العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة آل عمران

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 09:35 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (156) إلى الآية (158) ]

تفسير سورة آل عمران
[من الآية (156) إلى الآية (158) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:19 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {غزًّا} : واحدها غازٍ). [صحيح البخاري: 6/33]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله غزا واحدها غازٍ هو تفسير أبي عبيدة أيضًا قال في قوله أو كانوا غزا لا يدخلها رفع ولا جر لأنّ واحدها غازٍ فخرجت مخرج قائلٍ وقوّلٍ انتهى وقرأ الجمهور غزا بالتّشديد جمع غازٍ وقياسه غزاةٌ لكن حملوا المعتلّ على الصّحيح كما قال أبو عبيدة وقرأ الحسن وغيره غزا بالتّخفيف فقيل خفّف الزّاي كراهية التّثقيل وقيل أصله غزاةٌ وحذف الهاء). [فتح الباري: 8/208]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (غزّا واحدها غازٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا} (آل عمران: 156) الآية. وغزّا، بضم الغين وتشديد الزّاي جمع غاز كعفى جمع عاف. وقال بعضهم: غزا واحدها غاز. تفسير أبي عبيدة. قلت: مثل هذا لا يسمى تفسيرا في اصطلاح أهل التّفسير، غاية ما في الباب أنه قال جمع غاز. وأصل غاز غازى فأعل إعلال قاض. وقرأ الحسن غزا بالتّخفيف. وقيل: أصله غزاة فحذف الهاء، وفيه نظر). [عمدة القاري: 18/137]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: {أو كانوا} ({غزا}) قال أبو عبيدة (واحدها غاز) ومعنى الآية أنه تعالى نهى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفار في اعتقادهم الفاسد الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار والجهاد لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم، فإن ذلك جعله الله تعالى حسرة في قلوبهم، وسقط لأبي ذر من تستأصلونهم إلى هنا). [إرشاد الساري: 7/49]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: يا أيّها الّذين صدقوا اللّه ورسوله، وأقرّوا بما جاء به محمّدٌ من عند اللّه، لا تكونوا كمن كفر باللّه وبرسوله، فجحد نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال لإخوانه من أهل الكفر {إذا ضربوا في الأرض} فخرجوا من بلادهم سفرًا في تجارةٍ، {أو كانوا غزًّى} يقول: أو كان خروجهم من بلادهم غزاةً، فهلكوا فماتوا في سفرهم، أو قتلوا في غزوهم، {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} يخبر بذلك عن قول هؤلاء الكفّار، أنّهم يقولون لمن غزا منهم فقتل أو مات في سفرٍ خرج فيه في طاعةٍ اللّه أو تجارةٍ: لو لم يكونوا خرجوا من عندنا، وكانوا أقاموا في بلادهم ما ماتوا وما قتلوا {ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} يعني: أنّهم يقولون ذلك، كي يجعل اللّه قولهم ذلك حزنًا في قلوبهم وغمًّا، ويجهلون أنّ ذلك إلى اللّه جلّ ثناؤه وبيده.
وقد قيل: إنّ الّذين نهى اللّه المؤمنين بهذه الآية أن يتشبّهوا بهم فيما نهاهم عنه من سوء اليقين باللّه، هم عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول وأصحابه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم} الآية، قال: هؤلاء المنافقون أصحاب عبد اللّه بن أبيٍّ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى} قول المنافق عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
وقال آخرون في ذلك: هم جميع المنافقين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مسلمة، عن ابن إسحاق: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم} الآية: أي لا تكونوا كالمنافقين الّذي ينهون إخوانهم عن الجهاد في سبيل اللّه، والضّرب في الأرض في طاعة اللّه، وطاعة رسوله، ويقولون إذا ماتوا أو قتلوا: لو أطاعونا ما ماتوا، وما قتلوا.
وأمّا قوله: {إذا ضربوا في الأرض} فإنّه اختلف في تأويله، فقال بعضهم: هو السّفر في التّجارة، والسّير في الأرض لطلب المعيشة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إذا ضربوا في الأرض} وهي التّجارة
وقال آخرون: بل هو السّير في طاعة اللّه وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {إذا ضربوا في الأرض} الضّرب في الأرض في طاعة اللّه وطاعة رسوله
وأصل الضّرب في الأرض: الإبعاد فيها سيرًا
وأمّا قوله: {أو كانوا غزًّى} فإنّه يعني: أو كانوا غزاةً في سبيل اللّه.
والغزّى: جمع غازٍ، جمع على فعّلٍ كما يجمع شاهدٌ: شهّدٍ، وقائلٌ: قوّلٍ وقد ينشد بيت رؤبة:.
فاليوم قد نهنهني تنهنهي = وأول حلمٍ ليس بالمسفّه.
وقوّلٌ إلاّ دهٍ فلا ده = وينشد أيضًا وقولهم إلاّ دهٍ فلا ده.
وإنّما قيل: {لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى} فإصحاب ماضي الفعل الحرف الّذي لا يصحب مع الماضي منه إلاّ المستقبل، فقيل: وقالوا لإخوانهم ثمّ قيل: إذا ضربوا، وإنّما يقال في الكلام: أكرمتك إذ زرتني، ولا يقال: أكرمتك إذا زرتني؛ لأنّ القول الّذي في قوله: {وقالوا لإخوانهم} وإن كان في لفظ الماضي فإنّه بمعنى المستقبل، وذلك أنّ العرب تذهب بالّذين مذهب الجزاء، وتعاملها في ذلك معاملة من وما لتقارب معاني ذلك في كثيرٍ من الأشياء، وإنّ جمعهنّ أشياء مجهولاتٌ غير مؤقّتاتٍ توقيت عمرٍو وزيدٍ، فلمّا كان ذلك كذلك، وكان صحيحًا في الكلام فصيحًا أن يقال للرّجال: أكرم من أكرمك، وأكرم كلّ رجلٍ أكرمك، فيكون الكلام خارجًا بلفظ الماضي مع من وكلٍّ مجهولاً، ومعناه الاستقبال، إذ كان الموصوف بالفعل غير موقّتٍ، وكان الّذين في قوله: {لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض} غير موقّتين، أجريت مجرى من وما في ترجمتها الّي مذهب الجزاء وإخراج صلاتها بألفاظ الماضي من الأفعال وهي بمعنى الاستقبال، كما قال الشّاعر في ما:
وإنّي لآتيكم تشكّر ما مضى = من الأمر واستيجاب ما كان في غد
فقال: ما كان في غدٍ، وهو يريد: ما يكون في غدٍ، ولو كان أراد الماضي لقال: ما كان في أمس، ولم يجز له أن يقول: ما كان في غدٍ
ولو كان الّذي موقّتًا، لم يجز أن يقال: ذلك خطأٌ أن يقاللا اكرمن: من هذا الّذي أكرمك إذا زرته؟ لأنّ الّذي هاهنا موقّتٌ، فقد خرج من معنى الجزاء، ولو لم يكن في الكلام هذا، لكان جائزًا فصيحًا؛ لأنّ الّذي يصير حينئذٍ مجهولاً غير موقّتٍ، ومن ذلك قول اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه} فردّ {يصدّون} على {كفروا}؛ لأنّ الّذين غير موقّتةٍ، فقوله: {كفروا} وإن كان في لفظٍ ماضٍ، فمعناه الاستقبال، وكذلك قوله: {إلاّ من تاب وآمن وعمل صالحًا}، وقوله: {إلاّ الّذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} معناه: إلاّ الّذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم، وإلاّ من يتوب ويؤمن، ونظائر ذلك في القرآن والكلام كثيرٌ؛ والعلّة في كلّ ذلك واحدةٌ.
وأمّا قوله: {ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} فإنّه يعني بذلك: حزنًا في قلوبهم.
- كما: حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، في قوله: {في قلوبهم} قال: يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئًا
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} لقلّة اليقين بربّهم تبارك وتعالى). [جامع البيان: 6/175-180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {واللّه يحيي ويميت} واللّه المعجّل الموت لمن يشاء من حيث يشاء والمميت من يشاء كلّما شاء دون غيره من سائر خلقه.
وهذا من اللّه عزّ وجلّ ترغيبٌ لعباده المؤمنين على جهاد عدوّه، والصّبر على قتالهم، وإخراج هيبتهم من صدورهم، وإن قلّ عددهم، وكثر عدد أعدائهم وأعداء اللّه، وإعلامٌ منه لهم أنّ الإماتة والإحياء بيده، وأنّه لن يموت أحدٌ ولا يقتل إلاّ بعد فناء أجله الّذي كتب له، ونهي منه لهم إذ كان كذلك أن يجزعوا لموت من مات منهم أو قتل من قتل منهم في حرب المشركين
ثمّ قال جلّ ثناؤه: {واللّه بما تعملون بصيرٌ} يقول: إنّ اللّه يرى ما تعملون من خيرٍ وشرٍّ فاتّقوه الله أيّها المؤمنون، فإنّه محصٍ ذلك كلّه، حتّى يجازي كلّ عاملٍ بعمله على قدر استحقاقه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال ابن إسحاق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {واللّه يحيي ويميت} أي يعجّل ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من آجالهم بقدرته). [جامع البيان: 6/180-181]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ (156)
قوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق: يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا أي لا تكونوا كالمنافقين.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى
قال: هؤلاء: المنافقون أصحاب عبد اللّه بن أبي.
قوله تعالى: وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض الّذين ينهون إخوانهم عن الجهاد في سبيل اللّه، والضّرب في الأرض في طاعة اللّه وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أمّا إذا ضربوا في الأرض فهي التّجارة.
قوله تعالى: أو كانوا غزًّى
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ أو كانوا غزًّى قال: هو قول المنافق عبد اللّه بن أبيٍّ المنافق.
قوله تعالى: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا قال: هذا قول الكفّار: إذا مات الرّجل فيقول: لو كان عندنا، ما مات ولا تقولوا كما قال الكفّار.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا قال: ويقولون لو أطاعونا ما ماتوا وما قتلوا.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ ما ماتوا وما قتلوا قال: فترادّ على النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضعة عشر.
قوله تعالى: ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: حسرةً في قلوبهم قال: يحزنهم ولا ينفعهم شيئاً، يعني يحزنهم قولهم وروي عن أبي مالكٍ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم لقلّة اليقين بربّهم
قوله تعالى: واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ
- وبه قال محمّد بن إسحاق: واللّه يحيي ويميت أي يعجّل ما يشاء أو يؤخّر ما يشاء من ذلك من آجالهم بقدرته). [تفسير القرآن العظيم: 2/798-800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 156 - 158.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض} الآية
قال: هذا قول عبد الله بن أبي بن سلول والمنافقين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم} الآية، قال: هؤلاء المنافقون أصحاب عبد الله بن أبي {إذا ضربوا في الأرض} وهي التجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} قال: هذا قول الكفار إذا مات الرجل يقولون: لو كان عندنا ما مات فلا تقولوا كما قال الكفار.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} قال: يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} لقلة اليقين بربهم {والله يحيي ويميت} أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته {ولئن قتلتم في سبيل الله} الآية، أي إن الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل {خير} لو علموا واتقوا {مما يجمعون} من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} أي ذلك كائن إذ إلى الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها). [الدر المنثور: 4/85-87]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون}
يخاطب جلّ ثناؤه عباده المؤمنين يقول لهم: لا تكونوا أيّها المؤمنون في شكٍّ من أنّ الأمور كلّها بيد اللّه، وأنّ إليه الإحياء والإماتة، كما شكّ المنافقون في ذلك، ولكن جاهدوا في سبيل اللّه، وقاتلوا أعداء اللّه على يقينٍ منكم بأنّه لا يقتل في حربٍ، ولا يموت في سفرٍ إلاّ من بلغ أجله وحانت وفاته، ثمّ وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرّحمة، وأخبرهم أنّ موتًا في سبيل اللّه وقتلا في دينه خيرٌ لهم ممّا يجمعون في الدّنيا من حطامها ورغيد عيشها الّذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل اللّه ويتأخّرون عن لقاء العدوّ.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} أي أنّ الموت كائنٌ لا بدّ منه، فموتٌ في سبيل اللّه أو قتلٌ خيرٌ لو علموا فأيقنوا ممّا يجمعون من الدّنيا الّتي لها يتأخّرون عن الجهاد، تخوّفًا من الموت والقتل لما علمعوا من زهيد الدّنيا وزهادةٍ في الآخرة
وإنّما قال اللّه عزّ وجلّ: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} وابتدأ الكلام: {ولئن متّم أو قتلتم} بحذف جزاء لئن لأنّ في قوله: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} معنى جوب للجزاء، وذلك أنّه وعدٌ خرج مخرج الخبر.
فتأويل الكلام: ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم، ليغفرنّ اللّه لكم وليرحمنّكم، فدلّ على ذلك بقوله: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} وجمع مع الدّلالة به عليه الخبر عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدّنيا، وما يجمعون فيها.
وقد زعم بعض أهل العربيّة من أهل البصرة أنّه إن قيل: كيف يكون: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ} جوابًا لقوله: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم}؟ فإنّ القول فيه أن يقال فيه: كأنّه قال: ولئن متّم أو قتلتم، فذلك لكم رحمةً من اللّه ومغفرةً، إذ كان ذلك في السّبيل، فقال: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ} يقول: لذلك {خيرٌ ممّا يجمعون} يعني لتلك المغفرة والرّحمة خيرٌ ممّا تجمعون ودخلت اللاّم في قوله: {لمغفرةٌ من اللّه} لدخولها في قوله: ولئن، كما قيل: {ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار}). [جامع البيان: 6/181-183]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون (157) ولئن متّم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون (158) فبما رحمةٍ من اللّه لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على اللّه إنّ اللّه يحبّ المتوكّلين (159)
قوله تعالى: ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون
- وبه قال محمّد بن إسحاق: ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من الله ورحمة خير مما يجمعون أي أنّ الموت كائنٌ لا بدّ منه فموتٌ في سبيل اللّه أو قتلٌ في خيرٍ لو علموا واتّقوا، خيرٌ ممّا يجمعون من الدّنيا الّتي لها يتأخّرون عن الجهاد، تخوّف الموت والقتل لما جمعوا من زهيدة الدّنيا زهادةً في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/800-802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 156 - 158.
...
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} لقلة اليقين بربهم {والله يحيي ويميت} أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته {ولئن قتلتم في سبيل الله} الآية، أي إن الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل {خير} لو علموا واتقوا {مما يجمعون} من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} أي ذلك كائن إذ إلى الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها). [الدر المنثور: 4/85-87] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن متّم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ولئن متّم أو قتلتم أيّها المؤمنون، فإلى اللّه مرجعكم ومحشركم فيجازيكم بأعمالكم، فآثروا ما يقرّبكم من اللّه، ويوجب لكم رضاه، ويقرّبكم من الجنّة، من الجهاد في سبيل اللّه، والعمل بطاعته على الرّكون إلى الدّنيا، وما تجمعون فيها من حطامها الّذي هو غير باقٍ لكم، بل هو زائلٌ عنكم، وعلى ترك طاعة اللّه والجهاد، فإنّ ذلك يبعدكم عن ربّكم، ويوجب لكم سخطه، ويقرّبكم من النّار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال ابن إسحاق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولئن متّم أو قتلتم} أي ذلك كان {لإلى اللّه تحشرون} أي أنّ إلى اللّه المرجع، فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا، ولا تغترّوا بها، وليكن الجهاد وما رغّبكم اللّه فيه منه آثر عندكم منها
وأدخلت اللاّم في قوله: {لإلى اللّه تحشرون} لدخولها في قوله {ولئن}، ولو كانت اللاّم مؤخّرةً، إلى قوله: {تحشرون}، لأحدثت النّون الثّقيلة فيه، كما تقول في الكلام: لئن أحسنت إليّ لأحسننّ إليك، بنونٍ مثقّلةٍ، فكان كذلك قوله: ولئن متّم أو قتلتم لتحشرنّ إلى اللّه، ولكن لمّا حيل بين اللام وبين تحشرون بالصّفة أدخلت في الصّفة، وسلمت تحشرون، فلم تدخلها النّون الثّقيلة، كما تقول في الكلام: لئن أحسنت إليّ لإليك أحسن، بغير نونٍ مثقّلةٍ). [جامع البيان: 6/183-184]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولئن متّم أو قتلتم
- وبه قال: قال محمّد بن إسحاق: ولئن متّم أو قتلتم أي ذلك كائنٌ فلا تغرّنّكم الدّنيا ولا تغترّوا بها، وليكن الجهاد وما رغّبكم اللّه فيه منه آثر عندكم منها.
قوله تعالى: لإلى اللّه تحشرون
- وبه قال محمّد بن إسحاق، أي: أنّ إلى اللّه المرجع). [تفسير القرآن العظيم: 2/800-802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 156 - 158.
...
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} لقلة اليقين بربهم {والله يحيي ويميت} أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته {ولئن قتلتم في سبيل الله} الآية، أي إن الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل {خير} لو علموا واتقوا {مما يجمعون} من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} أي ذلك كائن إذ إلى الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها). [الدر المنثور: 4/85-87] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن العمش أنه قرأ {متم} و(إذا متنا)، كل شيء في القرآن بكسر الميم). [الدر المنثور: 4/87]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 10:19 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض...}
كان ينبغي في العربية أن يقال: وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض، لأنه ماض؛ كما تقول: ضربتك إذ قمت، ولا تقول ضربتك إذا قمت. وذلك جائز، والذي في كتاب الله عربيّ حسن؛ لأن القول وإن كان ماضيا في اللفظ فهو في معنى الاستقبال؛ لأن {الذين} يذهب بها إلى معنى الجزاء من من وما، فأنت تقول للرجل: أحبب من أحبّك، وأحبب كلّ رجل أحبّك، فيكون الفعل ماضيا وهو يصلح للمستقبل؛ إذ كان أصحابه غير موقّتين، فلو وقّته لم يجز، من ذلك أن تقول: لأضربن هذا الذي ضربك إذ سلّمت عليك، لأنك قد وقّته فسقط عنه مذهب الجزاء، وتقول: لا تضرب إلا الذي ضربك إذا سلمت عليه، فتقول (إذا) لأنك لم توقته.
وكذلك قوله: {إنّ الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله} فقال
{ويصدّون} فردّها على {كفروا} لأنها غير موقّتة.
وكذلك قوله: {إلاّ الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} المعنى: إلا الذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم. والله أعلم.
وكذلك قوله: {إلاّ من تاب وآمن وعمل صالحا} معناه: إلا من يتوب ويعمل صالحا، وقال الشاعر:

فإني لآتيكم تشكّر ما مضى * من الأمر واستيجاب ما كان في غد
يريد به: المستقبل لذلك قال (كان في غد) ولو كان ماضيا لقال: ما كان في أمس، ولم يجز ما كان في غد. وأمّا قول الكميت:
ما ذاق بؤس معيشةٍ ونعيمها * فيما مضى أحدٌ إذا لم يعشق
فمن ذلك؛ إنما أراد: لم يذقها فيما مضى ولن يذوقها فيما يستقبل إذا كان لم يعشق، وتقول: ما هلك امرؤ عرف قدره، فلو أدخلت في هذا (إذا) كانت أجود من (إذ)؛ لأنك لم تخبر بذلك عن واحد فيكون بإذا، وإنما جعلته كالدأب فجرى الماضي والمستقبل.
ومن ذلك أن يقول الرجل للرجل: كنت صابرا إذا ضربتك؛ لأن المعنى: كنت كلّما ضربت تصبر، فإذا قلت: كنت صابرا إذ ضربت، فإنما أخبرت عن صبره في ضربٍ واحد). [معاني القرآن: 1/243-244]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ضربوا في الأرض} يقال: ضربت في الأرض، أي: تباعدت.
{أو كانوا غزّىً} لا يدخلها رفع ولا جرّ لأن واحدها: غازٍ، فخرجت مخرج قائل وقوّل، فعّل، وقال رؤبة:
وقوّلٍ إلاّ ده فلا ده
يقول: إن لم يكن هذا فلا ذا.
ومثل هذا قولهم: إن لم تتركه هذا اليوم فلا تتركه أبداً، وإن لم يكن ذاك الآن لم يكن أبداً.

{حسرةً} الحسرة: الندامة). [مجاز القرآن: 1/106-107]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لّو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ}
قال تعالى: {أو كانوا غزًّى لّو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} وواحد "الغزّى" "غاز" مثل "شاهد" و"شهّد"). [معاني القرآن: 1/186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({إذا ضربوا في الأرض}: تباعدوا.
{كانوا غزا}: جمع واحدا غاز). [غريب القرآن وتفسيره: 111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ضربوا في الأرض} تباعدوا.
و(غزّى) جمع غاز، مثل صائم وصوّم. ونائم ونوّم. وعاف وعفّى). [تفسير غريب القرآن: 114]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرة في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصير}
{أو كانوا غزّى} القراءة وما ثبت في المصحف على: القصر، وفعّل جمع فاعل نحو ضارب، وضرّب، وشاهد وشهد، ويقع على فعّال نحو حارب وحراب، وضارب وضرّاب،وغزّاء. يجوز إلا أنه لا يكون في القراءة لأنه ممدود.
وقوله عزّ وجلّ: {ليجعل اللّه ذلك حسرة في قلوبهم} أي: ليجعل ظنهم أنهم لو لم يحضروا - وإذا لم يحضروا الحرب اندفع عنهم ما كتب عليهم. فحسرتهم فيما ينالهم أشد.
{واللّه يحيي ويميت} أي: ليس الإنسان يمنعه تحرزه من إتيان أجله على ما سبق في علم الله). [معاني القرآن: 1/481-482]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا}
روى عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: هذا قول المنافق عبد الله بن أبي). [معاني القرآن: 1/500]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ} تباعدوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 53]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({ضَرَبُواْ}: أبعدوا. {غُزًّا}: جمع غاز). [العمدة في غريب القرآن: 103]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ مّن اللّه ورحمةٌ خيرٌ مّمّا يجمعون}
قال تعالى: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم} الآية، فإن قيل كيف يكون {لمغفرةٌ مّن اللّه} جواب ذلك الأول؟ فكأنه حين قال: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم} تذكر لهم مغفرة ورحمة إذ كان ذلك في السبيل فقال: {لمغفرةٌ} يقول: "لتلك المغفرة {خيرٌ ممّا تجمعون}"). [معاني القرآن: 1/186]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ولئن مّتّم أو قتلتم لإلى الله تحشرون}
قال: {ولئن مّتّم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} وإن شئت قلت {قتّلتم}). [معاني القرآن: 1/186-187]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 09:19 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (جمع الأهلة: أهلات؛ مثل: «حَسْرة وحَسَرات» و«شَهْوة وشَهَوات»). [المذكور والمؤنث: 98]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال بعض الناس: معنى قول الله جل وعز: {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض}: إذ ضربوا، وكذلك قالوا في بيت عمرو:


أخذن على بعولتهم عهداإذا لاقـوا فــوارس معلميـنـا

معناه إذ لاقوا.
وقال الفراء: إذا على بابها.
وقالوا بمعنى يقولون، كأنه قال: لا تكونوا كالذين يكفرون ويقولون لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض). [كتاب الأضداد: 121-122]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) }
[لا يوجد]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ (156)
نهى الله تعالى المؤمنين عن الكون مثل الكفار والمنافقين في هذا المعتقد الفاسد، الذي هو أن من سافر في تجارة ونحوها ومن قاتل فقتل لو قعد في بيته لعاش ولم يمت في ذلك الوقت الذي عرض فيه نفسه للسفر أو للقتال، وهذا هو معتقد المعتزلة في القول بالأجلين، وهو نحو منه، وقوله تعالى: لإخوانهم هي أخوة نسب، لأن قتلى- أحد- كانوا من الأنصار، أكثرهم من الخزرج، ولم يكن فيهم من المهاجرين إلا أربعة، وصرح بهذه المقالة فيما ذكر السدي ومجاهد وغيرهما، عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه، وقيل: بل قالها جميع المنافقين، ودخلت إذا في هذه الآية وهي حرف استقبال، من حيث «الذين» اسم فيه إبهام يعم من قال في الماضي، ومن يقول في المستقبل، ومن حيث هذه النازلة تتصور في مستقبل الزمان، ويطرد النهي للمؤمنين فيها، فوضعت إذا لتدل على اطراد الأمر في مستقبل الزمان، وهذه فائدة وضع المستقبل موضع الماضي، كما قال تعالى: واللّه يدعوا إلى دار السّلام [يونس: 25] إلى نحوها من الآيات وكما قالت: وفينا نبي يعلم ما في غد كما أن فائدة وضعهم الماضي موضع المستقبل للدلالة على ثبوت الأمر، لأن صيغة الماضي متحققة الوقوع، فمن ذلك قول الشاعر:
وإنّي لآتيكم تشكّر ما مضى = من الأمر واستيجاب ما كان في غد
ومنه قول الربيع:
أصبحت لا أملك السلاح ولا = أملك رأس البعير إن نفرا
و «الضرب في الأرض»: الإبعاد في السير، ومنه ضرب الدهر ضربانه: إذا بعدت المدة، وضرب الأرض: هو الذهاب فيها لحاجة الإنسان خاصة بسقوط «في» وقال السدي وغيره: في هذه الآية، الضرب في الأرض: السير في التجارة، وقال ابن إسحاق وغيره: بل هو السير في جميع طاعات الله ورسوله، والضرب في الأرض يعم القولين، وغزًّى: جمع غاز، وزنه- فعل- بضم الفاء وشد العين المفتوحة كشاهد وشهد وقائل وقول، وينشد بيت رؤبة: [الرجز]
فالآن قد نهنهني تنهنهي = وقول حلم ليس بالمسفّه
(وقول، الاده فلاده) يريد إن لم تتب الآن فلا تتوب أبدا، وهو مثل معناه: إن لم تكن كذا فلا تكن كذا، وقد روي، وقولهم إلا ده فلا ده، قال سيبويه وغيره: لا يدخل غزًّى الجر ولا الرفع، وقرأته عامة القراء بتشديد الزاي، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والزهري: «غزى» مخففة الزاي، ووجهه إما أن يريد غزاة، فحذف الهاء إخلادا إلى لغة من يقول «غزّى» بالتشديد، وهذ الحرف كثير في كلامهم، قول الشاعر يمدح الكسائيّ: [الطويل]
أبى الذّمّ أخلاق الكسائيّ وانتمى = به المجد أخلاق الأبوّ السوابق
يريد الأبوة جمع أب، كما أن العمومة جمع عم، والبنوة جمع ابن وقد قالوا: ابن وبنو، وتحتمل قراءتهما أن تكون تخفيفا للزاي من «غزى»، ونظيره قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكذّبوا بآياتنا كذّاباً [النبأ: 28] في قول من قال: إنه تخفيف، وقد قيل: إنه مصدر جرى على غير المصدر، وقرأ الحسن «وما قتّلوا» مشددة التاء، وقوله تعالى: ليجعل اللّه ذلك قال مجاهد: معناه يحزنهم قوله ولا ينفعهم.
قال القاضي: فالإشارة في ذلك إلى هذا المعتقد الذي لهم، جعل الله ذلك حسرة، لأن الذي يتيقن أن كل موت وقتل فبأجل سابق، يجد برد اليأس والتسليم لله تعالى على قلبه، والذي يعتقد أن حميمه لو قعد في بيته لم يمت، يتحسر ويتلهف، وعلى هذا التأويل مشى المتأولون، وهو أظهر ما في الآية، وقال قوم: الإشارة بذلك إلى انتهاء المؤمنين ومخالفتهم الكافرين في هذا المعتقد، فيكون خلافهم لهم حسرة في قلوبهم، وقال قوم: الإشارة بذلك إلى نفس نهي الله تعالى عن الكون مثل الكافرين في هذا المعتقد لأنهم إذا رأوا أن الله تعالى قد وسمهم بمعتقد وأمر بخلافهم كان ذلك حسرة في قلوبهم، ويحتمل عندي أن تكون الإشارة إلى النهي والانتهاء معا، فتأمله «والحسرة»: التلهف على الشيء والغم به، ثم أخبر تعالى خبرا جزما أنه الذي يحيي ويميت بقضاء حتم، لا كما يعتقد هؤلاء، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: «والله بما يعلمون» بالياء، فهذا وعيد للمنافقين، وقرأ الباقون «تعلمون» بالتاء على مخاطبة المؤمنين، فهذا توكيد للنهي في قوله لا تكونوا ووعيد لمن خالفه ووعد لمن امتثله). [المحرر الوجيز: 2/399-401]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون (157) ولئن متّم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون (158) فبما رحمةٍ من اللّه لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك
اللام في قوله تعالى: ولئن قتلتم هي المؤذنة بمجيء القسم، واللام في قوله: لمغفرةٌ هي المتلقية للقسم، والتقدير: والله لمغفرة، وترتب الموت قبل القتل في قوله ما ماتوا وما قتلوا [آل عمران: 156] مراعاة لرتبة الضرب في الأرض والغزو فقدم الموت الذي هو بإزاء المتقدم الذكر وهو الضرب، وقدم القتل في قوله تعالى: ولئن قتلتم لأنه ابتداء إخبار، فقدم الأشرف الأهم، والمعنى: أو متم في سبيل الله، فوقع أجركم على الله، ثم قدم الموت في قوله تعالى: ولئن متّم أو قتلتم لأنها آية وعظ بالآخرة والحشر، وآية تزهيد في الدنيا والحياة، والموت المذكور فيها هو موت على الإطلاق في السبيل وفي المنزل وكيف كان، فقدم لعمومه وأنه الأغلب في الناس من القتل، وقرأ نافع وحمزة والكسائي «متم» بكسر الميم و «متنا» و «مت» بالكسر في جميع القرآن وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: بضم الميم في جميع القرآن، وروى أبو بكر عن عاصم ضم الميم في جميع القرآن، وروى عنه حفص ضم الميم في هذين الموضعين «أو متم ولئن متم» فقط، وكسر الميم حيث ما وقعت في جميع القرآن، قال أبو علي: ضم الميم هو الأشهر والأقيس، مت تموت مثل: قلت تقول وطفت تطوف، والكسر شاذ في القياس وإن كان قد استعمل كثيرا، وليس كما شذ قياسا واستعمالا كشذوذ اليجدع ونحوه، ونظير مت تموت بكسر الميم فضل بكسر الضاد يفضل في الصحيح وأنشدوا:
ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر = وما مر من عمري ذكرت وما فضل
وقوله تعالى: لمغفرةٌ رفع بالابتداء ورحمةٌ، عطف على المغفرة وخيرٌ خبر الابتداء، والمعنى: المغفرة والرحمة اللاحقة عن القتل أو الموت في سبيل الله خير، فجاء لفظ المغفرة غير معرف إشارة بليغة إلى أن أيسر جزء منها خير من الدنيا، وأنه كاف في فوز العبد المؤمن، وتحتمل الآية أن يكون قوله لمغفرةٌ إشارة إلى القتل أو الموت في سبيل الله، سمى ذلك مغفرة ورحمة إذ هما مقترنان به ويجيء التقدير: لذلك مغفرة ورحمة وترتفع المغفرة على خبر الابتداء المقدر، وقوله خيرٌ صفة لخبر الابتداء، وقرأ جمهور الناس «تجمعون» بالتاء على المخاطبة وهي أشكل بالكلام، وقرأ قوم منهم عاصم فيما روى عن حفص «يجمعون» بالياء، والمعنى مما يجمعه المنافقون وغيرهم). [المحرر الوجيز: 2/401-403]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى الحشر إليه، وأنه غاية لكل أحد قتل أو مات، وفي الآية تحقير لأمر الدنيا وحض على طلب الشهادة، أي إذا كان الحشر في كلا الأمرين فالمضي إليه في حال الشهادة أولى). [المحرر الوجيز: 2/403]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ (156) ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون (157) ولئن متّم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون (158)}
ينهى تعالى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفّار في اعتقادهم الفاسد، الدّالّ عليه قولهم عن إخوانهم الّذين ماتوا في الأسفار وفي الحروب: لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم. فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم} أي: عن إخوانهم {إذا ضربوا في الأرض} أي: سافروا للتّجارة ونحوها {أو كانوا غزًّى} أي: في الغزو {لو كانوا عندنا} أي: في البلد {ما ماتوا وما قتلوا} أي: ما ماتوا في السّفر ولا قتلوا في الغزو.
وقوله: {ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} أي: خلق هذا الاعتقاد في نفوسهم ليزدادوا حسرةً على موتهم وقتلهم ثمّ قال تعالى ردًّا عليهم: {واللّه يحيي ويميت} أي: بيده الخلق وإليه يرجع الأمر، ولا يحيا أحدٌ ولا يموت إلّا بمشيئته وقدره، ولا يزاد في عمر أحدٍ ولا ينقص منه إلّا بقضائه وقدره {واللّه بما تعملون بصيرٌ} أي: وعلمه وبصره نافذٌ في جميع خلقه، لا يخفى عليه من أمورهم شيءٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/147]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} تضمّن هذا أنّ القتل في سبيل اللّه، والموت أيضًا، وسيلةٌ إلى نيل رحمة اللّه وعفوه ورضوانه، وذلك خيرٌ من البقاء في الدّنيا وجمع حطامها الفاني). [تفسير القرآن العظيم: 2/147]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر بأنّ كلّ من مات أو قتل فمصيره ومرجعه إلى اللّه، عزّ وجلّ، فيجزيه بعمله، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ فقال: {ولئن متّم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/147]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة