قوله تعالى: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) }
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((على بصيرة أنا ومن اتبعني) [108] هذا هو الوقف و(أنا) توكيد لما في (أدعو على بصيرة) صلة (أدعو) والمعنى «أدعو على بصيرة لا على غير بصيرة»، ويجوز أن يكون الوقف على (أدعو إلى الله) ثم تبتدئ: (على بصيرة أنا ومن اتبعني) فترفع (أنا) بـ(على). (وما أنا من المشركين) حسن.
(من أهل القرى) حسن. (عاقبة الذين من قبلهم) حسن. وكذلك: (ننجي من نشاء) [110]. )[إيضاح الوقف والابتداء: 2/728-729]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({أدعو إلى الله} كاف. ويكون {أنا ومن اتبعني} في موضع رفع بالابتداء والخبر {على بصيرة}. وبعضهم يقف {أنا ومن اتبعني}. ولا يقف على {إلى الله}، ويجعل (أنا) توكيدًا لما في (أدعوا)، و{على بصيرة} صلة (أدعو). والمعنى: أدعو على بصيرة لا على غير بصيرة.
{وما أنا من المشركين} كاف. {من أهل القرى} كاف. وقيل: تام. ومثله {عاقبة الذين من قبلهم}. {أفلا تعقلون} أتم. ومثله {فنجي من نشاء}. ومثله {المجرمين} ). )[المكتفى: 331-332]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ([{أدعو إلى الله- 108- ج} لاختصاص الدعوة له، وانتفائه عن غيره، وإثبات الشركة بينه وبين من أتبعه في البصيرة]. {ومن اتبعني- 108- ط}. {من أهل القرى- 109- ط}. {من قبلهم- 109- ط}. {اتقوا- 109- ط}. {نصرنا- 110- ط}. لمن قرأ: {فننجي} مخففًا ولا وقف على {من نشاء}. ومن قرأ فنجي} مشددًا وصله بما قبله، ووقف على: «من نشاء». {الألباب- 111- ط}.)[علل الوقوف: 2/608-609]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (أدعو إلى الله (حسن) تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعمد الوقف على ذلك ثم يبتديء على بصيرة أنا ومن اتبعني إن اجعل أنا مبتدأ وعلى بصيرة خبرًا وليس بوقف إن جعل على بصيرة متعلقًا بأدعوا وأنا توكيدًا للضمير المستكن في أدعو ومن اتبعني معطوف على ذلك الضمير والمعنى أدعو أنا إليها ويدعوا إليها من اتبعني على بصيرة قال ابن مسعود من كان مستنًا فليستن بأصحاب نبيه الذين اختارهم الله لصحبته ويتمسك بأخلاقهم وليس بوقف أيضًا إن جعل على بصيرة حالاً من ضمير أدعو وأنا فاعلاً بالجار والمجرور النائب عن ذلك المحذوف.
أنا ومن اتبعني (حسن) اتفق علماء الرسم على إثبات الياء في اتبعني هنا خاصة كما هو كذلك في جميع المصاحف العثمانية.
أما أنا من المشركين (تام)
من أهل القرى (كاف) ومثله من قبلهم للابتداء بلام الابتداء وكذا وتقوا لمن قرأ تعقلون بالتاء الفوقية.
تعقلون (تام)
نصرنا (حسن) لمن قرأ فننجي مخففًا ولا يوقف على نشاء وليس بوقف لمن قرأ فنجي مشددًا ويوقف على نشاء.
وهو (كاف) الضمائر الثلاثة في وظنوا أنهم قد كذبوا للرسل ومعنى التشديد في كذبوا إن الرسل تيقنوا أن قومهم قد كذبوهم والتخفيف أن الرسل توهموا أن نفوسهم قد كذبوهم فيما أخبروهم به من النصر أو العقاب وأنكرت عائشة رضي الله عنها قراءة التخفيف بهذا التأويل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوعد بشيء أخلف فيه وعائشة قالت معاذ الله لم تكن الرسل لتظن أن لا نصر لهم في الدنيا ومعاذ الله أن تنسب إلى شيء من ذلك لتواتر هذا القراءة وأحسن ما وجهت به هذه القراءة أن الضمير في وظنوا عائد إلى المرسل إليهم لتقدمهم وأن الضمير في إنهم وكذبوا عائد على الرسل أي وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا أي كذبهم من أرسوا إليهم بالوحي وبنصرهم عليهم.
المجرمين (كاف) وقيل تام.
لأولي الألباب (حسن)
كل شيء ليس بوقف لأن ما بعده منصوب بالعطف على ما قبله وقرأ حمران بن أعين وعيسى الكوفي تصديق وتفصيل وهدى ورحمة برفع الأربعة أي ولكن هو تصديق والجمهور بنصب الأربعة.
آخر السورة (تام) قال ابن عطاء لا يسمع سورة يوسف محزون إلاَّ استروح.)[منار الهدى: 198]
- أقوال المفسرين