العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الوقف والابتداء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 جمادى الآخرة 1434هـ/29-04-2013م, 11:40 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي الوقف على ما رُكِّب مع ما

الوقف على ما رُكِّب مع ما

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (ذكر المركب مع (ما)
(وجاء {كل ما} مقطوعا في موضعين: {كل ما ردوا} الآية [النساء: 91]، في النساء ومنهم من يصله وهو القياس، {وآتاكم من كل ما سألتموه} الآية [إبراهيم: 34] في إبراهيم.
و{بئس ما} في جميع القرآن مقطوع إلا في البقرة: {بئسما اشتروا به أنفسهم} الآية [البقرة: 90]، و{بئسما يأمركم به إيمانكم} الآية [البقرة: 93]، وفي الأعراف: {بئسما خلفتموني من بعدي} الآية [الأعراف: 150].
و{إنما} في جميع القرآن مفصول إلا في موضع واحد: {إنما توعدون لآت} الآية [الأنعام: 134]، في الأنعام.
و{أنما} أيضا موصول إلا في موضعين: {وأن ما يدعون} الآية [الحج: 62] في الحج ومثله في لقمان.
وقد كتب أهل الأندلس {واعلموا أن ما غنمتم} الآية [الأنفال: 41]، و{إنما عند الله} الآية [النحل: 95] في النحل مقطوعا، واختار أبو عمرو فيها الوصل، قال: وكذلك هما في مصاحف أهل العراق بالوصل.
و{أين ما} في جميع القرآن مقطوع إلا ثلاثة أحرف: {فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 115]، {أينما يوجهه لا يأت بخير} الآية [النحل: 76] واختلفوا في النساء وفي الشعراء والأحزاب، فمنهم من عد الذي في النساء (أينما تكونوا يدرككم الموت) في الموصول، ومنهم من لم يعد.
وكذلك في الشعراء {أينما كنتم تعبدون * من دون الله} الآية [الشعراء: 92-93]، وكذلك في الأحزاب {أينما ثقفوا} الآية [الأحزاب: 61].
وقوله عز وجل في البقرة: {وحيث ما كنتم} الآية [البقرة: 144،150] مقطوع في جميع المصاحف.
و{في ما} مقطوع في الشعراء في قوله عز وجل: {في ما هاهنا آمنين} الآية [الشعراء: 146] بلا خلاف.
واختلفوا في عشرة أحرف: فمنهم من وصل جميعها ومنهم من قطع الجميع، وذلك قوله عز وجل: {في ما فعلن في أنفسهن من معروف} الآية [البقرة: 240]، وهو الثاني في سورة البقرة، و{ليبلوكم في ما أتاكم} الآية [المائدة: 48، الأنعام: 165] في المائدة، ومثله في الأنعام.
وفيها أيضا: {قل لا أجد في ما أوحي إلي} الآية [الأنعام: 145]، وفي الأنبياء: {في ما اشتهت أنفسهم خالدون} الآية [الأنبياء: 102]، وفي النور: {في ما أفضتم فيه} الآية [النور: 14]، وفي الروم {من شركاء في ما رزقناكم} الآية [الروم: 28]، وفي الزمر موضعان: {في ما هم فيه يختلفون} الآية [الزمر: 3]، {في ما كانوا فيه يختلفون} الآية [الزمر: 46]، وفي الواقعة {في ما لا تعلمون} الآية [الواقعة: 61].
و(من ما) مقطوع في ثلاثة: {فمن ما ملكت أيمانكم} الآية [النساء: 25] في النساء، وفي الروم {هل لكم من ما ملكت أيمانكم} الآية [الروم: 28]، وفي المنافقين: {من ما رزقناكم} الآية [المنافقون: 10].
و (عما) موصول في جميع القرآن إلا قوله عز وجل: {عن ما نهوا عنه} الآية [الأعراف: 166] في الأعراف، فإنه مقطوع.
و(إما) في جميع القرآن موصول إلا قوله عز وجل في الرعد: {وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم} الآية [الرعد: 40] فإنه مقطوع.
قال ذلك حمزة الزيات وأبو حفص الخزاز.
وقوله عز وجل: {أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} الآية [الأنعام: 143،144] مقطوع). [جمال القراء : 2/636-641]

الوقف على {إنما}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (
اعلم أن «إنما» تنقسم على قسمين. إذا لم يحسن في موضع «ما» «الذي» فهي مع «إن» حرف واحد، لا يحسن السكوت على «إن» دونها كقوله: {قالوا إنما نحن مصلحون} [البقرة: 11] لا يحسن السكوت على «إن» لأنك لا تقول: «إن الذي نحن مصلحون».
وكذلك قوله: {إنما يريد الله ليعذبهم بها} [التوبة: 85] لا يجوز الوقف على «إن» لأنك لا تقول: «إن» الذي يريد الله ليعذبهم. وقوله: {إن ما توعدون لات} [الأنعام: 134] يجوز للمضطر أن يقف على «إن» لأن المعنى: «إن الذي توعدون لآت». وكل ما في كتاب الله تعالى من ذكر «إنما» فهو في المصحف حرف واحد إلا هذا الحرف الذي في الأنعام: (إن ما توعدون لآت). وقوله تعالى: {وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم} [العنكبوت: 25] فيها ثلاثة أوجه: (مودة بينكم) بالنصب والإضافة. و(مودة بينكم) بالرفع والإضافة. و(مودة بينكم) بتنوين المودة ونصب «بين». فمن رفع «المودة» كان الأبين أن يجعل (إنما) حرفين، على معنى: «إن الذي اتخذتم من دون الله مودة»
«ما» اسم «إن» و«المودة» خبر «إن» و«الأوثان»بـ(اتخذتم). و«من» المنصوب الثاني. ويجوز أن ترفع «المودة» بالمحل وهو قوله تعالى: (في الحياة الدنيا) لأنه قال: «تواصلكم في الدنيا فإاذ صرتم إلى الآخرة زال».
«إنما» على هذا المذهب حرف واحد، ويجوز أن ترفع المودة، بإضمار «ذلك مودة بينكم» و«هذه مودة بينكم» كما قال: {بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} [الأحقاف: 35] فرفع «البلاغ» بإضمار «ذلك بلاغ، وهو بلاغ». ويجوز في العربية «بلاغًا» بالنصب، و«بلاغ» بالخفض. نصبه رده على قوله: (لم يلبثوا إلا ساعة بلاغا). من خفض رده على قوله: (من نهار بلاغ). ولا يجوز لأحد أن يقرأ بهذين الوجهين لأنهما لا إمام لهما. وأنشد الفراء في الإضمار:
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي = قولي محبك هائما مخبولا
أراد «قولي هذا محبك» فأضمر «هذا». ومثله قول سيدي ومولاي وهو أصدق قيلا: {براءة من الله} [التوبة: 1] رفع «البراءة» بإضمار «هذه براءة» و«إنما» على هذا المذهب حرف واحد، لا يجوز فيه الوقف على «إن».
ومن قرأ (مودة بينكم) بالنصب أوقع عليها (اتخذتم) و«إنما» حرف واحد. ومن قرأ (مودة بينكم) نصب المودة بـ(اتخذتم) ونصب «بينا» على المحل.
وقوله تعالى: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا} [النور: 51] فيها أربعة أوجه: أحدهن أن تجعل «إنما» حرفين، كأنك
قلت: «إن الذي كان قول المؤمنين» فـ«ما» اسم «إن» وخبرها «أن يقولوا» واسم «كان» فيها مضمر كناية عن «ما» و«القول» خبر كان. والوجه الثاني أن تجعل «إنما» حرفًا واحدًا، فتجعل «أن يقولوا» اسم الكون، و«القول» خبر الكون. والوجه الثالث أن ترفع «القول» فتقول: «إنما كان قول المؤمنين» فيكون «القول» اسم «كان» و«أن يقولوا» خبر «كان» و«إنما» حرف واحد. والوجه الرابع أن تجعل «إنما» حرفين. وترفع «القول»، كأنك قلت: «إن الذي كان قول المؤمنين» فـ«ما» اسم «إن» و«أن يقولوا» خبر «إن» و«القول» اسم الكون، وخبر الكون مضمر، كأنك قلت: «إن الذي كان قول المؤمنين» أي: كان إياه. فالهاء المضمرة خبر «كان». قال الفراء: العرب تقول: كنتك
وكنتني فيشبونه بـ«ضربتك وضربتني» وأنشد الفراء:
كأن لم يكنها الحي إذ أنت مرة = بها ميت الأهواء مجتمع الشمل
فجعل «يكنها» بمنزلة «يضربها». وأنشد الفراء أيضًا:
تنفك تسمع ما حييت بهالك حتى تكونه
وقال أبو الأسود الدؤلي:
فإلا يكنها أو تكنه فإنه = أخوها غذته أمه بلبانها
ويجوز أن ترفع القول بـ«كان» وتجعل «ما» مع «كان» مصدرًا لا يحتاج إلى خبر كقولك في الكلام: «أعجبني كون الشيء» أي: وقوعه وحدوثه. وقوله تعالى: {إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا} [التوبة: 85] في «إنما» وجهان: إن شئت جعلت «إنما» حرفًا واحدًا، وجعلت (أن يعذبهم) في موضع نصب بـ«الإرادة» كأنك قلت: «إنما يريد الله هذا الشيء» والوجه الآخر أن تجعل «إنما» حرفين، فتكون «ما» اسم «إن» وخبر «إن» «أن يعذبهم» كأنه قال: «إن الذي يريده الله عذابهم».
وقوله تعالى: {إنما صنعوا كيد ساحر} [طه: 69] فيها ثلاثة أوجه: أحدهن أن تجعل «إنما» حرفين، وتكون «ما» بمعنى الذي، كأنك قلت: «إن الذي صنعوه كيد ساحر» فتكون «ما» اسم «إن» و«الكيد» خبر «إن»، والهاء المضمرة في «صنعوا» تعود على «ما». والوجه الثاني أن تجعل «ما» بتأويل المصدر، كأنك قلت: «إن صنيعهم كيد ساحر» فعلى هذا المذهب لا يحتاج إلى ضميرها
لأن «ما» إذا كانت مصدرًا لم تحتج إلى عائد، قال الله تعالى: {فاصدع بما تؤمر} [الحجر: 94] معناه: فاصدع بأمري. «فما» لا عائد لها لأنها مصدر. وقال تعالى في موضع آخر: {وما خلق الذكر والأنثى} [الليل: 2] فمعناه وخلقه الذكر والأنثى، «فما» لا عائد لها لأنها مصدر والوجه الثاني: «إنما صنعوا كيد ساحر» تنصب «الكيد» بـ(صنعوا) و«إنما» حرف واحد ولا أعلم له إماما).[إيضاح الوقف والابتداء:1/312- 319]
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {إنما توعدون لواقع} [المرسلات: 7] و{إنما توعدون لصادق} [الذاريات: 5] (إنما) حرفان ولا يجوز أن يكون حرفًا واحدًا).[إيضاح الوقف والابتداء: 1/329]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (و (كسرُ إنَّ ما) منصوبٌ أيضًا على المفعوليَّةِ أي: اقطعُوا (إنْ) المكسورةَ عن (ما) الموصولةِ بالأنعامِ فقطْ، نحوُ: {إنْ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ} ولهذا قالَ: (الأنعامَ والمفتوحُ يَدْعُونَ معَا) إعلالُ الأنعامِ سبقَ في الأضراسِ، وهو منصوبٌ على نزعِ الخافضِ،
(والمفتوحَ) منصوبٌ، أي: اقْطَعُوا (أنْ ما المفتوحَ) همزتُه مِن قولِه تعالى: {وأنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِه هو الباطلُ} في الحجِّ، و {أنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِه الباطلُ} في (لقمانَ) على خلافِ خطابِهِمَا وَغَيْبَتِهِمَا، وهذا معنى قولِه: (معَا) أي: في الموضعينِ جميعًا وحَذَفَ تَنْوِينَه وقفًا (وَخُلْفُ الأنفالِ) بالنقلِ (ونحلٌ وَقَعَا) بألفِ الإطلاقِ نظرًا إلى إفرادِ لفظِ الخُلْفِِ، أو بألفِ التثنيَّةِ نظرًا إلى وقوعِ الْخُلْفِ في السورتينِ، والتقديرُ وَخُلْفُ مافيهما وقعَ في رسومِ المصاحفِ، وهو بمنزلةِ الاستثناءِ مِن مفهومِ كَلاَمِه السابقِ لفًّا ونشرًا مُشَوّ‍ََشًا مِن (أنَّ) المكسورَ والمفتوحَ معَ (ما).
والحاصلُ أنَّهُم اختلفُوا في وصلِ إنَّ ما المكسورةِ وقطعِه في قولِه تعالى: {إنَّما عندَ اللهِ هو خيرٌ لَكُمْ } في النحلِ، والوصلُ أَثْبَتُ، كما في الرائيَّةِ، والباقي موصولٌ اتِّفَاقًا، نحوُ: {إنَّما صنعُوا كيدَ ساحرٍ} {إنَّما تُوَعَدُونَ لَصادقٌ} {إنَّما تُوعَدُونَ لَواقعٌ} {إنَّما اللهُ إلهٌ واحدٌ} {إنَّما أنتَ منذرٌ} {إنَّما أنا بشرٌ مِثْلُكُمْ}.
وكذا اختلفُوا في وصلِ (أنَّما) المفتوحِ وَقَطْعِه في قولِه: {واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شيءٍ} بالأنفالِ، والواصلُ أثبتُ، كما في الرائيَّةِ، واتَّفَقُوا على وصلِ ماعدَاه نحوُ: {يُوحَى إليَّ أنَّما إلهُكُمْ إلهٌ واحدٌ} {إنْ يُوحَى إليَّ إلا أنَّما أنا نذيرٌ مبينٌ} و {فَاعْلَمُوا أنَّما على رسولِنا البلاغُ المبينُ}، ثمَّ اعلمْ أنَّ في كَلاَمِه ما لا يَخْفَى مِن الإيهامِ والإبهامِ، فإنَّهُ أوهمَ أنَّ كُلاّ منهما مفتوحةٌ، وَأَبْهَمَ المكسورةَ، معَ أنَّ في النحلِ ثمانيةَ مواضعَ غيرُ هذِهِ المكسورةِ، قالَ بحْرَقٌ: وإنَّما تَعَيَّنَتْ؛ لكونِها اسميَّةً وماعداها فعْلَيَّةٌ {إنَّما يَبْلُوكُم} {إنَّما سُلْطَانُه} {إنَّما قَوْلُنَا لشيءٍ} أ.هـ. وخَطَؤُهُ ممَّا لايَخْفَىَ؛ لأنَّ كُلاّ مِن المِثَالينِ الآخرينِ اسميَّةٌ، ولا يفيدُه وقوعُ الجملِ الفعليَّةِ بعدَهما، مِن قولِه: (إذا أَرَدْنَا) ومن قولِه: (يَتَوَلَّوْنَه) إلا بتكَلُّفٍ لا يَخلُو مِن تَعَسُّفٍ في الجملةِ، نعم لو قالَ وما عداها عُرْفيَّةٌ لكانَ تَفْرِقَةً منه خفيَّةً
).[المنح الفكرية:1/68]

قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ التاسعةُ: "إن" مكسورةُ الهمزةِ مشدَّدةُ النونِ مع "ما" الموصولةِ، وهذه الكلمةُ وردَتْ في التنزيلِ على ثلاثةِ أقسامٍ:
أوَّلُها: مقطوعٌ بالإجماعِ.
وثانيها: مختلَفٌ فيه بين القطْعِ والسكْتِ.
وثالثُها: موصولٌ بلا خلافٍ وإليك تفصيلُ الكلامِ على هذه الأقسامِ الثلاثةِ:
أما القسمُ الأوَّلُ: فقد اتَّفقَت المصاحفُ فيه على قطْعِ (إنَّ) عن "ما" في موضعٍ واحدٍ في القرآنِ الكريمِ، وهو قولُه تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لاَتٍ} (الأنعام: آية 134).
وأما القسمُ الثاني: وهو المختلَفُ فيه فقد رُسمَ في بعضِ المصاحفِ مقطوعاً وفي بعضِها موصولاً، أي وُصِلَ "أن" بـ"ما" وهذا في موضعٍ واحدٍ في التنزيلِ، وهو قولُه تعالى: {إِنَّمَا عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(النحل:آية 95)، والوصْلُ هو الأشهرُ وعليه العمَلُ.
وأما القسمُ الثالثُ: فقد اتَّفقَت المصاحفُ فيه على وَصْلِه وذلك في غيرِ موضعِ القطْعِ المتَّفقِ فيه على قطعِه وغيرِ الموضِعِ المختلَفِ فيه نحوَ قولِه تعالى: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبَابِ} (الرعد: آية 19)، وقولِه سبحانَه: {إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} في النساءِ (آية: 12)، والنحلِ (آية: 51)، وما إلى ذلك).[الفوائد التجويدية:؟؟]

قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(ثامناً: (إن) المكسورة الهمزة مع (ما) تقطع في موضع واحد {إن ما توعدون لآت} في سورة الأنعام، تقول: {إن}.
وأما قوله: {إن ما عند الله هو خير لكم} بسورة النحل ففيها خلاف، والوصل أقوى وأشهر، وما سوى هذين الموضعين فموصول باتفاق تقول: {إنما}).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]


الوقف على {أنما}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم} [آل عمران: 178] يجوز للمضطر أن يقف على «أن» وذلك أنهما حرفان، كأنه قال: «أن الذي نملي لهم خير» وقوله: {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات} [المؤمنون: 55، 56] (أنما) حرفان معناه: أن
الذي نمدهم به من مال فـ «ما» اسم أن وخبر أن ما عاد من ذكر الخيرات في قول هشام بن معاوية أبي عبد الله الضرير كأنه قال: «نسارع لهم فيها» فأظهر الهاء. فقال: «في الخيرات» كما تقول: «أبو سعيد رويت عن الخدري، تزيد: رويت عنه» فأظهرت الهاء، فقلت: «عن الخدري». وكذلك: «علي لقيت الكسائي، تريد: لقيته» فأظهرت الهاء. قال الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء = نغص الموت ذا الغنى والفقيرا
أراد: لا أرى الموت يسبقه شيء، فأظهر الهاء.
وأنشد الفراء:
متى تأت زيدًا قاعدًا عند حوضه = لتهدم ظلمًا حوض زيد نقارع
أراد: حوضه. فأظهر الهاء.
وروي عن الفراء أنه قال خبر (أن) موضع (نسارع).
وقوله تعالى: {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما} [آل عمران: 178] لا يجوز الوقف على إن لأنه لا يحسن أن تقول: «إن الذي نملي لهم». وقوله: {إنما حرم عليكم الميتة} [البقرة: 173] لا يجوز الوقف على «إن» لأن (الميتة) منصوبة بـ(حرم) فـ (إنما) حرف [واحد]. ويجوز في العربية: إنما حرم عليكم الميتة، على معنى: إن الذي حرم عليكم الميتة، ولا يجوز لأحد أن يقرأ بهذا لأنه لا إمام له. ومثل هذا في الكلام قولك: إنما أ:لت طعامك، وإنما شربت ماؤك.
على معنى: إن الذي أكلته طعامك، وإن الذي شربته ماؤك.
قال الشاعر:
ذرني إنما خطأي وصوبي = علي وإن ما أنفقت مال
أراد: وإن الذي أنفقته مال.
وروى خلف بن هشام عن الكسائي أنه قال في قوله: {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين} «أنما» كلمة واحدة، كأنه قال: أيحسبون أنما نفعل كذا وكذا، ثم أخبر عنهم فقال: {نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
وقوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} [الأنفال: 41]
أنما حرفان والمعنى: أن الذي غنمتم من شيء ومعنى (ما) الجزاء والفاء في قوله تعالى: {فأن لله خمسه} جواب الجزاء
وخبر «أن» ما عاد من الهاء المتصلة بـ«الخمس». وروى خلف عن الكسائي أنه قال: «أنما غنمتم» حرف واحد من قبل كل شيء).[إيضاح الوقف والابتداء:1/319- 323]
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): ((85) واقطعُوا "أنَّ ما" "المفتوحَ" همزتُهُ مِن قولِه تعالَى -: { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ }[الحج: 62] [لقمان: 30].
"معًا" أي في "الحجِ"، و "لقمانَ".
"وخُلْفُ" ما في "الأنفال" – بدرجِ الهمْزَةِ – "ونحل" أي: وفي "النَّحل" من قولِهِ تعالَى: – في الأولى: { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ } [الأنفال: 41]، وقولِهِ في الثَّانيةِ: { إِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[النحل: 95] "وقعا" – بألِفِ الإطلاقِ -.
وما عدَاها نحوُ: { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } [المائدة: 92] موصولٌ). [الدقائق المحكمة:1/36]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (و (كسرُ إنَّ ما) منصوبٌ أيضًا على المفعوليَّةِ أي: اقطعُوا (إنْ) المكسورةَ عن (ما) الموصولةِ بالأنعامِ فقطْ، نحوُ: {إنْ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ} ولهذا قالَ: (الأنعامَ والمفتوحُ يَدْعُونَ معَا) إعلالُ الأنعامِ سبقَ في الأضراسِ، وهو منصوبٌ على نزعِ الخافضِ،
(والمفتوحَ) منصوبٌ، أي: اقْطَعُوا (أنْ ما المفتوحَ) همزتُه مِن قولِه تعالى: {وأنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِه هو الباطلُ} في الحجِّ، و {أنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِه الباطلُ} في (لقمانَ) على خلافِ خطابِهِمَا وَغَيْبَتِهِمَا، وهذا معنى قولِه: (معَا) أي: في الموضعينِ جميعًا وحَذَفَ تَنْوِينَه وقفًا (وَخُلْفُ الأنفالِ) بالنقلِ (ونحلٌ وَقَعَا) بألفِ الإطلاقِ نظرًا إلى إفرادِ لفظِ الخُلْفِِ، أو بألفِ التثنيَّةِ نظرًا إلى وقوعِ الْخُلْفِ في السورتينِ، والتقديرُ وَخُلْفُ مافيهما وقعَ في رسومِ المصاحفِ، وهو بمنزلةِ الاستثناءِ مِن مفهومِ كَلاَمِه السابقِ لفًّا ونشرًا مُشَوّ‍ََشًا مِن (أنَّ) المكسورَ والمفتوحَ معَ (ما).
والحاصلُ أنَّهُم اختلفُوا في وصلِ إنَّ ما المكسورةِ وقطعِه في قولِه تعالى: {إنَّما عندَ اللهِ هو خيرٌ لَكُمْ } في النحلِ، والوصلُ أَثْبَتُ، كما في الرائيَّةِ، والباقي موصولٌ اتِّفَاقًا، نحوُ: {إنَّما صنعُوا كيدَ ساحرٍ} {إنَّما تُوَعَدُونَ لَصادقٌ} {إنَّما تُوعَدُونَ لَواقعٌ} {إنَّما اللهُ إلهٌ واحدٌ} {إنَّما أنتَ منذرٌ} {إنَّما أنا بشرٌ مِثْلُكُمْ}.
وكذا اختلفُوا في وصلِ (أنَّما) المفتوحِ وَقَطْعِه في قولِه: {واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شيءٍ} بالأنفالِ، والواصلُ أثبتُ، كما في الرائيَّةِ، واتَّفَقُوا على وصلِ ماعدَاه نحوُ: {يُوحَى إليَّ أنَّما إلهُكُمْ إلهٌ واحدٌ} {إنْ يُوحَى إليَّ إلا أنَّما أنا نذيرٌ مبينٌ} و {فَاعْلَمُوا أنَّما على رسولِنا البلاغُ المبينُ}، ثمَّ اعلمْ أنَّ في كَلاَمِه ما لا يَخْفَى مِن الإيهامِ والإبهامِ، فإنَّهُ أوهمَ أنَّ كُلاّ منهما مفتوحةٌ، وَأَبْهَمَ المكسورةَ، معَ أنَّ في النحلِ ثمانيةَ مواضعَ غيرُ هذِهِ المكسورةِ، قالَ بحْرَقٌ: وإنَّما تَعَيَّنَتْ؛ لكونِها اسميَّةً وماعداها فعْلَيَّةٌ {إنَّما يَبْلُوكُم} {إنَّما سُلْطَانُه} {إنَّما قَوْلُنَا لشيءٍ} أ.هـ. وخَطَؤُهُ ممَّا لايَخْفَىَ؛ لأنَّ كُلاّ مِن المِثَالينِ الآخرينِ اسميَّةٌ، ولا يفيدُه وقوعُ الجملِ الفعليَّةِ بعدَهما، مِن قولِه: (إذا أَرَدْنَا) ومن قولِه: (يَتَوَلَّوْنَه) إلا بتكَلُّفٍ لا يَخلُو مِن تَعَسُّفٍ في الجملةِ، نعم لو قالَ وما عداها عُرْفيَّةٌ لكانَ تَفْرِقَةً منه خفيَّةً).[المنح الفكرية:1/68]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ العاشرةُ: "أن" مفتوحةُ الهمزةِ مشدَّدةُ النونِ، مع "ما" الموصولةِ أيضاً، وقد جاءَ ذكرُها في التنزيلِ على ثلاثةِ أقسامٍ: مقطوعةٌ باتِّفاقٍ وموصولةٌ كذلك، ومختلَفٌ فيها بينَ القطْعِ والوصْلِ.
أما القسمُ الأولُ: فقد أجمَعَت المصاحفُ فيه على قطْعِ (أن) عن "ما" وثَبتَ هذا في موضعين اثنين فقط.
أوَّلُهما: بسورةِ الحجِّ {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (آية: 62).
وثانيها: بسورةِ لقمانَ {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} (آية: 30).
وأما القسمُ الثاني: فقد اختلَفَتْ فيه المصاحفُ فرسِمَ في بعضِها مقطوعاً وفي بعضِها موصولاً وذلك في موضعٍ واحدٍ في التنزيلِ في سورةِ الأنفالِ في قولِه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} (آية: 41) والأشهرُ هو الوصْلُ وعليه العملُ، وهذا معنى قولِه (وخُلْفُ الأنفالِ) وأما قولُه (ونحلٍ) راجعٌ إلى (إنما) بكسرِ الهمزةِ لأنه ذَكرَ خلافَ النوعين معاً كما أنه ذَكرَ قطْعَهما معاً فتأمَّلْ.
وأما القسمُ الثالثُ: فقد أجمَعَت المصاحفُ فيه على وصْلِ "أن" بـ"ما" وذلك في غيرِ موضِعَي القطْعِ المتَّفقِ عليهما وغيرِ الموضِعِ المختلَفِ فيه، نحوُ قولِه تعالى: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}(المائدة: آية 92)، وقولِه تعالى {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} (الحديد: آية 20) وما إلى ذلك.
وقد أشارَ الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ رحِمَه اللهُ تعالى إلى هذه الكلماتِ العشرِ بقولِه:

80 - فـاقْطَـعْ بعشْـرِ كلمـاتٍ أن لا = مــع ملجــأٍ ولا إلـــهَ إلاَّ

وقد سَبقَ ذِكرُ هذه الأبياتِ الستَّةِ في أوَّلِ البابِ، وفي هذه الأبياتِ لم يَتعرَّض الناظمُ لذكرِ (أن لا) موضعِ الأنبياءِ وتَعرَّضَ لها في النشْرِ جـ2/148 كما تَعرَّضَ لها غيرُه ولذا ذَكرناها).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(تاسعاً: (أنّ) المفتوحة الهمزة والمشددة النون مع (ما) أعني: أنما، تقطع في موضعين بلا خلاف وهما {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} في سورة الحج {وأن ما يدعون من دونه الباطل} بسورة لقمان. تقول: {وأن}.وقد جرى الخلاف في قوله: {واعلموا أنما غنمتم} بسورة الأنفال والوصل فيه أقوى وأشهر، تقول: {واعلموا أنما}).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]

الوقف على {عما}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {فلما عتوا عن ما نهوا عنه} [الأعراف: 166]
(عن ما) حرفان لأن المعنى: «عن الذي نهوا عنه». ولم يقطع في كتاب الله تعالى غيره. وقوله: {عما قليل ليصبحن نادمين} [المؤمنون: 40] «عما» حرف لأن معناه «عن قليل» و«ما» توكيد للكلام).[إيضاح الوقف والابتداء:1/323]
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): ((83) و { عَنْ مَا نُهو عَنْهُ } [الأعراف: 166] بـِ "الأعرافِ" اقطعُوا. وما عدَاهُ نحوُ { عَمَّا يَقُولُونَ} [الإِسراء: 43] و [المائدة: 73]، و { عَمَّا يُشْرِكُونَ }[الأعراف: 190] [التوبة: 31]، و { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1]، و { عَمَّا قَلِيلٍ }[المؤمنون: 40] موصولٌ).[الدقائق المحكمة: 1/35]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (واتَّفَقَت المصاحفُ أيضًا على قَطْعِ (عن) عن (ما) الموصولةِ في قولِه تعالى: { فلمَّا عَتَوْا عِن ما نُهُوا عنه} في الأعرافِ، وإليه أشارَ بقولِه (نُهُوا اقْطَعُوا مِن ما مَلَكَ رُومَ النساءِ)، ففي غيرِ الأعرافِ تكونُ موصولةً كَمَا في قولِه تعالى: { عَمَّا تَعْمَلُونَ } { وَلَئِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عمَّا يَقُولُونَ}و {سُبْحَانَه وتَعَالَى عمَّا يُشْرِكُونَ} و { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} و { عَمَّا قَلِيلٌ} هذا وقد ضُبِطَ (رومَ) بالرفعِ، والنصبِ , وهو الأَوْلَى؛ ليكونَ نصبُه على نزعِ الخافضِ، ويُؤَيِّدُهُ ما في نسخةٍ صحيحةٍ وهي أصلُ الشيخِ زكريَّا).[المنح الفكرية:67-1/66]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ الرابعةُ: "عن" الجارَّةُ مع ما الموصولةِ، وهي في القرآنِ على قسمين:
القسمُ الأوَّلُ: مقطوعٌ بالاتِّفاقِ وذلك في موضِعٍ واحدٍ فقط، وهو قولُه تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَا نُهُوا عَنْهُ}سورةُ الأعرافِ (آية/166)، فقد اتَّفقَتْ المصاحفُ على قطْعِ "عن" "ما" في هذا الموضعِ، ويُوقَفُ على (عن) اختباراً بالموحَّدةِ أو اضطراراً وتُدغمُ النونُ في الميمِ لفظاً لا خطًّا.
القسمُ الثاني: وهو موصولٌ باتِّفاقِ المصاحفِ، وتُدغمُ فيه النونُ لفظاً وخطَّا، وهو ما عدا موضعِ القطْعِ المتَّفقِ عليه، نحوُ قولِه تعالى بالإسراءِ: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً} (الإسراء: آية 43)، وقولِه عزَّ وجلَّ: {سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (القصص: آية 68)، وأما "عن" الجارَّةُ مع "ما" الاستفهاميَّةِ محذوفةِ الألِفِ فموصولةٌ باتِّفاقِ المصاحفِ، وتُدغمُ النونُ في الميمِ لفظاً وخطًّا، وذلك في موضعٍ في التنزيلِ: وهو قولُه تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (النبأ: آية 1)).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(ثالثاً: (عن) عن (ما) أعني كلمة: عن وما، كلها موصولة، فتقف عما وتقطع في موضع واحد في الأعراف، {فلما عتوا عن}).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]

الوقف على " في ما "
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {في ما ههنا آمنين} [الشعراء: 146] (في ما) حرفان لأن معناه: «في الذي ههنا». وقوله: {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} [الأحقاف: 26] ههنا ثلاثة
أحرف «في» حرف، و«ما» و«أن» حرف.
واختلفوا في معنى «إن». فقال المفسرون والنحويون: معنى «إن» الجحد كأنه قال: «في الذي لم نمكنكم فيه». وقال خلف بن هشام: معنى «إن» قد، كأنه قال: «في الذي قد مكناكم فيه» كما قال في موضع آخر: {فذكر إن نفعت الذكرى} [الأعلى: 9] معناه: «فذكر قد نفعت الذكرى» وهو في المصحف حرفان).[إيضاح الوقف والابتداء:1/323- 324]
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): ((87) "في مَا" اقطَعَا. أي: واقطَعْ "في" عنْ "ما" الموصولةِ في قولِهِ تعالَى -: { قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}[الأنعام: 145] بـ "الأنعام"، وفي قولِهِ: { لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ }[النور: 14] بـ "النور"، وفي قولِهِ تعالَى -: { فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهمْ }[الأنبياء: 102] بـ "الأنبياءِ"، وفي "يَبْلُو" من قولِه: { لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا ءَاتَاكُمْ }[المائدة: 48] و [الأنعام: 165] "معًا" أي بـ "المائدة"، و "الأنعام".
(88) وفي "ثاني فعلن" من قولهِ" { فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ }[ البقرة: 240] بـ "البقرة"، وفي قولِه تعالى -: { وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ }[الواقعة: 61] في إذا وَقَعَتْ، وفي قولِه تعالى -: { فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [الزمر: 3] و{ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [الزمر: 46] بـ "الزمرِ". وإلى ذلك أشارَ بقولِهِ: "كلا تنزيلٌ". وفي قولهِ: { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا ءَامِنِينَ } [الشعراء: 146] في "شُعَرَا" أي: في "الشعراء".
وهذهِ الأحدَ عَشَرَ متَّفقٌ على قطعِهَا، إلاَّ الأخيرَ فمُخْتَلَفٌ فيه. فذكرَهُ معَ المتَّفَقِِ على قطعهِ سهوًا.
"وغير ذي" أي المواضعِ الأحدَ عشَرَ نحوُ: { فِيمَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: 234] بـ "البقرة"، و (فِيمَا كُنْتُمْ)، و (فِيمَ أَنْتَ) "صِلاَ" أي صِلْهَا). [الدقائق المحكمة :1/37]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (ثمَّ قولُه (في ما قَطَعَا) ابتداءُ كَلاَمٍ، وأصلُه (اقْطَعَنْ) قُلِبَتْ النونُ المُخَفَّفَةُ ألفًا حالَ الوقفِ، لا لضرورةِ الوزنِ كما ذكَرَه اليمنيُّ، (فيما) مفعولٌ مُقَدَّمٌ، والمعنى: اقطعْ (في عن) (ما) الموصولةِ في عشرةِ مواضعَ كما بيَّنَها بقولِه:
...................... = أُوحِي أَفَضْتُمْ اشْتَهَتْ يَبْلُومعَا
ثاني فَعَلْنَ وَقَعَتْ رومٌ كَلاَ = تنـزيلُ شُعَرَا وغيرَهـا صِلاَ

أي: صِلَنَّ. أمرٌ بالوصلِِ مُؤَكَّدًا بالنونِ المُخَفَّفَةِ المُبْدَلَةِ ألفًا حالَ الوقفِ، أرادَ قولَه تَعَالَى: {قلْ لا أجدُ فيما أُوحِيَ إليَّ مُحَرَّمًا} بالأنعامِ، و {فيما أَفَضْتُم فيه} بالنورِ، و {في ما اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ} بالأنبياءِ، و {لكنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ} بالمائدةِ، {لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتاكُم} آخرُ الأنعامِ، وإليها أشارَ بقولِه: (معَا) و {فِيمَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ مِن مَعْروفٍ} ثاني البقرةِ، وإليه أشارَ بقولِه (ثاني فَعَلْنَ) احْتِرَازًا مِن أَوَّلِه، وهو قولُه: {فيما فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ بالمَعْروفِ} و {نُنْشِئُكُمْ في مَالا تَعْلَمُونَ} بالواقعةِ و {هلْ لكم مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِن شُرَكَاءَ في مارَزَقْنَاكُمْ} بالرَّومِ، {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ في مَاهُمْ فِيه يَخْتَلِفُونَ} {أنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ في ماكانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ} كلاهما بالزُّمَرِ، وإليه أشارَ بقولِه: (كَلاَّ تنزيلُ) قولُه تعالى: {أَتُتْرَكُونَ في مَاهَهُنَا آمِنِينَ} بالشعراءِ، ثمَّ الضميرُ في قولِه: و (غَيْرَها صِلاَ) راجعٌ إلى سورةِ الشعراءِ؛ لكونِها أقربَ مذكورٍ؛ ولأنَّهُ المُطَابِقُ لكتبِ الرسمِ والموافقُ لما صَرَّحَ، الشاطبيُّ في قولِه (وفي سوى الشعراءِ بِالْوَصْلِ بَعْضُهمْ)
وفي نسخةٍ: (وغيرَ ذي صِلاَ) وفي أخرى: (وغيرَه صِلاَ) بالتذكيرِ فهو راجعٌ إلى لفظِ الشعراءِ، والمعنى: فماعدَا الشعراءَ صلةٌ أيضًا لاختلافٍ وقعَ فيه بخلافِ الشعراءِ؛ فإنَّهُ لا خلافِ في قطعِه، وبخلافٍ ما عدا المذكوراتِ فإنَّه لاخلافَ في وصلِه، سواءٌ كانَ (ما) خبريَّةً أو استفهاميَّةً، نحوُ {فيما فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ بالمَعْروفِ} في أَوَّلِ البقرةِ، كما فُهِمَ مِن قيدِ (ثاني البقرةِ)، ونحوَ (فِيمَ كُنْتُمْ) (وفيمَ أَنْتَ) وقولُه تعالى: {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ يومَ القيامةِ فيما كانُوا فيه يختلفُون} فَحَصَلَ أنَّ ما في سورةِ الشعراءِ هو الحرفُ المُتَّفَقُ على قطعِه، كما صرَّحَ به المصنِّفُ، وسائرُ المذكوراتِ قد اخْتَلَفُوا في وصلِها وقطعِها، وإنَّما حَكَمَ عليها بالقطعِ أولًا ثمَّ جَوَّزَ وصلَها آخر؛ إشعارًا بأنَّ القطعَ هو الأَوْلَى؛ لأنَّه هو الأصلُ في رسمِ المبنى، فقولُ خالدٍ الأزهريِّ: وأمَّا {أَتُتْرَكُونَ في ما هَهُنَا آمِنِينَ} في الشعراءِ فهو مِن المُخْتَلَفِ فيه فَذِكْرُهُ معَ المُتَّفَقِ عليه سهوٌ منه هو خطأٌ فاحشٌ صَدَرَ عنه، حيثُ عكَسَ القضيَّةَ، وأمَّا قولُ ابنِ المصنِّفِ: أي: وغيرُ هذِه الأحدَ عشرَ موضعًا صِلْه بلا خلافٍ، فَيُفْهَمُ منه أنَّ المواضعَ الأحدَ عشرَ كُلَّها ليسَ فيها خلافٌ، وليسَ كذلكَ، لِما تَقَدَّمَ، ولِما صرَّح أيضًا مِن أنْ قَطْعَ (في) عن (ما) الموصولةِ في عشرةِ مواضعَ بخلافٍ، وفي موضعٍ بلا خلافٍ، ولا يُفْهَمُ الخلافُ مِن عبارةِ الناظمِ؛ لأنَّه لم يذكرْهُ صريحًا ولا إشارةً ا.هـ. فَتَبَيَّنَ لكَ أنَّ ضميرَ غيرِها إلى جميعِ المذكوراتِ خطأٌ ظاهرٌ وتَرَتَّبَ عليه فسادٌ باهرٌ وقدْ غفَلَ عنه المصنِّفُ أيضًا وأمَّا قولُ الروميِّ: وقد جزمَ الناظمُ في جميعِها بالقطعِ، والمشهورُ الاختلافُ في العشرةِ الأُولَى منها، والجزمُ الحاديَ عشرَ فقطْ، اللهمَّ إلا أنْ يَتَرَجَّحَ عندَه جانبُ القطعِ فيها أيضًا فغلطٌ منه، وكأنَّهُ تبِعَ خالدًا في نَقْلِه، وقلَّدَ ابنَ المصنِّفِ في مرجعِ ضميرِ (غيرِها)، وأمَّا الشيخُ زكريَّا فقدْ اسْتَرَاحَ في هذا المقامِ واكْتَفَى بتحصيلِ المرامِ، حيثُ قالَ: وهذِه الأحدَ عشرَ فيها خلافٌ، إلا الأخيرَ فَمُتَّفَقٌ على قطعِه. لكنْ غَفَلَ عَن موضعِ حَلِّه إذ قالَ (وغيرُ ذي) أي: المواضعِ الأحدَ عشرَ، فَتَدَبَّرْ، ثمَّ قولُه:(صِلاَ) أي: صِلْهَا غيرَ صحيحٍ؛ لأنَّ مفعولَ (صلْ) (غيرَها) وقد تبيَّنَ لكَ اضطرابُ كَلاَمِ الشيخِ زكريَّا في هذا المَحَلِّ، وقد وقعَ في الوَحْلِ مِن جهةِ الحلِّ، ولهذا اعترضَ المصريُّ عليه بقولِه: إنه أجْرَى الخلافَ في التي في الشعراءِ وجَزَمَ بالقطعِ في العشرةِ وهو مُخَالِفٌ لما في المُقْنِعِ / ا.هـ.
ولا يخفى أنَّهُ ليس مُخَالِفًا للمُقْنِعِ لاباعتبارِ أَوَّلِ كَلاَمِه ولا بالنسبةِ إلى آخرِ مرامِه، فَتَأَمَّلْ فإنه موضعُ زللٍ، واللهُ سبحانَهُ هو المُلْهِمُ بالصوابِ وإليه المرجعُ والمآبُ).[المنح الفكرية:69-1/68]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ الثالثةَ عشرَةَ: "في" الجارَّةُ مع "ما" الموصولةِ، اختلَفَ كُتَّابُ المصاحفِ في هذه الكلمةِ ويَنحصرُ اختلافُهم هذا في أربعةِ أقوالٍ وإليك بيانُها:
القولُ الأوَّلُ وفيه ثلاثةُ أقسامٍ:
القسمُ الأوَّلُ: مقطوعٌ باتِّفاقٍ، أي قَطْعُ (في) عن (ما) وذلك في موضعٍ واحدٍ، وهو قولُه تعالى: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَهُنَا آمِنِينَ} (الشعراء:آية 146).
القسمُ الثاني: مختلَفٌ فيه بينَ القطْعِ والوصْلِ فرُسِمَ في بعضِ المصاحفِ مقطوعاً وفي بعضِها موصولاً، والأشهرُ القطْعُ وعليه العملُ، وذلك في عشرةِ مواضعَ.
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} الموضعُ الثاني بالبقرةِ (آية: 240).
الثاني: قولُه سبحانَه: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} بسورةِ المائدةِ (آية: 165) وآخِرِ الأنعامِ.
الثالثُ: قولُه تعالى: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} (الأنعام: آية 145).
الرابعُ: قولُه تعالى: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} (الأنبياء: آية 14).
الخامسُ: قولُه تعالى: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفْضْتُمْ} (النور: آية 28).
السادسُ: قولُه تعالى: {فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} (الروم: آية 3).
السابعُ: قولُه تعالى: {فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (الزمر: آية 61).
الثامنُ والتاسعُ: قولُه تعالى: {فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (الزمر: آية 234).
العاشرُ: قولُه تعالى: {وَنُنْشِئُكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (الواقعة: آية 61).
القسمُ الثالثُ: موصولٌ باتِّفاقِ عمومِ المصاحفِ، أي وصْلُ "في" بـ"ما" وذلك في غيرِ موضِعٍ القطْعِ المتَّفَقِ عليه، والمواضعُ العشرةُ المختلَفُ فيها بينَ القطْعِ والوصْلِ وذلك نحوَ قولِه تعالى: {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (آية: 34) الموضعُ الأوَّلُ من البقرةِ، وقولِه تعالى: {فِيمَا طَعِمُوا} (المائدة: آية 93)، وقولِه تعالى: {فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (يونس: آية 19) وما إلى ذلك، وذَكرَ هذا القولَ جُلُّ علماءِ التجويدِ والقراءاتِ، هذا ولم يَتعرَّض الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في الجزْرِيَّةِ إلى الخلافِ في المواضعِ العشرةِ بل ذَكرَ فيها القطعَ ولعلَّه اقتصَرَ عليه لشهرَتِه ولكن تَعرَّضَ له في النشْرِ وشهَّرَ فيه القطْعَ كما تَعرَّضَ له غيرُه.
(تذييلٌ) إذا دخلَتْ "في" الجارِّةُ على "ما" الاستفهاميَّةِ محذوفةِ الألِفِ فلا خلافَ في وصلِها بها في جميعِ المصاحفِ، مثلُ قولِه تعالى: {فِيمَ كُنْتُمْ} (النساء: آية 97)، وقولِه تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} (النازعات: آية 43)، وقد أشارَ الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ إلى الكلماتِ الثلاثِ التي بعد العشرِ في المقدِّمةِ الجزْرِيَّةِ بقولِه:

86 - وكـلَّ ما سَأَلْتموه قطْعـاً واختُلِفْ = رُدُّوا كذا قـلْ بئسما والوصلَ صِفْ
87 - خَلَفْتُمُوني واشتَرَوْا فـي مـا اقطَعَا = أُوحِـي أفَضْتُمْ واشتَهَتْ يَبلُـو معا
88 - ثانـي فَعلْـن وقعَت روم كِــلا = تنـزيـلُ شُعَـرَا وغيرَ ذي صِـلا

القولُ الثاني: الوصْلُ قولاً واحداً في المواضعِ العشرةِ والقطْعُ الحادي عشرَ وهو موضعُ الشعراءِ، ذكرَ هذا القولَ الحافظُ أبو عمرٍو الداني في المقنعِ ص 71.
القولُ الثالثُ: وهو قسمان أيضاً، أوَّلُهما: القطْعُ في المواضعِ الأحَدَ عشرَ المتقدِّمِ ذِكرُها، ثانيهما: الوصْلُ قولاً واحداً في المواضعِ العشرةِ. والقطعُ في الحادي عشرَ وهو موضعُ الشعراءِ، كالقسمِ الثاني عندَ الداني ذَكرَ هذا القولَ الإمامُ الشاطبيُّ في العَقِيلةِ ص 90.
القولُ الرابعُ: ويَنقسمُ إلى قسمين:
القسمُ الأوَّلُ: القطْعُ قولاً واحداً في المواضعِ الأحدَ عشرَ.
القسمُ الثاني: مختلَفٌ فيه بين القطْعِ والوصْلِ، وذلك في تسعةِ مواضعَ من المواضعِ الأحدَ عشرَ باستثناءِ موضِعَي الأنبياءِ والشعراءِ ففيهما القطْعُ. ذَكرَ هذا القولَ الإمامُ الخرَّازُ في مَوْردِ الظمآنِ ص 226).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(الثاني عشر: (في) مع (ما) تقطع بلا خلاف في قوله: {أتتركون في ما هاهنا آمنين} تقول: {أتتركون في} بسورة الشعراء.
ويستوي قطعها ووصلها في عشر مواضع، والقطع أرجح وهي:
أولا: {فيما فعلن في أنفسهن من معروف}، وهو الموضع الثاني في البقرة في ربع الوالدات تقول: {في} أو {فيما}.
الثاني: {ليبلوكم في ما أتاكم} تقول {ليبلوكم في} أو {فيما} بالمائدة.
الثالث: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً} بالانعام تقول: {قل لا أجد في} أو {فيما}.
رابعاً: {ليبلوكم في ما آتاكم} آخر سورة الأنعام تقول: {ليبلوكم في} أو {ليبلوكم فيما}.
خامساً: {وهم فيما اشتهت أنفسهم} بسورة الأنبياء، تقول: {وهم في} أو {وهم فيما}.
سادساً: {لمسكم في ما أفضتم} بسورة النور، تقول: {لمسكم في} أو {لمسكم فيما}.
سابعاً: {هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم} بسورة الروم، تقول: {من شركاء في} أو {من شركاء فيما}.
ثامناً: {إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون} بسورة الزمر تقول: {يحكم بينهم في} أو {يحكم بينهم فيما}.
تاسعاً: {في ما كانوا فيه يختلفون} بسورة الزمر أيضاً تقول: {في} أو {فيما}.
عاشراً: {وننشئكم في ما لا تعلمون} بسورة الواقعة، تقول: {وننشئكم في} أو {ننشئكم فيما}.
والقطع في هذه المواضع أقوى وأشهر، ووصلها لا بأس به.
وقال بعض شراح الجزرية أن الوصل فيها أولى، وهو ضعيف. وادعى بعضهم الخلاف فى موضع الشعراء وهو {في ما هاهنا آمنين} وهو ضعيف أيضاً فلا يلتفت إلى القولين بحال).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]


الوقف على {من ما}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {من ما ملكت أيمانكم} [النساء: 25] (من ما) حرفان لأن المعنى: «من الذي ملكت أيمانكم»).[إيضاح الوقف والابتداء:1/324]
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): (واقْطَعُوا: { مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [الروم: 28] بروم. أي: بِسُورةِ "الرُّومِ والنِّسِا". { وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ } [المنافقين: 10] بـ "المنافقين".
ولَكِنْ "خُلْفُ" ما في "المنافقين" ثَبَتَ ففي بعضِ المصاحفِ مقطوعٌ، وفي بعضِها موصولٌ. ووجْهُ القطعِ فيهِ – وفيمَا يأتي ممَّا اختُلِفَ فيه- كونُ الأصْلِ انفصالَ إحدى الكَلمتيْنِ عنِ الأُخرى. وَوَجْهُ الوَصْلِ التَّقويةُ وقصدُ الامتزاجِ. وفي نسخةٍ بدَلُ "مِنْ مَا برُومٍ والنِّسَا" مِن مَا مَلَكَتْ برومٍ النِّسَا).[الدقائق المحكمة:1/35]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): ((نُهُوا اقْطَعُوا ممَّا برومِ النساءِ) والمعنى أنَّ المصاحفَ اتَّفَقَتْ على قطعِ (مِن) الجارَّةِ عَن (ما) الموصولةِ نحوَ: {مِن مَامَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِن شُرَكَاءَ} بالرَّومِ، و {مِن مَامَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِن فَتَيَاتِكُمْ} بالنساءِ، وقَدَّمَ الرُّومَ لأجلِ الوزنِ، والخِطَابُ في (اقْطَعُوا) للقُرَّاءِ ولكَتَبةِ المصاحفِ، ومفعولُه (عَن مَانُهُوا) وما بعدَه مَعْطُوفٌ على ماقبلَه بحذفِ العاطفِ. (خُلْفُ المُنَافِقِينَ أمْ مَن أَسَّسَا) بالألفِ الإطلاقِ مَعْروفًا ومجهولًا، كما قُرِيءَ بهما في السبعةِ، والأكثرُ على الأَوَّلِ وقولُه (خُلْفُ) ضبط بالرفعِ، أي خُلْفُ مافي المنافقين ثَبَتَ، كما ذكَرَه الشيخُ زكريَّا، وبالنصبِ على أنَّهُ ظرفٌ لاقْطَعُوا، بتقديرِ مضافٍ، أي: معَ خُلْفِ المنافقينِ، والمعنى اخْتَلَفَتْ المصاحفُ في قطعِ {وأنْفِقُوا ممَّا رَزَقْنَاكُمْ} في المنافقينَ، بخلافِ ما عدا هذه الثلاثةَ فإنَّهُ موصولٌ اتِّفاقًا، نحوُ: {ممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} و {ممَّا نَزَّلْنَا على عَبْدِنا}َ، وأمَّا قولُه: {مِن مالِ اللهِ} و {مِن ماءٍ مَهِينٍ} وشبهُهُ فمقطوعٌ، ولعلَّه قَيَّدَه بقولِه (مَالكَ) لهذا وكذا لاخلافَ في نحوِ (ممَّنَ منعَ) و (ممَّن افترى) ونحوِ ذلكَ في أنَّ (مِن) موصولةٌ (بِمَن) المَوْصُولَةِ).[المنح الفكرية:1/67]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ الخامسةُ: "من" الجارَّةُ مع "ما" الموصولةِ جاءت في القرآنِ الكريمِ على أقسامٍ ثلاثةٍ:
أوَّلُها: مقطوعٌ باتِّفاقٍ.
ثانيها: موصولٌ كذلك.
ثالثُها: مختلَفٌ فيه بينَ القطْعِ والوصْلِ.
أما القسمُ الأوَّلُ: فقد اتَّفقَتْ المصاحفُ على قطْعِ "من" عَن "ما".
ويُوقَفُ على مِن اختباراً بالموحَّدةِ أو اضطراراً وتُدغمُ النونُ في الميمِ، لفظاً لا خطًّا وذلك في موضعين اثنين:
أوَّلُهما: قولُه تعالى: {فَمِن مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (النساء: آية 25)
وثانيهما: قولُه تعالى: {هَل لَّكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (الروم: آية 28)
وأما القسمُ الثاني: وهو المختلَفُ فيه بينَ القطْعِ والوصْلِ فوَقعَ في موضعٍ واحدٍ في التنزيلِ، وهو قولُه تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} (المنافقون: آية 10)، فرُسِمَ في جُلِّ المصاحفِ مقطوعاً وفي أقلِّها موصولاً والقطْعُ أشهَرُ وعليه العمَلُ.
وأما القسمُ الثالثُ: وهو الموصولُ بالإجماعِ ففي غيرِ موضِعَي القطْعِ المتَّفَقِ عليهما وموضعِ الوصْلِ المختلَفِ فيه، والنونُ فيه مدغَمَةٌ لفظاً وخطًّا نحوُ قولِه تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (أوَّلُ مواضِعِه سورةُ البقرةِ آية/3)، وقولِه سبحانَه: {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} (النور: آية 33) وما إلى ذلك.
فـائـدةٌ:
إذا دَخلَتْ (مِن) الجارَّةُ على الاسمِ الظاهرِ فاتَّفقَت المصاحفُ على قطْعِها عنه وتُدغمُ النونُ فيه لفظاً لا خطًّا وذلك نحوُ قولِه تعالى: {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (المؤمنون: آية 55)، {مِنْ مَالِ اللهِ} (النور: آية 33)، وقولِه سبحانَه: {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} (السجدة: آية 8).
وإذا دَخلَتْ على مَن الموصولةِ، فاتَّفقَت المصاحفُ على وصْلِها بها، وتُدغمُ النونُ في الميمِ لفظاً وخطًّا نحوُ قولِه تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ} (البقرة: آية 140)، وقولِه سبحانَه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ} (فصلت: آية 140)، وقولِه تعالى: {وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} (هود: آية 48) وما إلى ذلك، وكذلك إذا دَخلَتْ "مَن الموصولةُ على "ما" الاستفهاميَّة محذوفةِ الألِفِ فاتَّفقَت المصاحفُ على وصلِها بها وتُدغمُ فيها النونُ لفظاً وخطًّا وذلك في موضعٍ واحدٍ في التنزيلِ وهو قولُه تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} (الطارق: آية 5)، وقد أشار إلى ما ذكرْناه في هذه الفائدةِ إمامُنا الشاطبيُّ رضيَ اللهُ عنه في كتابِه "العَقيلةُ" بقولِه:

ولا خُلْفَ في قطْعِ مِن مع ظاهرِ ذَكَروا = ممَّن جميعاً فصل ومِمَّ مُؤْتَمِرا).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:( رابعاً: (من) مع (ما) أعني: من وما (مما) تقطع في موضعين {فمن ما ملكت أيمانكم} بسورة النساء، تقول: {فمن}، وفي سورة الروم {هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء} تقول: {هل لكم من}.
وأما التي في سورة المنافقون: {وأنفقوا من ما رزقناكم} ففي بعض المصاحف مقطوعة وفي بعضها موصولة، والوجهان صحيحان. تقول: {وأنفقوا من}، أو {وأنفقوا مما}.
وأما قوله: {من مال الله الذي آتاكم} و{من ماء مهين} فهو مقطوع باتفاق تقول: {وآتوهم من} وتقول: {ألم نخلقكم من}.
وما سوى ذلك فهو موصول تقول: مما، فإذا دخل لفظ: (مِن) على (مَن) كقوله: {ممن افتري} فهو موصول كله في القرآن بلاخلاف تقول: {ممن}.
وأيضاً إذا دخلت (من) على (ما) الاستفهامية كقوله: {فلينظر الإنسان مم خلق} فهو موصول.كلمة في القرآن باتفاق).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]



الوقف على {إما}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {فإما تثقفتهم في الحرب فشرد بهم} [الأنفال: 57]،
{وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم} [الأنفال: 58] {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} [الزخرف: 41] قال خلف: سمعت الكسائي يقول في موضع: «فإن تثقفتهم، وإن تخافن من قوم خيانة، فإن نذهبن بك» قال: فإن شئت قطعت، وإن شئت وصلت. ووصله أحب إلى الكسائي. ولم يقطع منها في المصحف إلا حرف في آخر سورة الرعد: {وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك} [40] وقال أبو جعفر محمد بن سعدان: ولا يصلح الوقف على إن دون ما لأن ما صلة لـ«إن» فهما كالحرف الواحد. وقول ابن سعدان هو الذي أذهب إليه لأن إما حرف واحد بمنزلة «ربما وكلما»).[إيضاح الوقف والابتداء:[1/329-330]
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): (قَطْعُ "إنْ مَا" وَوَصْلُهَا
واقْطَعْ "إن ما" في قولِهِ – تعالَى -: { وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ } [الرعد: 40] بـ "الرَّعدُ".
وما عداهُ نحوُ: { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ }[يونس: 46] بـ "يونس"، و "غافر" [غافر: 77]، و { وَإِمَّا تَخَافَنَّ }[الأنفال: 58] بِـ "الأنفال"، و { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا }[مريم: 26] بـ "مريم" موصولٌ).[الدقائق المحكمة:1/35]

قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): ((إنَّ ما بالرعدِ والمفتوحَ صلْ وعن ما) أي: وكذا اتَّفَقُوا أيضًا على قَطْعِ (إن) الشرطيَّةِ عن (ما) المُؤَكِّدَةِ في قولِه تعالى: { وإنْ مَا نُرِيَنَّكَ بعضَ الذي نَعِدُهُمْ} بالرعدِ).[المنح الفكرية:1/66]قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ الثانيةُ: "إن" مكسورةُ الهمزةِ ساكنةُ النونِ، وهي الشرطيَّةُ مع ما المؤكِّدةِ، جاءت في التنزيلِ على قسمين، القسمُ الأوَّلُ: مقطوعٌ بالاتِّفاقِ وذلك في مَوضعٍ واحدٍ فقط، وهو قولُه تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ}بسورةِ الرعدِ (آية: 40) اتَّفقَت المصاحفُ على قطْعِ (إن) عن (ما) في هذا الموضعِ ويُوقَفُ على "إن" اختباراً بالموحَّدةِ أو اضطراراً، وتُدغمُ النونُ في الميمِ لفظاً لا خطًّا.
القسمُ الثاني: وهو موصولٌ باتِّفاقِ المصاحفِ.
وتُدغمُ فيه النونُ خطًّا ولفظاً وهو ما سِوى موضِعِ القطْعِ نحوُ قولِه تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} بسورةِ سيِّدِنا يونسَ عليه الصلاةُ والسلامُ (آية/46)، وقولِه سبحانَه: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ}بسورةِ غافرٍ (آية/77)، وقولُه سبحانَه: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} بالأنفالِ (آية/57)، وما إلى ذلك).[الفوائد التجويدية:؟؟]

قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(ثانياً: (إن) الشرطية مع (ما) تقطع في موضع واحد في القرآن الكريم {وإن ما نرينك} بسورة الرعد تقول: {وإن} وماسواها فهو موصول باتفاق. تقول: وإما.
وأما نحو {أما أشتملت}، {أما ماذا كنتم} فهو موصول كله باتفاق، تقول: {أما}).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]


الوقف على " أما"
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): (وَصْلُ "أمْ مَّا"وأمَّا "المفتوحُ" الهمزةِ "صِل" ميمٌ "أَمْ" منهَا بـ "مَا" الاسميَّةِ. نحوُ {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ}[الأنعام: 143] بـ "الأنعام". و { أَمَّا يُشْرِكُونَ }[النمل: 59] و{أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل: 84] كلاهما في "النَّمل").[الدقائق المحكمة:1/36]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (واتَّفَقُوا على وصلِ ميمِ (أم) (بما) الاسميَّةِ حيثُ جاءتْ، نحوُ { أمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ} بالأنعامِ، و { أمَّا يُشْرِكُونَ} و { أمَّاذا كنُتْمُ } كلاَهما بالنملِ، لكنْ عبارةُ الناظمِ قاصرةٌ عن ذلكَ؛ لعدمِ تَقَدُّمِ (أم) هنالكَ، وأمَّا قولُ ابنِ المصنِّفِ في هذه الأمثلِة: إنَّهُم اتَّّّّّفَقُوا على (وصلِ) (أنْ) المفتوحةِ بما الاسميَّةِ فَوَهْمٌ، لذِكْرِهِمْ هذِه الأمثلةَ في مُقَابَلَةِ (إن) المكسورةِ معَ (ما) , والتحقيقُ ما قَدَّمْنَا، نعم احْتُرِزَ بقيدِ (الرعدِ) المفيدِ للحصرِ عن غيرِها ما جاءَ في سائرِ السورِ مِن قولِه تعالى: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى } في البقرةِ، { وإمَّا تَخَافَنَّ} بالأنفالِ، {فإمَّا تَريِنَّ} بمريمَ، و { إمَّا نُرِيَنَّكَ } بـ يونُسَ وغافِرٍ، فقولُه
(والمفتوحَ صِلْ) أرادَ به (أمَّا) المفتوحَ الهمزةِ ولو كانَ أصلُه (أم ما) لا (أنَّ ما)، وإنَّما ذكَرَه بعدُ اسْتِطْرَادًا، أو لمِا بينَهما مِن نسبةِ اللفظِ اشتباهًا، ذكرَ المصريُّ أنَّهُ قالَ في المُقْنِعِ: وقولُه: { أمَّا اشْتَمَلَتْ } هي في المصحفِ حرفٌ واحدٌ، ومَعْناها (أمْ الذي).
قلتُ: وأطلقَ الناظمُ الحكمَ فيه ولم يُقَيِّدْهُ بموضعٍ، وهو الصوابُ، لاتِّفَاقِ المصاحفِ عليه، وأَفْهَمَ كَلاَمُ المُقْنِعِ تَقْيِيدَه بـ (ما اشْتَمَلَتْ) وليسَ كذلكَ. أقولُ: التَّخْطِئَةُ خطأٌ فاحشٌ على إمامِ الكُلِّ في هذا الفنِّ، وإنَّما نشأَ هذا مِن قُصُورِ فهمِ القائلِ؛ لأنَّ قولَه: (أمَّا اشْتَمَلَتْ) أولُ ما وقعَ في القرآنِ وقد بيَّنَه بتعليلِه الشاملِ له ولغيرِه حيثُ قالَ: مَعْناه (أمْ شيءٍ) فكُلُّ الصيدِ في جوفِ الفرا، فافهمْ بلا امتراءٍ).[المنح الفكرية:1/66]

قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ الثالثةُ: "أما" بفتحِ الهمزةِ مشدَّدةُ الميمِ، والمرادُ بها المركَّبَةُ من (أم) و (ما) الاسْمِيَّةُ، وهي في القرآنِ قسمٌ واحدٌ، موصولٌ باتِّفاقٍ، فقد اتَّفقَت المصاحفُ على وصْلِ أمْ بما ووقَعتْ في أربعةِ مواضعَ في التنزيلِ، وهي قولُه تعالى: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ} في موضِعَي الأنعامِ (الآيتان/ 144،143) وقولُه تعالى: {أَمَّا يُشْرِكُونَ} (آية/59) {أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (آية/84) الموضعان في سورةِ النَّملِ، وليس منها: أَمَّا حرْفُ الشرطِ والتفصيلِ نحوُ قولِه تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ}بالضُّحَى (الآيتان/ 9-10)، وقولِه تعالى {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُه فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} بالقارعةِ (الآيتان/ 7،6)، وهو كثيرٌ في القرآنِ الكريمِ، كما أنه موصولٌ بالاتِّفاقِ في جميعِ المصاحفِ).[الفوائد التجويدية:؟؟]

الوقف على " حيث ما "
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): (قطعُ "حيث ما"
واقطعُوا "حيثُ ما" من قولِهِ تعالى: { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ }[البقرة: 144، 150] أي نحوُهُ. في موضعي البقرةِ).[الدقائق المحكمة:1/36]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (ثمَّ قولُه: (حيثُ ما) مَعْطُوفُ المَحَلِّ على مفعولِ (اقطعُوا)َ، والمعنى أنَّهُم اتَّفَقُوا على قطعِ (حيثُ) عن (ما) في مَوْضِعَي البقرةِ، ولمْ يأتْ غيرُهُمَا، وَهُمَا قولُه تعالى: {وحيثُ ما كُنْتُم فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطْرَهُ} وقولُه: {وحيثُ مَا كُنْتُم فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لئلاَّ} وقد دلَّ إطلاقُ الناظمِ على إرادةِ شمولِها وِفَاقًا للشاطبيِّ في الرائيَّةِ، وقد نصَّ (المُقْنِعُ) على موضعي البقرةِ).[المنح الفكرية:1/67]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ السابعةُ: "حيث" مع "ما" جاءت في القرآنِ الكريمِ قسماً واحداً اتَّفقَت المصاحفُ فيه على قطْعِ (حيث) عن (ما) وذلك في موضعين لا ثالثَ لهما في التنزيلِ.
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة:آية 144)، والتي بعدَها {وِإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} وقولُه سبحانَه: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ} (البقرة: آية 150). ).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(سادساً: (حيث) مع (ما) مثل قوله: {وحيث ما كنتم} تقطع في موضعين بسورة البقرة: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتب}، {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا} تقول: {وحيث} ولا ثالث لهما في القرآن الكريم).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]

الوقف على " كلما "
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): ((86) واقطعُوا لامَ { وَءَاتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ }[إبراهيم: 34] بـ "إبراهيم". "واخْتُلِفْ" في قطعِ: {كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} [النساء: 91] بـ "النساءِ"، { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ } [الأعراف: 38] بـ "الأعراف"، و { كُلَّمَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا }[المؤمنون:44] بـ "المؤمنينَ"، و {كُلَّمَا أُلْقِيَ فيهَا فَوْجٌ}[الملك: 8] بـ "الملك".
وما عدَا ذلكَ نحوُ: { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ }[البقرة: 87]، و{ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ }[النساء: 56]، و { كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ }[المائدة: 64] مَوْصُولٌ.
وقد نبَّهَ الزَّجَّاجُ على أنَّ "كُلَّمَا" إن كانت ظَرْفًا كُتِبتْ مَوْصولةً. أو شَرْطًا فمقطوعةً. فهي إنْ لم تَحْتَمِلِ الظرفيَّةَ كقولِهِ: { وَءَاتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } [إبراهيم: 34] فمقطوعةٌ، وإن احْتَمَلَتْهَا وعَدَمَهَا؛ كالمواضعِ المذكورةِ آنفًا؛ ففيها خِلافٌ. وإن تعيَّنَت الظَّرفيَّةُ فموصولةٌ).[الدقائق المحكمة:1/36]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): ((وكُلِّ ما سَأَلْتُمُوه واخْتَلَفْ) بكسرِ (كُلٍّ) على الحكايةِ، وإلا فهو منصوبٌ على المفعوليَّةِ أي: اقطعُوا لفظَ (كُلٍّ) عن (ما) في (سَأَلْتُمُوهُ) في سورةِ إبراهيمَ، واخْتَلَفَ أربابُ الرسومِ في غيرِه فوقعَ الاختلافُ في (كُلِّ ما) (رُدُّوا كذا قلْ بِئْسَما والوصلُ صِفْ) فـ {كُلُّ مارُدُّوا إلى الفتنةِ} بالنساءِ مُخْتَلَفٌ في فصلِه وقطعِه، وكذا وقعَ الاختلافُ في {كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ} في الأعرافِ و {كُلَّماجاءَ أُمَّةً} بالمؤمنينِ و {كُلَّما أُلْقِيَ} بالْمُلْكِ، كما نصَّ أبو عمرٍو الدانيُّ في (المُقْنِعِ) على الخلافِ في هذه الثلاثةِ، ففي هذا قصورٌ من الناظمِ للكَلاَمِ عن مقامِ المرامِ، حتَّى قالَ ابنُ المصنِّفِ: وعبارةُ الناظمِ لا تُفْهِمُ الخلافَ في هذه الثلاثةِ، وأمَّا قولُ الروميِّ: وَلَعَلَّهُ سَكَتَ عنها اكتفاءً بذكرِ واحدٍ منْها ولاشتهارِ ماعدَاه عندَهم، فعذرٌ باردٌ، وعن خطورِ الفهمِ شاردٌ، فَنَظَمْتُ فَقُلْتُ:

وجاءَ أُمَّةٌ وَأُلْقِيَ دَخَلَتْ = فِي وَصْلِهَا وَقَطْعِهَا فَاخْتُلِفَتْ
فَمَا عَدَا الخمسةَ اتَّفَقُوا على وصلِه، نحوُ: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رسولٌ} { كُلَّمَا نَضِجَتْ} {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نارًا لِلحَرْبِ} هذا ومِن المَعْلومِ أنَّ خَطَّيْنِ لايُقَاسَانِ؛ خطَّ العروضِ، وخطَّ المصحفِ، وإنَّما يُتْبَعُ الرسمُ تَعَبُّدًا وَتَبَرُّكًا واقْتِدَاءً بالصحابةِ الكرامِ كتابةً وقراءةً، وقد نَبَّهَ الزَّجَّاجِيُّ على أنَّ (كُلَّمَا) إنْ كانتْ ظرفًا كُتِبَتْ مَوْصُولَةً أوْ شَرْطًا فَمَقْطُوعَةً فهي إنْ لم تَحْتَمِل الظرفيَّةَ كقولِه تعالى: {وَآتَاكُمْ مِن كُلِّ مَاسَأَلْتُمُوهُ} فمقطوعةٌ أي: قطعًا وإنْ احْتَمَلتْها وَعَدَمَها كالمواضعِ المذكورةِ آنفًا ففيها خلافٌ، وإن تَعَيَّنَتْ للظرفيَّةِ فموصولةٌ. قلتُ: فكأنَّهُ أَخَذَ هذه القاعدةَ المَذْكُورةَ مِن ضمنِ رسومِ (كُلَّمَا) المسطورةِ، وأمَّا ما عدَاها نحوُ {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} فموصولٌ). [المنح الفكرية:1/68]

قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (لكلمةُ الحاديةَ عشرةَ: موضِعُ الأنبياءِ عليهم الصلاةُ والسلامُ، وتَعرَّضَ لها في النشرِ 2/148 كما تَعرَّضَ لها غيرُه ولذا ذَكرناها.
" كل " مع "ما" وهي في القرآنِ الكريمِ على ثلاثةِ أقسامٍ:
القسمُ الأوَّلُ: مقطوعٌ بالاتِّفاقِ وجاءَ في موضعٍ واحدٍ في التنزيلِ في سورةِ سيِّدِنا إبراهيمَ عليه السلامُ في قولِه تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} (آية/34)، فقد أجمَعَت المصاحفُ في هذا الموضِعِ على قطْعِ "كل" عن "ما".
القسمُ الثاني: مختلَفٌ فيه بين القطْعِ والوصْلِ، فقد رُسمَ في بعضِ المصاحفِ مقطوعاً وفي بعضِها موصولاً، وذلك في أربعةِ مواضعَ في التنزيلِ.
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} (النساء: آية 91)
الثاني: قولُه تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} (الأعراف: آية 38).
الثالثُ: قولُه تعالى: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا} (المؤمنون: آية 44).
الرابعُ: قولُه عزَّ مِن قائلٍ: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} (الملك: آية 8).
هذا ولم يَتعرَّضْ الحافظُ ابن الجَزْرِيِّ في مقدِّمتِه إلى هذه المواضعِ المختلِفِ فيها إلا لموضِعِ النساءِ فقط وتَعرَّضَ لها في النشْرِ 2/149 كما تَعرَّضَ لها شارِحو الجزْرِيَّةِ وغيرُهم، وقد نظَمَها العلاَّمَةُ مُلاَّ عَلِيٌّ القاري فقالَ:

وجـاءَ أمَّـةً وأ ألْقِــي دَخَلَــتْ = في وصلِها وقَطْعِهـا اخْتَلَفَــتْ

القسمُ الثالثُ: موصولٌ بالإجماعِ، أيْ: وَصْلُ "كل" بـ"ما" وذلك في غيرِ موضعِ القطْعِ المتَّفَقِ عليه، وفي غيرِ المواضعِ الأربعةِ المختلَفِ فيها بين القطْعِ والوصْلِ، نحوُ قولِه تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} (البقرة آية 20)، وقولِه سبحانَه: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً} (البقرة: آية 26)، وقولِه تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ} (المائدة: آية 64)، وما إلى ذلك.

تنبيهاتٌ:
الأوَّلُ: بالنسبةِ للخلافِ الذي في المواضعِ الأربعةِ في كلمةِ "كلما" قد اختُلِفَ في الأشهَرِ فيها هل الوصلُ أو القطْعُ؟ أو هما مستويان؟ أقوالٌ:
منها: أنَّ الوصْلَ هو المشهورُ فيها ذَكرَ ذلك الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في النشْرِ 2/149.
ومنها: أن الوصْلَ والقطْعَ يَستويان، جاءَ ذلك في العَقيلة بشرْحِ ابنِ القاصحِ ص 92، واتحافِ فُضَلا العشْرِ للشهابِ البنَّا آخِرَ سورةِ النساءِ ص 197، وكتابِ نهايةِ القَوْلِ المفيدِ ص 195، والعِقْدِ الفريدِ الكبيرِ ص 97، وملخَّصِ العِقدِ الفريدِ ص 27، وبعضِ شرَّاحِ الجزريَّةِ، كشرْحِ الشيخِ زكريَّا الأنصاريِّ ص 68، وشرحِ ابنِ يالوشه ص55.
ومنها: أنَّ المعمولَ به هو القطْعُ في موضِعِ النساءِ والمؤمنون، وأنَّ الوصلَ هو المعمولُ به في موضِعِ الأعرافِ والمُلكِ ذَكرَ ذلك العلاَّمةُ المارغنيُّ في كتابِه "النجومُ الطوالعُ" ص 170، و "دليلُ الحيرانِ شرْحُ مورِدِ الظمآنِ" ص 226، وذَكرَ ذلك أيضاً الضبَّاعُ في "سميرُ الطالبين" ص 93، والذي أَمِيلُ إليه من هذه الأقوالِ ما قالَه العلاَّمةُ المارغنيُّ والضبَّاعُ وعليه رُسمَ المصحفُ المصريُّ المعروفُ بمصحفِ الأزهرِ وغيرِه).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:( عاشراً: (كل) بالكاف عن (ما) يقطع في موضع واحد {وآتاكم من كل ما سألتموه} بسورة إبراهيم تقول: {وآتاكم من كل}.
وجرى الخلاف في أربع مواضع وهي:
{كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا} بسورة النساء.
ثانياً: {كلما دخلت أمة لعنت أختها} بالأعراف.
ثالثاً: {كلما جاء أمة رسولها} بسورة المؤمنون.
رابعاً: {كلما ألقي فيها فوج سألهم} بسورة الملك.
كتبت هذه المواضع في بعض المصاحف مقطوعة، وفي بعضها موصولة، والوصل أولى وأرجح تقول: {كلما}.
وإلى ذلك أشار العلاَّمة الشاطبي في (العقيلة) فقال:

وقل وآتاكم من كل ما قطعوا = والخلف في كلما ردوا فشى خبرا
وكلما ألقي اسمع كلما دخلت = وكلما جاء عن خلف يلي وقرى).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]



الوقف على " بئسما "
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): (كذا اخْتُلِفَ في قطعِ "بئسَ مَا" مِن قولهِ: { قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ }[البقرة: 93] بـ "البقرة".
"والوصْلَ صِفْ" في { بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي } بـ "الأعرافِ"، و { بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ } [البقرة: 90] بـ "البقرة".
وما عدَاها مقطوعٌ. وذلكَ في قولِهِ: { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ } [البقرة: 102] بـ "البقرةِ"، وفي قولِهِ: { لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [المائدة: 62]، { لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }[المائدة: 63] بـ "المائدة"). [الدقائق المحكمة:1/37]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (ثمَّ قالَ (كَذَا قُلْ بِئْسَمَا) أي: {بِئْسَ مَا يَأْمُرُكُمْ بِه إِيمَانُكُمْ} بالبقرةِ مُخْتَلَفٌ أيضًا في وصلِه وقطعِه، ثمَّ جَزَمَ بقولِه: (والوصلَ صِفْ) (خَلَفْتُمُونِي واشْتَرَوْا في ما اقْطَعَا) أي: صِفِ الوصلَ في {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي} بالأعرافِ و {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِه أَنْفُسَهُمْ} بالبقرةِ اتِّفَاقًا، ومفهومُ كَلاَمِه أنَّ ماعدا هذه الثلاثةَ مقطوعٌ بلا خلافٍ، وهو حيثُما وقعَ (بِئْسَمَا) مَقْرُونًا باللامِ، وهي خمسةٌ: {وَلَبِئْسَ مااشْتَرَوْا به أَنْفُسَهُمْ} البقرةُ {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} بالمائدةِ، أو مَقْرُونًا بالفاءِ وهو موضعانِ {فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ} في موضعي آلِ عمرانَ، بالمجموعِ سبعةٌ، لاسِتَّةٌ كما تَوَهَّمَ المصريُّ).[المنح الفكرية:1/68]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ الثانيةَ عشرَةَ: "بئسَ" مع "ما" وَردَتْ هذه الكلمةُ في تِسعةِ مواضعَ، وهي في القرآنِ الكريمِ على ثلاثةِ أقسامٍ، وإليك تفصيلُها:
القسمُ الأوَّلُ: مختلَفٌ فيه بينَ القطْعِ والوصْلِ وهو موضِعٌ واحِدٌ في التنزيلِ في قولِه تعالى: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} (البقرة: آية 92)، في الموضعِ الثاني منها فرُسمَ في بعضِ المصاحفِ مقطوعاً وفي بعضِها موصولاً والأشهرُ الوصْلُ وعليه العملُ.
القسمُ الثاني: موصولٌ باتِّفاقٍ، أي وصْلُ "بئس" بـ"ما" وذلك في موضعين اثنين.
أوَّلُهما: قولُه تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} وهو الموضعُ الأوَّلُ من سورةِ البقرةِ (آية: 90).
وثانيهما: قولُه تعالى: {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي} (الأعراف: آية 150).
القسمُ الثالثُ: مقطوعٌ باتِّفاقٍ، أي اتَّفقَت المصاحفُ على قطْعِ (بئسَ) عن "ما" وذلك ستَّةُ مواضعَ، وهي الباقيةُ من هذه الكلمةِ.
الموضعُ الأوَّلُ: قولُه تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} وهو الموضعُ الثالثُ في سورةِ البقرةِ (آية: 90).
الموضعُ الثاني: قولُه تعالى: {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (آل عمران: آية 102)، والمواضعُ الأربعةُ الباقيةُ كلُّها بسورةِ المائدةِ وهي {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (آية: 187)، {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (آية: 62) {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (آية: 63)، {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (آية:79)).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(الحادي عشر: (بئس) مع (ما)، تقطع (بئس) عن (ما) في ست مواضع خمسة مسبوقة باللام وواحد مسبوق بالفاء وهي:
أولاً: {ولبئس ما شروا به أنفسهم} في البقرة، تقول: {ولبئس}.
الثاني: {لبئس ما كانوا يعملون} بسورة المائدة، تقول: {لبئس}.
ثالثا: {لبئس ما كانوا يصنعون} بالمائدة أيضاً، تقول: {لبئس}.
رابعاً: {لبئس ما كانوا يفعلون} بالمائدة أيضاً، تقول: {لبئس}.
خامساً: {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} بالمائدة، تقول: {لبئس}.
سادساً: {فبئس ما يشترون} في آل عمران، تقول: {فبئس}.
وتوصل بلا خلاف في موضعين في القرآن الكريم وهما:
أولاً: {بئسما اشتروا به أنفسهم} بالبقرة، تقول: {بئسما}.
الثاني: {بئسما خلفتموني من بعدي} بسورة الأعراف، تقول: {بئسما}.
ووقع الخلاف في قوله: {قل بئسما يأمركم به} بسورة البقرة والوصل أقوى وأشهر).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]


الوقف على " أين ما "
قال زكريّا بن محمد بن أحمد السُّنيكي الأنصاري (ت:926هـ): (قَطْعُ "أَينَ مَا" وَوَصْلُهَا

فَأَيْنَمَا كَالنَّحْلِ صِلْ وَمُخْتَلَفْ = في الشُّعَرا الأَحْزَابِ وَالنِّسَا وَصَفْ

(89) فـ "أينَمَا كالنَّحلِ صِلْ" أي: وَصْلُ قولِهِ تعالَى -: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ }[البقرة: 115]، كـ "النَّحلِ" أي كَمَا تَصِلُ قولَهُ: { أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ }[النحل: 76] بـ "النَّحلِ".
"ومُختلِفْ" أي: والاختلافُ في: { أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ }[الشعراء: 92] في "الشُّعَرَاءِ"، و { أَيْنَمَا ثُقِفُوا } [الأحزاب: 61] في "الأحزابِ"، و { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ }[النساء: 78] في "النساء" وُصِفْ أي: ذكرَهُ أهلُ الرَّسمِ.
وما عدَا الثَّلاثةَ؛ نحوُ { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا }[البقرة: 148]، و { أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ }[الأعراف: 37] بـ "الأعرافِ"، و { أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ }[غافر: 73] بـ "غافر"، و { أَيْنَ مَا كَانُوا }[المجادلة: 7] بـ "قدْ سَمِعَ" مقطوعٌ).[الدقائق المحكمة:1/38]
(فَأَيْنَمَا كالنحلِ صلْ ومُخْتَلِفٌ = في الشعراءِ الأحزابِ والنساءِ وُصِفَ
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (بصيغةِ المجهولِ، أي: وُصِفَ الاختلافُ في السورِ الثلاثِ، قالَ اليمنيُّ: وفي بعضِ النسخِ (اتَّصَفَ) المعنى واحدٌ، أقولُ وفيه أنَّ المَبْنَى مُخْتَلَفٌ؛ لأنَّ الفعلَ اللازمَ لا يُبْنَى مجهولًا، ثمَّ قولُه: (مُخْتَلِفٌ) اسمُ فاعلٍ، والتقديرُ مُخْتَلِفٌ رَسْمُه، أو الرسمُ مُخْتَلِفٌ، وقولُه: (وُصِفَ) الجملةُ استئنافيَّةٌ، أَغْرَبَ بُحْرَقٌ حيثُ قالَ: و (مُخْتَلِفٌ) حالٌ أي: وُصِفَ لنا مُخْتَلِفًا، وقَصَرَ الشعراءَ والنساءَ ضرورةً، وفي نسخةٍ بَدَلَ الشعراءِ (الظُّلَّةِ) وهي أصلُ الشيخِ زكريَّا، لِمَا جاءَ في السورةِ: {عذابُ يومِ الظُّلَّةِ} أي اتَّفَقَتْ المصاحفُ على وصلِ قولِه تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فثَمَّ وجهُ اللهِ} بالبقرةِ، وكذلكَ: {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ} بالنحلِ فالفاءُ في الآيةِ الأُولَى من نفسِها، وقولُه (كالنحلِ) بالعطفِ على المعنى، أو على أصلِ المبنى؛ لئلاَّ يَلْزَمَ التشبيهُ من جميعِ الوجوهِ كما لايَخْفَى، ثمَّ تُصْرَفُ الأُولَى للبقرةِ؛ لأنَّها في الإطلاقِ أولُ سورةٍ، وهي أولُ ما وقعَ فيها، وقالَ اليمنيُّ: وعُلِمَ كونُه في سورةِ البقرةِ مِن الفاءِ في (فَأَيْنَمَا) بالفاءِ؛ لأنَّ أَيْنَمَا بالفاءِ لم تَقَعْ غيرُها، والمعنى: صلْ بالبقرةِ كوصلِكَ بالنحلِ، وأمَّا قولُه: {أَيْنَمَا كُنْتُم تَعْبُدُونَ} في الشعراءِ وقولُه: {أَيْنَمَا ثُقِفُوا} بالأحزابِ و {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ} في النساءِ، فأكثرُ المصاحفِ على قطعِ (أين) عن (ما) كذا ذكرَه الشرَّاحُ، والمفهومُ مِن الرائيَّةِ أنَّ وصلَ النساءِ قليلٌ، ويستوي الأمرانِ في الأحزابِ والشعراءِ، وأمَّا ما بَقِيَ فَمُتَّفَقٌ على قطعِه، نحوُ قولِه: {فاسْتَبِقُوا الخيراتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا} وقولِه {أَيْنَمَا كُنْتُم تَدْعُونَ}، وفي بعضِ نسخِ ابنِ المصنِّفِ: {أَيْنَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ}، وهو وهمٌ أوسهوُ قلمٍ و {أَيْنَمَا كُنْتُم تُشْرِكُونَ} و {أَيَنْمَا كَانُوا} فوجهُ القطعِ الأصلُ، ووجهُ الوصلِ شبهةُ التركيبِ للجزمِ، وهو معنى قولِ ابنِ قتيبةَ: لأنَّها أَحْدَثَتْ باتِّصَالِها مَعْنىً لم يكنْ معَ مناسبةِ النونِ الميمَ بخلافِ حيثُ، كَمَا قالَ الجُعْبُرِيُّ).[المنح الفكرية:1/70]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (الكلمةُ الرابعةَ عشرةَ: "أين" مع "ما" وهي في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ على ثلاثةِ أقسامٍ:
القسمُ الأوَّلُ: موصولٌ باتِّفاقٍ أي وصْلُ النونِ من "أين" بالميمِ مِن "ما" في موضعين اثنين هما قولُه تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} (البقرة: آية 115)، وقولُه سبحانَه: {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ}(النحل: آية 76).
القسمُ الثاني: مُختلَفٌ فيه بين القطْعِ والوصْلِ فرُسمَ في بعضِ المصاحفِ مقطوعاً وفي بعضِها موصولاً وذلك في ثلاثةِ مواضعَ:
الأوَّلُ: قولُه تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} (النساء: آية 78).
الثاني: قولُه تعالى: {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} (الشعراء: آية 92، 93).
الثالثُ: قولُه سبحانَه: {أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا} (الأحزاب: آية 61).
القسمُ الثالثُ: مقطوعٌ باتِّفاقٍ أي اتَّفقَت المصاحفُ على قطْعِ "أين" عن "ما" وذلك فيما سوى الموضعين المتَّفَقِ على الوصْلِ فيهما، والمواضعِ الثلاثةِ المختلَفِ فيها بينَ القطْعِ والوصْلِ وذلك نحوُ قولِه تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً} (البقرة: آية 148)، وقولِه تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد: آية 4)، وقولِه تعالى: {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (المجادلة: آية 7)، وما إلى ذلك، هذا، وقد اختلِفَ في الأشهَرِ في المواضعِ الثلاثةِ المختلَفِ فيها هل القطْعُ أو الوصْلُ؟ أقوالٌ:
أُولاَها: أن الوصْلَ والقطْعَ يَستويان في موضعِ الشعراءِ والأحزابِ، وأنَّ القطْعَ هو الأشهَرُ في موضِعِ النساءِ وهذا هو المفهومُ من قولِ الإمامِ الشاطبيِّ في العَقيلةِ:

والخُلْفُ في سورةِ الأحزابِ والشعرا = وفي النساءِ يَقِلُّ الوصلُ مُعتَمِرا).[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(الثالث عشر: (أين) مع (ما) موصولة بلا خلاف في موضعين في القرآن الكريم، وهما: {فأينما تولوا فثم وجه الله} في سورة البقرة، تقول: {فأينما}.
الثاني: {أينما يوجهه لا يأت بخير} بسورة النحل تقول: {أينما}.
وقد جرى الخلاف في ثلاث مواضع وهي: {أينما تكونوا يدرككم} بسورة النساء، {أينما كنتم تعبدون من دون الله} بسورة الشعراء، {ملعونين أينما ثقفوا} بالأحزاب، وفي هذه المواضع الثلاثة الوجهان تقول {أين} أو {أينما}).[شرح المقدمة الجزرية (مفرغ)]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة