العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الإيمان بالقرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 04:23 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي ذكر ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه في المعوذتين

ذكر ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه في المعوذتين
عناصر الموضوع:
بيان أن المعوذتين من القرآن
حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه في إثبات أن المعوذتين من القرآن
ذكر ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه في المعوذتين
أجوبة العلماء عما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه في المعوذتين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 جمادى الآخرة 1434هـ/6-05-2013م, 06:46 AM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

بيان أن المعوذتين من القرآن
....
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ (ت: 235هـ): (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ قَالَ: المُعَوِّذَتَانِ مِنَ القُرْآنِ.
- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ بنَحْوٍ مِنْهُ). [المصنف: 10/538]
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ (ت: 235هـ): (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُلْتُ للأَسْوَدِ: مِنَ القُرْآنِ هُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ. يَعْنِي المُعَوِّذَتَيْنِ). [المصنف: 10/538]
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ (ت: 235هـ): (حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ القَصَّابُ، قَالَ: سَالتُ الحَسَنَ، قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَقْرَأُ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي صَلاةِ الفَجْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، سُورَتَانِ مُبَارَكَتَانِ طَيِّبَتَانِ). [المصنف: 10/639]
قالَ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 241هـ): (حدّثَنا عَفَّانُ، حَدَّثنا عبدُ الوارثِ، حَدَّثنا حَنْظَلَةُ السَّدُوسيُّ، قالَ: قُلْتُ لعِكْرمةَ: إني أقرَأُ في صلاةِ المَغرِب بـ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ} وإنَّ ناسًا يَعِيبونَ ذلك عليَّ؟ فقالَ: وما بَأْسٌ بذلك؟ اقْرَأْهما فإنهما من القرآنِ.
ثُمَّ قالَ: حَدَّثني ابنُ عَبَّاسٍ: أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ جاءَ فصَلَّى ركعتينِ لم يَقْرَأْ فيهما إلا بأُمِّ الكتاب). [مسند الإمام أحمد: 4/335]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ (ت: 294هـ): (أخبرنا ابن نمير، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: قلت للأسود: المعوذتان, من القرآن هما؟ قال: نعم).[فضائل القرآن: ؟؟] (م)
قال أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سلامةَ الطَّحاويُّ (ت: 321هـ): (بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي المُعَوِّذَتَيْنِ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مَا يُوجِبُ أَنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ
- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: يَا أَبَا المُنْذِرِ: السُّورَتَانِ اللَّتَانِ لَيْسَتَا فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: سَالتُ عَنْهُمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ لَكُمْ))، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا رُوِّينَا عَنْ أُبَيٍّ فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ جَوَابهِ زِرًّا مَا قَدْ ذَكَرَ فِيها مِمَّا لَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتٌ مِنْهُ أَنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ وَلا إِخْرَاجٌ لَهُمَا مِنْهُ؛ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ فِيهِمَا سِوَى ذَلِكَ، هَلْ نَجِدُ فِيهِ تَحْقِيقَهُ أَنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ، أَوْ أَنَّهُمَا لَيْسَا فَوَجَدْنَا مَالِكَ بن يحيى الهَمْدَانِيَّ قد حدثنا قال حدثنا يَزِيدُ بن هَارُونَ حدثنا إسْمَاعِيلُ عن قَيْسٍ عن عُقْبَةَ بن عَامِرٍ قالَ قالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ: ((أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ آيَاتٍ لم يُنْزِلْ عَلَيَّ مِثْلَهُنَّ المُعَوِّذَاتِ )) ثُمَّ قَرَأَهُمَا...
قال أبو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رُوِّيْنَا تَحْقِيقُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمَا من القُرْآنِ فَاتَّفَقَ جَمِيعُ ما رُوِّيْنَاهُ عنه في ذلك لَمَّا صَحَّ وَخَرَجَتْ مَعَانِيهِ ولم تُخَالِفْ بشَيْءٍ منه شيئا وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ). [تحفة الأخيار: 8/614] [مكان النقط أحاديث سبق ذكرها]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الكَرَجِيُّ القَصَّابُ (ت: 360هـ): (وهما من القرآنِ، ومَن قالَ: لَيْسَتَا من القرآنِ فقد أعْظَمَ القولَ، وما ذُكِرَ عن ابنِ مسعودٍ فهو عنه غَيْرُ صحيحٍ، ولو صَحَّ عنه أنهما غيرُ مَكْتُوبةٍ في مُصْحَفِه، ما دلَّ على أنهما لم تكونا عندَه من القرآنِ، لأنه كانَ يَحْفَظُهما، ومَن حَفِظَ شَيْئًا فليسَ بحَتْمٍ عليهِ أنْ يَكْتُبَه ولو أنَّ حَافِظًا للقرآنِ كُلِّه لم يَكْتُبْهُ، واقْتَصَرَ على تلاوتِه آناءَ الليلِ والنهارِ في الصلاةِ وغيرِ الصلاةِ ما ضَرَّهُ، وإنما كُتِبَ إِشْفَاقًا على مَن لا يَقْدِرُ أن يَحْفَظَهُ، فكُتِبَ ليَسْتَوِيَ فيه الحَافِظُ وغيرُ الحافظِ، ولِيَرْجِعَ إليه الناسي إذا نَسِيَ منه الشيءَ، أو اشْتَبَهَ عليه الحَرْفُ، وَلِيَنْظُرَ فيه الناظِرُ فيَصِيرَ نَظَرُه فيه عبادةً، وَلِيَقْرَأَ فيه الحَافِظُ أيضًا فيَجْمَعَ الثوابيْنِ؛ ثوابَ التلاوةِ، وثَوَابَ النَّظَرِ.
وقد سَأَلَ عُقْبَةُ بنُ عامرٍ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ عن المُعوِّذَتَيْنِ، فأَمَّهُ بهما في صلاةِ الفَجْرِ). [نكت القرآن: 4/ 568-570]
قالَ علمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وَهَاتَانِ السُّورَتانِ منَ القُرآنِ بإجْمَاعِ الأمَّةِ، وَيُرْوَى عنِ ابنِ مَسْعودٍ أنَّه كانَ يَحُكُّهُمَا مِنَ المصَاحِفِ وَيقُول: (لا تزيدوا في كِتَابِ اللهِ ما ليسَ منه، فإنْ كانَ هذَا صَحِيحًا عنهُ فَسَبَبُهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عليهِ وسلَّم يُعَوِّذُ بهمَا سِبْطَيهِ فَظَنَّ أنهما عُوذَتانِ.
والمسلمون كلهم على خلاف ذلك). [جمال القراء:1/203-204]
قالَ حَيْدَرُ بْنُ عَلِيٍّ القَاشِيُّ (ت: 776هـ): (عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مَا مِنَ المُفَصَّلِ سُورَةٌ صَغِيرَةٌ وَلا كَبيرَةٌ إِلا قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ بهَا النَّاسَ فِي الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ). [المعتمد في المنقول: 2/509]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (فصل
والمعوذتان من القرآن واستفاضتهما كاستفاضة جميع القرآن. وأما ما روي عن ابن مسعود، قال القاضي أبو بكر: فلم يصح عنه أنهما ليسا بقرآن، ولا حفظ عنه أنه حكهما وأسقطهما من مصحفه لعلل وتأويلات.
قال القاضي: ولا يجوز أن يضاف إلى عبد الله أو إلى أبي بن كعب أو زيد أو عثمان أو علي أو واحد من ولده أو عترته جحد آية أو حرف من كتاب الله وتغييره أو قراءته على خلاف الوجه المرسوم في مصحف الجماعة بأخبار الآحاد، وأن ذلك لا يحل ولا يسمع بل لا تصلح إضافته إلى أدنى المؤمنين في عصرنا، فضلا عن إضافته إلى رجل من الصحابة، وإن كلام القنوت المروي عن أبي بن كعب أثبته في مصحفه لم تقم حجة بأنه قرآن منزل بل هو ضرب من الدعاء، وأنه لو كان قرآنا لنقل نقل القرآن وحصل العلم بصحته، وأنه يمكن أن يكون منه كلام كان قرآنا منزلا ثم نسخ وأبيح الدعاء به وخلط بكلام ليس بقرآن ولم يصح ذلك عنه وإنما روي عنه أنه أثبته في مصحفه، وقد ثبت في مصحفه ما ليس بقرآن من دعاء وتأويل.
وقال النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد منها شيئا كفر وما نقل عن ابن مسعود باطل وليس بصحيح.
وقال ابن حزم في أول كتابه المحلى: هذا كذب على ابن مسعود وموضوع وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عنه، وفيها المعوذتان والفاتحة
وقال القاضي أبو بكر بن الطيب في كتاب التقريب: لم ينكر عبد الله بن مسعود كون المعوذتين والفاتحة من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف وإثبات الحمد؛ لأنه كانت السنة عنده ألا يثبت إلا ما أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإثباته، وكتبه، ولم نجده كتب ذلك ولا سمع أمره به وهذا تأويل منه، وليس جحدا لكونهما قرآنا.
وفي صحيح ابن حبان عن زر قلنا لأبي بن كعب: إن ابن مسعود لا يكتب في مصحفه المعوذتين فقال: قال لي رسول الله صلى عليه وسلم: قال لي جبريل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فقلتها وقال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فقلتها. فنحن نقول ما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ) [البرهان في علوم القرآن:2/125-128]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ (ت: 795 هـ): (وقَدْ سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ عنِ المُعَوِّذَتَيْنِ فقالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)). وذلك إشارَةٌ منه إلى أنَّه صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ مُبَلِّغٌ مَحْضٌ لِمَا يُوحَى إليه، ليسَ فيه تَصَرُّفٌ لِمَا أَوْحَاهُ اللَّهُ إليهِ بزِيادَةٍ ولا نَقْصٍ، وإنَّما هو مُبَلِّغٌ لكلامِ رَبِّه كما أَوْحَاهُ إليه، فإذا قالَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. كانَ امْتِثالاً للقولِ الذي قِيلَ لَهُ بلَفْظِه لا بمَعْنَاهُ). [تفسير سورة الإخلاص] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرِ بنِ سُليمَانَ الهَيْثَمِيُّ (ت: 807هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبي هِنْدٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا ببَطْنِ وَاقِمٍ، اسْتَقْبَلَتْنَا ضَبَابَةٌ فَأَضَلَّتْنَا الطَّرِيقَ، فَلَمْ نَشْعُرْ حَتَّى طَلَعْنَا عَلَى ثَنِيَّةٍ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَدَلَ إِلَى كَثِيبٍ، فَأَنَاخَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ وَقَامَ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَمَا زَالَ يُصَلِّي حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برَأْسِ نَاقَتِهِ، ثُمَّ مَشَى وَعَبْدُ اللَّهِ الأَسْلَمِيُّ إِلَى جَنْبهِ، مَا أَحَدٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ: ((قُلْ))، قُلْتُ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ})) حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: ((قُلْ))، قُلْتُ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (({قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}))، قُلْتُ: {قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ} حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَكَذَا فَتَعَوَّذْ، فَمَا تَعَوَّذَ العِبَادُ بمِثْلِهِنَّ قَطُّ)).
قَالَ البَزَّارُ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ غَيْرِ عَبْدِ اللَّهِ الأَسْلَمِيِّ). [كشف الأستار: 3/85-86]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وَأَخْرَجَ مُسَدَّدٌ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعِكْرِمَةَ: إِنِّي أُصَلِّي بقَوْمٍ فَأَقْرَأُ بـ {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ} وَ{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}؟ فَقَالَ: اقْرَأْ بهِمَا فَإِنَّهُمَا مِن القُرْآنِ). [الدر المنثور: 15/785]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:19 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه في إثبات أن المعوذتين من القرآن

قَالَ عَبْدُ الخَالِقِ بْنُ الحَسَنِ ابنُ أَبي رُوبَا (ت:356 هـ): حدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ ثابتٍ الثَّورِيُّ عن أَبيه عن الهُذَيْلِ بنِ حَبيبٍ عنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ البلخيِّ (ت:150هـ): (وقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ لَكُمْ، فَقُولُوا كَمَا أَقُولُ)). قَالَ: وكانَ ابْنُ مَسْعودٍ لا يَقْرَأُ بهِما في المَكْتوبَةِ). [تفسير مقاتل بن سليمان: 3/538]
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الجَارُودِ الطَّيَالِسِيُّ (ت: 204هـ): (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: سَالتُ أُبَيًّا عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ، فَقَالَ: سَالتُ عَنْهُمَا النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ لَكُمْ فَقُولُوا)).
قَالَ أُبَيٌّ: فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونحن نقولُ). [مُسْنَدُ أَبي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ: 1/437]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ} وَ{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}، فَقَالَ: إِنِّي سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ)). فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [تفسير عبد الرزاق: 2/411]
قال عبدُ الرزاقِ بنُ همام الصنعانيُّ (ت: 211هـ): (عَنْ مَعْمَرٍ والثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ أَبي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ قالَ: سَالتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ: سَالتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلمَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)) قَالَ أُبَيٌّ: قالَ لِي رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، فنَحْنُ نَقُولُ). [المصنف: 3/384]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عَن الثَّوْرِيِّ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ، فَقَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا فَقَالَ لِي: ((جُعِلَتْ مَقَالاً لِي)). فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ، فَنَحْنُ نَقُولُ). [تفسير عبد الرزاق: 2/411]
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ (ت: 235هـ): (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لا يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ. فَقَالَ: إِنِّي سَالتُ عَنْهُمَا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: فَقُلْتُ)). فَقَالَ أُبَيٌّ: وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قِيلَ لَنَا). [المصنف: 10/538]
قالَ مُحمَّدُ بنُ إسْمَاعِيلَ البُخَاريُّ (ت: 256هـ): (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ وعَبْدَةَ، عن زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ فقَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فقالَ: ((قِيلَ لِي، فَقُلْتُ)). فنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ). [صحيح البخاري: 5/312]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ (ت: 256هـ): (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبي لُبَابَةَ، عن زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ. وحَدَّثَنَا عاصِمٌ، عن زِرٍّ قالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ: قُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كذا وكذا؟
فقال أُبَيٌّ: سَالتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فقالَ لِي: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)).
قالَ: فنَحْنُ نَقُولُ كما قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ). [صحيح البخاري: 5/312]
-قال محمدُ بنُ يوسف بنِ عليٍّ الكِرْمانيُّ (ت: 786هـ): (قَوْلُهُ: (عَاصِمٌ) هُوَ ابْنُ أَبي النَّجُودِ بفَتْحِ النُّونِ وضَمِّ الجِيمِ وبالمُهْمَلَةِ أَحَدُ القُرَّاءِ السَّبْعَةِ، و(عَبْدَةُ) ضِدُّ الحُرَّةِ ابْنُ أَبي لُبَابَةَ بضَمِّ اللاَّمِ وخِفَّةِ المُوَحَّدَةِ الأُولَى الأَسَدِيُّ وهو عَطْفٌ على عَاصِمٍ، و(زِرُّ) بكَسْرِ الزَّايِ وشِدَّةِ الرَّاءِ (بْنُ حُبَيْشٍ) مُصَغَّرُ الحَبَشِ بالمُهْمَلَةِ والمُوَحَّدَةِ والمُعْجَمَةِ، و(المُعَوِّذَتَيْنِ) بكَسْرِ الوَاوِ.
فَإِنْ قُلْتَ: ما مَعْنَى السُّؤَالُ عَنْهُمَا؟
قُلْتُ: كانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَا مِنَ القُرْآنِ فَسَأَلَ عَنْهُمَا مِنْ هذه الجِهَةِ فَقَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ أَعُوذُ)) أي: أَقْرَأَنِيهِمَا جِبْرِيلُ يَعْنِي أَنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ) أي: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ و(أَبُو المُنْذِرِ) بكَسْرِ المُعْجَمَةِ الخَفِيفَةِ كُنْيَةُ أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَنَّاهُ بهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَمَّا (أَخَاكَ) فهو بحَسَب الدِّينِ، و(كذا وكذا) يَعْنِي أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ القُرْآنِ، و(قِيلَ لِي) أي: أَنَّهُ مِنَ القُرْآنِ وهذا كانَ مما اخْتَلَفَ فيه الصَّحَابَةُ ثم ارْتَفَعَ الخِلافُ وَوَقَعَ الإجْمَاعُ عَلَيْهِ فَلَوْ أَنْكَرَ اليَوْمَ أَحَدٌ قُرْآنِيَّتَهُ كَفَرَ، وقالَ بَعْضُهُمْ: ما كانَتِ المَسْأَلَةُ في قُرْآنِيَّتِهِمَا بلْ في صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِمَا وخَاصَّةٍ مِنْ خَوَاصِّهِمَا، ولا شَكَّ أَنَّ هذه الرِّوَايَةَ تَحْتَمِلُهُمَا والحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى، واللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ). [شرح الكرماني: 17/218-220]
-قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبي لُبَابَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وحَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ) القَائِلُ: وحَدَّثَنَا عَاصِمٌ هُو سُفْيَانُ، وكَأَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُهُما تَارَةً ويُفْرِدُهُمَا أُخْرَى، وقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الحُمَيْدِيِّ التَّصْرِيحَ بسَمَاعِ عَبْدَةَ وعَاصِمٍ لَهُ مِنْ زِرٍّ.
قولُهُ: (سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ: أَبَا المُنْذِرِ) هِيَ كُنْيَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وله كُنْيَةٌ أُخْرَى: أَبُو الطُّفَيْلِ.
قولُهُ: (يَقُولُ كَذَا وكذا) هَكَذا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ مُبْهَمًا، وكَأنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَبْهَمَهُ استِعْظَامًا لَهُ، وأَظُنُّ ذَلِكَ مِنْ سُفْيَانَ، فَإِنَّ الإِسْمَاعِيلِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الجَبَّارِ بْنِ العَلاءِ عَنْ سُفْيَانَ كَذَلِكَ عَلَى الإِبْهَامِ، وكُنْتُ أَظُنُّ أَوَّلاً أَنَّ الَّذِي أَبْهَمَهُ البُخارِيُّ؛ لأنَّنِي رَأَيْتُ التصريحَ بهِ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ عن سُفْيَانَ ولَفْظُهُ: (قُلْتُ لأُبَيٍّ: إِنَّ أخَاكَ يَحُكُّهمَا مِنَ المُصْحَفِ)، وكذا أَخْرَجَهُ الحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، ومِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نُعَيْمٍ في المُسْتَخْرَجِ، وكَأَنَّ سُفْيَانَ كَانَ تَارَةً يُصَرِّحُ بذَلِكَ وتَارَةً يُبْهِمُهُ.
وقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَد أيضًا وابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ بلَفظِ: (إِنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ مَسْعُودٍ كَانَ لا يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ).
وأَخرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ بلَفظِ: (إنَّ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ في المُعَوِّذَتَيْنِ)، وهذا أيضًا فيه إِبْهَامٌ.
وقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ في زِيَادَاتِ المُسْنَدِ والطَّبَرَانِيُّ وابنُ مَرْدَوَيهِ من طَرِيقِ الأعْمَشِ عن أَبي إسحاقَ عن عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ قَالَ: (كانَ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ ويَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللهِ).
قَالَ الأعْمَشُ: وقَدْ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ الذي في الباب الماضِي، وقد أَخْرَجَهُ البَزَّارُ، وفي آخِرِهِ: يَقُولُ: (إِنَّمَا أُمِرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بهِمَا).
قَالَ البَزَّارُ: ولَمْ يُتَابعِ ابْنَ مَسْعُودٍ على ذلك أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وقد صَحَّ عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أنه قَرَأَهُمَا في الصَّلاةِ.
قُلْتُ: هُو في صحيحِ مُسْلِمٍ عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَزَادَ فيه ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَفُوتَكَ قِرَاءَتُهُمَا فِي صَلاةٍ فَافْعَلْ). [فتح الباري: 8/742]
-قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وأَخرَجَ أَحْمَدُ من طَرِيقِ أَبي العَلاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ أَقْرَأَهُ المُعَوِّذَتَيْنِ وقَالَ له: ((إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ فَاقْرَأْ بهِمَا)) وإسنادُهُ صَحِيحٌ.
ولسعيدِ بْنِ مَنصورٍ مِن حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِيهِمَا بالمُعَوِّذَتَيْنِ.
وقَدْ تَأَوَّلَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ البَاقِلاَّنِيُّ فِي كِتَابِ الانتِصَارِ، وتَبعَهُ عِيَاضٌ وغَيْرُهُ -مَا حُكِيَ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ؛ فقالَ: لَمْ يُنْكِرِ ابْنُ مَسْعُودٍ كَوْنَهُمَا مِنَ القرآنِ، وإنَّمَا أَنْكَرَ إِثْباتَهُمَا فِي المُصْحَفِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَرَى أنْ لا يُكْتَبَ فِي المُصْحَفِ شَيْئٌ إِلاَّ إِنْ كَانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ أَذِنَ فِي كِتَابَتِهِ فِيهِ، وكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الإِذْنُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ: فهذا تأويلٌ منه ولَيْسَ جَحْدًا لِكَوْنِهِمَا قُرْآنًا.
وهُو تَأْوِيلٌ حَسَنٌ إلا أنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا تَدْفَعُ ذَلِكَ حَيْثُ جَاءَ فيها: ويَقُولُ: (إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللهِ).
نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ لَفْظِ كِتَاب اللهِ عَلَى المُصْحَفِ فَيَتَمَشَّى التأويلُ المَذْكُورُ، وقَالَ غَيْرُ القَاضِي: لم يَكُنِ اختِلافُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَعَ غَيْرِهِ فِي قُرْآنِيَّتِهِمَا، وإنَّمَا كانَ في صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِمَا. انْتَهَى.
وغَايَةُ مَا في هَذَا أنه أَبْهَمَ مَا بَيَّنَهُ القاضِي، ومَنْ تَأَمَّلَ سِيَاقَ الطُّرُقِ الَّتِي أَوْرَدْتُهَا لِلْحَدِيثِ اسْتَبْعَدَ هَذَا الجَمْعَ، وأما قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ المُهَذَّب: (أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ وَالفَاتِحَةَ مِنَ القُرْآنِ، وأنَّ مَنْ جَحَدَ مِنْهُمَا شَيْئًا كَفَرَ، وما نُقِلَ عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ بَاطِلٌ لَيْسَ بصَحِيحٍ). ففيه نَظَرٌ، وقد سَبَقَهُ لِنَحْوِ ذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فقَالَ في أَوَائِلِ المُحَلَّى: (مَا نُقِلَ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ مِنْ إِنْكَارِ قُرْآنِيَّةِ المُعَوِّذَتَيْنِ فَهُوَ كَذِبٌ بَاطِلٌ).
وكذا قَالَ الفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي أوَائِلِ تَفْسِيرِهِ: (الأَغْلَبُ على الظَّنِّ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ كَذِبٌ بَاطِلٌ).
والطَّعْنُ في الرواياتِ الصَّحِيحَةِ بغَيْرِ مُسْتَنَدٍ لا يُقْبَلُ، بَلِ الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ والتَّأْوِيلُ مُحْتَمَلٌ، والإجماعُ الَّذِي نَقَلَهُ إِنْ أَرَادَ شُمُولَهُ لكُلِّ عَصْرٍ فَهُوَ مَخْدُوشٌ، وإنْ أَرَادَ اسْتِقْرَارَهُ فهُوَ مَقْبُولٌ.
وقد قَالَ ابنُ الصَّبَّاغِ فِي الكلامِ على مَانِعِي الزَّكَاةِ: (وإنما قَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ على مَنْعِ الزكاةِ ولم يَقُلْ: إِنَّهُمْ كَفَرُوا بذلك، وإنما لم يَكْفُرُوا لأنَّ الإجماعَ لَمْ يَكُنِ اسْتَقَرَّ، قَالَ: ونَحْنُ الآنَ نُكَفِّرُ مَنْ جَحَدَهَا).
قَالَ: (وكذلكَ مَا نُقِلَ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ في المُعَوِّذَتَيْنِ يَعْنِي أنه لم يَثْبُتْ عِنْدَهُ القَطْعُ بذلك، ثم حَصَلَ الاتفاقُ بَعْدَ ذَلِكَ).
وقَدِ اسْتَشْكَلَ هَذَا المَوْضِعَ الفَخْرُ الرَّازِيُّ فقَالَ: (إِنْ قُلْنَا: إِنَّ كَوْنَهُمَا مِنَ القُرْآنِ كَانَ مُتَوَاتِرًا فِي عَصْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَزِمَ تَكْفِيرُ مَنْ أَنْكَرَهُمَا، وإِنْ قُلْنَا: إِنَّ كَوْنَهُمَا مِنَ القُرْآنِ كَانَ لَمْ يَتَوَاتَرْ فِي عَصْرِ ابنِ مَسْعُودٍ لَزِمَ أَنَّ بَعْضَ القُرْآنِ لَمْ يَتَوَاتَرْ).
قَالَ: (وهذه عُقْدَةٌ صَعْبَةٌ.
وأُجِيبَ باحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَاتِرًا فِي عَصْرِ ابنِ مَسْعُودٍ لَكِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ عِندَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَانْحَلَّتِ العُقْدَةُ بعَوْنِ اللهِ تعالَى). [فتح الباري: 8/742-743]
-قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قولُهُ: (سَالتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ فقالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ))، قَالَ: فنَحْنُ نَقُولُ كما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ)
القائلُ: فنحنُ نَقُولُ إلخ هُو أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَوَقَعَ عِندَ الطَّبَرَانِيِّ في الأَوْسَطِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أيضًا قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، لَكِنَّ المَشْهُورَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، فلَعَلَّهُ انْقَلَبَ عَلَى رَاوِيهِ ولَيْسَ في جَواب أُبَيٍّ تَصْرِيحٌ بالمُرَادِ إلا أَنَّ في الإجماعِ علَى كَوْنِهِمَا مِنَ القُرْآنِ غُنْيَةً عَنْ تَكَلُّفِ الأَسَانِيدِ بأَخْبَارِ الآحَادِ، واللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بالصَّوَاب). [فتح الباري: 8/743]
-قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبي لُبَابَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ أُبَيٌّ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ لِي: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)). قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
هَذَا طَرِيقٌ آخَرُ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ أَخْرَجَهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة إِلَى آخِرِهِ). [عمدة القاري: 20/11]
-قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قَوْلُهُ: وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ. القَائِلُ: "وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ" هُوَ سُفْيَانُ وَكَأَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُهُمَا تَارَةً وَيُفْرِدُهُمَا أُخْرَى، وَأَبُو المُنْذِرِ كُنْيَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَلَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى أَبُو الطُّفَيْلِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ أَخَاكَ) يَعْنِي فِي الدِّينِ.
قَوْلُهُ: (كَذَا وَكَذَا) يَعْنِي: أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ القُرْآنِ.
قَوْلُهُ: (قِيلَ لِي) أَيْ: إِنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ، وَهَذَا كَانَ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الصَّحَابَةُ ثُمَّ ارْتَفَعَ الخِلاَفُ وَوَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَنْكَرَ اليَوْمَ أَحَدٌ قُرْآنِيَّتَهُمَا كَفَرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا كَانَتِ المَسْأَلَةُ فِي قُرْآنِيَّتِهِمَا بَلْ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِمَا وَخَاصَّةٍ مِنْ خَاصَّتِهِمَا. وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَحْتَمِلُهُمَا فَالحَمْلُ عَلَيْهَا أَوْلَى -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-. فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ بلَفْظِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لاَ يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ المُسْنَدِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ القُرْآنِ أَوْ مِنْ كِتَاب اللَّهِ تَعَالَى.
قُلْتُ: قَالَ البَزَّارُ: لَمْ يُتَابعِ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَهَا فِي الصَّلاَةِ وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَزَادَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: ((فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَفُوتَكَ قِرَاءَتُهُمَا فِي صَلاَةٍ فَافْعَلْ)). وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبي العَلاَءِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَقْرَأَهُ المُعَوِّذَتَيْنِ وَقَالَ لَهُ: ((إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ فَاقْرَأْ بهِمَا)). وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِيهِمَا بالمُعَوِّذَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ) القَائِلُ هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ). [عمدة القاري: 20/11]
-قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ وَعَبْدَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: ((قِيل لِي فَقُلْتُ)). فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَسُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَاصِمٌ هُوَ ابْنُ أَبي النَّجُودِ -بفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الجِيمِ وَبالمُهْمَلَةِ- أَحَدُ القُرَّاءِ السَّبْعَةِ، وَعَبْدَةُ -ضِدُّ الحُرَّةِ- ابْنُ أَبي لُبَابَةَ -بضَمِّ اللاَّمِ وَتَخْفِيفِ المُوَحَّدَةِ الأُولَى- الأَسَدِيُّ، وَزِرٌّ -بكَسْرِ الزَّايِ وَشَدَّةِ الرَّاءِ- ابْنُ حُبَيْشٍ مُصَغَّرُ الحَبَشِ -بالحَاءِ المُهْمَلَةِ وَالبَاءِ المُوَحَّدَةِ وَالشِّينِ المُعْجَمَةِ- وَالحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ قُتَيْبَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ) بكَسْرِ الوَاوِ، وَمَعْنَى السُّؤَالِ عَنْهُمَا لأَجْلِ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنَ القُرْآنِ فَسَأَلَ عَنْهُمَا مِنْ أُبَيٍّ مِنْ هَذِهِ الجِهَةِ فَقَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: ((قِيل لِي: قُلْ أَعُوذُ)) أَيْ: أَقْرَأَنِيهِمَا جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- يَعْنِي أَنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ.
قَوْلُهُ: (فَنَحْنُ نَقُولُ) مِنْ كَلاَمِ أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ). [عمدة القاري: 20/10]
-قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (ص: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبي لُبَابَةَ، عن زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ح، وحَدَّثَنَا عاصِمٌ عن زِرٍّ، قالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ: قُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: كذا وكذا؟ فقال أُبَيٌّ: سَالتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فقالَ لِي: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)). قالَ: فنَحْنُ نَقُولُ كما قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ.
(يقول كذا وكذا) أي: يقولُ: إن المعوِّذتين ليستا من القرآنِ، وقد بسطتُ الكلامَ على مقالتِه هذه في "الإتقانِ".
(فقال أبيٌّ: سألت...) إلى آخرِه، قال ابنُ حجرٍ: ليس في جواب أبيٍّ تصريح بالمرادِ، إلا أن في الإجماع على كونِهما من القرآنِ غنيةً عن تكلفِ الأسانيدِ بأخبارِ الآحادِ). [التَّوْشِيحُ: 7/3163]
-قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرٍ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (((خَنَسَه الشيطانُ))، قال عياضٌ: هو تحريفٌ، وإنما نَخَسَه). [التَّوْشِيحُ: 7/3162]
-قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (وبه قَالَ: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) البَغْلاَنِيُّ الثَّقَفِيُّ قَالَ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بْنُ عُيَيْنَةَ (عَنْ عَاصِمٍ) هُوَ ابْنُ أَبي النَّجُودِ بفَتْحِ النُّونِ وَبالجِيمِ المَضْمُومَةِ آخِرُهُ دَالٌ مُهْمَلَةٌ أَحَدُ القُرَّاءِ السَّبْعَةِ (وَعَبْدَةُ) بفَتْحِ العَيْنِ، وَسُكُونِ المُوَحَّدَةِ ابْنُ أَبي لُبَابَةَ بضَمِّ اللاَّمِ، وَتَخْفِيفِ المُوَحَّدَةِ الأَسَدِيُّ كِلاَهُمَا (عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ) بكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَحُبَيْشٌ بضَمِّ الحَاءِ المُهْمَلَةِ وَفَتْحِ المُوَحَّدَةِ آخِرُهُ مُعْجَمَةٌ مُصَغَّرًا، وَسَقَطَ: ابْنُ حُبَيْشٍ لأَبي ذَرٍّ أَنَّهُ (قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ) بكَسْرِ الوَاوِ المُشَدَّدَةِ، وَعِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ: قُلْتُ: لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لاَ يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ (فَقَالَ) أُبَيٌّ: (سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْهُمَا (فَقَالَ) وَلأَبي ذَرٍّ: قَالَ: (((قِيلَ لِي))) بلِسَانِ جِبْرِيلَ، (((فَقُلْتُ))): قَالَ أُبَيٌّ: (فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

وَعِنْدَ الحَافِظِ أَبي يَعْلَى عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ وَيَقُولُ: إِنَّمَا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بهِمَا وَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ بهِمَا، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، وَزَادَ: ويَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللَّهِ.
وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ القُرَّاءِ وَالفُقَهَاءِ أنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لا يَكْتُبُهُمَا في مُصْحَفِهِ. حِينَئِذٍ فَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ المُهَذَّب: (أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ وَالفَاتِحَةَ مِنَ القُرْآنِ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْهَا كَفَرَ وَمَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَاطِلٌ لَيْسَ بصَحِيحٍ) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الفَتْحِ؛ إِذْ فِيهِ طَعْنٌ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ بغَيْرِ مُسْتَنَدٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَحِينَئِذٍ فَالمَصِيرُ إِلَى التَّأْوِيلِ أَوْلَى.
وَقَدْ تَأَوَّلَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ البَاقِلاَّنِيُّ ذلك بأنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لم يُنْكِرْ قُرْآنِيَّتَهُمَا وَإِنَّمَا أَنْكَرَ إِثْبَاتَهُمَا في المُصْحَفِ، فإنَّهُ كَانَ يَرَى أنْ لا يُكْتَبَ في المُصْحَفِ شَيْءٌ إِلاَّ إن كَانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ في كِتَابَتِهِ فيه، وكَأَنَّه لَمْ يَبْلُغْهُ الإِذْنُ في ذلك، فليس فيه جَحْدٌ لِقُرْآنِيَّتِهِمَا.
وَتُعُقِّبَ بالرِّوَايَةِ السَّابقَةِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي فيها: ويَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللَّهِ، وَأُجِيبَ بإِمْكَانِ حَمْلِ لَفْظِ كِتَاب اللَّهِ عَلَى المُصْحَفِ، فَيَتَمَشَّى التَّأْوِيلُ المَذْكُورُ. قَالَهُ في فَتْحِ البَارِي.
وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُمَا مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَوَاتَرْ عِنْدَهُ.
ثُمَّ لَعَلَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ ذلك إلى قَوْلِ الجَمَاعَةِ، فقد أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِمَا، وَأَثْبَتُوهُمَا في المَصَاحِفِ التي بَعَثُوهَا إلى سَائِرِ الآفَاقِ). [إرشاد الساري: 7/442]
-قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (وَبهِ قَالَ (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) المَدِينِيُّ قَالَ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبي لُبَابَةَ) -بضَمِّ اللاَّمِ وَبَيْنَ المُوَحَّدَتَيْنِ الخَفِيفَتَيْنِ أَلِفٌ- الأَسَدِيُّ (عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ) قَالَ سُفْيَانُ: (وحَدَّثَنَا) أَيْضًا (عَاصِمٌ) هُوَ ابْنُ أَبي النَّجُودِ (عَنْ زِرٍّ) أَنَّهُ (قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ) لَهُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ، هِيَ كُنْيَةُ أُبَيٍّ (إِنَّ أَخَاكَ) فِي الدِّينِ (ابْنَ مَسْعُودٍ) عَبْدَ اللَّهِ (يَقُولُ كَذَا وَكَذَا) يَعْنِي أَنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنَ القُرْآنِ، كَمَا مَرَّ التَّصْرِيحُ بهِ فِي حَدِيثٍ (فَقَالَ أُبَيٌّ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْهُمَا (فَقَالَ لِي: ((قِيلَ لِي))) بلِسَانِ جِبْرِيلَ، وَلأَبي ذَرٍّ: فَقِيلَ لِي (((فَقُلْتُ))): كما قِيلَ لِي (قَالَ) أُبَيٌّ: (فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَهَذَا مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ ثُمَّ ارْتَفَعَ الخِلاَفُ وَوَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، فَلَوَ أَنْكَرَ أَحَدٌ اليَوْمَ قُرْآنِيَّتَهُ كَفَرَ.

وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قاَلَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ} وَ{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}))، وَعَنْهُ أَيْضًا: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بالمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بهِمَا فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ قَدْ تُفِيدُ التَّوَاتُرَ يَطُولُ إِيرَادُهَا). [إرشاد الساري: 7/444]
-قال عبيدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سُلَيمانَ الجابريُّ (م): (قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عاصِمٍ وعَبْدَةَ، عَنْ زِرٍّ بْنِ حُبَيْشٍ قالَ: " سَالتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ، فَقَالَ سالتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)). فنَحْنُ نَقُولُ كما قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم).
ش: فيهِ ثلاثُ مَسَائِلَ:
الأُولَى قَوْلُهُ: " سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ " في الرِّوَايَةِ الآتيةِ "سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ: يا أَبَا المُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وكَذَا وأَبُو المُنْذِرِ كُنْيَةُ أُبَيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ولَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى وهي أَبُو الطُّفَيْلِ.
وقولُهُ:" كَذَا وَكَذَا " هَكَذَا وَقَعَ هذا اللفظُ مُبْهَمًا عِندَ البُخَارِيِّ والنَّسَائِيِّ في التَفْسيرِ وغَيْرِهِمَا، وكَأَنَّ بَعضَ الرُّوَاةِ أَبْهَمَهُ استِعْظَامًا له، وقدْ صَرَّحَ بهِ سُفْيَانُ عِندَ أَحْمَدَ، ولَفْظُهُ: (قُلْتُ لأُبَيٍّ: إِنَّ أَخَاكَ يَحُكُّهَا مِنَ المُصْحَفِ)، وقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ج 5 ص 130 وابنُ حِبَّانَ: (3/ 77) كِلاهُما مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ عاصِمٍ، عَنْ زِرِّ قالَ قُلْتُ: لأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لا يَكْتُبُ في مُصْحَفِهِ المُعَوِّذَتَيْنِ).
الثانيةُ: قولُهُ: "سَالتُ رسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)) وفي رِوَايَةِ عاصِمٍ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ: (قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَالَ لِي جِبْرِيلُ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}، فَقُلْتُهَا. وَقَالَ لِي: {قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}، فَقُلْتُهَا)).
الثالثةُ: قَوْلُهُ: " فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ " عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ: (فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ).
قالَ البَزَّارُ: وَلَمْ يُتَابعِ ابْنَ مَسْعُودٍ على ذلكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَهُما في الصلاةِ.
قُلْتُ: وقدْ أَخْرَجَ مسلمٌ في باب فَضْلِ قِرَاءةِ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ كتاب صَلاةِ المُسافِرِينَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ، لمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ})) زادَ ابْنُ حِبَّانَ: ((إِنَّكَ لَنْ تَقْرَأَ شَيْئًا أَبْلَغَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}))، وعِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((اقْرَأْ يَا جَابرُ)) قالَ: قُلْتُ: ما أَقْرَأُ بأَبي وأُمِّي أَنْتَ؟ قالَ: (({قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}، وَ{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}))، فَقَرَأْتُهُما، فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((اقْرَأْ بهِمَا وَلَنْ تَقْرَأَ بمِثْلِهِمَا)) قُلْتُ: فَصَحَّ بهَذَا أَنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ سُورَتَانِ مِنْ سُوَرِ القُرْآنِ). [إمداد القاري: 4/483]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (عَنْ قُتَيبةَ بنِ سعيدٍ، عَنْ سُفْيانَ بنِ عُيَيْنةَ، عَنْ عَبْدةَ بنِ أبي لُبَابةَ وعاصمِ بنِ أبي النَّجُودِ [كلاهُمَا]، عَنْ زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ قلْتُ: أبَا المُنْذرِ، إنَّ أخاكَ ابنَ مَسْعودٍ يَقُولُ كذَا وكذَا؟
فقَالَ أُبَيٌّ: سَالتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ لِي: ((قِيلَ لِي، فَقُلْتُ))

قَالَ: فنحنُ نقُولُ كمَا قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [ذيل تفسير النسائي: 2/624-625]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سلامةَ الطَّحاويُّ (ت: 321هـ): (حَدَّثَنَا المُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبي لُبَابَةَ، وَعَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ، وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَحُكُّهُمَا مِنَ المُصْحَفِ، فَقَالَ: إِنِّي سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ)) فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ.
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبي لُبَابَةَ، وَعَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يَقُولُ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ). [تحفة الأخيار: 8/613]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سلامةَ الطَّحاويُّ (ت: 321هـ): (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبي دَاوُدَ، وأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ فِي المُعَوِّذَتَيْنِ: لا تُلْحِقُوا بالقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَالتُ عَنْهُمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ فَقُلْتُ))، قَالَ أُبَيٌّ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قُولُوا)) فَنَحْنُ نَقُولُ). [تحفة الأخيار: 8/613]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سلامةَ الطَّحاويُّ (ت: 321هـ): (حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ ابْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: يَا أَبَا المُنْذِرِ: السُّورَتَانِ اللَّتَانِ لَيْسَتَا فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: سَالتُ عَنْهُمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ لَكُمْ))، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا رُوِّينَا عَنْ أُبَيٍّ فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ جَوَابهِ زِرًّا مَا قَدْ ذَكَرَ فِيمَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتٌ مِنْهُ أَنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ وَلا إِخْرَاجٌ لَهُمَا مِنْهُ.
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ فِيهِمَا سِوَى ذَلِكَ، هَلْ نَجِدُ فِيهِ تَحْقِيقَهُ أَنَّهُمَا مِنَ القُرْآنِ، أَوْ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْهُ...). [تحفة الأخيار: 8/614-615] [مكان النقط أحاديث يأتي ذكرها]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الخَشَّابُ، أنا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الحِيرِيُّ، أنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، نا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لا يَكْتُبُ فِي مُصْحَفِهِ المُعَوِّذَتَيْنِ. فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَالَ جِبْرِيلُ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}. فَقُلْتُهَا، فقالَ: {قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}. فَقُلْتُهَا)) فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الوسيط: 4/575]
قالَ عبدُ الحَقِّ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عبدِ اللَّهِ الإشْبيليُّ (ت: 581هـ): (البخاريُّ: حدَّثَنا قُتَيبةُ، ثنا سُفْيانُ، عن عاصمٍ وعَبْدَةَ، عن زِرٍّ: سالتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عن المُعوِّذَتَيْنِ فقالَ: سالتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.
وقالَ الحُمَيديُّ عن سُفْيانَ في هذا الحديثِ: ((قِيلَ لي: قُلْ)) فنحن نقولُ كما قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ). [الأحكام الشرعية الكبرى: 4/250-251]
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الغَافِقِيُّ (ت: 619هـ): ( (ع): وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُعوِّذَتَيْنِ، فقالَ: ((قِيلَ لِي، فَقُلْتُ)).
قالَ أُبَيٌّ: فقالَ لنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنَحنُ نَقولُ). [لمحات الأنوار: 3/1161]
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الغَافِقِيُّ (ت: 619هـ): ( (حـ): وَعَنْ زَرٍّ سَألتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ فقالَ: سَالتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((قِيلَ لِي، فَقُلْتُ)) فنَحنُ نَقولُ كما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(خ): وعنه أَيضًا قَالَ: سَألتُ أُبَيَّ بنَ كعْبٍ قُلتُ: أبا المُنْذِرِ، إنَّ أَخاكَ ابنَ مَسعودٍ يَقولُ: كذا وكذا، فقالَ: إنِّي سَألتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ لي: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)). قَالَ: فنَحنُ نَقولُ كما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [لمحات الأنوار: 3/1167-1168]
قالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخَازِنُ (ت: 725هـ): ( (خ) عنْ زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ قالَ: سَالتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عن المُعَوِّذَتَيْنِ، قُلْتُ: يا أبا الوَلِيدِ، إِنَّ أَخَاكَ ابنَ مَسْعُودٍ يقولُ كذا وكذا، فقالَ: سَالتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ))، فَنَحْنُ نقولُ كما قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ). [لباب التأويل: 4/499] (م)
قالَ حَيْدَرُ بْنُ عَلِيٍّ القَاشِيُّ (ت: 776هـ): (عَنِ البُخَارِيِّ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ قُلْتُ: أَبَا المُنْذِر، إِنَّ أَخَاك ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ)) فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [المعتمد في المنقول: 2/509]
قالَ حَيْدَرُ بْنُ عَلِيٍّ القَاشِيُّ (ت: 776هـ): (عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لا يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ} فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: {قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ} فَقُلْتُهَا، فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [المعتمد في المنقول: 2/510]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ (ت: 795 هـ): (وقَدْ سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ عنِ المُعَوِّذَتَيْنِ فقالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)). وذلك إشارَةٌ منه إلى أنَّه صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ مُبَلِّغٌ مَحْضٌ لِمَا يُوحَى إليه، ليسَ فيه تَصَرُّفٌ لِمَا أَوْحَاهُ اللَّهُ إليهِ بزِيادَةٍ ولا نَقْصٍ، وإنَّما هو مُبَلِّغٌ لكلامِ رَبِّه كما أَوْحَاهُ إليه، فإذا قالَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. كانَ امْتِثالاً للقولِ الذي قِيلَ لَهُ بلَفْظِه لا بمَعْنَاهُ). [تفسير سورة الإخلاص] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرِ بنِ سُليمَانَ الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ): (وعن زِرٍّ قالَ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: إن أخاكَ يَحُكُّهُما مِنَ المُصْحَفِ، قيلَ لسفيانَ: ابنُ مسعودٍ: فلم يُنْكِرْ.
قالَ: سَالتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فقالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ)). فنحنُ نقولُ كما قالَ رسولُ اللهِ.
قلتُ: هو في الصحيحِ، خلا حَكِّهِما مِن المُصْحَفِ. رَوَاهُ أحمدُ والطبرانيُّ، ورجالُ أحمدَ رجالُ الصحيحِ). [مجمع الزوائد: 7/149]

قال عليُّ بنُ أبي بكرِ بنِ سُليمَانَ الهَيْثَمِيُّ (ت: 807هـ): (وعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ سُئِلَ عن هاتيْنِ السورتيْنِ قالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ، فَقُولُوا كَمَا قُلْتُ)).
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكبيرِ والأوسَطِ، وفيه إسماعيلُ بنُ مُسْلِمٍ المكِّيُّ، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/150]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي فَقُلْتُ، فَقُولُوا كَمَا قُلْتُ))). [الدر المنثور: 15/784]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ والبخاريُّ والنَّسَائِيُّ وَابْنُ الضُّرَيْسِ وَابْنُ الأَنْبَارِيِّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ، إِنِّي رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ لا يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ، فَقَالَ: أَمَا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بالحقِّ قَدْ سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهُمَا أَحَدٌ منذُ سَالتُهُ غَيْرُكَ؛ قَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ فَقُلْتُ، فَقُولُوا)). فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الدر المنثور: 15/784-785]
قال ابنُ الدَّيْبَعِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عليٍّ الشيبانيُّ الزَّبيدِيُّ (ت: 944هـ): (وَعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَالتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ. قُلْتُ: أَبَا المُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ)). فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ). [تيسير الوصول: 1/201-202]
قال عليُّ بنُ حسامِ الدينِ الهنديُّ البرهانُ فوري المتقي (ت: 957هـ): ( (أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ) عن زِرٍّ قالَ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ في المُعَوِّذَتَيْنِ -وفي لَفْظٍ: يَحُكُّهُمَا مِنَ المُصْحَفِ- فقالَ أُبَيٌّ: سَالنَا عَنْهُمَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فقالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ، فَقُلْتُ)) فأنا أَقُولُ كما قالَ. وفي لفظٍ: فنَحْنُ نَقُولُ كمَا قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ. (ط حم والحُمَيْدِيُّ خم حب قط في الأفرادِ) ). [كنز العمال: 2/563]
قال محمدُ بنُ سليمانَ المغربيُّ (ت: 1094هـ): (عن زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ قالَ: سَالتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ فقالَ: سألتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ فقالَ: ((قِيلَ لي، فَقُلْتُ)) فنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ. رواه البخاريُّ (4976)). [جمع الفوائد3/228]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وَأَخْرَجَ الطبرانيُّ عَنِ ابنِ مسعودٍ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فَقَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ فَقُلْتُ فَقُولُوا كَمَا قُلْتُ))). [فتح القدير: 5/755]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:20 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

ذكر ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه في المعوذتين

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ (ت: 235هـ): (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ مَحَا المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ، وقَالَ: لا تَخْلِطُوا فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ). [المصنف: 10/538]
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ (ت: 235هـ): (حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: قُلْتُ لأَبي جَعْفَرٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مَحَا المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مُصْحَفِهِ، فَقَالَ: اقْرَأْ بهِمَا). [المصنف: 10/539]
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ (ت: 235هـ): (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لا يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ). [المصنف: 10/540]
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ (ت: 360هـ): (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ وَيَقُولُ: (لِمَ تَزِيدُونَ مَا لَيْسَ فِيهِ)؟
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، ثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالا: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مُصْحَفِهِ فَيَقُولُ: أَلا خَلَطُوا فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ.
- حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ، يَقُولُ: لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللَّهِ.
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الحَرَشِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ الحَسَنِ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لا تَخْلِطُوا بالقُرْآنِ مَا لَيْسَ فِيهِ، فَإِنَّمَا هُمَا مُعَوِّذَتَانِ تَعَوَّذَ بهِمَا النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ} وَ{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ} وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَمْحُوهما مِنَ المُصْحَفِ.
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا الأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المَصَاحِفِ وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَعَوَّذَ بهِمَا، وَلَمْ يَكُنْ يَقْرَأُ بهِمَا). [المُعْجَمُ الكَبيرُ: 9/268-269]
قالَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ السُّلَمِيُّ (ت:660 هـ): (وَخَالَفَ ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهُ الإِجماعَ بقولِهِ: هُمَا عُوْذَتَانِ، وَلَيْسَتَا مِن القرآنِ الكريمِ). [تفسير القرآن: 3/509]
قال عليُّ بنُ أبي بكرِ بنِ سُليمَانَ الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ): (وعن عبدِ اللهِ أنه كانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ ويقولُ: إنما أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنْ يُتَعَوَّذَ بهِما. وكانَ عبدُ اللهِ لا يَقْرَأُ بهما.
رَوَاهُ البَزَّارُ والطبرانيُّ، ورجالهُما ثِقاتٌ، وقالَ البزارُ: لم يُتَابعْ عبدَ اللهِ أحدٌ من الصحابةِ، وقد صَحَّ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنه قَرَأَ بهما في الصلاةِ، وأُثْبتَتَا في المصحَفِ). [مجمع الزوائد: 7/149]
قال عليُّ بنُ أبي بكرِ بنِ سُليمَانَ الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ): (وعن عبدِ الرحمنِ بنِ يَزِيدَ - يعني: النَّخَعِيَّ - قالَ: كانَ عبدُ اللهِ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِن مَصاحِفِه ويقولُ: إِنَّهُما ليسَتا مِن كِتاب اللهِ تَبَارَكَ وتَعالَى.
رَوَاهُ عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ والطبرانيُّ، ورِجالُ عبدِ اللهِ رِجالُ الصحيحِ، ورِجالُ الطبرانيِّ ثِقَاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/149]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (أَخْرَجَ أَحْمَدُ والبَزَّارُ والطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، عَن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ وَيَقُولُ: لا تَخْلِطُوا القُرْآنَ بمَا لَيْسَ مِنْهُ، إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللَّهِ، إِنَّمَا أُمِرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بهِمَا. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لا يَقْرَأُ بهِمَا.

قَالَ البَزَّارُ: لَمْ يُتَابعِ ابْنَ مَسْعُودٍ أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ، وَقَدْ صَحَّ عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بهِمَا فِي الصَّلاةِ وَأُثْبتَتَا فِي المُصْحَفِ). [الدر المنثور: 15/784]
قال محمدُ بنُ سليمانَ المغربيُّ (ت: 1094هـ): (عن عبدِ الرحمنِ بنِ يَزِيدَ قالَ: كانَ عَبْدُ اللهِ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ ويَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى. رواهُ أَحْمَدُ (20683) والكبيرُ). [جمع الفوائد3/229]
قال محمدُ بنُ سليمانَ المغربيُّ (ت: 1094هـ): (وله وللبزارِ: أن عبدَ اللهِ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ، ويَقُولُ: إِنَّمَا أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلمَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بهِمَا، وكانَ عَبْدُ اللهِ لا يَقْرَأُ بهَا. رواه البزارُ (2301) ). [جمع الفوائد3/229]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:23 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

أجوبة العلماء عما روي عن ابن مسعود في المعوذتين

قلتُ: (سبق ذكر بعض أقوال العلماء قريبًا فراجعها).
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الكَرَجِيُّ القَصَّابُ (ت: 360هـ): (وهما من القرآنِ، ومَن قالَ: لَيْسَتَا من القرآنِ فقد أعْظَمَ القولَ، وما ذُكِرَ عن ابنِ مسعودٍ فهو عنه غَيْرُ صحيحٍ، ولو صَحَّ عنه أنها غيرُ مَكْتُوبةٍ في مُصْحَفِه، ما دلَّ على أنهما لم تكونا عندَه من القرآنِ، لأنه كانَ يَحْفَظُهما، ومَن حَفِظَ شَيْئًا فليسَ بحَتْمٍ عليهِ أنْ يَكْتُبَه ولو أنَّ حَافِظًا للقرآنِ كُلِّه لم يَكْتُبْهُ، واقْتَصَرَ على تلاوتِه آناءَ الليلِ والنهارِ في الصلاةِ وغيرِ الصلاةِ ما ضَرَّهُ، وإنما كُتِبَ إِشْفَاقًا على مَن لا يَقْدِرُ أن يَحْفَظَهُ، فكُتِبَ ليَسْتَوِيَ فيه الحَافِظُ وغيرُ الحافظِ، ولِيَرْجِعَ إليه الناسي إذا نَسِيَ منه الشيءَ، أو اشْتَبَهَ عليه الحَرْفُ، وَلِيَنْظُرَ فيه الناظِرُ فيَصِيرَ نَظَرُه فيه عبادةً، وَلِيَقْرَأَ فيه الحَافِظُ أيضًا فيَجْمَعَ الثوابيْنِ؛ ثوابَ التلاوةِ، وثَوَابَ النَّظَرِ). [نكت القرآن: 4/ 568-570]
قالَ أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ (ت:375هـ): (ورَوَى أبو مُعاوِيَةَ، عن عُثمانَ بنِ واقِدٍ قالَ: أَرْسَلَنِي أبي إلى مُحمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ أَسألُه عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ: أَهُمَا مِن كتاب اللهِ تعالى؟

قالَ: مَن لم يَزْعُمْ أنهما مِن كتاب اللهِ تعالى فعَلَيْهِ لَعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أَجمعينَ).[بحر العلوم: 3/529]
قالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبيبٍ المَاوَرْدِيُّ (ت: 450هـ): (وزَعَمَ ابنُ مسعودٍ أنَّهما دُعَاءٌ تَعَوَّذَ بهِ ولَيْسَتَا مِن القرآنِ، وهذا قولٌ خالَفَ به الإجماعَ مِن الصحابةِ وأهلِ البيتِ). [النكت والعيون: 6/ 373]
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ مُطَرِّفٍ الكِنَانِيُّ (ت: 454هـ): (قالَ أبُو مُحمَّدٍ في المُشْكِلِ فِي آخِرِ باب القرَاءَاتِ: أَمَّا نُقْصَانُ مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بحَذْفِهِ المُعَوِّذَتَيْنِ وَأُمَّ الكِتَاب، وَزِيَادَةُ مُصْحَفِ أُبَيٍّ سورَةَ القُنُوتِ، فَإِنَّا لا نقولُ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَأُبَيًّا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا أصابَا، وَأَخْطَأَ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ولكنَّ عَبْدَ اللَّهِ ذَهَبَ فِيمَا يَرَى أَهْلُ النَّظَرِ إِلَى أنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ كانتَا كَالعُوْذَةِ والرُّقْيَةِ لِلْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، وكانَ يرَى رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُعَوِّذُ بهِمَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ وَغَيْرَهُمَا، كما كانَ يُعَوِّذُ بـ((أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ)) وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَظَنَّ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا منَ القُرْآنِ، وَأَقَامَ عَلَى ظَنِّهِ وَمُخَالَفَةِ الصَّحَابَةِ جَمِيعًا كما أقامَ عَلَى التَّطْبيقِ، وأقامَ غيْرُهُ عَلَى الفُتْيَا بالمُتْعَةِ وَالصَّرْفِ، ورأى آخرُ أكْلَ البُرِّ وهو صائمٌ، ورأَى آخرُ السُّحُورَ بعْدَ طلوعِ الفجرِ الثانِي، في أشباهٍ لهذَا كَثِيرَةٍ، وإلى هذا ذهَبَ أُبَيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ في دُعَاءِ القُنُوتِ؛ لأنه رأَى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَدْعُو به في الصلاةِ دعاءً دائمًا فظَنَّ أنه منَ القرآنِ، وأقامَ على ظنِّهِ ومخالفَةِ الصحابَةِ.

وأمَّا فاتحَةُ الكتَاب فإنِّي أَشُكُّ فيما رُوِيَ عنْ عبدِ اللَّهِ منْ تَرْكِهِ إثباتَهَا في مصحفِهِ، فإنْ كان هذا محفوظًا فليْسَ يجوزُ لمسلمٍ أنْ يَظُنَّ به الجهْلَ بأنَّهَا منَ القُرْآنِ، وكيفَ يُظَنُّ به ذلك وهوَ منْ أشَدِّ الصحابَةِ عنايةً بالقرآنِ وأحَدُ السِّتَّةِ الذين انْتَهَى إليهِمُ العِلْمُ؟ والنَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ فيه: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْ قِرَاءَةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ)).
وَعُمَرُ رضِيَ اللَّهُ عنه يقولُ: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْمًا، وهو مع هذا مُتقَدِّمُ الإسلامِ بَدْرِيٌّ لم يَزَلْ يَسْمَعُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤُمُّ بها، وقال: ((لا صَلاةَ إِلا بسُورَةِ الحَمْدُ)) وَهِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَأُمُّ الكِتَاب، أَيْ: أَعْظَمُهُ وَأَقْدَمُ مَا نزلَ منه، كما سُمِّيَتْ مكَّةُ أُمَّ القُرَى؛ لأَنَّهَا أقْدَمُهَا، قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96]. ولكنَّهُ ذهَبَ فيما يَظُنُّ أَهْلُ النَّظَرِ إلى أن القُرْآنَ قدْ جُمِعَ بيْنَ اللَّوْحَيْنِ مخافَةَ الشَّكِّ والنِّسْيَانِ والزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، ورأَى ذلك لا يَجوزُ في سورَةِ (الحَمْدُ) لِقِصَرِهَا، وَأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صلاةٍ وكلِّ رَكْعَةٍ، ولأنَّهُ لا يَجوزُ لأحدٍ منَ المُسْلِمِينَ ترْكُ تَعَلُّمِهَا كما يَجوزُ تَرْكُ تَعَلُّمِ غَيْرِهَا وحِفْظِهِ إذْ كانتْ لا صَلاةَ إلا بهَا، فلَمَّا أَمِنَ عليْهَا العلَّةَ الَّتِي منْ أَجْلِهَا كُتِبَ المُصْحَفُ تَرَكَ كِتَابَتَهَا وهو يعلَمُ أَنَّهَا منَ المُصْحَفِ، ولوْ أَنَّ رَجُلاً كتبَ منَ القُرْآنِ سُوَرًا وترَكَ سُوَرًا لمْ يَكْتُبْهَا لمْ نَرَ عليه في ذلك وَكَفًا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَباللَّهِ التَّوْفِيقُ). [القرطين: 223]
قالَ أَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمْعَانِيُّ (ت: 489هـ): (فإن قالَ قائلٌ: لِمَ لم يَكتب ابنُ مسعودٍ هاتين السورتينِ في مُصْحَفِه؟ وهل يَجوزُ أن يَشْتَبهَ على أَحَدٍ أنهما مِن القرآنِ أو لَيْسَتَا مِن القرآنِ؟
والجوابُ عنه: أنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ رَوَى عن عاصمِ بنِ بَهدلةَ، عن زِرِّ بنِ حُبيشٍ قالَ: قلتُ لأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: إنَّ ابنَ مَسعودٍ لم يَكْتُبْ في مُصحَفِه المُعَوِّذَتَيْنِ! فقالَ أُبَيٌّ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قالَ جِبريلُ ـ عليه السلامُ ـ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ} فقُلْتُها، وقالَ: {قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ} فقُلْتُهَا)) فنحْنُ نقولُ بقَوْلِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كأنَّ أُبَيًّا وافَقَ ابنَ مسعودٍ.
قالَ رَضِيَ اللهُ عنه: أَخْبَرَنَا بهذا الحديثِ أبو الحُسَيْنِ بنُ النقورِ، أَخْبَرَنَا أبو القاسمِ بنُ حَبابةَ، أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ، أَخْبَرَنَا هُدبةُ، عن حَمَّادِ بنِ سَلمةَ. الحديثَ، خَرَّجَه مسلمٌ في الصحيحِ، فيَجوزُ أنَّ ابنَ مسعودٍ وأُبَيًّا مِن كثرةِ ما سَمِعَا النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقرأُ هاتينِ السورتينِ ويَتَعَوَّذُ بهما ظَنَّا أنهما عُوْذَةٌ، فلم يُثْبتَاهُمَا في المُصْحَفِ.
وقد قيلَ: إنهما مَكتوبتانِ في مُصْحَفِ أُبَيٍّ وذَكَرَ بعضُهم أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ لم يَشْتَبهْ عليه أنهما مِن القرآنِ، ولكن لم يَكْتُبْهُما لشُهرَتِهما، كما تَرَكَ كتابةَ سورةِ الفاتحةِ لشُهْرَتِها.
واللهُ أَعلَمُ وأَحكَمُ بالصواب، وإليه المَرْجِعُ والمَآبُ). [تفسير القرآن: 6/3090-310]
قالَ علمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وَهَاتَانِ السُّورَتانِ منَ القُرآنِ بإجْمَاعِ الأمَّةِ، وَيُرْوَى عنِ ابنِ مَسْعودٍ أنَّه كانَ يَحُكُّهُمَا مِنَ المصَاحِفِ وَيقُول: (لا تزيدوا في كِتَابِ اللهِ ما ليسَ منه) ، فإنْ كانَ هذَا صَحِيحًا عنهُ فَسَبَبُهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عليهِ وسلَّم يُعَوِّذُ بهمَا سِبْطَيهِ فَظَنَّ أنهما عُوذَتانِ.
والمسلمون كلهم على خلاف ذلك). [جمال القراء:1/203-204] (م)

قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُرْطُبيُّ (ت: 671هـ): (وزَعَمَ ابنُ مسعودٍ أنَّهما دُعَاءٌ تُعُوِّذَ بهِ، ولَيْسَتَا مَن القرآنِ؛ خالَفَ به الإِجماعَ مِن الصحَابَةِ وأهلِ البيْتِ.
قالَ ابنُ قُتَيْبَةَ: لَم يَكْتُبْ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ في مُصْحَفِه المُعَوِّذَتَيْنِ؛ لأنه كانَ يَسْمَعُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ - رَضِيَ اللهُ عنهما - بهِمَا، فقَدَّرَ أَنَّهُما بمَنْزِلَةِ: أُعيذُكُمَا بكَلِمَاتِ اللهِ التامَّةِ، مِن كلِّ شَيْطَانٍ وهَامَّةٍ، ومِن كلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ.
قالَ أبو بكرٍ الأنْبَارِيُّ: وهذا مَرْدُودٌ على ابنِ قُتَيْبَةَ؛ لأنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِن كلامِ ربِّ العالَمِينَ، المُعْجِزِ لجميعِ المخلوقِينَ، و(أُعيذُكُمَا بكلماتِ اللهِ التامَّةِ) مِن قوْلِ البشَرِ بَيِّنٌ. وكلامُ الخالِقِ الذي هو آيَةٌ لمحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتَمِ النبيِّينَ، وحُجَّةٌ له باقِيَةٌ على جَمِيعِ الكافِرِينَ، لا يَلْتَبسُ بكلامِ الآدمِيِّينَ، على مثلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ الفصيحِ اللِّسانِ، العالِمِ باللُّغَةِ، العارِفِ بأجناسِ الكلامِ، وأفانِينِ القوْلِ.
وقالَ بعضُ الناسِ: لم يَكْتُبْ عبدُ اللهِ المُعَوِّذَتَيْنِ؛ لأنه أَمِنَ عَلَيْهِمَا مِن النِّسيانِ، فأَسْقَطَهُمَا وهو يَحْفَظُهُما؛ كما أَسْقَطَ فاتِحَةَ الكِتاب مِنْ مُصْحَفِهِ، وما يُشَكُّ في حِفْظِه وإِتْقَانِهِ لَهَا. فرُدَّ هذا القوْلُ على قائِلِه، واحْتُجَّ عليه بأنه قد كَتَبَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ}، و{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وهُنَّ يَجْرِينَ مَجْرَى المُعَوِّذَتَيْنِ في أنهنَّ غيرُ طِوَالٍ، والحِفْظُ إليهنَّ أسْرَعُ، ونِسْيَانُهُنَّ مأمونٌ، وكلُّهنَّ يُخَالِفُ فاتِحَةَ الكِتاب؛ إذ الصلاةُ لا تَتِمُّ إِلاَّ بقِرَاءَتِهَا. وسَبيلُ كلِّ رَكْعَةٍ أنْ تكونَ المُقَدَّمَةَ فيها قَبْلَ ما يُقْرَأُ مِنْ بَعْدِهَا، فإسقاطُ فاتحةِ الكتاب مِن المُصْحَفِ، على معنَى الثقةِ ببقاءِ حِفْظِها، والأَمْنِ مِن نِسيانِها، صحيحٌ، وليسَ مِن السُّوَرِ ما يَجْرِي في هذا المعنَى مَجْرَاها، ولاَ يَسْلُكُ به طَرِيقَها. وقد مضَى هذا المعنى في سورةِ (الفاتِحَةِ). والحمدُ للهِ). [الجامع لأحكام القرآن: 20/251]
قالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخَازِنُ (ت: 725هـ): ( (م) وعنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}، وَ{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ})). فيهِ بيانُ عظيمِ فضلِ هاتَيْنِ السورتَيْنِ، وفيهِ دليلٌ واضِحٌ على كَوْنِهما مِن القرآنِ، وفيهِ رَدٌّ على مَنْ نَسَبَ إلى ابنِ مَسْعُودٍ خِلافَ هذا، وفيهِ بَيَانُ أنَّ لَفْظَةَ {قُلْ} مِن القرآنِ أيضًا، وأنَّهُ مِنْ أوَّلِ السُّورتيْنِ بعدَ البَسْمَلَةِ، وقد اجتمَعَتِ الأُمَّةُ على هذا كُلِّهِ بعدَ خِلافٍ ذُكِرَ فيهِ). [لباب التأويل: 4/499]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (قالَ الإمامُ أحمدُ: حدَّثنَا عَفَّانُ، حدَّثنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنا عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ، عن زِرِّ بنِ حُبَيشٍ قالَ: قُلْتُ لأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابنَ مَسْعُودٍ لا يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ في مُصْحَفِه؟ فقالَ: أَشْهَدُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ عليهِ السلامُ قالَ له: (({قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}. فقُلْتُها، قالَ: {قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ}. فقُلْتُها)). فنحنُ نقولُ ما قالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ.
ورواهُ أبو بكرٍ الحُمَيدِيُّ في مُسندِه، عن سُفيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، حدَّثنَا عَبْدَةُ بنُ أبي لُبابَةَ وعَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ، أنَّهما سَمِعا زِرَّ بنَ حُبَيشٍ قالَ: سألتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عن المُعوِّذَتَيْنِ فقلتُ: يا أبا المُنذرِ، إنَّ أخاكَ ابنَ مَسْعُودٍ يَحُكُّهُمَا مِن المُصحفِ؟ فقالَ: إِنِّي سَالتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ فقالَ: ((قِيلَ لِي: (قُلْ) فقُلْتُ)). فنحن نقولُ كما قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ.
وقالَ أحمدُ: حدَّثنَا وَكِيعٌ، حدَّثنَا سُفيانُ، عن عاصِمٍ، عن زِرٍّ قالَ: سَالتُ ابنَ مَسْعُودٍ عن المُعَوِّذَتَيْنِ، فقالَ: سألتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ عنهما فقالَ: ((قِيلَ لي، فقُلْتُ لَكُمْ؛ فقُولُوا)). قالَ أُبَيٌّ: فقالَ لنا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ؛ فنحنُ نقولُ.
وقالَ البخاريُّ: حدَّثنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدَّثنَا سُفيانُ، حدَّثنَا عَبْدَةُ بنُ أبي لُبابَةَ، عن زِرِّ بنِ حُبَيشٍ، وحدَّثنَا عاصِمٌ، عن زِرٍّ قالَ: سألتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ فقُلْتُ: أبا المُنْذِرِ، إنَّ أخاكَ ابنَ مَسْعُودٍ يقولُ كذا وكذا؟ فقالَ: إِنِّي سألتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ فقالَ: ((قِيلَ لي فقُلْتُ)). فنحنُ نقولُ كما قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ.
ورواهُ البخاريُّ أيضًا والنَّسائِيُّ، عن قُتَيْبَةَ، عن سُفيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عن عَبْدَةَ وعاصِمِ بنِ أبي النَّجُودِ، عن زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ بهِ.
وقالَ الحافِظُ أبو يَعْلَى: حدَّثنَا الأَزْرَقُ بنُ عَلِيٍّ، حدَّثنَا حَسَّانُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، حدَّثنَا الصَّلْتُ بنُ بَهْرَامَ، عن إِبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ قالَ: كانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِن المُصحفِ ويَقولُ: إِنَّمَا أُمِرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ أنْ يَتَعَوَّذَ بهما. ولمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يقرَأُ بهما.
ورواهُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ مِن حديثِ الأَعْمَشِ، عن أبي إِسْحاقَ، عن عَبْدِ الرحمنِ بنِ يَزِيدَ قالَ: كانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصاحِفِه ويَقُولُ: إِنَّهُما لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللَّهِ.
قالَ الأعمشُ: وحدَّثنَا عاصِمٌ، عن زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ قالَ: سَالنَا عنهما رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ قالَ: ((قِيلَ لِي؛ فقُلْتُ)).
وهذا مَشْهورٌ عندَ كثيرٍ مِن القُرَّاءِ والفُقهاءِ، أنَّ ابنَ مَسْعُودٍ كانَ لا يَكْتُبُ المُعَوِّذَتَيْنِ في مُصْحفِه، فلعَلَّه لمْ يَسْمَعْهُما مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ، ولم يَتَواتَرْ عندَه، ثم لعلَّه قدْ رَجَعَ عن قولِه ذلك إلى قولِ الجماعةِ؛ فإنَّ الصحابةَ رضِيَ اللَّهُ عنهُم كَتَبوهما في المَصاحفِ الأَئِمَّةِ، ونَفَّذُوها إلى سائِرِ الآفاقِ كذلك، وللَّهِ الحمدُ والمِنَّةُ). [تفسير القرآن العظيم: 8/3902-3903]

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): ( وأما ما روي عن ابن مسعود، قال القاضي أبو بكر: فلم يصح عنه أنهما ليسا بقرآن، ولا حفظ عنه أنه حكهما وأسقطهما من مصحفه لعلل وتأويلات.
قال القاضي: ولا يجوز أن يضاف إلى عبد الله أو إلى أبي بن كعب أو زيد أو عثمان أو علي أو واحد من ولده أو عترته جحد آية أو حرف من كتاب الله وتغييره أو قراءته على خلاف الوجه المرسوم في مصحف الجماعة بأخبار الآحاد، وأن ذلك لا يحل ولا يسمع بل لا تصلح إضافته إلى أدنى المؤمنين في عصرنا، فضلا عن إضافته إلى رجل من الصحابة، وإن كلام القنوت المروي عن أبي بن كعب أثبته في مصحفه لم تقم حجة بأنه قرآن منزل بل هو ضرب من الدعاء، وأنه لو كان قرآنا لنقل نقل القرآن وحصل العلم بصحته، وأنه يمكن أن يكون منه كلام كان قرآنا منزلا ثم نسخ وأبيح الدعاء به وخلط بكلام ليس بقرآن ولم يصح ذلك عنه وإنما روي عنه أنه أثبته في مصحفه، وقد ثبت في مصحفه ما ليس بقرآن من دعاء وتأويل.
وقال النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد منها شيئا كفر وما نقل عن ابن مسعود باطل وليس بصحيح.
وقال ابن حزم في أول كتابه المحلى: هذا كذب على ابن مسعود وموضوع وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عنه، وفيها المعوذتان والفاتحة
وقال القاضي أبو بكر بن الطيب في كتاب التقريب: لم ينكر عبد الله بن مسعود كون المعوذتين والفاتحة من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف وإثبات الحمد؛ لأنه كانت السنة عنده ألا يثبت إلا ما أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإثباته، وكتبه، ولم نجده كتب ذلك ولا سمع أمره به وهذا تأويل منه، وليس جحدا لكونهما قرآنا.
وفي صحيح ابن حبان عن زر قلنا لأبي بن كعب: إن ابن مسعود لا يكتب في مصحفه المعوذتين فقال: قال لي رسول الله صلى عليه وسلم: قال لي جبريل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فقلتها وقال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فقلتها. فنحن نقول ما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ) [البرهان في علوم القرآن:2/125-128] (م)
قالَ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت: 880هـ): (وَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا دُعَاءٌ، ولَيْسَتا مِنَ القُرْآنِ، وخَالَفَ بهِ الإِجْمَاعَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَهْلِ البَيْتِ.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لَمْ يَكْتُبْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ في مُصْحَفِهِ المُعَوِّذَتَيْنِ؛ لأَنَّه كَانَ يَسْمَعُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ بهِمَا، فَقَدَّرَ أَنَّهُمَا بمَنْزِلَةِ: "أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ".
قَالَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ: وهَذَا مَرْدُودٌ عَلَى ابْنِ قُتَيْبَةَ؛ لأَنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ كلامِ ربِّ العالَمِينَ المُعْجِزِ لِجَمِيعِ المَخْلُوقِينَ و"أُعِيذُكُمَا بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ" مِنْ قولِ البَشَرِ، وكلامُ الخالِقِ الَّذِي هُوَ آيَةٌ وَحُجَّةٌ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمِيعِ الكافِرِينَ لا يَلْتَبسُ بكلامِ الآدَمِيِّينَ عَلَى مِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، الفَصِيحِ اللِّسَانِ، العَالِمِ باللُّغَةِ العَارِفِ بأَجْنَاسِ الكلامِ.
وقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَمْ يَكْتُبْ عَبْدُ اللَّهِ المُعَوِّذَتَيْنِ؛ لأَنَّه أَمِنَ عَلَيْهِمَا مِنَ النِّسْيَانِ فأَسْقَطَهُمَا وهُوَ يَحْفَظُهُمَا كَمَا أَسْقَطَ فَاتِحَةَ الكِتَاب مِنْ مُصْحَفِهِ، ومَا يُشَكُّ في إِتْقَانِهِ وحِفْظِهِ لهمَا، وَرُدَّ هَذَا القَوْلُ عَلَى قائله، واحْتُجَّ عَلَيْهِ بأَنَّهُ قَدْ كَتَبَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ}، و{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وهُنَّ يَجْرِينَ مَجْرَى المُعَوِّذَتَيْنِ في أَنَّهُنَّ غَيْرُ طِوَالٍ، والحِفْظُ إِلَيْهِنَّ أسْرَعُ والنِّسْيَانُ مَأْمُونٌ، وكُلُّهن يُخَالِفُ فَاتَحةَ الكتاب؛ إِذِ الصلاةُ لا تَتِمُّ إلا بقِرَاءَتِهَا، وسَبيلُ كُلِّ رَكْعَةٍ أَنْ تَكُونَ المُقَدَّمَةَ فِيهَا قَبْلَ مَا يُقْرَأُ مِنْ بَعْدِهَا، فَإِسْقَاطُ فاتِحَةِ الكِتَاب مِنَ المُصْحَفِ عَلَى مَعْنَى الثِّقَةِ ببَقَاءِ حِفْظِهَا والأَمْنِ مِنْ نِسْيَانِهَا صَحِيحٌ، ولَيْسَ مِنَ السُّوَرِ في هَذَا المَعْنَى مَجْرَاهَا، ولا يَسْلُكُ به طَرِيقَهَا). [اللباب: 20/568-569]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشَّوْكانِيُّ (ت: 1250هـ): (وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ لا يُثْبتُ هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ، كَمَا رَوى عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ في المُسْنَدِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزيدَ يَعْنِي النَّخَعِيَّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعودٍ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصاحِفِهِ وَيَقولُ: إِنَّهُما لَيْسَتَا مِنْ كِتاب اللَّهِ تَعالَى.
وَرِجالُ إِسْنادِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَحْمَدَ رِجالُ الصَّحيحِ، وَرِجالُ إِسْنادِ الطَّبَرَانِيِّ ثِقاتٌ، وَهَكذا أَخْرَجَ البَزَّارُ في مُسْنَدِهِ: أَنَّ ابنَ مَسْعودٍ كانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ المُصْحَفِ وَيَقولُ: إِنَّمَا أَمَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَعَوَّذَ بهِمَا.
وَكانَ عَبْدُ اللَّهِ لا يَقْرَأُ بهِما، وَرِجالُ إِسْنادِه ثِقاتٌ، وَهَكذا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بإِسْنادٍ رِجالُهُ ثِقاتٌ، قالَ البَزَّارُ: لَمْ يُتابعْ عَبْدَ اللَّهِ بنَ مَسْعُودٍ أَحَدٌ مِنْ الصَّحابَةِ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بهِمَا في الصَّلاةِ وَأُثْبتَتَا في المُصْحَفِ، انْتَهى.
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ فيهِما: (إِنَّهُمَا خَيْرُ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا)، وَتَقَدَّمَ أَمْرُهُ بالقِراءَةِ بهِمَا، وَهَذِهِ خاصِّيَّةٌ مِنْ خَواصِّ القُرْآنِ، وَتَقَدَّمَ أيضًا: أَنَّ مَنْ قَرَأَهُمَا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ جَمِيعَ ما أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَجَميعُ أَهْلِ الإِسْلامِ طَبَقَةٌ بَعْدَ طَبَقَةٍ، والصَّحابيُّ بَشرٌ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً في مِثْلِ هَذا، عَلَى فَرْضِ عَدَمِ مُخالَفَتِهِ لِما ثَبَتَ عَنِ الشّارِعِ، فَكَيْفَ وَقَدْ خالَفَ ها هُنا السُّنَّةَ الثَّابتةَ والإِجْماعَ المَعْلومَ). [تُحْفَةُ الذّاكِرينَ: 330-332]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وَأَخْرَجَ أحمدُ وَالبَزَّارُ وَالطبرانيُّ وَابنُ مَرْدُويَه مِنْ طُرُقٍ -قَالَ السيوطيُّ: صَحِيحَةٌ-، عَنِ ابنِ مسعودٍ أَنَّهُ كانَ يَحُكُّ المُعَوِّذتَيْنِ في المصحفِ يَقُولُ: لا تَخْلِطُوا القرآنَ بما ليسَ منهُ، إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كتاب اللَّهِ، إِنَّمَا أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يَتَعَوَّذَ بهِمَا، وَكانَ ابنُ مسعودٍ لا يَقْرَأُ بهِمَا، قَالَ البَزَّارُ: لمْ يُتَابعِ ابنَ مسعودٍ أَحَدٌ مِنَ الصحابةِ، وَقدْ صَحَّ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بهِمَا في الصلاةِ، وَأُثْبتَتَا في المصحفِ). [فتح القدير: 5/755]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وَأَخْرَجَ أحمدُ وَالبخاريُّ وَالنسائيُّ وَغيرُهُم عَنْ زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ المدينةَ فَلَقِيتُ أُبَيَّ بنَ كعبٍ، فَقُلْتُ لهُ: أَبَا المُنْذِرِ، إِنِّي رَأَيْتُ ابنَ مسعودٍ لا يَكْتُبُ المعوذتَيْنِ في مصحفِهِ. فَقَالَ: أَمَا وَالذي بَعَثَ مُحَمَّدًا بالحقِّ لقدْ سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا وَمَا سَأَلَنِي عَنْهُمَا أَحَدٌ منذُ سألتُهُ غَيْرُكَ. قَالَ: ((قِيلَ لِي: قُلْ فَقُلْتُ فَقُولُوا)). فنحنُ نَقُولُ كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [فتح القدير: 5/755]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشَّوْكانِيُّ (ت: 1250هـ): (وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ لا يُثْبتُ هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ، كَمَا رَوى عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ في المُسْنَدِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزيدَ يَعْنِي النَّخَعِيَّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعودٍ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصاحِفِهِ وَيَقولُ: إِنَّهُما لَيْسَتَا مِنْ كِتاب اللَّهِ تَعالَى.
وَرِجالُ إِسْنادِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَحْمَدَ رِجالُ الصَّحيحِ، وَرِجالُ إِسْنادِ الطَّبَرَانِيِّ ثِقاتٌ، وَهَكذا أَخْرَجَ البَزَّارُ في مُسْنَدِهِ: أَنَّ ابنَ مَسْعودٍ كانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ المُصْحَفِ وَيَقولُ: إِنَّمَا أَمَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَعَوَّذَ بهِمَا.
وَكانَ عَبْدُ اللَّهِ لا يَقْرَأُ بهِما، وَرِجالُ إِسْنادِه ثِقاتٌ، وَهَكذا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بإِسْنادٍ رِجالُهُ ثِقاتٌ، قالَ البَزَّارُ: لَمْ يُتابعْ عَبْدَ اللَّهِ بنَ مَسْعُودٍ أَحَدٌ مِنْ الصَّحابَةِ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بهِمَا في الصَّلاةِ وَأُثْبتَتَا في المُصْحَفِ، انْتَهى.
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ فيهِما: (إِنَّهُمَا خَيْرُ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا)، وَتَقَدَّمَ أَمْرُهُ بالقِراءَةِ بهِمَا، وَهَذِهِ خاصِّيَّةٌ مِنْ خَواصِّ القُرْآنِ، وَتَقَدَّمَ أيضًا: أَنَّ مَنْ قَرَأَهُمَا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ جَمِيعَ ما أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَجَميعُ أَهْلِ الإِسْلامِ طَبَقَةٌ بَعْدَ طَبَقَةٍ، والصَّحابيُّ بَشرٌ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً في مِثْلِ هَذا، عَلَى فَرْضِ عَدَمِ مُخالَفَتِهِ لِما ثَبَتَ عَنِ الشّارِعِ، فَكَيْفَ وَقَدْ خالَفَ ها هُنا السُّنَّةَ الثَّابتةَ والإِجْماعَ المَعْلومَ). [تُحْفَةُ الذّاكِرينَ: 330-332]
قالَ أَبو الثَّناءِ مَحْمُودُ بنُ عبدِ اللهِ الآلُوسِيُّ (ت: 1270هـ): (وعن ابنِ مسعودٍ أنه أَنْكَر قُرآنِيَّتَهما، أَخْرَجَ الإمامُ أحمدُ والبزَّارُ والطبرانيُّ وابنُ مَرْدَوَيْهِ مِن طُرُقٍ صحيحةٍ عنه أنه كان يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِن المصْحَفِ ويقولُ: لا تَخْلِطوا القرآنَ بما ليس منه، إنهما لَيْسَتَا مِن كتاب اللهِ تعالى، إنما أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ أن يُتَعَوَّذَ بهما. وكان ابنُ مسعودٍ لا يَقرأُ بهما، قالَ البَزَّارُ: لم يُتابع ابنَ مسعودٍ أحدٌ مِن الصحابةِ، وقد صَحَّ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ أنه قَرَأَ بهما في الصلاةِ وأُثْبتَتَا في المصحَفِ.
وأَخْرَجَ الإمامُ أحمدُ والبخاريُّ والنَّسائيُّ وابنُ حِبَّانَ وغيرُهم عن زِرِّ بنِ حُبيشٍ قالَ: أَتَيْتُ المدينةَ فلَقِيتُ أُبَيَّ ابنَ كَعبٍ فقُلتُ له: يا أبا المنذِرِ، إني رأيتُ ابنَ مسعودٍ لا يَكتبُ المُعَوِّذَتَيْنِ في مُصحَفِه. فقالَ: أما والذي بَعَثَ محمَّدًا صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ بالحقِّ لقد سألتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ عنهما وما سألني عنهما أحدٌ منذُ سألتُ غيرَك، فقالَ: ((قِيلَ لِي قُلْ فَقُلْتُ فَقُولُوا)) فنحن نَقولُ كما قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ.
وبهذا الاختلافِ قَدَحَ بعضُ المُلْحِدِينَ في إعجازِ القرآنِ قالَ: لو كانتْ بلاغةُ ذلك بَلَغَتْ حدَّ الإعجازِ لتَمَيَّزَ به عن القرآنِ فلم يُختلَفْ في كونِه منه، وأنتَ تَعلمُ أنه وَقَعَ الإجماعُ على قُرآنِيَّتِهما وقالوا: إنَّ إنكارَ ذلك اليومِ كُفْرٌ، ولَعَلَّ ابنَ مسعودٍ رَجَعَ عن ذلك، وفى شَرْحِ المواقِفِ أنَّ اختلافَ الصحابةِ في بعضِ سُوَرِ القرآنِ مرْوِيٌّ بالآحادِ المفيدةِ للظَّنِّ، ومجموعُ القرآنِ مَنقولٌ بالتواترِ المفيدِ لليقينِ الذي يَضْمَحِلُّ الظنُّ في مقابَلتِه فتلك الآحادُ مما لا يُلْتَفَتُ إليه ثم إن سَلَّمْنَا اختلافَهم فيما ذُكِرَ قلنا: إنهم لم يَخْتَلِفُوا في نزولِه على النبيِّ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ ولا في بُلوغِه في البلاغةِ حَدَّ الإعجازِ بل في مُجَرَّدِ كونِه مِن القرآنِ، وذلك لا يَضُرُّ فيما نحنُ بصَدَدِه. انتهى.
وعَكْسُ هذا القولِ في السورتينِ المذكورتينِ قيلَ في سُورَتَي الخَلْعِ والحَفْدِ، وفى ألفاظِهما رواياتٌ منها ما يَقْنُتُ به الحنفيَّةُ، فقد رُوِيَ أنهما في مصحَفِ أُبَيِّ بنِ كعبٍ، وفى مصحَفِ ابنِ عبَّاس وفى مُصْحَفِ ابنِ مسعودٍ، فهما إن صَحَّ أنهما كلامُ اللهِ تعالى مَنسوخَا التلاوةِ وليسا مِن القرآنِ كما لا يَخْفَى). [روح المعاني: 29/279]
قالَ صِدِّيقُ بنُ حَسَن خَان الحُسَيْنِيُّ القنوجِيُّ (ت: 1307هـ): (عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسَلَّمَ: ((أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هذهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟ {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}، وَ{قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ})).
قالَ النَّوَوِيُّ: فيه بيانُ عِظَمِ فَضْلِ هَاتَيْنِ السُّورتَيْنِ، وقد سَبَقَ قريبًا الخلافُ في إطلاقِ تَفضيلِ بَعْضِ القُرآنِ على بَعْضٍ.
وفيه: دليلٌ واضحٌ على كَوْنِهِمَا مِنَ القرآنِ، ورَدٌّ على مَن نَسَبَ إلى ابنِ مَسْعُودٍ خِلافَ هذا.
وفيه: أَنَّ لَفْظَةَ "قُلْ" مِنَ القرآنِ ثَابتَةٌ مِن أَوَّلِ السُّورَتَيْنِ بَعْدَ البَسْمَلَةِ، وقد أَجْمَعتِ الأُمَّةُ على هذا كُلِّهِ، انتَهَى.
وقد وَرَدَ في فَضْلِ هاتَيْنِ السُّورَتَيٍنِ أَحَادِيثُ، ذَكَرَها في تُحْفَةِ الذَّاكِرِينَ.
وفي بَعْضِهَا عَنْ عُقْبَةَ عندَ أبي دَاوُدَ والنَّسَائِيِّ بلَفْظِ: ((أَلاَ أُعَلِّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ؟))
قالَ الشَّوْكانِيُّ: فيه دليلٌ على مَزِيدِ فَضْلِهِمَا، ولا تَعَارُضَ بَيْنَ هذا، وبَيْنَ ما وَرَدَ فيهِ مِثلُ ذلك مِن السُّوَرِ والآياتِ، بل يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ ما وَرَدَ تَفْضيلُهُ على أَنَّهُ فَاضلٌ على ما عَدا ما قدْ وَقَعَ تَفْضِيلُهُ بدَلِيلٍ آخَرَ، فالتَّفْضيلُ مِن هذه الحَيْثِيَّةِ إضافِيٌّ لا حَقِيقيٌّ. وهذا شيءٌ حَسَنٌ، فإن مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ، فالمَرْجِعُ التَّرْجِيحُ بَيْنَ الأَدِلَّةِ القَاضِيَةِ بالتَّفْضِيلِ.
قال: وقَدْ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ لا يُثْبتُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ، كما رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ في المُسْنَدِ والطَّبَرانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرحمنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، قالَ: كَانَ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ من مَصَاحِفِهِ، ويقولُ: إنهما لَيْسَتَا مِنْ كِتَاب اللهِ تعالى. ورِجَالُ إسنادِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ، ورجالُ إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ ثِقاتٌ، وهكذا أَخْرَجَ البَزَّارُ في مُسْنَدِهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ ويقولُ: إِنَّمَا أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسَلَّمَ أن يَتَعَوَّذَ بهِمَا، وكانَ عَبْدُ اللهِ لا يَقْرَأُ بهِمَا، ورجالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وهكذا أَخْرَجَهُ الطَّبَرانِيُّ بإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
قال البَزَّارُ: لم يُتَابعْ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ أحدٌ مِنَ الصحابةِ، وقد صَحَّ عَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسَلَّمَ: أنه قَرَأَهُما في الصلاةِ، وأُثْبتَتا في المُصْحَفِ. انتهى.
قالَ: قُلْتُ: وقد تَقَدَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسَلَّمَ، قالَ فيهِما: إِنَّهُمَا خَيْرُ سُورَتَيْنِ، وقد تَقَدَّمَ أَمْرُهُ بالقِرَاءَةِ بهِمَا، وهذا خاصَّةٌ مِنْ خَوَاصِّ القرآنِ، وتَقَدَّمَ أيضًا: أنَّ مَنْ قَرَأَ بهِمَا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ جَمِيعَ مَا أُنْزِلَ على مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
وأَجْمَعَ على ذلك الصحابَةُ وجَمِيعُ أَهْلِ الإسلامِ، طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، والصَّحَابيُّ بَشَرٌ ولَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً، في مِثْلِ هذا على فَرْضِ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِمَا ثَبَتَ عَنِ الشَّارِعِ، فَكَيْفَ وقَد خَالَفَ هاهنا السُّنَّةَ الثابتةَ، والإجماعَ المَعْلُومَ؟! انْتَهَى كلامُ الشَّوْكَانِيِّ.
وقد عَرَفْتَ بهذا أنَّ قولَ النَّوَوِيِّ المُتَقَدِّمَ بلَفْظِ: وفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ نَسَبَ إلى ابنِ مَسْعُودٍ خِلافَ هذا. انتهى ليس كما يَنْبَغِي، فإنَّ الخلافَ عنه رَضِيَ اللهُ عنه ثَابتٌ بما حَكَاهُ الشوكانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ قَرِيبًا، والجوابُ عَنْ هَذا الخلافِ الجَوَابُ المُتَقَدِّمُ). [السِّرَاجُ الوَهَّاجُ: 1/580-584]
قالَ مُحَمَّد صِدِّيق حَسَن خَان القِنَّوْجِيُّ (ت: 1307هـ): (وَعن ابنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كانَ يَحُكُّ المعوذتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ يَقُولُ: لا تَخْلِطُوا القرآنَ بما ليسَ منهُ إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كتاب اللَّهِ إِنَّمَا أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنْ يَتَعَوَّذَ بهِمَا، وَكانَ ابنُ مسعودٍ لا يَقْرَأُ بهِمَا. أَخْرَجَهُ أحمدُ والطبرانيُّ وَابنُ مَرْدُويَهْ مِنْ طُرُقٍ، قَالَ السيوطيُّ: صَحِيحَةٌ، قَالَ البزَّارُ: لم يُتَابعِ ابنَ مسعودٍ أَحَدٌ مِنَ الصحابةِ، وَقدْ صَحَّ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بهما في الصلاةِ، وَأُثْبتَتَا في المصحفِ.
وأَخْرَجَ أحمدُ وَالبخاريُّ وَالنسائيُّ وَغيرُهُم عَنْ زَرِّ بنِ حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ المدينةَ فَلَقِيتُ أُبَيَّ بنَ كعبٍ فَقُلْتُ لهُ: أَبَا المُنْذِرِ، إِنِّي رَأَيْتُ ابنَ مسعودٍ لا يَكْتُبُ المعوذَتَيْنِ في مصحفِهِ. فَقَالَ: أَمَا وَالذي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بالحقِّ لقدْ سَالتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا وَما سَأَلَنِي عَنْهُمَا أَحَدٌ منذُ سَالتُهُ غَيْرُكَ.
قَالَ: ((قيلَ لي: قلْ. فَقُلْتُ فَقُولُوا)). فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
قالَ القرطبيُّ: زَعَمَ ابنُ مسعودٍ أنَّ هَاتَيْنِ السورتَيْنِ دُعَاءٌ يُتَعَوَّذُ بهِ وَلَيْسَتَا مِنَ القرآنِ، وَقدْ خَالَفَ الإِجماعَ مِنَ الصحابةِ وَأهلِ البيتِ.
وَقَالَ ابنُ قتيبةَ: لمْ يَكْتُب ابنُ مسعودٍ المعوذتَيْنِ في مصحفِهِ؛ لأنَّهُ كانَ يَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحسنَ وَالحسينَ بهِمَا، فَقَدَّرَ أنَّهُمَا بمَنْزِلَةِ: أُعِيذُكُمَا بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كلِّ شيطانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ.
قال أَبُو بَكْرِ بْنُ الأنباريِّ: وَهذا مَرْدُودٌ على ابنِ قتيبةَ؛ لأنَّ المَعُوذَتَيْنِ مِنْ كلامِ ربِّ العالمينَ المُعْجِزِ لجميعِ المخلوقِينَ، وَأُعِيذُكُمَا إِلخ مِنْ كلامِ البشرِ.
وَكلامُ الخالقِ الذي هوَ آيةٌ لمحمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَحُجَّةٌ لهُ باقِيَةٌ على جماعةِ الكافِرِينَ لا يَلْتَبسُ بكلامِ الآدَميِّينَ، فَضْلاً عَنْ مثلِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ الفصيحِ اللسانِ العالمِ باللغةِ العارفِ بأجناسِ الكلامِ وَأَفَانِينِ القولِ.
وَقَالَ بعضُ الناسِ: لمْ يَكْتُبْ عَبْدُ اللَّهِ المعوذتَيْنِ؛ لأنَّهُ أَمِنَ عَلَيْهِمَا مِنَ النسيانِ فَأَسْقَطَهُمَا وَهوَ يَحْفَظُهُمَا، كما أَسْقَطَ فاتحةَ الكتاب مِنْ مُصْحَفِهِ). [فتح البيان: 15/453-454]
قالَ مُحَمَّد أَنْوَر الكَشمِيرِيُّ (ت: 1352هـ): (قولُهُ: فقالَ: ((قيلَ لِي: قُلْ))، واعَلْمَ أَنَّهُ نُسِبَ إلى ابنِ مَسْعُودٍ أَنَّ المُعَوِّذَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا عِنْدَهُ مِنَ القُرْآنِ، وكانَ يَقُولُ: إِنَّهُمَا نَزَلَتَا لِلْحَوَائِجِ الوَقْتِيَّةِ، كَالتَّعَوُّذِ، فَهُمَا وَظِيفَتَانِ وَقْتِيَّتَانِ، عَلَى شَاكِلَةِ سَائِرِ الوَظَائِفِ والأَدْعِيَةِ، فلا يَجُوزُ إِدْخَالُهُمَا في القرآنِ، وكانَ يَتَمَسَّكُ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ: {قُلْ}. فَإِنَّهُ يَدُلُّ علَى تَعْلِيمِهِ إِيَّاهُ، علَى طَرِيقِ سَائِرِ الأَدْعِيَةِ، فأَجَابَ عَنْهُ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، وهُوَ تِلْمِيذُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وحَاصِلُهُ أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قَالَ لَهُ جَبْرَائِيلُ عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ: {قُلْ} فَقَالَ كَمَا أَمَرَهُ، فنَحْنُ أَيْضًا نَقُولُ كما قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، على أنَّ {قُلْ} في سورةِ الإخلاصِ أَيْضًا، وبالجملةِ كَانَ الخلافُ بَيْنَهُمَا كالخلافِ فِي الرَّمَلِ فِي الحَجِّ، زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ سُنَّةً وَقْتِيَّةً، والجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ، فهكذا كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَرَاهُمَا وَظِيفَةً وَقْتِيَّةً، لا أَنَّهُ كانَ يُنْكِرُ كَوْنَهُمَا مُنَزَّلَتَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ، وبَحَثَ فيه الحافظُ، وآلَ إلى أَنَّهُ لم يَكُنْ يُنْكِرُ قُرْآنِيَّتَهُ، ولَكِنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ كِتَابَتَهُ في المُصْحَفِ، ومَرَّ عَلَيْهِ بَحْرُ العلُومِ في شَرْحِ مُسَلَّمِ الثَّبُوتِ، تَحْتَ تَعْرِيفِ القُرْآنِ، وقالَ: إِنَّ سِلْسِلَةَ القِرَاءَةِ الَّتِي تَبْلُغُ اليَوْمَ إلى ابْنِ مَسْعُودٍ نَجِدُ فِيهَا المُعَوِّذَتَيْنِ بالاتفاقِ وحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَؤُولَ في النَّقْلِ المَذْكُورِ). [فَيْضُ البَارِي: 4/261-262]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (واشتَهَرَ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ في الصحيحِ أنَّه كانَ يُنكِرُ أنْ تكونَ المُعَوِّذَتَانِ مِنَ القُرآنِ، ويَقولُ: إنما أُمِرَ رسولُ اللهِ أنْ يَتَعَوَّذَ بهما، أيْ: ولم يُؤمَرْ بأنهما مِنَ القُرآنِ.
وقد أَجْمَعَ أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على القِراءةِ بهما في الصَّلاةِ، وكُتِبَا في مَصَاحِفِهم، وصَحَّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قَرَأَ بهما في صَلاَتِه). [التحرير والتنوير: 30/624-625]
قالَ عَطِيَّة مُحَمَّد سَالِم (ت: 1420هـ): (يَذْكُرُ المُفَسِّرُونَ، عن ابنِ مسعودٍ أنَّه كانَ يَرَاهُما مُعَوِّذَتَيْنِ مِن غيرِ القرآنِ، ولكنَّ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ قالَ: أَشْهَدُ أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ أخْبَرَنِي: ((أنَّ جِبريلَ عليه السلامُ قالَ له: {قُلْ أَعُوذُ برَب الفَلَقِ}. فقُلْتُها، وقالَ: {قُلْ أَعُوذُ برَب النَّاسِ} فقُلْتُها)). فنَحنُ نقولُ ما قالَه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ. ذَكَرَه ابنُ كَثِيرٍ عن الإمامِ أحمدَ.
وذَكَرَ نحوَه عن البُخَارِيِّ ثُمَّ قالَ: ثُمَّ قد رَجَعَ عن قولِه إلى قولِ الجماعةِ؛ فإنَّ الصحابةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم أثْبَتُوهُما في المَصاحِفِ الأَئِمَّةِ، ونَفَذُوهَا إلى سائرِ الآفاقِ.
ورُوِيَ عن الإمامِ أحمدَ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ قَرَأَ بهما في الصلاةِ، وساقَ عِدَّةَ طُرُقٍ في إثباتِ أنَّهما قُرآنٌ؛ ممَّا يَنْفِي أيَّ خِلافٍ بعدَ ذلك في إثباتِهما.
وقد اعْتَذَرَ القُرْطُبيُّ عن ابنِ مَسعودٍ بأنَّه لم يَسْمَعْهُما مِن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ على أنَّهما قُرآنٌ، وسَمِعَهما فظَنَّهُما أنَّهما دُعاءٌ مِن الأَدْعِيَةِ؛ كقولِه صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)).
ولَمَّا بَلَغَه إثباتُهما عن رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ رجَعَ إلى قولِ الجُمهورِ). [تتمة أضواء البيان: 9/337]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة