التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {الم (1)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({آلم}: افتتاح كلام، شعار للسورة، وقد مضى تفسيرها في البقرة، ثم انقطع، فقلت: {الله لا إله إلاّ هو}: استئناف). [مجاز القرآن: 1/86]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم *اللّه لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم }
أجمعت القراء على فتح الميم, وقد روي عن الرّواسي { ألم اللّه } بتسكين الميم، وقد روى هذه القراءة بعضهم, عن عاصم و والمضبوط عن عاصم في رواية أبي بكر بن عيّاش , وأبي عمرو فتح الميم، وفتح الميم إجماع, وقد شرحنا معنى{الم}.
واختلف النحويون في: علة فتح الميم،
فقال بعض البصريين: جائز أن يكون الميم فتحت لالتقاء الساكنين، وجائز أن يكون طرحت عليها فتحة الهمزة , لأن نية حروف الهجاء الوقف، وهذا أيضاً قول الكوفيين.
وذكر أبو الحسن الأخفش أن الميم لو كسرت لالتقاء السّاكنين فقيل {الم اللّه} لجاز، وهذا غلط من أبي الحسن , لأن قبل الميم ياء مكسوراً ما قبلها , فحقها الفتح لالتقاء السّاكنين, وذلك لثقل الكسرة مع الياء.). [معاني القرآن: 1/373]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({ألم}: أنا الله أعلم). [العمدة في غريب القرآن: 96]
تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (قوله تعالى: {اللّه لا اله إلاّ هو الحيّ القيّوم...}
حدثنا محمد بن الجهم , عن الفراء :{الحيّ القيّوم} قراءة العامة، وقرأها عمر بن الخطاب , وابن مسعود{القيّام}, وصورة القيّوم: الفيعول، والقيّام : الفيعال، وهما جميعاً مدح.
وأهل الحجاز أكثر شيء قولاًك الفيعال من ذوات الثلاثة, فيقولون للصوّاغ: الصيّاغ). [معاني القرآن: 1/190]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الله لا إله إلاّ هو}: استئناف). [مجاز القرآن: 1/86] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم} , أما قوله: {الحيّ القيّوم},
فإن {القيّوم}: "الفيعول" , ولكن الياء الساكنة إذا كانت قبل واو متحركة, قلبت الواو ياء, وأصله "القيووم", و(الدّيّان): "الفيعال", و"الدّيّار", "الفيعال", وهي من "دار" يدور", وأصله "الديوار" , ولكن الواو قلبت ياء.). [معاني القرآن: 1/158-159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وذكر أبو الحسن الأخفش: أن الميم لو كسرت لالتقاء السّاكنين , فقيل :{الم اللّه}, لجاز، وهذا غلط من أبي الحسن ؛ لأن قبل الميم ياء مكسوراً ما قبلها , فحقها الفتح ؛ لالتقاء السّاكنين وذلك لثقل الكسرة مع الياء.
فأما {القيّوم}, فقد روي عن عمر , وابن مسعود جميعا أنهما قرءا {القيّام}, وقد رويت {القيّم}, والذي ينبغي أن يقرأ ما عليه المصحف، وهو القيوم بالواو، والقيّم أيضاً جيد بالغ كثير في العربية، ولكن القراءة بخلاف ما في المصحف لا تجوز، لأن المصحف مجمع عليه، ولا يعارض الإجماع برواية لا يعلم كيف صحتها.
ومعنى {القيّوم}: القائم بتدبير جميع ما خلق من إحياء, وإنشاء, ورزق , وموت.
وأصل قيوم: قيووم، إلا أن الياء إذا سبقت الواو بسكون, قلبت لها الواو, وأدغمت الياء فيها, وكذلك القيّام أصله القيوام، ومعنى الكتاب: ما كتب, يقال للقرآن كتاب ؛ لأنه يكتب، ومعنى يكتب في اللغة: يجمع بعضه إلى بعض، والكتبة في اللغة الخرزة , وجمعها كتب, والكتيبة : القطعة من الجيش العظيمة، إنما سميت لاجتماع بعضها إلى بعض.
ومعنى{مصدّقا لما بين يديه}أي: للكتب التي تقدمته, والرسل التي أتت بها). [معاني القرآن: 1/373-374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (من ذلك قوله عز وجل: {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم}
روي عن ابن عباس : الحي الذي لا يموت, والقيوم الذي لا يزول .
قال مجاهد : القيوم: القائم على كل شيء , أي: القائم على تدبير كل شيء من رزق , وحياة , وموت .
وقد شرحناه بأكثر من هذا , ومعنى {الم} في سورة البقرة .
حدثنا أحمد بن شعيب و قال: أخبرني عمران بن بكار, قال: حدثنا إبراهيم بن العلاء , قال: حدثنا شعيب بن إسحاق , قال : حدثنا هارون , عن محمد بن عمرو بن علقمة, عن يحيى بن عبد الرحمن , عن أبيه , عن عمر بن الخطاب أنه صلى صلاة العشاء , فاستفتح آل عمران, فقرأ: {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم}, فقرأ في ركعة بمائة آية, وفي الثانية بالمائة الباقية
وسنذكر الأصل في الإعراب إن شاء الله). [معاني القرآن: 1/339-340]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (أخبرنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي قال: {القيوم}, والقيام , والمدبر واحد). [ياقوتة الصراط: 185]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْقَيّومُ}: الدائِم). [العمدة في غريب القرآن: 96]
تفسير قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({نزّل عليك الكتاب بالحقّ مصدّقاً لّما بين يديه وأنزل التّوراة والإنجيل}
أما {مصدّقاً لّما بين يديه}, فنصب على الحال.). [معاني القرآن: 1/159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وأنزل التّوراة والإنجيل (3) من قبل هدى للنّاس}, أي: من قبل القرآن.
وقد اختلف النحوّيون في " توراة ":
1- فقال الكوفيّون: توراة يصلح أن يكون " تفعلة " من وريت بك زنادي، فالأصل عندهم تورية إلا أن الياء قلبت ألفاً لتحركها , وانفتاح ما قبلها, " وتفعلة " لا تكاد توجد في الكلام، إنما قالوا في تتفلة " تتفلة.
2- وقال بعضهم: يصلح أن يكون تفعلة مثل توصية , ولكن قلبت من تفعلة إلى تفعلة, وكأنّه يجيز في توصية توصاة، وهذا رديء, ولم يثبت في توفية توفاة، ولا في توقية توقاه.
3- وقال البصريون: أصلها فوعلة، وفوعلة كثير في الكلام مثل: الحوقلة, ودوخلة , وما أشبه ذلك.
وكل ما قلت فيه : فوعلت , فمصدره: فوعلة، فأصلها عندهم " وورية ", ولكن الواو الأولى قلبت تاء كما في " تولج " , وإنما هو فوعل من ولجت، وكما قلبت في تراث الياء الأخيرة، قلبت أيضاً لتحركها , وانفتاح ما قبلها بإجماع.
وإنجيل: إفعيل من النجل , وهو الأصل: هكذا يقول جميع أهل اللغة في إنجيل). [معاني القرآن: 1/374-375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {نزل عليك الكتاب بالحق}
قال ابن كيسان : فيه وجهان , أي: ألزمك ذلك باستحقاقه إياه عليك, وعلى خلقه .
قال : ويكون بالحق, أي : بما حق في كتبه من إنزاله عليك , وكان هذا أوضح لقوله: {مصدقا} أي: في حال تصديقه لما قبله من الكتب , وما عبد الله به خلقه من طاعته .
قال مجاهد: لما بين يديه لما قبله من كتاب , أو رسول .
ثم قال تعالى: {وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس} أي: من قبل القرآن.
والتوراة: من ورى , ووريت , فقيل: توراة , أي: ضياء , ونور.
قال البصريون: توراة أصلها فوعلة مثل : حوقلة , ومصدر فوعلت : فوعلة, والأصل عندهم : وورية, فقلبت الواو الأولى تاء كما قلبت في تولج , وهو فوعل من ولجت
وفي قولهم: {تالله} , وقلبت الياء الأخيرة ألفاً لتحركها , وانفتاح ما قبلها .
وقال الكوفيون: توراة يصلح أن تكون تفعلة, وتفعلة قلبت إلى تفعلة , ولا يجوز عند البصرين في توقيه: توقوة, ولا يكاد يوجد في الكلام تفعلة إلا شاذاً.
وإنجيل من نجلت الشيء, أي: أخرجته , فإنجيل خرج به دارس من الحق, ومنه قيل لواحد الرجل نجله, كما قال:
إلى معشر لم يورث اللؤم جدهم = أصاغرهم وكل فحل له نجل
قال ابن كيسان: إنجيل إفعيل من النجل, ويقال نجلة أبوه , أي : جاء به, ويقال: نجلت الكلاء بالمنجل, وعين نجلاء واسعة , وكذا طعنة نجلاء, وجمع الإنجيل: أناجيل , وجمع التوراة: توار). [معاني القرآن: 1/340-343]
تفسير قوله تعالى: {مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({من قبل هدًى لّلنّاس وأنزل الفرقان إنّ الّذين كفروا بآيات اللّه لهم عذابٌ شديدٌ واللّه عزيزٌ ذو انتقامٍ}
قال: {هدىً لّلنّاس} , فـ{هدىً} في موضع نصب على الحال , ولكن {هدىً} مقصور , فهو متروك على حال واحد). [معاني القرآن: 1/159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (ومعنى {من قبل هدى للنّاس} أي: من قبل القرآن.
ومعنى {وأنزل الفرقان} أي: ما فرق به بين الحق والباطل , وروي عن بعض المفسرين: أن كل كتاب للّه فرقان.
ومعنى {واللّه عزيز ذو انتقام} أي : قد ذل له كل شيء بأثر صنعته فيه.
ومعنى{ذو انتقام} أي: ذو أنتقام ممن كفر به، لأن ذكر الكافرين ههنا جرى). [معاني القرآن: 1/375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وأنزل الفرقان}أي: الفارق بين الحق والباطل.
كما قال بعض المفسرين: كل كتاب له فرقان.
{والله عزيز}أي: ذل له كل شيء بأثر صنعته فيه
{ذو انتقام}أي: ممن كفر به). [معاني القرآن: 1/343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْفُرْقَانَ}: بين الحق, والباطل.). [العمدة في غريب القرآن: 96]