التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وقالوا لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هوداً أو نصارى...} يريد: يهوديّاً, فحذف الياء الزائدة ورجع إلى الفعل من اليهودية,
وهي في قراءة أبيّ وعبد الله: {إلاّ من كان يهوديا أو نصرانيً},
وقد يكون أن تجعل "اليهود" جمعاً، واحده "هائد" ممدود، وهو مثل: حائل ممدود-من النوق- وحول، وعائط, وعوط, وعيط, وعوطط). [معاني القرآن: 1 / 73]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({برهانكم}: بيانكم , وحجتكم). [مجاز القرآن: 1 / 51]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وقالوا لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيّهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}
قال: {لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هوداً أو نصارى} فزعموا أن "الهود": جماعة "الهائد"، و"الهائد": التائب الراجع إلى الحق,
وقال في مكان آخر: {وقالوا كونوا هوداً} أي: كونوا راجعين إلى الحق، ويقال: "هائد", و"هوّد" مثل: "ناقه" و"نقّه"، و"عائد" و"عوّد"، و"حائل" و"حوّل"، و"بازل" و"بزّل,
وجعل {من كان} واحداً؛ لأنّ لفظ {من} واحدٌ، وجمع في قوله: {هوداً أو نصارى}, وفي هذا الوجه تقول: "من كان صاحبك"). [معاني القرآن: 1 / 110 -111]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {إلا من كان هودا أو نصارى} فقال: "كان" فصير "من" واحدًا، ثم جمع {هودا أو نصارى}؛ ومثل الآية؛ لن يأتيك إلا من كان إخوتك وأصحابك؛ فإنما حمله على لفظ الواحد مرة، وعلى معنى الجميع أخرى.
[معاني القرآن لقطرب: 451]
وكذلك قول الله عز وجل {ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا} فجعله واحدًا، ثم جمعًا، ثم واحدًا.
وكذلك {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا} جعله واحدًا مذكرًا على اللفظ، ثم واحدًا مؤنثًا على المعنى.
ومثله {ومن الشياطين من يغوصون له} فجعله جمعًا؛ كأنه قال: الذين يغوصون له.
ومثله {ومنهم من يستمعون إليك} فجعله جمعًا.
وهذا كله حسن.
وقال سيار بن ملقعة الغنوي:
فعنك ابن سعدى ومثل البلاء أيقظ من كان منكم نياما
مثل {إلا من كان هودا أو نصارى}.
وقال أمية:
فتشقق الحنفاء في ملاتهم = عن من تنصر خابيًا وتهودا.
وقال القطامي:
كأن نسوع رحلي حين ضمت = حوالب غرزًا ومعي جياعًا
فقال: معي جياعًا؛ والمعى واحد؛ فهذا شبيه بما ذكرنا في الحمل على المعنى.
[وأنشد محمد بن صالح]:
وتسبق الحمقاء في ملاتهم = عن من تنصر خائنًا وتهودا
قال قطرب: فجعله واحدًا، ثم جمعًا.
وقال حاتم طيء:
إذا ما البخيل الخب أخمد ناره = أقول لمن يصلى بناري أوقدوا
مثل قوله {من يغوصون له}.
[معاني القرآن لقطرب: 452]
وقال الآخر:
تعال فإن عاهدتني لا تخونني = نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فجعل "من" للاثنين، مثل: اللذين يا ذيب يصطحبان؛ وهذا قليل في التثنية، طريف.
وقال الأسود بن يعفر في غير "من" في مثل معناها:
إن المنية والحتوف كلاهما = يوفي المخارم يرقبان سوادي
فقال: يوفي؛ جعله واحدًا على كلاهما، مثل: قفاهما، ثم قال: يرقبان؛ فثنى على معنى كليهما؛ لأن المعنى اثنان.
وقال القطامي:
كأن نسوع رحلي حين ضمت = حوالب غرزا ومعي جياعا
فقال: معي جياعًا؛ والمعنى واحد؛ فهذا شبيه بما ذكرنا في الحمل على المعنى، من أمعاء.
وقال الآخر:
أخو الذئب يعوي والغراب ومن يكن = شريكيه يطمع نفسه كل مطمع
صيره واحدًا، ثم اثنين.
وقال الآخر:
إذا ما حاتم مجد ابن عم = مجدنا من تكلم أجمعينا
[قال أبو الحسن: من هذا الموضع إلى آخر قراءة سورة آل عمران عن محمد بن صالح]:
وقال الأبيرد:
أبوك الذي ينميك مروان للعلى = وخالك سعد الخير لا من تخولوا
[معاني القرآن لقطرب: 453]
فجعله جمعًا.
وقال الآخر:
ألما بسلمى عنكما إن عرضتما = وقولا لها عوجي على من تخلفوا
ألم تعلمي أني عزوف عن الهوى = وأني بحب الغانيات مكلف
وقال أبو النجم:
لسنا كمن تشمها برد السحر = ولا خشيف الماء في الليل القرر
فقال: كمن تشمها.
ومن كلامهم تفعل بالتاء.
وقال أوس بن حجر:
وأخرج منه القين أثرا كأنه = مدب دبًا سود سرى وهو مسهل
فقال: سود؛ فجعله جمعًا على: الدبا، ثم قال: سرى فجعله واحدًا.
وأنشدنا الثقة لابن مقبل:
ومأتم كالدمى حور مدامعه = لم يلبس البؤس أبكارا ولا عونا
فقال: لم يلبس البؤس أبكارًا، مثل: لم يذهب ركبانا ولا مشاة؛ واحد ثم جمع.
وقال الأبيرد:
وأي امرئ غادرتم في محلكم = إذا هي أمست لون آفاقها حمر
كأنه قال: ألوان.
ومثله قوله عز وجل {حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت} فقال {ثقالا} فجعله جمعًا على السحاب، ثم قال {سقناه}، واحدًا على السحاب أيضًا؛ واحدًا في اللفظ وهو جمع في المعنى؛ لأن الواحد منه: سحابة، وسحاب للجمع.
[معاني القرآن لقطرب: 454]
فهذا حال "من"، وإنما هي للآدميين خاصة؛ وقد جاءت لغيرهم، إلا أنهم مخلوطون جميعًا، وكأن ذلك أحسن.
وإن كانت "من" قصد بها لغير الآدميين، وذلك قول الله عز وجل {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} فالذي يمشي على أربع وعلى بطنه غير الآدميين، وقد حكي لنا بيت أبي زبيد:
فوافى به من كان يرجو إيابه = وصادف منه بعض ما كان يحذر
يريد: أشبال الأسد؛ وإنما هو في الأسد، فقال:
فوافى به من كان يرجو إيابه = ...............
يعني: أشباله؛ فجاءت لغير الآدميين.
وكذلك قوله {وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين} يريد: البهائم في التفسير.
و{بورك من في النار} تحقيق على النار، والله أعلم.
و{من لا يستجيب} كأنه يعني الأصنام.
و"ضل من تدعون من دون الله".
وأما "ما" فأكثر استعمالها في غير الآدميين، كما كانت "من" للآدميين في الغالب.
وقال أبو كبير:
أخلاو إن الدهر يهلك ما ترى = من ذي بنين وأمهم ومن ابنمي
[معاني القرآن لقطرب: 455]
أخلاو؛ يريد: أخلاوة.
وقال الله عز وجل {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} {ولا أنتم عابدون ما أعبد} ومن ذلك قول الله عز وجل {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}، المعنى: لمن خلقت؛ لأنه يريد: آدم عليه السلام.
وقالت العرب في كلامهم: سبحان ما سبحت له، وسبحان ما سخر لنا؛ يريد: من سبحت له، فجاء بما.
وقال عمرو بن جبلة:
إني وما سمك السماء مكانها = والبدر ليلة نصفها وهلالها
يريد: ومن سمك؛ الله.
وقال بعضهم {الله خير أما يشركون} "ما" بمنزلة "من"؛ ويجوز على هذا {وما خلق الذكر والأنثى} على: ومن خلق الذكر والأنثى؛ ويكون على: وخلق الذكر والأنثى؛ تصير "ما" بمنزلة الخلق.
وقرأ أبو الدرداء: "والذكر والأنثى" بالخفض، وقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: "والذكر والأنثى" بالخفض، كقولك: رأيت ما تصنع؛ أي صنيعتك، وكل جائز حسن؛ وهذا الوجه الآخر أسهل.
وكذلك {والسماء وما بناها والأرض وما طحاها} يجوز على شيئين: على: "منط.
ويجوز على: وبنائها؛ يريد: المصدر؛ كأنه أكثر وأسهل.
[معاني القرآن لقطرب: 456]
وقال ابن عباس {وما خلق الذكر والأنثى} يقول: والذي خلق الذكر والأنثى.
وقال ابن عباس {وما بناها} أقسم بنفسه: من بناها.
وقال الشاعر:
فلا تناسوا جميع الحق بينكم = وما تصدع من مخشاته الحجر
يريد: الله عز وجل بـ"ما".
وكذلك قوله {فما يكذبك بعد بالدين}؛ كأن المعنى: فمن يكذبك بعد بالدين؛ فهذا الغالب على المعنى، والله أعلم؛ لأن التكذيب لا يكون إلا من الآدميين.
وكذلك قول ذي الرمة:
فلا تنسني من أنني لك ناصح = وما أنزل القرآن في ليلة القدر
يجوز أن يكون أراد الله عز وجل؛ ويكون على المصدر.
وقال الأخطل:
حلفت بما تساق له الهدايا = وما حلت بكعبته النذور
وأما قوله فيما حمل على اللفظ والمعنى من باب "ما" كما كان ذلك في "من"، قال الله عز وجل {من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهروه} فقال {على ظهوره} فجعله جمعًا بالظهور، وواحدًا بالإضمار، ولم يقل: على ظهره، ولا على ظهورها؛ وهذا مثل {إلا من كان هودا أو نصارى}، وإنما هذا على {ما تركبون} الإضمار لـ "ما".
[معاني القرآن لقطرب: 457]
ومثله قوله {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا} فيجوز على أن تكون الهاء في {بطونه} لـ: "ما"؛ كأنه قال: نسقيكم من الذي في بطونه، فيكون حسنًا؛ وتكون الهاء لـ: "ما" وهي واحد في اللفظ.
ومن جعلها للأنعام قال {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه} يريد الأنعام، فجائز؛ والأول الذي يستحسن؛ هذا كأنه رجع إلى النعم، واحد الأنعام؛ وزعم يونس: أنه يذكر ويؤنث؛ هذا النعم، وهذه النعم، وكذلك الغنم؛ ويكون ذلك كما تقول: أحسن الفتيان وأجمله؛ كأنك قلت: وأجمل من ذكرت؛ وقد جاء مثله؛ قال الشاعر:
شر يوميها وأغواه لها = ركبت عنز بحدج جملا
فقال: وأشقاه لها؛ كأنه قال: وأشقى ما ذكرت؛ فحمل على المعنى.
وزعم يونس أن: هذا أحمق الرجلين وأشقاه، جائز.
ومثله قوله:
مثل الفراخ نتفت حواصله
ولم يقل: حواصلها؛ فكأنه قال: نتفت حواصل ما ذكرنا.
وقال بشر أيضًا:
لئام الناس ما عاشوا حياة وأنتنته إذا دفنوا قبورا
المعنى: وأنتن ما ذكرنا.
وقال الحطيئة:
[معاني القرآن لقطرب: 458]
بنات الوجيه والأغر ولاحق = يقودن في الأشطان ضخم جحافله
ولم يقل: جحافها.
وقال أبو النجم:
لزغب كأولاد القطا راث خلفها = على عاجزات النهض حمر حواصله
وقال طرفة:
لا أرى إلا النعام بها = كالإماء أشرفت حزمه
فقال: حزمه.
وقال أبو أسلم الربعي: أخذت الدراهم على مكانه.
يريد: على مكانها.
وقال الشاعر:
وبالبدو منا أسرة يحفظوننا = سراع إلى الداعي عظام كراكره
ولا تذهبا عنياك في كل شرمخ = طوال فإن الأقصرين أمازره). [معاني القرآن لقطرب: 459]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وقالوا لن يدخل الجنّة إلّا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيّهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}
الإخبار في هذا عن أهل الكتاب، وعقد النصارى معهم في قوله: {وقالوا}؛ لأن الفريقين يقرآن التوراة، ويختلفان في تثبيت رسالة موسى وعيسى، فلذلك قال اللّه عزّ وجلّ: {وقالوا} فأجملوا.
فالمعنى: أن اليهود قالت: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، والنصارى قالت: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا، وجاز أن يلفظ بلفظ جمع؛ لأن معنى {من} معنى جماعة, فحمل الخبر على المعنى.
والمعنى: إلا الذين كانوا هوداً, وكانوا نصارى,
وهو جمع هائد, وهود، مثل: حائل, وحول، وبازل, وبزل, وقد فسّرنا واحد النصارى, وجمعه فيما مضى من الكتاب.
وقوله عزّ وجلّ: {تلك أمانيّهم} هذا كما يقال للذي يدعي ما لا يبرهن حقيقته: إنما أنت متمن.
و{أمانيّهم} مشددة، ويجوز في العربية: (تلك أَمَانِيهِمْ), ولكن القراءة بالتشديد لا غير، للإجماع عليه، ولأنه أجود في العربية.
وقوله عزّ وجلّ: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}أي: إن كنتم عند أنفسكم صادقين, فبينوا ما الذي دلكم على ثبوت الجنة لكم). [معاني القرآن: 1 / 194]
تفسير قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنٌ} ذهب إلى لفظ الواحد، والمعنى يقع على الجميع). [مجاز القرآن: 1 / 51]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} (؟) ). [مجاز القرآن: 1 / 51]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {بلى من أسلم وجهه للّه وهو محسن فله أجره عند ربّه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} أي: فهذا يدخل الجنة، فإن قال قائل: فما برهان من آمن في قولكم؟
قيل: ما بيناه من الاحتجاج للنبي صلى الله عليه وسلم , ومن إظهار البراهين بأنبائهم ما لا يعلم إلا من كتاب, أو وحي، وبما قيل لهم في تمني الموت، وما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات الدالة على تثبيت الرسالة، فهذا برهان من أسلم وجهه للّه). [معاني القرآن: 1 / 195]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يتلون الكتاب}: يقرؤنه). [مجاز القرآن: 1 / 51]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وقالت اليهود ليست النّصارى على شيء وقالت النّصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الّذين لا يعلمون مثل قولهم فاللّه يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}
يعني به: أن الفريقين يتلوان التوراة، وقد وقع بينهم هذا الاختلاف, وكتابهم واحد، فدل بهذا على ضلالتهم، وحذر بهذا وقوع الاختلاف في القرآن، لأن اختلاف الفريقين أخرجهما إلى الكفر, فتفهموا هذا المكان, فإن فيه حجة عظيمة, وعظة في القرآن.
وقوله عزّ وجلّ: {كذلك قال الّذين لا يعلمون مثل قولهم} يعني به الذين ليسوا بأصحاب كتاب نحو: مشركي العرب, والمجوس.
المعنى: أن هؤلاء أيضاً قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا.
وقوله عزّ وجلّ: {فاللّه يحكم بينهم يوم القيامة} المعنى: يريهم من يدخل الجنة عياناً, ويدخل النار عياناً.
وهذا هو حكم الفصل فيما تصير إليه كل فرقة، فأما الحكم بينهم في العقيدة فقد بينه اللّه عزّ وجلّ فيما أظهر من حجج المسلمين، وفي عجز الخلق عن أن يأتوا بمثل القرآن). [معاني القرآن: 1 / 195]