العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة آل عمران

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 08:39 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (26) إلى الآية (27) ]

تفسير سورة آل عمران
[من الآية (26) إلى الآية (27) ]

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:00 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) )
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء} قال: النبوة). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 73]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ}
أمّا تأويل قوله {قل اللّهمّ} فإنّه قل يا محمّد: يا اللّه.
واختلف أهل العربيّة في نصب ميم {اللّهمّ} وهو منادى، وحكم المنادى المفرد غير المضاف الرّفع، وفي دخول الميم فيه، وهو في الأصل اللّه بغير ميمٍ، فقال بعضهم: إنّما زيدت فيه الميمان؛ لأنّه لا ينادى بـ يا كما ينادى الأسماء الّتي لا ألف فيها، وذلك أنّ الأسماء الّتي لا ألف ولا لام فيها تنادى بـ يا، كقول القائل: يا زيد ويا عمرو،
قال: فجعلت الميم فيه خلفًا من يا، كما قالوا: فم، ودم، وهم وزرقم وستهم، وما أشبه ذلك من الأسماء والنّعوت الّتي يحذف منها الحرف، ثمّ يبدل مكانه ميمٌ، قال: فكذلك حذفت من اللّهمّ يا الّتي ينادى بها الأسماء الّتي على ما وصفنا، وجعلت الميم خلفًا منها في آخر الاسم.
وأنكر ذلك من قولهم آخرون، وقالوا: قد سمعنا العرب تنادي: اللّهمّ ب يا، كما تناديه، ولا ميم فيه، قالوا: فلو كان الّذي قال هذا القول مصيبًا في دعواه لم تدخل العرب يا، وقد جاءوا بالخلف منها، وأنشدوا في ذلك سماعًا من العرب:
وما عليك أن تقولي كلّما...صلّيت أو كبّرت يا اللّهمّ.
اردد إلينا شيخنا مسلّما
ويروى: سبّحت أو كبّرت، قالوا: ولم نر العرب زادت مثل هذه الميم إلاّ مخفّفةً في نواقص الأسماء مثل الفم، وابنم، وهم قالوا: ونحن نرى أنّها كلمةٌ ضمّ إليها أمّ بمعنى يا اللّه أمّنا بخيرٍ، فكثرت في الكلام فاختلطت به، قالوا: فالضّمّة الّتي في الهاء من همزة أمّ لمّا تركت انتقلت إلى ما قبلها، قالوا: ونرى أنّ قول العرب هلمّ إلينا مثلها، إنّما كانت هلمّ هل ضمّ إليها أمّ فتركت على نصبها، قالوا: ومن العرب من يقول إذا طرح الميم: يا اللّه اغفر لي، ويا اللّه اغفر لي، بهمز الألف من اللّه مرّةً، ووصلها أخرى، فمن حذفها أجراها على أصلها؛ لأنّها ألفٌ ولامٌ، مثل الألف واللاّم اللّتين يدخلان في الأسماء المعارف زائدتين، ومن همزها توهّم أنّها من الحرف، إذ كانت لا تسقط منه، وأنشدوا في همز الألف منها:
مباركٌ هو ومن سمّاه = على اسمك اللّهمّ يا أللّه
قالوا: وقد كثرت اللّهمّ في الكلام حتّى خفّفت ميمها في بعض اللّغات، وأنشدوا..
كحلفةٍ من أبي رياحٍ = يسمعها اللّهم الكبار
والرّواة تنشد ذلك = يسمعها لاهه الكبار.
وقد أنشده بعضهم = يسمعها اللّه والكبّار). [جامع البيان: 5/299-302]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء}
يعني بذلك: يا مالك الملك، يا من له ملك الدّنيا والآخرة خالصًا دون غيره.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، قوله: {قل اللّهمّ مالك الملك} أي ربّ العباد، الملك لا يقضي فيهم غيرك
وأمّا قوله: {تؤتي الملك من تشاء} فإنّه يعني: تعطي الملك من تشاء فتملّكه وتسلّطه على من تشاء.
وقوله: {وتنزع الملك ممّن تشاء} يعنى وتنزع الملك ممن تشاء أن تنزعه منه، فترك ذكر أن تنزعه منه اكتفاءً بدلالة قوله: {وتنزع الملك ممّن تشاء} عليه، كما يقال: خذ ما شئت، وكن فيما شئت، يراد: خذ ما شئت أن تأخذه، وكن فيما شئت أن تكون فيه، وكما قال جلّ ثناؤه: {في أيّ صورةٍ ما شاء ركّبك} يعني: في أيّ صورةٍ شاء أن يركّبك فيها ركّبك.
وقيل: إنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جوابًا لمسألته ربّه أن يجعل ملك فارس والرّوم لأمّته.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة،؛ وذكر لنا أنّ نبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سأل ربّه جلّ ثناؤه أن يجعل له ملك فارس والرّوم في أمّته، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء} إلى: {إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ}
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادة، قال: ذكر لنا واللّه أعلم أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سأل ربّه عزّ وجلّ أن يجعل ملك فارس والرّوم في أمّته، ثمّ ذكر مثله.
وروي عن مجاهدٍ أنّه كان يقول: معنى الملك في هذا الموضع النّبوّة.
ذكر الرّواية عنه بذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء} قال: النّبوّة
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 5/302-304]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ}
يعني جلّ ثناؤه: وتعزّ من تشاء بإعطائه الملك والسّلطان وبسط القدرة له، وتذلّ من تشاء بسلبك ملكه وتسليط عدوٍّ عليه {بيدك الخير} أي كلّ ذلك بيدك وإليك، لا يقدر على ذلك أحدٌ؛ لأنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ، دون سائر خلقك، ودون من اتّخذه المشركون من أهل الكتاب والأمّيّين من العرب إلهًا وربًّا يعبدونه من دونك، كالمسيح والأنداد الّتي اتّخذها الأمّيّون ربًّا.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، قوله: {تؤتي الملك من تشاء} الآية، أي أنّ ذلك بيدك لا إلى غيرك، {إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك). [جامع البيان: 5/304]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ (26)
قوله تعالى: قل اللّهمّ مالك الملك
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا ابن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق قوله: قل اللّهمّ مالك الملك ملك النّبوّة الّذي أعزّ به من اتّبعه، وأذلّ به من خالفه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: قل اللّهمّ مالك الملك أي ربّ العباد، الملك الّذي لا يقضي فيهم غيره.
قوله تعالى: تؤتي الملك من تشاء
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصمٍ: ثنا أبي، عن جدّي، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: تؤتي الملك من تشاء قال النّبوّة. قال أبو محمّدٍ: وروي عن مجاهدٍ والحسن نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثني أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه قوله: قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء إلى قوله: إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ قال قتادة: ذكر لنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سأل ربّه أن يجعل ملك الرّوم وفارس في أمّته، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، أنبأ إسحاق بن سليمان عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ قال: اسم اللّه الأعظم قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء إلى قوله: وترزق من تشاء بغير حسابٍ
قوله تعالى: وتنزع الملك ممّن تشاء
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أسامة، عن الرّبيع، عن الحسن في قوله:
وتنزع الملك ممّن تشاء قال: النّبوّة.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير أي: لا إلى غيرك.
قوله تعالى: إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ
- وبه قال: قال محمّد بن إسحاق: قوله: إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ أي: لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك). [تفسير القرآن العظيم: 2/624-625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيتان 26 - 27.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة قال ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل له ملك فارس والروم في أمته فأنزل الله {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال جاء جبريل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد سل ربك {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء} إلى قوله {وترزق من تشاء بغير حساب} ثم جاءه جبريل فقال: يا محمد فسل ربك (قل رب أدخلني مدخل صدق) (الإسراء الآية 8) الآية، فسأل ربه بقول الله تعالى فأعطاه ذلك.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء} إلى آخر الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: اسم الله الأعظم {قل اللهم مالك الملك} إلى قوله {بغير حساب}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الدعاء عن معاذ بن جبل قال شكوت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم دينا كان علي فقال: يا معاذ أتحب أن يقضى دينك قلت: نعم، قال {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي منهما ما تشاء وتمنع منهما ما تشاء اقض عني ديني فلو كان عليك ملء الأرض ذهبا أدي عنك.
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتقده يوم الجمعة فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى معاذا فقال: يا معاذ ما لي لم أرك فقال: ليهودي علي وقية من تبر فخرجت إليك فحبسني عنك فقال: ألا أعلمك دعاء تدعو به فلو كان عليك من الدين مثل صبير أداه الله عنك فادع الله يا معاذ {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب} رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء منهما ارحمني رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك اللهم أغنني من الفقر واقض عني الدين وتوفني في عبادتك وجهاد في سبيلك.
وأخرج الطبراني في الصغير بسند جيد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك قل يا معاذ {اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {تؤتي الملك من تشاء} قال: النبوة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {قل اللهم مالك الملك} أي
رب العباد الملك لا يقضي فيهم غيركم {تؤتي الملك من تشاء} أي أن ذلك بيدك لا إلى غيرك {إنك على كل شيء قدير} أي لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك). [الدر المنثور: 3/496-504]

تفسير قوله تعالى: (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني الليث عن أبي معشر عن محمد ابن كعب القرظي في قول الله: {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل}، قال: يدخل من نهار الصيف في ليل الشتاء، ويدخل من ليل الشتاء في نهار الصيف). [الجامع في علوم القرآن: 2/117]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل قال هو نقصان أحداهما في الآخر). [تفسير عبد الرزاق: 1/117]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي قال يخرج الحي من هذه النطفة الميتة ويخرج هذه النطفة الميتة من الحي قال معمر وقال الحسن يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن). [تفسير عبد الرزاق: 1/117]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن الزهري أن النبي دخل على بعض نسائه فإذا عندها امرأة حسنة الهيئة فقال من هذه قالت
[تفسير عبد الرزاق: 1/117]
إحدى خالاتك قال إن خالاتي بهذه البلدة لغرائب وأي خالاتي هذه قالت بنت الأسود بن عبد يغوث قال سبحان الله الذي يخرج الحي من الميت وكانت امرأة صالحة وكان أبوها كافرا). [تفسير عبد الرزاق: 1/118]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن إبراهيم في قوله: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النهار في الليل} قال: دخول اللّيل في النّهار ودخول النهار في الليل [الآية: 27]). [تفسير الثوري: 76]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن إبراهيم قال: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحي} قال: تخرج النّطفة الميّتة من الرّجل الحيّ وتخرج الحيّ من النطفة الميتة [الآية: 27]). [تفسير الثوري: 76]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: " يخرج الحيّ من الميّت: من النّطفة تخرج ميّتةً، ويخرج منها الحيّ). [صحيح البخاري: 6/33]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ يخرج الحيّ من الميّت النّطفة تخرج ميّتةً ويخرج منها الحيّ وصله عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله تعالى يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ قال النّاس الأحياء من النّطف الميّتة والنّطف الميّتة من النّاس الأحياء). [فتح الباري: 8/209]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} 27 آل عمران قال النّاس الأحياء من النطف الميتة النّطفة ميتة يخرجها من النّاس الأحياء والأنعام) ). [تغليق التعليق: 4/187-189]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ يخرج الحيّ النّطفة تخرج ميّتةً ويخرج منها الحيّ
أشار به إلى قوله تعالى: {وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حساب} (آل عمران: 27) قال مجاهد: تخرج الحيّ، معناه النّطفة تخرج حال كونها ميتة. ويخرج من تلك الميتة الحيّ، وهذا التّعليق وصله محمّد بن جرير عن القاسم. حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد، وحكاه أيضا عن ابن مسعود والضّحّاك والسّديّ وإسماعيل بن أبي خالد وقتادة وسعيد بن جبير، وفي (تفسير ابن كثير) يخرج الحبّة من الزّرع والزّرع من الحبّة والنخلة من النواة والنواة من النّخلة والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والدجاجة من البيضة والبيضة من الدّجاجة. وقال الحسن: يخرج المؤمن الحيّ من الكافر الميّت. قوله: (النّطفة) مبتدأ وتخرج، جملة في محل الرّفع خبره، وميتة نصب على الحال من الضّمير الّذي في تخرج). [عمدة القاري: 18/137]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): مما وصله عبد بن حميد (يخرج الحي) هو (النطفة) ولأبي ذر عن الكشميهني
والمستملي من الميت من النطفة (تخرج ميتة ويخرج) بفتح الأول وضم الثالث (منها الحي) بالرفع ولغير أبي ذر ويخرج بضم ثم كسر منها الحي نصب). [إرشاد الساري: 7/50]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (وعن سعيدٍ: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النهار في الليل} قال: ينقص هذا من هذا، وهذا من هذا). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 39] [المراد: سعيد بن جبير]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {تولج اللّيل في النهار وتولج النهار في الليل} قال: ما ينقص من أحدهما يزيد في الآخر يتعاقبان ذلك من السّاعات). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 73]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: النّاس الأحياء من النّطف والنّطف ميّتةٌ تخرج من النّاس الأحياء، ومن الأنعام والنّبات كذلك أيضاً). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 73]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حسابٍ}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {تولج} تدخل، يقال منه: قد ولج فلانٌ منزله: إذا دخله، فهو يلجه ولجًا وولوجًا ولجةً، وأولجته أنا: إذا أدخلته.
ويعني بقوله: {تولج اللّيل في النّهار} تدخل ما نقصت من ساعات اللّيل في ساعات النّهار، فتزيد من نقصان هذا في زيادة هذا. {وتولج النّهار في اللّيل} وتدخل ما نقصت من ساعات النّهار في ساعات اللّيل، فتزيد في ساعات اللّيل ما نقصت من ساعات النّهار.
- كما: حدّثني موسى، قال حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} حتّى يكون اللّيل خمس عشرة ساعةً والنّهار تسع ساعاتٍ، وتدخل النّهار في اللّيل، حتّى يكون النّهار خمس عشرة ساعةً واللّيل تسع ساعاتٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: ما نقص من النّهار يجعله في اللّيل، وما نقص من اللّيل يجعله في النّهار.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} قال: ما ينقص، من أحدهما يدخل في الآخر متعاقبان - أو يتعاقبان، شكّ أبو عاصمٍ - ذلك من السّاعات.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} ما ينقص من أحدهما يدخل في الآخر يتعاقبان في ذلك من السّاعات.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، قوله: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} نقصان اللّيل في زيادة النّهار، ونقصان النّهار في زيادة اللّيل.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} قال: هو نقصان أحدهما في الآخر.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادة، في قوله: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} قال: يأخذ اللّيل من النّهار، ويأخذ النّهار من اللّيل، يقول: نقصان اللّيل في زيادة النّهار، ونقصان النّهار في زيادة اللّيل.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} يعني أنّه يأخذ أحدهما من الآخر، فيكون اللّيل أحيانًا أطول من النّهار، والنّهار أحيانًا أطول من اللّيل.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} قال: هذا طويلٌ، وهذا قصيرٌ، أخذ من هذا فأولجه في هذا حتّى صار هذا طويلاً وهذا قصيرًا). [جامع البيان: 5/304-307]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويل ذلك: أنّه يخرج الشّيء الحيّ من النّطفة الميّتة، ويخرج النّطفة الميّتة من الشّيء الحيّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: هي النّطفة تخرج من الرّجل وهي ميّتةٌ، وهو حيّ، ويخرج الرّجل منها حيًّا وهي ميّتةٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: النّاس الأحياء من النّطف والنّطف ميتةٌ، ويخرجها من النّاس الأحياء والأنعام
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
- مثله حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} فذكر نحوه.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} فالنّطفة ميّتةٌ تكون تخرج من إنسانٍ حيٍّ، ويخرج إنسانٌ حيّ من نطفةٍ ميّتةٍ.
- حدّثني محمّد بن عمر بن عليّ بن عطاءٍ المقدّميّ، قال: حدّثنا أشعث السّجستانيّ، قال: حدّثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، في قوله. {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: تخرج النّطفة من الرّجل، والرّجل من النّطفة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: تخرج الحيّ من هذه النّطفة الميّتة، وتخرج هذه النّطفة الميّتة من الحيّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} الآية
قال: النّاس الأحياء من النّطف، والنّطف الميّتة من النّاس الأحياء، ومن الأنعام والنّبت كذلك قال ابن جريجٍ: وسمعت يزيد بن عويمرٍ يخبر عن سعيد بن جبيرٍ، قال إخراجه النّطفة من الإنسان، وإخراجه الإنسان من النّطفة.
- حدّثني يونس، قال. أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: النّطفة ميّتةً، فتخرج منها أحياءً {وتخرج الميّت من الحيّ} تخرج النّطفة من هؤلاء الأحياء، والحبّ ميتةً تخرج منه حيًّا {وتخرج الميّت من الحيّ} تخرج من هذا الحب الحيّ حبًّا ميّتًا
وقال آخرون: معنى ذلك أنّه يخرج النّخلة من النّواة، والنّواة من النّخلة، والسّنبل من الحبّ والحبّ من السّنبل، والبيض من الدّجاج، والدّجاج من البيض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو تميلة، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن عكرمة، قوله {تخرج الحيّ من الميّت} قال: هي البيضة تخرج من الحيّ وهي ميّتةٌ، ثمّ يخرج منها الحيّ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: النّخلة من النّواة، والنّواة من النّخلة، والحبّة من السّنبلة، والسّنبلة من الحبّة
وقال آخرون: معنى ذلك: أنّه يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} يعني المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، والمؤمن عبدٌ حيّ الفؤاد، والكافر عبدٌ ميّت الفؤاد.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال الحسن في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن.
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، عن سعيد بن عمرٍو، عن الحسن قرأ: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: تخرج المؤمن من الكافر، وتخرج الكافر من المؤمن.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، عن سلمان أو عن ابن مسعودٍ، - وأكبر ظنّي أنّه عن سلمان، - قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ خمّر طينة آدم أربعين ليلةً - أو قال: أربعين يومًا - ثمّ قال بيده فيه، فخرج كلّ طيّبٍ في يمينه، وخرج كلّ خبيثٍ في يده الأخرى، ثمّ خلط بينهما، ثمّ خلق منها آدم، وقال فمن ثمّ يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ، يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دخل على بعض نسائه، فإذا بامرأةٍ حسنة النّعمة، فقال: من هذه؟ قالت: إحدى خالاتك، قال: إنّ خالاتي بهذه البلدة لغرائب وأيّ خالاتي هذه؟ قالت: خالدة ابنة الأسود بن عبد يغوث، قال: سبحان الّذي يخرج الحيّ من الميّت وكانت امرأةٌ صالحةً، وكان أبوها كافرًا.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن، في قوله: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} قال: هل علمتم أنّ الكافر يلد مؤمنًا، وأنّ المؤمن يلد كافرًا؟ فقال: هو كذلك.
وأولى التّأويلات الّتي ذكرناها في هذه الآية بالصّواب تأويل من قال: يخرج الإنسان الحيّ والأنعام والبهائم الأحياء من النّطف الميّتة، وذلك إخراج الحيّ من الميّت، ويخرج النّطفة الميّتة من الإنسان الحيّ والأنعام والبهائم الأحياء، وذلك إخراج الميّت من الحيّ، وذلك أنّ كلّ حيٍّ فارقه شيءٌ من جسده، فذلك الّذي فارقه منه ميّتٌ، فالنّطفة ميّتةٌ لمفارقتها جسد من خرجت منه، ثمّ ينشئ اللّه منها إنسانًا حيًّا وبهائم وأنعامًا أحياءً، وكذلك حكم كلّ شيءٍ حيٍّ زايله شيءٌ منه، فالّذي زايله منه ميّتٌ، وذلك هو نظير قوله: {كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتًا فأحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم ثمّ إليه ترجعون}.
وأمّا تأويل من تأوّله بمعنى الحبّة من السّنبلة، والسّنبلة من الحبّة، والبيضة من الدّجاجة، والدّجاجة من البيضة، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، فإنّ ذلك وإن كان له وجهٌ مفهومٌ، فليس ذلك الأغلب الظّاهر في استعمال النّاس في الكلام، وتوجيه معاني كتاب اللّه عزّ وجلّ إلى الظّاهر المستعمل في النّاس أولى من توجيهها إلى الخفيّ القليل في الاستعمال.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته جماعةٌ منهم: {تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} بالتّشديد وتثقيل الياء من الميّت، بمعنى أنّه يخرج الشّيء الحيّ من الشّيء الّذي قد مات، وممّا لم يمت.
وقرأت جماعةٌ أخرى منهم: (تخرج الحيّ من الميت وتخرج الميت من الحيّ) بتخفيف الياء من الميّت، بمعنى أنّه يخرج الشّيء الحيّ من الشّيء الّذي قد مات دون الشّيء الّذي لم يمت، وتخرج الشّيء الميّت دون الشّيء الّذي لم يمت من الشّيء الحيّ.
وذلك أنّ الميّت مثقّل الياء عند العرب ما لم يمت وسيموت وما قد مات، وأمّا الميت مخفّفًا فهو الّذي قد مات، فإذا أرادوا النّعت قالوا: إنّك مائتٌ غدًا وإنّهم مائتون، وكذلك كلّ ما لم يكن بعد فإنّه يخرج على هذا المثال الاسم منه، يقال: هو الجائد بنفسه والطّائبة نفسه بذلك، وإذا أريد معنى الاسم قيل: هو الجواد بنفسه والطّيّبة نفسه.
فإذا كان ذلك كذلك، فأولى القراءتين في هذه الآية بالصّواب قراءة من شدّد الياء من الميّت؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه يخرج الحيّ من النّطفة الّتي قد فارقت الرّجل، فصارت ميّتةً، وسيخرجه منها بعد أن تفارقه وهي في صلب الرّجل، {ويخرج الميّت من الحيّ} النّطفة الّتي تصير بخروجها من الرّجل الحيّ ميّتًا، وهي قبل خروجها منه حيّةٌ، فالتّشديد أبلغ في المدح، أكمل في الثّناء). [جامع البيان: 5/307-313]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وترزق من تشاء بغير حسابٍ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه أنّه يعطي من يشاء من خلقه، فيجود عليه بغير محاسبةٍ منه لمن أعطاه؛ لأنّه لا يخاف دخول انتقاصٍ في خزائنه، ولا الفناء على ما بيده.
- كما: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {وترزق من تشاء بغير حسابٍ} قال: يخرج الرّزق من عنده بغير حسابٍ، لا يخاف أن ينقص ما عنده تبارك وتعالى
فتأويل الآية إذًا: اللّهمّ يا مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء، بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ، دون من ادّعى الملحدون أنّه لهم إلهٌ وربٌّ وعبدوه دونك، أو اتّخذوه شريكًا معك، أو أنّه لك ولدٌ وبيدك القدرة الّتي تفعل هذه الأشياء، وتقدر بها على كلّ شيءٍ، تولج اللّيل في النّهار، وتولج النّهار في اللّيل، وتنقص من هذا وتزيد في هذا، وتنقص من هذا وتزيد في هذا، وتخرج من ميّتٍ حيًّا، ومن حيٍّ ميّتًا، وترزق من تشاء بغير حسابٍ من خلقك، لا يقدر على ذلك أحدٌ سواك، ولا يستطيعه غيرك.
- كما: حدّثني ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} أي بتلك القدرة، يعني بالقدرة الّتي تؤتي الملك بها من تشاء وتنزعه ممّن تشاء، وترزق من تشاء بغير حسابٍ، لا يقدر على ذلك غيرك ولا يصنعه إلاّ أنت، أي فإن كنت سلّطت عيسى على الأشياء الّتي بها يزعمون أنّه إلهٌ من إحياء الموتى، وإبراء الأسقام، والخلق للطّير من الطّين، والخبر عن الغيوب لا جعله آيةً للنّاس، وتصديقًا له في نبوّته الّتي بعثته بها إلى قومه فإنّ من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه تمليك الملوك. وأمر النّبوّة ووضعها حيث شئت، وإيلاج اللّيل في النّهار والنّهار في اللّيل، وإخراج الحيّ من الميّت، والميّت من الحيّ، ورزق من شئت من برٍّ أو فاجرٍ بغير حسابٍ، فكلّ ذلك لم أسلّط عيسى عليه، ولم أملّكه إيّاه، فلم يكن لهم في ذلك عبرةٌ وبيّنةٌ إذ لو كان إلهًا لكان ذلك كلّه إليه وهو في علمهم يهرب من الملوك، وينتقل منهم في البلاد من بلدٍ إلى بلدٍ). [جامع البيان: 5/313-314]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حسابٍ (27)
قوله تعالى: تولج اللّيل في النّهار وتولج النهار في الليل
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا سلمة بن رجاءٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه في قوله: تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل قال: يأخذ الصّيف من الشّتاء ويأخذ الشّتاء من الصّيف.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن مجاهدٍ نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، أنبأ حفص بن عمر العدنيّ حدّثني الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار يجعله في اللّيل، وما ينقص من اللّيل يجعله في النّهار. قال أبو محمّدٍ: وروي عن سعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ في أحد قوليه، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، وعكرمة، والحسن، والرّبيع بن أنسٍ، وقتادة نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله:
تولج اللّيل في النّهار حتّى يكون اللّيل خمس عشرة ساعةً، والنّهار تسع ساعاتٍ. وتولج النّهار في اللّيل حتّى يكون النّهار خمس عشرة ساعةً، واللّيل تسع ساعاتٍ.
قوله تعالى: وتخرج الحي من الميت
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا نعيم بن حمّادٍ، أنبأ ابن المبارك، أنبأ معمرٌ عن الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه أنّ خالدة بنت الأسود عبد يغوث دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو عند بعض نسائه، فقال: من هذه؟. قيل: إحدى خالاتك يا رسول اللّه. قال: إنّ خالاتي بهذه البلدة لغرائب، فمن هي؟ قيل:
خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث فقال: سبحان اللّه، يخرج الحيّ من الميّت.
- حدّثنا محمّد بن محمّد بن مصعبٍ الصّوريّ، ثنا مؤمّلٌ، ثنا حمّاد ابن سلمة، وسفيان الثّوريّ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سلمان قال: قال عمر تخرج الحيّ من الميّت المؤمن من الكافر.
- وحدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن الزّهريّ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دخل على بعض نسائه فإذا بامرأةٍ حسنة الهيئة فقال: من هذه؟ قالت: خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث، فقال: سبحان اللّه يخرج الحيّ من الميّت، وكانت امرأةً صالحةً وكان أبوها كافرٌ. قال أبو محمّدٍ:
وروي عن الحسن نحو قول سلمان.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ: ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ عن ما حدّثه عن ابن عبّاسٍ في قوله: تخرج الحيّ من الميّت قال يخرج من النّطفة بشرًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا سلمة بن رجاءٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم عن عبد اللّه في قوله: تخرج الحيّ من الميّت قال: يخرج الرّجل الحيّ من النّطفة الميتة. قال أبو محمّدٍ: وروي عن سعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ والنّخعيّ وقتادة، والضّحّاك نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ عن سفيان، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ في قوله: تخرج الحيّ من الميّت قال: النّخلة من النّواة، والسّنبلة من الحبّة
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو تميلة، ثنا أبو المنيب، عن عكرمة في قوله: تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ قال: البيضة تخرج من الحيّ وهي ميتةٌ، ثمّ يخرج منها الحيّ.
قوله تعالى: وتخرج الميت من الحي
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن محمّد بن مصعبٍ الصّوريّ: ثنا مؤمّل بن إسماعيل، ثنا حمّاد بن سلمة وسفيان الثّوريّ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: قال عمر رضي اللّه عنه: خمر اللّه طينة آدم أربعين يومًا، ثمّ وضع يده فيه، فارتفع على هذه كلّ طيّبٍ، وعلى هذه كلّ خبيثٍ، ثمّ خلط بعضه ببعضٍ، وقال مؤمّلٌ بيديه: هكذا، ومزج إحداهما بالأخرى، ثم خلف منها آدم، فمن ثمّ يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحي، المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن- قال أبو محمّدٍ: وروي عن الحسن، وقتادة نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا سلمة بن رجاءٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه في قوله: وتخرج الميّت من الحيّ قال: يخرج النّطفة الميتة من الرّجل الحيّ، قال أبو محمّدٍ: وروي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، والنّخعيّ، والسّدّيّ نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن جعفر قاض الرّيّ، ثنا مسلم بن خالدٍ عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: تخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ قال النّاس الأحياء من النّطف، والنّطف ميتةٌ تخرج من النّاس الأحياء، ومن الأنعام والنّبات كذلك أيضًا، قال أبو محمّدٍ: لم يكن عند ورقاء وشبلٍ ذكر النّبات.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: ويخرج الميّت من الحيّ قال: النّواة من النّخلة والحبّة من السّنبلة.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو تميلة، ثنا أبو المنيب عن عكرمة في قوله: ويخرج الميّت من الحيّ قال: البيضة تخرج من الحيّ وهي ميتةٌ.
قوله تعالى: وترزق من تشاء بغير حسابٍ
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي: ثنا عبد اللّه بن جعفرٍ الرقي، ثنا أبو المليح، عن ميمون ابن مهران بغير حسابٍ قال: غدقًا، قال أبو محمّدٍ: وروي عن الوليد بن قيسٍ نحو هذا.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ في قوله: وترزق من تشاء بغير حسابٍ قال: لا يخرجه بحسابٍ، يخاف أن ينقص ما عنده، إنّ اللّه لا ينقص ما عنده.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق وترزق من تشاء بغير حسابٍ لا يقدر على ذلك غيرك ولا يصنعه إلا أنت، وترزق من تشاء برًّا وفاجرًا حي بغير حسابٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/625-628]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل قال ما نقص من أحدهما دخل في الآخر). [تفسير مجاهد: 124]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تخرج الحي من الميت يعني تخرج النطفة والبيضة والحبة وأشباه هذا تخرج منه الحي وتخرج الميت من الحي قال تخرج النطفة
[تفسير مجاهد: 124]
والبيضة والحبة تخرجها من الحي). [تفسير مجاهد: 125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل} قال: يأخذ الصيف من الشتاء ويأخذ الشتاء من الصيف {وتخرج الحي من الميت} يخرج الرجل الحي من النطفة الميتة {وتخرج الميت من الحي} يخرج النطفة الميتة من الرجل الحي.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل} قال: قصر أيام الشتاء في طول ليله وقصر ليل الصيف في طول نهاره.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل} قال: ما نقص من الليل يجعله في النهار وما نقص من النهار يجعله في الليل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {تولج الليل في النهار} حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات {وتولج النهار في الليل} حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل} قال: أخذ أحدهما من صاحبه.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل} قال: يأخذ النهار من الليل حتى يكون أطول منه ويأخذ الليل من النهار حتى يكون أطول منه.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وتخرج الحي من الميت} قال: يخرج النطفة الميتة من الحي ثم يخرج من النطفة بشرا حيا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} قال: الناس الأحياء من النطف والنطف ميتة تخرج من الناس الأحياء ومن الأنعام والنبات كذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة {وتخرج الحي من الميت} قال: هي البيضة تخرج من الحي وهي ميتة ثم يخرج منها الحي.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} قال: النخلة من النواة والنواة من النخلة والحبة من السنبلة والسنبلة من الحبة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك، مثله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} يعني المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والمؤمن عبد حي الفؤاد والكافر عبد ميت الفؤاد
وأخرج سعد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات وأبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال: خمر الله طينة آدم أربعين يوما ثم وضع يده فيه فارتفع على هذه كل طيب وعلى هذه كل خبيث ثم خلط بعضه ببعض ثم خلق منها آدم، فمن ثم {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خلق الله آدم عليه السلام أخرج ذريته فقبض قبضة بيمينه فقال: هؤلاء أهل الجنة ولا أبالي وقبض بالأخرى قبضة فجاء فيها كل رديء فقال: هؤلاء أهل النار ولا أبالي فخلط بعضهم ببعض فيخرج الكافر من المؤمن ويخرج المؤمن من الكافر، فذلك قوله {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي}.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أو عن سلمان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} قال: المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق الزهري في قوله {وتخرج الحي من الميت} عن عبد الله بن عبد الله أن خالدة ابنة الأسود بن عبد يغوث دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذه قيل: خالدة بنت الأسود قال: سبحان الله الذي يخرج الحي من الميت، وكانت امرأة صالحة وكان أبوها كافرا.
وأخرج ابن مسعود من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي خفيفة.
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن وثاب أنه قرأ يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وقرأ (إلى بلد ميت) (فاطر الآية 9) مثقلات كلهن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {وترزق من تشاء بغير حساب} قال: لا يخرجه بحساب يخاف أن ينقص ما عنده، إن الله لا ينقص ما عنده
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران {بغير حساب} قال: غدقا.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} أي بتلك القدرة التي تؤتي الملك بها من تشاء وتنزعها ممن تشاء {وترزق من تشاء بغير حساب} لا يقدر على ذلك غيرك ولا يصنعه إلا أنت، أي وإن كنت سلطت عيسى عليه السلام على الأشياء التي يزعمون أنه إله من إحياء الموتى وإبراء الأسقام وخلق الطير من الطين والخبر عن الغيوب لأجعله به آية للناس وتصديقا له في نبوته التي بعثته بها إلى قومه فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه تمليك الملوك بأمر النبوة ووضعها حيث شئت وإيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل وإخراج الحي من الميت وإخرج الميت من الحي ورزق من شئت من بر وفاجر بغير حساب وكل ذلك لم أسلط عيسى عليه ولم أملكه إياه أفلم يكن لهم في ذلك عبرة وبينة أن لو كان إلها كان ذلك كله إليه وهو في علمهم يهرب من الملوك وينتقل منهم في البلاد من بلد إلى بلد). [الدر المنثور: 3/496-504]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 4 جمادى الآخرة 1434هـ/14-04-2013م, 08:22 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي


التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {قل اللّهمّ مالك الملك...}
{اللهم} كلمة تنصبها العرب,
وقد قال بعض النحويين: إنما نصبت إذ زيدت فيها الميمان؛ لأنها لا تنادى بيا؛ كما تقول: يا زيد، ويا عبد الله، فجعلت الميم فيها خلفا من يا. وقد أنشدني بعضهم:

وما عليك أن تقولي كلّما =صلّيت أو سبّحت يا اللهمّ ما
* اردد علينا شيخنا مسلما =
ولم نجد العرب زادت مثل هذه الميم في نواقص الأسماء إلا مخفّفة؛ مثل الفم وابنم وهم، ونرى أنها كانت كلمة ضمّ إليها؛ امّ، تريد: يا ألله امّنا بخير، فكثرت في الكلام فاختلطت, فالرفعة التي في الهاء من همزة أمّ لما تركت انتقلت إلى ما قبلها, ونرى أن قول العرب: (هلمّ إلينا) مثلها، إنما كانت (هل) فضمّ إليها أمّ فتركت على نصبها, ومن العرب من يقول إذا طرح الميم: يا ألله اغفر لي، ويا الله اغفر لي، فيهمزون ألفها ويحذفونه, فمن حذفها فهو على السبيل؛ لأنها ألف ولام مثل: الحارث من الأسماء. ومن همزها توهّم أنها من الحرف إذ كانت لا تسقط منه؛ أنشدني بعضهم:
مباركٌ هوّ ومن سمّاه= على اسمك اللهمّ يا ألله
وقد كثرت (اللهم) في الكلام حتى خفّفت ميمها في بعض اللغات؛ أنشدني بعضهم:
كحلفةٍ من أبي رياح = يسمعها اللهم الكبار
وإنشاد العامّة: لاهه الكبار, وأنشدني الكسائيّ:
= يسمعها الله والله كبار =
وقوله تبارك وتعالى: {تؤتي الملك من تشاء}, إذا رأيت من تشاء مع من تريد من تشاء أن تنزعه منه, والعرب تكتفي بما ظهر في أوّل الكلام ممّا ينبغي أن يظهر بعد شئت فيقولون: خذ ما شئت، وكن فيما شئت, ومعناه: فيما شئت أن تكون فيه فيحذف الفعل بعدها؛ قال تعالى: {اعملوا ما شئتم}, وقال تبارك وتعالى: {في أي صورةٍ مّا شاء ركّبك}, والمعنى -والله أعلم -: في أي صورة شاء أن يركّبك ركّبك.
ومنه قوله تعالى: {ولولا إذ دخلت جنّتك قلت ما شاء الله}, وكذلك الجزاء كله؛ إن شئت فقم، وإن شئت فلا تقم؛ المعنى: إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت ألاّ تقوم فلا تقم, وقال الله {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} فهذا بيّن أنّ المشيئة واقعة على الإيمان والكفر، وهما متروكان, ولذلك قالت العرب: (أيّها شئت فلك), فرفعوا أيّا لأنهم أرادوا أيّها شئت أن يكون لك فهو لك, وقالوا (بأيّهم شئت فمرّ), وهم يريدون: بأيّهم شئت أن تمرّ فمرّ). [معاني القرآن: 1/203-205]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل شأنه: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير}
أمر اللّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بتقديمه وذكر ما يدل على توحيده، ومعنى{مالك الملك} : أن اللّه يملك العباد ويملك ما ملكوا, ومعنى: {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء}.
فيه قولان: -
1-تؤتي الملك الذي هو المال والعبيد والحضرة من تشاء, وتنزعه ممن تشاء،
2-وقيل: تؤتي الملك من تشاء من جهة الغلبة بالدّين والطاعة، فجعل اللّه - عزّ وجلّ - كل ما في ملكه ملك غير مسلم للمسلمين ملكاً غنيمة، وجعلهم أحق بالأملاك كلها من كل أهل لمن خالفوا دين الإسلام.

وقيل في التفسير: إن اللّه عزّ وجلّ أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات أن يسأله نقل عزّ فارس إلى العرب, وذل العرب إلى فارس , واللّه أعلم بحقيقة ذلك.
فأما إعراب {اللّهمّ} فضم الهاء وفتح الميم، لا اختلاف في اللفظ به بين النحويين، فأما العلة فقد اختلف فيها النحويون:
1- فقال بعضهم: معنى الكلام يا الله أم بخير، وهذا إقدام عظيم؛ لأن كل ما كان من هذا الهمز الذي طرح, فأكثر الكلام الإتيان به، يقال: ويل أمه، وويل أمه، والأكثر إثبات الهمز.

ولو كان كما يقول لجاز, أومم، واللّه أم، وكان يجب أن تلزمه ياء النداء؛ لأن العرب تقول: يا اللّه اغفر لنا، ولم يقل أحد من العرب إلا اللهم، ولم يقل أحد: يا اللهم.
قال اللّه عزّ وجلّ: {وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ}.
وقال: {قل اللّهمّ فاطر السّماوات والأرض}, فهذا القول يبطل من جهات:
أحدها: أن " يا " ليست في الكلام وأخرى أن هذا المحذوف لم يتكلم به على أصله كما نتكلم بمثله, وأنه لا يقدم أمام الدعاء هذا الذي ذكره، وزعم أن الصفة التي في الهاء ضمة الهمزة التي كانت في أم، وهذا محال أن يترك الضم الذي هو دليل على النداء للمفرد.

وأن يجعل في اللّه ضمة (أم), هذا الحاد في اسم اللّه عزّ وجل, وزعم أن قولنا: هلم مثل ذلك أن أصلها: هل أم - وإنما هي لم.
والهاء للتنبيه، وقال المحتج بهذا القول: أن " يا " قد يقال مع: {اللهم}, فيقال: يا اللّهم، ولا يروي أحد عن العرب هذا غيره , زعم أن بعضهم أنشده:
وما عليك أن تقولي كلما صليت أو سبّحت = يا اللهم مااردد علينا شيخنا مسلما
وليس يعارض الإجماع , وما أتى به كتاب اللّه تعالى , ووجد في جميع ديوان العرب بقول قائل أنشدني بعضهم، وليس ذلك البعض بمعروف , ولا بمسمى.
2- وقال الخليل , وسيبويه, وجميع النحويين الموثوق بعلمهم: أن " اللهم "بمعنى - يا اللّه، وأن الميم المشددة عوض من " يا " ؛لأنهم لم يجدوا ياء مع هذه الميم في كلمة، ووجدوا اسم اللّه جلّ وعزّ مستعملا بـ (يا) إذا لم يذكر الميم.
فعلموا أن الميم من آخر الكلمة بمنزلة يا في أولها، والضمة التي في أولها ضمة الاسم المنادى في المفرد، والميم مفتوحة لسكونها وسكون الميم التي قبلها.
وزعم سيبويه: أن هذا الاسم لا يوصف؛ لأنه قد ضمت إليه الميم، فقال في قوله جلّ وعزّ: {قل اللّهمّ فاطر السّماوات والأرض}, أن {فاطر} منصوب على النداء، وكذلك {مالك الملك} ولكن لم يذكره في كتابه.
والقول عندي أن: {مالك الملك} صفة اللّه، وأن {فاطر السّماوات والأرض} كذلك , وذلك أن الاسم, ومعه الميم بمنزلته ومعه : " يا " فلا تمنع الصفة مع الميم كما لا تمنع " مع " يا ", فهذا جملة تفسير وإعراب {اللّهمّ}.
ومعنى {وتنزع الملك ممّن تشاء}: على ما ذكرنا في {تؤتي الملك من تشاء}.
ومعنى {بيدك الخير}أي: بيدك الخير كله، خير الدنيا وخير الآخرة). [معاني القرآن: 1/392-395]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وفي قوله: {تؤتي الملك من تشاء} أي: تؤتي الملك من تشاء أن تؤتيه، وكذلك {وتنزع الملك ممّن تشاء} أن تنزعه منه إلا أنه حذف لأن في الكلام ما يدل عليه). [معاني القرآن: 1/396-397] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء} قيل: الملك ههنا: النبوة .
وقيل: هو المال, والعبيد .
وقيل: هو الغلبة
وقال قتادة: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله عز وجل أن يعطي أمته ملك فارس , فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
ومعنى {تؤتي الملك من تشاء}أي: من تشاء أن تؤتيه, وتنزع الملك ممن تشاء, أي: ممن تشاء أن تنزعه منه, ثم حذف هذا, وأنشد سيبويه:
ألاهل لهذا الدهر من متعلعل = على الناس مهما شاء بالناس يفعل
قال أبو إسحاق: المعنى مهما شاء أن يفعل بالناس يفعل
وقوله عز وجل: {وتعز من تشاء وتذل من تشاء}
يقال: عز إذا غلب, وذل يذل ذلاً إذا غلب وقهر , قال طرفة:
بطيء على الجلى سريع إلى الخنا = ذليل بأجماع الرجال ملهد). [معاني القرآن: 1/378-397]

تفسير قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ:(ت:207هـ): (وقوله:{تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل...}
جاء التفسير: أنه نقصان الليل يولج النهار، وكذلك النهار يولج في الليل، حتى يتناهى طول هذا, وقصر هذا.
وقوله: {وتخرج الحيّ من الميّت}, ذكر عن ابن عباس أنها البيضة: ميتة يخرج منها الفرخ حيّا، والنطفة: ميتة يخرج منها الولد). [معاني القرآن: 1/205]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تولج اللّيل في النّهار}: تنقص من الليل فتزيد في النهار، وكذلك النهار من الليل, {وتخرج الحيّ من الميّت}, أي: الطيّب من الخبيث، والمسلم من الكافر). [مجاز القرآن: 1/90]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({تولج الليل في النهار}: تدخل هذا في هذا. ومنه ولجت البيت). [غريب القرآن وتفسيره: 103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({تولج اللّيل في النّهار} أي: تدخل هذا في هذا، فما زاد في واحد نقص من الآخر مثله.
{وتخرج الحيّ من الميّت} يعني: الحيوان من النّطفة والبيضة.
{وتخرج الميّت من الحيّ} يعني: النطفة والبيضة - وهما ميتتان - من الحيّ.
{وترزق من تشاء بغير حسابٍ} أي: بغير تقدير وتضييق). [تفسير غريب القرآن: 103]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حساب} المعنى: تدخل أحدهما في الآخر, يقال: ولج الشيء إذا دخل يلج ولوجاًوولجة، والولج والولجة شيء يكون بين يدي فناء.
فمعنى {تولج الليل في النهار}أي: تنقص من الليل, فتدخل ذلك النقصان زيادة في النهار، وتنقص من النهار, فتدخل ذلك النقصان زيادة في الليل.
{وتخرج الحيّ من الميّت}أي: تخرج الإنسان من النطفة، والطائر من البيضة، وتخرج للناس الحب الذي يعيشون به من الأرض الميتة.
{وتخرج الميّت من الحيّ} أي: تخرج النطفة من الإنسان، والبيضة من الطائر.
ومعنى {وترزق من تشاء بغير حساب} أي: بغير تقتير، وهذا مستعمل في اللغة، يقال للذي ينفق موسعاً: فلان ينفق بغير حساب، أي: يوسع على نفسه، وكأنه لا يحسب ما أنفقه إنفاقاً). [معاني القرآن: 1/394-395]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل}.
قال عبد الله بن مسعود : هو قصره في الشتاء, والصيف,
فالمعنى على هذا: تنقص من الليل , وتدخل النقصان في النهار وتنقص من النهار, وتدخل النقصان في الليل.

يقال: ولج يلج ولوجاً ولجة إذا دخل قال الراجز:
= متخذا في ضعوات تولجا). [معاني القرآن: 1/380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي}
قال سلمان: أي تخرج المؤمن من الكافر, والكافر من المؤمن.
قال عبد الله بن مسعود, وسعيد بن جبير, ومجاهد, والضحاك: وهذا معنى قولهم تخرج النطفة, وهي ميتة من الرجل , وهو حي , وتخرج الرجل , وهو حي من النطفة وهي ميتة.
ثم قال تعالى: {وترزق من تشاء بغير حساب}أي: يغير تضيق, ولا تقتير, كما تقول فلان يعطي بغير حساب, كأنه لا يحسب ما يعطي). [معاني القرآن: 1/382]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (و{يولج}: يدخل). [ياقوتة الصراط: 186]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({تولج الليل في النهار} أي: تدخل هذا في هذا، فما زاد في واحد نقص من الآخر مثله.
{وتخرج الحي من الميت} يعني الحيوان من النطفة والبيضة, {وتخرج الميت من الحي} أي: النطفة والبيضة وهما ميتان، من الحي.
وقيل: هو المؤمن من الكافر, والكافر من المؤمن).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 48]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تُولِجُ}: تدخل, {حِسَابٍ}: تضييق، تقتير). [العمدة في غريب القرآن: 98]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 03:14 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) }

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (



ولـجـن ولــوج البـاقـر الـعـيـن بـــادرتسموم الضحى أعياص دهم ظلائل

(ولجن) دخلن). [شرح أشعار الهذليين: 3/1022]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 جمادى الآخرة 1435هـ/11-04-2014م, 04:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 جمادى الآخرة 1435هـ/11-04-2014م, 04:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 جمادى الآخرة 1435هـ/11-04-2014م, 04:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 جمادى الآخرة 1435هـ/11-04-2014م, 04:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ (26) تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حسابٍ (27)}
قال بعض العلماء: إن هذه الآية لباطل نصارى نجران في قولهم: إن عيسى هو الله وذلك أن هذه الأوصاف تبين لكل صحيح الفطرة أن عيسى عليه السلام ليس في شيء منها، وقال قتادة: «ذكر لنا أن النبي عليه السلام سأل ربه أن يجعل في أمته ملك فارس والروم فنزلت الآية في ذلك»، وقال مجاهد: «الملك في هذه الآية النبوة»، والصحيح أنه مالك الملك كله مطلقا في جميع أنواعه، وأشرف ملك يؤتيه سعادة الآخرة، وروي أن الآية نزلت بسبب أن النبي عليه السلام بشّر أمته بفتح ملك فارس وغيره فقالت اليهود
والمنافقون: هيهات وكذبوا ذلك، واختلف النحويون في تركيب لفظة اللّهمّ بعد إجماعهم على أنها مضمومة الهاء مشددة الميم المفتوحة وأنها منادى، ودليل ذلك أنها لا تأتي مستعملة في معنى خبر، فمذهب الخليل وسيبويه والبصريين، أن الأصل «يا لله» فلما استعملت الكلمة دون حرف النداء الذي هو- يا- جعلوا بدل حرف النداء هذه الميم المشددة، والضمة في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد، وذهب حرفان فعوض بحرفين، ومذهب الفراء والكوفيين، أن أصل اللّهمّ يا لله أم: أي أم بخير وأن ضمة الهاء هي ضمة الهمزة التي كانت في أم نقلت، ورد الزجاج على هذا القول وقال: «محال أن يترك الضم الذي هو دليل على نداء المفرد وأن تجعل في اسم الله ضمة أم، هذا إلحاد في اسم الله تعالى».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذا غلو من الزجاج»، وقال أيضا: «إن هذا الهمز الذي يطرح في الكلام فشأنه أن يؤتى به أحيانا كما قالوا: «ويلمه» في ويل أمه والأكثر إثبات الهمزة، وما سمع قط «يا لله أم» في هذا اللفظ»، وقال أيضا: «ولا تقول العرب «ياللهم» »، وقال الكوفيون: إنه قد يدخل حرف النداء على اللّهمّ وأنشدوا على ذلك:
وما عليك أن تقولي كلما ....... سبحت أو هللت ياللهم ما
اردد علينا شيخنا مسلّما قالوا: فلو كانت الميم عوضا من حرف النداء لما اجتمعا، قال الزجاج: «وهذا شاذ لا يعرف قائله ولا يترك له ما في كتاب الله وفي جميع ديوان العرب»، قال الكوفيون: وإنما تزاد الميم مخففة في «فم وابنم» ونحوه فأما ميم مشددة فلا تزاد، قال البصريون: لما ذهب حرفان عوض بحرفين، ومالك نصب على النداء، نص سيبويه ذلك في قوله تعالى: {قل اللّهمّ فاطر السّماوات والأرض} [الزمر: 46] وقال: إن اللّهمّ لا يوصف لأنه قد ضمت إليه الميم، قال الزجاج: «ومالك عندي صفة لاسم الله تعالى وكذلك فاطر السّماوات»، قال أبو علي: «وهو مذهب أبي العباس»، وما قال سيبويه أصوب وذلك أنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد اللّهمّ لأنه اسم مفرد ضم إليه صوت والأصوات لا توصف نحو، غاق وما أشبه، وكأن حكم الاسم المفرد أن لا يوصف وإن كانوا قد وصفوه في مواضع فلما ضم هنا ما لا يوصف إلى ما كان قياسه أن لا يوصف صار بمنزلة صوت ضم إلى صوت نحو، «حيهل» فلم يوصف، قال النضر بن شميل: «من قال اللّهمّ فقد دعا الله بجميع أسمائه كلها»، وقال الحسن: «اللّهمّ مجمع الدعاء».
وخص الله تعالى: الخير بالذكر وهو تعالى بيده كل شيء، إذ الآية في معنى دعاء ورغبة فكأن المعنى بيدك الخير فأجزل حظي منه، وقيل المراد بيدك الخير والشر فحذف لدلالة أحدهما على الآخر، كما قال: {تقيكم الحرّ} [النحل: 81] قال النقاش: «بيدك الخير أي النصر والغنيمة فحذف لدلالة أحدهما» ). [المحرر الوجيز: 2/ 187-189]

تفسير قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقال ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي وابن زيد في معنى قوله تعالى: {تولج اللّيل في النّهار} الآية: أنه ما ينتقص من النهار فيزيد في الليل وما ينتقص من الليل فيزيد في النهار دأبا كل فصل من السنة، وتحتمل ألفاظ الآية أن يدخل فيها تعاقب الليل والنهار كأن زوال أحدهما ولوج في الآخر.
واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {وتخرج الحيّ من الميّت} الآية، فقال الحسن: «معناه تخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن»، وروي نحوه عن سلمان الفارسي، وروى الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على بعض أزواجه فإذا بامرأة حسنة النغمة فقال: «من هذه؟» قالت إحدى خالاتك فقال: «إن خالاتي بهذه البلدة لغرائب، أي خالاتي هي؟» قالت: خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث فقال النبي عليه السلام: «سبحان الذي يخرج الحي من الميت»، وكانت امرأة صالحة وكان أبوها كافرا وهو أحد المستهزئين الذين كفيهم النبي عليه السلام.
قال أبو محمد: «فالمراد على هذا القول موت قلب الكافر وحياة قلب المؤمن والحياة والموت مستعاران»، وذهب جمهور كثير من العلماء إلى أن الحياة والموت في الآية إنما هو الحياة حقيقة والموت حقيقة لا باستعارة، ثم اختلفوا في المثل التي فسروا بها فقال عكرمة: «هو إخراج الدجاجة وهي حية من البيضة وهي ميتة وإخراج البيضة وهي ميتة من الدجاجة وهي حية ولفظ الإخراج في هذا المثال وما ناسبه لفظ متمكن على عرف استعماله»، وقال عبد الله بن مسعود في تفسير الآية: «هي النطفة تخرج من الرجل وهي ميتة وهو حي ويخرج الرجل منها وهي ميتة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ولفظ الإخراج في تنقل النطفة حتى تكون رجلا إنما هو عبارة عن تغير الحال كما تقول في صبي جيد البنية يخرج من هذا رجل قوي، وهذا المعنى يسميه ابن جني: التجريد أي تجرد الشيء من حال إلى حال هو خروج». وقد يحتمل قوله تعالى: {ويخرج الميّت من الحيّ} أن يراد به أن الحيوان كله يميته فهذا هو معنى التجريد بعينه وأنشد ابن جني على ذلك:
أفاءت بنو مروان ظلما دماءنا ....... وفي الله- إن لم ينصفوا- حكم عدل
وروى السدي عن أبي مالك قال في تفسير الآية: «هي الحبة تخرج من السنبلة والسنبلة تخرج من الحبة، والنواة تخرج من النخلة والنخلة تخرج من النواة والحياة في النخلة والسنبلة تشبيه»، وقوله تعالى: {بغير حسابٍ} قيل معناه: «بغير حساب منك لأنه تعالى لا يخاف أن تنتقص خزائنه»، هذا قول الربيع وغيره، وقيل معنى بغير حسابٍ أي من أحد لك، لأنه تعالى لا معقب لأمره، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «الميت» بسكون الياء في جميع القرآن. وروى حفص عن عاصم «من الميّت» بتشديد الياء، وقرأ نافع وحمزة والكسائي «الميّت» بتشديد الياء في هذه الآية، وفي قوله: {لبلدٍ ميّتٍ} [الأعراف: 57] {وإلى بلدٍ ميّتٍ} [فاطر: 9] وخفف حمزة والكسائي غير هذه الحروف، قال أبو علي: «الميّت هو الأصل والواو التي هي عين منه انقلبت ياء لإدغام الياء فيها وميت التخفيف محذوف منه عينه أعلت بالحذف كما أعلت بالقلب، والحذف حسن والإتمام حسن وما مات وما لم يمت في هذا الباب يستويان في الاستعمال».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وذهب قوم إلى أن «الميت» بالتخفيف إنما يستعمل فيما قد مات، وأما «الميّت» بالتشديد فيستعمل فيما مات وفيما لم يمت بعد» ). [المحرر الوجيز: 2/ 189-190]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 جمادى الآخرة 1435هـ/11-04-2014م, 04:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 جمادى الآخرة 1435هـ/11-04-2014م, 04:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ (26) تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حسابٍ (27)}
يقول تعالى: {قل} يا محمّد، معظّمًا لربّك ومتوكّلًا عليه، وشاكرًا له ومفوّضًا إليه: {اللّهمّ مالك الملك} أي: لك الملك كلّه {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء} أي: أنت المعطي، وأنت المانع، وأنت الّذي ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن.
وفي هذه الآية تنبيهٌ وإرشادٌ إلى شكر نعمة اللّه تعالى على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وهذه الأمّة؛ لأنّ اللّه حوّل النّبوّة من بني إسرائيل إلى النّبيّ العربيّ القرشيّ المكّيّ الأمّيّ خاتم الأنبياء على الإطلاق، ورسول اللّه إلى جميع الثّقلين الإنس والجنّ، الّذي جمع اللّه فيه محاسن من كان قبله، وخصّه بخصائص لم يعطها نبيًّا من الأنبياء ولا رسولًا من الرّسل، في العلم باللّه وشريعته وإطلاعه على الغيوب الماضية والآتية، وكشفه عن حقائق الآخرة ونشر أمّته في الآفاق، في مشارق الأرض ومغاربها، وإظهار دينه وشرعه على سائر الأديان، والشّرائع، فصلوات اللّه وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدّين، ما تعاقب اللّيل والنّهار. ولهذا قال تعالى: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: أنت المتصرّف في خلقك، الفعّال لما تريد، كما ردّ تبارك وتعالى على من يتحكّم عليه في أمره، حيث قال: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجلٍ من القريتين عظيمٍ} [الزّخرف: 31].
قال اللّه تعالى ردًّا عليهم: {أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ} الآية [الزّخرف: 32] أي: نحن نتصرّف في خلقنا كما نريد، بلا ممانعٍ ولا مدافعٍ، ولنا الحكمة والحجّة في ذلك، وهكذا نعطي النّبوّة لمن نريد، كما قال تعالى: {اللّه أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124] وقال تعالى: {انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعضٍ وللآخرة أكبر درجاتٍ وأكبر تفضيلا} [الإسراء: 21] وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة "إسحاق بن أحمد" من تاريخه عن المأمون الخليفة: أنّه رأى في قصرٍ ببلاد الرّوم مكتوبًا بالحميريّة، فعرّب له، فإذا هو: باسم اللّه ما اختلف اللّيل والنّهار، ولا دارت نجوم السّماء في الفلك إلّا بنقل النّعيم عن ملك قد زال سلطانه إلى ملكٍ. وملك ذي العرش دائمٌ أبدًا ليس بفانٍ ولا بمشتركٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/ 29]

تفسير قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل} أي: تأخذ من طول هذا فتزيده في قصر هذا فيعتدلان، ثمّ تأخذ من هذا في هذا فيتفاوتان، ثمّ يعتدلان. وهكذا في فصول السّنة: ربيعًا وصيفًا وخريفًا وشتاءً.
وقوله: {وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} أي: تخرج الحبّة من الزّرع والزّرع من الحبّة، والنّخلة من النّواة والنّواة من النّخلة، والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، والدّجاجة من البيضة والبيضة من الدّجاجة، وما جرى هذا المجرى من جميع الأشياء {وترزق من تشاء بغير حسابٍ} أي: تعطي من شئت من المال ما لا يعده ولا يقدر على إحصائه، وتقتر على آخرين، لما لك في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة والعدل. قال الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن زكريّا الغلّابيّ، حدّثنا جعفر بن جسر بن فرقد، حدّثنا أبي، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «اسم الله الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب، في هذه الآية من آل عمران: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ} » ). [تفسير القرآن العظيم: 2/ 29-30]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة