العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الوقف والابتداء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 2 محرم 1435هـ/5-11-2013م, 05:41 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

كليّات الوقف والابتداء


قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (اعلم أنه لا يتم الوقف على المضاف دون ما أُضيف إليه، ولا على المنعوت دون النعت، ولا على الرافع دون المرفوع، ولا على المرفوع دون الرافع، ولا على الناصب دون المنصوب ولا على المنصوب دون الناصب، ولا على المؤكد دون التوكيد، ولا على المنسوق دون ما نسقته عليه، ولا على «إن» وأخواتها دون اسمها، ولا على اسمها دون خبرها، ولا على «كان وليس وأصبح ولم يزل» وأخواتهن دون اسمها ولا على اسمها دون خبرها، ولا على «ظننت» وأخواتها دون الاسم ولا على الاسم دون الخبر، ولا على المقطوع منه دون القطع، ولا على المستثنى منه دون الاستثناء، ولا على المفسر عنه دون التفسير، ولا على المترجم عنه دون المترجم، ولا على «الذي وما ومن» دون صلاتهن، ولا على صلاتهن دون معربهن، ولا على الفعل دون مصدره، ولا على المصدر دون آلته، ولا على حروف الاستفهام دون ما استفهم بها عنه، ولا على حروف الجزاء دون الفعل الذي يليها، ولا على الفعل الذي يليها دون جواب الجزاء، فإن كان جواب الجزاء مقدمًا لم يتم الوقف عليه دون الجزاء ولا على الأمر دون جوابه.
والفاء تنصب في جواب ستة أشياء، في جواب الأمر، والنهي، والاستفهام، والجحود، والتمني، والشكوك، لا يتم الوقف على هذه الستة دون الفاء.
ولا يتم الوقف على الأيمان دون جواباتها، ولا على «حيث» دون ما بعدها ولا على بعض أسماء الإشارة دون بعض.
ولا يتم الوقف على المصروف عنه دون الصرف، ولا على الجحد دون المجحود، ولا على «لا» في النهي دون المجزوم، ولا على «لا» إذا كانت بمعنى «غير» دون الذي بعدها، ولا على «لا» إذا كانت تبرئة دون الذي بعدها، ولا على «لا» إذا كانت توكيدًا للكلام غير جحد، ولا على «لا» إذا كان الحرف الذي قبلها عاملاً في الذي بعدها، فإن كان غير عامل صلح للمضطر أن يقف عليه.
ولا يتم الكلام على الحكاية دون المحكي ولا على «قد وسوف ولما وإلا وثم» لأنهن حروف معان تقع الفائدة فيما بعدهن.
ولا يتم الوقف على «أو ولا وبل ولكن» لأنهن حروف نسق يعطفن ما بعدهن على ما قبلهن.
فأما المضاف دون ما أضيف إليه فقوله عز وجل: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} [البقرة: 138] الوقف على الصبغة الأولى قبيح لأنها مضافة إلى (الله). وكذلك: {وتمت كلمة ربك بالحسنى} [الأعراف: 137] الوقف على «الكلمة» قبيح. وكذلك: {إن هذا لهو حق اليقين} [الواقعة: 95] {ولدار الآخرة خير} [يوسف: 109] الوقف على (الحق) وعلى «الدار» قبيح لما ذكرنا.
وأما المنعوت دون النعت فقوله عز وجل: {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] الوقف على (لله) غير تام، لأن (رب
العالمين) نعته. وكذلك الوقف على قوله: {هدى للمتقين} [البقرة: 2] غير تام لأن: {الذين يؤمنون بالغيب} [البقرة: 3] نعت للمتقين، فإن أردت أن يكون الكلام تامًا على المتقين ابتدأت: (الذين) فرفعتهم بما عاد من قوله: {أولئك على هدى من ربهم} [البقرة: 5] فينتقل على هذا المذهب من جهة النعت. ومثله قوله: {وما يضل به إلا الفاسقين. الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} [البقرة: 26، 27] إن جعلت (الذين) نعتًا لـ (الفاسقين) لم يتم الكلام على (الفاسقين)، وإن ابتدأت (الذين) فرفعتهم بما عاد من قوله: {أولئك هم الخاسرون} [البقرة: 27] تم الكلام على (الفاسقين). ومثله قوله: {إلى صراط العزيز الحميد. الله} [إبراهيم: 1، 2] من خفضه على النعت لـ (الحميد) لم يتم الكلام على (الحميد) ومن رفعه بـ(الذي) و(الذي) به فقال: {الله الذي له ما في السماوات} [إبراهيم: 2] كان الكلام تامًا على (الحميد). وقد كان قوم من القراء يقولون: من خفض في الوصل فقال {الله الذي} ثم وقف على الحميد ابتدأ بالرفع، وهذا غلط بين لأن الابتداء لو كان يوجب له الرفع ويزيل عنه معنى النعت لوجب على من وقف على قوله: {الحمد لله} أن يبتديء: {رب العالمين} بالرفع، ولزمه إذا وقف على (بسم الله) أن يبتديء: (الرحمن الرحيم) بالرفع، وهذا فساد بين.
وأما الرافع دون المرفوع فقوله تعالى: {قال الله} [المائدة: 115] الوقف على (قال) قبيح لأن الذي بعده مرفوع به. وكذلك: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه} [البقرة: 124] الوقف على (ابتلى) قبيح لأن «الرب» مرفوع به. وكذلك: {أعجب الكفار نباته} [الحديد: 20] الوقف على (أعجب) قبيح لأن (أعجب) رافع للنبات.
وأما المرفوع دون الرافع فقوله جل وعز: {الحمد لله رب العالمين} الوقف على (الحمد) قبيح لأنه مرفوع باللام الأولى من اسم «الله». وكذلك: {الله خالق كل شيء} [الرعد: 16] الوقف على (الله) قبيح لأنه مرفوع بـ(خالق) و(خالق) به. وكذلك: {والسماوات مطويات بيمينه} [الزمر: 67] الوقف على (السماوات) قبيح لأنها مرفوعة بـ(مطويات) و(مطويات) مرفوعة بـ(السماوات).
وكذلك: {الله الذي رفع السماوات} [الرعد: 2] الوقف على (الله) قبيح لأنه مرفوع بـ(الذي) و(الذي) به. وكذلك: {وبالآخرة هم يوقنون} [البقرة: 4] الوقف على (هم) قبيح لأن (هم) مرفوعون بما عاد من (يوقنون). وكذلك ما أشبهه. وقوله عز وجل: {جزاء من ربك عطاء حسابا. رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن} [النبأ: 36، 37]، من رفع «الرب» و(الرحمن) كان الوقف على قوله (عطاء حسابا) كأنه قال: «جزاء من ربك».
ثم يبتدئ بالرفع. ولا يتم الكلام على قوله: (والأرض) لأن «الرب» عز وجل مرفوع بـ(الرحمن) (والرحمن) به. ومن قرأ: {رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن} بالخفض كان الوقف على قوله {لا يملكون منه خطابا} ولا يتم الوقف على قوله (حسابا) لأن (رب السماوات) نعت لقوله (جزاء من ربك)، كأنه قال: «جزاء من ربك رب السماوات» ومن قرأ: (رب السماوات والأرض) بالخفض، وقرأ (الرحمن) بالرفع كان تمام الكلام على قوله: (وما بينهما) ثم يبتديء (الرحمن) على معنى: هو الرحمن.
وأما الناصب دون المنصوب فقوله: {ونادى نوح ابنه} [هود: 42] الوقف على (نوح) غير تام لأن «الابن» منصوب بـ(نادى). وكذلك: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه} [البقرة: 124] الوقف على (ابتلى) غير تام لأن (إبراهيم) منصوب به. وكذلك الوقف على قوله تعالى: {لا يسمعون} [الأنبياء: 102] والابتداء
بـ(حسيسها) قبيح. وكذلك: {يوم نطوي السماء} [الأنبياء: 104] الوقف على (نطوي) قبيح لما ذكرنا.
وأما المنصوب دون الناصب فقوله:{إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5] الوقف على (إياك) قبيح لأنه منصوب بـ(نعبد) والثاني منصوب بـ(نسعين).
وأما المؤكد دون التوكيد فقوله تعالى :{فسجد الملائكة كلهم أجمعون} [ص: 73] الوقف على (الملائكة) غير تام لأن قوله تعالى: {كلهم أجمعون} توكيد لـ (الملائكة).
وأما المنسوق دون ما نسقته عليه فقوله: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض} [الحج: 18] الوقف على (السماوات) غير تام لأن (من) الثانية نسق على الأولى. والوقف على (الأرض) غير تام لأن (السماوات) نسق على (من). وكذلك الوقف على (الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب) غير تام إلى قوله: {فما لكم من مكرم} [الحج: 18] وكذلك
قوله: {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر} [النحل: 12] الوقف على (الليل) غير تام لأن (النهار) نسق عليه. وكذلك الوقف على (الشمس) غير تام لهذا المعنى. وفي (القمر) وجهان: من قرأ: (والنجوم مسخرات) فرفع (النجوم) بـ(مسخرات) و(مسخرات) بـ(النجوم) كان الوقف على (القمر) والابتداء بـ(النجوم). ومن قرأ: {والنجوم مسخرات} نسق بـ(النجوم) على (الليل) ونصب (مسخرات) على الحال من (النجوم) وخفضت التاء لأنها غير أصلية، الدليل على أنها غير أصلية أها لا تثبت في الواحد ولا في التصغير لأن الواحدة مسخرة والتصغير مسيخرة، وتمام الكلام على هذه القراءة على قوله: {إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} [النحل: 12].
وأما «إن» دون اسمها فقوله تعالى: {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} [هود: 75] الوقف على (إن) قبيح لأن (إبراهيم) اسمها. والوقف على (إبراهيم) قبيح لأن «حليما» خبرها. والوقف على (حليم) غير تام لأن «أواها» نعت له. وكذلك
الوقف على (أواه) غير تام لأن «منيبًا» نعت له. وكذلك: {إن ربهم بهم يومئذ لخبير} [العاديات: 11] الوقف على (إن) غير تام وعلى (ربهم) وعلى (يومئذ)، ولاوقف على «خبير» تام.
وأما «كان» دون اسمها فقوله: {وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان: 70] الوقف على (كان) قبيح لأن (الله) تعالى مرتفع بها، والوقف على (الله) قبيح لأن (غفورًا) خبر (كان). والوقف على «غفور» غير تام لأن (رحيما) نعت لـ«غفور». وكذلك: {كان أمر الله قدرا مقدورا} [الأحزاب: 28]. الوقف على (كان) قبيح لأن «الأمر» اسمها والوقف على «الأمر» قبيح لأن «الأمر» مضاف إلى الله، والمضاف والمضاف إليه بمنزلة حرف واحد، والوقف على الله قبيح لأن قدرًا خبر كان، والوقف على قدرًا غير تام لأن مقدورًا نعت لـ «القدر». وكذلك قوله: {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم} [الأحقاف: 25] الوقف على فأصبحوا غير تام لأن الخبر ما عاد من الهاء والميم المتصلتين بـ«المساكن»، واسم «أصبح» مضمر فيها من قوم عاد، كني عنهم لما تقدم ذكرهم. وكذلك قوله: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة} [آل عمران: 113] الوقف على ليسوا قبيح لأن سواء خبرها واسمها مضمر فيها من ذكر الفاسقين. وذلك أنهم قد تقدموا في قوله: {وأكثرهم الفاسقون لن يضروكم إلا أذى} [آل عمران: 110، 111] والوقف على قوله: (ليسوا سواء) والابتداء: (من أهل الكتاب أمة قائمة) هذا قول، وفيه قول آخر وهو أن ترفع الأمة بمعنى سواء وتجعل (من أهل الكتاب) من صلة سواء كأنه قال: لا يستوي من أهل الكتاب أمة قائمة وأخرى غير قائمة، فاكتفى بالقائمة من التي ليست بقائمة فحذفت كما قال الله تعالى في موضع آخر: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر} بالنحل: 81] فمعناه: تقيكم الحر والبرد، فاكتفى بالحر من البرد، ومثله: {إن علينا للهدى} [الليل: 12] معناه: للهدى والإضلال، فاكتفى بـ«الهدى» من الإضلال فحذف كما قال عز وجل: {والذي قدر فهدى} [الأعلى: 3] معناه: فهدى وأضل، فاكتفى بـ«هدى» من «أضل» ومثله قوله الشاعر:
وما أدري إذا يممت وجها = أريد الخير أيهما يليني
أللخير الذي أنا أبتغيه = أم الشر الذي هو يبتغيني

وقال أبو ذؤيب:
عصاني إليها القلب إني لأمرها = سميع فما أدري أرشد طلابها
فمعناه: أرشد طلابها أم غير رشد، فاكتفى بـ«الرشد» من الذي يخالفه، ومعنى البيت الأول: أريد الخير والشر، فاكتفى بالخير من الشر فحفه، فعلى هذا المذهب الثاني يكون الكلام تامًا على قوله: {وهم يسجدون} [آل عمران: 113] ولا يتم الكلام على سواء من هذا الوجه لأن الأمة مرتفعة بمعنى (سواء) والوقف على الرافع دون المرفوع قبيح.
وكذلك قوله: {ولا يزالون مختلفين} [هود: 118] الوقف على يزالون قبيح لأن مختلفين خبر يزالون واسم يزالون مضمر فيها من الناس.
وأما «ظننت» وأخواتها دون اسمها فقوله تعالى: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} [إبراهيم: 42] الوقف على تحسبن قبيح لأن الله تعالى هو الاسم. والوقف على الله غير تام لأن غافلاً هو الخبر. وكذلك: {الذين يظنون أنهم ملاقوا الله} [البقرة: 249] الوقف على يظنون قبيح لأن «أن» كافية من الاسم والخبر، وذلك أن «ظننت» وأخواتها إذا جاءت بعدها جوابات الأقسام كفت من الاسم والخبر. وجوابات الأقسام أربعة: اللام وأن وما ولا. تقول: ظننت أن زيدًا قائم، فتكتفي بـ(أن) من الاسم والخبر، وتقول: ظننت ليقومن زيد، فتكتفي بلام اليمين من الاسم والخبر. وتقول: ظننت ما يقوم زيد، فنكتفي بـ«ما» منهما، وتقول: ظننت لا يقوم زيد، فتكتفي بـ«لا» منهما. والوقف على قوله: (الذين يظنون أنهم) قبيح لأن قوله: ملاقو خبر أن والوقف على قوله: (ملاقو) قبيح لأنه مضاف إلى الله والمضاف والمضاف إليه بمنزلة حرف واحد.
وأما المقطوع منه دون القطع فقوله: {وله الدين واصبًا} [النحل: 52] الوقف على (الدين) غير تام لأن (واصبًا) قطع منه. وكذلك قوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} [الممتحنة: 10] الوقف على (المؤمنات) قبيح لأن مهاجرات في موضع نصب على القطع من المؤمنات فانخفضت التاء لأنها غير أصلية، الدليل على أنها غير أصلية أنها لا تثبت في الواحد ولا في التصغير لأن الواحدة مهاجرة والتصغير مهيجرة.
وأما المستثنى منه دون الاستثناء فقوله: {إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [العصر: 2، 3]. الوقف على (خسر) غير تام لأن (الذين آمنوا) منصوبون على الاستثناء من (الإنسان) كأنه قال: إن الناس لفي خسر. وكذلك قوله: {لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} [النساء 83] الوقف على الشيطان غير تام لأن قوله: إلا قليلا منصوب على الاستثناء من قوله: (أذاعوا به) (إلا قليلاً). ويجوز أن يكون مستثنى من قوله: (لعلمه الذين يستنبطونه) (إلا قليلاً)، ولا يجوز أن يكون مستثنى من قوله: (لاتبعتم الشيطان) لأن (فضل الله) شامل كل من ترك اتباع الشيطان وغيره.
وأما المفسر عنه دون التفسير فقوله: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا} [آل عمران: 91] الوقف على الأرض قبيح لأن الذهب مفسر. وكذلك: {إلا من سفه نفسه} [البقرة: 130] الوقف على سفه قبيح لأن النفس تنتصب على التشبيه بالتفسير. والوقف على قوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} [النساء: 4] الوقف على (شيء منه) قبيح لأن النفس تنتصب على التفسير.
وكذلك: {فكلي واشربي وقري عينا} [مريم: 26] الوقف على: (وقري) قبيح لأن العين تنتصب على التفسير.
[وأما] المترحم عنه دون المترجم فقوله تعالى: {أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين. الله ربكم ورب} [الصافات: 125، 126] الوقف على الخالقين غير تام لأن الله مترجم عن أحسم. ومن قرأ: (الله ربكم) فرفعه على معنى: «هو الله ربكم» لم يقف أيضًا على الخالقين لأن الله مترجم عن أحسن من الوجهين جميعًا. العرب تقول: ضربت زيدًا أخاك، وضربت زيدًا أخوك، فينصبون الأخ على الترجمة عن زيد، ويرفعونه بإضمار هو، وهو من الوجهين جميعًا مترجم عن زيد، وأنشد الفراء:
فإن لها جارين لن يغدرا بها = ربيب النبي وابن خير الخلائف
فرفع على معنى: هما ربي النبي وابن خير الخلائف
وقال نصيب:

إن الذي كان يرجو أن يتم له = حسن الصنيعة في الدنيا ويحتسب
عبد العزيز أبا الأضياف فارقكم = فهل إليه لباغي حاجة سبب

فنصب «عبد العزيز» على الترجمة عن «الذي» ويجوز رفعه على معنى: هو عبد العزيز. وكذلك الوقف على قوله: {اهدنا لصراط المستقيم} [الفاتحة: 6] غير تام لأن قوله: {صراط الذين أنعمت عليهم} مترجم عن الصراط الأول.
والذي ما ومن دون صلاتهن قوله: {قال الذين يظنون} [البقرة: 249] الوقف على (الذين) قبيح لأن (يظنون) صلتهم.
وكذلك: {أفرأيت الذي تولى} [النجم: 33] الوقف على (الذي) قبيح لأن (تولى) صلة (الذي) وكذلك {سبح لله ما في السموات وما في الأرض} [الحشر: 1] الوقف على ما قبيح لأن (في السماوات) صلة (ما). وكذلك قوله: {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} [يوسف: 75] الوقف على (من) قبيح لأن (وجد في رحله) صلة (مَن). وكذلك: {والذي قال لوالديه أف لكما} [الأحقاف: 17] الوقف على (الذي) قبيح لأن (قال) صلة (الذي) والوقف على قوله (أف لكما) غير تام لأن معرب (الذي) ما عاد من قوله: (فيقول ما هذا)، ولا يتم الوقف على صلة «الذي» دون معربة. والفعل دون مصدره قوله: (وفتناك فتونا) الوقف على (فتناك* غير تام لأن (فتونا) مصدر (فتناك).
والمصدر دون آلته قوله: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس} [المائدة: 97] الوقف على «قيام» غير تام لأن
اللام آلة القيام، ومعنى قيام عصمة للناس، وفيه ثلاث لغات: قوامًا، وقيامًا وقيما، قال لبيد:
أفتلك أم وحشية مسبوعة = خذلت وهادية الصوار قوامها

وقال الأنصاري:

فنشهد أنك عبد المليـ = ك أرسلت نورًا بدين قيم
وأما الاستفهام دون ما استفهم عنه فقوله: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} [مريم: 29] الوقف على (كيف) قبيح. وكذلك: {هل تحس منهم من أحد} [مريم: 98] الوقف على (هل) قبيح لما ذكرنا. وكذلك في جميع حروف الاستفهام.
وأما حروف الجزاء دون الفعل الذي يليها فقوله: {وإن يأت الأحزاب} [الأحزاب: 20] والوقف على (إن) قبيح. والوقف على (يأت) قبيح لأن (يودوا) جواب الجزاء. وكذلك قوله: {إنه من يتق ويصبر} [يوسف: 90] الوقف على (من) قبيح لأنها جازمة لـ (يتق) وهما بمنزلة حرف واحد والوقف على (يصبر) غير تام لأن جواب الجزاء الفاء التي في قوله: {فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} وكذلك: {مهما تأتنا به من آية} [الأعراف: 132] الوقف على (مهما) قبيح. والوقف على (تأتنا) وعلى قوله (لتسحرنا بها) غير تام لأن جواب الجزاء الفاء التي في قوله: (فما نحن لك بمؤمنين).
وأما جواب الجزاء المتقدم فقوله: {واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون} [النحل: 114] لا يتم الكلام على قوله: {واشكروا نعمة الله} لأن قوله (إن كنتم) متعلق بالذي قبله.
وأما جواب الفاء فقوله: {لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السماوات فأطلع} [غافر: 36، 37] لا يتم الكلام على (السماوات) لأن قوله (فأطلع) جواب للشك، ومن قرأ (فأطلع) بالرفع لم يتم الكلام أيضًا في قراءته على (السماوات) لأن قوله (فأطلع) نسق على (أبلغ).
وكذلك قوله: {لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} [الزمر: 58] لا يتم الوقف على (كرة) لأن قوله (فأكون) جواب التمني. وكذلك: {يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا عظيما} [النساء: 73] لا يتم الوقف على معهم لأن الفاء جواب التمني.
وأما الأيمان دون جواباتها فقوله: {والليل إذا يغشى} [الليل: 1] لا يتم الكلام دون قوله: {إن سعيكم لشتى}
[الليل: 4] لأنه هو الجواب وكذلك قوله: {والضحى والليل إذا سجى} [الليل: 1، 2] لا يتم الوقف على (سجى) لأن قوله: (ما ودعك ربك) جواب القسم.
وأما حيث دون ما بعدها فقوله: {ومن حيث خرجت} [البقرة: 149] لا يتم الكلام على حيث لأنها متعلقة بالفعل الذي بعدها.
وأما بعض أسماء الإشارة دون بعض فقوله {وهذا كتاب مصدق} [الأحقاف: 12]لا يتم الكلام ها والابتداء بـ«ذا» لأنهما بمنزلة حرف واحد، وذلك أن الاسم من «هذا» الذال زيدت عليه الألف تكثيرًا له لأن الاسم لا يكون على حرف واحد، ودخلت «ها» للتنبيه. وكذلك:{ها أنتم أولا} [آل عمران: 119] لا يتم الكلام على (أنتم) لأن (أولاء) متعلق بـ«ها» وهو كثير في القرآن والكلام.
وأما المصروف عنه دون الصرف فقوله: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} [آل عمران: 142] لا يتم الكلام على (منكم) لأن (يعلم) الثاني منصوب على الصرف عن الأول. ومثله قوله: {أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير. ويعلم الذين} [الشورى: 34، 35] لا يتم الكلام على (كثير) لأن (يعلم) منصوب على الصرف.
وأما الجحد دون المجحود فقوله: {ما قلت لهم إلا ما أمرتين به} [المائدة: 117] والوقف على (ما) قبيح. لأنها جحد وما بعدها مجحود. وكذلك: {ألم يأتكم نذير} [الملك: 8] الوقف على (ألم) قبيح والعرب تجحد بـ: «ما ولا وليس ولن ولم وإن الخفيفة».
وأما «لا» في النهي دون المجزوم فقوله: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض} [البقرة: 11] الوقف على (لا) قبيح لأنها مع المجزوم بمنزلة حرف واحد. وكذلك: {لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق} [النساء: 171] الوقف على (لا) قبيح لأنها مع المجزوم بمنزلة حرف واحد.
وحدثنا أبو أيوب الضبي قال: حدثنا ابن سعدان قال: سمعت رجلاً قرأ على سليم فوقف على (لا)، فنهاه سليم عن ذلك.
وأما «لا» إذا كانت بمعنى «غير» فقوله: {يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية} [النور: 35] لا يتم الكلام على «لا» لأن معناه «غير شرقية وغير غربية».
وكذلك: {وظل من يحموم. لا بارد ولا كريم} [الواقعة: 43، 44] معناه: «غير بارد وغير كريم». وكذلك قوله: {انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل} [المرسلات: 30، 31] معناه «غير ظليل». فـ«لا» وما بعدها بمنزلة حرف واحد.
وأما «لا» إذا كانت تبرئة فقوله: {الم. ذلك الكتاب لا ريب فيه} [البقرة: 1، 2] الوقف على «لا» قبيح لأنها مع المنصوب بمنزلة شيء واحد، ولا يتم الكلام على «ريب» لأن «فيه» خبر التبرئة. وكذلك: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197] الوقف «على لا» قبيح لأنها مع ما بعدها بمنزلة حرف واحد. ومن قرأ: «فلا رفث ولا فسوق» بالرفع صلح له أن يقف على «لا» إذا كان مضطرًا لا مختارًا، لأن «الرفث» مرفوع بمضمر كأنه قال: «فلا ثم رفث ولا فسوق». وكذلك: {لا شية فيها} [البقرة: 79] الوقف على «لا» قبيح لأنها مع المنصوب بمنزلة شيء واحد. والوقف على (شية) قبيح لأن «فيها» خبر التبرئة.
وأما «لا» إذا كانت توكيدًا فقوله: {قال ما منعك ألا تسجد} [الأعراف: 12] لا يتم الوقف على «لا» لأن معناه: «ما منعك أن تسجد». وكذلك: {وحرام على قرية أهلكنا ما أنهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95] معناه: «أنهم يرجعون» و«لا» توكيد للكلام. وقوله {لا أقسم بيوم القيامة} [القيامة: 1] حكي عن الكسائي أنه قال: «لا» صلة. والمعنى: أقسم بيوم القيامة. فعلى مذهبه لا يجوز الوقف على «لا» لأنها صلة لما بعدها وبهذا القول قال محمد بن سعدان. وأنكر الفراء هذا القول. وقال: إنما تكون «لا» صلة إذا تقدم الجحد كقوله: {لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} [الأنبياء: 66] وكقول جرير:
ما كان يرضى رسول الله دينهم = والطيبان أبو بكر ولا عمر
معناه: والطيبان أبو بكر وعمر. و«لا» توكيد للكلام لتقدم الجحد، فاحتج بعض من قال بالمذهب الأول بقول الشاعر:
في بئر لا حورٍ سرى وما شعر
قال فمعناه: في بئر حور أي في بئر هلاك، و«لا» صلة. وأنكر الفراء أن تكون «لا» في هذا البيت صلة، وقال: هي جحد محض، كأنه قال: في بئر ما لا تحير عليه شيئًا أي لا ترد عليه شيئًا. والغرب تقول: طحنت الطاحنة فما أحارت شيئًا أي لم يتبين لها أثر عمل. وقال الفراء في قوله: {لا أقسم بيوم القيامة} «لا» رد لكلام متقدم، كأنه قال: لا ليس
الأمر كما يقولون، ثم قال: أقسم بيوم القيامة، فعلى مذهبه يحسن الوقف على «لا».
وأما «لا» إذا كان الحرف الذي قبلها عاملاً في الذي بعدها فقوله: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} [التوبة: 39] لا يحسن الوقف على «لا» لأن «إن» عاملة فيما بعدها و«لا» مع الفعل بمنزلة شيء واحد. ولا يحسن الوقف أيضًا على «إن» لأنها جازمة للفعل الذي بعدها والجازم والمجزوم بمنزلة شيء واحد. وكذلك: {إلا تنصروه فقد نصره الله} [التوبة: 40] {إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} [الأنفال: 72] لا تقف على (إلا) دون المجزوم، ولا على (إن) دون «لا». وكذلك: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله} [الحديد: 29] الوقف على (ألا) قبيح لأن لا مع الفعل بمنزلة شيء واحد. والوقف على «أن»
قبيح لأنها ناصبة للفعل، والناصب والمنصوب بمنزلة حرف واحد. وكذلك: {حقيق علي أن لا أقول} [الأعراف: 105] لا تقف على (لا) لأنها مع الفعل بمنزلة حرف واحد، ولا على (أن) دون (لا) لأنها ناصبة، والناصب والمنصوب بمنزلة حرف واحد.
وكل ما في كتاب الله تعالى من ذكر «ألا» فهو في المصحف حرف واحد إلا عشرة أحرف في سورة الأعراف: {حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق} [105] وفيها أيضًا: {أن لا يقولوا على الله إلا الحق} [169] وفي التوبة: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [118] وفي هود: {وأن لا إله إلا هو} [14] وفيها {أن لا تعبدوا إلا الله} [26] وفي الحج: {أن لا تشرك بي شيئا} [26] وفي يس: {أن لا تعبدوا الشيطان} [60] وفي الدخان: {وأن لا تغلوا على الله} [19] وفي الممتحنة: {أن لا يشركن بي شيئا} [12] وفي ن: {أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين} [24] هؤلاء العشرة الأحرف مقطوعة باسواها موصول، فالمواضع التي كتبت فيها مقطوعة تثبت على الأصل لأن الأصل فيه «أن لا» والمواضع التي ليست فيها موصولة بني الخط فيها على الوصل لأن الأصل به: «أن لا» فأدغمت النون في اللام لقرب مخرجها منها، .... أن من الفم أحد عشر مخرجًا، المخرج الخامس منها للام والسادس للنون، فلما اندغمت النون في اللام صارتا ما مشددة وبُني الخط على اللفظ. ولا ينبغي أن تقف على «أن» قطعت في الخط أو وصلت لأنها ناصبة للذي بعدها. والناصب والمنصوب بمنزلة حرف واحد. وقوله تعالى: {وحسبوا ألا تكون فتنة} [المائدة: 71] يقرأ (ألا تكون) و(ألا تكون)، فمن قرأ بالنصب لم يقف على «لا» ولا على (أن). ومن قرأه بالرفع صلح له إذا كان مضطرًا لا مختارًا أن يقف على «لا» لأن الذي قبلها غير عامل في الذي بعدها، ويصلح له أيضًا أن يقف على «أن» لأنها غير عاملة في الفعل. وكذلك: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: 40]. يجوز للمضطر أن يقف على «لا» لأنها غير عاملة.
وأما الحكاية دون المحكي فقوله تعالى: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} [المائدة: 119] لا يتم الوقف في (قال الله) لأن قوله: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} قوله: {ذلك الفوز العظيم} هو الكلام المحكي. وكذلك: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت} [ق: 30] لا يتم الوقف على جهنم لأن قوله: (هل امتلأت) هو الكلامي المحكي.
وأما «قد وسف ولما وثم» فإنهن كثيرات في القرآن، من ذلك قوله: {كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون} [التكاثر: 3، 4] لا يوقف على (سوف) لأنها تشهد على الذي بما بالاستقبال، والفائدة فيما بعدها. وكذلك قوله: {فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} [التوبة: 114] لا يتم الكلام على (فلما) لأنها مع الفعل الذي بعدها بمنزلة شيء واحد. وكذلك قوله: {ألا إنهم هم المفسدون} لا يتم الكلام على (ألا) لأنها افتتاح اللكلام. وإذا وصلت الفعل بصلة لم يتم الكلام عليه دونها كقوله: {والسماوات مطويات بيمينه} [الزمر: 67] لا يتم الكلام على (مطويات) لأن الباء من صلة (مطويات). وإن قدمت صلة الفعل عليه لم يتم الوقف عليها دونه كقوله: {وبالآخرة هم يوقنون} [البقرة: 4] لا يتم الكلام على «الآخرة» لأن الباء من صلة (يوقنون).
واعلم أن الوقف على ثلاثة أوجه: وقف تام، ووقف حسن ليس بتام، ووقف قبيح ليس بحسن ولا تام. فالوقف التام هو الذي يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده ولا يكون بعده ما يتعلق به كقول الله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [البقرة: 5] فهذا وقف تام لأنه يحسن أن تقف على «المفلحين»، ويحسن
الابتداء بقوله: {إن الذين كفروا} [البقرة: 6] وكذلك: {أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [البقرة: 6] وقف تام.
والوقف الحسن هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده كقوله (الحمد لله) الوقف على هاذ حسن لأنك إذا قلت: (الحمد لله) عُقِلَ عنك ما أردت وليس بتام لأنك إذا ابتدأتك {رب العالمين} [الفاتحة: 2] قبح الابتداء المفخوض. وكذلك الوقف على (بسم الله) حسن وليس بتام لأنك تبتدئ: (الرحمن الرحيم) بالخفض.
والوقف القبيح الذي ليس بتام ولا حسن قوله: (بسم الله) الوقف على (بسم) قبيح لأنه لا يعلم إلى أي شيء أضفته. وكذلك الوقف على: (مالك) والابتداء (يوم الدين) قبيح، يُقاس على هذا كل ما يرد مما يشاكله.
).[إيضاح الوقف والابتداء: 1/116-150]

قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (وأما ما لا يجوز الوقف ففي مواجبه ونظائره كثرة
وما لابد من ذكره: أن لا يوقف بين الشرط وجزائه، مقدمًا كان الجزاء أو مؤخرًا، فالمقدم كقوله: {قد افترينا على الله كذبًا} لأن قوله: {إن عدنا} متعلق بسياق الكلام، والافتراء مقيد بشرط العود.
والمؤخر كقوله: {غير متجانف لإثم} لأن قوله: {فإن الله} جزاء {من} في قوله: {فمن اضطر في مخمصة}.
ولا بين المبدل وبدله، كقوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} لأن قوله: {صراط الذين} بدل قوله: {الصراط المستقيم}.
ولا بين المبتدأ وخبره، كقوله تعالى: {والذين آووا ونصروا} لأن قوله: {أولئك هم المؤمنون} خبر: {والذين آمنوا}.
ولا بين المنعوت، ونعته، كقوله تعالى: {للمتقين} لأن قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} نعت {للمتقين}
ولا بين المنسوق عليه ومنسوقه كقوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} لأن قوله: {والذين يؤمنون} منسوق على قوله: {الذين يؤمنون بالغيب}. ولا بين عامل ومعموله كقوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض} لا وقف فيها إلى آخر الآية، لأن قوله: {لآيات} اسم إن، والجار والمجرور وما اتصل به واقع موقع الخبر. ولا بين المستثنى والمستثنى منه، كقوله تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} [لأن قوله:] {إلا إبليس} مستثنى من الملائكة.
أبو علي فارسي يقف دون المستثنى إذا كان إلا بمعنى لكن، كقوله تعالى: {إلا ما اضطررتم إليه، و: {إلا اتباع الظن}، و: {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى}، أو: بمعنى ولا كقوله تعالى: {عليكم حجة إلا الذين ظلموا}، و: {إلا من ظلم}، و: {إلا من ارتضى} .أبو عبيدة يقف دون: {إلا خطأ}، و{إلا للمم}، و{إلا سلاما}، لأن المعنى: لكن قد يقع خطأ، ولكن قد يلم، ولكن يسلمون سلاما. ابن مقسم يقف على رأس الآية.
[كقوله تعالى]: {إلا آل لوط}، و: {إلا عجوزًا}، و: {إلا عبادك} و: {إلا من خطف} لأن معناه رجوع من إخبار إلى إخبار.
وقد وقف بعضهم على ما تم بعده الكلام، كقوله تعالى: {اللاعنون}، و: {أسفل سافلين}، وفي المائدة: {عذاب عظيم}
وفي انشقت: {بعذاب أليم} وإنما ذكر بعض الاختلاف لئلا يخلو الكتاب عن أقاويل صنعة النحو، وبعضهم جوز ذلك عند الاضطرار عند انقطاع النفس وإلا فموجب حسن الترتيل الوصل،وحفظ النظم إلا ما يستغنى ما بعده عما قبله.
ومما يعني به أن لا يعتد بالمعترض حائلاً، وإن طال كقوله تعالى: {فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون} لأن قوله: {فقالت هل أدلكم} عطف على قوله: {فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون}، وقوله: {وحرمنا} حال معترض أي: وقد حرمنا.
وقوله: {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون}، لأن قوله: {إلا عباد الله} مستثنى منهم وقوله: {سبحان الله عما يصفون} تنزيه معترض.
وقوله: {ويجعلون لله البنات سبحانه} لأن قوله: {ولهم ما يشتهون} مفعول قوله: {ويجعلون}، وقوله: {سبحانه} تنزيه معترض، فلو وقف على {سبحانه} صار {ولهم} استئناف إثبات {ما يشتهون}.
وقوله: {وأموالاً في الحياة الدنيا} لأن قوله: {ليضلوا} متعلق بقوله: {آتيت}، وقوله: {ربنا} الثاني معترض تكرار لقوله الأول: {ربنا إنك}.
وقوله: {عند بيتك المحرم} لأن لام {ليقيموا} متعلق بقوله: {أسكنت} وقوله: {ربنا} الثاني معترض تكرار لقوله الأول: {ربنا}.[علل الوقوف:1/132-147]

قالَ أبو الفَرَجِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَلِيٍّ ابنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ) : ( باب في أدب الوقف والابتداء :
أخبرنا علي بن عبيد الله الزاغوني، قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد، قال: أخبرنا أبو بكر بن الأنباري، قال: لا يتم الوقف على المضاف دون ما أضيف إليه، ولا على المنعوت دون النعت.
ولا على الرافع دون المرفوع، ولا على المرفوع دون الرافع.
ولا على الناصب دون المنصوب، ولا على المنصوب دون الناصب.
ولا على المؤكد دون التوكيد، ولا على المنسوق دون ما نسقه عليه.
ولا على (إن وأخواتها) دون اسمها، ولا على اسمها دون خبرها.
ولا على (كان وليس وأصبح ولم يزل) وأخواتهن دون اسمها، ولا على اسمها دون خبرها.
ولا على (ظننت وأخواتها) دون الاسم، ولا على الاسم دون الخبر.
ولا على المقطوع منه دون القطع، ولا على المستثنى منه دون الاستثناء.
ولا على المفسر عنه دون التفسير، ولا على المترجم عنه دون المترجم.
ولا على (الذي وما ومن) دون صلاتهن، ولا على صلاتهن دون معربهن.
ولا على الفعل دون مصدره، ولا على مصدره دون آلته.
ولا على حروف الاستفهام دون ما استفهم بها عنه.
ولا على حروف الجزاء دون الفعل الذي يليها، ولا على الفعل الذي يليها دون جواب الجزاء، وإن كان جواب الجزاء مقدما لم يتم الوقف عليه دون الجزاء، ولا على الأمر دون جوابه.
والفاء تنصب في جواب ستة أشياء: في جواب الأمر والنهي والاستفهام والجحود والتمني والشكوك، لا يتم الوقف على هذه الستة دون الفاء.
ولا يتم الوقف على الأيمان دون جواباتها، ولا على (حيث) دون ما بعدها، ولا على بعض أسماء الإشارة دون بعض.
ولا يتم الوقف على المصروف عنه دون الصرف، ولا على الجحد دون المجحود.
ولا على (لا) في النهي دون المجزوم، ولا على (لا) إذا كانت بمعنى (غير) دون الذي بعدها.
ولا على (لا) إذا كانت تبرئة دون الذي بعدها، ولا على (لا) إذا كانت توكيدا للكلام غير جحد.
ولا على (لا) إذا كان الحرف الذي قبلها عاملا في الذي بعدها، فإن كان غير عامل صلح للمضطر أن يقف.
ولا يتم الكلام على الحكاية دون المحكي.
ولا على «قد، وسوف، ولما، وإلا، وثم» لأنه من حروف معان تقع الفائدة فيما بعدهن.
ولا يتم الوقف على «أو، ولا ، وبل، ولكن» لأنهن حروف نسق يعطفن ما بعدهن على ما قبلهن.
- فأما المضاف دون ما أضيف إليه، فكقوله تعالى: {صبغة الله} الوقف على (صبغة) قبيح، لأنها مضافة إلى الله، وكذلك: {وتمت كلمت ربك} الوقف على {كلمت} قبيح.
- وأما المنعوت دون النعت؛ فكقوله: {الحمد لله رب العالمين} الوقف على {الله} غير تام، لأن {رب العالمين} نعته.
- وأما الرفع دون المرفوع؛ فكقوله: {قال الله} الوقف على {قال} قبيح، لأن الذي بعده مرفوع به.
- وأما المرفوع دون الرافع؛ فكقوله: {الحمد لله} الوقف على {الحمد} قبيح، لأنه مرفوع باللام الأولى من اسم {الله}.
- وأما الناصب دون المنصوب؛ فكقوله: {ونادى نوح ابنه} الوقف على {نوح} غير تام، لأن الابن منصوب بـ {نادى}.
- وأما المنصوب دون الناصب؛ فكقوله: {إياك نعبد} الوقف على {إياك} قبيح، لأنه منصوب بـ {نعبد}.
- وأما المؤكد دون التوكيد؛ فكقوله: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} الوقف على {الملائكة} غير تام، لأن قوله: {كلهم أجمعون} توكيد لـ {الملائكة}.
- وأما المنسوق دون ما نسقه عليه؛ فكقوله: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض} الوقف على {السماوات} غير تام، لأن {من} الثانية نسق على الأولى.
- وأما (إن) دون اسمها؛ فكقوله: {إن إبراهيم لحليم} الوقف على {إن} قبيح، لأن {إبراهيم} اسمها، والوقف على {إبراهيم} قبيح لأن (حليما) خبرها، والوقف على {حليم} غير تام، لأن (أواها) نعت له.
- وأما (كان) دون اسمها؛ فكقوله: {وكان الله غفورا رحيما} الوقف على {كان} قبيح، لأن {الله} مرتفع بها، والوقف على {الله} قبيح، لأن {غفورا رحيما} خبر {كان}. والوقف على {غفور} غير تام، لأن {رحيما} نعت لـ {غفور}.
- وأما (ظننت) وأخواتها دون اسمها، فكقوله تعالى: {ولا تحسبن الله غافلا} الوقوف على {تحسبن} قبيح، لأن {الله} عز وجل هو الاسم. والوقوف على {الله} غير تام، لأن {غافلا} هو الخبر.
- وأما المقطوع منه دون القطع؛ فكقوله تعالى: {وله الدين واصبا} الوقف على {الدين} غير تام، لأن {واصبا} قطع منه.
- وأما المستثنى منه دون الاستثناء، فقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} الوقف على {خسر} غير تام، لأن {الذين آمنوا} منصوبون على الاستثناء من {الإنسان}.
- وأما المفسر عنه دون التفسير؛ فقوله: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا} الوقف على {الأرض} قبيح، لأن (الذهب) مفسره.
- والمترجم عنه دون المترجم؛ قوله: {أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم} الوقف على {الخالقين} غير تام، لأن {الله} مترجم عن {أحسن}.
- وأما (الذي، وما، ومن) دون صلاتهن؛ قوله: {قال الذين يظنون} الوقف على {الذين} قبيح، لأن {يظنون} صلته. وكذلك: {سبح لله ما في السموات} الوقف على {ما} قبيح، لأن {في السموات} صلة {ما} وكذلك: {قالوا جزاؤه من وجد في رحله} الوقف على {من} قبيح، لأن {وجد في رحله} صلة {من}.
- وأما الاستفهام دون ما استفهم عنه، فكقوله تعالى: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا}، الوقف على {كيف} قبيح.
- وأما حروف الجزاء دون الفعل الذي يليها، فكقوله: {وإن يأت الأحزاب يودوا}، الوقف على {وإن} قبيح، والوقف على {يأت} قبيح لأن {يودوا} جواب الجزاء.
- وأما جواب الجزاء المتقدم؛ فقوله: {واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون} لا يتم الكلام على قوله: {واشكروا نعمة الله} لأن قوله: {إن كنتم} متعلق بالذي قبله.
- وأما جواب الفاء؛ فقوله: {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات} لا يتم الكلام بالوقف على {السموات} لأن قوله: {فأطلع} جواب الشك.
- وأما الأيمان دون جواباتها؛ فقوله: {والليل إذا يغشى} لا يتم الكلام دون قوله: {إن سعيكم لشتى} لأنه هو الجواب.
- وأما {حيث} دون ما بعدها؛ فقوله: {ومن حيث خرجت} لا يتم الكلام على {حيث} لأنها متعلقة بالفعل الذي بعدها.
- وأما بعض أسماء الإشارة دون بعض؛ فقوله: {وهذا كتاب مصدق} لا يتم الكلام على (ها) ولا الابتداء بـ (ذا) لأنهما بمنزلة حرف واحد.
- وأما المصروف عنه دون الصرف، فقوله: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} لا يتم الكلام على {منكم} لأن {ويعلم} الثاني منصوب على الصرف عن الأول.
- وأما الجحد دون المجحود؛ فقوله: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به}، الوقف على {ما} قبيح، لأنها جحد وما بعدها مجحود.
- وأما (لا) في النهي دون المجزوم، فقوله: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض}، الوقف على {لا} قبيح، لأنها مع المجزوم بمنزلة حرف واحد. وكذلك: {لا تغلوا في دينكم}، الوقف على {لا} قبيح لأنها مع المجزوم بمنزلة حرف واحد.
- وأما (لا) إذا كانت بمعنى (غير)؛ كقوله: {لا شرقية ولا غربية}، فإنه لا يتم الكلام على {لا} لأن معناه: غير شرقية وغير غربية.
- وأما (لا) إذا تبرئة، فقوله: {الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه}، الوقف على {لا} قبيح، لأنها مع المنصوب بمنزلة شيء واحد. ولا يتم الكلام على {ريب}، لأن {فيه} خبر التبرئة.
- وأما (لا) إذا كانت توكيدا، فقوله: {ما منعك أن لا تسجد} لا يتم الوقف على {لا} لأن معناه: ما منعك أن تسجد.
- وأما (لا) إذا كان الحرف الذي قبلها عاملا في الذي بعدها؛ فقوله: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} لا يحسن الوقف على {إلا} لأن (إن) عاملة فيما بعدها، ولا مع الفعل بمنزلة شيء واحد.
- وأما الحكاية دون المحكي؛ فكقوله: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم}، لا يتم الوقف على {قال الله}.
- وأما (قد؛ وسوف) ونحوهما؛ فكقوله: {وسوف تعلمون}، وهذه الأشياء وأمثالها تبين للفطن من غير تعليم
).
[فنون الأفنان:353-366]

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقد اختار العلماء وأئمة القراء تبيين معاني كلام الله عز وجل وتكميل معانيه، وجعلوا الوقف منبها على المعنى، ومفصلا بعضه عن بعض، وبذلك تلذ التلاوة، ويحصل الفهم والدراية، ويتضح منهاج الهداية، ولا يقفون على مبتدأ دون خبره، ولا على موصوف دون صفته إلا أن يكون الكلام في الوقف على الموصوف مستقلا مفيدا مفهوما فيجيزون الوقف عليه، ولا يجيزون الابتداء بما بعده ويسمونه الوقف الحسن، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله،
ولا على المبدل منه دون البدل، إلا كقوله عز وجل: {اهدنا الصراط المستقيم} فإنه يوقف عليه ولا يبتدأ بما بعده كما تقدم في الصفة.
ولا على الشرط دون جزائه كقوله عز وجل: {ومن يتق الله} وهذا الوقف قبيح لأنه كلام غير مفهوم حتى يتصل بقوله عز وجل: {يجعل له مخرجا}،
وكذلك جواب (لو) نحو {لو استطعنا لخرجنا}، وكذلك (لولا) كقوله: {ولولا دفع الله الناس...}،
وقد يكون جوابهما محذوفا فيوقف حينئذ، كقوله عز وجل: {ولو أنهم آمنوا واتقوا} الوقف على {واتقوا} وتبتدئ: {لمثوبة}، وكذلك: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم}،
ولا على الأمر دون جوابه إلا أن يكون الكلام مفهوما مفيدا فيوقف عليه ولا يبتدأ بما بعده، كقوله عز وجل: {وأطيعون * يغفر لكم}، وكذلك: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا}، تقف عليه ولكن لا تبتدئ {يرسل السماء}
وكذلك النهي كقوله عز وجل: {فلا تدع مع الله آلها آخر} تبتدئ {فتكون من المعذبين}،
وكذلك الدعاء كقوله عز وجل. {ربنا أخرنا إلى أجل قريب} لا يبتدأ بما بعده فيقال: {نجب دعوتك}.

قال مصنفو الوقف والابتداء: وكذلك الاستفهام، قالوا: لا يوقف على {حقا} من قوله عز وجل: {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا} حتى يصله بقوله عز وجل: {قالوا نعم} لأنه جواب، وليس هذا عندي كجواب الشرط ولا كجواب الأمر في قبح الابتداء بالجواب، بل الابتداء به حسن سائغ.
وكذلك التمني لا يوقف عليه دون الجواب كقوله عز وجل: {يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما}
ولا على القسم دون جوابه كقوله عز وجل: {والليل إذا يغشى} وما بعده، لا يوقف على {الأنثى} لأن الفائدة في المقسم عليه وهو قوله عز وجل: {إن سعيكم لشتى}. وكذلك قوله عز وجل: {والضحى} لا يوقف دون: {ما ودعك ربك وما قلى}، وكذلك: {والذاريات ذورا}، {والتين والزيتون} وما أشبهه.

وأما قوله تعالى: {والنازعات غرقا} فإنه يوقف على قوله عز وجل: {فالمدبرات أمرا} لأن الجواب محذوف والتقدير: لتبعثن، هذا إن جعلت {يوم ترجف الراجفة} منصوبا بفعل مضمر، أي: اذكر يوم، وإن قدرته ظرفا للفعل المقدر، أي: لتبعثن يوم، لم تقف على {المدبرات أمرا} وقد زعم قوم أن الجواب {يوم ترجف الراجفة} وقال آخرون: الجواب: إن في ذلك لعبرة، والأول قول أجلاء العلماء). [جمال القراء: 2/554 - 556]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وقال ابن الأنبارى: لا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا على الرافع دون المرفوع، ولا على المرفوع دون الرافع، ولا على الناصب دون المنصوب، ولا عكسه، ولا على المؤكد دون التأكيد، ولا على المعطوف دون المعطوف عليه، ولا على إن وأخواتها دون اسمها، ولا على اسمها دون خبرها، وكذا ظننت، ولا على المستثنى منه دون الاستثناء، ولا على المفسر عنه دون التفسير، ولا على المترجم عنه دون المترجم، ولا على الموصول دون صلته، ولا على حرف الاستفهام دون ما استفهم به عنه، ولا على حرف الجزاء دون الفعل الذي بينهما، ولا على الذي يليه دون الجواب.
وجوَّز أبو علي الوقف على ما قبل إلا إذا كانت بمعنى لكن كقوله تعالى: {إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} وكقوله: {إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} و{إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} ونحوه.

وقال أبو عبيد: يجوز الوقف دون: {إِلاَّ خَطَأً} {إِلاَّ اللَّمَمَ} {إِلاَّ سَلاماً} لأن المعنى لكن يقع خطأ، ولكن قد يلم، ولكن يسلمون سلاما، وجميعه استثناء منقطع.
وقال غيره: لا يجوز الوقف على المبدل دون البدل إذا كان منصوباً، وإن كان مرفوعا جاز الوقف عليه.
والحاصل أن كل شيء كان تعلقه بما قبله كتعلق البدل بالمبدل منه أو أقوى لا يجوز الوقف عليه). [البرهان في علوم القرآن: 1/354]
قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (أولها: قول الأئمة لا يجوز الوقف على المضاف دون المضاف إليه ولا علي الفعل دون الفاعل ولا على الفاعل دون المفعول ولا على المبتدأ دون الخبر ولا على نحو كان وأخواتها وإن وأخواتها دون أسمائها ولا على النعت دون المنعوت ولا على المعطوف عليه دون المعطوف ولا على المعطوف عليه دون المعطوف ولا على القسم دون جوابه ولا على حرف دون ما دخل عليه إلى آخر ما ذكروه وبسطوه من ذلك إنما يريدون بذلك الجواز الأدائي وهو الذي وهو الذي يحسن في القراءة، ويروق في التلاوة. ولا يريدون بذلك أنه حرام ولا مكروه ولا ما يؤثم. بل أرادوا بذلك الوقف الاختياري الذي يبتدأ بما بعده. وكذلك لا يريدون بذلك أنه لا يوقف عليه البتة فإنه حيث اضطر القارئ إلى الوقف على شيء من ذلك باعتبار قطع نفس أو نحوه من تعليم أو اختبار جاز له الوقف بلا خلاف عند أحد منهم ثم يعتمد في الابتداء ما تقدم من العودة إلى ما قبل فيبتدئ به، اللهم إلا من يقصد بذلك تحريف المعنى عن مواضعه، وخلاف المعنى الذي أراد الله تعالى فإنه والعياذ بالله يحرم عليه ذلك ويجب ردعه بحسبه على ما تقتضيه الشريعة المطهرة والله تعالى أعلم).[النشر في القراءات العشر:؟؟]

تنبيه :
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الأول: قولهم: لا يجوز الوقف على المضاف دون المضاف إليه ولا كذا.
قال ابن الجزري: إنما يريدون به الجواز الأدائي وهو الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة ولا يريدون بذلك أنه حرام ولا مكروه اللهم إلا أن يقصد بذلك تحريف القرآن وخلاف المعنى الذي أراده الله فإنه يكفر فضلا عن أن يأثم). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]

قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((التنبيه الثالث) اعلم أن كل كلمة تعلقت بما بعدها وما بعدها من تمامها لا يوقف عليها كالمضاف دون المضاف إليه ولا على المنعوت دون نعته ما لم يكن رأس آية ولا على الشرط دون جوابه ولا على الموصوف دون صفته ولا على الرافع دون مرفوعه ولا على الناصب دون منصوبه ولا على المؤكد دون توكيده ولا على المعطوف دون المعطوف عليه ولا على البدل دون المبدل منه ولا على أن أو كان أو ظن وأخواتهن دون اسمهنّ ولا اسمهنّ دون خبرهنّ ولا على المستثنى منه دون المستثنى لكن إن كان الاستثناء منقطعًا فيه خلاف المنع مطلقًا لاحتياجه إلى ما قبله لفظًا والجوار مطلقًا لأنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه الثالث التفصيل فإن صرح بالخبر جاز وإن لم يصرح به فلا قاله ابن الحاجب في أماليه ولا يوقف على الموصول دون صلته ولا على الفعل دون مصدره ولا على حرف دون متعلقه ولا على شرط دون جوابه سواء كان الجواب مقدمًا أو مؤخرًا فالمقدم كقوله قد افترينا على الله كذبًا لأنَّ قوله إن عدنا متعلق بسياق الكلام والافتراء مقيد بشرط العود والمؤخر كقوله غير متجانف لأثم فإن قوله فإن الله جزاء من في فمن اضطر ولا على الحال دون ذويها ولا على المبتدأ دون خبره ولا على المميز دون مميزه ولا على
القسم دون جوابه ولا على القول دون مقوله لأنهما متلازمان كل واحد يطلب الآخر ولا على المفسر دون مفسرة لأن تفسير الشيء لاحق به ومتتم له وجار مجرى بعض أجزائه ويأتي التنبيه على ذلك في محله
).[منار الهدى : 1/17-18]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 محرم 1435هـ/5-11-2013م, 05:41 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الوقف على المستثنى والمستثنى منه

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (والاستثناء على ضربين: متصل ومنقطع
فالمتصل قالوا: لا يوقف على المستثنى منه دون المستثنى كقوله عز وجل {إن الإنسان لفي خسر} لأن الإنسان يراد به هاهنا جميع الناس. قال بعض المفسرين: أراد بالخسر دخول النار، وقيل: لفي خسر من التجارة {إلا الذين آمنوا} فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا فربحوا، وغيرهم تجر خلاف تجارتهم فخسر. قال أبو عبيدة: لفي مهلكة ونقصان.
والمنقطع: ما كان المستثنى فيه ليس من الأول، كقوله عز وجل في سورة الانشقاق: {فبشرهم بعذاب أليم} قال ابن الأنباري: هو استثناء منقطع، كأنه قال: لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال في سورة البقرة: {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم} قال: معناه: لكن الذين ظلموا منهم فإنهم لا حجة لهم، وكذلك يروى عن ابن مجاهد أنه كان يقف على {أجر غير ممنون} وقال: معناه: لكن، ولا مانع من القضاء باتصاله، أي: إلا الذين آمنوا من المذكورين وعملوا الصالحات.
وقوله عز وجل في سورة البقرة: {اسجدوا لآدم فسجدوا} يسوغ فيه الأمران، وكيف ما كان فالوقف عليه سائغ، إلا أنه لا يبتدأ بما بعده إذا قدرته متصلا.
ومما عدوه من المنقطع قوله تعالى: {إلا أذى} في "آل عمران"، و{إلا بحبل من الله وحبل من الناس}، وقوله عز وجل: {وكيلا * إلا رحمة من ربك}، في "بني إسرائيل"، و{إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم}، و{لست عليهم بمسيطر * إلا من تولى وكفر}، وقوله عز وجل في سورة والتين والزيتون: {أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا} فأجازوا الابتداء بـ (إلا) في هذه المواضع. وقال ابن النحاس في قوله عز وجل: {لدي المرسلون} تام، لأن {إلا من ظلم} استثناء ليس من الأول بمعنى لكن.
قال أبو عمرو الداني: فسبيل ما ورد في كتاب الله عز وجل من هذا الضرب من الاستثناء في كون الوقف قبله تاما سبيل هذين الموضعين، يعني {إلا من ظلم} و{إلا الذين آمنوا} في "الانشقاق" وذكر جميع المواضع التي ذكرتها.

فأقول وبالله التوفيق: أما قوله عز وجل: {لن يضروكم إلا أذى} الآية [آل عمران: 111] فإن جماعة من المفسرين ذهبوا إلى أنه منقطع، والقول بأنه متصل ظاهر، والمعنى: لن يضروكم ضررا إلا نوعا واحدا من الضرر وهو الأذى، وهو ما تفوه به ألسنتهم من الباطل والسب ونحو ذلك، فأما الغلبة والتسليط عليكم فلا {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} الآية [آل عمران: 111]، وهذا كقوله عز وجل: {وإذن لا يلبثون خلافك إلا قليلا}الآية [الإسراء: 76] أي: إلا زمنا أو وقتا قليلا.

ولو قدر أنه منقطع لم يكن الوقف قبله تاما؛ لأن المعنى بعد (إلا) له تعلق بما قبلها، فلو قيل: إن الوقف قبل (إلا) كاف كان أحسن.
وأما قوله عز وجل: {إلا بحبل من الله} الآية [آل عمران: 112] فذهب بعض البصريين إلى أنه استثناء منقطع، قال: لأن قوله {أينما ثقفوا} الآية [آل عمران: 112] تمام، ثم قال:
{إلا بحبل من الله}، أي: لكنهم يعتصمون بحبل من الله.
وقال أبو القاسم: {إلا بحبل من الله} في محل النصب على الحال، أي: إلا معتصمين أو متمسكين.
قال: وهو استثناء من أعم عام الأحوال، والمعنى: ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس، يعني ذمة الله وذمة المسلمين، أي: لا عز لهم قط إلا بهذه الواحدة، وهي التجاؤهم إلى الذمة لما بذلوه من الجزية.
وقال قوم من الكوفيين: التقدير: إلا أن يعتصموا بحبل من الله، ولذلك دخلت الباء وهي متعلقة بهذا الفعل المحذوف.
وقال بعضهم أيضا: هو استثناء من الأول، محمول على المعنى؛ لأن معنى الكلام: ضربت عليهم الذلة بكل مكان إلا بموضع من الله – والصحيح قول من قال: إنه متصل.
وأما قوله عز وجل: {ثم لا تجد لك به علينا وكيلا * إلا رحمة من ربك} الآية [الإسراء: 67،68] فيجوز أن يكون منقطعا، ومع كونه منقطعا فليس الوقف على قوله:
{وكيلا} بتام؛ لأن المعنى: ولكن رحمة ربك تركته باقيا لم يذهب به، فيكون الوقف كافيا لتعلق بعض الكلام ببعض.
وقد أجيز أن يكون متصلا، أي لو شئنا لذهبنا بالقرآن فمحوناه من المصحف ومن الصدور ثم لا تجد لك حينئذ وكيلا يتوكل علينا برده وإعادته على الحال التي كان عليها،
{إلا رحمة من ربك} كأن رحمته سبحانه تتوكل بالرد.
فعلى هذا لا يوقف على قوله {وكيلا}.
وأما قوله عز وجل: {إني لا يخاف لدي المرسلون * إلا من ظلم} الآية [النمل: 10،11] فقد قيل: إنه منقطع، وهو قول البصريين، قالوا: وذلك أن الاستثناء المتصل يكون ما بعده مخالفا لما قبله من المعنى، وقوله: {إني لا يخاف لدي المرسلون} تأمين، وقوله: {إلا من ظلم} إلى قوله عز وجل: {فإني غفور رحيم} الآية [النمل: 11] تأمين أيضا: قالوا: فقد اتحد المعنى فيهما فوجب ألا يكون من الأول.
قالوا: ومثله من كلامهم: ما اشتكى إلا خيرا؛ لأن الثاني مثل الأول في حصول الخير؛ لأن ما اشتكى يدل على حصول الخير، وقوله: إلا خيرا مثل الأول، وكأنه قال: ما أدرك إلا خيرا.
قالوا: وإلا بمعنى لكن – أي لكن من ظلم من المرسلين وغيرهم ثم تاب فإني غفور رحيم.
وقال أبو القاسم: (إلا) بمعنى لكن، قال: لأنه لما أطلق نفى الخوف عن الرسل كان ذلك مظنة لطروء الشبهة فاستدرك ذلك، والمعنى: ولكن من ظلم منهم، أي فرطت منه صغيرة مما يجوز على الأنبياء، كالذي فرط من آدم، ويونس، وداود، وسليمان، وإخوة يوسف، ومن موسى عليه السلام بوكزه القبطي، ويوشك أن يقصد بهذا التعريض ما وجد من موسى عليه السلام، وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها، وسماه ظلما كما قال موسى عليه السلام: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} الآية [القصص: 16].
والوقف على هذين الوجهين كاف؛ لأن المعنى بعد (إلا) فيه تعلق بما قبلها.
وقال الفراء: يجوز أن تجعل الاستثناء من الذين تركوا في الكلمة؛ لأن المعنى: لا يخاف المرسلون، إنما الخوف على غيرهم، ثم استثنى فقال: {إلا من ظلم} فإن هذا لا يخاف، يقول كان مشركا فتاب وعمل حسنا، فذلك مغفور له ليس بخائف.
ورد عليه هذا القول وقيل: الاستثناء (من) محذوف لا يجوز؛ لأنه لا يعلم ما هو، قالوا: ولو جاز هذا لجاز: لا أضرب القوم إلا زيدا، على معنى: وأضرب غيرهم إلا زيدا، وهذا ضد البيان ونقض الكلام.
وليس هذا الرد بشيء، لأن قوله: {لا يخاف لدي المرسلون} يدل على خوف غيرهم، وقوله: {إلا من ظلم} يدل على أن المعنى: إنما يخاف الظالمون، إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم، أي: فإني أغفر له فلا يخاف، ففي الكلام ما يدل على ما صار إليه الفراء، وليس في المثال الذي ضربوه له دليل، فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا، ويكون الوقف على {المرسلون} كافيا و(إلا) متعلق بمحذوف، ويجوز الابتداء بـ (إلا) كأن المحذوف قد ابتدئ به معها كما يبتدأ بقوله تعالى: {قادرين} في "القيامة"، والتقدير: نجمعها قادرين.
قال الفراء: وقد قال بعض النحويين: إن (إلا) في اللغة بمنزلة الواو، وإنما معنى هذه الآية: لا يخاف لدي المرسلون ولا من ظلم ثم بدل حسنا، قال: وجعلوا مثله قول الله تبارك وتعالى:
{لئلا يكون للناس عليكم حجة} الآية [البقرة: 150] ولا الذين ظلموا منهم.
قال: ولم أجد العربية تحتمل ما قالوا؛ لأني لا أجيز: قام الناس إلا عبد الله وهو قائم، إنما الاستثناء أن نخرج الاسم الذي بعد (إلا) من معنى الأسماء قبل (إلا) وقد أراه جائزا أن تقول: لي عليك ألف سوى ألف أخر، فإن وضعت (إلا) في هذا الموضع صلحت، وكانت (إلا) في تأويل ما قالوا، فأما مجردة قد استثنى قليلها من كثيرها فلا، ولكن مثله مما يكون معنى (إلا) كمعنى الواو، وليست بها قوله عز وجل: {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} الآية [هود: 107] هو في المعنى: إلا الذي شاء ربك من الزيادة فلا يجعل (إلا) بمنزلة الواو، ولكن بمنزله سوى، فإذا كانت سوى في موضع إلا صلحت بمعنى الواو؛ لأنك تقول: عندي مال كثير سوى هذا.
أي: هذا عندي، كأنك قلت: عندي مال كثير وهذا، وهو في سوى أبعد منه في إلا؛ لأنك قد تقول: عندي سوى هذا، ولا تقول: إلا هذا، والقول الراجح إنه متصل، والمعنى لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم، أي إلا الذي ظلم وخاف ثم بدل حسنا، يعني إلا من هذه صفته فإنه قد خاف لدي، ويتصل قوله: {فإني غفور رحيم} بقوله عز وجل:
{لا يخاف لدي المرسلون} أي: إلا من عمل بغير إذن، ويؤيد ذلك قول ابن جريج: لا يخاف الأنبياء إلا بذنب يغشاه أحدهم، فإن أصابه أخافه الله.
وقول الحسن: كانت الأنبياء تذنب فتعاقب، وإنما أخيف لقتله النفس؛ لأنه لو اقتصر على قوله: {لا يخاف لدي المرسلون} لقال قائل: فقد خاف موسى عليه السلام حين قال:
{رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي}، فقال عز وجل: {إلا من ظلم} أي: إلا من فعل مثل ما فعلت ثم بدل حسنا فإنه قد خاف لدي. وقد كان يكفي قوله: {إلا من ظلم}
وإنما قال: {ثم بدل حسنا بعد سوء} الآية [النمل: 11] لطفا بموسى عليه السلام ليطمئن بغفران ذلك الذنب بالتوبة.
وأما قوله عز وجل: {لست عليهم بمصيطر * إلا من تولى وكفر} الآية [الغاشية: 22،23] فقد قيل: إنه متصل، أي: فذكر قومك إلا من تولى عنك وأعرض عن الإيمان وكفر،
فـ (من) على هذا في موضع نصب، و{لست عليهم بمصيطر} اعتراض، وقيل: إنه منقطع، أي: لست عليهم بمصيطر، أي لست بقاهر لهم، لكن من تولى وكفر فالله مصيطر عليه وقاهر له، فيعذبه العذاب الأكبر، عذاب جهنم.
وقوله تعالى: {ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا} الآية [التين: 5،6] فقد قيل: هو متصل، و{أسفل سافلين} إما أن يراد به في تغيير الخلقة بالنار، أي إن أهل النار في قبح الصورة أسفل من كل من سفل في ذلك إلا الذين آمنوا فإنهم لم يردوا إلى ذلك، أو: أسفل من كل سافل في المنزلة، وأهل النار كذلك.
وقيل: هو منقطع، ومعنى {أسفل سافلين} أرذل العمر، لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون، يعني الجنة.
ولا يوقف على المعلل دون العلة: كقوله عز وجل: {فولوا وجوهكم شطره} الآية [البقرة: 150] وكقوله: {وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع} الآية [آل عمران: 126-127]، وكقوله {وأنزلنا إليك الذكر} الآية [النحل: 44]؛ لأن {لتبين للناس} علة الإنزال الآية [النحل: 44]، وكذلك: {وابن السبيل كيلا يكون دولة} الآية [الحشر: 7]. ولا يوقف دون لام الحجد كقوله عز وجل: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} الآية [البقرة: 143]). [جمال القراء: 2/557-562]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الوقف على المستثنى منه دون المستثنى إن كان منقطعا فيه مذاهب.
الجواز مطلقا؛ لأنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه.
والمنع مطلقا؛ لاحتياجه إلى ما قبله لفظا؛ لأنه لم يعهد استعمال إلا وما في معناها إلا متصلة بما قبلها ومعنى؛ لأن ما قبلها مشعر بتمام الكلام في المعنى إذ قولك ما في الدار أحد هو الذي صحح إلا الحمار ولو قلت إلا الحمار على انفراده كان خطأ.
والثالث: التفصيل: فإن صرح بالخبر جاز لاستقلال الجملة واستغنائها عما قبلها وإن لم يصرح به فلا لافتقارها قاله ابن الحاجب في "أماليه"). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]
الاستثناء المنقطع
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ):
(
مسألة:

لا خلاف في التسامح بالوقف على المستثنى منه دون المستثنى إذا كان متصلا واختلف في الاستثناء المنقطع فمنهم من يجوزه مطلقا ومنهم من يمنعه مطلقا وفصل ابن الحاجب في أماليه فقال يجوز إن صرح بالخبر ولا يجوز إن لم يصرح به لأنه إذا صرح بالخبر استقلت الجملة واستغنت عما قبلها وإذا لم يصرح به كانت مفتقرة إلى ما قبلها قال ووجه من جوز مطلقا أنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه فكان مثل قولنا زيد لمن قال من أبوك ألا ترى أن تقدير المنقطع في قولك: ما في الدار أحد إلا الحارث لكن الحارث في الدار ولو قلت: لكن الحارث مبتدئا به بعد الوقوف على ما قبله لكان حسنا ألا ترى إلى جواز الوقف بالإجماع على مثل قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً} والابتداء بقوله: {وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فكذلك هذا ووجه من قال بالمنع ما رأى من احتياج الاستثناء المنقطع إلى ما قبله لفظا ومعنى أما اللفظ فلأنه لم يعهد استعمال إلا وما في معناها إلا متصلا بما قبلها لفظا ألا ترى أنك إذا قلت ما في الدار أحد غير حمار فوقفت على ما قبل غير وابتدأت به كان قبيحا فكذلك هذا وأما المعنى فلأن ما قبله مشعر بتمام الكلام في المعنى فإن ما في الدار أحد إلا الحمار هو الذي صحح قولك إلا الحمار ألا ترى أنك لو قلت إلا الحمار على انفراده كان خطأ). [البرهان في علوم القرآن: 1/356].


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 محرم 1435هـ/5-11-2013م, 05:42 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

أحوال الوقف على الموصوف دون صفته

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (مسألة: فصل بعضهم في الصفة بين أن تكون للاختصاص فيمتنع الوقف على موصوفها دونها وبين أن تكون للمدح فيجوز وجرى عليه الرماني في الكلام على قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} قال: ويجوز الوقف عليه خلافا لبعضهم وعامل الصفة في المدح غير عامل الموصوف فلهذا جاز قطعها عما قبلها بخلاف الاختصاص فإن عاملها عامل الموصوف وسيأتي في كلام الزمخشري ما يؤيده). [البرهان في علوم القرآن: 1/355]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 محرم 1435هـ/12-11-2013م, 11:01 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

مواضع يحسن الوقف عليها

قالَ أبو الفَرَجِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَلِيٍّ ابنُ الجَوْزِيِّ (ت:597هـ) : ( فصل : مواقف حسنة في القرآن
ذكر بعض العلماء مواضع في القرآن يحسن الوقوف عليها، ولا يحسن أن يوصل الكلام فيها فيما بعده.
في البقرة: {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} يقف، ثم يبتدئ {الذين يأكلون الربا}.
وفي آل عمران: {ما يعلم تأويله إلا الله}، يقف ثم يبتدئ: {والراسخون في العلم}.
وفي براءة: {والله لا يهدي القوم الظالمين}، يقف ثم يبتدئ: {الذين آمنوا وهاجروا}.
وفي النحل: {وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي}، يقف ثم يبتدئ: {يعظكم}.
وفي يس: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}، يقف ثم يبتدئ: {هذا ما وعد الرحمن}.
وفي حم المؤمن: {على الذين كفروا أنهم أصحاب النار}، يقف ثم يبتدئ: {الذين يحملون العرش}.
وفي الحشر: {إن الله شديد العقاب}، يقف ثم يبتدئ: {للفقراء المهاجرين})
[فنون الأفنان : 368]

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 محرم 1435هـ/13-11-2013م, 01:51 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التحرز عن الوقف بما يقبح الابتداء بما بعده

قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (أهم هذا الفصل التحرز عن الوقف على ما يقبح الابتداء بما بعده، أو يؤثم، كقوله تعالى: {بعد الذي جاءك من العلم} لأن قوله: {مالك}: جواب قوله: {ولئن اتبعت} فلو فصل عنه صار إخبار مستأنفًا مطلقًا، وخطؤه وخطره ظاهر.
وكذلك قوله تعالى: {من العلم} لا يفصل بينه قوله: {انك إذا لمن الظالمين}.
وكذلك: {هيهات هيهات لما توعدون} لأن قوله: {إن هي إلا حياتنا الدنيا} إلى قوله: {وما نحن له بمؤمنين} من مقول الكفار لا يجوز الابتداء بشيء من ذلك.
وفي ضرب هذا القدر من الأمثلة مقنع، فغنا قد استقصينا شرح كل نوع في موضعه استقصاء تامًا، ليكون لصدأ الصدر جلاء، ولفهة الفكر شفاء).
[علل الوقوف:1/148-150]

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 محرم 1435هـ/20-11-2013م, 10:13 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الوقف على المضاف دون المضاف إليه

قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {إني رأيت أحد عشر كوكبا} [يوسف: 4] الوقف على (أحد) قبيح. وكذلك: {عليها تسعة عشر} [المدثر: 30] الوقف على (تسعة) قبيح لأن الأصل فيه «عليها تسعة وعشرة» فحذفت الواو من العشرة، وجعل الحرفان حرفًا واحدًا وعربًا بأخف الحركات لطول الاسم).[إيضاح الوقف والابتداء: 1/351-352]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة