العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة البقرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الثاني 1434هـ/20-02-2013م, 12:18 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (275) إلى الآية (276) ]

تفسير سورة البقرة
[من الآية (275) إلى الآية (276) ]

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 07:32 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس قال هو التخبيل الذي يتخبطه الشيطان من الجنون). [تفسير عبد الرزاق: 1/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر قال سمعت عطاء الخراساني يقول إن عبد الله بن سلام قال يؤذن يوم القيامة للبر والفاجر في القيام إلا أكلة الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس). [تفسير عبد الرزاق: 1/110]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ... } إلى قوله تعالى: {فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: ((لمّا نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الرّبا، خرج رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فاقترأهنّ على النّاس، ثمّ نهى عن التجارة في الخمر)).
[سنن سعيد بن منصور: 3/981]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة - رضي اللّه عنها- (قالت): لمّا نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الرّبا، خرج رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فحرّم التجارة في الخمر). [سنن سعيد بن منصور: 3/982]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب {وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا} [البقرة: 275] "
[صحيح البخاري: 6/32]
المسّ: الجنون "
[صحيح البخاري: 6/32]
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، حدّثنا مسلمٌ، عن مسروقٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: «لمّا نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الرّبا، قرأها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم على النّاس ثمّ حرّم التّجارة في الخمر»). [صحيح البخاري: 6/32]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا إلى آخر الآية)
قوله المسّ الجنون هو تفسير الفرّاء قال في قوله تعالى لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المس أي لا يقوم في الآخرة قال والمسّ الجنون والعرب تقول ممسوسٌ أي مجنونٌ انتهى وقال أبو عبيدة المسّ اللّمم من الجنّ وروى بن أبي حاتم عن بن عبّاسٍ قال آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونا ومن طريق بن عبد اللّه بن مسعودٍ عن أبيه أنّه كان يقرأ إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ يوم القيامة وقوله تعالى وأحل الله البيع وحرم الرّبا يحتمل أن يكون من تمام اعتراض الكفّار حيث قالوا إنّما البيع مثل الرّبا أي فلم أحلّ هذا وحرّم هذا ويحتمل أن يكون ردًّا عليهم ويكون اعتراضهم بحكم العقل والرّدّ عليهم بحكم الشّرع الّذي لا معقّب لحكمه وعلى الثّاني أكثر المفسّرين واستبعد بعض الحذّاق الأوّل وليس ببعيدٍ إلّا من جهة أنّ جوابهم بقوله فمن جاءه موعظةٌ إلى
[فتح الباري: 8/203]
آخره يحتاج إلى تقديرٍ والأصل عدمه قوله فقرأها أي الآيات وفي رواية شعبة الّتي بعد هذه في المسجد وقد مضى ما يتعلّق به في المساجد من كتاب الصّلاة واقتضى صنيع المصنّف في هذه التّراجم أنّ المراد بالآيات آيات الرّبا كلّها إلى آية الدّين
- قوله ثمّ حرّم التّجارة في الخمر تقدّم توجيهه في البيوع وأنّ تحريم التّجارة في الرّبا وقع بعد تحريم الخمر بمدّةٍ فيحصل به جواب من استشكل الحديث بأنّ آيات الرّبا من آخر ما نزل من القرآن وتحريم الخمر تقدّم قبل ذلك بمدّةٍ). [فتح الباري: 8/204]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ: {وأحلّ الله البيع وحرّم الرّبا} (البقرة: 275)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الرّبا} وأوله: {والّذين يأكلون الرّبا لا يقومون} إلى آخر الآية، ولما ذكر الله تعالى قبل هذه الآية الأبرار المؤدين النّفقات المخرجين الزكوات، شرع في ذكر أكلة الرّبا وأموال النّاس بالباطل وأنواع الشّبهات ووصفهم بما وصفهم في الآية الكريمة. ولما قالوا: (إنّما البيع مثل الرّبا) أنكر الله عليهم تسويتهم بين البيع والربا فقال: {وأحل الله البيع وحرم الرّبا}. قال الزّمخشريّ: فيه دلالة على أن القياس يهدمه النّص لأنّه جعل الدّليل على بطلان قياسهما إحلال الله وتحريمه.
المسّ الجنون
فسر المس المذكور في الآية وهو قوله: {ويتخطبه الشّيطان من المس} بالجنون. وهكذا فسره الفراء ومجاهد والضّحّاك وابن أبي نجيح وابن زيد.
- حدّثنا عمر بن حفصٍ بن غياثٍ حدّثنا أبي حدّثنا الأعمش حدّثنا مسلمٌ عن مسروقٍ عن عائشة رضي الله عنها قالت لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الرّبا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على النّاس ثمّ حرّم التّجارة في الخمر.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة والأعمش سليمان، ومسلم هو ابن صبيح أبو الضّحى الكوفي. والحديث قد مر في كتاب البيع في: باب أكل الرّبا، فإنّه أخرجه عن غندر عن شعبة عن منصور عن أبي الضّحى عن مسروق عن عائشة. قوله: (قرأها) أي الآيات). [عمدة القاري: 18/131]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا} [البقرة: 275] المسّ: الجنون
({وأحل الله البيع}) وفي نسخة باب وأحل الله البيع ({وحرم الربا}) [البقرة: 275] جملة مستأنفة من كلام الله ردًّا لما قالوه بحكم العقل من التسويق في البيع والربا وحينئذ فلا محل لها من الإعراب، وقيل هي من تتمة قولهم اعتراضًا على الشرع حيث قالوا: {إنما البيع مثل الربا} فهي في موضع نصب بالقول عطفًا على المقول واستبعد من جهة أن جوابهم بقوله فمن جاءه موعظة من ربه إلى آخره يحتاج إلى تقدير والأصل عدمه (المس) قال الفراء هو (الجنون) وعن ابن عباس مما رواه ابن أبي حاتم قال: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا.
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي حدّثنا الأعمش، حدّثنا مسلمٌ عن مسروقٍ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لمّا نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الرّبا قرأها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على النّاس ثمّ حرّم التّجارة في الخمر.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) أبو حفص النخعي الكوفي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن صبيح الكوفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا) {والذين يأكلون الربا} إلى {ولا يظلمون} [البقرة: 275] (قرأها) ولأبي ذر: فقرأها (رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يأكل على الناس) زاد في البيع في المسجد (ثم حرم التجارة في الخمر) بيعًا وشراءً وبعد وقوع تحريمه بمدة). [إرشاد الساري: 7/46]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {الّذين يأكلون الرّبا}
- أخبرنا أبو بكر بن حفصٍ، عن المعتمر وهو ابن سليمان، عن أبيه، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قلت لعلقمة: أقال عبد الله: " لعن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم آكل الرّبا وموكله وشاهديه وكاتبه؟ قال: آكل الرّبا وموكله، قلت: وشاهديه وكاتبه؟ قال: إنّما نحدّث بما سمعنا "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/38]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وأحلّ الله البيع وحرّم الرّبا}
- أخبرنا محمود بن غيلان، حدّثنا أبو داود، أخبرنا شعبة، عن الأعمش، وأخبرنا بشر بن خالدٍ، أخبرنا غندرٌ، عن شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة، قالت: «لمّا نزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد فقرأهنّ في المسجد، وحرّم التّجارة في الخمر» واللّفظ لمحمودٍ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/39]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا وأحلّ الله البيع وحرّم الرّبا فمن جاءه موعظةٌ مّن رّبّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى اللّه ومن عاد فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: الّذين يربون،
والإرباء: الزّيادة على الشّيء، يقال منه: أربى فلانٌ على فلانٍ إذا زاد عليه يربي إرباءً والزّيادة هي الرّبا، وربا الشّيء: إذا زاد على ما كان عليه فعظم فهو يربو ربوًا، وإنّما قيل للرّابية رابيه لزيادتها في العظم والإشراف على ما استوى من الأرض ممّا حولها من قولهم ربا يربو ومن ذلك قيل: فلانٌ في ربا قومه يراد أنّه في رفعةٍ وشرفٍ منهم، فأصل الرّبا الإنافة والزّيادة، ثمّ يقال: أربى فلانٌ: أي أناف غيره وصيّره زائدًا، وإنّما قيل للمربي مربٍ لتضعيفه المال الّذي كان له على غريمه حلالا، أو لزيادته عليه فيه، لسبب الأجل الّذي يؤخّره إليه، فيزيده إلى أجله الّذي كان له قبل حلّ دينه عليه، ولذلك قال جلّ ثناؤه: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تأكلوا الرّبا أضعافًا مضاعفةً}
وبمثل الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل:
[جامع البيان: 5/37]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال في الرّبا الّذي نهى اللّه عنه: كانوا في الجاهليّة يكون للرّجل على الرّجل الدّين، فيقول: لك كذا وكذا وتؤخّر عني فيؤخّر عنه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة أنّ ربا اهل الجاهليّة، يبيع الرّجل البيع إلى أجلٍ مسمًّى، فإذا حلّ الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاءٌ زاده وأخّر عنه
فقال جلّ ثناؤه للّذين يربون الرّبا الّذي وصفنا صفته في الدّنيا، لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ؛ يعني بذلك: يتخبّله الشّيطان في الدّنيا، وهو الّذي يتخنقه فيصرعه من المسّ، يعني من الجنون،
وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
[جامع البيان: 5/38]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} يوم القيامة في أكل الرّبا في الدّنيا
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا ربيعة بن كلثومٍ، قال: حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} قال: ذلك حين يبعث من قبره.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا ربيعة بن كلثومٍ، قال: حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: يقال يوم القيامة لآكل الرّبا: خذ سلاحك للحرب، وقرأ: {لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} قال: ذلك حين يبعث من قبره.
[جامع البيان: 5/39]
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} الآية، قال: يبعث آكل الرّبا يوم القيامة مجنونًا يخنق.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون} الآية، وتلك علامة أهل الرّبا يوم القيامة، بعثوا وبهم خبلٌ من الشّيطان.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} قال: هو التّخبّل الّذي يتخبّله الشّيطان من الجنون.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} قال: يبعثون يوم القيامة وبهم خبلٌ من الشّيطان وهي في بعض القراءة لا يقومون يوم القيامة.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} قال: من مات وهو يأكل الرّبا بعث يوم القيامة متخبّطًا كالّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ.
[جامع البيان: 5/40]
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} يعني من الجنون.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} قال: هذا مثلهم يوم القيامة لا يقومون يوم القيامة مع النّاس، إلاّ كما يقوم الّذي يخنق مع النّاس يوم القيامة كأنّه خنق كأنّه مجنونٌ
ومعنى قوله: {يتخبّطه الشّيطان من المسّ} يتخبّله من مسّه إيّاه، يقال منه: قد مسّ الرّجل والس والق فهو ممسوسٌ ومألوقٌ، كلّ ذلك إذا ألمّ به اللّمم فجنّ، ومنه قول اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الّذين اتّقوا إذا مسّهم طائفٌ من الشّيطان تذكّروا}، ومنه قول الأعشى:
وتصبح عن غبّ السّرى وكأنّما...ألمّ بها من طائف الجنّ أولق
فإن قال لنا قائلٌ: أفرأيت من عمل ما نهى اللّه عنه من الرّبا في تجارته ولم يأكله أيستحقّ هذا الوعيد من اللّه؟
[جامع البيان: 5/41]
قيل: نعم، وليس المقصود من الرّبا في هذه الآية الأكل إلنهى عن اكله خاصه دون النهى عن العمل به وانما خص الله وصف العاملين بهفى هذه الايه باكل لان أنّ الّذين نزلت فيهم هذه الآيات يوم نزلت كانت طعمتهم ومأكلهم من الرّبا، فذكرهم بصفتهم معظّمًا بذلك عليهم أمر الرّبا، ومقبّحًا إليهم الحال الّتي هم عليها في مطاعمهم، وفي قوله جلّ ثناؤه: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله} الآية ما ينبئ عن صحّة ما قلنا في ذلك وأنّ التّحريم من اللّه في ذلك كان لكلّ معاني الرّبا وأنّ سواءً العمل به وأكله وأخذه وإعطاؤه، كالّذي تظاهرت به الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من قوله: لعن اللّه آكل الرّبا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه إذا علموا به). [جامع البيان: 5/42]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا}
يعني بقوله ذلك جلّ ثناؤه: ذلك الّذي وصفهم به من قيامهم يوم القيامة من قبورهم كقيام الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ من الجنون،
[جامع البيان: 5/42]
فقال تعالى ذكره هذا الّذي ذكرنا أنّه يصيبهم يوم القيامة من قبح حالهم ووحشة قيامهم من قبورهم وسوء ما حلّ بهم من أجل أنّهم كانوا في الدّنيا يكذبون ويفترون ويقولون إنّما البيع الّذي أحلّه اللّه لعباده مثل الرّبا، وذلك أنّ الّذين كانوا يأكلون من الرّبا من أهل الجاهليّة، كان إذا حلّ مال أحدهم على غريمه يقول الغريم لصاحب الحقّ: زدني في الأجل وأزيدك في مالك، فكان يقال لهما إذا فعلا ذلك: هذا ربًا لا يحلّ، فإذا قيل لهما ذلك، قالا: سواءٌ علينا زدنا في أوّل البيع أو عند محلّ المال فكذّبهم اللّه في قيلهم، فقال: {وأحلّ اللّه البيع}). [جامع البيان: 5/43]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى اللّه ومن عاد فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: وأحلّ اللّه الأرباح في التّجارة والشّراء والبيع، وحرّم الرّبا يعني الزّيادة الّتي يزاد ربّ المال بسبب زيادته غريمه في الأجل، وتأخيره دينه عليه، يقول عزّ وجلّ: وليست الزّيادتان اللّتان إحداهما من وجه البيع، والأخرى من وجه تأخير المال والزّيادة في الأجل سواءً، وذلك أنّي حرّمت إحدى الزّيادتين، وهي الّتي من وجهٍ تأخير المال والزّيادة في الأجل؛ وأحللت الأخرى منهما، وهي الّتي من وجهٍ الزّيادة على رأس المال الّذي ابتاع به البائع سلعته الّتي يبيعها فيستفضل فضلها، فقال اللّه جلّ ثناوه لهم ليست الزّيادة من وجه البيع نظير الزّيادة من وجه الرّبا؛ لأنّي أحللت البيع، وحرّمت الرّبا، والأمر أمري والخلق خلقي، أقضي فيهم ما أشاء، وأستعبدهم بما أريد، ليس لأحدٍ منهم أن يعترض في حكمي، ولا أن يخالف في أمري، وإنّما عليهم طاعتي والتّسليم لحكمي.
[جامع البيان: 5/43]
ثمّ قال جلّ ثناؤه: {فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى} يعني بالموعظة التّذكير والتّخويف الّذي ذكّرهم وخوّفهم به في آي القرآن، وأوعدهم على أكلهم الرّبا من العقاب، يقول جلّ ثناؤه: فمن جاءه ذلك فانتهى عن أكل الرّبا، وارتدع عن العمل به، وانزجر عنه {فله ما سلف} يعني ما أكل وأخذ فمضى قبل مجيء الموعظة والتّحريم من ربّه في ذلك {وأمره إلى اللّه} يعني وأمر آكله بعد مجيئه الموعظة من ربّه والتّحريم، وبعد انتهاء آكله عن أكله إلى اللّه في عصمته وتوفيقه إن شاء عصمه عن أكله وثبّته في انتهائه عنه، وإن شاء خذله عن ذلك {ومن عاد} يقول ومن عاد لأكل الرّبا بعد التّحريم وقال ما كان يقوله قبل مجيء الموعظة من اللّه بالتّحريم من قوله {إنّما البيع مثل الرّبا} {فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} يعني ففاعلو ذلك وقائلوه هم أهل النّار يعني نار جهنّم فيها خالدون يعنى دايمو البقاء لايموتون فيها ولا يخرجون منها
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال؛ حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى اللّه} أمّا الموعظة فالقرآن، وأمّا ما سلف فله ما أكل من الرّبا). [جامع البيان: 5/44]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى اللّه ومن عاد فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (275)
قوله تعالى: الّذين يأكلون الرّبا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثنا عبد الله بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: الّذين يأكلون الرّبا يعني: استحلاله لأكله). [تفسير القرآن العظيم: 1/544]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: لا يقومون
- حدّثنا محمّد بن مسلم بن وارة، ثنا أبو اليمان وأبو المغيرة، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي مريم، ثنا ضمرة بن حبيبٍ عن ابن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن أبيه، أنّه كان يقرأ الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ يوم القيامة.

- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: لا يقومون يعني: لا يقومون يوم القيامة.
وروي عن ابن العبّاس وعكرمة والحسن وقتادة ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/544]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا أبي، عن أبيه، ثنا الأشعث بن إسحاق بن سعدٍ الأشعريّ، عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبطه الشّيطان من المسّ قال: آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونًا يخنق.
وروي عن عوف بن مالك. وسعد بن جبيرٍ والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/544]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ذلك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا نحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد، في قول اللّه: ذلك يعني: الّذين نزل بهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/544]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا فهو الرّجل إذا حلّ ماله على صاحبه فيقول المطلوب للطّالب: زدني في الأجل، وأزيدك على مالك، فإذا فعل ذلك قيل لهم: هذا ربًا. قالوا: سواءٌ علينا أن زدنا في أوّل البيع، أو عند محلّ المال فهما سواءٌ، فذلك قوله: قالوا إنّما البيع مثل الرّبا: لقولهم: إن زدنا في أوّل البيع أو عند محلّ المال، فهما سواءٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/545]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، قال فأكذبهم الله تبارك أسمع لقولهم: سواءٌ علينا أن زدنا في أوّل البيع أو عند محلّ المال، فقال: وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: نهى اللّه عزّ وجلّ عن الرّبا كأشدّ النّهي، وتقدّم فيه: فاتّقوا الرّبا والرّيبة. وكان يقول: الرّبا من الكبائر). [تفسير القرآن العظيم: 1/545]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فمن جاءه موعظةٌ من ربّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: فمن جاءه موعظةٌ من ربّه أمّا الموعظة: فالقرآن.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: فمن جاءه موعظةٌ من ربّه: يعني البيان الّذي في القرآن، في تحريم الرّبا، فانتهى عنه). [تفسير القرآن العظيم: 1/545]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فانتهى
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن نميرٍ، ثنا وكيعٌ، ثنا سفيان في هذه الآية قال: فانتهى قال: تاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/545]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فله ما سلف
[الوجه الأول]
- قرئ على محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أبنا ابن وهبٍ أخبرني
[تفسير القرآن العظيم: 2/545]
جرير بن حازمٍ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن أمّ يونس يعني امرأته العالية بنت أيفع، أنّ عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت لها أمّ محبّة، أمّ ولدٍ لزيد بن أرقم: يا أمّ المؤمنين أتعرفين زيد بن أرقم؟ قالت نعم. قال: فإنّي بعته عبدًا إلى العطاء بثمانمائةٍ. فاحتاج إلى ثمنه، فاشتريته قبل محلّ الأجل بستّمائةٍ. فقالت:
بئس ما شريت وبئس ما اشتريت. أبلغي زيدًا أنّه قد أبطل جهاده مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنّ لم يتب. قالت: فقلت: أفرأيت إن تركت المائتين وأخذت السّتّمائة؟ قالت نعم فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى فله ما سلف
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: فله ما سلف يعني: فله ما كان أكل من الرّبا قبل التّحريم. وروي عن السّدّيّ، نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن جعفرٍ، ثنا سفيان، في قوله: فله ما سلف قال: مغفورًا له.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمس، قال: قال وكيعٌ، قال سفيان سمعنا في قوله: ما سلف قال: مغفورًا له). [تفسير القرآن العظيم: 1/546]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وأمره إلى اللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: وأمره إلى اللّه يعني: بعد التّحريم، وبعد تركه، إن شاء عصمه، وإن شاء لم يفعل). [تفسير القرآن العظيم: 1/546]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ومن عاد
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ومن عاد يعني: في الرّبا بعد التّحريم، فاستحلّه، لقولهم: إنما البيع مثل الربا
[تفسير القرآن العظيم: 2/546]
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن جعفرٍ، ثنا سفيان، في قوله: ومن عاد قال: من لم يتب حتّى يموت فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون). [تفسير القرآن العظيم: 1/547]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فأولئك أصحاب النّار
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قوله: فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون يعني: لا يموتون). [تفسير القرآن العظيم: 1/547]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس يعني يوم القيامة لما أكل الربا في الدنيا). [تفسير مجاهد: 117]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (ابن خثيمٍ عن أبي الزّبير، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: لمّا نزلت {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} [البقرة: 275] قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من لم يذر المخابرة فليؤذن بحربٍ من اللّه ورسوله» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/314]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو يعلى الموصليّ: ثنا الأخنسيّ، ثنا محمّدٌ، ثنا الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- "في قوله عزّ وجلّ: (الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المس) قال: يعرفون يوم القيامة بذلك لا يستطيعون القيام إلّا كما يقوم المجنون المخنّق (ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا) وكذبوا على اللّه
[إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/185]
(وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى) إلى قوله (ومن عاد) فأكل من الرّبا فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون وقوله عز وجل (يا أيها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا) إلى آخر الآية فبلغنا- واللّه أعلم- أنّ هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوفٍ من ثقيفٍ وفي بني المغيرة من مخزومٍ، وكانت بنو المغيرة يربون لثقيفٍ فلمّا ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على مكّة ووضع يومئذٍ الرّبا كلّه، وكان أهل الطّائف قد صالحوا على أنّ لهم رباهم وما كان عليهم من ربًا فهو موضوعٌ، وكتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر صحيفتهم أنّ لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين. وكان على المسلمين أن لا يأكلوا الرّبا ولا يؤكّلوه، فانتهت بنو عمرو بن عميرٍ وبنو المغيرة إلى عتّاب بن أسيدٍ وهو على مكّة فقال بنو المغيرة: ما جعلنا أشقى النّاس فالربا وضع عن النّاس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عميرٍ: صولحنا على أنّ لنا ربانا. فكتب عتّاب، بن أسيدٍ في ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنزلت هذه الآية: (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله) فعرف بنو عمرٍو ألّا يدان لهم بحربٍ من الله ورسوله، يقول: (إن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون) فتأخذوا أكثر منه (ولا تظلمون) فتبخسون منه (وإن كان ذو عسرة) أن تذروه خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون) يقول: (واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون) فذكروا أنّ هذه الآية نزلت وآخر آيةٍ من سورة النساء نزلتا آخر القرآن".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لضعف محمّد بن السّائب الكلبي). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/186]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا أحمد الأخنسيّ، ثنا محمّد بن فضيلٍ، ثنا الكلبيّ عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {إعصارٌ فيه نارٌ}، (فقال): الإعصار، الرّيح الشديد.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/461]
- وبه في قوله تعالى: {كصيّبٍ من السّماء} قال: الصّيّب: المطر.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/462]
- وبه إلى ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله (تعالى): {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ}.
قال: يعرفون يوم القيامة بذلك، (لا) يستطيعون القيام إلّا كما يقوم المتخبّط المنخنق ذلك بأنّهم قالوا: {إنّما البيع مثل الرّبا} وكذبوا على اللّه (عز وجل) {وأحل اللّه البيع وحرّم الرّبا} إلى قوله: فمن عاد فأكل الرّبا، {فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} وقوله عز وجل: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا} الآية.
قال: فبلغنا واللّه أنّ هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوفٍ من ثقيفٍ وبني المغيرة من بني مخزومٍ، (وكان) (بنو) المغيرة يربون لثقيفٍ، فلمّا أظهر اللّه تعالى رسوله (صلّى اللّه عليه وسلّم) على مكّة،
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/463]
ووضع يومئذٍ الرّبا كلّه وكان أهل الطّائف قد صالحوا على أنّ لهم رباهم، وما كان عليهم من ربًا فهو موضوعٌ، وكتب (رسول) اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر صحيفتهم، أنّ لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، أن لا يأكلوا الرّبا ولا يؤكلوه فأتى بنو عمرو بن عميرٍ بني المغيرة إلى عتّاب بن أسيدٍ رضي الله عنه، وهو على مكّة، (فقال) بنو المغيرة ما جعلنا (أشقى) النّاس بالرّبا؟ وضع عن النّاس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عميرٍ: صولحنا على أنّ لنا (ربانا) فكتب عتّاب بن أسيدٍ رضي الله عنه ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنزلت هذه الآية: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله [فعرف بنو عمرٍو الإيذان لهم بحربٍ من اللّه ورسوله يقول:] وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم، (لا تظلمون ولا تظلمون): لا تظلمون فتأخذون أكثر، ولا تظلمون (فتبخسون) منه، {وإن كان ذو عسرةٍ} أن تذروه خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون {فنظرةٌ إلى ميسرةٍ وأن تصّدّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (280) واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ} الآية، فذكروا أنّ هذه الآية نزلت من النّساء نزلت آخر القرآن.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/464]
- وقال ابن أبي عمر: حدثنا يزيد بن هارون، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، فذكر حديثًا.
قال يزيد: وعن الفضل بن عطيّة، قال: تاهوا في اثني عشر فرسخًا، أربعين سنةً، وجعل بين ظهرانيهم حجرٌ (له) مثل رأس الثّور، إذا نزلوا انفجر منه (اثنتي) عشرة عينًا.
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/466]
- قال: وعن سليمان التّيميّ عن أبي مجلزٍ في قوله تعالى (وظلّلنا) (عليكم) الغمام: قال: أظلّت عليهم في التّيه). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أبو يعلى من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} قال: يعرفون يوم القيامة بذلك لا يستطيعون القيام إلا كما يقوم المتخبط المنخنق {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} وكذبوا على الله {وأحل الله البيع وحرم الربا} ومن عاد لأكل الربا !
[الدر المنثور: 3/362]
{فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} وفي قوله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) (البقرة الآية 278) الآية، قال: بلغنا أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوف من ثقيف وبني المغيرة من بني مخزوم كان بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر الله رسوله على مكة ووضع يومئذ الربا كله وكان أهل الطائف قد صالحوا على أن لهم رباهم وما كان عليهم من ربا فهو موضوع وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر صحيفتهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين أن لا يأكلوا الربا ولا يؤكلوه، فأتى بنو عمرو بن عمير ببني المغيرة إلى عتاب بن أسيد وهو على مكة فقال بنو المغيرة: ما جعلنا أشقى الناس بالربا ووضع عن الناس غيرنا، فقال بنو عمرو بن عمير: صولحنا على أن لنا ربانا، فكتب عتاب بن أسيد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب) (البقرة الآية 279).
وأخرج الأصبهاني في ترغيبه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي آكل الربا يوم القيامة مختبلا يجر شقيه ثم قرأ {لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية
[الدر المنثور: 3/363]
قال: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس {لا يقومون}) الآية، قال: ذلك حين يبعث من قبره.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه فقال: إن الرجل يصيب درهما من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن سلام قال: الربا اثنتان وسبعون حوبا أصغرها حوبا كمن أتى أمه في الإسلام ودرهم في الربا أشد من بضع وثلاثين زنية، قال: ويؤذن للناس يوم القيامة البر والفاجر في القيام إلا أكلة الربا فإنهم لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن سلام قال: الربا سبعون حوبا أدناها فجرة مثل أن يضطجع الرجل مع أمه وأربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم بغير حق
[الدر المنثور: 3/364]
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبيهقي عن كعب قال: لأن أزني ثلاثة وثلاثين زنية أحب إلي من أن آكل درهما ربا يعلم الله أني أكلته ربا.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال درهم ربا أشد على الله من ستة وثلاثين زنية، وقال: من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به.
وأخرج الحاكم وصححه البيهقي عن عبد الله بن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الربا سبعون بابا أدناها مثل ما يقع الرجل على أمه وأربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة والبيهقي عن أنس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه فقال: إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم
[الدر المنثور: 3/365]
وأخرج الطبراني عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والذنوب التي لا تغفر، الغلول فمن غل شيئا أتى به يوم القيامة وأكل الربا فمن أكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط ثم قرأ {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}.
وأخرج أبو عبيد، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنه كان يقرأ {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} يوم القيامة، واخرج ابن جرير عن الربيع في الآية قال: يبعثون يوم القيامة وبهم خبل من الشيطان وهي في بعض القراءة لا يقومون يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم، وابن المنذر عن عائشة قالت لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقرأهن على الناس ثم حرم التجارة في الخمر
[الدر المنثور: 3/366]
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت: لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه، عن جابر قال: لما نزلت {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يترك المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله.
وأخرج أحمد، وابن ماجه، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر عن عمر أنه قال: من آخر ما أنزل آية الربا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها لنا فدعوا الربا والريبة.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه خطب فقال: إن من آخر القرآن نزولا آية الربا والريبة.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه خطب فقال: إن من آخر القرآن نزولا آية الربا وإنه قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبينه لنا فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم
[الدر المنثور: 3/367]
وأخرج البخاري وأبو عبيد، وابن جرير والبيهقي في الدلائل من طريق الشعبي عن ابن عباس قال: آخر آية أنزلها الله على رسوله آية الربا.
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب: آخر ما أنزل الله آية الربا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الربا الذي نهى الله عنه قال: كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة، أن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل البيع إلى أجل
مسمى فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {الذين يأكلون الربا} يعني استحلالا لأكله {لا يقومون} يعني يوم القيامة ذلك يعني الذي نزل بهم بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا كان الرجل إذا حل ماله على صاحبه يقول المطلوب للطالب: زدني في الأجل وأزيدك على مالك فإذا فعل ذلك قيل لهم هذا ربا، قالوا: سواء علينا إن زدنا في أول البيع أو عند محل المال فهما سواء فأكذبهم الله فقال !
[الدر المنثور: 3/368]
{وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه} يعني البيان الذي في القرآن في تحريم الربا {فانتهى} عنه {فله ما سلف} يعني فله ما كان أكل من الربا قبل التحريم {وأمره إلى الله} يعني بعد التحريم وبعد تركه إن شاء عصمه منه وإن شاء لم يفعل {ومن عاد} يعني في الربا بعد التحريم فاستحله لقولهم إنما البيع مثل الربا {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} يعني لا يموتون.
وأخرج أحمد والبزار عن رافع بن خديج قال: قيل يا رسول الله أي الكسب أطيب قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور.
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فقال: ما هذا من تمرنا، فقال الرجل: يا رسول الله بعنا تمرنا صاعين بصاع من هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك الربا ردوه ثم بيعوه تمرنا ثم اشتروا لنا من هذا.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن عائشة، أن امرأة قالت لها: إني بعت زيد بن أرقم عبدا إلى العطاء بثمانمائة فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته قبل محل الأجل بستمائة فقالت: بئسما شريت وبئسما اشتريت أبلغي زيدا أنه قد
[الدر المنثور: 3/369]
أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب، قلت: أفرأيت إن تركت المائتين وأخذت الستمائة فقالت: نعم {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف}.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد أنه سئل لم حرم الله الربا قال: لئلا يتمانع الناس المعروف). [الدر المنثور: 3/370]

تفسير قوله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {يمحق الله الرّبا}
- أخبرنا محمود بن غيلان، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة: «لمّا نزلت آيات الرّبا قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر فتلاهنّ على النّاس، ثمّ حرّم التّجارة في الخمر»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/39]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب يمحق اللّه الرّبا «يذهبه»
[صحيح البخاري: 6/32]
- حدّثنا بشر بن خالدٍ، أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن سليمان الأعمش، سمعت أبا الضّحى، يحدّث عن مسروقٍ، عن عائشة، أنّها قالت: «لمّا أنزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة، خرج رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فتلاهنّ في المسجد، فحرّم التّجارة في الخمر»). [صحيح البخاري: 6/32]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب يمحق الله الرّبا)
يذهبه هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى يمحق الله الرّبا أي يذهبه وأخرج أحمد وبن ماجة وصححه الحاكم من حديث بن مسعودٍ رفعه أنّ الرّبا وإن كثر فإنّ عاقبته إلى قلّة ثمّ ذكر المصنّف حديث عائشة المذكور قبله من وجهٍ آخر عن الأعمش ومراده الإشارة إلى أنّ هذه الآية من جملة الآيات الّتي ذكرتها عائشة قوله باب فأذنوا بحربٍ من اللّه ورسوله فاعلموا هو تفسير فأذنوا على القراءة المشهورة بإسكان الهمزة وفتح الذّال قال أبو عبيدة معنى قوله فأذنوا أيقنوا وقرأ حمزة وأبو بكرٍ عن عاصمٍ فآذنوا بالمدّ وكسر الذّال أي آذنوا غيركم وأعلموهم والأوّل أوضح في مراد السّياق ثمّ ذكر المصنّف حديث عائشة عن شيخ له آخر). [فتح الباري: 8/204]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ: {يمحق الله الرّبا} يذهبه (البقرة: 276)
أي: هذا باب فيه قوله: {يمحق الله الرّبا} وفسّر يمحق بقوله يذهبه. وقال الزّمخشريّ: يذهب ببركته ويهلك المال الّذي يدخل فيه، وعن ابن مسعود: الرّبا وإن كثر إلاّ وقل. قلت: هذا رواه ابن ماجه وأحمد وصححه الحاكم مرفوعا.
- حدّثنا بشر بن خالدٍ أخبرنا محمّد بن جعفرٍ عن شعبة عن سليمان سمعت أبا الضّحى يحدّث عن مسروقٍ عن عائشة أنّها قالت لمّا أنزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول الله فتلاهنّ في المسجد فحرّم التّجارة في الخمر.
هذا الحديث هو المذكور في الباب السّابق من وجه آخر، وفيه بعض زيادة كما نرى أخرجه عن بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة، ابن خالد أبي محمّد العسكري الفرائضي عن محمّد بن جعفر غندر عن شعبة عن سليمان الأعمش عن أبي الضّحى مسلم بن صبيح إلى آخره، ومضى هذا الحديث في كتاب الصّلاة في: باب تحريم تجارة الخمر في المسجد، أخرجه عن عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة إلى آخره). [عمدة القاري: 18/131]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {يمحق اللّه الرّبا} [البقرة: 276] يذهبه
({يمحق الله الربا}) [البقرة: 276] قال أبو عبيدة (يذهبه) بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركته فلا ينتفع به بل يعذبه في الدنيا ويعاقبه عليه في الأخرى وفي نسخة باب يمحق الله الربا.
- حدّثنا بشر بن خالدٍ، أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة عن سليمان سمعت: أبا الضّحى يحدّث عن مسروقٍ، عن عائشة أنّها قالت: لمّا أنزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتلاهنّ في المسجد فحرّم التّجارة في الخمر.
وبه قال: (حدّثنا بشر بن خالد) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة الفرائضي العسكري قال: (أخبرنا محمد بن جعفر) غندر (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران ولأبي ذر زيادة الأعمش أنه قال: (سمعت أبا الضحى) مسلم بن صبيح (يحدث عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة) -رضي الله عنها- (أنها قالت: لما أنزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم) من بيته (فتلاهن في المسجد فحرم
[إرشاد الساري: 7/46]
التجارة في الخمر) ). [إرشاد الساري: 7/47]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ}
يعني عزّ وجلّ بقوله: {يمحق اللّه الرّبا} ينقص اللّه الرّبا فيذهبه.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {يمحق اللّه الرّبا} قال: ينقص
وهذا نظير الخبر الّذي روي عن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: الرّبا وإن كثر فإلى قلٍّ
وأمّا قوله: {ويربي الصّدقات} فإنّه جلّ ثناؤه يعني أنّه يضاعف أجرها لربّها، وينمّيها له
وقد بيّنّا معنى الرّبا قبل والإرباء وما أصله، بما فيه الكفاية من إعادته. فإن قال لنا قائلٌ: وكيف إرباء اللّه الصّدقات؟
قيل: إضعافه الأجر لربّها، كما قال جلّ ثناؤه: {مثل الّذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبّةٍ أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلةٍ مائة حبّةٍ} وكما قال: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرةً}.
[جامع البيان: 5/45]
- وكما: حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا عبّاد بن منصورٍ، عن القاسم، أنّه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه عزّ وجلّ يقبل الصّدقة ويأخذها بيمينه، فيربّيها لأحدكم كما يربّي أحدكم مهره، حتّى إنّ اللّقمة لتصير مثل أحدٍ وتصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ وجلّ: هو يقبل التّوبة عن عباده ويأخذ الصّدقات} و{يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات}.
- حدّثني سليمان بن عمر بن خالدٍ بن الأقطع، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن عبّاد بن منصورٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن أبي هريرة، ولا أراه إلاّ قد رفعه، قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ يقبل الصّدقة، ولا يقبل منها الا الطّيّب.
[جامع البيان: 5/46]
- حدّثني محمّد بن عمر بن عليٍّ المقدّميّ، قال: حدّثنا ريحان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن القاسم، عن عائشة، قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه تبارك وتعالى يقبل الصّدقة ولا يقبل منها إلا الطّيّب، ويربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم مهره أو فصيله، حتّى إنّ اللّقمة لتصير مثل أحدٍ وتصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ وجلّ: {يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات}.
- حدّثني محمّد بن عبد الملك، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا معمرٌ، عن أيّوب، عن القاسم بن محمّدٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ العبد إذا تصدّق من طيّبٍ تقبّلها اللّه منه، ويأخذها بيمينه ويربّيها كما يربّي أحدكم مهره أو فصيله، وإنّ الرّجل ليتصدّق باللّقمة فتربو في يد اللّه، أو قال: في كفّ اللّه عزّ وجلّ حتّى تكون مثل أحدٍ؛ فتصدّقوا.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت يونس، عن صاحبٍ له، عن القاسم بن محمّدٍ، قال: قال أبو هريرة: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه عزّ وجلّ يقبل الصّدقة بيمينه، ولا يقبل منها إلاّ ما كان طيّبًا، واللّه يربّي لأحدكم لقمته كما يربّي أحدكم مهره وفصيله، حتّى يوافي بها يوم القيامة وهي أعظم من أحدٍ
[جامع البيان: 5/47]
وأمّا قوله: {واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ} فإنّه يعني به: واللّه لا يحبّ كلّ مصرٍّ على كفرٍ بربّه، مقيمٍ عليه، مستحلٍّ أكل الرّبا وإطعامه، أثيمٍ متمادٍ في الاثم فيما نهاه عنه من أكل الرّبا والحرام وغير ذلك من معاصيه، لا ينزجر عن ذلك، ولا يرعوي عنه، ولا يتّعظ بموعظة ربّه الّتي وعظه بها في تنزيله وآي كتابه). [جامع البيان: 5/48]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ (276)
قوله تعالى: يمحق اللّه الرّبا
- وبه، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: يمحق اللّه الرّبا يعني:
يضمحلّ.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محلّمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ، قال: سألت الحسن عن هذه الآية: يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات قال: ذلك يوم القيامة، يمحق اللّه الرّبا يومئذٍ وأهله.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أبنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: يمحق اللّه الرّبا يقول: ما كان من ربًا، وإن ثري، حتّى تغبّط به صاحبه، يمحقه اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/547]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ويربي الصّدقات واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ
- حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن عبّاد بن منصورٍ ثنا القاسم بن محمّدٍ، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنّ اللّه عزّ وجلّ يقبل الصّدقة ويأخذها بيمينه فيربّيها لأحدكم، كما يربّي أحدكم مهره أو فلوّه، حتّى إنّ اللّقمة لتصير مثل أحدٍ، وتصديق ذلك في كتاب اللّه يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: ويربي الصّدقات يعني:
يضاعف الصّدقات واللّه لا يحبّ كلّ كفار أثيم). [تفسير القرآن العظيم: 1/547]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: واللّه لا يحبّ
- حدّثنا أبو محمّدٍ ابن بنت الشّافعيّ، فيما كتب إليّ، عن أبيه أو عمّه، عن سفيان بن عيينة، قوله: واللّه لا يحبّ قال: لا يقرّب). [تفسير القرآن العظيم: 1/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (276 - 277
أخرج ابن جرير، وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {يمحق الله الربا} قال: ينقص الربا {ويربي الصدقات} قال: يزيد فيها.
وأخرج أحمد، وابن ماجة، وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر قال: سمعنا أنه لا يأتي على صاحب الربا
[الدر المنثور: 3/370]
أربعون سنة حتى يمحق.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل.
وأخرج الشافعي وأحمد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن جرير، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدارقطني في الصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوه حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) (التوبة الآية 104)، و{يمحق الله الربا ويربي الصدقات}
[الدر المنثور: 3/371]
وأخرج البزار، وابن جرير، وابن حبان والطبراني عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقة ولا يقبل منها إلا الطيب ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله حتى أن اللقمة تصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن يتصدق بالتمرة أو بعدلها من الطيب ولا يقبل الله إلا الطيب فتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فصيله حتى تكون مثل التل العظيم ثم قرأ {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: أما {يمحق الله الربا} فإن الربا يزيد في الدنيا ويكثر ويمحقه الله في الآخرة ولا يبقى منه لأهله شيء وأما قوله {ويربي الصدقات}
فإن الله يأخذها من المتصدق قبل أن تصل إلى المتصدق عليه فما يزال الله يربيها حتى يلقى صاحبها ربه فيعطيها إياه وتكون الصدقة التمرة أو نحوها فما يزال الله يربيها حتى تكون مثل
[الدر المنثور: 3/372]
الجبل العظيم.
وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله حتى تكون مثل أحد). [الدر المنثور: 3/373]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 07:59 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {الّذين يأكلون الرّبا...}
أي: في الدنيا {لا يقومون} في الآخرة {إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} والمسّ: الجنون، يقال رجل ممسوس). [معاني القرآن: 1/182]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {المسّ}: من الشيطان، والجن، وهو اللّمم، وهو ما ألمّ به، وهو الأولق والألس والزّؤد، هذا كله مثل الجنون.
{فمن جاءه موعظةٌ من ربّه}: العرب تصنع هذا؛ إذا بدءوا بفعل المؤنث قبله.
{فله ما سلف}: ما مضى). [مجاز القرآن: 1/83]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {يأكلون الربوا} فالأصل فيه من: ربا يربو، وهو الزيادة من أخذك الدرهم باثنين.
وأما قوله {الشيطان من المس} فإنه يقال: رجل ممسوس، وقد مس الرجل مسًا: إذا كان به مس). [معاني القرآن لقطرب: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون} من قبورهم يوم القيامة {إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} أي: من الجنون، [يقال: رجل ممسوس]). [تفسير غريب القرآن: 98]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى اللّه ومن عاد فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}
المعنى: الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون.
من حال جنونه.
زعم أهل التفسير أن ذلك علم لهم في الموقف، يعرفهم به أهل الموقف، يعلم به أنّهم أكلة الربا في الدنيا يقال بفلان مس، وهو ألمس وأولق إذا كان به جنون.
وقوله عزّ وجلّ: {فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى}.
جاز تذكير {جاءه}، وقال: تعالى في موضع آخر (قد جاءتكم موعظة من ربّكم} لأن كل تأنيث ليس بحقيقي فتذكيره جائز ألا ترى أن الوعظ والموعظة معبران عن معنى واحد.
وقوله عزّ وجلّ: {فله ما سلف وأمره إلى اللّه}أي: قد صفح له عمّا سلف {وأمره إلى اللّه} أي اللّه وليّه.
ومعنى {ومن عاد فأولئك أصحاب النّار} أي: من عاد إلى استحلال الربا فهو كافر، لأن من أحلّ ما حرّم اللّه فهو كافر، وهؤلاء قالوا: {إنّما البيع مثل الرّبا} ومن اعتقد هذا فهو كافر). [معاني القرآن: 1/358-359]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}
المعنى: الذين يأكلون الربا في الدنيا لا يقومون في الآخرة {إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}
قال قتادة:أي الجنون.
وقال غيره: هذا علامة لهم يوم القيامة يخرج الناس من قبورهم مسرعين كما قال تعالى: {يخرجون من الأجداث سراعا} إلا أكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون أربى الله الربا في بطونهم يوم القيامة حتى ثقلهم منهم ينهضون ويسقطون ويريدون الإسراع فلا يقدرون). [معاني القرآن: 1/305-306]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى}
قال سفيان: يعني القرآن.
ومعنى {فله ما سلف}: مغفور له.
ثم قال تعالى: {وأمره إلى الله}
قال أبو إسحاق، أي: الله جل وعز: {وليه}.
قال غيره: {وأمره إلى الله} في عصمته وتوفيقه إن شاء عصمه عن أكله وإن شاء خذله عن ذلك
وقال بعض أهل التفسير: {وأمره إلى الله} في المستقبل
وهذا قول حسن بين، أي: وأمره إلى الله في المستقبل إن شاء ثبته على التحريم وإن شاء أباحه). [معاني القرآن: 1/307-308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}
قال سفيان: من عاد فعمل بالربا حتى يموت.

وقال غيره: من عاد فقال إنما البيع مثل الربا فقد كفر). [معاني القرآن: 1/308]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الذين يأكلون الربا لا يقومون} أي: من قبورهم إلا مثل المجنون، و{المس} الجنون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 45]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْمــــَسِّ}: الجنــــون). [العمدة في غريب القرآن: 94]

تفسير قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يمحق الله الرّبا}: يذهبه كما يمحق القمر، ويمحق الرجل إذا انتقص ماله). [مجاز القرآن: 1/83]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {يمحق الله الربا} فالفعل: محقه يمحقه: إذا أدحضه وأذهب بركته، وهو من الهلاك؛ يقال: ليلة المحاق إذا اثمحق الهلال، فذهب آخر ليلة). [معاني القرآن لقطرب: 387]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 جمادى الآخرة 1434هـ/13-04-2013م, 12:32 AM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما جاء في القرآن من الموات قد حذفت فيه التاء قوله عز وجل: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى} وقوله: {من بعد ما جاءهم البينات}.
وهذا النحو كثير في القرآن وهو في [الواحدة إذا كانت من] الآدميين أقل منه في سائر الحيوان. ألا ترى أن لهم في الجميع حالا ليست لغيرهم لأنهم الأولون وأنهم قد فضلوا بما لم يفضل به غيرهم من العقل والعلم.
وأما الجميع من الحيوان الذي يكسر عليه الواحد فبمنزلة الجميع من غيره الذي يكسر عليه الواحد [في أنه مؤنث]. ألا ترى أنك تقول هو رجل وتقول هي الرجال فيجوز لك. وتقول هو جمل وهي الجمال وهو عير وهي الأعيار فجرت هذه كلها مجرى هي الجذوع. وما أشبه ذلك يجري هذا المجرى لأن الجميع يؤنث وإن كان كل واحد منه مذكرا من الحيوان. فلما كان كذلك صيروه بمنزلة الموات لأنه قد
خرج من الأول الأمكن حيث أردت الجميع. فلما كان ذلك احتملوا أن يجروه مجرى الجميع الموات قالوا جاء جواريك وجاء نساؤك وجاء بناتك. وقالوا فيما لم يكسر عليه الواحد لأنه في معنى الجمع كما قالوا في هذا كما قال الله تعالى جده: {ومنهم من يستمعون إليك} إذ كان في معنى الجميع وذلك قوله تعالى: {وقال نسوة في المدينة}.
واعلم أن من العرب من يقول ضربوني قومك وضرباني أخواك فشبهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في قالت فلانة وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث وهي قليلة. قال الشاعر وهو الفرزدق:


ولـــكـــن ديـــافـــىٌّ أبــــــوه وأمّــــــهبحوران يعصرن السّليط أقاربه

وأما قوله جل ثناؤه: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} فإنما يجيء على البدل وكأنه قال انطلقوا فقيل له من فقال بنو فلان. فقوله جل وعز: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} على هذا فيما زعم يونس). [الكتاب: 2/39-41]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنه من قال ذهب نساؤك قال أذاهب نساؤك. ومن قال: {فمن جاءه موعظة من ربه} قال أجائي موعظة تذهب الهاء هاهنا كما تذهب التاء في الفعل.
وكان أبو عمرو يقرأ: (خاشعاً أبصارهم) ). [الكتاب: 2/43]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن قال: نعم المرأة وما أشبهه فلأنهما فعلان قد كثرا، وصارا في المدح والذم أصلاً؛ والحذف موجود في كل ما كثر استعمالهم إياه.
فأما ضرب جاريتك زيداً، وجاء أمتك، وقام هندٌ فغير جائز؛ لأن تأنيث هذا تأنيثٌ حقيقي. ولو كان من غير الحيوان لصلح وكان جيداً؛ نحو: هدم دارك، وعمر بلدتك؛ لأنه تأنيث لفظ لا حقيقة تحته، كما قال عز وجل: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة} وقال: {فمن جاءه موعظةٌ من ربه}. وقال الشاعر:


لئيم يحك قفا مقرفٍلـئــيــم مـــآثـــره قـــعـــدد

و قال الآخر:


بعـيـد الـغـزاة فـمــا إن يـــزال مضطمراً طرتاه طليحا

). [المقتضب: 2/144-145] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والتأنيث، والتذكير في الواحد على ضربين: أحدهما: حقيقة، والآخر: لفظ، فهما في ترك الصرف سواءٌ، لأن الصرف إنما هو للفظ، وليسا في الإخبار عنهما سواءً. فأما الحقيقي فما كان في الرجل والمرأة، وجميع الحيوان؛ لأنك لو سميت رجلاً طلحة لخبرت عنه كما يخبر إذا كان اسمه مذكراً. ولو سميت امرأة، أو غيرها من إناث الحيوان باسمٍ مذكر لخبرت عنها كما تخبر عنها واسمها مؤنث. وذلك نحو امرأةً سميتها جعفرا فتقول: جاءتني جعفر؛ كما تقول: جاءتني حمدة، ولا يجوز أن تقول: جاءني؛ لأن التأنيث حقيقة، كما لا يجوز أن تقول: جاءتني طلحة وأنت تعني رجلاً. والتأنيث الثاني، والتذكير نحو قولك: يوم، وليلة، وبلدة، ودار ومنزل، فليس في هذا أكثر من اللفظ. فلو قلت: قصر ليلتك، وعمر دارك لجاز؛ لأن الدار والمنزل شيءٌ واحد. ليس في الدار حقيقة تصرفها عن ذلك، وكذلك البلد والبلدة. قال الله عز وجل: {فمن جاءه موعظةٌ من ربه} وقال: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة}. وقال في تأنيث الجمع: {وقالت نسوةٌ في المدينة}؛ لأن الإخبار ليس عن واحد). [المقتضب: 3/348-349]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: ضرب هند، وشتم جاريتك لم يصلح حتى تقول: ضربت هند، وشتمت جاريتك؛ لأن هنداً، والجارية مؤنثات على الحقيقة، فلا بد من علامة التأنيث.
ولو كان مؤنث الاسم، لا معنى لتأنيث، ولا تذكير تحته، كالدار والنار وما كان غير ذلك مما ليست له حقيقة التأنيث لجاز أن تذكر الفعل إن شئت فتقول: أطفئ نارك. وجئ نساؤك؛ لأن هذا إنما هو تأنيث الجمع؛ كما قال الله جل ثناؤه: {وقال نسوة في المدينة} وقال: {فمن جاءه موعظة من ربه}، {أخذ الذين ظلموا الصيحة} ). [المقتضب: 4/59] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) }
[لا يوجد]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 03:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 03:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 03:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 03:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله عز وجل: {الّذين يأكلون الرّبا} الآية، الرّبا هو الزيادة وهو مأخوذ من ربا يربو إذا نما وزاد على ما كان، وغالبة ما كانت العرب تفعله من قولها للغريم أتقضي أم تربي؟ فكان الغريم يزيد في عدد المال، ويصبر الطالب عليه، ومن الربا البين التفاضل في النوع الواحد لأنها زيادة، وكذلك أكثر البيوع الممنوعة إنما تجد منعها لمعنى زيادة إما في عين مال، وإما في منفعة لأحدهما من تأخير ونحوه، ومن البيوع ما ليس فيه معنى الزيادة كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وكالبيع ساعة النداء يوم الجمعة، فإن قيل لفاعلها: آكل ربا فبتجوز وتشبيه، والربا من ذوات الواو، وتثنيته ربوان عند سيبويه، ويكتب بالألف. قال الكوفيون: يكتب ويثنى بالياء لأجل الكسرة التي في أوله. وكذلك يقولون في الثلاثية من ذوات الواو إذا انكسر الأول أو انضم، نحو ضحى، فإن كان مفتوحا نحو صفا فكما قال البصري.
ومعنى هذه الآية: الذين يكسبون الربا ويفعلونه، وقصد إلى لفظة الأكل لأنها أقوى مقاصد الإنسان في المال، ولأنها دالة على الجشع، فأقيم هذا البعض من توابع الكسب مقام الكسب كله، فاللباس والسكنى والادخار والإنفاق على العيال وغير ذلك داخل كله في قوله: {الّذين يأكلون}، وقال ابن عباس رضي الله عنه ومجاهد وابن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي وابن زيد: «معنى قوله: لا يقومون من قبورهم في البعث يوم القيامة»، قال بعضهم: يجعل معه شيطان يخنفة، وقالوا كلهم يبعث كالمجنون عقوبة له وتمقيتا عند جمع المحشر، ويقوي هذا التأويل المجمع عليه في أن في قراءة عبد الله بن مسعود «لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وأما ألفاظ الآية فكانت تحتمل تشبيه حال القائم بحرص وجشع إلى تجارة الربا بقيام المجنون، لأن الطمع والرغبة تستفزه حتى تضطرب أعضاؤه، وهذا كما تقول لمسرع في مشيه، مخلط في هيئة حركاته، إما من فزع أو غيره، قد جن هذا، وقد شبه الأعشى ناقته في نشاطها بالجنون في قوله:
وتصبح من غبّ السّرى وكأنّما ....... ألم بها من طائف الجنّ أولق
لكن ما جاءت به قراءة ابن مسعود وتظاهرت به أقوال المفسرين يضعف هذا التأويل ويتخبّطه «يتفعله» من خبط يخبط كما تقول: تملكه وتعبده وتحمله. والمسّ الجنون، وكذلك الأولق والألس والرود، وقوله تعالى: {ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا} معناه عند جميع المتأولين في الكفار، وأنه قول تكذيب للشريعة ورد عليها.
والآية كلها في الكفار المربين نزلت ولهم قيل فله ما سلف ولا يقال ذلك لمؤمن عاص، ولكن يأخذ العصاة في الربا بطرف من وعيد هذه الآية، ثم جزم تعالى الخير في قوله: {وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا} وقال بعض العلماء في قوله: {وأحلّ اللّه البيع} هذا من عموم القرآن، لأن العرب كانت تقدر على إنفاذه، لأن الأخذ والإعطاء عندها بيع، وكل ما عارض العموم فهو تخصيص منه، وقال بعضهم: هو من مجمل القرآن الذي فسر بالمحلل من البيع وبالمحرم، والقول الأول عندي أصح، قال جعفر بن محمد الصادق: «حرم الله الربا ليتقارض الناس». وقال بعض العلماء: حرمه الله لأنه متلفة للأموال مهلكة للناس.
وسقطت علامة التأنيث في قوله: {فمن جاءه} لأن تأنيث الموعظة غير حقيقي وهو بمعنى وعظ، وقرأ الحسن «فمن جاءته» بإثبات العلامة، وقوله: {فله ما سلف} أي من الربا لاتباعه عليه منه في الدنيا ولا في الآخرة قاله السدي وغيره، وهذا حكم من الله تعالى لمن أسلم من كفار قريش وثقيف ومن كان يتجر هناك، وسلف معناه تقدم في الزمن وانقضى.
وفي قوله تعالى: {وأمره إلى اللّه} أربع تأويلات: أحدها أن الضمير عائد على الربا بمعنى: وأمر الربا إلى الله في إمرار تحريمه أو غير ذلك. والثاني أن يكون الضمير عائدا على ما سلف. أي أمره إلى الله في العفو عنه وإسقاط التبعية فيه. والثالث أن يكون الضمير عائدا على ذي الربا بمعنى أمره إلى الله في أن يثيبه على الانتهاء أو يعيده إلى المعصية في الربا. والرابع أن يعود الضمير على المنتهي ولكن بمعنى التأنيس له وبسط أمله في الخير. كما تقول وأمره إلى طاعة وخير وموضع رجاء. وكما تقول وأمره في نمو أو إقبال إلى الله وإلى طاعته، ويجيء الأمر هاهنا ليس في الربا خاصة بل وجملة أموره. وقوله تعالى: {ومن عاد} يعني إلى فعل الربا والقول إنّما البيع مثل الرّبا وإن قدرنا الآية في كافر فالخلود خلود تأبيد حقيقي، وإن لحظناها في مسلم عاص فهذا خلود مستعار على معنى المبالغة، كما تقول العرب: ملك خالد، عبارة عن دوام ما لا على التأبيد الحقيقي). [المحرر الوجيز: 2/ 95-98]

تفسير قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ (276) إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (277)}
يمحق معناه: ينقص ويذهب، ومنه محاق القمر وهو انتقاصه، ويربي الصّدقات معناه ينميها ويزيد ثوابها تضاعفا، تقول: ربت الصدقة وأرباها الله تعالى ورباها وذلك هو التضعيف لمن يشاء، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن صدقة أحدكم لتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فصيله، أو فلوه، حتى يجيء يوم القيامة وأن اللقمة لعلى قدر أحد».
وقد جعل الله هذين الفعلين بعكس ما يظنه الحريص الجشع من بني آدم، يظن الربا يغنيه وهو في الحقيقة ممحق، ويظن الصدقة تفقره وهي نماء في الدنيا والآخرة، وقرأ ابن الزبير: «يمحّق الله» بضم الياء وكسر الحاء مشددة، «ويربّي» بفتح الراء وشد الباء، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك.
وقوله تعالى: {واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ} يقتضي أن الزجر في هذه الآيات للكفار المستحلين للربا القائلين على جهة التكذيب للشرع إنّما البيع مثل الرّبا ووصف الكفار ب أثيمٍ، إما مبالغة من حيث اختلف اللفظان، وإما ليذهب الاشتراك الذي في كفار، إذ قد يقع على الزارع الذي يستر الحب في الأرض. قاله ابن فورك قال ومعنى قوله: {واللّه لا يحبّ} أي لا يحب الكفار الأثيم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «محسنا صالحا بل يريده مسيئا فاجرا، ويحتمل أن يريد والله لا يحب توفيق الكفار الأثيم».
وهذه تأويلات مستكرهة، أما الأول فأفرط في تعدية الفعل وحمله من المعنى ما لا يحتمله لفظه، وأما الثاني فغير صحيح المعنى، بل الله تعالى يحب التوفيق على العموم ويحببه، والمحب في الشاهد يكون منه ميل إلى المحبوب ولطف به، وحرص على حفظه، وتظهر دلائل ذلك، والله تعالى يريد وجود الكافر على ما هو عليه، وليس له عنده مزية الحب بأفعال تظهر عليه نحو ما ذكرناه في الشاهد، وتلك المزية موجودة للمؤمن). [المحرر الوجيز: 2/ 98-101]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 03:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 03:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى اللّه ومن عاد فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (275)}
لمّا ذكر تعالى الأبرار المؤدّين النّفقات، المخرجين الزّكوات، المتفضّلين بالبرّ والصّلات لذوي الحاجات والقرابات في جميع الأحوال والآنّات -شرع في ذكر أكلة الرّبا وأموال النّاس بالباطل وأنواع الشّبهات، فأخبر عنهم يوم خروجهم من قبورهم وقيامهم منها إلى بعثهم ونشورهم، فقال: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} أي: لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلّا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبّط الشّيطان له؛ وذلك أنّه يقوم قيامًا منكرًا. وقال ابن عبّاسٍ: «آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونًا يخنق». رواه ابن أبي حاتمٍ، قال: وروي عن عوف بن مالكٍ، وسعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ، ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك.
وحكي عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيّان أنّهم قالوا في قوله: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} يعني: لا يقومون يوم القيامة. وكذا قال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، والضّحّاك، وابن زيدٍ.
وروى ابن أبي حاتمٍ، من حديث أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيبٍ، عن ابن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن أبيه أنّه كان يقرأ: "الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ يوم القيامة "
وقال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا ربيعة بن كلثومٍ، حدّثنا أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «يقال يوم القيامة لآكل الرّبا: خذ سلاحك للحرب. وقرأ: {لا يقومون إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ}» قال: «وذلك حين يقوم من قبره».
وفي حديث أبي سعيدٍ في الإسراء، كما هو مذكورٌ في سورة سبحان: أنّه، عليه السّلام مرّ ليلتئذٍ بقومٍ لهم أجوافٌ مثل البيوت، فسأل عنهم، فقيل: هؤلاء أكلة الرّبا. رواه البيهقيّ مطوّلًا.
وقال ابن ماجه: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا الحسن بن موسى، عن حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن أبي الصّلت، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أتيت ليلة أسري بي على قومٍ بطونهم كالبيوت، فيها الحيّات ترى من خارج بطونهم. فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الرّبا». ورواه الإمام أحمد، عن حسنٍ وعفّان، كلاهما عن حمّاد بن سلمة، به. وفي إسناده ضعفٌ.
وقد روى البخاريّ، عن سمرة بن جندبٍ في حديث المنام الطّويل: «فأتينا على نهرٍ-حسبت أنّه كان يقول: أحمر مثل الدّم -وإذا في النّهر رجلٌ سابحٌ يسبح، وإذا على شطّ النّهر رجلٌ قد جمع عنده حجارةً كثيرةً، وإذا ذلك السّابح يسبح، ما يسبح ثمّ يأتي ذلك الّذي قد جمع الحجارة عنده فيفغر له فاه فيلقمه حجرًا» وذكر في تفسيره: أنّه آكل الرّبا.
وقوله: {ذلك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الرّبا وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا} أي: إنّما جوزوا بذلك لاعتراضهم على أحكام اللّه في شرعه، وليس هذا قياسًا منهم للرّبا على البيع؛ لأنّ المشركين لا يعترفون بمشروعيّة أصل البيع الّذي شرعه اللّه في القرآن، ولو كان هذا من باب القياس لقالوا: إنّما الرّبا مثل البيع، وإنّما قالوا: {إنّما البيع مثل الرّبا} أي: هو نظيره، فلم حرّم هذا وأبيح هذا؟ وهذا اعتراضٌ منهم على الشّرع، أي: هذا مثل هذا، وقد أحلّ هذا وحرّم هذا!
وقوله تعالى: {وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا} يحتمل أن يكون من تمام الكلام ردًّا عليهم، أي: قالوا: ما قالوه من الاعتراض، مع علمهم بتفريق اللّه بين هذا وهذا حكمًا، وهو الحكيم العليم الّذي لا معقّب لحكمه، ولا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها، وما ينفع عباده فيبيحه لهم، وما يضرّهم فينهاهم عنه، وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها الطّفل؛ ولهذا قال: {فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى اللّه} أي: من بلغه نهي اللّه عن الرّبا فانتهى حال وصول الشّرع إليه. فله ما سلف من المعاملة، لقوله: {عفا اللّه عمّا سلف} [المائدة: 95] وكما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم فتح مكّة: «وكلّ ربًا في الجاهليّة موضوعٌ تحت قدمي هاتين، وأوّل ربًا أضع ربا العبّاس» ولم يأمرهم بردّ الزّيادات المأخوذة في حال الجاهليّة، بل عفا عما سلف، كما قال تعالى: {فله ما سلف وأمره إلى اللّه}، قال سعيد بن جبيرٍ والسّدّيّ: «{فله ما سلف} فإنّه ما كان أكل من الرّبا قبل التّحريم».
وقال ابن أبي حاتمٍ: قرئ على محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني جرير بن حازمٍ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن أمّ يونس -يعني امرأته العالية بنت أيفع -أنّ عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت لها أمّ محبّة أمّ ولدٍ لزيد بن أرقم-: «يا أمّ المؤمنين، أتعرفين زيد بن أرقم؟ قالت: نعم. قالت: فإنّي بعته عبدًا إلى العطاء بثمانمائةٍ، فاحتاج إلى ثمنه، فاشتريته قبل محلّ الأجل بستّمائةٍ. فقالت: بئس ما شريت! وبئس ما اشتريت! أبلغي زيدًا أنّه قد أبطل جهاده مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إن لم يتب قالت: فقلت: أرأيت إن تركت المائتين وأخذت السّتّمائة؟ قالت: نعم، {فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فانتهى فله ما سلف}». وهذا الأثر مشهورٌ، وهو دليلٌ لمن حرّم مسألة العينة، مع ما جاء فيها من الأحاديث المقرّرة في كتاب الأحكام، وللّه الحمد والمنّة.
ثمّ قال تعالى: {ومن عاد} أي: إلى الرّبا ففعله بعد بلوغ نهي اللّه له عنه، فقد استوجب العقوبة، وقامت عليه الحجّة؛ ولهذا قال: {فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}.
وقد قال أبو داود: حدّثنا يحيى بن معينٍ، أخبرنا عبد اللّه بن رجاءٍ المكّيّ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ قال: «لمّا نزلت: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من لم يذر المخابرة، فليأذن بحربٍ من اللّه ورسوله». ورواه الحاكم في مستدركه، من حديث ابن خثيمٍ، وقال: صحيحٌ على شرط مسلمٍ، ولم يخرّجه .
وإنّما حرّمت المخابرة وهي: المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض، والمزابنة وهي: اشتراء الرّطب في رؤوس النّخل بالتّمر على وجه الأرض، والمحاقلة وهي: اشتراء الحبّ في سنبله في الحقل بالحبّ على وجه الأرض -إنّما حرّمت هذه الأشياء وما شاكلها، حسمًا لمادّة الرّبا؛ لأنّه لا يعلم التّساوي بين الشّيئين قبل الجفاف. ولهذا قال الفقهاء: الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة. ومن هذا حرّموا أشياء بما فهموا من تضييق المسالك المفضية إلى الرّبا، والوسائل الموصّلة إليه، وتفاوت نظرهم بحسب ما وهب اللّه لكلٍّ منهم من العلم، وقد قال تعالى: {وفوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ} [يوسف: 76].
وباب الرّبا من أشكل الأبواب على كثيرٍ من أهل العلم، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه: «ثلاثٌ وددت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عهد إلينا فيهنّ عهدًا ننتهي إليه: الجدّ، والكلالة، وأبوابٌ من أبواب الرّبا»، يعني بذلك بعض المسائل الّتي فيها شائبة الرّبا والشّريعة شاهدةٌ بأنّ كلّ حرامٍ فالوسيلة إليه مثله؛ لأنّ ما أفضى إلى الحرام حرامٌ، كما أنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجبٌ. وقد ثبت في الصّحيحين، عن النّعمان بن بشيرٍ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ الحلال بيّنٌ وإنّ الحرام بيّنٌ، وبين ذلك أمورٌ مشتبهاتٌ، فمن اتّقى الشّبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشّبهات وقع في الحرام، كالرّاعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه».
وفي السّنن عن الحسن بن عليٍّ، رضي اللّه عنهما، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». وفي الحديث الآخر: «الإثم ما حاك في القلب وتردّدت فيه النّفس، وكرهت أن يطّلع عليه النّاس». وفي روايةٍ: «استفت قلبك، وإن أفتاك النّاس وأفتوك».
وقال الثّوريّ: عن عاصمٍ، عن الشّعبيّ، عن ابن عبّاسٍ قال: «آخر ما نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آية الرّبا». رواه البخاريّ عن قبيصة، عنه.
وقال أحمد، عن يحيى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر قال: «من آخر ما نزل آية الرّبا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسّرها لنا، فدعوا الرّبا والرّيبة». رواه ابن ماجه وابن مردويه.
وروى ابن مردويه من طريق هيّاج بن بسطامٍ، عن داود بن أبي هندٍ، عن أبي نضرة عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: خطبنا عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، فقال: «إنّي لعلّي أنهاكم عن أشياء تصلح لكم وآمركم بأشياء لا تصلح لكم، وإنّ من آخر القرآن نزولًا آية الرّبا، وإنّه قد مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يبيّنه لنا، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم».
وقد قال ابن ماجه: حدّثنا عمرو بن عليٍّ الصّيرفيّ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن زبيدٍ، عن إبراهيم، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ -عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «الرّبا ثلاثةٌ وسبعون بابًا».
ورواه الحاكم في مستدركه، من حديث عمرو بن عليٍّ الفلّاس، بإسناد مثله، وزاد: «أيسرها أن ينكح الرّجل أمّه، وإنّ أربى الرّبا عرض الرّجل المسلم». وقال: صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرجاه.
وقال ابن ماجه: حدّثنا عبد اللّه بن سعيدٍ، حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، عن أبي معشرٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الرّبا سبعون حوبًا، أيسرها أن ينكح الرّجل أمّه».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا هشيم، عن عبّاد بن راشدٍ، عن سعيد بن أبي خيرة حدّثنا الحسن -منذ نحوٍ من أربعين أو خمسين سنةً -عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «يأتي على النّاس زمانٌ يأكلون فيه الرّبا» قال: قيل له: النّاس كلّهم؟ قال: «من لم يأكله منهم ناله من غباره» وكذا رواه أبو داود، والنّسائيّ، وابن ماجه من غير وجهٍ، عن سعيد بن أبي خيرة عن الحسن، به.
ومن هذا القبيل، وهو تحريم الوسائل المفضية إلى المحرّمات الحديث الّذي رواه الإمام أحمد: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن مسلم بن صبيحٍ، عن مسروقٍ، عن عائشة قالت: «لمّا نزلت الآيات من آخر البقرة في الرّبا خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المسجد، فقرأهن، فحرّم التّجارة في الخمر».
وقد أخرجه الجماعة سوى التّرمذيّ، من طرقٍ، عن الأعمش به وهكذا لفظ رواية البخاريّ، عند تفسير الآية: فحرّم التّجارة، وفي لفظٍ له، عن عائشة قالت: «لمّا نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الرّبا قرأها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على النّاس، ثمّ حرّم التّجارة في الخمر». قال بعض من تكلّم على هذا الحديث من الأئمّة: لمّا حرّم الرّبا ووسائله حرّم الخمر وما يفضي إليه من تجارةٍ ونحو ذلك، كما قال، عليه السّلام في الحديث المتّفق عليه: «لعن اللّه اليهود، حرّمت عليهم الشّحوم فجمّلوها فباعوها وأكلوا أثمانها».
وقد تقدّم في حديث عليٍّ وابن مسعودٍ وغيرهما، عند لعن المحلّل في تفسير قوله: {حتّى تنكح زوجًا غيره} [البقرة: 230] قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «لعن اللّه آكل الرّبا وموكله، وشاهديه وكاتبه». قالوا: وما يشهد عليه ويكتب إلّا إذا أظهر في صورة عقدٍ شرعيٍّ ويكون داخله فاسدًا، فالاعتبار بمعناه لا بصورته؛ لأنّ الأعمال بالنّيّات، وفي الصّحيح: «إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، وإنّما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».
وقد صنّف الإمام، العلّامة أبو العبّاس ابن تيميّة كتابًا في "إبطال التّحليل" تضمّن النّهي عن تعاطي الوسائل المفضية إلى كلّ باطلٍ، وقد كفى في ذلك وشفى، فرحمه اللّه ورضي عنه). [تفسير ابن كثير: 1/ 708-712]

تفسير قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ (276) إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (277)}
يخبر اللّه تعالى أنّه يمحق الرّبا، أي: يذهبه، إمّا بأن يذهبه بالكلّيّة من يد صاحبه، أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به، بل يعذّبه به في الدّنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة. كما قال تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطّيّب ولو أعجبك كثرة الخبيث} [المائدة: 100]، وقال تعالى: {ويجعل الخبيث بعضه على بعضٍ فيركمه جميعًا فيجعله في جهنّم} [الأنفال: 37]، وقال: {وما آتيتم من ربًا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه} الآية [الرّوم: 39].
وقال ابن جريرٍ: في قوله: {يمحق اللّه الرّبا} وهذا نظير الخبر الّذي روي عن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: «الرّبا وإن كثر فإلى قلّ».
وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده، فقال: حدّثنا حجّاجٌ قال حدّثنا شريكٌ عن الرّكين بن الرّبيع بن عميلة الفزاريّ عن أبيه، عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الرّبا وإن كثر فإنّ عاقبته تصير إلى قلٍّ» وقد رواه ابن ماجه، عن العبّاس بن جعفرٍ، عن عمرو بن عونٍ، عن يحيى بن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن الرّكين بن الرّبيع بن عميلة الفزاريّ، عن أبيه، عن ابن مسعودٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «ما أحدٌ أكثر من الرّبا إلّا كان عاقبة أمره إلى قلّةٍ».
وهذا من باب المعاملة بنقيض المقصود، كما قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، حدّثنا الهيثم بن رافعٍ الطّاطريّ، حدّثني أبو يحيى -رجلٌ من أهل مكّة -عن فرّوخٍّ مولى عثمان: «أنّ عمر -وهو يومئذٍ أمير المؤمنين -خرج إلى المسجد، فرأى طعامًا منثورًا. فقال: ما هذا الطّعام؟ فقالوا: طعامٌ جلب إلينا. قال: بارك اللّه فيه وفيمن جلبه. قيل: يا أمير المؤمنين، إنّه قد احتكر. قال: ومن احتكره؟ قالوا: فرّوخٌ مولى عثمان، وفلانٌ مولى عمر. فأرسل إليهما فدعاهما فقال: ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟ قالا يا أمير المؤمنين، نشتري بأموالنا ونبيع!! فقال عمر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللّه بالإفلاس أو بجذامٍ ». فقال فرّوخٌ عند ذلك: أعاهد اللّه وأعاهدك ألّا أعود في طعامٍ أبدًا. وأمّا مولى عمر فقال: إنّما نشتري بأموالنا ونبيع. قال أبو يحيى: فلقد رأيت مولى عمر مجذومًا.
ورواه ابن ماجه من حديث الهيثم بن رافعٍ، به. ولفظه: «من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللّه بالجذام والإفلاس».
وقوله: {ويربي الصّدقات} قرئ بضمّ الياء والتّخفيف، من "ربا الشيء يربو" و "أرباه يربيه" أي: كثّره ونمّاه ينمّيه. وقرئ: "ويربّي" بالضّمّ والتّشديد، من التّربية، كما قال البخاريّ: حدّثنا عبد اللّه بن منيرٍ، سمع أبا النّضر، حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن دينارٍ، عن أبيه، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تصدق بعدل تمرة من كسبٍ طيّبٍ، ولا يقبل اللّه إلّا الطّيب، وإنّ اللّه ليقبلها بيمينه، ثمّ يربّيها لصاحبه كما يربّي أحدكم فلوّه، حتّى يكون مثل الجبل».
كذا رواه في كتاب الزّكاة. وقال في كتاب التّوحيد: وقال خالد بن مخلدٍ، عن سليمان بن بلالٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، فذكر بإسناده، نحوه.
وقد رواه مسلمٌ في الزّكاة عن أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، عن خالد بن مخلدٍ، فذكره. قال البخاريّ: ورواه مسلم بن أبي مريم، وزيد بن أسلم، وسهيلٌ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قلت: أمّا رواية مسلم بن أبي مريم: فقد تفرّد البخاريّ بذكرها، وأمّا طريق زيد بن أسلم: فرواها مسلمٌ في صحيحه، عن أبي الطّاهر بن السّرح، عن ابن وهبٍ، عن هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، به. وأمّا حديث سهيلٍ فرواه مسلمٌ، عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرّحمن، عن سهيلٍ، به. واللّه أعلم.
قال البخاريّ: وقال ورقاء عن ابن دينارٍ، عن سعيد بن يسارٍ عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد أسند هذا الحديث من هذا الوجه الحافظ أبو بكرٍ البيهقيّ، عن الحاكم وغيره، عن الأصمّ، عن العبّاس المروزيّ عن أبي النّضر هاشم بن القاسم، عن ورقاء -وهو ابن عمر اليشكريّ -عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن سعيد بن يسارٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة من كسبٍ طيّبٍ، ولا يصعد إلى اللّه إلّا الطّيّب، فإنّ اللّه يقبلها بيمينه، فيربّيها لصاحبها، كما يربّي أحدكم فلوّه، حتّى تكون مثل أحدٍ».
وهكذا روى هذا الحديث مسلمٌ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ جميعًا، عن قتيبة، عن اللّيث بن سعدٍ، عن سعيدٍ المقبريّ. وأخرجه النّسائيّ -من رواية مالكٍ، عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاريّ -ومن طريق يحيى القطّان، عن محمّد بن عجلان، ثلاثتهم عن سعيد بن يسارٍ أبي الحباب المدنيّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره.
وقد روي عن أبي هريرة من وجهٍ آخر، فقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عمرو بن عبد الله الأودي، حدّثنا وكيع، عن عبّاد بن منصورٍ، حدّثنا القاسم بن محمّدٍ قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه عزّ وجلّ يقبل الصّدقة ويأخذها بيمينه، فيربّيها لأحدكم كما يربّي أحدكم مهره -أو فلوّه -حتّى إنّ اللّقمة لتصير مثل أحدٍ». وتصديق ذلك في كتاب اللّه: {يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات}.
وكذا رواه أحمد، عن وكيعٍ، وهو في تفسير وكيعٍ. ورواه التّرمذيّ، عن أبي كريب، عن وكيعٍ، به وقال: حسنٌ صحيحٌ، وكذا رواه الثّوريّ عن عبّاد بن منصورٍ، به. ورواه أحمد أيضًا، عن خلف بن الوليد، عن ابن المبارك، عن عبد الواحد بن ضمرة وعبّاد بن منصورٍ كلاهما عن أبي نضرة، عن القاسم، به.
وقد رواه ابن جريرٍ، عن محمّد بن عبد الملك بن إسحاق عن عبد الرّزّاق، عن معمر، عن أيّوب، عن القاسم بن محمّدٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ العبد إذا تصدّق من طيّبٍ، يقبلها اللّه منه، فيأخذها بيمينه، ويربّيها كما يربّي أحدكم مهره أو فصيله وإنّ الرّجل ليتصدّق باللّقمة فتربو في يد اللّه -أو قال: في كفّ اللّه -حتّى تكون مثل أحدٍ، فتصدّقوا».
وهكذا رواه أحمد، عن عبد الرّزّاق. وهذا طريقٌ غريبٌ صحيح الإسناد، ولكنّ لفظه عجيبٌ، والمحفوظ ما تقدّم. وروي عن عائشة أمّ المؤمنين، فقال الإمام أحمد:
حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ اللّه ليربّي لأحدكم التّمرة واللّقمة، كما يربّي أحدكم فلوّه أو فصيله، حتّى يكون مثل أحدٍ». تفرّد به أحمد من هذا الوجه.
وقال البزّار: حدّثنا يحيى بن المعلّى بن منصورٍ، حدّثنا إسماعيل، حدّثني أبي، عن يحيى بن سعيدٍ، عن عمرة، عن عائشة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وعن الضّحّاك بن عثمان، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الرّجل ليتصدّق بالصّدقة من الكسب الطّيّب، ولا يقبل اللّه إلّا الطّيّب، فيتلقّاها الرّحمن بيده فيربّيها، كما يربّي أحدكم فلوّه -أو وصيفه -أو قال: فصيله» ثمّ قال: لا نعلم أحدًا رواه عن يحيى بن سعيد بن عمرة إلّا أبو أويسٍ.
وقوله: {واللّه لا يحبّ كلّ كفّارٍ أثيمٍ} أي: لا يحبّ كفور القلب أثيم القول والفعل، ولا بدّ من مناسبةٍ في ختم هذه الآية بهذه الصّفة، وهي أنّ المرابي لا يرضى بما قسم اللّه له من الحلال، ولا يكتفي بما شرع له من التّكسّب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل، بأنواع المكاسب الخبيثة، فهو جحودٌ لما عليه من النّعمة، ظلومٌ آثمٌ بأكل أموال النّاس بالباطل). [تفسير ابن كثير: 1/ 712-716]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة