم لعظيمٍ من الأمر، لجنّةٍ أو نارٍ، ثمّ فزعوا إلى ربّهم بالمسألة أن يجيرهم من عذاب النّار، وأن لا يجعلهم ممّن عصاه وخالف أمره، فيكونوا من أهل جهنّم). [جامع البيان: 6/310-311]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {الّذين يذكرون اللّه قياماً وقعودًا وعلى جنوبهم}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن أبي مسعودٍ: الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم قال: إنّما هذه في الصّلاة إذا لم تستطع قائماً فقاعداً، وإن لم تستطع قاعداً فعلى جنب.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، ثنا ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: لا يكون العبد من الذّاكرين كثيراً حتّى يذكر اللّه قائماً وقاعداً ومضطجعًا ثمّ قرأ سفيان: الّذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: الّذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم: وهذه حالاتك كلّها يا ابن آدم، اذكر اللّه وأنت قائمٌ، فإن لم تستطع فاذكره وأنت قاعدٌ، فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جنبك، يسرٌ من اللّه وتخفيفٌ.
قوله تعالى: ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلًا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الجوزاء أحمد بن محمّد بن عثمان، ثنا عبد الصّمد ابن عبد الوارث، ثنا عبد الجليل بن عطيّة القيسيّ، ثنا شهر بن حوشبٍ، عن عبد الله ابن سلامٍ قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أصحابه، وهم يتفكّرون في خلق اللّه فقال: فيم تفكّرون؟ قالوا: نتفكّر في خلق اللّه: قال: لا تفكّروا في اللّه، ولكن تفكّروا فيما خلق اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/841-842]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم السّكنيّ البخاريّ، بنيسابور، ثنا أبو عليٍّ صالح بن محمّد بن حبيبٍ الحافظ، ثنا محمّد بن عمر بن الوليد الفحّام، ثنا يحيى بن آدم، عن ابن المبارك، قال: سمعت إبراهيم بن طهمان، وتلا قول اللّه عزّ وجلّ {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم} [آل عمران: 191] فقال: حدّثني المكتب عن عبد اللّه بن بريدة عن عمران بن حصينٍ أنّه كان به البواسير «فأمره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يصلّي على جنبٍ» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/328]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا} [آل عمران: 191].
- عن ابن مسعودٍ في قوله: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم} [آل عمران: 191]، قال: إن لم يستطع أن يصلّي قائمًا فقاعدًا وإلّا فمضطجعًا.
رواه الطّبرانيّ، وإسناده منقطعٌ، وفيه جويبرٌ، وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 6/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 191.
أخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينادي مناد يوم القيامة أين أولوا الألباب قالوا: أي أولوا الألباب تريد قال {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} عقد لهم لواء فاتبع القوم لواءهم وقال لهم: ادخلوها خالدين.
وأخرج الفريابي، وابن أبي حاتم والطبراني من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود في قوله {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} قال: إنما هذا في الصلاة إذا لم يستطع قائما فقاعدا وإن لم يستطع قاعدا فعلى جنبه.
وأخرج الحاكم عن عمران بن حصين، أنه كان به البواسير فأمره النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يصلي على جنب
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال: كانت بي بواسير فسألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب.
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال: هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة وقراءة القرآن.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} قال: هذه حالاتك كلها يا ابن آدم، اذكر الله وأنت قائم فإن لم تستطع فاذكره جالسا فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جنبك، يسر من الله وتخفيف.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لا يكون عبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا، قوله تعالى {ويتفكرون} الآية
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والأصبهاني في الترغيب عن عبد الله ابن سلام قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يتفكرون فقال: لا تفكروا في الله ولكن تفكروا فيما خلق.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن مرة قال مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم على قوم يتفكرون فقال: تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عثمان بن أبي دهرين قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون فقال: ما لكم لا تتكلمون قالوا: نتفكر في خلق الله قال: كذلك فافعلوا تفكروا في خلقه ولا تفكروا فيه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والطبراني، وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في التفكر، وابن المنذر، وابن حبان في صحيحه، وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب، وابن عساكر عن عطاء قال قلت لعائشة أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وأي شأنه لم يكن عجبا إنه أتاني ليلة فدخل معي في لحافي ثم قال: ذريني أتعبد لربي، فقام فتوضأ ثم قام يصلي فبكى حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكى ثم سجد فبكى ثم رفع رأسه فبكى، فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة فقلت: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: أفلا أكون عبدا شكورا ولم لا أفعل وقد أنزل علي هذه الليلة {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} إلى قوله {سبحانك فقنا عذاب النار} ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في التفكر عن سفيان رفعة قال من قرأ سورة آل عمران فلم يتفكر فيها ويله، فعد بأصابعه عشرا، قيل للأوزاعي: ما غاية التفكر فيهن قال: يقرؤهن وهو يعقلهن.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عامر بن عبد قيس قال: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون: إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر.
وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وابن المنذر عن ابن عون قال: سألت أم الدرداء ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء قالت: التفكر والإعتبار.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء، مثله.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا، مثله.
وأخرج الديلمي من وجه آخر مرفوعا عن أنس تفكر ساعة في اختلاف الليل والنهار خير من عبادة ثمانين سنة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكرة ساعة خير من عبادة ستين.
وأخرج أبو الشيخ والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا بينما رجل مستلق ينظر إلى السماء وإلى النجوم فقال: والله إني لأعلم أن لك خالقا وربا، اللهم اغفر لي، فنظر الله إليه فغفر له). [الدر المنثور: 4/179-184]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الآخرة 1434هـ/18-04-2013م, 07:19 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} أي: لعلامات دالة عليه والألباب العقول).[معاني القرآن: 1/523]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {الّذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم...}
يقول القائل: كيف عطف بعلى على الأسماء؟ فيقال: إنها في معنى الأسماء ألا ترى أن قوله: {وعلى جنوبهم}: ونياما، وكذلك عطف الأسماء على مثلها في موضع آخر، فقال: "دعانا لجنبه"، يقول: مضطجعا "أو قاعدا أو قائما" فلجنبه، وعلى جنبه سواء).[معاني القرآن: 1/250]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ويتفكّرون في خلق السّموات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً}: العرب تختصر الكلام ليخففوه لعلم المستمع بتمامه فكأنه في تمام القول: ويقولون: ربنا ما خلقت هذا باطلا). [مجاز القرآن: 1/111]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {الّذين يذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النّار }
{الّذين يذكرون اللّه}
هذا من نعت {أولي الألباب} أي: فهؤلاء يستدلون على توحيد اللّه - عزّ وجلّ - بخلق السّماوات والأرض وأنهم يذكرون اللّه في جميع أحوالهم {قياما وقعودا وعلى جنوبهم}
معناه: ومضطجعين، وصلح في اللغة أن: يعطف (بعلى) على - {قياما وقعودا} لأن معناه ينبئ عن حال في أحوال تصرف الإنسان، تقول: أنا أسير
إلى زيد مماشيا وعلى الخيل، المعنى ماشيا وراكبا، فهؤلاء المستدلون على حقيقة توحيد الله يذكرون - اللّه في سائر هذه الأحوال.
وقد قال بعضهم: {يذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم} أي: يصلون على جميع هذه الأحوال على قدر إمكانهم في صحتهم وسقمهم.
وحقيقته عندي - واللّه أعلم - أنهم موحدون اللّه في كل حال.
{ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض} فيكون ذلك أزيد في بصيرتهم، لأن فكرتهم تريهم عظيم شأنهما، فيكون تعظيمهم للّه على حسب ما يقفون عليه من آثار رحمته.
وقوله عزّ وجلّ: {ربّنا ما خلقت هذا باطلا}معناه: يقولون {ربّنا ما خلقت هذا باطلا}أي: خلقته دليلا عليك، وعلى صدق ما أتت به أنبياؤك. لأن الأنبياء تأتي بما يعجز عنه المخلوتون، فهو كالسماوات والأرض في الدليل على توحيد اللّه.
{سبحانك}معناه: براءة لك من السوء وتنزيها لك من أن تكون خلقتهما باطلا..
{فقنا عذاب النّار}أي: فقد صدقنا رسلك وأن لك جنة ونارا فقنا عذاب النّار). [معاني القرآن: 1/498-499]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم}
في معنى الآية قولان:
أحدهما: روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من لم يستطيع أن يصلي قائما صلى قاعدا وإلا مضطجعا.
والقول الآخر: أنهم الذين يوحدون الله عز وجل على كل حال ويذكونه والقول الأول ليس بصحيح الإسناد.
وأيضا فإن الله تعالى إنما وصف أولي الألباب بالذكر له على كل الأحوال التي يكون الناس عليها
ويبين لك هذا حديث ابن عباس حين بات عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاستوى على فراشه قاعدا ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال: ((سبحان الملك القدوس ثلاث مرات)) وقرأ {إن في خلق السموات والأرض}حتى ختم السورة). [معاني القرآن: 1/523-524]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {ويتفكرون في خلق السموات والأرض} أي: ليكون ذلك أزيد في بصيرتهم.
ثم قال عز وجل: {ربنا ما خلقت هذا باطلا} أي: يقولون ربنا ما خلقت هذا باطلا فحذف يقولون.
ثم قال عز وجل: {سبحانك فقنا عذاب النار}
روي عن طلحة بن عبيد الله أنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن سبحان فقال:((تنزيه الله عن السوء))
وأصل التنزيه في اللغة: البعد أي التنزيه الله عز وجل عن الأنداد والأولاد). [معاني القرآن: 1/525-526]



رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 09:35 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) }
[لا يوجد]


تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) }

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال في شوال لأنه شهر حل، ففيه يغير الناس بعضهم على بعض. فإن قال قائل: أفليس شهور الحل ثمانية، فما باله خص هذا? فالجواب في ذلك أنه إذا ذكر الشيء غير المقصود دخل ما كان نظيره في حكمه. قال الله تبارك وتعالى: {الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم}. ولم يقل: على ظهورهم ولم يذكر الارتفاق لأنه يعلم أن الأمر في ذلك واحد. وكذلك قوله جل وعز: {سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم} ولم يذكر البرد). [التعازي والمراثي: 71]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والهجود: النيام ويكون مصدرًا من هذا الفعل كما تقول قوم قعود وقد قعدوا قعودًا). [شرح المفضليات: 695]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم دل على مواضع النظر والعبرة، حيث يقع الاستدلال على الصانع بوجود السماوات والأرضين والمخلوقات دال على العلم، ومحال أن يكون موجود عالم مريد غير حي، فثبت بالنظر في هذه الآية عظم الصفات واختلاف اللّيل والنّهار هو تعاقبهما، إذ جعلهما الله خلفة، ويدخل تحت لفظة الاختلاف كونهما يقصر هذا ويطول الآخر وبالعكس، ويدخل في ذلك اختلافهما بالنور والظلام، و «الآيات»: العلامات والألباب في هذه الآية: هي ألباب التكليف لا ألباب التجربة، لأن كل من له علوم ضرورية يدركها فإنه يعلم ضرورة ما قلناه من صفات الله تعالى). [المحرر الوجيز: 2/445]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: الّذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النّار (191) ربّنا إنّك من تدخل النّار فقد أخزيته وما للظّالمين من أنصارٍ (192)
الّذين في موضع خفض صفة لأولي الألباب [آل عمران: 190]، وهذا وصف ظاهره استعمال التحميد والتهليل والتكبير ونحوه من ذكر الله، وأن يحصر القلب اللسان، وذلك من أعظم وجوه العبادات، والأحاديث في ذلك كثيرة، وابن آدم منتقل في هذه الثلاث الهيئات لا يخلو في غالب أمره منها فكأنها تحصر زمنه، وكذلك جرت عائشة رضي الله عنها إلى حصر الزمن في قولها، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، فدخل في ذلك كونه على الخلاء وغير ذلك، وذهبت جماعة من المفسرين إلى أن قوله: الّذين يذكرون اللّه، إنما هو عبارة عن الصلاة، أي لا يضيعونها ففي حال العذر يصلونها قعودا وعلى جنوبهم، قال بعضهم وهي كقوله تعالى: فإذا قضيتم الصّلاة فاذكروا اللّه [النساء: 103]، هذا تأويل من تأول هنالك قضيتم بمعنى أديتم، لأن بعض الناس يقول قضيتم هنالك بمعنى فرغتم منها، فإذا كانت هذه الآية في الصلاة ففقهها أن الإنسان يصلي قائما، فإن لم يستطيع فقاعدا، ظاهر المدونة متربعا، وروي عن مالك وبعض أصحابه أنه يصلي كما يجلس بين السجدتين، فإن لم يستطع القعود صلى على جنبه أو ظهره على التخيير، هذا مذهب المدونة، وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم يصلي على ظهره، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيمن، ثم على الأيسر، وفي كتاب ابن المواز، يصلي على جنبه الأيمن، وإلا فعلى الأيسر، وإلا فعلى الظهر، وقال سحنون يصلي على الأيمن كما يجعل في لحده، وإلا فعلى ظهره، وإلا فعلى الأيسر، وحسن عطف قوله وعلى جنوبهم، على قوله: قياماً وقعوداً لأنه في معنى مضطجعين، ثم عطف على هذه العبادة التي هي ذكر الله باللسان أو الصلاة فرضها ومندوبها بعبادة أخرى
عظيمة، وهي الفكرة في قدرة الله تعالى ومخلوقاته، والعبر التي بث: [المتقارب]
وفي كل شيء له آية = تدلّ على أنّه واحد
ومر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم يتفكرون في الله فقال: تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق، فإنكم لا تقدرون قدره، وهذا هو قصد الآية: ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض، وقال بعض العلماء: المتفكر في ذات الله تعالى كالناظر في عين الشمس، لأنه تعالى ليس كمثله شيء، وإنما التفكير وانبساط الذهن في المخلوقات، وفي مخاوف الآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عبادة كتفكر، وقال الحسن بن أبي الحسن: الفكرة مرآة المؤمن، ينظر فيها إلى حسناته وسيئاته، وقال ابن عباس وأبو الدرداء: فكرة ساعة خير من قيام ليلة، وقال سري السقطي: فكرة ساعة خير من عبادة سنة، ما هو إلا أن تحل أطناب خيمتك فتجعلها في الآخرة، وأخذ أبو سليمان الداراني قدح الماء ليتوضا لصلاة الليل وعنده ضيف، فرآه لما أدخل أصبعه في أذن القدح أقام كذلك مفكرا حتى طلع الفجر، فقال له ما هذا يا أبا سليمان؟ فقال: إني لما طرحت أصبعي في أذن القدح تذكرت قول الله جل وتعالى: إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل [غافر: 71]، ففكرت في حالي، وكيف أتلقى الغل إن طرح في عنقي يوم القيامة، فما زلت في ذلك حتى أصبحت.
قال القاضي: فهذه نهاية الخوف، وخير الأمور أوسطها، وليس علماء الأمة الذين هم الحجة على هذا المنهاج، وقراءة علم كتاب الله ومعاني سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يفهم ويرجى نفعه أفضل من هذا، لكنه يحسن أن لا تخلو البلاد من مثل هذا، وحدثني أبي رضي الله عنه عن بعض علماء المشرق قال: كنت بائتا في مسجد الأقدام بمصر، فصليت العشاء فرأيت رجلا قد اضطجع في كساء له مسجى بكسائه حتى أصبح، وصلينا نحن تلك الليلة وسهرنا، فلما أقيمت صلاة الصبح قام ذلك الرجل فاستقبل القبلة فصلى مع الناس، فاستعظمت جرأته في الصلاة بغير وضوء، فلما فرغت الصلاة خرج فتبعته لأعظه فلما دنوت منه سمعته ينشد: [المنسرح]
منسحق الجسم غائب حاضر = منتبه القلب صامت ذاكر
منقبض في الغيوب منبسط = كذاك من كان عارفا ذاكرا
يبيت في ليله أخا فكر = فهو مدى اللّيل نائم ساهر
قال فعلمت أنه ممن يعبد بالفكرة وانصرفت عنه، وقوله تعالى: ربّنا معناه يقولون ربنا على النداء، ما خلقت هذا باطلا، يريد لغير غاية منصوبة بل خلقته وخلقت البشر لينظر فيه فتوحد وتعبد، فمن فعل ذلك نعمته ومن ضل عن ذلك عذبته لكفره وقوله عليك ما لا يليق بك، ولهذا المعنى الذي تعطيه قوة اللفظ حسن قولهم: سبحانك: أي تنزيها لك عما يقول المبطلون وحسن قولهم: فقنا عذاب النّار إذ نحن المسبحون المنزهون لك الموحدون). [المحرر الوجيز: 2/445-448]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب (190) الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النّار (191) ربّنا إنّك من تدخل النّار فقد أخزيته وما للظّالمين من أنصارٍ (192) ربّنا إنّنا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربّكم فآمنّا ربّنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفّر عنّا سيّئاتنا وتوفّنا مع الأبرار (193) ربّنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد (194)}
قال الطّبرانيّ: حدّثنا الحسن بن إسحاق التستري، حدّثنا يحيى الحمّاني، حدّثنا يعقوب القمّي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: أتت قريشٌ اليهود فقالوا: بم جاءكم موسى؟ قالوا: عصاه ويده بيضاء للنّاظرين. وأتوا النّصارى فقالوا: كيف كان عيسى؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى: فأتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: ادع لنا ربّك يجعل لنا الصّفا ذهبًا. فدعا ربّه، فنزلت هذه الآية: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} فليتفكّروا فيها وهذا مشكل، فإنّ هذه الآية مدنيّةٌ. وسؤالهم أن يكون الصّفا ذهبًا كان بمكّة. واللّه أعلم.
ومعنى الآية أنّه يقول تعالى: {إنّ في خلق السّماوات والأرض} أي: هذه في ارتفاعها واتّساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتّضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيّاراتٍ، وثوابت وبحارٍ، وجبالٍ وقفارٍ وأشجارٍ ونباتٍ وزروعٍ وثمارٍ، وحيوانٍ ومعادن ومنافع، مختلفة الألوان والطّعوم والرّوائح والخواصّ {واختلاف اللّيل والنّهار} أي: تعاقبهما وتقارضهما الطّول والقصر، فتارةً يطول هذا ويقصر هذا، ثمّ يعتدلان، ثمّ يأخذ هذا من هذا فيطول الّذي كان قصيرًا، ويقصر الّذي كان طويلًا وكلّ ذلك تقدير العزيز الحكيم ؛ ولهذا قال: {لأولي الألباب} أي: العقول التّامّة الذّكيّة الّتي تدرك الأشياء بحقائقها على جليّاتها، وليسوا كالصّمّ البكم الّذين لا يعقلون الّذين قال اللّه [تعالى] فيهم: {وكأيّن من آيةٍ في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون. وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون} [يوسف:105، 106]). [تفسير القرآن العظيم: 2/183-184]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقد ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرأ هذه الآيات العشر من آخر آل عمران إذا قام من اللّيل لتهجّده، فقال البخاريّ، رحمه اللّه: حدّثنا سعيد بن أبي مريم، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، أخبرني شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر، عن كريب عن ابن عبّاسٍ قال: بتّ عند خالتي ميمونة، فتحدّث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مع أهله ساعةً ثمّ رقد، فلمّا كان ثلث اللّيل الآخر قعد فنظر إلى السّماء فقال: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} ثمّ قام فتوضّأ واستنّ. فصلّى إحدى عشرة ركعةً. ثمّ أذّن بلالٌ فصلّى ركعتين، ثمّ خرج فصلّى بالنّاس الصّبح.
وكذا رواه مسلمٌ عن أبي بكر بن إسحاق الصّنعانيّ، عن ابن أبي مريم، به ثمّ رواه البخاريّ من طرقٍ عن مالكٍ، عن مخرمة بن سليمان، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه بات عند ميمونة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأهله في طولها، فنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى إذا انتصف اللّيل -أو قبله بقليلٍ، أو بعده بقليلٍ -استيقظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من منامه، فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثمّ قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شنّ معلّقةٍ فتوضّأ منها فأحسن وضوءه ثمّ قام يصلّي -قال ابن عبّاسٍ: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثمّ ذهبت فقمت إلى جنبه -فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها فصلّى ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين ثمّ أوتر، ثمّ اضطجع حتّى جاءه المؤذّن، فقام فصلّى ركعتين خفيفتين، ثمّ خرج فصلّى الصّبح.
وهكذا أخرجه بقيّة الجماعة من طرق عن مالكٍ، به ورواه مسلمٌ أيضًا وأبو داود من وجوهٍ أخر، عن مخرمة بن سليمان، به.
" طريقٌ أخرى " لهذا الحديث عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما].
قال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن عليٍّ، أخبرنا أبو يحيى بن أبي مسرّة أنبأنا خلاد بن يحيى، أنبأنا يونس بن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قال: أمرني العبّاس أن أبيت بآل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأحفظ صلاته. قال: فصلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالنّاس صلاة العشاء الآخرة، حتّى إذا لم يبق في المسجد أحدٌ غيره قام فمرّ بي، فقال: "من هذا؟ عبد اللّه؟ " فقلت نعم. قال: "فمه؟ " قلت: أمرني العباس أن أبيت بكم اللّيلة. قال: "فالحق الحق" فلمّا أن دخل قال: "افرشن عبد اللّه؟ " فأتى بوسادةٍ من مسوحٍ، قال فنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليها حتّى سمعت غطيطه، ثمّ استوى على فراشه قاعدًا، قال: فرفع رأسه إلى السّماء فقال: "سبحان الملك القدّوس" ثلاث مرّاتٍ، ثمّ تلا هذه الآيات من آخر سورة آل عمران حتّى ختمها.
وقد روى مسلمٌ وأبو داود والنّسائيّ، من حديث عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ حديثًا في ذلك أيضًا.
طريقٌ أخرى رواها ابن مردويه، من حديث عاصم بن بهدلة، عن بعض أصحابه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خرج ذات ليلةٍ بعد ما مضى ليلٌ، فنظر إلى السّماء، وتلا هذه الآية: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} إلى آخر السّورة. ثمّ قال: "اللّهمّ اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، ومن بين يديّ نورًا، ومن خلفي نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، وأعظم لي نورًا يوم القيامة " وهذا الدّعاء ثابتٌ في بعض طرق الصّحيح، من رواية كريب، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه..
ثمّ روى ابن مردويه وابن أبي حاتمٍ من حديث جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتت قريشٌ اليهود فقالوا: بما جاءكم موسى من الآيات؟ قالوا: عصاه ويده البيضاء للنّاظرين. وأتوا النّصارى فقالوا: كيف كان عيسى فيكم؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى. فأتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: ادع لنا ربّك يجعل لنا الصّفا ذهبًا. فدعا ربّه، عزّ وجلّ، فنزلت: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} قال: "فليتفكروا فيها" لفظ ابن مردويه.
وقد تقدّم سياق الطّبرانيّ لهذا الحديث في أوّل الآية، وهذا يقتضي أن تكون هذه الآيات مكّيّةٌ، والمشهور أنّها مدنيّة، ودليله الحديث الآخر، قال ابن مردويه:
حدّثنا إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن عليٍّ الحرّانيّ، حدّثنا شجاع بن أشرس، حدّثنا حشرج بن نباتة الواسطيّ أبو مكرمٍ، عن الكلبيّ -هو أبو جناب [الكلبيّ] -عن عطاءٍ قال: انطلقت أنا وابن عمر وعبيد بن عمير إلى عائشة، رضي اللّه عنها، فدخلنا عليها وبيننا وبينها حجابٌ، فقالت: يا عبيد، ما يمنعك من زيارتنا؟ قال: قول الشّاعر:
زر غبًّا تزدد حبّا
فقال ابن عمر: ذرينا أخبرينا بأعجب شيءٍ رأيته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فبكت وقالت: كلّ أمره كان عجبًا، أتاني في ليلتي حتّى مسّ جلده جلدي، ثمّ قال: ذريني أتعبّد لربّي [عزّ وجلّ] قالت: فقلت: واللّه إنّي لأحبّ قربك، وإنّي أحبّ أن تعبد لربّك. فقام إلى القربة فتوضّأ ولم يكثر صبّ الماء، ثمّ قام يصلّي، فبكى حتّى بلّ لحيته، ثمّ سجد فبكى حتّى بل الأرض، ثمّ اضطجع على جنبه فبكى، حتّى إذا أتى بلالٌ يؤذنه بصلاة الصّبح قالت: فقال: يا رسول اللّه، ما يبكيك؟ وقد غفر اللّه لك ذنبك ما تقدّم وما تأخّر، فقال: "ويحك يا بلال، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل عليّ في هذه اللّيلة: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} " ثمّ قال: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكّر فيها".
وقد رواه عبد بن حميد، عن جعفر بن عون، عن أبي جناب الكلبيّ عن عطاءٍ، بأطول من هذا وأتمّ سياقًا.
وهكذا رواه أبو حاتم ابن حبّان في صحيحه، عن عمران بن موسى، عن عثمان بن أبي شيبة، عن يحيى بن زكريّا، عن إبراهيم بن سويد النّخعي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ قال: دخلت أنا [وعبد اللّه بن عمر] وعبيد بن عمير على عائشة فذكر نحوه.
وهكذا رواه عبد اللّه بن محمّد بن أبي الدّنيا في كتاب "التّفكّر والاعتبار" عن شجاع بن أشرص، به. ثمّ قال: حدّثني الحسن بن عبد العزيز: سمعت سنيدًا يذكر عن سفيان -هو الثّوريّ-رفعه قال: من قرأ آخر آل عمران فلم يتفكّر فيه ويله. يعدّ بأصابعه عشرًا. قال الحسن بن عبد العزيز: فأخبرني عبيد بن السّائب قال: قيل للأوزاعيّ: ما غاية التفكر فيهن؟ قال: يقرأهن وهو يعقلهنّ.
قال ابن أبي الدّنيا: وحدّثني قاسم بن هاشمٍ، حدّثنا عليّ بن عيّاش، حدّثنا عبد الرّحمن بن سليمان قال: سألت الأوزاعيّ عن أدنى ما يتعلق به المتعلّق من الفكر فيهنّ وما ينجيه من هذا الويل؟ فأطرق هنيّة ثمّ قال: يقرؤهنّ وهو يعقلهن.
[حديثٌ آخر فيه غرابةٌ: قال أبو بكر بن مردويه: أنبأنا عبد الرّحمن بن بشير بن نميرٍ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم البستيّ ح وقال: أنبأنا إسحاق بن إبراهيم بن زيدٍ، حدّثنا أحمد بن عمرٍو قالا أنبأنا هشام بن عمّارٍ، أنبأنا سليمان بن موسى الزّهريّ، أنبأنا مظاهر بن أسلم المخزوميّ، أنبأنا سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرأ عشر آياتٍ من آخر سورة آل عمران كلّ ليلةٍ. مظاهر بن أسلم ضعيف] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/187-190]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ وصف تعالى أولي الألباب فقال: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم} كما ثبت في صحيح البخاريّ عن عمران بن حصين، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "صلّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبك أي: لا يقطعون ذكره في جميع أحوالهم بسرائرهم وضمائرهم وألسنتهم {ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض} أي: يفهمون ما فيهما من الحكم الدّالّة على عظمة الخالق وقدرته، وعلمه وحكمته، واختياره ورحمته.
وقال الشّيخ أبو سليمان الدّارانيّ: إنّي لأخرج من منزلي، فما يقع بصري على شيءٍ إلّا رأيت للّه علي فيه نعمة، أو لي فيه عبرة. رواه ابن أبي الدّنيا في كتاب "التّفكّر والاعتبار".
وعن الحسن البصريّ أنّه قال: تفكّر ساعة خيرٌ من قيام ليلةٍ. وقال الفضيل: قال الحسن: الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيّئاتك. وقال سفيان بن عيينة: الفكرة نورٌ يدخل قلبك. وربّما تمثّل بهذا البيت:
إذا المرء كانت له فكرةٌ = ففي كلّ شيءٍ له عبرة
وعن عيسى، عليه السّلام، أنّه قال: طوبى لمن كان قيله تذكّرًا، وصمته تفكّرًا، ونظره عبرًا.
وقال لقمان الحكيم: إنّ طول الوحدة ألهم للفكرة، وطول الفكرة دليلٌ على طرق باب الجنّة.
وقال وهب بن منبّه: ما طالت فكرة امرئ قطّ إلّا فهم، وما فهم امرؤٌ قطّ إلّا علم، وما علم امرؤٌ قطّ إلا عمل.
وقال عمر بن عبد العزيز: الكلام بذكر اللّه، عزّ وجلّ، حسن، والفكرة في نعم اللّه أفضل العبادة.
وقال مغيثٌ الأسود: زوروا القبور كلّ يوم تفكّركم، وشاهدوا الموقف بقلوبكم، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنّة أو النّار، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النّار ومقامعها وأطباقها، وكان يبكي عند ذلك حتّى يرفع صريعا من بين أصحابه، قد ذهب عقله.
وقال عبد اللّه بن المبارك: مرّ رجلٌ براهبٍ عند مقبرة ومزبلة، فناداه فقال: يا راهب، إنّ عندك كنزين من كنوز الدّنيا لك فيهما معتبر، كنز الرّجال وكنز الأموال.
وعن ابن عمر: أنّه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه، يأتي الخربة فيقف على بابها، فينادي بصوتٍ حزينٍ فيقول: أين أهلك؟ ثمّ يرجع إلى نفسه فيقول: {كلّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه} [القصص:88].
وعن ابن عبّاسٍ أنّه قال: ركعتان مقتصدتان في تفكّر، خيرٌ من قيام ليلةٍ والقلب ساهٍ.
وقال الحسن: يا ابن آدم، كل في ثلث بطنك، واشرب في ثلثه، ودع ثلثه الآخر تتنفّس للفكرة.
وقال بعض الحكماء: من نظر إلى الدّنيا بغير العبرة انطمس من بصر قلبه بقدر تلك الغفلة.
وقال بشر بن الحارث الحافي: لو تفكّر النّاس في عظمة اللّه تعالى لما عصوه.
وقال الحسن، عن عامر بن عبد قيسٍ قال: سمعت غير واحدٍ ولا اثنين ولا ثلاثةً من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون: إنّ ضياء الإيمان، أو نور الإيمان، التّفكّر.
وعن عيسى، عليه السّلام، أنّه قال: يا ابن آدم الضّعيف، اتّق اللّه حيثما كنت، وكن في الدّنيا ضيفًا، واتّخذ المساجد بيتًا، وعلّم عينيك البكاء، وجسدك الصّبر، وقلبك الفكر، ولا تهتمّ برزق غدٍ.
وعن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، أنّه بكى يومًا بين أصحابه، فسئل عن ذلك، فقال: فكّرت في الدّنيا ولذّاتها وشهواتها، فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتّى تكدّرها مرارتها، ولئن لم يكن فيها عبرةٌ لمن اعتبر إنّ فيها مواعظ لمن ادّكر.
وقال ابن أبي الدّنيا: أنشدني الحسين بن عبد الرّحمن:
نزهة المؤمن الفكر = لذّة المؤمن العبر
نحمد الله وحده = نحن كلٌّ على خطر
ربّ لاهٍ وعمره = قد تقضّى وما شعر
ربّ عيشٍ قد كان فو = ق المنى مونق الزهر
في خرير من العيو = ن وظل من الشّجر
وسرور من النّبا = ت وطيب من الثمر
غيّرته وأهله = سرعة الدّهر بالغير
نحمد اللّه وحده = إنّ في ذا لمعتبر
إنّ في ذا لعبرةً = للبيبٍ إن اعتبر

وقد ذمّ اللّه تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدّالّة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته، فقال: {وكأيّن من آيةٍ في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون. وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون} [يوسف:105، 106] ومدح عباده المؤمنين: {الّذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض} قائلين {ربّنا ما خلقت هذا باطلا} أي: ما خلقت هذا الخلق عبثًا، بل بالحق لتجزي الذين أساؤوا بما عملوا، وتجزي الّذين أحسنوا بالحسنى. ثمّ نزّهوه عن العبث وخلق الباطل فقالوا: {سبحانك} أي: عن أن تخلق شيئًا باطلًا {فقنا عذاب النّار} أي: يا من خلق الخلق بالحقّ والعدل يا من هو منزه عن النّقائص والعيب والعبث، قنا من عذاب النّار بحولك وقوّتك وقيضنا لأعمالٍ ترضى بها عنّا، ووفّقنا لعملٍ صالحٍ تهدينا به إلى جنّات النّعيم، وتجيرنا به من عذابك الأليم). [تفسير القرآن العظيم: 2/184-186]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة