العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الوقف والابتداء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 جمادى الآخرة 1434هـ/29-04-2013م, 11:40 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي الوقف على كلا وبلى والابتداء بهما

الوقف على كلا وبلى والابتداء بهما


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 محرم 1435هـ/21-11-2013م, 04:02 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الوقف على "كلا" والابتداء بها

قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (
وقوله تعالى: {كلا بل لا تكرمون اليتيم} [الفجر: 17] قال الفراء: «كلا» بمنزلة «سوف» لأنها صلة، وهي حرف رد، فكأنها «نعم» و«لا» في الاكتفاء. قال: وإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها كقولك: «كلا ورب الكعبة»
لا تقف على «كلا» لأنها بمنزلة قولك: «أي ورب الكعبة» قال الله تعالى {كلا والقمر} [المدثر: 32] فالوقف على (كلا) قبيح لأنها صلة لليمين. قال الفراء: أنشدني الكسائي عن بعض العرب:
كلا وشمس لنخضبنهم دما
وقوله: {أحق هو قل إي وربي إنه لحق} [يونس: 53] قال خلف سمعت الكسائي يقول: إي وربي حرفان. وقال الفراء: لا يقف على (إي) لأنها صلة لليمين.
وكان أبو جعفر محمد بن سعدان يقول في «كلا» مثل قول الفراء. وقال الأخفش: معنى «كلا» الردع والزجر. وقال المفسرون: معناها «حقًا». وقال السجستاني: جاءت «كلا» في القرآن على وجهين، فهي في مواضع بمعنى: «لا يكون
ذلك» وهو رد للأول كما قال العجاج:
قد طلبت شيبان أن يصاكم = كلا ولما تصطفق مآتم
المعنى: لا، لا يكون ذلك كما ظنوا، وليس ذلك كما ظنوا حتى تصطفق المآتم، والمآتم النساء المجتمعات في خير أو شر. قال وتجيء في معنى: «ألا» التي هي للتنبيه، يستفتح بها الكلام كقوله: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم} [هود: 5] وهي زائدة في الكلام لو لم يأت بها لكان الكلام تامًا مفهومًا. لو قلت: إنهم يثنون صدورهم لكان تامًا. قال: فما جاءت فيه «كلا» بمعنى «ألا» قول العرب:
«كلا زعمت أن العير لا يقاتل»
وهو مثل للعرب، واحتج بقول أعشى بني قيس:
كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم = إنا لأمثالكم يا قومنا قتل
قلت: وهذا غلط منه. معنى «كلا» في المثل والبيت: «لا» ليس الأمر على ما يقولون.
وقوله: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} [النور: 22] معنى (ألا) ههنا مخالف لمعناها في قوله: {ألا إنهم هم المفسدون} [البقرة: 12]. وذلك أنها في ذلك الموضع تقرير وفي هذا الموضع افتتاح للكلام، كان الأصل فيها «لا» فأدخلت ألف الاستفهام على «لا» فصارت تقريرًا كما قال:
{أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} [القيامة: 40].
قال أبو بكر وسمعت أنا أبا العباس يقول: لا يوقف على «كلا» في جميع القرآن لأنها جواب، والفائدة تقع فيما بعدها. واحتج السجستاني في أن «كلا» بمعنى «ألا» بقوله: {كلا إن الإنسان ليطغى} [العلق: 6] قال: فمعناه «ألا إن الإنسان» وذلك أن جبريل عليه السلام، أول شيء نزل به من القرآن خمس آيات من سورة العلق مكتوبة في نمط فلقنها النبي صلى الله عليه وسلم، آية آية والنبي صلى الله عليه وسلم، يتكلم بها كما يُلقنه، فلما قال: (ما لم يعلم) طوى النمط.
قلت: فهذا يصحح مذهبين: مذهب من قال: معنى «كلا»
حقًا كأنه قال: حقًا إن الإنسان ليطغى. ومذهب من قال: معنى «كلا» لا. كأنه قال: لا ليس الأمر على ما تظنون يا معشر الكفرة، كما قال في سورة القيامة: {لا أقسم بيوم القيامة} [1] فـ «لا» رد لكلام ثم ابتدأ فقال: أقسم بيوم القيامة. وقوله: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا. أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا. كلا} [مريم: 77، 78] الوقف على (كلا) جائز لأن المعنى [لا] «ليس الأمر كذا».
ويجوز أن تقف على قوله (عهدا) وتبتدئ: (كلا سنكتب) أي حقًا سنكتب. وكذلك قوله تعالى: {لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا} [المؤمنون: 100] يجوز أن تقف على (كلا) وعلى (تركت). وقوله: {ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا} [الشعراء: 14، 15] الوقف على (كلا) لأن المعنى «لا ليس الأمر كما ظنوا فاذهبا» وليس للحق في هذا الموضع معنى. وقوله: {قال أصحاب موسى إنما لمدركون. قال كلا} [الشعراء: 61، 62] الوقف على (كلا) حسن لأن المعنى «لا لا يدر كونكم» ولا يجوز الوقف على (قال) والابتداء بـ(كلا) للمختار لأن ما بعد القول حكاية. وقوله: {ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه. كلا} [المعارج: 14، 15] الوقف على (كلا) حسن لأن المعنى «لا لا يكون ما يود» ويجوز الوقف على (ينجيه) والابتداء بـ(كلا) على معنى «حقًا إنها لظى».
ومثله: {أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم. كلا} [المعارج: 38، 39] الوقف الجيد على (كلا) لأن معناها «لا لا يدلخها». ويجوز أن تبتدئ (كلا إنا خلقناهم) على معنى «حقًا إنا خلقناهم» والأول أجود. ومثله: {بل يريد كل امريء منهم أن يؤتى صحفا منشرة. كلا} [المدثر: 52، 53] تقف على (كلا) وعلى ما قبلها. وقوله: {يقول الإنسان يومئذ أين المفر. كلا} [القيامة: 10، 11]، الوقف الجيد على (لا وزر) لأن فيه تقع الفائدة كأنه قال: لا جبل يلجأون إليه. ويجوز أن تقف على ما قبل (كلا) وتبتدئ (كلا لا وزر) على معنى: حقًا لا وزر. والوقف على (كلا) ليس بمحال. وقوله: {ثم إن علينا بيانه. كلا بل تحبون العاجلة. وتذرون الآخرة} [القيامة: 19، 21]
الوقف على (الآخرة) حسن. والوقف على (كلا) قبيح لأن الفائدة فيما بعدها وهو قوله: (بل تحبون العاجلة. وتذرون الآخرة). ويجوز الابتداء بـ(كلا) على معنى «حقًا بل تحبون العاجلة». وكذلك: {تظن أن يفعل بها فاقرة} [القيامة: 25] الابتداء بـ(كلا) على معنى «حقًا إذا بلغت التراقي». وقوله: {الذي هم فيه مختلفون. كلا سيعلمون. ثم كلا سيعلمون} [عم: 3، 5] الوقف على (كلا) قبيح لأن الفائدة فيما بعدها ولكن الوقف على قوله: (ثم كلا سيعلمون) جيد ويجوز أن تبتبديء (كلا سيعلمون) على معنى «حقا سيعلمون». ومثله: {وأما من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهى. كلا إنها تذكرة} [عبس: 8، 11] الوقف على (ذكره) وعلى «التذكرة»
جيد. والوقف على (كلا) أيضًا جائز كأنه قال: لا ليس هو هكذا. وقوله: {ثم إذا شاء أنشره. كلا لما يقض ما أمره} [عبس: 22، 23] الوقف على (أنشره) و(أمره) جيد. والوقف على (كلاً) قبيح. ومثله: {في أي صورة ما شاء ركبك. كلا بل تكذبون بالدين} [الانفطار: 8، 9] الوقف الجيد على (الدين) وعلى (ركبك). والوقف على (كلا) قبيح. ومثله: {يوم يقوم الناس لرب العالمين. كلا إن كتاب الفجار لفي سجين} [المطففين 6، 7] الوقف الجيد على (العالمين) وعلى (سجين). وكذلك: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} [المطففين: 13] الوقف على (الأولين) وعلى (يكسبون) جيد. والوقف على (كلا) أيضًا حسن لأن معناه «[لا] ليس الأمر على ما يظن». وتبتدئ أيضًا: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطففين: 15] أي:
حقًا. والوقف على (كلا) ههنا قبيح. وكذلك: {ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} [المطففين: 17] الوقف على (تكذبون) والابتداء (كلا إن كتاب الأبرار) أي: حقًا إن كتاب الأبرار. والوقف على (كلا) ههنا قبيح. وقوله: {فيقول ربي أهانن. كلا} [الفجر: 16، 17] الوقف على كلا جيد على معنى: [لا] ليس الأمر كما تظن. والوقف على (أهانن) جيد. ثم تبتدئ: {كلا بل لا تكرمون اليتيم} بالفجر: 17] أي: حقًا بل لا تكرمون اليتيم. ومثله: {وتحبون المال حبا جما} [الفجر: 20] الوقف على (جما) والابتداء {كلا إذا دكت} [الفجر: 21] أي حقًا إذا دكت. ويجوز الوقف على (كلا) على معنى «ليس الأمر كما تظنون في محبته». وقوله: {ألم يعلم بأن الله يرى. كلا لئن لم ينته لنسفعا} [العلق: 14، 15]
الوقف على (يرى) حسن. والوقف على (كلا) رديء. وكذلك: {سندع الزبانية كلا لا تطعه} [العلق: 18، 19] الوقف على (الزبانية) والابتداء (كلا لا تطعه). وفي سورة ألهاكم ثلاثة مواضع الوقف فيهن على ما قبل (كلا) لأن معناهن «حقًا». وقوله: {يحسب أن ماله أخلده. كلا} [الهمزة: 3، 4] الوقف الجيد على (كلا) أي: لا لم يخلده. ويجوز الوقف على (أخلده) والابتداء (كلا لينبذن) أي: حقًا لينبذن).
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/421-432]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (ومما قدمته أئمة الصنعة ذكر كلمة (كلا)، ومعناها، لا، عن ابن مقسم، وقيل لا لا. الفراء: معناها سوف.
عمرو بن عبد الله: أي: كذبت.
وقيل: كذب هذا لا يقل، فحذف إيجازًا على إرادة كلمة من حرف.
وقيل: لا كذا، فقدمت الكاف، [وحذف ذا]، وشدد لا عوضًا عن المحذوف.
وهي في ثلاثين موضعًا، كلها في النصف الأخير.
ثعلب: كلها للردع لا وقف دونها.
القتبي: إلا قوله: {كلا والقمر} توكيدًا لليمين.
مقاتل: إلا أربعًا، في النبأ، والتكاثر، وعيد بعد وعيد.
نصير: يقف على كلا وبلى، على رأي الآية، وإن كانت ردعًا.
والحاصل أن سبعًا منه ردع لما قبلها بالاتفاق فيوقف عليها: قوله تعالى: {عهدًا. كلا}، و: {عزا. كلا}. {أن يقتلون. قال كلا}. {إنا لمدركون}. {قال كلا} {شركاء كلا} أن أزيد كلا}.
{أين المفر. كلا}، ونصير يقف على: {لا وزر}. وست وعشرون يبتدئ بها أبو حاتم للتنبيه، بمعنى: ألا، وابن مقسم: للقسم بمعنى حقًا، وغيرهما يقف عليها للردع:
قوله: {تركت كلا}. {ينجيه. كلا} {جنة نعيم. كلا} {للبشر. كلا}- وقيل تكرار لقوله: {أن
أزبد. كلا}، أو ردع عن قوله: {إن هذا إلا قول البشر-. {منشرة. كلا بل لا يخافون الآخرة. كلا}، ونصير: يقف على الثانية للتكرار.
{بيانه. كلا} ابن مقسم: ردع تكرار للأول، أي: انته عن أن تعجل.
{فاقرة. كلا}، وقيل: تكرار أو ردع، لقوله:
{تحبون العاجلة}. [وما بعدها: {مختلفون}. كلا سيعلمون} ردع عن الاختلاف [عن الكلبي وأبي القاسم]. {تلهى. كلا} نصير: ردع [عن التلهي {أنشره. كلا} أبو عبد الله: تكرار أو ردع] لقوله: {ما أكفره}. {ركبك. كلا}، وقيل: ردع عن الاغترار.
{لرب العالمين. كلا} نصير: ردع عن التطفيف، أبو عبد الله: أي: هم لا يظنون. {أساطير الأولين. كلا}.
{يكسبون. كلا} وقيل: تكرار {تكذبون. كلا} قيل: ردع عن التكذيب {أهانن كلا} {جما. كلا} {مالم
يعلم}. {كلا} قيل: ردع لمن يجحد ذلك أبو بكر وأبو حاتم يحتجان بهذا على أنها بمعنى حقًا، وألا، بقول ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: أول ما نزل خمس آيات في نمط قوله تعالى: {اقرآ) إلى قوله: {مالم يعلم} ثم طوي النمط- [فلو كانت
للردع لما طوي النمط]- [وابتدأ النمط الثاني {كلا} فيكون بمعنى: حقًا، إلى: ] {بأن الله يرى كلا}.
{الزبانية. كلا}. {زرتم المقابر * كلا}، وما بعدها. {أخلده * كلا}).
[علل الوقوف:1/151-168]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( القول في (كلا)
وهي في القرآن في ثلاثة وثلاثين موضعا، وجميع ذلك في النصف الثاني، وهي في خمس عشرة سورة، وليست إلا في سورة مكية:
ففي مريم موضعان: {كلا سنكتب ما يقول}، {كلا سيكفرون بعبادتهم}.
وفي المؤمنين: {كلا إنها كلمة هو قائلها}
وفي الشعراء: {كلا فاذهبا بآياتنا} وفيها أيضا: {كلا إن معي ربي سيهدين}،
وفي سبأ: {كلا بل هو الله}
وفي "سأل سائل": {ثم ننجيه * كلا} وفيها أيضا: {كلا إنا خلقناهم مما يعلمون}،
وفي "المدثر" أربعة مواضع: {كلا إنه كان لآياتنا عنيدا}، {كلا والقمر}، {كلا بل لا تخافون الآخرة}، {كلا إنه تذكرة}،
وفي القيامة ثلاثة مواضع: {كلا لا وزر}، {كلا بل تحبون العاجلة}، {كلا إذا بلغت التراقي}،
وفي "عم يتساءلون" موضعان: {كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون}،
وفي عبس موضعان: {كلا إنها تذكرة}، و{كلا لما يقض ما أمره}
وفي سورة الانفطار: {كلا بل تكذبون بالدين}
وفي (ويل للمطففين) أربعة مواضع: {كلا إن كتاب الفجار}، {كلا بل ران}، {كلا إنهم عن ربهم}، {كلا إن كتاب الأبرار}،
وفي الفجر موضعان: {كلا بل لا تكرمون} {كلا إذا دكت الأرض}،
وفي العلق: {كلا إن الإنسان ليطغى}، {كلا لئن لم ينته}، {كلا لا تطعه}
وفي "ألهاكم": {كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون * كلا لو تعلمون}،
وفي الهمزة: {كلا لينبذن في الحطمة}.

والوقف عليها والابتداء بها مبني على اعتقاد أهل العربية فيها:
فمذهب الخليل وسيبويه والأخفش والمبرد والزجاج وأحمد بن يحيى أنها رد لما قبلها وردع عنه وزجر،
ومذهب الكسائي أنها بمعنى "حقا"، وهي على مذهبه اسم لأنها بمعنى المصدر، والتقدير أحق ذلك حقا.
وقال ابن الأنباري: قال المفسرون: معناها حقا. وقال الزجاج: حقا توكيد، والتوكيد إنما يقع بعد تمام الكلام.
وقال أبو حاتم: هي بمعنى "ألا" لاستفتاح الكلام، وقال فيها أيضا: إنها تكون للرد، وهو قريب مما قال الخليل وسيبويه
وقال الفراء فيما حكى عنه ابن الأنباري: إنها حرف رد، فكأنها نعم ولا في الاكتفاء، قال: وإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها كقولك: كلا ورب الكعبة لا تقف على كلا، لأنها بمنزلة قولك: إي ورب الكعبة، قال الله عز وجل: {كلا والقمر}.

فمن قال إنها بمعنى حقا جعلها تأكيدا لما بعدها، وابتدأ بها في جميع المواضع من قال أنها بمعنى حقا أو بمعنى ألا.
ومن قال إنها ردٌّ لما تقدم وقف عليها، وقد تظهر كل هذه الأقوال في موضع وتضعف في موضع:
فأما قول الخليل وسيبويه ومن معهما فإنه يظهر في مريم:
أي لم يتخذ عند الرحمن عهدا ولا تكون الآلهة لهم عزا، فالوقف عليها في ذلك هو اختيار القراء والعلماء.
وقد يبتدأ بها على قول من قال إنها بمعنى حقا أو بمعنى "ألا" وكذلك في سورة المؤمنين أكثر العلماء على الوقف على {كلا} والابتداء بقوله: {إنها كلمة} ويجوز الابتداء بـ (كلا) في قول من قال: إنها بمعنى ألا، وأما من قال إنها بمعنى حقا فقد أجازه أهل العلم من أهل التفسير
ورده قوم وقالوا: لو كانت بمعنى حقا لفتحت (إن) بعدها لأنها تفتح بعد حقا وبعد ما هو بمعناها، كما قال:
أحقا أن جيرتنا استقلوا ... فنيتنا ونيتهم فريق
وقال سيبويه: إذا قلت: أما أنك منطلق، إن جعلت أما بمعنى حقا فتحت أن، وإن جعلتها بمعنى ألا كسرت.
قلت: وكذلك الكلام في الثاني من الشعراء، وموضعي المعارج، وكذلك الأولان في المدثر، والأول في عبس، والأول والثالث والرابع في المطففين، وفي موضع العلق، لأن (إن) مكسورة بعد (كلا) في جميع هذه المواضع. وقد يبتدأ بـ (كلا) بمعنى ألا في هذه المواضع كلها.

أما قوله عز وجل في سورة الشعراء {قال كلا} فالوقف على {كلا} على مذهب سيبويه والخليل ظاهر قوي، وعلى ذلك جماعة من القراء منهم نافع ونصير، أي: ليس الأمر كذلك، لا يصلون إلى قتلك، فهو رد لقول موسى عليه السلام: {فأخاف أن يقتلون} ولا يبتدأ بـ (كلا) في هذا الموضع لأنها محكية في قول سابق من الله عز وجل لموسى، ولكن يجوز أن يقف على {يقتلون}، ويبتدئ {قال كلا} على أنها بمعنى ألا، أو بمعنى حقا.
والموضع الثاني فيها أيضا الوقف فيه على (كلا) وهو حكاية قول موسى عليه السلام لبني إسرائيل: أي ليس الأمر كما تظنون من إدراككم، ويجوز أن يبتدئ، بـ {قال كلا} على معنى "ألا" لا غير، ولا يوقف على (قال) ويبتدأ بـ (كلا).
وقوله عز وجل في سبأ: {ألحقتم به شركاء كلا} وقف جيد، وهو رد وزجر عن تشريك أحد مع الله عز وجل، ويجوز الابتداء بها على معنى ألا، وحقا.
وفي سورة المعارج: {ثم ينجيه * كلا} وقف جيد، والرد فيه ظاهر، ويجوز أن يبتدأ بها على معنى "ألا" لا غير، وكذلك القول في الموضع الثاني منها.
والوقف على (كلا) في المدثر في قوله عز وجل: {أن أزيد * كلا} جيد، والرد فيه ظاهر، نزلت في الوليد بن المغيرة، قال العلماء: كان له من الولد ثلاثة عشر ذكرا، وكل واحد منهم له بيت، قال ذلك سعيد بن جبير، وقيل: عشرة، فلما نزلت لم يزل في إدبار ماله وولده ونفسه.
وقوله عز وجل في هذه السورة: {وما هي إلا ذكرى للبشر} هو الوقف، ولا يظهر فيه الوقف على (كلا) إذ ليس قبلها ما يرد، ويبتدأ بـ (كلا) على معنى ألا أو حقا. وقد قال قوم: إنها رد، لأن الله عز وجل لما أنزل {عليها تسعة عشر} قال بعضهم لأصحابه: أنا أكفيكم سبعة عشر واكفوني أنتم اثنين، واختاره الطبري، وليس في سياق الكلام ما يدل على ذلك فيرد،
وقال قوم: هي رد لأنهم أنكروا أن يكون {ذكرى للبشر} قالوا: فيقف القارئ عليها على هذا المعنى، وما هو بمستقيم لأنهم إنما قالوا: ماذا أراد الله بهذه العدة؟ ولم يردوا قوله عز وجل: {وما هي إلا ذكرى للبشر} فيرد عليهم ذلك. وقال الفراء: التقدير أي والقمر، فـ (كلا) صلة للقسم بعدها فلا يوقف عليها.
وقوله عز وجل فيها: {صحفا منشرة كلا} وقف جيد، والرد فيه وجهه ظاهر، والابتداء بها على معنى ألا، ومعنى حقا سائغ.
والموضع الرابع قوله عز وجل: (كلا بل لا يخافون الآخرة) يوقف على (كلا) على أنها تأكيد للتي قبلها في قول الكسائي وأبي حاتم ونصير، وفيه بعد من جهة أن المؤكد إنما يكون تاليا لما يؤكده، وفي الوقف عليها أيضا إلباس، لأنها تكون كأنها رادة لما قبلها، والذي قبلها {بل لا يخافون الآخرة}، وفي القول بأنها تأكيد ما يمنع ما أجازوه من الوقف على الأولى، والابتداء بها على معنى ألا جيد، لا على معنى حقا.
وقوله عز وجل في سورة القيامة: {أين المفر} وقف جيد، والابتداء بـ {كلا} على معنى ألا في هذا الموضع مليح. وقال أبو محمد: الابتداء بها على معنى حقا أقوى من معنى ألا، وما أرى ذلك. وقد وقف قوم عليها على ما اقتضاه المعنى من الطمع في الملجأ، فكأنها رد لذلك.
وقوله فيها: {ثم إن علينا بيانه} هو الوقف، ولا يوقف فيه على (كلا)، ويبتدأ بها على المعنيين. وقال مكي: وكونها بمعنى حقا أقوى لتؤكد بذلك ما أخبر الله عن عباده من محبتهم في الدنيا وزهدهم في الآخرة. وما أحسب ذلك كما قال، لأنها لو كانت للتأكيد بمعنى حقا لجاز أن يقع بعد ما هي توكيد له، ويوقف عليها حينئذ، فكان يقال: {أين المفر * كلا}، {ثم إن علينا بيانه * كلا}، وكونها بمعنى حقا هو عندي أضعف الوجوه.
وقوله عز وجل في هذه السورة: {أن يفعل بها فاقرة} هو الوقف، ولا يوقف على (كلا)، ويبتدأ بها على معنى ألا، وأجاز الطبري الوقف عليها، وقال: المعنى: تظن أن لن تعاقب، كلا. وليس هذا النفي الذي قدره بموجود في الآية.
وقوله عز وجل في "عم يتساءلون": {الذي هم فيه مختلفون} هو الوقف، ولا يوقف على (كلا)، ويبتدأ بها على معنى ألا، أو على معنى حقا، ووقف نصير على (كلا) وقدر تقديرين: أحدهما: أن يكون نفيا لإنكارهم البعث الدال عليه معنى الآية. والثاني: أن يكون ردا للاختلاف: أي كلا لا اختلاف، وهذا أقرب من الأول.
وقوله عز وجل: {ثم كلا سيعلمون} هو تأكيد لما قبله، فلا يوقف على (كلا) ولا يبتدأ بها، لأن الجملة بكمالها تأكيد للجملة التي قبلها بكمالها: {كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون}.
وقوله عز وجل في سورة عبس: {فأنت عنه تلهى* كلا} وقف جيد، والمعنى: لا تفعل ذلك، أو لا يكون هذا، والابتداء بها على معنى ألا أحسن، وأما على معنى حقا أنها تذكرة – فقد تقدم القول فيه.
والثاني قوله عز وجل: {ثم إذا شاء أنشره} هو الوقف، والابتداء فيه بـ (كلا).
وقوله تعالى: في "إذا السماء انفطرت": {كلا بل تكذبون بالدين} أجاز نصير الوقف على {كلا} أي ليس الأمر على ما تقولون من أنكم على الحق، بل تكذبون بالبعث، ودل على ذلك قوله عز وجل: {ما غرك بربك الكريم} أي: ما غرك في جحده وتكذيب رسله، أو ليس الأمر على ما غررت به، بل أنت مكذب بالدين، وأبى قوم الوقف عليها، وابتدءوا بها على معنى ألا أو حقا.
وقوله عز وجل في "المطففين" {يوم يقوم الناس لرب العالمين * كلا} أجاز الطبري ونصير الوقف على (كلا) على أنه نفي لمن ظن أولئك من أن لا بعث، هذا تقدير الطبري، وأما نصير فوقف عليها على تقدير: كلا لا يجوز التطفيف، والابتداء بها جيد على معنى ألا.
وقوله تعالى: {قال أساطير الأولين * كلا} الوقف عليها جيد على أنه رد لما قال. وأجاز أبو حاتم الابتداء بها على معنى حقا، ولا يمتنع الابتداء بها على معنى ألا، ولم يجز الوقف عليها ولا على جميع ما في هذه السورة منها. وروي عنه أنه يبتدئ بجميع ذلك على معنى ألا. وقوله تعالى: {ما كانوا يكسبون} هو الوقف، والابتداء بـ (كلا) على معنى ألا دون أن يكون بمعنى حقا لكسر (إن) بعدها. وأجاز قوم الوقف على (كلا)، وقال: كلا لا يؤمنون برين الذنوب على قلوبهم.
وقوله عز وجل: {ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} هو الوقف، والابتداء بـ (كلا) على معنى ألا، ووقف بعضهم على (كلا) على معنى: لا يؤمنون بالعذاب، وليس بالقوي.
وفي سورة الفجر {أهانن كلا} وقف جيد على أنه رد لقول الإنسان.
وقال الأخفش وأحمد بن موسى: يبتدأ بها على معنى حقا أو على معنى ألا. وقوله تعالى: {حبا جما} هو الوقف. وأجاز نصير الوقف على (كلا) على معنى: لا يغني عنكم جمع المال وحبه.
وقوله تعالى في سورة العلق {علم الإنسان ما لم يعلم} أجاز بعضهم الوقف على {كلا} أي لا يعلم أن الله علمه ما لم يعلم، ثم استؤنف الكلام فقال سبحانه: {إن الإنسان ليطغى}. وقال الفراء: {ما لم يعلم} وقف تام، وذلك أن أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن هذه الآيات الخمس من هذه السورة، نزل بها جبريل عليه السلام في نمط فلقنها النبي صلى الله عليه وسلم آية آية، فلما قال: (علم الإنسان ما لم يعلم) طوى النمط. ويؤيد هذا أن باقي السورة نزل بعد: {يا أيها المدثر} و{يا أيها المزمل}، وهذا دليل واضح على الابتداء بـ (كلا) لأن الملك ابتدأ بها عند إنزالها.
وقوله عز وجل: {ألم يعلم بأن الله يرى} هو الوقف، والابتداء بـ {كلا} على معنى ألا أو حقا، وأجاز الطبري والقتبي الوقف على {كلا} هاهنا، أي: لم يعلم أبو جهل بأن الله يرى، وفيه بعد.
وقوله عز وجل: {سندع الزبانية} هو الوقف، وأجاز بعضهم الوقف على {كلا} أي: لا يقدر الكافر على دعاء ناديه، والابتداء بها على معنى ألا، وهو أظهر من معنى حقا.
وقوله عز وجل: {ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر} هو الوقف، وهو كاف، وعند بعضهم تام، والابتداء بـ (كلا) على معنى ألا. وقال محمد بن عيسى ونصير: الوقف على (كلا) أي: لا ينفعكم التكاثر، ثم يبتدئ. {سوف تعلمون}، وأجاز قوم الوقف عليها على معنى: لا يلهكم التكاثر عن الآخرة. وقوله عز وجل: {ثم كلا سوف تعلمون} تأكيد للردع، أو تأكيد على معنى: ألا سوف تعلمون، ثم ألا سوف تعلمون، أو حقا سوف تعلمون، ثم حقا سوف تعلمون، فيبتدأ بـ {كلا} على هذا ويوقف عليها على ذلك. وكذلك وقوله عز وجل: {كلا لو تعلمون علم اليقين}.
وقوله عز وجل في "الهمزة": {يحسب أن ماله أخلده} الوقف على {كلا} جيد، وبه يقول نافع ونصير وأبو حاتم وغيرهم. وقال قوم: الوقف على {أخلده} وهو وقف تام، والابتداء بـ {كلا} على معنى ألا أو حقا. وقد اختار أبو حاتم الابتداء بها على معنى ألا.
فإن قلنا بصحة الأقوال كلها فيها، وأنها تكون بمعنى الرد، وبمعنى ألا، وبمعنى حقا، فعلى أنها تصلح لذلك، ثم إن القول بأنها لا تكون إلا ردا وردعا لا يستقيم في كل موضع، وكذلك القول بأنها بمعنى حقا، والقول بأنها بمعنى ألا مطرد مستقيم في جميع المواضع، ويؤيده ابتداء الملك عليه السلام بها في سورة العلق). [جمال القراء : 2 /597- 606 ]

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (فصل في الكلام على "كَلاَّ" في القرآن
"كلا" في القرآن على ثلاثة أقسام:
إحداها: ما يجوز الوقف عليه والابتداء به جميعا باعتبار معنيين
والثاني: ما لا يوقف عليه ولا يبتدأ به
والثالث: ما يبتدأ به ولا يجوز الوقف عليه وجملته ثلاثة وثلاثون حرفا تضمنها خمس عشرة سورة كلها في النصف الأخير من القرآن وليس في النصف الأول منها شيء
وللشيخ عبد العزيز الديريني رحمه الله
وما نزلت كلا بيثرب فاعلمن ... ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى
وحكمة ذلك أن النصف الآخر نزل أكثره بمكة وأكثرها جبابرة فتكررت هذه الكلمة على وجه التهديد والتعنيف لهم والإنكار عليهم بخلاف النصف الأول وما نزل منه في اليهود لم يحتج إلى إيرادها فيه لذلهم وضعفهم
والأول : اثنا عشر حرفا
- منها في سورة مريم: {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً كُلاً}، ومنه فيها: {لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً كَلَّا}.
- وفي المؤمنين: {فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ}.
- وفي المعارج: {يُنْجِيهِ كَلاَّ}، وفيها: {جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلاَّ}.
- وفي المدثر: {أَنْ أَزِيدَ كَلاَّ}، وفيها: {صُحُفاً مُنَشَّرَةً كَلاَّ}.
- وفي القيامة: {أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلاَّ}.
- وفي عبس: {تَلَهَّى كَلاَّ}.
- وفي المتطفيفين: {قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ كَلاَّ}.
- وفي الفجر: {أَهَانَنِ كَلاَّ}.
- وفي الهمزة: {أَخْلَدَهُ كَلاَّ}.
والثاني ثلاثة أحرف:
- في الشعراء: {أَنْ يَقْتُلُونِ قَالَ كَلاَّ}، وفيها: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ}.
- وفي سبأ: {أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ}.
والثالث ثمانية عشر حرفا:
- في المدثر: {كَلاَّ وَالْقَمَرِ} {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ}.
- وفي القيامة: {كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}{كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ}.
- وفي النبأ: {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ}.
- وفي عبس: {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ}.
- وفي الانفطار: {كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ}.
- وفي المطففين: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ} {كَلاَّ إِنَّهُمْ}
- وفي الفجر: {كَلاَّ إِذَا}.
- وفي العلق: {كَلاَّ إِنَّ} {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} {كَلاَّ لا تُطِعْهُ}
- وفي التكاثر: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.

وقسمها مكي أربعة أقسام:
- الأول: ما يحسن الوقف فيه على كلا على معنى الرد لما قبلها والإنكار له فتكون بمعنى ليس الأمر كذلك والوقف عليها في هذه المواضع هو الاختيار ويجوز الابتداء بها على معنى حقا أو إلا وذلك أحد عشر موضعا:
- منها الموضعان في مريم وفي المؤمنين وفي سبأ {أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ}.
- وموضعان في المعارج.
- وموضعان في المدثر.
- وموضع في المطففين والفجر والحطمة.
قال: فهذه أحد عشر موضعا، الاختيار عندنا وعند أكثر أهل اللغة أن تقف عليها على معنى النفي والإنكار لما تقدمها ويجوز أن تبتدئ بها على معنى حقا لجعلها تأكيدا للكلام الذي بعدها أو الاستفتاح
- الثاني: مالا يحسن الوقف عليه فيها ولا يكون الابتداء بها على معنى حقا أو إلا أو تعلقها بما قبلها وبما بعدها ولا يوقف عليها ولا يبتدأ بها والابتداء بها في هذه المواضع أحسن وذلك في ثمانية عشر موضعا:
- موضعان في المدثر: {وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ كَلاَّ وَالْقَمَرِ} {كَلاَّ بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ}.
- وثلاثة في القيامة: {أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلاَّ} {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ كَلاَّ}{نْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ كَلاَّ إِذَا}.
- وموضع في عم: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ}.
- وموضعان في عبس: {إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ كَلاَّ}{تَلَهَّى كَلاَّ}.
- وموضع في الانفطار: {مَا شَاءَ رَكَّبَكَ كَلاَّ}
- وثلاثة مواضع في المطففين: {لِرَبِّ الْعَالَمِينَ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ}، {مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلاَّ إِنَّهُمْ}، {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ كَلاَّ}.
- وموضع في الفجر: {حُبّاً جَمّاً كَلاَّ}.
- وثلاثة مواضع في العلق: {عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ كَلاَّ}، {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلاَّ}، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلاَّ}.
- وموضعان في التكاثر: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} وقوله: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ}.
فهذه ثمانية عشر موضعا، الاختيار عندنا وعند القراء وعند أهل اللغة أن يبتدأ بها وكلا على معنى حقا أو إلا وألا يوقف عليها.
- الثالث: ما لا يحسن الوقف فيه عليها ولا يحسن الابتداء بها ولا تكون موصولة بما قبلها من الكلام ولا بما بعدها وذلك موضعان:
- في {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}{كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ}
- وكذا في التكاثر {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} فلا يحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها.
- الرابع: ما لا يحسن الابتداء بها ويحسن الوقوف عليها وهو موضعان في الشعراء: {أَنْ يَقْتُلُونِ قَالَ كَلاَّ} {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ}.
قال فهذا هو الاختيار ويجوز في جميعها أن تصلها بما قبلها وبما بعدها ولا تقف عليها ولا تبتدئ بها). [البرهان في علوم القرآن:1/368-373]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (كلا في القرآن في ثلاثة وثلاثين موضعا :
منها: سبعة للردع اتفاقا فيوقف عليها وذلك:
{عهدا كلا} في مريم الآية [مريم: 78-79].
{عزا كلا} في مريم الآية [مريم: 81-82].
{أن يقتلون قال كلا} في الشعراء الآية [الشعراء: 14-15].
{إنا لمدركون قال كلا} في الشعراء الآية [الشعراء: 61-62].
{شركاء كلا} في سبأ الآية [سبأ: 27].
{أن أزيد كلا} في المدثر الآية [المدثر: 15-16].
{أين المفر كلا} في القيامة الآية [القيامة: 10-11].
والباقي منها: ما هو بمعنى حقا قطعا فلا يوقف عليه.
ومنها ما احتمل الأمرين ففيه الوجهان:
وقال مكي: هي أربعة أقسام:
الأول: ما يحسن الوقف فيه عليها على معنى الردع وهو الاختيار: ويجوز الابتداء بها على معنى حقا وذلك أحد عشر موضعا:
اثنان في مريم، وفي قد أفلح وسبأ، واثنان في المعارج.
واثنان في المدثر {أن أزيد كلا} منشرة كلا الآية [المدثر: 15-16] و[52-53].
وفي المطففين {أساطير الأولين كلا} الآية [المطففين: 13-14].
وفي الفجر {أهانن كلا} الآية [الفجر: 16-17].
وفي الهمزة {أخلده كلا} الآية [الهمزة: 3-4].
الثاني: ما يحسن الوقف عليها ولا يجوز الابتداء بها وهو موضعان: في الشعراء {أن يقتلون قال كلا} الآية [الشعراء: 14-15]، {إنا لمدركون قال كلا} الآية [الشعراء: 61-62]
الثالث: ما لا يحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها بل توصل بما قبلها وبما بعدها وهو موضعان: في عم والتكاثر {ثم كلا سيعلمون} الآية [النبأ: 5]، {ثم كلا سوف تعلمون} الآية [التكاثر: 4]
الرابع: ما لا يحسن الوقف عليها ولكن يبتدأ بها وهو الثمانية عشر الباقية).[الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]

قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((التنبيه التاسع) اعلم أن كلاَّ حرف لا حظ له في الإعراب وكذا جميع الحروف لا يوقف عليها إلاَّ بلى ونعم وكلا وحاصل الكلام عليها إن فيها أربعة أقوال يوقف عليها في جميع القرآن لا يوقف عليها في جميعه لا يوقف عليها إذا كان قبلها رأس آية الرابع التفصيل إن كانت للردع والزجر وقف عليها وإلاَّ فلا قاله الخليل وسيبويه وهي في ثلاثة وثلاثين موضعًا في خمس عشرة سورة في النصف الثاني وسئل جعفر بن محمد عن كلاَّ لم لم تقع في النصف الأول منه فقال لأنَّ معناها الوعيد فلم تنزل إلاَّ بمكة إيعاد للكفار).[1/20-21]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 محرم 1435هـ/21-11-2013م, 04:03 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الوقف على "بلى" والابتداء بها

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ):
القول في (بلى)
هي جواب للنفي، ورد له، والوقف عليها إذا لم يتصل بقسم جائز، إما تام، وإما كاف، واتصالها بالقسم في أربعة مواضع: {قالوا بلى وربنا} في الأنعام والأحقاف، و{قل بلى وربي} في سبأ والتغابن. فالوقف في هذه المواضع على القسم عند أصحاب الوقف، ويوقف عليها فيما سوى ذلك وهي ثمانية عشر موضعا.

وقال أبو محمد، الحسن بن علي بن سعيد، المعروف بالعماني في قوله عز وجل: {بلى من كسب سيئة} ونحوه: يبتدأ بـ {بلى}، وهو جواب لقولهم: {لن تَمَسَّنا النار إلا أياما معدودة}، فقيل لهم: بلى، تدخلونها وتخلدون فيها.

وقال في قوله عز وجل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * بلى} لم يجز أحد منهم الوقف على {بلى} لأن ما بعده في جملة الجواب، ومعنى الكلام أن اليهود قالت: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، فقيل لهم: بلى يدخلها من أسلم وجهه لله، فقوله تعالى: {بلى} جواب للجحد، وما بعده كلام أوجبه {بلى}. ثم قال: فما بعد {بلى} في الآيتين هو كلام أوجبه {بلى}. قال: وهذا مثل قول القائل: لن يكون هذا الأمر، فيقال له بلى يكون، فبلى هو الجواب، وقوله: يكون إنما هو إعادة لما نفاه القائل، أعيد على وجه الإيجاب فلا يفصل بينه وبين بلى. قال: والوقف على
{بلى} في الآيتين غلط، ومن أجازه فقد أخطأ، لأن {بلى} وإن كان جوابا للجحد الذي قبله فهو إيجاب لما بعده، فلا يفصل بينه وبين الشيء الذي يوجبه كحرف التوكيد، ألا ترى أنك إذا قلت: إن زيدا قائم، فقد وكدت الإخبار بالقيام بحرف التوكيد وهو إن، ثم لا يجوز أن يفصل بين إن وبين الذي بعده من الخبر، فكذلك الحرف الذي يؤدي معنى الإيجاب، يجب أن يكون موصولا بالكلام الذي يوجبه، لأن الفصل بينهما ينقض معنى الإيجاب ألا ترى أن الفصل بين حرف النفي وبين المنفي ينقض معنى النفي ولا يجوز الفصل بينهما، فكذلك الفصل بين حرف الإيجاب وبين الموجب لا يجوز بحال.
والذي قاله غلط؛ بل يجوز أن يكون الموصول بعد {بلى} مبتدأ، فيكون الوقف على {بلى} تاما، ويجوز أن يكون مرفوعا بفعل مقدر، والتقدير: يدخلها من كسب سيئة ويدخلها من أسلم، فيكون الوقف على {بلى} كافيا، لأنه إنما يتعلق بما قبله في المعنى دون اللفظ. وقد هدم جميع ما قاله هنا بما ذكره في سورة القيامة، فإنه حكى عن أبي حاتم أنه قال: الوقف على {بلى} تام عندي، يقول: بل نجمعها قادرين، ونصب {قادرين} على الحال. ثم قال العماني: هذا كلام أبي حاتم ورأيه، ثم قال: والوقف على {بلى} جيد كما قال، ولكنه لا يمنع جواز الوقف على {عظامه}. ويبتدئ {بلى قادرين} على أنه إثبات لقدرته على ما استبعدوه من البعث والنشور، كأنه قال: بلى نقدر على تسوية خلقه في الدنيا وبعثه ونشره في الآخرة، ثم قال: والوقف على {بلى} هاهنا أحسن كما قال أبو حاتم. فأين هذا من كلامه في البقرة، وأظنه نسي ما قال هنالك.

أما ما صحبه القسم من لفظ بلى فهو قسمان:

أما الذي في الأنعام والأحقاف فالوقف فيه على قوله عز وجل: {بلى وربنا}. وأما الذي في سبأ والتغابن فالوقف فيهما على {بلى} غير ممتنع فيما أعتقد، لأن ما بعده كلام يجوز أن يبتدأ به فيقال: {وربي لتُبْعثُنَّ} فيكون {بلى} ردا لنفيهم البعث، ثم أقسم على البعث، فهو وقف كاف، لأنه إنما يتعلق بما قبله في المعنى دون اللفظ).
[جمال القراء:2/574-576]


قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (الكلام على بلى
وأما {بَلَى} فقد وردت في القرآن في اثنين وعشرين موضعا في ست عشرة سورة وهي على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يختار فيه كثير من القراء وأهل اللغة الوقف عليها لأنها جواب لما قبلها غير متعلق بما بعدها وذلك عشرة مواضع:
- موضعان في البقرة: {مَا لا تَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً}{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلَى}.
- وموضعان في آل عمران: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ أَوْفَى}{بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا}.
- وموضع في الأعراف {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، وفيه اختلاف.
- وفي النحل: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى}.
- وفي يس: {أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى}.
- وفي غافر: {رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى}.
- وفي الأحقاف: {عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى}.
- وفي الانشقاق: {أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلَى}.
فهذه عشرة مواضع يختار الوقف عليها لأنها جواب لما قبلها غير متعلقة بما بعدها وأجاز بعضهم الابتداء بها
والثاني : ما لا يجوز الوقف عليها لتعلق ما بعدها بها وبما قبلها وذلك في سبعة مواضع:
- في الأنعام: {بَلَى وَرَبِّنَا}
- وفي النحل: {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى}
- وفي سبأ: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي}
- وفي الزمر: {مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ}
- وفي الأحقاف: {بَلَى وَرَبِّنَا}.
- وفي التغابن: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}
- وفي القيامة: {أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى}
وهذه لا خلاف في امتناع الوقف عليها ولا يحسن الابتداء بها لأنها وما بعدها جواب
الثالث: ما اختلفوا في جواز الوقف عليها والأحسن المنع لأن ما بعدها متصل بها وبما قبلها وهي خمسة مواضع:
- في البقرة: {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.
- وفي الزمر: {قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ}.
- وفي الزخرف: {وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا}.
- وفي الحديد: {قَالُوا بَلَى}.
- وفي الملك: {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ}). [البرهان في علوم القرآن:1/374]

قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (
بل* في القرآن في اثنين وعشرين موضعا وهي ثلاثة أقسام:
الأول: ما لا يجوز الوقف عليها إجماعا لتعليق ما بعدها بما قبلها وهو سبعة مواضع:
في الأنعام {بلى وربنا} الآية [الأنعام: 30].
في النحل {بلى وعدا عليه حقا} الآية [النحل: 38].
في سبأ {قل بلى وربي لتأتينكم} الآية [سبأ: 3].
في الزمر: {بلى قد جاءتك} الآية [الزمر: 59].
في الأحقاف: {بلى وربنا} الآية [الأحقاف: 34].
في التغابن: {قل بلى وربي} الآية [التغابن: 7].
في القيامة: {بلى قادرين} الآية [القيامة: 4].
الثاني: ما فيه خلاف والاختيار المنع، وذلك خمسة مواضع:
في البقرة: {بلى ولكن ليطمئن قلبي} الآية [البقرة: 260].
في الزمر: {بلى ولكن حقت} الآية [الزمر: 71].
في الزخرف: {بلى ورسلنا} الآية [الزخرف: 80].
في الحديد: {قالوا بلى} الآية [الحديد: 14].
في تبارك: {قالوا بلى قد جاءنا} الآية [الملك: 9].
الثالث: ما الاختيار جواز الوقف عليها، وهو العشرة الباقية). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]

قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((التنبيه الثامن) أصل بلى عند الكوفيين بل التي للإضراب زيدت الياء في آخرها علامة لتأنيث الأداة ليحسن الوقف عليها يعنون بالياء الألف وإنما سموها ياءً لأنها تمال وتكتب بالياء لأنها للتأنيث كألف حبلى وقال البصريون بلى حرف بسيط وتحقيق المذهبين في غير هذا وهي للنفي المتقدم في اثنين وعشرين
موضعًا في ست عشرة سورة يمتنع الوقف على سبعة وخمسة فيها خلاف وعشرة يوقف عليها أشار إلى ذلك العلامة السيوطي نظمًا فقال
حكم بلى في سائر القرآن = ثلاثة عن عابد الرحمن
أعني السيوطي جامع الإتقان = عن عصبة التفسير والبرهان
فالوقف في سبع عليها قد منع = لما لها تعلق بما جمع
قالوا بل في سورة الأنعام = والنخل وعدًا عن ذوي الإفهام
وقل بلى في سبأ قد استقر = كذا بلى قد فاتلونها في الزمر
قالوا بلى في آخر الأحقاف = وفي التغابن للذكي الوافي
وقل بلى في سورة القيامة = فاحذر من التفريط والملامة
وخمسة فيها خلاف زبرًا = بالمنع والجواز حيث حررا
بلى ولكن قد أتى في البقره = وفي الزمر بلى ولكن حرره
بلى ورسلنا أتى في الزخرف = وفي الحديد مثلها عنهم قفي
قالوا بلى في الملك ثم جوزوا = في ثالث الأقسام وقفًا أبرزوا
وعدها عشر سوى ما قد ذكر = لم تخف عن فهم الذكي المستقر
قوله وعدها أي ما الاختيار جواز الوقف عليه وهو العشرة الباقية).[منار الهدى:1/19-20]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:51 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة