العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة البقرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الثاني 1434هـ/20-02-2013م, 12:20 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (277) إلى الآية (281) ]

تفسير سورة البقرة
[من الآية (277) إلى الآية (281) ]

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 07:34 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}
وهذا خبرٌ من اللّه عزّ وجلّ بأنّ الّذين آمنوا، يعني الّذين صدّقوا باللّه وبرسوله، وبما جاء به من عند ربّه من تحريم الرّبا وأكله وغير ذلك من سائر شرائع دينه، وعملوا الصّالحات الّتي أمرهم اللّه عزّ وجلّ بها، والّتي ندبهم إليها وأقاموا الصّلاة المفروضة بحدودها، وأدّوها بسننها، وآتوا الزّكاة المفروضة عليهم في أموالهم، بعد الّذي سلف منهم من أكل الرّبا، قبل مجيء الموعظة فيه من عند ربّهم، لهم أجرهم، يعني ثواب ذلك من أعمالهم وإيمانهم وصدقتهم عند ربّهم يوم حاجتهم إليه في معادهم، ولا خوفٌ عليهم يومئذٍ من عقابه على ما كان سلف منهم في جاهليّتهم وكفرهم قبل مجيئهم موعظةٌ من ربّهم من أكل ما كانوا أكلوا من الرّبا بما كان من إنابتهم، وتوبتهم إلى اللّه عزّ وجلّ من ذلك عند مجيئهم الموعظة من ربّهم، وتصديقهم بوعد اللّه ووعيده، ولا هم يحزنون على تركو ما كانوا تركوا في الدّنيا من أكل الرّبا والعمل به إذا عاينوا جزيل ثواب اللّه لهم تبارك وتعالى، وهم على تركهم ما تركوا من ذلك في الدّنيا ابتغاء رضوانه في الآخرة، فوصلوا إلى ما وعدوا على تركه). [جامع البيان: 5/48]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (277) يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين (278)
قوله تعالى: إنّ الّذين آمنوا إلى قوله: يحزنون
قد تقدم تفسيره. آية 62). [تفسير القرآن العظيم: 1/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (276 - 277
أخرج ابن جرير، وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {يمحق الله الربا} قال: ينقص الربا {ويربي الصدقات} قال: يزيد فيها.
وأخرج أحمد، وابن ماجة، وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر قال: سمعنا أنه لا يأتي على صاحب الربا
[الدر المنثور: 3/370]
أربعون سنة حتى يمحق.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل.
وأخرج الشافعي وأحمد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن جرير، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدارقطني في الصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوه حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) (التوبة الآية 104)، و{يمحق الله الربا ويربي الصدقات}
[الدر المنثور: 3/371]
وأخرج البزار، وابن جرير، وابن حبان والطبراني عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقة ولا يقبل منها إلا الطيب ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله حتى أن اللقمة تصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن يتصدق بالتمرة أو بعدلها من الطيب ولا يقبل الله إلا الطيب فتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فصيله حتى تكون مثل التل العظيم ثم قرأ {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: أما {يمحق الله الربا} فإن الربا يزيد في الدنيا ويكثر ويمحقه الله في الآخرة ولا يبقى منه لأهله شيء وأما قوله {ويربي الصدقات}
فإن الله يأخذها من المتصدق قبل أن تصل إلى المتصدق عليه فما يزال الله يربيها حتى يلقى صاحبها ربه فيعطيها إياه وتكون الصدقة التمرة أو نحوها فما يزال الله يربيها حتى تكون مثل
[الدر المنثور: 3/372]
الجبل العظيم.
وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله حتى تكون مثل أحد). [الدر المنثور: 3/373] (م)

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين}
يعني جلّ ثناؤه بذلك: يا أيّها الّذين آمنوا صدّقوا باللّه وبرسوله، اتّقوا اللّه، يقول: خافوا اللّه على أنفسكم فاتّقوه بطاعته فيما أمركم به، والانتهاء عمّا نهاكم عنه، وذروا يعني ودعوا ما بقي من الرّبا، يقول: اتركوا طلب ما بقي لكم من فضلٍ على رءوس أموالكم الّتي كانت لكم قبل أن تربوا عليها إن كنتم مؤمنين، يقول: إن كنتم محقّقين إيمانكم قولاً، وتصديقكم بألسنتكم بأفعالكم،
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ أسلموا، ولهم على قومٍ أموالٌ من ربًا كانوا أربوه عليهم، فكانوا قد قتضوا بعضه منهم، وبقي بعضٌ، فعفا اللّه جلّ ثناؤه لهم عمّا كانوا قد قبضوه قبل نزول هذه الآية، وحرّم عليهم اقتضاء ما بقي منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا} ما بقي من الرّبا إلى: {ولا تظلمون} قال: نزلت هذه الآية في العبّاس بن عبد المطّلب ورجلٍ من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهليّة، سلّفا في الرّبا إلى أناسٍ من ثقيفٍ من بني عيرٍه، وهم بنو عمرو بن عميرٍ فجاء الإسلام ولهما أموالٌ عظيمةٌ في الرّبا، فأنزل اللّه: {ذروا ما بقي} من فضلٍ كان في الجاهليّة {من الرّبوا}.
[جامع البيان: 5/49]
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين} قال: كانت ثقيفٌ قد صالحت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على أنّ ما لهم من ربًا على النّاس، فهو لهم وما كان للنّاس عليهم من ربًا فهو موضوعٌ، فلمّا كان الفتح، استعمل عتّاب بن أسيدٍ على مكّة، وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوفٍ يأخذون الرّبا من بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهليّة، فجاء الإسلام ولهم عليهم مالٌ كثيرٌ، فأتاهم بنو عمرٍو يطلبون رباهم، فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام، ورفعوا ذلك إلى عتّاب بن أسيدٍ، فكتب عتّابٌ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} إلى: {ولا تظلمون}، فكتب بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عتّابٍ وقال: إن رضوا وإلاّ فآذنهم بحربٍ قال ابن جريجٍ، عن عكرمة قوله: {اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبو} يقول لنبى عمرو بن عمير قال: كانوا يأخذون الرّبا على بني المغيرة يزعمون أنّهم مسعودٌ وعبد ياليل وحبيبٌ وربيعة بنو عمرو بن عميرٍ، فهم الّذين كان لهم الرّبا على بني المغيرة، فأسلم عبد ياليل وحبيبٌ وربيعة وهلالٌ ومسعودٌ.
[جامع البيان: 5/50]
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين} قال: كان ربًا يتبايعون به في الجاهليّة، فلمّا أسلموا أمروا أن يأخذوا رءوس أموالهم). [جامع البيان: 5/51]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه
- قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ، أبنا محمّد بن مزاحمٍ ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: يا أيّها الّذين آمنوا هم بنو عمرو بن عمير بن عوفٍ الثّقفيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/548]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة ورقاءٌ، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين قال: كانوا في الجاهليّة يكون للرّجل على الرّجل الدّين فيقول: لك كذا وكذا، وتؤخّر عنّي، فيؤخّر عنه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين قال: نزلت الآية في العبّاس بن عبد المطلب ورحل من بني المغيرة، كانا شريكين في الجاهليّة يسلفان في الرّبا إلى أناسٍ من ثقيفٍ، من بني غيرة، وهم رهط المختار بن أبي عبيدٍ وهم بنوا عمرو بن عميرٍ، فجاء الإسلام، ولهما أموالٌ عظيمةٌ في الرّبا، فأنزل اللّه عزّ وجلّ وذروا ما بقي من الرّبا من فضلٍ كان في الجاهليّة، من الرّبا
- حدّثنا أبي، ثنا النّفيليّ، ثنا خطّاب بن القاسم، عن زيد بن أسلم في قول اللّه: اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا قال: ما بقي على النّاس.
- قرأت على محمّدٍ، ثنا محمّدٌ، أبنا محمّدٌ، عن بكيرٍ، عن مقاتلٍ، قوله:
يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين هم بنوا
[تفسير القرآن العظيم: 2/548]
عمرو بن عمير بن عوفٍ الثّقفيّ، ومسعود بن عمرو بن عبد ليل بن عمرٍو وربيعة بن عمرٍو، وحبيب بن عمرٍو، وكلّهم إخوة وهم الطالبون، والمطلوبون، بنوا المغيرة من بني مخزوم وكانوا يداينون بنو المغيرة في الجاهليّة بالرّبا، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلم صالح ثقفيا، على ألا يحشروا ولا يعشروا، أمّا قوله: لا يحشروا أي لا يغزوا. وقوله: لا يعشروا: يقول: لا يصدّقوا أموالهم، غير أنّه كتب في آخر الشّرط: لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، وكتب لهم: ما كان لهم من ربًا على النّاس، فهو لهم، وما كان عليهم من ربًا فهو موضوعٌ، وأنّهم طلبوا رباهم إلى بني المغيرة وكان مالا عظيما، فقالت بنوا المغيرة: واللّه لا نعطي الرّبا في الإسلام، وقد وضعه اللّه ورسوله عن المسلمين، فما يجعلنا أشقى النّاس بهذا، وقد وضع الرّبا كلّه. فعرّفوا شأنهم معاذ بن جبلٍ، ويقال: عتّاب بن أسيدٍ- وأحدهما عامل مكّة- فكتب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّ بني عمروا بن عميرٍ يطلبون رباهم عند بني المغيرة، ويزعمون أنّهم صالحوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على ذلك. فما ترى في ذلك يا رسول اللّه؟ فأنزل اللّه على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحي، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد، في قوله: إن كنتم مؤمنين يعني: مصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 1/549]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وذروا ما بقي من الربا قال يكون للرجل على الرجل الدين فيقول لك زيادة كذا وكذا وتؤخر عني). [تفسير مجاهد: 117]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا أحمد الأخنسيّ، ثنا محمّد بن فضيلٍ، ثنا الكلبيّ عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {إعصارٌ فيه نارٌ}، (فقال): الإعصار، الرّيح الشديد.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/461]
- وبه في قوله تعالى: {كصيّبٍ من السّماء} قال: الصّيّب: المطر.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/462]
- وبه إلى ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله (تعالى): {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ}.
قال: يعرفون يوم القيامة بذلك، (لا) يستطيعون القيام إلّا كما يقوم المتخبّط المنخنق ذلك بأنّهم قالوا: {إنّما البيع مثل الرّبا} وكذبوا على اللّه (عز وجل) {وأحل اللّه البيع وحرّم الرّبا} إلى قوله: فمن عاد فأكل الرّبا، {فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (81)} وقوله عز وجل: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا} الآية.
قال: فبلغنا واللّه أنّ هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوفٍ من ثقيفٍ وبني المغيرة من بني مخزومٍ، (وكان) (بنو) المغيرة يربون لثقيفٍ، فلمّا أظهر اللّه تعالى رسوله (صلّى اللّه عليه وسلّم) على مكّة،
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/463]
ووضع يومئذٍ الرّبا كلّه وكان أهل الطّائف قد صالحوا على أنّ لهم رباهم، وما كان عليهم من ربًا فهو موضوعٌ، وكتب (رسول) اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر صحيفتهم، أنّ لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، أن لا يأكلوا الرّبا ولا يؤكلوه فأتى بنو عمرو بن عميرٍ بني المغيرة إلى عتّاب بن أسيدٍ رضي الله عنه، وهو على مكّة، (فقال) بنو المغيرة ما جعلنا (أشقى) النّاس بالرّبا؟ وضع عن النّاس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عميرٍ: صولحنا على أنّ لنا (ربانا) فكتب عتّاب بن أسيدٍ رضي الله عنه ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنزلت هذه الآية: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله [فعرف بنو عمرٍو الإيذان لهم بحربٍ من اللّه ورسوله يقول:] وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم، (لا تظلمون ولا تظلمون): لا تظلمون فتأخذون أكثر، ولا تظلمون (فتبخسون) منه، {وإن كان ذو عسرةٍ} أن تذروه خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون {فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصّدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (280) واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ} الآية، فذكروا أنّ هذه الآية نزلت من النّساء نزلت آخر القرآن). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/464] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 278 - 279.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} الآية، قال: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف من بني ضمرة وهم بنو عمرو بن عمير فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله {وذروا ما بقي} من فضل كان في الجاهلية {من الربا}.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله} الآية قال: كانت ثقيف قد صالحت النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع فلما كان الفتح استعمل عتاب بن أسيد على مكة وكانت بنو عمرو
[الدر المنثور: 3/373]
بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد فكتب عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} إلى قوله {ولا تظلمون} فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب وقال: إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الضحاك في قوله {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا}
قال: كان ربا يتعاملون به في الجاهلية فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم.
وأخرج آدم، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن مجاهد في قوله {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} قال: كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه.
وأخرج مالك والبيهقي في "سننه" عن زيد بن أسلم قال: كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الحق قال: أتقضي أم تربي فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه وزاده الآخر في الأجل
[الدر المنثور: 3/374]
وأخرج أبو نعيم في المعرفة بسند واه عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} قال: نزلت في نفر من ثقيف منهم مسعود وربيعة وحبيب وعبد ياليل وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي وفي بني المغيرة من قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: نزلت هذه الآية في بني عمرو بن عمير بن عوف الثقفي ومسعود بن عمرو بن عبد ياليل بن عمرو وربيعة بن عمرو وحبيب بن عمير وكلهم أخوة وهم الطالبون والمطلوبون بنو المغيرة من بني مخزوم وكانوا يداينون بني المغيرة في الجاهلية بالربا وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم صالح ثقيفا فطلبوا رباهم إلى بني المغيرة وكان مالا عظيما فقال بنو المغيرة: والله لا نعطي الربا في الإسلام وقد وضعه الله ورسوله عن المسلمين فعرفوا شأنهم معاذ بن جبل ويقال عتاب بن أسيد فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بني ابن عمرو وعمير يطلبون رباهم عند بني المغيرة فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل: أن اعرض عليهم هذه الآية فإن فعلوا فلهم رؤوس أموالهم وإن أبوا فآذنهم بحرب من الله ورسوله.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله !
[الدر المنثور: 3/375]
{فأذنوا بحرب} قال: من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلا ضرب عنقه، وفي قوله {لا تظلمون} فتربون {ولا تظلمون} فتنقصون.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأذنوا بحرب} قال: استيقنوا بحرب.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأذنوا بحرب} قال: أوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل.
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجة، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله، فقال: ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وأول ربا موضوع ربا العباس
[الدر المنثور: 3/376]
وأخرج ابن منده عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في ربيعة بن عمرو وأصحابه {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم} الآية.
وأخرج مسلم والبيهقي، عن جابر بن عبد الله قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في شعب الإيمان، عن علي، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة: آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة ومانع الصدقة والحال والمحلل له.
وأخرج البيهقي عن أم الدرداء قالت: قال موسى بن عمران عليه السلام: يا رب من يسكن غدا في حظيرة القدس ويستظل بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك قال: يا موسى أولئك الذين لا تنظر أعينهم في الزنا ولا يبتغون في أموالهم الربا ولا يأخذون على أحكامهم الرشا طوبى لهم وحسن مآب.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن حبان والبيهقي عن ابن مسعود قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه
[الدر المنثور: 3/377]
وأخرج البخاري وأبو داود عن أبي جحيفة قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ونهى عن ثمن الكلب وكسب البغي ولعن المصورين.
وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان عن ابن مسعود قال آكل الربا وموكله وشاهده وكاتباه إذا علموا والواشمة والمستوشمة للحسن ولاوي الصدقة والمرتد أعرابيا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها، مدمن الخمر وآكل الربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام
[الدر المنثور: 3/378]
وأخرج أحمد والطبراني عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل أن يأتي الرجل أمه وأن أربى الربا استطالة الرجل في عرض عرض الرجل.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تشتري الثمرة حتى تطعم وقال: إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله.
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما ظهر في قوم الزنا
[الدر المنثور: 3/379]
والربا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله.
وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب، واخرج الطبراني عن القاسم بن عبد الواحد الوراق قال: رأيت عبد الله بن أبي أوفى في السوق فقال: يا معشر الصيارفة أبشروا قالوا: بشرك الله بالجنة بم تبشرنا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصيارفة: أبشروا بالنار.
وأخرج أبو داود، وابن ماجة والبيهقي في "سننه" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة والبيهقي عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: صرفت من طلحة بن عبيد الله ورقا بذهب فقال: انظرني حتى يأتينا خازننا من الغابة فسمعها عمر بن الخطاب فقال: لا والله لا
[الدر المنثور: 3/380]
تفارقه حتى تستوفي منه صرفك فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء البر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر ربا إلا هاء وهاء، واخرج عبد بن حميد ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب مثل بمثل يد بيد والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد والتمر بالتمر مثل بمثل يد بيد والبر بالبر مثل بمثل يد بيد والشعير بالشعير مثل بمثل يد بيد والملح بالملح مثل بمثل يد بيد من زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي سواء.
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا غائبا بناجز.
وأخرج الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجة والبيهقي
[الدر المنثور: 3/381]
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم من زاد أو ازداد فقد أربى، واخرج مالك ومسلم والبيهقي عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين.
وأخرج مالك ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدينار بالدينار لا فضل بينهما والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما.
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم وزن بوزن لا فضل بينهما ولا يباع عاجل بآجل
[الدر المنثور: 3/382]
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي المنهال قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال: ما كان منه يدا بيد فلا بأس وما كان منه نسيئة فلا.

وأخرج مالك والشافعي وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجة والبيهقي عن سعد بن وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اشتراء الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا يبس قالوا: نعم فنهى عن ذلك، واخرج البزار عن أبي بكر الصديق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل الزائد والمستزيد في النار.
وأخرج البزار عن أبي بكرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الصرف قبل موته بشهرين). [الدر المنثور: 3/383]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب {فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} [البقرة: 279]: فاعلموا
[صحيح البخاري: 6/32]
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندرٌ، حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة، قالت: «لمّا أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة، قرأهنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليهم في المسجد، وحرّم التّجارة في الخمر»). [صحيح البخاري: 6/32]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ: {فأذنوا بحربٍ} فاعلمو (البقرة: 279)
أي: هذا باب فيه قوله تعالى: {فاذنوا} وأوله: (فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله) وله: فاذنوا أي: فاعلموا بها. من آذن بالشّيء إذا أعلم به. وقرئ فآذنوا بالمدّ أي: فاعملوا بها غيركم. وهو من الإذن، بفتحتين وهو الاستماع لأنّه من طريق العلم، وقرأ الحسن. رحمه الله: فأيقنوا. قال ابن عبّاس: فاستيقنوا بحرب من الله ورسوله. وعن سعيد بن جبير: يقال يوم القيامة لآكل الرّبا: خذ سلاحك للحرب، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن الحسن وابن سيرين أنّهما قالا إن هؤلاء الصيارفة قد أكلوا الرّبا وأنّهم أذنوا بحرب من الله ورسوله، ولو كان على النّاس إمام عادل لاستتابهم، فإن تابوا وإلّا وضع فيهم السّلاح). [عمدة القاري: 18/131]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله} [البقرة: 279] فاعلموا
({فأذنوا}) بإسكان الهمزة وفي نسخة باب فأذنوا بسكون الهمزة وفتح المعجمة أمر من أذن يأذن ({بحرب من الله ورسوله}) [البقرة: 279]. الباء للإلصاق أي (فاعلموا) وتنكير حرب للتعظيم، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن استمر على تعاطي الربا بعد هذا الإنذار وعن ابن عباس يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب ثم قرأ الآية. وسقط قوله: {من الله ورسوله} لغير أبي ذر.
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندرٌ، حدّثنا شعبة عن منصورٍ عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ عن عائشة قالت: لمّا أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قرأهنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد وحرّم التّجارة في الخمر.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالشين المعجمة العبدي بندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها (قالت: لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة) سقط سورة لأبي ذر (قرأهن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم) زاد أبو ذر عليهم (في المسجد وحرّم التجارة في الخمر).
وهذه طريق أخرى للحديث). [إرشاد الساري: 7/47]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {فإن لم تفعلوا} فإن لم تذروا ما بقي من الرّبا.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: {فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة: {فأذنوا} بقصر الألف من فأذنوا وفتح ذالها، بمعنى وكونوا على علمٍ وإذنٍ،
وقرأه آخرون وهي قراءة عامّة قرّاء الكوفيّين: (فآذنوا) بمدّ الألف من قوله: فأذنوا وكسر ذالها، بمعنى: فآذنوا غيركم، أعلموهم وأخبروهم بأنّكم على حربهم.
وأولى القراءتين بالصّواب في ذلك قراءة من قرأ: {فأذنوا} بقصر ألفها وفتح ذالها، بمعنى: اعلموا ذلك واستيقنوه، وكونوا على إذنٍ من اللّه عزّ وجلّ لكم بذلك،
وإنّما اخترنا ذلك؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ أمر نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينبذ إلى من أقام على شركه الّذي لا يقرّ على المقام عليه،
[جامع البيان: 5/51]
وأن يقتل المرتدّ عن الإسلام منهم بكلّ حالٍ إلاّ أن يراجع الإسلام، أذنه المشركون بأنّهم على حربه أو لم يأذنوه، فإذا كان المأمور بذلك لا يخلو من أحد أمرين، إمّا أن يكون كان مشركًا مقيمًا على شركه الّذي لا يقرّ عليه، أو يكون كان مسلمًا فارتدّ وأذن بحربٍ، فأيّ الأمرين كان، فإنّما نبذ إليه بحربٍ، لا أنّه أمرٌ بالإيذان بها إن عزم على ذلك؛ لأنّ الأمر إن كان إليه فأقام على أكل الرّبا مستحلًّا له، ولم يؤذّن المسلمون بالحرب، لم يلزمهم حربه، وليس ذلك حكمه في واحدةٍ من الحالين، فقد علم أنّه المأذون بالحرب لا الآذن بها. وعلى هذا التّأويل تأوّله أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا} إلى قوله: {فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} فمن كان مقيمًا على الرّبا لا ينزع عنه، فحقّ على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلاّ ضرب عنقه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا ربيعة بن كلثومٍ، قال: حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: يقال يوم القيامة لآكل الرّبا: خذ سلاحك للحرب
[جامع البيان: 5/52]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج، قال: حدّثنا ربيعة بن كلثومٍ، قال: حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} أوعدهم اللّه بالقتل كما تسمعون، فجعلهم بهرجًا أينما ثقفوا
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} قال أوعد اكل الرّبا بالقتل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ قوله: {فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} فاستيقنوا بحربٍ من اللّه ورسوله
وهذه الأخبار كلّها تنبئ عن أنّ قوله: {فأذنوا بحربٍ من اللّه} إيذانٌ من اللّه عزّ وجلّ لهم بالحرب والقتل، لا أمرٌ لهم بإيذان غيرهم بذلك). [جامع البيان: 5/53]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم}
[جامع البيان: 5/53]
يعني جلّ ثناؤه بذلك: إن تبتم فتركتم أكل الرّبا، وأنبتم إلى اللّه عزّ وجلّ، فلكم رءوس أموالكم يعنى من الدّيون الّتي لكم على النّاس دون الزّيادة الّتي أحدثتموها على ذلك ربًا منكم.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم} المال الّذي لهم على ظهور الرّجال جعل لهم رءوس أموالهم حين نزلت هذه الآية، فأمّا الرّبح والفضل فليس لهم، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا منه شيئًا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: وضع اللّه الرّبا، وجعل لهم رءوس أموالهم.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم} قال: ما كان لهم من دينٍ، فجعل لهم أن يأخذوا رءوس أموالهم، ولا يزدادوا عليه شيئًا.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم} الّتي أسلفتم وسقط الرّبا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في خطبته يوم الفتح: ألا إنّ ربا الجاهليّة موضوعٌ كلّه، وأوّل ربًا أبتدئ به ربا العبّاس بن عبد المطّلب.
[جامع البيان: 5/54]
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في خطبته بمنى: إنّ كلّ ربًا موضوعٌ، وأوّل ربًا يوضع ربا العبّاس). [جامع البيان: 5/55]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله: {لا تظلمون ولا تظلمون}
يعني بذلك {لا تظلمون} بأخذكم رءوس أموالكم الّتي كانت لكم قبل الإرباء على غرمائكم منهم دون أرباحها الّتي زدتموها ربًا على من أخذتم ذلك منه من غرمائكم، فتأخذوا منهم ما ليس لكم أخذه، أو لم يكن لكم قبل {ولا تظلمون} يقول: ولا الغريم الّذي يعطيكم ذلك دون الرّبح الّذي كنتم ألزمتموه من أجل الزّيادة في الأجل يبخسكم حقًّا لكم عليه فيمنعكموه؛ لأنّ ما زاد على رءوس أموالكم، لم يكن حقًّا لكم عليه، فيكون بمنعه إيّاكم ذلك ظالمًا لكم
وبنحو الّذي قلنا في ذلك كان ابن عبّاسٍ يقول وغيره من أهل التّأويل.
[جامع البيان: 5/55]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون} فتربون، {ولا تظلمون} فتنقصون.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} قال: لا تنقصون من أموالكم، ولا تأخذون باطلاً لا يحلّ لكم). [جامع البيان: 5/56]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (279)
قوله تعالى: فإن لم تفعلوا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان ثنا الوليد، قال: سألت خليدًا عن قول اللّه آية الرّبا فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله فأخبرني عن قتادة قال: يقول: فإن لم تؤمنوا بتحريم الرّبا، فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أبنا محمّد بن مزاحمٍ، ابنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله قال: كتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى معاذ بن جبلٍ، أن اعرض عليهم هذه الآية فإن فعلوا، فلهم رؤس أموالهم، وإن أبوا، فآذنهم بحربٍ من اللّه ورسوله). [تفسير القرآن العظيم: 1/549]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ، قوله: يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله فمن كان مقيمًا على الرّبا لا ينزع عنه فحقٌّ على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع، وإلا ضرب عنقه.
- حدّثنا أبي، ثنا حجّاج بن منهال، ثنا ربعة بن كلثومٍ، حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: يقال يوم القيامة لآكل الرّبا: خذ سلاحك للحرب. قال فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن بشّارٍ، ثنا عبد الأعلى، ثنا هشام بن حسّان، عن الحسن وابن سيرين، أنّهما قالا: واللّه إنّ هؤلاء الصّيارفة لأكلة الرّبا، وإنّهم قد أذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله، ولو كان على النّاس إمامٌ عادلٌ، لاستتابهم، فإن تابوا، وإلا وضع فيهم السّلاح.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة، قوله: فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله قال:
أوعدهم بالقتل كما تسمعون، وجعلهم بهرجًا أين ما لقوا، فإيّاكم، وما خالط هذه البيوع من الرّبا، فإنّ اللّه قد أوسع الحلال وأطابه، ولا تلجئنّكم إلى معصية اللّه فاقةٌ.
وقال محمّد بن أحمد بن أبي أسلم، ثنا إسحاق بن راهويه، قال قرأت على أبي قرّة في تفسير ابن جريجٍ، عن ابن عبّاسٍ فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله استيقنوا بحربٍ من اللّه ورسوله). [تفسير القرآن العظيم: 1/550]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وإن تبتم
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون الدّولابيّ، ثنا مروان عن جويبرٍ عن الضّحّاك، في قوله: وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم يقول: إن عملتم بالّذي أمرتكم فلكم رؤس أموالكم.
- قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ
[تفسير القرآن العظيم: 2/550]
عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم فقالوا: نتوب إلى اللّه ونذر ما بقي من الربا فتركوه). [تفسير القرآن العظيم: 1/551]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فلكم رؤس أموالكم
- حدّثنا محمّد بن الحسين بن إشكاب، ثنا عبيد اللّه بن موسى عن شيبان، عن شبيب بن غرقدة البارقيّ، عن سليمان بن الأحوص عن أبيه، قال: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حجّة الوداع، فقال: ألا إنّ كلّ ربًا كان في الجاهلية موضوع عنكم كله، لكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. وأوّل ربًا موضوعٍ، ربا العبّاس بن عبد المطّلب، موضوعٌ كلّه.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم المال الّذي لهم على ظهور الرّجال، جعل لهم رؤس أموالهم حين نزلت هذه الآية، وأمّا الرّبح والفضل، فليس لهم، لا ينبغي أن يأخذوا منه شيئًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو طاهرٍ، ثنا ابن وهب، عن ملك وسألته عن قول اللّه: وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قال: إنّما ذلك في أهل الإسلام). [تفسير القرآن العظيم: 1/551]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: لا تظلمون
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون فتربون.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون الدّولابيّ، ثنا مروان عن جويبرٍ، عن الضّحّاك قوله: لا تظلمون قال: تظلمون: لا تأخذوا غير رؤس أموالكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/551]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا تظلمون
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ ولا تظلمون: فتنقصون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/551]
- حدّثنا عليّ بن الحسين بسنده إلى الضّحّاك قوله: لا تظلمون ولا تظلمون قال: لا يظلمكم الّذي لكم عليهم أموالكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/552]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 278 - 279.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} الآية، قال: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف من بني ضمرة وهم بنو عمرو بن عمير فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله {وذروا ما بقي} من فضل كان في الجاهلية {من الربا}.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله} الآية قال: كانت ثقيف قد صالحت النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع فلما كان الفتح استعمل عتاب بن أسيد على مكة وكانت بنو عمرو
[الدر المنثور: 3/373]
بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد فكتب عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} إلى قوله {ولا تظلمون} فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب وقال: إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الضحاك في قوله {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا}
قال: كان ربا يتعاملون به في الجاهلية فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم.
وأخرج آدم، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن مجاهد في قوله {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} قال: كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه.
وأخرج مالك والبيهقي في "سننه" عن زيد بن أسلم قال: كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الحق قال: أتقضي أم تربي فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه وزاده الآخر في الأجل
[الدر المنثور: 3/374]
وأخرج أبو نعيم في المعرفة بسند واه عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} قال: نزلت في نفر من ثقيف منهم مسعود وربيعة وحبيب وعبد ياليل وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي وفي بني المغيرة من قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: نزلت هذه الآية في بني عمرو بن عمير بن عوف الثقفي ومسعود بن عمرو بن عبد ياليل بن عمرو وربيعة بن عمرو وحبيب بن عمير وكلهم أخوة وهم الطالبون والمطلوبون بنو المغيرة من بني مخزوم وكانوا يداينون بني المغيرة في الجاهلية بالربا وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم صالح ثقيفا فطلبوا رباهم إلى بني المغيرة وكان مالا عظيما فقال بنو المغيرة: والله لا نعطي الربا في الإسلام وقد وضعه الله ورسوله عن المسلمين فعرفوا شأنهم معاذ بن جبل ويقال عتاب بن أسيد فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بني ابن عمرو وعمير يطلبون رباهم عند بني المغيرة فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل: أن اعرض عليهم هذه الآية فإن فعلوا فلهم رؤوس أموالهم وإن أبوا فآذنهم بحرب من الله ورسوله.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله !
[الدر المنثور: 3/375]
{فأذنوا بحرب} قال: من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلا ضرب عنقه، وفي قوله {لا تظلمون} فتربون {ولا تظلمون} فتنقصون.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأذنوا بحرب} قال: استيقنوا بحرب.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأذنوا بحرب} قال: أوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل.
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجة، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله، فقال: ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وأول ربا موضوع ربا العباس
[الدر المنثور: 3/376]
وأخرج ابن منده عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في ربيعة بن عمرو وأصحابه {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم} الآية.
وأخرج مسلم والبيهقي، عن جابر بن عبد الله قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في شعب الإيمان، عن علي، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة: آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة ومانع الصدقة والحال والمحلل له.
وأخرج البيهقي عن أم الدرداء قالت: قال موسى بن عمران عليه السلام: يا رب من يسكن غدا في حظيرة القدس ويستظل بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك قال: يا موسى أولئك الذين لا تنظر أعينهم في الزنا ولا يبتغون في أموالهم الربا ولا يأخذون على أحكامهم الرشا طوبى لهم وحسن مآب.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن حبان والبيهقي عن ابن مسعود قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه
[الدر المنثور: 3/377]
وأخرج البخاري وأبو داود عن أبي جحيفة قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ونهى عن ثمن الكلب وكسب البغي ولعن المصورين.
وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان عن ابن مسعود قال آكل الربا وموكله وشاهده وكاتباه إذا علموا والواشمة والمستوشمة للحسن ولاوي الصدقة والمرتد أعرابيا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها، مدمن الخمر وآكل الربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام
[الدر المنثور: 3/378]
وأخرج أحمد والطبراني عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل أن يأتي الرجل أمه وأن أربى الربا استطالة الرجل في عرض عرض الرجل.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تشتري الثمرة حتى تطعم وقال: إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله.
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما ظهر في قوم الزنا
[الدر المنثور: 3/379]
والربا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله.
وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب، واخرج الطبراني عن القاسم بن عبد الواحد الوراق قال: رأيت عبد الله بن أبي أوفى في السوق فقال: يا معشر الصيارفة أبشروا قالوا: بشرك الله بالجنة بم تبشرنا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصيارفة: أبشروا بالنار.
وأخرج أبو داود، وابن ماجة والبيهقي في "سننه" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة والبيهقي عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: صرفت من طلحة بن عبيد الله ورقا بذهب فقال: انظرني حتى يأتينا خازننا من الغابة فسمعها عمر بن الخطاب فقال: لا والله لا
[الدر المنثور: 3/380]
تفارقه حتى تستوفي منه صرفك فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء البر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر ربا إلا هاء وهاء، واخرج عبد بن حميد ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب مثل بمثل يد بيد والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد والتمر بالتمر مثل بمثل يد بيد والبر بالبر مثل بمثل يد بيد والشعير بالشعير مثل بمثل يد بيد والملح بالملح مثل بمثل يد بيد من زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي سواء.
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا غائبا بناجز.
وأخرج الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجة والبيهقي
[الدر المنثور: 3/381]
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم من زاد أو ازداد فقد أربى، واخرج مالك ومسلم والبيهقي عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين.
وأخرج مالك ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدينار بالدينار لا فضل بينهما والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما.
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم وزن بوزن لا فضل بينهما ولا يباع عاجل بآجل
[الدر المنثور: 3/382]
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي المنهال قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال: ما كان منه يدا بيد فلا بأس وما كان منه نسيئة فلا.

وأخرج مالك والشافعي وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجة والبيهقي عن سعد بن وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اشتراء الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا يبس قالوا: نعم فنهى عن ذلك، واخرج البزار عن أبي بكر الصديق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل الزائد والمستزيد في النار.
وأخرج البزار عن أبي بكرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الصرف قبل موته بشهرين). [الدر المنثور: 3/383] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن أيوب عن ابن سيرين في قوله تعالى فنظرة إلى ميسرة قال خاصم رجل إلى شريح في دين يطلبه فقال آخر يعذر صاحبه أنه معسر وقد قال الله عز و جل وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فقال شريح هذه كانت في الربا وإنما كان الربا في الأنصار وإن الله تعالى يقول أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمت بين الناس أن تحكموا بالعدل
[تفسير عبد الرزاق: 1/111]
ولا والله لا يأمر الله بأمر ثم نخالفه احبسوه إلى جنب هذه السارية حتى يوفيه). [تفسير عبد الرزاق: 1/112]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا الثوري عن مغيرة عن إبراهيم في قوله تعالى وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون قال برأس المال). [تفسير عبد الرزاق: 1/112]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مغيرة قال: حدّثني (......)، عن الرّبيع بن خثيم، أنّه كان له على رجلٍ دينٌ، فيقول: أثمّ فلانٌ، إن كنت موسرًا فأدّه، وإن كنت معسرًا فإلى ميسرةٍ. فقلت ذلك لإبراهيم، فقال: إنّما ذلك في الرّبا.
[سنن سعيد بن منصور: 3/984]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا يونس، وهشامٌ، عن ابن سيرين، أنّ رجلين اختصما إلى شريح في حقٍّ كان لأحدهما قبل الآخر، فقضى عليه شريحٌ، وأمر بحبسه، فقال رجلٌ عنده: إنّه معسرٌ، واللّه - عزّ وجلّ - يقول في كتابه: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ}، قال: ذلك في الرّبا، واللّه يقول: {إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها}.
[سنن سعيد بن منصور: 3/985]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ - رضي اللّه عنهما - في قوله عزّ وجلّ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} -، قال: ذلك في الربا). [سنن سعيد بن منصور: 3/986]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ، وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة: 280]
[صحيح البخاري: 6/32]
- وقال لنا محمّد بن يوسف: عن سفيان، عن منصورٍ، والأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة، قالت: «لمّا أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة، قام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقرأهنّ علينا، ثمّ حرّم التّجارة في الخمر»). [صحيح البخاري: 6/32]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ الآية)
كذا لأبي ذرٍّ وساق غيره بقيّة الآية وهي خبرٌ بمعنى
[فتح الباري: 8/204]
الأمر أي إن كان الّذي عليه دين الرّبا معسرًا فأنظروه إلى ميسرته
- قوله وقال محمّد بن يوسف كذا لأبي ذرٍّ ولغيره وقال لنا محمّد بن يوسف وهو الفريابيّ وسفيان هو الثّوريّ وقد روّيناه موصولًا في تفسير الفريابيّ بهذا الإسناد). [فتح الباري: 8/205]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله 52 باب {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}
- وقال محمّد بن يوسف عن سفيان عن منصور عن الأعمش عن أبي الضّحى عن مسروق عن عائشة قالت لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قام رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأهن علينا ثمّ حرم التّجارة في الخمر انتهى
هكذا رويناه في تفسير محمّد بن يوسف الفريابيّ وسبق الإسناد إليه). [تغليق التعليق: 4/187]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} الآية (البقرة: 280)
هذا المقدار وقع في رواية أبي ذر وغيره، ساق الآية كلها أي: وإن كان الّذي عليه دين الرّبا معسرا فنظرة أي: فالحكم أو الأمر نظرة. أي: انتظار إلى ميسرة. أي: يسار، وذكر الواحدي أن بني عمرو قالوا لبني المغيرة: هاتوا رؤوس أموالنا فقالت بنو المغيرة: نحن اليوم أهل عسرة. فأخرونا إلى أن تدرك الثّمرة فأبوا أن يؤخروا. فنزلت وزعم ابن عبّاس وشريح. أن الأنظار في دين الرّبا خاصّة واجب، ويقال: هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهليّة من بيع من أعسر فيما عليه من الدّيون، وإن كان حرا، وقد قيل: إنّه كان يباع فيه في أول الإسلام ثمّ نسخ، وذهب اللّيث بن سعد إلى أنه يؤجر ويقضى دينه من أجرته وهو قول الزّهريّ وعمر بن عبد العزيز ورواية عن أحمد، وقال الإسماعيليّ: لا وجه لدخول هذه الآية في هذا الباب، وأجيب: بأن هذه الآية متعلقة بآيات الرّبا فلذلك ذكرها معها.
وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون
أي: وأن تتصدقوا برؤوس أموالكم على من أعسر غرمائكم خير لكم لا كما كان أهل الجاهليّة. يقول أحدهم لمدينة إذا دخل عليه الدّين: إمّا أن تقتضي وإمّا أن تربي.
- وقال لنا محمّد بن يوسف عن سفيان عن منصورٍ والأعمش عن أبي الضّحى عن مسروقٍ عن عائشة قالت لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأهنّ علينا ثمّ حرّم التّجارة في الخمر.
هذا طريق آخر في الحديث المذكور، وهو معلّق قوله: قال محمّد بن يوسف هكذا رواية أبي ذر وفي رواية غيره قال لنا محمّد بن يوسف هو الفريابيّ هو الثّوريّ، والبقية ذكروا عن قريب). [عمدة القاري: 18/132]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة: 280]
({وإن كان}) ولأبي ذر باب بالتنوين وإن كان أي وإن حدث غريم ({ذو عسرة}) فكان تامة تكتفي بفاعلها ({فنظرة}) الفاء جواب الشرط ونظرة خبر مبتدأ محذوف أي فالحكم نظرة أو مبتدأ حذف خبره أي فعليكم نظرة ({إلى ميسرة}) أي إلى يسار لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حلّ عليه الدين إما تقضي وإما أن تربي ثم ندب إلى الوضع عنه ووعد عليه الثواب الجزيل بقوله: ({وأن تصدقوا}) بالإبراء ({خير لكم}) أكثر ثوابًا من الإنظار ({إن كنتم تعلمون}) [البقرة: 280]. ما في ذلك من الثواب وسقط لأبي ذر {وأن تصدقوا} إلى آخره وقال بعد {ميسرة} الآية.
- وقال لنا محمّد بن يوسف، عن سفيان عن منصورٍ والأعمش عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ عن عائشة قالت: لمّا أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأهنّ علينا ثمّ حرّم التّجارة في الخمر.
(وقال لنا) سقط لنا لأبي ذر (محمد بن يوسف) الفريابي مذاكرة مما هو موصول في تفسيره (عن سفيان) هو الثوري (عن منصور) هو ابن المعتمر (والأعمش) سليمان كلاهما (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها (قالت: لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قام رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم) في المسجد (فقرأهن علينا ثم حرّم التجارة في الخمر).
واقتضى صنيع المؤلّف في هذه التراجم أن المراد بالآيات آيات الربا كلها إلى آية الدين). [إرشاد الساري: 7/47]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}
يعني جلّ ثناؤه بذلك: وإن كان ممّن تقبضون منه من غرمائكم رءوس أموالكم ذو عسرةٍ، يعني معسرًا برءوس أموالكم الّتي كانت لكم عليهم قبل الإرباء، فأنظروهم إلى ميسرتهم،
وقوله: {ذو عسرةٍ} مرفوعٌ بكان، فالخبر متروكٌ، وهو ما ذكرنا، وإنّما صلح ترك خبرها من أجل أنّ النّكرات تضمر لها العرب أخبارها، ولو وجّهت كان في هذا الموضع إلى أنّها بمعنى الفعل المكتفي بنفسه التّامّ، لكان وجهًا صحيحًا، ولم يكن بها حاجةٌ حينئذٍ إلى خبرٍ، فيكون تأويل الكلام عند ذلك: وإن وجد ذو عسرةٍ من غرمائكم برءوس أموالكم، فنظرةٌ إلى ميسرةٍ.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة أبيّ بن كعبٍ: وإن كان ذا عسرةٍ بمعنى: وإن كان الغريم ذا عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ، وذلك وإن كان في العربيّة جائزًا فغير جائزةٍ القراءة به عندنا لخلافه خطوط مصاحف المسلمين.
[جامع البيان: 5/56]
وأمّا قوله: {فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} فإنّه يعني: فعليكم أن تنظروه إلى ميسرةٍ، كما قال: {فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه ففديةٌ من صيامٍ} وقد ذكرنا وجه رفع ما كان من نظائرها فيما مضى قبل، فأغنى عن تكريره،
والميسرة: المفعلة من اليسر، مثل المرحمة والمشأمة.
ومعنى الكلام: وإن كان من غرمائكم ذو عسرةٍ، فعليكم أن تنظروه حتّى يوسر بما ليس لكم، فيصير من أهل اليسر به
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني واصل بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: نزلت في الرّبا.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا هشامٌ، عن ابن سيرين، أنّ رجلاً، خاصم رجلاً إلى شريحٍ قال: فقضى عليه، وأمر بحبسه، قال: فقال رجلٌ عند شريحٍ: إنّه معسرٌ، واللّه يقول في كتابه: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: فقال شريحٌ: إنّما ذلك في الرّبا، وإنّ اللّه قال في كتابه: {إنّ اللّه يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل} ولا يأمرنا اللّه بشيءٍ ثمّ يعذّبنا عليه.
[جامع البيان: 5/57]
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: ذلك في الرّبا.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن الحسن: أنّ الرّبيع بن خثيمٍ، كان له على رجلٍ حقٌّ، فكان يأتيه ويقوم على بابه ويقول:اثم فلان فلانٌ إن كنت موسرًا فأدّ، وإن كنت معسرًا فإلى ميسرةٍ.
- حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أيّوب، عن محمّدٍ، قال: جاء رجلٌ إلى شريحٍ، فكلّمه، فجعل يقول: إنّه معسرٌ، إنّه معسرٌ، قال: فظننت أنّه يكلّمه في محبوسٍ، فقال شريحٌ: إنّ الرّبا كان في هذا الحيّ من الأنصار، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} وقال اللّه عزّ وجلّ: {إنّ اللّه يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها} فما كان اللّه عزّ وجلّ يأمرنا بأمرٍ ثمّ يعذّبنا عليه، أدّوا الأمانات إلى أهلها.
[جامع البيان: 5/58]
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيدٍ، عن قتادة، في قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: فنظرةٌ إلى ميسرةٍ برأس ماله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} إنّما أمر في الرّبا أن ينظر المعسر، وليست النّظرة في الأمانة، ولكن تؤدّي الأمانة إلى أهلها.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ} برأس المال، {إلى ميسرةٍ} يقول: إلى غنًى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} هذا في شأن الرّبا.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضّحّاك، في قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} هذا في شأن الرّبا، وكان أهل الجاهليّة بها يتبايعون، فلمّا أسلم من أسلم منهم، أمروا أن يأخذوا رءوس أموالهم.
[جامع البيان: 5/59]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} يعني المطلوب.
- حدّثني ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ، في قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: الموت
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن جابرٍ، عن محمّد بن عليٍّ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: هذا في الرّبا.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، في الرّجل يتزوّج إلى الميسرة، قال: إلى الموت أو إلى فرقةٍ.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم: {فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: ذلك في الرّبا.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا مندلٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: يؤخّره ولا يزد عليه، وكان إذا حلّ دين أحدهم فلم يجد ما يعطيه زاد عليه وأخّره.
[جامع البيان: 5/60]
- وحدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا مندلٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: يؤخّره ولا يزد عليه
- وقال آخرون: هذه الآية عامّةٌ في كلّ من كان له قبل رجلٍ معسرٍ حقٌّ من أي وجهةٍ كان ذلك الحقّ من دينٍ حلالٍ أو ربًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٍ، عن ابن جريجٍ، قال: قال لي عطاء: ذلك في الربا والدّين، في كل ذلك.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قال: من كان ذا عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ، وأن تصدّقوا خيرٌ لكم؛ قال: وكذلك كلّ دينٍ على مسلمٍ، فلا يحلّ لمسلمٍ له دينٌ على أخيه يعلم منه عسرةً أن يسجنه ولا يطلبه حتّى ييسّره اللّه عليه، وإنّما جعل النّظرة في الحلال فمن أجل ذلك كانت الدّيون على ذلك.
- حدّثني عليّ بن حربٍ، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} قال: نزلت في الدّين
[جامع البيان: 5/61]
والصّواب من القول في قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} أنّه معنيّ به غرماء الّذين كانوا أسلموا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولهم عليهم ديونٌ قد أربوا فيها في الجاهليّة، فأدركهم الإسلام قبل أن يقبضوها منهم، فأمر اللّه بوضع ما بقي من الرّبا بعد ما أسلموا، وقتضاء رءوس أموالهم، ممّن كان منهم من غرمائهم موسرًا، وإنظار من كان منهم معسرًا برءوس أموالهم إلى ميسرتهم، فذلك حكم كلّ من أسلم وله ربًا قد أربى على غريمٍ له، فإنّ الإسلام يبطل عن غريمه ما كان له عليه من قبل الرّبا، ويلزمه أداء رأس ماله الّذي كان أخذ منه، أو لزمه من قبل الإرباء إليه إن كان موسرًا، وإن كان معسرًا كان منظرًا برأس مال صاحبه إلى ميسرته، وكان الفضل على رأس المال مبطلاً عنه، غير أنّ الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا وإيّاهم عنى بها، فإنّ الحكم الّذي حكم اللّه به من إنظاره المعسر برأس مال المربي بعد بطول الرّبا عنه حكمٌ واجبٌ لكلّ من كان عليه دينٌ لرجلٍ قد حلّ عليه، وهو بقضائه معسرٌ في أنّه منظرٌ إلى ميسرته، لأنّ دين كلّ ذي دينٍ في مال غريمه وعلى غريمه قضاؤه منه لا في رقبته، فإذا عدم ماله، فلا سبيل له على رقبته بحبسٍ ولا بيعٍ، وذلك أنّ مال ربّ الدّين لن يخلو من أحد وجوهٍ ثلاثةٍ: إمّا أن يكون في رقبة غريمه، أو في ذمّته يقضيه من ماله، أو في مالٍ له بعينه؛ فإن يكن في مالٍ له بعينه، فمتى بطل ذلك المال وعدم، فقد بطل دين ربّ المال، وذلك ما لا يقوله أحدٌ ويكون في رقبته، فإن يكن كذلك فمتى عدمت نفسه، فقد بطل دين ربّ الدّين، وإن خلف الغريم وفاءً بحقّه وأضعاف ذلك
[جامع البيان: 5/62]
، وذلك أيضًا لا يقوله أحدٌ، فقد تبيّن إذ كان ذلك كذلك أنّ دين ربّ المال في ذمّة غريمه يقضيه من ماله، فإذا عدم ماله فلا سبيل له على رقبته؛ لأنّه قد عدم ما كان عليه أن يؤدّي منه حقّ صاحبه لو كان موجودًا، وإذا لم يكن على رقبته سبيلٌ لم يكن إلى حبسه معدوم بحقّه وهو معدومٌ سبيلٌ؛ لأنّه غير مانعه حقًّا له إلى قضائه سبيلٌ، فيعاقب بظلمه إيّاه بالحبس). [جامع البيان: 5/63]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}
يعني جلّ وعزّ بذلك: وأن تتصدّقوا برءوس أموالكم على هذا المعسر خيرٌ لكم أيّها القوم من أن تنظروه إلى ميسرته لتقبضوا رءوس أموالكم منه إذا أيسر، {إن كنتم تعلمون} موضع الفضل في الصّدقة، وما أوجب اللّه من الثّواب لمن وضع عن غريمه المعسر دينه.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: وأن تصدّقوا برءوس أموالكم على الغنيّ والفقير منهم خيرٌ لكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم} والمال الّذي لهم على ظهور الرّجال جعل لهم رءوس أموالهم حين نزلت هذه الآية؛ فأمّا الرّبح والفضل فليس لهم، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا منه شيئًا {وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} يقول وإن تصدّقوا بأصل المال، خيرٌ لكم.
[جامع البيان: 5/63]
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيدٍ، عن قتادة: {وأن تصدّقوا} أي برأس المال فهو خيرٌ لكم.
- وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم: {وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} قال: من رءوس أموالكم
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم بمثله.
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم: {وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} قال: برءوس الأموال
- وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم: { وأن تصدّقوا خيرٌ لّكم }. قال: أن تصدقوا برءوس أموالكم.
وقال آخرون: معنى ذلك: وأن تصدّقوا به على المعسر خيرٌ لكم؛ نحو ما قلنا في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} قال: وأن تصدّقوا برءوس أموالكم على الفقير فهو خيرٌ لكم، فتصدّق به العبّاس.
[جامع البيان: 5/64]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} يقول: وإن تصدّقت عليه برأس مالك فهو خيرٌ لك.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، في قوله: {وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} يعني على المعسر، فأمّا الموسر فلا، ولكن يؤخذ منه رأس المال، والمعسر الأخذ منه حلالٌ والصّدقة عليه أفضل.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: وأن تصدّقوا من برءوس أموالكم خيرٌ لكم من نظرةٍ إلى ميسرةٍ، فاختار اللّه عزّ وجلّ الصّدقة على النّظارة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ، وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} قال: من النّظرة {إن كنتم تعلمون}.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك: {فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم} والنّظرة واجبةٌ، وخيّر اللّه عزّ وجلّ الصّدقة على النّظرة، والصّدقة لكلّ معسرٍ؛ فأمّا الموسر فلا
[جامع البيان: 5/65]
وأولى التّأويلين بالصّواب، تأويل من قال معناه: وأن تصدّقوا على المعسر برءوس أموالكم خيرٌ لكم؛ لأنّه يلي ذكر حكمه في المعسر المعنيين، وإلحاقه بالّذي يليه أولى من إلحاقه بالّذي بعد منه.
وقد قيل: إنّ هذه الآيات في أحكام الرّبا هنّ آخر آياتٍ نزلت من القرآن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، وحدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب: أنّ عمر بن الخطّاب، قال: كان آخر ما نزل من القرآن آية الرّبا، وإنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبض قبل أن يفسّرها، فدعوا الرّبا والرّيبة.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، أنّ عمر، رضي اللّه عنه قام فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: أمّا بعد: فإنّه واللّه ما أدري، لعلّنا نأمركم بأمرٍ اموار يصلح لكم، وما أدري لعلّنا ننهاكم عن أمرٍ يصلح لكم؛ وإنّه كان من آخر آيات القرآن تنزيلاً آيات الرّبا، فتوفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن يبيّنه لنا، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم.
[جامع البيان: 5/66]
- حدّثني أبو زيدٍ عمر بن شبّة، قال: حدّثنا قبيصة، قال: حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن عاصمٍ، عن الأحول، عن الشّعبيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: آخر ما أنزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آية الرّبا، وإنّا لنأمر بالشّيء لا ندري لعلّ به بأسًا، وننهى عن الشّيء لعلّه ليس به بأسٌ). [جامع البيان: 5/67]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (280)
قوله تعالى: وإن كان ذو عسرةٍ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ وإن كان ذو عسرةٍ يعني: المطلوب.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يونس بن بكيرٍ، ابنا محمّد بن إسحاق، أخبرني من لا أتّهم عن أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز، أنّهما قالا جميعًا:
من لم يكن له إلا مسكنٌ (فهو واللّه) معسرٌ، ممّن أمر اللّه بإنظاره، فإن كان له فضلٌ من. (... ) وإلا فلينظره إلى أن يرزقه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/552]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فنظرة إلى ميسرة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ قال: نزلت في الرّبا
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثنا أبي حدّثني عمّي، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ إنّما أمر في الرّبا، أن ينظر المعسر، وليست النّظرة في الأمانة، ولكن تؤدّى الأمانات إلى أهلها.
وروي عن شريحٍ وإبراهيم وابن عبيد بن عميرٍ، أنّهم قالوا: نزلت في الرّبا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ، قوله:
وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ قال: يؤخّره ولا يزد عليه بشيءٍ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أبنا هشام بن يوسف، عن ابن جريجٍ، قال عطاءٌ: فنظرةٌ إلى ميسرةٍ في الرّبا والدّين). [تفسير القرآن العظيم: 1/552]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إلى ميسرة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يونس بن بكير، ابنا محمّد بن إسحاق أخبرني من لا أتّهم، عن أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز أنّهما قالا في قوله:
فنظرةٌ إلى ميسرةٍ قالا: فلينظره إلى أن يرزقه اللّه.
والوجه الثاني:
- حدثنا أبي، نثا مقاتل بن محمّدٍ، ثنا وكيعٍ، عن إسرائيل، عن جابرٍ عن أبي جعفرٍ: وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ قال: الموت.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ إلى ميسرةٍ يقول: إلى غنًى). [تفسير القرآن العظيم: 1/553]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، قال سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم وأن تصدّقوا خيرٌ لكم قال: برأس المال. وروي عن قتادة والسّدّيّ والرّبيع ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: وأن تصدّقوا خيرٌ لكم يعني:
من تصدّق بدينٍ له على معدمٍ، فهو أعظم لأجره). [تفسير القرآن العظيم: 1/553]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: وأن تصدّقوا خيرٌ لكم فهو أعظم لأجره، ومن لم يتصدّق عليه لم يأثم، ومن حبس معسرًا في السّجن، فهو آثمٌ، لقوله: فنظرةٌ إلى ميسرةٍ ومن كان عنده ما يستطيع أن يؤدّي عن دينه فلم يفعل، كتب ظالمًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/553]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن المغيرة عن إبراهيم قال نا عن شريح في قوله وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة قال هذا في الدين). [تفسير مجاهد: 118]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا أحمد الأخنسيّ، ثنا محمّد بن فضيلٍ، ثنا الكلبيّ عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {إعصارٌ فيه نارٌ}، (فقال): الإعصار، الرّيح الشديد.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/461]
- وبه في قوله تعالى: {كصيّبٍ من السّماء} قال: الصّيّب: المطر.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/462]
- وبه إلى ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله (تعالى): {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ}.
قال: يعرفون يوم القيامة بذلك، (لا) يستطيعون القيام إلّا كما يقوم المتخبّط المنخنق ذلك بأنّهم قالوا: {إنّما البيع مثل الرّبا} وكذبوا على اللّه (عز وجل) {وأحل اللّه البيع وحرّم الرّبا} إلى قوله: فمن عاد فأكل الرّبا، {فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (81)} وقوله عز وجل: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا} الآية.
قال: فبلغنا واللّه أنّ هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوفٍ من ثقيفٍ وبني المغيرة من بني مخزومٍ، (وكان) (بنو) المغيرة يربون لثقيفٍ، فلمّا أظهر اللّه تعالى رسوله (صلّى اللّه عليه وسلّم) على مكّة،
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/463]
ووضع يومئذٍ الرّبا كلّه وكان أهل الطّائف قد صالحوا على أنّ لهم رباهم، وما كان عليهم من ربًا فهو موضوعٌ، وكتب (رسول) اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر صحيفتهم، أنّ لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، أن لا يأكلوا الرّبا ولا يؤكلوه فأتى بنو عمرو بن عميرٍ بني المغيرة إلى عتّاب بن أسيدٍ رضي الله عنه، وهو على مكّة، (فقال) بنو المغيرة ما جعلنا (أشقى) النّاس بالرّبا؟ وضع عن النّاس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عميرٍ: صولحنا على أنّ لنا (ربانا) فكتب عتّاب بن أسيدٍ رضي الله عنه ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنزلت هذه الآية: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله [فعرف بنو عمرٍو الإيذان لهم بحربٍ من اللّه ورسوله يقول:] وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم، (لا تظلمون ولا تظلمون): لا تظلمون فتأخذون أكثر، ولا تظلمون (فتبخسون) منه، {وإن كان ذو عسرةٍ} أن تذروه خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون {فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصّدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (280) واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ} الآية، فذكروا أنّ هذه الآية نزلت من النّساء نزلت آخر القرآن). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/464] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} قال: نزلت في الربا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {وإن كان ذو عسرة فنظرة} قال: انما أمر في الربا أن ينظر المعسر وليست النظرة في الأمانة ولكن تؤدى الأمانة إلى أهلها.
وأخرج ابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} هذا في شأن الربا {وأن تصدقوا} بها للمعسر فتتركوها له.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد والنحاس في ناسخه، وابن جرير عن ابن سيرين أن رجلين اختصما إلى شريح في حق فقضى عليه شريح وأمر بحبسه فقال رجل عنده: إنه معسر والله تعالى يقول {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} قال: إنما ذلك في الربا إن الربا كان في هذا الحي من الأنصار فأنزل الله {وإن كان ذو عسرة فنظرة
[الدر المنثور: 3/384]
إلى ميسرة} وقال (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) (النساء الآية 58).
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {وإن كان ذو عسرة} يعني المطلوب.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وإن كان ذو عسرة فنظرة} برأس المال إلى ميسرة يقول: إلى غنى {وأن تصدقوا} برؤوس أموالكم على الفقير {فهو خير لكم} فتصدق به العباس.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الضحاك في الآية قال: من كان ذا عسرة فنظرة إلى ميسرة وكذلك كل دين على المسلم فلا يحل لمسلم له دين على أخيه يعلم منه عسرة أن يسجنه ولا يطلبه حتى ييسره الله عليه {وأن تصدقوا} برؤوس أموالكم يعني على المعسر {خير لكم} من نظرة إلى ميسرة فاختار الله الصدقة على النظارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وأن تصدقوا خير لكم} يعني من تصدق بدين له على معدم فهو أعظم لأجره ومن لم يتصدق عليه لم يأثم ومن حبس معسرا في السجن فهو آثم لقوله {فنظرة إلى ميسرة}
[الدر المنثور: 3/385]
ومن كان عنده ما يستطيع أن يؤدي عن دينه فلم يفعل كتب ظالما.
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد في مسنده ومسلم، وابن ماجة عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، واخرج أحمد والبخاري ومسلم عن حذيفة أن رجلا أتى به الله عز وجل فقال: ماذا عملت في الدنيا فقال له الرجل: ما عملت مثقال ذرة من خير، فقال له ثلاثا وقال في الثالثة إني كنت أعطيتني فضلا من المال في الدنيا فكنت أبايع الناس فكنت أيسرعلى الموسر وأنظر المعسر، فقال تبارك وتعالى أنا أولى بذلك منك تجاوزا عن عبدي فغفر له.
وأخرج أحمد عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له على رجل حق فأخره كان له بكل يوم صدقة.
وأخرج أحمد، وابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف
[الدر المنثور: 3/386]
كربته فليفرج عن معسر.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته.
وأخرج أحمد، وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا كان له بكل يوم مثله صدقة قال: ثم سمعته يقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة، فقلت: يا رسول الله إني سمعتك تقول: فله بكل يوم مثله صدقة، وقلت الآن: فله بكل يوم مثليه صدقة، فقال: إنه ما لم يحل الدين فله بكل يوم مثله صدقة وإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب والطستي في الترغيب، وابن لال في مكارم الأخلاق عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يسمع الله دعوته ويفرج كربته في الآخرة فلينظر معسرا أو ليدع له ومن سره أن يظله الله من فور جهنم يوم القيامة ويجعله في ظله فلا يكونن على
[الدر المنثور: 3/387]
المؤمنين غليظا وليكن بهم رحيما.
وأخرج مسلم عن أبي قتادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه.
وأخرج أحمد والدرامي والبيهقي في الشعب عن أبي قتادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة.
وأخرج الترمذي وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أظل الله عبدا في ظله يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرا أو ترك لغارم.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن شداد بن أوس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
[الدر المنثور: 3/388]
يقول: من أنظر معسرا أو تصدق عليه أظله الله في ظله يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي قتادة وجابر بن عبد الله، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة وأن يظله تحت عرشه فلينظر معسرا.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أنظر معسرا أظله الله في ظله يوم القيامة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا أو يسر عليه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم القيامة.
وأخرج الطبراني عن أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه
[الدر المنثور: 3/389]
وأخرج الطبراني عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أول الناس يستظل في ظل الله يوم القيامة لرجل أنظر معسرا حتى يجد شيئا أو تصدق عليه بما يطلبه يقول: ما لي عليك صدقة ابتغاء وجه الله ويخرق صحيفته.
وأخرج أحمد، وابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسرا أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس وكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه
[الدر المنثور: 3/390]
وأخرج مسلم والترمذي عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسرا وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال الله: نحن أحق بذلك تجاوزا عنه). [الدر المنثور: 3/391]

تفسير قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الكلبيّ عن أبي صالحٍ عن ابن عباس قال: آخر شيء نزل من القرآن: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} [الآية: 281]). [تفسير الثوري: 73]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب أنّ سعيد بن جبيرٍ ردّد هذه الآية: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} بضعًا وعشرين مرّةً). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 407]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} [البقرة: 281]

[صحيح البخاري: 6/32]
- حدّثنا قبيصة بن عقبة، حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن الشّعبيّ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال «آخر آيةٍ نزلت على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم آية الرّبا»). [صحيح البخاري: 6/33]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله)
قرأ الجمهور بضمّ التّاء من ترجعون مبنيًّا للمجهول وقرأ أبو عمرٍو وحده بفتحها مبنيًّا للفاعل
- قوله سفيان هو الثّوريّ وعاصمٌ هو بن سليمان الأحول قوله عن بن عبّاسٍ كذا قال عاصمٌ عن الشّعبيّ وخالفه داود بن أبي هندٍ عن الشّعبيّ فقال عن عمر أخرجه الطّبريّ بلفظ كان من آخر ما نزل من القرآن آيات الرّبا وهو منقطعٌ فإنّ الشّعبيّ لم يلق عمر قوله آخر آيةٍ نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم آية الرّبا كذا ترجم المصنّف بقوله واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله وأخرج هذا الحديث بهذا اللّفظ ولعلّه أراد أن يجمع بين قولي بن عبّاسٍ فإنّه جاء عنه ذلك من هذا الوجه وجاء عنه من وجهٍ آخر آخر آيةٍ نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه وأخرجه الطّبريّ من طرقٍ عنه وكذا أخرجه من طرقٍ جماعةٌ من التّابعين وزاد عن بن جريجٍ قال يقولون إنّه مكث بعدها تسع ليالٍ ونحوه لابن أبي حاتمٍ عن سعيد بن جبيرٍ وروي عن غيره أقلّ من ذلك وأكثر فقيل إحدى وعشرين وقيل سبعًا وطريق الجمع بين هذين القولين أنّ هذه الآية هي ختام الآيات المنزلة في الرّبا اذهى معطوفةٌ عليهنّ وأمّا ما سيأتي في آخر سورة النّساء من حديث البراء آخر سورةٍ نزلت براءةٌ وآخر آيةٍ نزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة فيجمع بينه وبين قول بن عبّاسٍ بأنّ الآيتين نزلتا جميعًا فيصدق أنّ كلًّا منهما آخرٌ بالنّسبة لما عداهما ويحتمل أن تكون الآخريّة في آية النّساء مقيّدةٌ بما يتعلّق بالمواريث مثلًا بخلاف آية البقرة ويحتمل عكسه والأوّل أرجح لما في آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النّزول وحكى بن عبد السّلام أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم عاش بعد نزول الآية المذكورة أحدا وعشرين يومًا وقيل سبعًا وأمّا ما ورد في إذا جاء نصر الله والفتح أنّها آخر سورةٍ نزلت فسأذكر ما يتعلّق به في تفسيرها إن شاء اللّه تعالى واللّه أعلم تنبيهٌ المراد بالآخريّة في الرّبا تأخّر نزول الآيات المتعلّقة به من سورة البقرة وأمّا حكم تحريم الرّبا فنزوله سابقٌ لذلك بمدّةٍ طويلةٍ على ما يدلّ عليه قوله تعالى في آل عمران في أثناء قصّة أحدٍ يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا الرّبا أضعافا مضاعفة الآية). [فتح الباري: 8/205]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ: {واتّقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} (البقرة: 281)
أي: هذا باب فيه قوله تعالى: (واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله) قرئ: ترجعون، على البناء للفاعل والمفعول وقرئ: يرجعون بالياء على طريقة الالتفات، وقرأ عبد الله تردون وقرأ أبي تصيرون، والجمهور على أن المراد من اليوم المحذر منه هو يوم القيامة، وقال بعضهم يوم الموت.
- حدّثنا قبيصة بن عقبة حدّثنا سفيان عن عاصم عن الشّعبيّ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال آخر آيةٍ نزلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم آية الرّبا.
قيل: لا مطابقة بين التّرجمة والحديث على ما لا يخفى، وأجيب بأنّه روي عن ابن عبّاس أيضا من وجه آخر: أن آخر آية نزلت على النّبي صلى الله عليه وسلم: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} أخرجه الطّبريّ من طرق عنه، ولعلّه أراد أن يجمع بين قولي ابن عبّاس. قلت: يعني بالإشارة فافهم.
وسفيان هو الثّوريّ، وعاصم هو ابن سليمان الأحول والشعبيّ هو عامر بن شراحيل.
قوله عن ابن عبّاس، كذا قال عاصم عن الشّعبيّ، وخالفه داود بن أبي هند عن الشّعبيّ. قال: عن عمر أخرجه الطّبريّ بلفظ كان من آخر ما نزل من القرآن آيات الرّبا، وهو منقطع لأن الشّعبيّ لم يلق عمر، رضي الله تعالى عنه. قوله: (آخر آية نزلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم آية الرّبا) وفي (تفسير عبد بن حميد) عن الضّحّاك آخر آية نزلت {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} في رواية أبي صالح عنه: نزلت بمكّة وتوفّي النّبي صلى الله عليه وسلم، بعدها بأحد وثمانين يومًا وقيل: نزلت يوم النّحر بمنى في حجّة الوداع، وفي (تفسير ابن أبي حاتم) من حديث ابن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير. قال: عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية الكريمة تسع ليال، وعند مقاتل: سبع ليال، وهي آخر آية نزلت، وعند القرطبيّ: ثلاث
[عمدة القاري: 18/132]
ليال، وقيل: ثلاث ساعات، وقال صلى الله عليه وسلم: اجعلوها بين آية الرّبا وآية الدّين، وقيل: أنه صلى الله عليه وسلم، عاش بعدها أحد وعشرين يومًا. فإن قلت: ما التّوفيق بين قولي ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، المذكورين؟ قلت: طريق الجمع بينهما أن هذه الآية هي ختام الآيات المنزلة في الرّبا لأنّها معطوفة عليها فتدخل في حكمها. فإن قلت: روى عن البراءان آخر آية نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} (النّساء: 176) على ما سيأتي في آخر سورة النّساء، فما الجمع بينهما؟ قلت: قيل بأن الآيتين نزلتا جميعًا فيصدق أن كلاًّ منهما آخر بالنّسبة لما عداهما. وفيه تأمل. قلت: إن الآخرية أمر نسبي كالأولية فلا يخفى صدق الآخرية على شيء بالنّسبة إلى ما قبله. وكذا يجاب عمّا قال أبي بن كعب، رضي الله تعالى عنه، آخر آية نزلت {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} (التّوبة: 128) ). [عمدة القاري: 18/133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} [البقرة: 281]
هذا (باب) بالتنوين ({واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}) [البقرة: 281] هو يوم القيامة أو يوم الموت وثبت الباب لأبي ذر.
- حدّثنا قبيصة بن عقبة، حدّثنا سفيان عن عاصمٍ، عن الشّعبيّ عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: آخر آيةٍ نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم آية الرّبا.
وبه قال: (حدّثنا قبيصة بن عقبة) السوائي الكوني قال: (حدّثنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: آخر آية نزلت على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم {واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}) قيل: فلعل المؤلّف أراد أن يجمع بين قولي ابن عباس. قال العيني يعني بالإشارة، وعن ابن جبير أنه عاش بعدها صلّى اللّه عليه وسلّم تسع ليال، وقيل غير ذلك، ونبه في الفتح على أن الآخرية في الربا تأخر نزول الآيات المتعلقة به من سورة البقرة، وأما حكم تحريمه فسابق على ذلك بمدة طويلة على ما يدل عليه قوله عز وجل في سورة آل عمران في قصة أحد {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا} [آل عمران: 130] ويأتي إن شاء الله تعالى أن آخر آية نزلت {يستفتونك} [النساء: 176] في آخر سورة النساء وما في ذلك من المباحث بعون الله وقوته). [إرشاد الساري: 7/47]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}
- أخبرنا الحسين بن حريثٍ، أخبرنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقدٍ، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: " آخر شيءٍ نزل من القرآن: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: 281]
[السنن الكبرى للنسائي: 10/39]
- أخبرنا محمّد بن عقيلٍ، أخبرنا عليّ بن الحسين، حدّثني أبي، حدّثني يزيد، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله، ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون} [البقرة: 281] إنّها آخر آيةٍ أنزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم). [السنن الكبرى للنسائي: 10/40]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون}
وقيل: هذه الآية أيضًا آخر آيةٍ نزلت من القرآن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو تميلة، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: آخر آيةٍ نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} الآية فهي آخر آيةٍ من الكتاب أنزلت.
[جامع البيان: 5/67]
- حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا إسماعيل، قال: حدّثنا مالك بن مغولٍ، عن عطيّة، قال: آخر آيةٍ نزلت: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن السّدّيّ، قال: آخر آيةٍ نزلت {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} الآية.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، وحجّاجٍ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: آخر آيةٍ نزلت من القرآن: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون} قال ابن جريجٍ: يقولون: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مكث بعدها تسع ليالٍ، وبدى يوم السّبت، ومات يوم الاثنين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، قال: حدّثني سعيد بن المسيّب، أنّه بلغه أنّ أحدث القرآن، بالعرش آية الدّين
[جامع البيان: 5/68]
يعني بذلك جلّ ثناؤه: واحذروا أيّها النّاس يومًا ترجعون فيه إلى اللّه فتلقونه فيه أن تردوا عليه بسيّئاتٍ تهلككم، أو بمخزياتٍ تخزيكم، أو بفضيحاتٍ تفضحكم، فتهتك أستاركم، أو بموبقاتٍ توبقكم، فتوجب لكم من عقاب اللّه ما لا قبل لكم به، وإنّه يوم مجازاة الأعمال لا يوم استعتابٍ، ولا يوم استقالةٍ وتوبةٍ وإنابةٍ، ولكنّه يوم جزاءٍ وثوابٍ ومحاسبةٍ، توفّى فيه كلّ نفسٍ أجرها على ما قدّمت واكتسبت من سيّئٍ وصالحٍ، لا يغادر فيه صغيرةٌ ولا كبيرةٌ من خيرٍ وشرٍّ إلاّ أحضرت، فتوفّيت جزاءها بالعدل من ربّها، وهم لا يظلمون، وكيف يظلم من جوزي بالإساءة مثلها وبالحسنة عشر أمثالها، كلاّ بل عدل عليك أيّها المسيء، وتكرّم عليك فأفضل وأسبغ أيّها المحسن، فاتّقى امرؤٌ ربّه فأخذ منه حذره وراقبه قبل أن يهجم عليه يومه، وهو من الأوزار ظهره ثقيلٌ، ومن صالحات الأعمال خفيفٌ، فإنّه عزّ وجلّ حذّر فأعذر، ووعظ فأبلغ). [جامع البيان: 5/69]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون (281) يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه فليكتب وليملل الّذي عليه الحقّ وليتّق اللّه ربّه ولا يبخس منه شيئًا فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليّه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله ذلكم أقسط عند اللّه وأقوم للشّهادة وأدنى ألّا ترتابوا إلّا أن تكون تجارةً حاضرةً تديرونها بينكم فليس عليكم جناحٌ ألّا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم واتّقوا اللّه ويعلّمكم اللّه واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (282)
قوله: واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، قال: آخر ما نزل من القرآن كلّه واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفس ما كسبت يعني: توفّى كلّ نفسٍ، يعني:
برًّا أو فاجرًا. وعاش النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد نزول هذه الآية تسع ليالٍ، ثمّ مات يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيعٍ الأوّل). [تفسير القرآن العظيم: 1/554]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ما كسبت
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ ما كسبت يعني: ما عملت من خيرٍ أو شرٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/554]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وهم لا يظلمون
- وبه في قوله: وهم لا يظلمون يعني: من أعمالهم، لا ينقص من حسناتهم، ولا يزاد على سيّئاتهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/554]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} [البقرة: 281].
- «عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} [البقرة: 281]: أنّها آخر آيةٍ نزلت على رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم».
رواه الطّبرانيّ بإسنادين، رجال أحدهما ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 6/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت من القرآن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن السدي وعطية العوفي، مثله.
وأخرج ابن الأنباري عن أبي صالح وسعيد بن جبير، مثله.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} نزلت بمنى وكان بين نزولها وبين موت النبي
[الدر المنثور: 3/391]
صلى الله عليه وسلم أحد وثمانون يوما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: آخر ما نزل من القرآن كله {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، عاش النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية تسع ليال ثم مات يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ثم توفى كل نفس ما كسبت} يعني ما عملت من خير أو شر {وهم لا يظلمون} يعني من أعمالهم لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم). [الدر المنثور: 3/392]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 08:04 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)}
[ لا يوجد ]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {وذروا ما بقي من الرّبا...}
يقول القائل: ما هذا الربا الذي له بقيّة، فإن البقيّة لا تكون إلاّ من شيء قد مضى؟ وذلك أن ثقيفا كانت تربي على قوم من قريش، فصولحوا على أن يكون ما لهم على قريش من الربا لا يحطّ، وما على ثقيف من الربا موضوع عنهم. فلمّا حلّ الأجل على قريش، وطلب منهم الحقّ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مّؤمنين} فهذه تفسير البقيّة وأمروا بأخذ رءوس الأموال فلم يجدوها متيسّرة، فأبوا أن يحطّوا الربا ويؤخّروا رءوس الأموال، فأنزل الله تبارك وتعالى: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصّدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}. {وإن كان ذو عسرة} من قريش {فنظرة} يا ثقيف {إلى ميسرة} وكانوا محتاجين، فقال - تبارك وتعالى -: {وأن تصدّقوا} برءوس الأموال {خير لكم}). [معاني القرآن: 1/182]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين}
نزلت في قوم من أهل الطائف كانوا صولحوا على أن وضع عنهم ما كان عليهم من الربا، وجعل لهم أن يأخذوا ما لهم من الربا وكان لهم على قوم من قريش مال فطالبوهم عند المحل بالمال والربا فقالت تلك الفرقة ما بالنا من أشقى الناس يؤخذ منا الربا الذي قد وضع عن سائر الناس، فأمر الله عز وجلّ - بترك هذه البقية، وأعلم أن من كان مؤمنا قبل عن اللّه أمره ومن أبى فهو حرب، أي كافر، فقال: {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}). [معاني القرآن: 1/359]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا}
قال مجاهد: كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه ويزيده). [معاني القرآن: 1/308]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأذنوا بحربٍ من الله}: أيقنوا، تقول: آذنتك بحرب، فأذنت به). [مجاز القرآن: 1/83]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({فإن لّم تفعلوا فأذنوا بحربٍ مّن اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}
قال: {فإن لّم تفعلوا فأذنوا بحربٍ} تقول "قد أذنت منك بحربٍ" و"هو يأذن".
وقال: {لا تظلمون ولا تظلمون}.
وقال بعضهم {لا تظلمون ولا تظلمون} كله سواء في المعنى).
[معاني القرآن: 1/155]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {فأذنوا بحرب من الله} موصولة.
الأعمش {فئاذنوا} من آذن يؤذن). [معاني القرآن لقطرب: 277]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {فأذنوا بحرب} فمن قرأها موصولة {فآذنوا} فهي أذن يأذن أذنًا واذانة: إذا أصغى إلى الشيء واستمعه؛ وكأن قوله عز وجل {وأذنت لربها وحقت} من ذلك.
وقال عدي بن زيد:
وسماع يأذن الشيخ له = وحديث مثل ماذي مشار
وقال ابن مقبل:
وأشعث خرق تناسيته = كراه ومنيت حتى أذن
[معاني القرآن لقطرب: 387]
وهذا من {فأذنوا}.
وأما من قرأ {فئاذنوا بحرب من الله} بالقطع، فهي من آذنت أوذن إيذانًا؛ أي اعلموا وتيقنوا؛ والإذن من ذلك اللفظ، فعلت بإذنك؛ أي بعلمك، والأذان من ذلك اللفظ). [معاني القرآن لقطرب: 388]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فأذنوا بحربٍ من اللّه} أي: اعلموا.
ومن قرأ: «فآذنوا بحرب» أراد: أذنوا غيركم من أصحابكم. يقال: آذنني فأذنت).
[تفسير غريب القرآن: 98]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}
وقال بعضهم قآذنوا، فمن قال {فأذنوا}: فالمعنى: أيقنوا ومن قال (قآذنوا)كان معناه: فأعلموا كل من لم يترك الربا أنّه حرب.
يقال قد آذنته بكذا وكذا، أوذنه إيذانا إذا أعلمته وقد أذن له يأذن إذنا إذا علم به). [معاني القرآن: 1/359]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله}أي: فأيقنوا يقال أذنت بالشيء فأنا أذين به كما قال:
فإني أذين إن رجعت مملكا
ومعنى فآذنوا: فأعملوا غيركم أنكم على حربهم). [معاني القرآن: 1/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وان تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}
ثم قال الضحاك: كانوا في الجاهلية يتبايعون بالربا فجاء الإسلام وقد بقيت لهم أموال فأمروا أن يأخذوا رءوس أموالهم ولا يأخذوا الربا الذي كانوا أربوا به وأمروا أن يتصدقوا على من كان معسر). [معاني القرآن: 1/309-310]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ( {فأذنوا}: فاعلموا، وآذنتكم، أي: أعلمتكم). [ياقوتة الصراط: 183]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فأذنوا} فاعلموا. ومن قرأ بالمد وفتح الهمزة فمعناه: فأعلموا أصحابكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 45]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَأْذَنـــُواْ}: فاعلمـــــــوا). [العمدة في غريب القرآن: 94]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لّكم إن كنتم تعلمون}
قال: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} يقول: "وإن كان ممّن تقاضون ذو عسرة فعليكم أن تنظروا إلى الميسرة".
وقال بعضهم {فنظرة} وإن شئت لم تجعل لـ"كان" خبرا مضمرا وجعلت "كان" بمنزلة: "وقع".
وقال بعضهم {ميسره} وليست بجائزة لأنه ليس في الكلام "مفعلٌ". ولو قرؤها (موسره) جاز لأنه من "أيسر" مثل: "أدخل" فـ"هو مدخل".
وقال بعضهم {فناظره إلى ميسرةٍ} و{ميسرةٍ} فجعلها "فاعل" من "ناظر" وجزمها للأمر.

وقال: {وأن تصدّقوا خيرٌ لّكم} يقول: "الصدقة خيرٌ لكم". جعل {أن تصدّقوا} اسما مبتدأ وجعل {خيرٌ لّكم} خبر المبتدأ). [معاني القرآن: 1/155-156]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن "فنظرة".
قراءة الأعرج {فنظرة} يحرك؛ وهي قراءة أبي عمرو.
وقراءة أخرى لم تسم لنا "فناظرة" على فاعلة.
الحسن وأبو عمرو {إلى ميسرة}.
[معاني القرآن لقطرب: 277]
ابن عباس رحمه الله ومجاهد {إلى ميسرة}.
ابن يعمر "إلى ميسره" يجعل الهاء للإضمار؛ والميسر لغة على قراءة ابن يعمر.
قراءة القرآء كلهم {وأن تصدقوا} بالتثقيل، يكون المعنى: تتصدقوا؛ فأدغم التاء والصاد لقرب المخرجين.
قراءة عام {وأن تصدقوا} يخفف الصاد، يكون المعنى على: وأن تتصدقوا؛ فحذف التاء الثانية ولم يدغم، وذلك حسن كثير على قول الله عز وجل {على من تنزل الشياطين}؛ أي تتنزل؛ وقوله {فأنت له تصدى} أي تتصدى فحذف لالتقائهما). [معاني القرآن لقطرب: 278]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} والميسر في المعنى لغة قد قرئ بها، وقالوا في العشر: عسرت الرجل أعسره عسرًا وعسرة: إذا أخذته على حال عسره، وأعسرت الرجل: جعلته معسرًا، وعسر عسرًا وهو عسر وعسير.
وأما فعل الميسرة فإنهم يقولون: يسرت الرجل أيسره يسرا وميسرة؛ أي تركته حتى أيسر، وأيسرته: جعلته موسرًا؛ وقالوا في الشيء اليسير من القلة: يسر الشيء ييسر يسرًا، ويسر الأمر أيضًا). [معاني القرآن لقطرب: 388]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فنظرةٌ إلى ميسرةٍ} أي: انتظار.
{وأن تصدّقوا}
بما لكم على المعسر {خيرٌ لكم}).
[تفسير غريب القرآن: 99]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون} أي: وإن وقع (ذو عسرة)، ولو قرئت، وإن كان ذا عسرة لجاز أي وإن كان المدين الذي عليه الدّين ذا عسرة، ولكن لا يخالف المصحف والرفع على أن، {إن كان} على معنى إن وقع ذو عسرة - ورفع {فنظرة إلى ميسرة} على فعلى الّذي تعاملونه نظرة أي تأخير، يقال بعته بيعا بنظرة.
ومن قال: فناظرة إلى ميسرة ففاعلة من أسماء المصادر نحو (ليس لوقعتها كاذبة) ونحو {تظنّ أن يفعل بها فاقرة}
وإن شئت قلت إلى ميسرة فأما من قرأ (إلى ميسره) على جهة الإضافة إلى الهاء فمخطئ، لأن "ميسر" مفعل وليس في الكلام مفعل.
وزعم البصريون أنهم لا يعرفون مفعلا إنما يعرفون مفعلة.
فأمرهم اللّه بتأخير رأس المال بعد إسقاط الربا، إذا كان المطالب معسرا، وأعلمهم أن الصدقة برأس المال عليه أفضل.
فقال: {وأن تصدّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون} ). [معاني القرآن: 1/359-360]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}
قال إبراهيم: نزلت في الربا.
قال الربيع بن خيثم: هي لكل معسر ينظر.
قال أبو جعفر: وهذا القول الحسن لأن القراءة بالرفع بمعنى وإن وقع ذو عسرة من الناس أجمعين أم كان فيمن تطالبون أو تبايعون ذو عسرة ولو كان في الربا خاصة لكان النصب الوجه بمعنى: وإن كان الذي عليه الربا ذا عسرة
على أن المعتمر قد روى عن حجاج الوراق قال في مصحف عثمان وإن كان ذا عسرة والمعنى فعليكم النظرة أي التأخير إلى أن يوسر
وروى عن عطاء أنه قرأ (فناظرة إلى ميسرة) على جهة الأمر). [معاني القرآن: 1/310-311]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون}
قال إبرهيم، أي: برأس المال.
قال الضحاك: وأن تصدقوا من رأس المال خير من النظرة.
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال: زعم ابن عباس أن آخر آية نزلت من القرآن {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}
قرئ على أحمد بن شعيب عن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين قال حدثني أبي عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية أنها آخر آية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 1/311-312]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَنَظِرَةٌ}: صبر وانتظار.
{مَيْسَرَةٍ}: يسار وسعة). [العمدة في غريب القرآن: 95]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى اللّه...}
حدّثنا محمد بن الجهم عن الفرّاء قال: حدثني أبو بكر عيّاش عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: آخر آية نزل بها جبريل صلى الله عليه وسلم {واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى اللّه} هذه، ثم قال: ضعها في رأس الثمانين والمائتين من البقرة). [معاني القرآن: 1/183]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي عمرو {ترجعون}.
وعبد الرحمن يقرؤها {ترجعون} بضم التاء). [معاني القرآن لقطرب: 278]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {واتّقوا يوما ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} هذا يوم القيامة، ويقال إنها آخر آية نزلت من كتاب اللّه جلّ وعزّ.
كذا جاء في التفسير). [معاني القرآن: 1/360]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 جمادى الآخرة 1434هـ/13-04-2013م, 12:33 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) }

[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) }
[لا يوجد]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 04:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 04:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 04:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 04:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولما انقضى ذكرهم عقب بذكر ضدهم ليبين ما بين الحالين فقال: {إنّ الّذين آمنوا} الآية، وقد تقدم تفسير مثل ألفاظ هذه الآية، وخص الصّلاة والزّكاة بالذكر وقد تضمنهما عمل الصّالحات تشريفا لهما، وتنبيها على قدرهما، إذ هما رأس الأعمال الصلاة في أعمال البدن، والزكاة في أعمال المال). [المحرر الوجيز: 2/ 101]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين (278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (279)}
سبب هذه الآية أنه كان الربا بين الناس كثيرا في ذلك الوقت، وكان بين قريش وثقيف ربا، فكان لهؤلاء على هؤلاء. فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال في خطبته في اليوم الثاني من الفتح: «ألا كل ربا في الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب»، فبدأ صلى الله عليه وسلم بعمه وأخص الناس به، وهذه من سنن العدل للإمام أن يفيض العدل على نفسه وخاصته، فيستفيض حينئذ في الناس، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واستعمل على مكة عتاب بن أسيد، فلما استنزل أهل الطائف بعد ذلك إلى الإسلام اشترطوا شروطا، منها ما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما لم يعطه، وكان في شروطهم أن كل ربا لهم على الناس فإنهم يأخذونه، وكل ربا عليهم فهو موضوع، فيروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرر لهم هذه ثم ردها الله بهذه الآية، كما رد صلحه لكفار قريش في رد النساء إليهم عام الحديبية.
وذكر النقاش رواية: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يكتب في أسفل الكتاب لثقيف لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم، فلما جاءت آجال رباهم بعثوا إلى مكة للاقتضاء، وكانت الديون لبني المغيرة وهم بنو عمرو بن عمير من ثقيف، وكانت لهم على بني المغيرة المخزوميين فقال بنو المغيرة لا تعطي شيئا فإن الربا قد وضع، ورفعوا أمرهم إلى عتاب بن أسيد بمكة، فكتب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية، وكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب فعلمت بها ثقيف فكفت»، هذا سبب الآية على اختصار مجموع مما روى ابن إسحاق وابن جريج والسدي وغيرهم.
فمعنى الآية، اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية بترككم ما بقي لكم من ربا وصفحكم عنه. وقوله: {إن كنتم مؤمنين} شرط محض في ثقيف على بابه، لأنه كان في أول دخولهم في الإسلام وإذا قدرنا الآية فيمن تقرر إيمانه فهو شرط مجازي على جهة المبالغة، كما تقول لمن تريد إقامة نفسه: إن كنت رجلا فافعل كذا، وحكى النقاش عن مقاتل بن سليمان أنه قال: «إن في هذه الآية بمعنى إذ».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذا مردود لا يعرف في اللغة»، وقال ابن فورك: «يحتمل أنه يريد يا أيّها الّذين آمنوا بمن قبل محمد من الأنبياء»، ذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين بمحمد، إذ لا ينفع الأول إلا بهذا وهذا مردود بما روي في سبب الآية). [المحرر الوجيز: 2/ 101-103]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم توعدهم تعالى إن لم يذروا الربا بحرب من الله ومن رسوله وأمته، والحرب داعية القتل، وروى ابن عباس أنه يقال يوم القيامة لأكل الربا: خذ سلاحك للحرب، وقال ابن عباس أيضا: «من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستنيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه»، وقال قتادة: «أوعد الله أهل الربا بالقتل فجعلهم بهرجا أينما ثقفوا»، ثم ردهم تعالى مع التوبة إلى رؤوس أموالهم، وقال لهم: لا تظلمون في أخذ الربا ولا تظلمون
في أن يتمسك بشيء من رؤوس أموالكم، فتذهب أموالكم. ويحتمل أن يكون لا تظلمون في مطل، لأن مطل الغني ظلم، كما قال صلى الله عليه وسلم.
فالمعنى أن يكون القضاء مع وضع الربا. وهكذا سنة الصلح، وهذا أشبه شيء بالصلح ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشار على كعب بن مالك في دين ابن أبي حدرد بوضع الشطر، فقال كعب:
نعم يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للآخر: «قم فاقضه»، فتلقى العلماء أمره بالقضاء سنة في المصالحات، وقرأ الحسن «ما بقي» بكسر القاف وإسكان الياء، وهذا كما قال جرير:
هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ....... ماضي العزيمة ما في حكمه جنف
ووجهها أنه شبه الياء بالألف، فكما لا تصل الحركة إلى الألف فكذلك لم تصل هنا إلى الياء، وفي هذا نظر، وقرأ أبو السمال من «الرّبو» بكسر الراء المشددة وضم الباء وسكون الواو، وقال أبو الفتح: شذ هذا الحرف في أمرين:
أحدهما الخروج من الكسر إلى الضم بناء لازما، والآخر وقوع الواو بعد الضمة في آخر الاسم، وهذا شيء لم يأت إلا في الفعل، نحو يغزو ويدعو وأما ذو الطائية بمعنى الذي فشاذة جدا، ومنهم من يغير واوها إذا فارق الرفع، فيقول رأيت ذا قام، ووجه القراءة أنه فخم الألف انتحاء بها الواو التي الألف بدل منها على حد قولهم، الصلاة والزكاة وهي بالجملة قراءة شاذة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر والكسائي: «فأذنوا» مقصورة مفتوحة الذال، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: «فآذنوا» ممدودة مكسورة الذال.
قال سيبويه: «آذنت أعلمت»، وأذنت ناديت وصوت بالإعلام قال: وبعض يجري آذنت مجرى أذنت، قال أبو علي: «من قال: «فأذنوا» فقصر، معناه فاعلموا الحرب من الله»، قال ابن عباس وغيره من المفسرين: «معناه فاستيقنوا الحرب من الله تعالى».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهي عندي من الإذن، وإذا أذن المرء في شيء فقد قرره وبنى مع نفسه عليه، فكأنه قال لهم فقرروا الحرب بينكم وبين الله ورسوله، ملزمهم من لفظ الآية أنهم مستدعو الحرب والباغون بها، إذ هم الآذنون بها وفيها، ويندرج في هذا المعنى الذي ذكرته علمهم بأنهم حرب وتيقنهم لذلك»، قال أبو علي: «ومن قرأ «فآذنوا» فمد، فتقديره فأعلموا من لم ينته عن ذلك بحرب، والمفعول محذوف، وقد ثبت هذا المفعول في قوله تعالى: {فقل آذنتكم على سواءٍ} [الأنبياء: 109] وإذا أمروا بإعلام غيرهم علموا هم لا محالة، قال: ففي إعلامهم علمهم، وليس في علمهم إعلامهم غيرهم، فقراءة المد أرجح، لأنها أبلغ وآكد» قال الطبري: «قراءة القصر أرجح لأنها تختص بهم، وإنما أمروا على قراءة المد بإعلام غيرهم».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «والقراءتان عندي سواء لأن المخاطب في الآية محضور بأنه كل من لم يذر ما بقي من الربا، فإن قيل لهم: «فأذنوا» فقد عمهم الأمر، وإن قيل لهم: «فآذنوا» بالمد فالمعنى أنفسكم وبعضكم بعضا، وكأن هذه القراءة تقتضي فسحا لهم في الارتياء والتثبيت أي فأعلموا نفوسكم هذا ثم انظروا في الأرجح لكم، ترك الربا أو الحرب»، وقرأ جميع القراء «لا تظلمون» بفتح التاء و «لا تظلمون» بضمها وقد مضى تفسيره.
وروى المفضل عن عاصم: لا «تظلمون» بضم التاء في الأولى وفتحها في الثانية. قال أبو علي: «وتترجح قراءة الجماعة فإنها تناسب قوله: {فإن تبتم} في إسناد الفعلين إلى الفاعل فيجيء «تظلمون» بفتح التاء أشكل بما قبله» ). [المحرر الوجيز: 2/ 103-105]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (280) واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون (281)}
حكم الله تعالى لأرباب الربا برؤوس الأموال عند الواجدين للمال، ثم حكم في ذي العسرة بالنظرة إلى حالة اليسر. قال المهدوي: «وقال بعض العلماء هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية من بيع من أعسر بدين»، وحكى مكي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به في صدر الإسلام».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «فإن ثبت فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو نسخ، وإلا فليس بنسخ»، و «العسرة» ضيق الحال من جهة عدم المال ومنه جيش العسرة، والنظرة التأخير، والميسرة مصدر بمعنى اليسر، وارتفع ذو عسرةٍ ب كان التامة التي هي بمعنى وجد وحدث. هذا قول سيبويه وأبي علي وغيرهما، ومن هنا يظهر أن الأصل الغنى ووفور الذمة، وأن العدم طارئ حادث يلزم أن يثبت. وقال بعض الكوفيين، حكاه الطبري: «بل هي كان الناقصة والخبر محذوف، تقديره وإن كان من غرمائكم ذو عسرةٍ وارتفع قوله: {فنظرةٌ} على خبر ابتداء مقدر، تقديره فالواجب نظرة، أو فالحكم نظرة».
قال الطبري: «وفي مصحف أبي بن كعب: وإن كان ذو عسرةٍ على معنى وإن كان المطلوب»، وقرأ الأعمش «وإن كان معسرا فنظرة». قال أبو عمرو الداني عن أحمد بن موسى: «وكذلك في مصحف أبي بن كعب»، قال مكي والنقاش: «وعلى هذا يختص لفظ الآية بأهل الربا، وعلى من قرأ وإن كان ذو عسرةٍ بالواو فهي عامة في جميع من عليه دين». قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذا غير لازم».
وحكى المهدوي أن في مصحف عثمان، «فإن كان» بالفاء ذو عسرةٍ بالواو، وقراءة الجماعة نظرة بكسر الظاء، وقرأ مجاهد وأبو رجاء والحسن: «فنظرة» بسكون الظاء، وكذلك قرأ الضحاك، وهي على تسكين الظاء من نظرة، وهي لغة تميمية، وهم الذين يقولون: كرم زيد بمعنى كرم، ويقولون: كبد في كبد، وكتف في كتف، وقرأ عطاء بن أبي رباح «فناظرة» على وزن فاعلة، وقال الزجّاج: «هي من أسماء المصادر، كقوله تعالى: {ليس لوقعتها كاذبةٌ} [الواقعة: 2] وكقوله تعالى: {تظنّ أن يفعل بها فاقرةٌ} [القيامة: 25]، وكخائنة الأعين وغيره»، وقرأ نافع وحده «ميسرة» بضم السين، وقرأ باقي السبعة وجمهور الناس «ميسرة» بفتح السين على وزن مفعلة، وهذه القراءة أكثر في كلام العرب، لأن مفعلة بضم العين قليل.
قال أبو علي: «قد قالوا: مسربة ومشربة، ولكن مفعلة بفتح العين أكثر في كلامهم»، وقرأ عطاء بن أبي رياح أيضا ومجاهد: «فناظره إلى ميسره» على الأمر في «ناظره» وجعلا الهاء ضمير الغريم، وضما السين من «ميسره» وكسرا الراء وجعلا الهاء ضمير الغريم، فأما ناظره ففاعله من التأخير، كما تقول: سامحه، وأما ميسر فشاذ، قال سيبويه: «ليس في الكلام مفعل»، قال أبو علي: «يريد في الآحاد، فأما في الجمع فقد جاء قول عدي بن زيد:
أبلغ النّعمان عنّي مألكا ....... أنّه قد طال حبسي وانتظار
وقول جميل:
بثين الزمي- لا- إنّ- لا- إن لزمته ....... على كثرة الواشين أيّ معون
فالأول جمع مالكة، والآخر جمع معونة»، وقال ابن جني: «إن عديا أراد مالكة فحذف، وكذلك جميل أراد أي معونة، وكذلك قول الآخر: «ليوم روع أو فعال مكرم» «أراد مكرمة»، فحذف قال: ويحتمل أن تكون جموعا كما قال أبو علي».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «فإن كان ميسر جمع ميسرة فيجري مجرى هذه الأمثلة، وإن كان قارئه أراد به الإفراد فذلك شاذ»، وقد خطأه بعض الناس، وكلام سيبويه يرده، واختلف أهل العلم: هل هذا الحكم بالنظرة إلى الميسرة: واقف على أهل الربا أو هو منسحب على كل ذي دين حال؟
فقال ابن عباس وشريح: «ذلك في الربا خاصة، وأما الديون وسائر الأمانات فليس فيها نظرة، بل تؤدى إلى أهلها»، وكأن هذا القول يترتب إذا لم يكن فقر مدقع وأما مع الفقر والعدم الصريح، فالحكم هي النظرة ضرورة، وقال جمهور العلماء: «النظرة إلى الميسرة حكم ثابت في المعسر سواء كان الدين ربا أو من تجارة في ذمة أو من أمانة»، فسره الضحاك.
وقوله تعالى: {وأن تصدّقوا} ابتداء وخبره خيرٌ، «وندب الله تعالى بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعسر وجعل ذلك خيرا من إنظاره»، قاله السدي وابن زيد والضحاك وجمهور الناس. وقال الطبري: «وقال آخرون معنى الآية وأن تصدقوا على الغني والفقير خير لكم»، ثم أدخل الطبري تحت هذه الترجمة أقوالا لقتادة وإبراهيم النخعي لا يلزم منها ما تضمنته ترجمته، بل هي كقول جمهور الناس، وليس في الآية مدخل للغني، وقرأ جمهور القراء: «تصّدقوا» بتشديد الصاد على الإدغام من تتصدقوا. وقرأ عاصم «وأن تصدقوا» بتخفيف الصاد وفي مصحف عبد الله بن مسعود «وأن تصدقوا» بفك الإدغام.
وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: «كان آخر ما أنزل من القرآن آية الربا، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفسرها لنا، فدعوا الربا والريبة». وقال ابن عباس: «آخر ما نزل آية الربا».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ومعنى هذا عندي أنها من آخر ما نزل، لأن جمهور الناس وابن عباس والسدي والضحاك وابن جريج وغيرهم، قال: آخر آية قوله تعالى: {واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى اللّه} »). [المحرر الوجيز: 2/ 105-109]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: «كان آخر ما أنزل من القرآن آية الربا، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفسرها لنا، فدعوا الربا والريبة». وقال ابن عباس: «آخر ما نزل آية الربا».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ومعنى هذا عندي أنها من آخر ما نزل، لأن جمهور الناس وابن عباس والسدي والضحاك وابن جريج وغيرهم، قال: آخر آية قوله تعالى: {واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى اللّه} ».
وقال سعيد بن المسيب: «بلغني أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين»، وروي أن قوله عز وجل: {واتّقوا} نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ليال، ثم لم ينزل بعدها شيء، وروي بثلاث ليال، وروي أنها نزلت قبل موته بثلاث ساعات، وأنه قال عليه السلام: «اجعلوها بين آية الربا وآية الدين»، وحكى مكي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جاءني جبريل فقال اجعلها على رأس مائتين وثمانين آية، من البقرة».
وقوله تعالى: {واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى اللّه} إلى آخر الآية، وعظ لجميع الناس وأمر يخص كل إنسان، ويوماً منصوب على المفعول لا على الظرف. وقرأ أبو عمرو بن العلاء «ترجعون» بفتح التاء وكسر الجيم، وقرأ باقي السبعة «ترجعون» بضم التاء وفتح الجيم، فمثل قراءة أبي عمرو {إنّ إلينا إيابهم} [الغاشية: 25] ومثل قراءة الجماعة {ثمّ ردّوا إلى اللّه} [الأنعام: 62] {ولئن رددت إلى ربّي} [الكهف: 36] المخاطبة في القراءتين بالتاء على جهة المبالغة في الوعظ والتحذير، وقرأ الحسن «يرجعون» بالياء على معنى يرجع جميع الناس.
قال ابن جني: «كأن الله تعالى رفق بالمؤمنين على أن يواجههم بذكر الرجعة إذ هي مما تنفطر له القلوب. فقال لهم: واتّقوا يوماً، ثم رجع في ذكر الرجعة إلى الغيبة رفقا بهم»، وقرأ أبي بن كعب «يوما تردون» بضم التاء، وجمهور العلماء على أن هذا اليوم المحذر منه هو يوم القيامة والحساب والتوفية، وقال قوم هو يوم الموت، والأول أصح بحكم الألفاظ في الآية، وفي قوله: {إلى اللّه} مضاف محذوف تقديره إلى حكم الله وفصل قضائه، وقوله: {وهم} رد على معنى كل نفس لا على اللفظ إلا على قراءة الحسن «يرجعون»، فقوله: {وهم} رد على ضمير الجماعة في «يرجعون»، وفي هذه الآية نص على أن الثواب والعقاب متعلق بكسب الإنسان. وهذا رد على الجبرية). [المحرر الوجيز: 2/ 108-110]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 04:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 04:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مادحًا للمؤمنين بربّهم، المطيعين أمره، المؤدّين شكره، المحسنين إلى خلقه في إقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة، مخبرًا عمّا أعدّ لهم من الكرامة، وأنّهم يوم القيامة من التّبعات آمنون، فقال: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} ). [تفسير ابن كثير: 1/ 716]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين (278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (279) وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (280) واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون (281)}
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، ناهيًا لهم عمّا يقرّبهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه، فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه} أي: خافوه وراقبوه فيما تفعلون {وذروا ما بقي من الرّبا} أي: اتركوا ما لكم على النّاس من الزّيادة على رؤوس الأموال، بعد هذا الإنذار {إن كنتم مؤمنين} أي: بما شرع اللّه لكم من تحليل البيع، وتحريم الرّبا وغير ذلك.
وقد ذكر زيد بن أسلم، وابن جريج، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ: «أنّ هذا السّياق نزل في بني عمرو بن عميرٍ من ثقيفٍ، وبني المغيرة من بني مخزومٍ، كان بينهم ربًا في الجاهليّة، فلمّا جاء الإسلام ودخلوا فيه، طلبت ثقيفٌ أن تأخذه منهم، فتشاوروا وقالت بنو المغيرة: لا نؤدّي الرّبا في الإسلام فكتب في ذلك عتّاب بن أسيدٍ نائب مكّة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية فكتب بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليه: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} فقالوا: نتوب إلى اللّه، ونذر ما بقي من الرّبا، فتركوه كلّهم» ). [تفسير ابن كثير: 1/ 716]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقد ذكر زيد بن أسلم، وابن جريج، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ: «أنّ هذا السّياق نزل في بني عمرو بن عميرٍ من ثقيفٍ، وبني المغيرة من بني مخزومٍ، كان بينهم ربًا في الجاهليّة، فلمّا جاء الإسلام ودخلوا فيه، طلبت ثقيفٌ أن تأخذه منهم، فتشاوروا وقالت بنو المغيرة: لا نؤدّي الرّبا في الإسلام فكتب في ذلك عتّاب بن أسيدٍ نائب مكّة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية فكتب بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليه: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} فقالوا: نتوب إلى اللّه، ونذر ما بقي من الرّبا، فتركوه كلّهم».
وهذا تهديدٌ شديدٌ ووعيدٌ أكيدٌ، لمن استمرّ على تعاطي الرّبا بعد الإنذار، قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ:«{فأذنوا بحربٍ} أي: استيقنوا بحربٍ من اللّه ورسوله». وتقدّم من رواية ربيعة بن كلثومٍ، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس قال: «يقال يوم القيامة لآكل الرّبا: خذ سلاحك للحرب. ثمّ قرأ: {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله}» .
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ:«{فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} فمن كان مقيمًا على الرّبا لا ينزع عنه فحقٌّ على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلّا ضرب عنقه».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا هشام بن حسّان، عن الحسن وابن سيرين، أنّهما قالا: «واللّه إنّ هؤلاء الصّيارفة لأكلة الرّبا، وإنّهم قد أذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله، ولو كان على النّاس إمامٌ عادلٌ لاستتابهم، فإن تابوا وإلّا وضع فيهم السّلاح». وقال قتادة: «أوعدهم اللّه بالقتل كما تسمعون، وجعلهم بهرجا أينما أتوا، فإيّاكم وما خالط هذه البيوع من الرّبا؛ فإنّ اللّه قد أوسع الحلال وأطابه، فلا تلجئنّكم إلى معصيته فاقةٌ». رواه ابن أبي حاتمٍ. وقال الرّبيع بن أنسٍ: «أوعد اللّه آكل الرّبا بالقتل». رواه ابن جريرٍ.
وقال السّهيليّ: «ولهذا قالت عائشة لأمّ محبّة، مولاة زيد بن أرقم، في مسألة العينة: أخبريه أنّ جهاده مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد بطل، إلّا أن يتوب، فخصّت الجهاد؛ لأنّه ضدّ قوله: {فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} قال: وهذا المعنى ذكره كثيرٌ. قال: ولكنّ هذا إسناده إلى عائشة ضعيفٌ».
ثمّ قال تعالى: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون} أي: بأخذ الزّيادة {ولا تظلمون} أي: بوضع رؤوس الأموال أيضًا، بل لكم ما بذلتم من غير زيادةٍ عليه ولا نقصٍ منه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن الحسين بن إشكابٍ، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن شيبان، عن شبيب بن غرقدة البارقيّ، عن سليمان بن الأحوص عن أبيه قال: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حجّة الوداع فقال: «ألا إنّ كلّ ربًا كان في الجاهليّة موضوعٌ عنكم كلّه، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، وأوّل ربًا موضوعٍ ربا العبّاس بن عبد المطّلب، موضوعٌ كلّه» كذا وجدته: سليمان بن الأحوص.
وقد قال ابن مردويه: حدّثنا الشّافعيّ، حدّثنا معاذ بن المثنّى، أخبرنا مسدّدٌ، أخبرنا أبو الأحوص، حدّثنا شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرٍو، عن أبيه قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم يقول: «ألا إنّ كلّ ربًا من ربا الجاهليّة موضوعٌ، فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون».
وكذا رواه من حديث حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن أبي حرّة الرّقاشيّ، عن عمرٍو -هو ابن خارجة –فذكره). [تفسير ابن كثير: 1/ 716-717]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}: يأمر تعالى بالصّبر على المعسر الّذي لا يجد وفاءً، فقال: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرة} أي: لا كما كان أهل الجاهليّة يقول أحدهم لمدينه إذا حلّ عليه الدّين: إمّا أن تقضي وإمّا أن تربي.
ثمّ يندب إلى الوضع عنه، ويعد على ذلك الخير والثّواب الجزيل، فقال: {وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} أي: وأن تتركوا رأس المال بالكلّيّة وتضعوه عن المدين. وقد وردت الأحاديث من طرقٍ متعدّدةٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بذلك:
فالحديث الأوّل: عن أبي أمامة أسعد بن زرارة النّقيب، قال الطّبرانيّ: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن شعيبٍ الرّجّانيّ حدّثنا يحيى بن حكيمٍ المقوّم، حدّثنا محمّد بن بكرٍ البرسانيّ، حدّثنا عبد اللّه بن أبي زيادٍ، حدّثني عاصم بن عبيد اللّه، عن أبي أمامة أسعد بن زرارة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من سرّه أن يظلّه اللّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، فلييسّر على معسرٍ أو ليضع عنه».
حديثٌ آخر: عن بريدة، قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن جحادة، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «من أنظر معسرًا فله بكلّ يومٍ مثله صدقةٌ». قال: ثمّ سمعته يقول: «من أنظر معسرًا فله بكلّ يومٍ مثلاه صدقةٌ». قلت: سمعتك -يا رسول اللّه -تقول: «من أنظر معسرًا فله بكلّ يومٍ مثله صدقةٌ». ثمّ سمعتك تقول: «من أنظر معسرًا فله بكلّ يومٍ مثلاه صدقةٌ»؟! قال: «له بكلّ يومٍ مثله صدقةٌ قبل أن يحلّ الدّين، فإذا حلّ الدّين فأنظره، فله بكلّ يومٍ مثلاه صدقةٌ».
حديثٌ آخر: عن أبي قتادة الحارث بن ربعيٍّ الأنصاريّ، قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا أبو جعفرٍ الخطميّ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ: «أنّ أبا قتادة كان له دينٌ على رجلٍ، وكان يأتيه يتقاضاه، فيختبئ منه، فجاء ذات يومٍ فخرج صبيٌّ فسأله عنه، فقال: نعم، هو في البيت يأكل خزيرةً فناداه: يا فلان، اخرج، فقد أخبرت أنّك هاهنا فخرج إليه، فقال: ما يغيّبك عنّي؟ فقال: إنّي معسرٌ، وليس عندي. قال: آللّه إنّك معسرٌ؟ قال: نعم. فبكى أبو قتادة، ثمّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «من نفّس عن غريمه -أو محا عنه -كان في ظلّ العرش يوم القيامة». ورواه مسلمٌ في صحيحه.
حديثٌ آخر: عن حذيفة بن اليمان، قال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا الأخنس أحمد بن عمران حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، حدّثنا أبو مالكٍ الأشجعيّ، عن ربعي بن حراشٍ، عن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أتى اللّه بعبدٍ من عبيده يوم القيامة، قال: ماذا عملت لي في الدّنيا؟ فقال: ما عملت لك يا ربّ مثقال ذرّةٍ في الدّنيا أرجوك بها، قالها ثلاث مرّاتٍ، قال العبد عند آخرها: يا ربّ، إنّك أعطيتني فضل مالٍ، وكنت رجلًا أبايع النّاس وكان من خلقي الجواز، فكنت أيسّر على الموسر، وأنظر المعسر. قال: فيقول اللّه، عزّ وجلّ: أنا أحقّ من ييسّر، ادخل الجنّة».وقد أخرجه البخاريّ، ومسلمٌ، وابن ماجه -من طرقٍ -عن ربعيّ بن حراشٍ، عن حذيفة. زاد مسلمٌ: وعقبة بن عامرٍ وأبي مسعودٍ البدريّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه. ولفظ البخاريّ.
حدّثنا هشام بن عمّارٍ، حدّثنا يحيى بن حمزة، حدّثنا الزّهريّ، عن عبد اللّه بن عبد اللّه أنّه سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «كان تاجرٌ يداين النّاس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعلّ اللّه يتجاوز عنّا، فتجاوز اللّه عنه».
حديثٌ آخر: عن سهل بن حنيفٍ، قال الحاكم في مستدركه: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب، حدّثنا يحيى بن محمّد بن يحيى، حدّثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدّثنا عمرو بن ثابتٍ، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، عن عبد اللّه بن سهل بن حنيفٍ، أنّ سهلًا حدّثه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: «من أعان مجاهدًا في سبيل اللّه أو غازيًا، أو غارمًا في عسرته، أو مكاتبًا في رقبته، أظلّه اللّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه» ثمّ قال: صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه.
حديثٌ آخر: عن عبد اللّه بن عمر، قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، عن يوسف بن صهيبٍ، عن زيدٍ العمّيّ، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أراد أن تستجاب دعوته، وأن تكشف كربته، فليفرّج عن معسرٍ»، انفرد به أحمد.
حديثٌ آخر: عن أبي مسعودٍ عقبة بن عمرٍو، قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو مالكٍ، عن ربعيّ بن حراشٍ، عن حذيفة: «أنّ رجلًا أتى به اللّه عزّ وجلّ، فقال: ماذا عملت في الدّنيا؟ فقال له الرّجل: ما عملت مثقال ذرّةٍ من خيرٍ أرجوك بها، فقالها له ثلاثًا، وقال في الثّالثة: أي ربّ كنت أعطيتني فضلًا من المال في الدّنيا، فكنت أبايع النّاس، فكنت أتيسّر على الموسر، وأنظر المعسر. فقال تبارك وتعالى نحن أولى بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي. فغفر له». قال أبو مسعودٍ: «هكذا سمعت من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم»، وهكذا رواه مسلمٌ من حديث أبي مالكٍ سعد بن طارقٍ به.
حديثٌ آخر: عن عمران بن حصينٍ، قال الإمام أحمد: حدّثنا أسود بن عامرٍ، أخبرنا أبو بكرٍ، عن الأعمش، عن أبي داود، عن عمران بن حصينٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من كان له على رجلٍ حقٌّ فأخّره كان له بكلّ يومٍ صدقةٌ».
غريبٌ من هذا الوجه وقد تقدّم عن بريدة نحوه.
حديثٌ آخر: عن أبي اليسر كعب بن عمرٍو، قال الإمام أحمد: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، حدّثنا زائدة، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن ربعيٍّ، قال: حدّثني أبو اليسر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظلّه اللّه، عزّ وجلّ، في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه».
وقد أخرجه مسلمٌ في صحيحه من وجهٍ آخر، من حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت، قال: «خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحيّ من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أوّل من لقينا أبا اليسر صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ومعه غلامٌ له معه ضمامةٌ من صحفٍ، وعلى أبي اليسر بردةٌ ومعافريٌّ، وعلى غلامه بردةٌ ومعافريٌّ فقال له أبي: يا عمّ، إنّي أرى في وجهك سفعةً من غضبٍ؟ قال أجل، كان لي على فلان بن فلانٍ الحراميّ مالٌ، فأتيت أهله فسلّمت، فقلت: أثمّ هو؟ قالوا: لا فخرج عليّ ابنٌ له جفرٌ فقلت: أين أبوك؟ فقال: سمع صوتك فدخل أريكة أمّي. فقلت: اخرج إليّ فقد علمت أين أنت؟ فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت منّي؟ قال: أنا واللّه أحدّثك ثمّ لا أكذبك؛ خشيت -واللّه -أن أحدّثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكنت -الله -معسرًا قال: قلت: آللّه؟ قال: قلت: آللّه، قال: الله. قلت: آللّه؟ قال: اللّه. قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، ثمّ قال: فإن وجدت قضاءً فاقضني، وإلّا فأنت في حلٍّ، فأشهد بصر عينيّ -ووضع أصبعيه على عينيه -وسمع أذنيّ هاتين، ووعاه قلبي -وأشار إلى مناط قلبه -رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقول: «من أنظر معسرًا، أو وضع عنه أظلّه اللّه في ظلّه». وذكر تمام الحديث.
حديثٌ آخر: عن أمير المؤمنين عثمان بن عفّان، قال عبد اللّه بن الإمام أحمد في مسند أبيه حدّثني أبو يحيى البزّاز محمّد بن عبد الرّحيم، حدّثنا الحسن بن بشر بن سلمٍ الكوفيّ، حدّثنا العبّاس بن الفضل الأنصاريّ، عن هشام بن زيادٍ القرشيّ، عن أبيه، عن محجنٍ مولى عثمان، عن عثمان، قال: سمعت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول: «أظلّ اللّه عينًا في ظلّه، يوم لا ظلّ إلّا ظلّه من أنظر معسرًا، أو ترك لغارمٍ».
حديثٌ آخر: عن ابن عبّاسٍ، قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد، حدّثنا نوح بن جعونة السّلميّ الخراسانيّ، عن مقاتل بن حيّان، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المسجد، وهو يقول بيده هكذا -وأومأ عبد الرّحمن بيده إلى الأرض-: «من أنظر معسرًا أو وضع له، وقاه اللّه من فيح جهنّم، ألا إنّ عمل الجنّة حزنٌ بربوةٍ -ثلاثًا -ألا إنّ عمل النّار سهلٌ بسهوةٍ، والسّعيد من وقي الفتن، وما من جرعةٍ أحبّ إلى اللّه من جرعة غيظٍ يكظمها عبدٌ، ما كظمها عبدٌ للّه إلّا ملأ اللّه جوفه إيمانًا» تفرّد به أحمد.
طريقٌ أخرى: قال الطّبرانيّ: حدّثنا أحمد بن محمّدٍ البوراني قاضي الحديثة من ديار ربيعة، حدّثنا الحسين بن عليٍّ الصّدائي، حدّثنا الحكم بن الجارود، حدّثنا ابن أبي المتّئد -خال ابن عيينة -عن أبيه، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أنظر معسرًا إلى ميسرته أنظره اللّه بذنبه إلى توبته»). [تفسير ابن كثير: 1/ 717-720]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى يعظ عباده ويذكّرهم زوال الدّنيا وفناء ما فيها من الأموال وغيرها، وإتيان الآخرة والرّجوع إليه تعالى ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا، ومجازاته إيّاهم بما كسبوا من خيرٍ وشرٍّ، ويحذّرهم عقوبته، فقال: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون}
وقد روي أنّ هذه الآية آخر آيةٍ نزلت من القرآن العظيم، فقال ابن لهيعة: حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: «آخر ما نزل من القرآن كلّه {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون} وعاش النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد نزول هذه الآية تسع ليالٍ، ثمّ مات يوم الاثنين، لليلتين خلتا من ربيعٍ الأوّل». رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقد رواه ابن مردويه من حديث المسعوديّ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «آخر آيةٍ نزلت: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} ». وقد رواه النّسائيّ، من حديث يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، قال: «آخر شيءٍ نزل من القرآن: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون}».
وكذا رواه الضّحّاك، والعوفي، عن ابن عبّاسٍ، وروى الثّوريّ، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «آخر آيةٍ أنزلت: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} فكان بين نزولها وبين موت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم واحدٌ وثلاثون يومًا».
وقال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: «آخر آيةٍ نزلت: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه} الآية».
قال ابن جريجٍ: يقولون: «إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عاش بعدها تسع ليالٍ، وبدئ يوم السّبت ومات يوم الاثنين»، رواه ابن جريرٍ.
ورواه عطيّة عن أبي سعيدٍ، قال: «آخر آيةٍ أنزلت: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون}»). [تفسير ابن كثير: 1/ 720-721]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة