أحوال الوقف على أُولى الكلمتين المضمومتين

[عبد العزيز بن داخل المطيري]

أحوال الوقف على أُولى الكلمتين المضمومتين

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( وقد رأيت أن أذكر هاهنا حكم ما ضم من كلمتين فصار كلمة واحدة في اللفظ، كقوله عز وجل: {ماذا ينفقون} يجوز الوقف على (ما) عند الضرورة وانقطاع النفس على قراءة أبي عمرو رحمه الله وكل من رفع {العفو}، لأنهما على قراءته كلمتان، و(ذا) بمعنى الذي، والتقدير: ما الذي ينفقون؟ فجوابه: الذي ينفقون العفو، وهو في غير قراءة أبي عمرو كلمة واحدة، والكلمة الواحدة لا يوقف على بعضها، والمعنى: ما ينفقون لذلك كان جوابه نصبا: أي ينفقون العفو.

وكذلك {أو أمن أهل القرى}، {أو آباؤنا} من قرأ (أو) فهي كلمة خارجة عما بعدها، فله أن يقف عليها عند الضرورة، ومن قرأ {أو آباؤنا}، {أو أمن} فلا يقف، لأن واو العطف من جملة الكلمة التي دخلت عليها.
ومن ذلك قوله عز وجل: {ما لي لا أرى الهدهد} و{ما لي لا أعبد الذي فطرني} (ما) كلمة و(لي) كلمة. وفرق العماني بينهما فزعم أن {مالي} في سورة النمل كلمة واحدة. و{ما لي} في سورة يس كلمتان، وقال في التي في النمل: هي كلمة واحدة للاستفهام، قال: وهو "ما لي" الذي في معنى: ما المستفهم بها، قال: لا فرق عندي بينهما، يقول: ما ومال، قال: إلا أن "ما" يرتفع ما بعدها، يقول: ما حاجتك؟ وما الشيء الذي عندك؟.
و "مال" لا تستعمل إلا مضافا. يقول. ما لزيد، وما لهذا الكتاب، ومالك وماله؟.
فقوله: "ما لي" في سورة النمل هي كلمة واحدة، وقوله في سورة النمل غلط عليه أو منه إذ لا فرق بين ما في سورة النمل وما في سورة يس.

ولعله أراد الذي في النساء والكهف والفرقان والمعارج فإنه كتب (ما ل) اللام منفصلة مما بعدها، فاغتر بذلك وظن أن (مال) كلمة، وذلك باطل، وإنما هي (ما) الاستفهامية واللام لام الجر، ولا يصح أن تكون "ما ل" كلمة استفهام مثل "ما"، ولا يقول ذلك أحد، وإنما كتبت في المصحف في المواضع الأربعة كذلك على غير ما ينبغي أن تكتب عليه، ولعل الكاتب أراد بذلك التنبيه على أن اللام زائدة داخلة على الكلمة مع أنها دخلت على حرف زائد في (هذا) و(هؤلاء) وهو (ها) التي للتنبيه، وفصلها في المعارج كراهة اجتماع اللامين.

وقال العماني في قوله عز وجل: {أحد عشر كوكبا} هما اسمان يجريان مجرى الاسم الواحد، قال: والوقف على أحدهما عندي جائز إذا اضطر القارئ إليه لانقطاعهما في الخط، ولأن كل واحدة منها تستقل بمعناها، وتستعمل كل واحدة منهما على الانفراد.
والذي قاله فيه نظر؛ مع أنه قد أساء في العبارة حين قال: الوقف على أحدهما عندي جائز، وكان الوجه أن يقول: الوقف على (أحد) دون (عشر).
وقوله: الوقف على أحدهما يوهم أنك إن شئت وقفت على (أحد) وإن شئت وقفت على (عشر)، والوقف على (عشر) لا كلام فيه، ثم إن (أحد عشر) قد ركبت وصارت كلمة واحدة، والوقف على بعض الكلمة لا يجوز. وقوله: إن كل واحدة منهما تستقل وتستعمل كل واحدة منهما على الانفراد، فليس كما قال، لأن (عشر) لا يستعمل إلا مركبا.
و{يومئذ} كتب موصولا فلا يوقف إلا على الكلمة بكمالها، وفرق بعضهم بين (يومئذ) المعرب والمبني، فوقف على (يوم) المعرب، وعلى (يومئذ) المبني، ولا يوافق على ذلك، لأن الكل موصول، فالوقف على موافقة الرسم. وكذلك القول في (حينئذ) فإن انقطع النفس على نحو (يوم) (يومئذ) و(حين) من (حينئذ) أعدتهما مع (إذ) في مراجعة الكلمة ولم تبتدئ بـ (إذ).

و (أن لا) بالنون مفصولا عن (لا) في عشرة مواضع، فالوقف فيها على النون، ولك أن تبتدئ بـ (لا)، ولا تعيد (أن)، وكذلك ما كان مثله من المقطوع؛
ففي الأعراف موضعان: {أن لا أقول} و{أن لا يقولوا على الله إلا الحق}، وفي التوبة موضع: {أن لا ملجأ} وفي هود موضعان: {وأن لا إله إلا هو} و{أن لا تعبدوا إلا الله} وفي الحج موضع: {أن لا تشرك بي شيئا} وفي يس موضع: {أن لا تعبدوا الشيطان}، وفي الدخان موضع: {وأن لا تعلوا على الله}، وفي الامتحان: {على أن لا يشركن} وفي "ن" موضع: {أن لا يدخلنها}.

وجاء {يوم هم} مفصولا في الخط في موضعين: {يوم هم بارزون} في غافر، و{يوم هم على النار} في "الذاريات" فإذا اضطر القارئ وقف على {يوم} وابتدأ {هم}. وأما قوله عز وجل: {حتى يلاقوا يومهم} و{من يومهم الذي يوعدون} فلا يفصل بينهما في الوقف لاتصالهما في الرسم). [جمال القراء : 2/635 -638]

•