قوله تعالى: {المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((المر) [1] وقف حسن. (آيات الكتاب) وقف تام إذا رفعت (الذي أنزل إليك من ربك) بـ(الحق) و(الحق) به. فإن جعلت (الذي) في موضع خفض على معنى «تلك آيات الكتاب وآيات الذي أنزل إليك» لم يحسن الوقف على الكتاب وحسن على (من ربك) ثم تبتدئ (الحق ولكن) على معنى «هو الحق». (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) وقف تام.
(الله الذي رفع السماوات) [2] حسن ثم تبتدئ: (بغير عمد ترونها) أي: ترونها بلا عمد ويجوز أن يكون المعنى «الله الذي رفع السماوات بعمد لا ترون تلك العمد»
[إيضاح الوقف والابتداء: 2/730]
فيكون معنى الجحد النقل من «العمد» إلى «الرؤية» ويكون الوقف على (ترونها) وفي الهاء وجهان: يجوز أن يكون لـ «العمد» ويجوز أن يكون لـ «السماوات». (وكل يجري لأجل مسمى) حسن.
(جعل فيها زوجين اثنين) [2] حسن.
(وجنات من أعناب) [4] الجنات منسوقة على القطع. وروي عن الحسن: (وجنات) على معنى «رفع السماوات وجنات». قال أبو بكر: هذا قول بعضهم. والذي أختاره: (وسخر الشمس والقمر) و(جنات)
أي: وجعل فيها رواسي وجنات. (نسقي بماء واحد) حسن، ثم تبتدئ: (ونفضل) بالنون، وهي قراءة نافع وابن كثير ويحيى وعاصم وحميد وأبي عمرو. وكان الأعمش وحمزة والكسائي يقرؤون: (ويفضل) بالياء، فعلى هذه القراءة لا يتم الوقف على (يسقى بماء واحد) ويتم على (لآيات لقوم يعقلون).)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/730 - 732]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({المر} تام. وقيل: كاف. وقد ذكر. {تلك آيات الكتاب} تام إذا ارتفع (والذي أنزل) بالابتداء والخبر (الحق)، وهو الاختيار. {من ربك الحق} كاف. {لا يؤمنون} تام. وكذا رأس الآية بعده.
{الذي رفع السماوات} كاف، ثم تبتدئ {بغير عمد ترونها} أي: ترونها بلا عمد.
{لأجلٍ مسمى} كاف. ومثله {زوجين اثنين} ومثله {النهار}. ومثله {في الأكل}. {لقوم يتفكرون} تام. ومثله {لقوم يعقلون}.)[المكتفى: 333 - 334]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ([{آلمر- 1- ط} كوفي] وغيرهم، [ومن لم يقف على {آلمر} وقف على] {آيات الكتاب- 1- ط}.
[{بغير عمد- 2- م} لكون العمد نكرة، فيتوهم أن الجملة التي بعده صفتها، تقديره: بغير عمد مرئية، والمراد بغير عمد مرئية، وغير مرئية، فيوقف على {عمد} لنفي ذلك التوهم. {ترونها- 2- ط} أي كذلك]. {والقمر- 2- ط}. {مسمى- 2- ط}.
{أنهارًا- 3- ط}. [{زوجين اثنين- 3} لمن قرأ: {يغشي} بالتثقيل].
{أنهارًا- 3- ط}. {بما واحد- 4} وقف لمن قرأ: {ونفصل} بالنون. {في الأكل- 4- ط}.)[علل الوقوف: 2/611 - 613]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((المر) تقدم الكلام على مثلها قال أبو روق هذه الحروف التي في فواتح السور عزائم الله والوقف عليها تام لأنَّ المراد معنى هذه الحروف وقيل هي قسم كأنَّه قال والله إن تلك آيات الكتاب فعلى هذا التقدير لا يوقف عليها وقيل أراد بها التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة قاله النكزاوي.
آيات الكتاب (تام) إن جعل الذي مبتدأ والحق خبره وليس بوقف إن جعل والذي في محل جر بالعطف على الكتاب وحينئذ لا وقف على ما قبل الذي وكذا إن جر الذي بالقسم وجوابه ما قبله ولا وقف على ما قبل الذي وكذا إن جعل الذي صفة للكتاب قال أبو البقاء وأدخلت الواو في لفظه كما أدخلت في النازلين والطيبين يعني أن الواو تدخل على الوصف كما هو في بيت خرنق بنت هفان في قولها حين مدحت قومها:
لا يبعدن قومي الذين هم سم العدة وآفة الجزر
والنازلين بكل معترك = والطيبين معاقد الأزر
فعطفت الطيبين على النازلين وهما صفتان لقوم معينين.
الحق (كاف) على أنَّه خبر مبتدأ محذوف أي هو الحق وكذا إن جعل الذي مبتدأ والحق خبرًا وإن جعل المر مبتدأ وتلك آيات خبرًا والذي أنزل عطف عليه جاز الوقف على من ربك ثم يبتديء الحق أي هو الحق وكذا إن جعل الحق مبتدأ ومن ربك خبره أو على إنَّ من ربك الحق كلاهما خبر واحد وليس بوقف إن جر الحق على أنَّه نعت لربك وبه قرئ شاذًا وعليها لا يوقف على الحق لأنَّه لا يفصل بين النعت والمنعوت بالوقف فتلخص أنَّ في الحق خمسة أوجه أحدها خبر أول أو ثان أو هو وما قبله خبر أو خبر مبتدأ محذوف أو صفة للذي إذا جعلناه معطوفًا على آيات.
لا يؤمنون (تام)
ترونها (حسن) على أنَّ بغير عمد متعلق برفع أي رفع السموات بغير عمد ترونها فالضمير من ترونها يعود على عمد كأنَّه قال للسموات عمد ولكن لا ترى وقال ابن عباس إنَّها بعمد ولكن لا ترونها قال وعمدها جبل ق المحيط بالدنيا وهو من زبرجد أخضر من زبرجد الجنة والسماء مقبية فوقه كالقبة وخضرتها من حضرته فيكون ترونها في موضع الصفة لعمدوالتقدير بغير عمد مرئية وحينئذ فالوقف على السموات كاف ثم يبتديء بغير عمد ترونها أي ترونها بلا عمد وقال الكواشي الضمير في ترونها يعود إلى السموات أي ترون السموات قائمة بغير عمد وهذا أبلغ في الدلالة على القدرة الباهرة وإذا الوقف على عمد ليبين أحد التأويلين من الآخر ثم يبتديء ترونها أي ترونها كذلك فترونها مستأنف فيتعين أنَّ لا عمد لها البتة لأنَّها سالبة تفيد نفي الموضوع وإن قلنا إنَّ ترونها صفة تعين أن لها عمدًا وحاصله أنهما شيآن أحدهما انتفاء العمد والرؤية معًا أي لا عمد فلا رؤية سالبة تصدق بنفي الموضوع لأنَّه قد ينفي الشيء لنفي أصله نحو لا يسألون الناس إلحافًا أي انتفى الإلحاف لانتفاء السؤال الثاني إن لها عمدًا ولكن غير مرئية كما قال ابن عباس ما يدريك إنها بعمد لا ترى.
على العرش (جائز) ومثله والقمر.
مسمى (حسن)
الآيات ليس بوقف لحرف الترجي وهو في التعلق كلام كي
توقنون (تام)
وأنهارًا (كاف) ومثله اثنين يغشي الليل النهار
يتفكرون (تام)
متجاورات (كاف) إن جعل وجنات مبتدأ وخبره محذوف تقديره وفيها جنات وليس بوقف إن عطفت جنات على قطع وكذا ليس بوقف إن جر جنات عطفًا على ما عمل فيه سخر أي وسخر لكم جنات من أعناب وبها قرأ الحسن البصري وعليها يكون الوقف على متجاورات كافيًا ويجوز أن يكون مجرورًا حملاً على كل أي ومن كل الثمرات ومن جنات
من أعناب (كاف) لمن رفع ما بعده بالابتداء
وغير صنوان (جائز) لمن قرأ تسقى بالتاء الفوقية ويفضل بالتحتية أو بالنون أو قرأ يسقى بالتحتية ونفضل بالنون فإن قرئا معا بالتحتية وهي قراءة حمزة والكسائي كان كافيًا وكذا بماء واحد لمن قرأ ونفضل بالنون وكذا في الأكل
يعقلون (تام))[منار الهدى: 199 - 200]
- أقوال المفسرين