قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) }
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((عدوا وحزنا) [8] وقف حسن.
(قرت عين لي ولك لا تقتلوه) [9] وقف حسن.
وقال الفراء: سمعت محمد بن مروان، الذي يقال له السدي، يذكر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال: لما قالت (قرت عين لي ولك لا) ثم قال: (تقتلوه). قال الفراء: وهو لحن وإنما حكم عليه باللحن لأنه لو كان كذلك لكان «يقتلونه» بالنون لأن الفعل المستقبل مرفوع حتى يدخل عليه الناصب أو الجازم. فالنون فيه علامة الرفع. قال الفراء: ويقويك على رده قراءة عبد الله (وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرت عين لي ولك).
[إيضاح الوقف والابتداء: 2/822]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({عدوًا وحزنًا} كاف، وقيل: تام. {لا تقتلوه} كاف.
وقال نافع والدينوري ومحمد بن عيسى والقتبي: التمام: {قرة عينٍ لي ولك} والتمام: {أو نتخذه ولدًا} لأنه انقضاء كلام امرأة فرعون. وما بعده ابتداء وخبر.
قال قتادة: {وهم لا يشعرون} أي: لا يشعرون أن هلاكهم على يديه وفي زمانه.
حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا ابن الأنباري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا ابن الجهم عن الفراء قال: سمعت محمد بن مروان الذي يقال له السدي، يذكر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال: إنها قالت: {قرة عين لي ولك لا} ثم قال: {تقتلوه}. وقال الفراء: وهو لحن.
يريد أنه لو كان كذلك لقال: (تقتلونه) بالنون. فلما جاء بغير نون علم أن العامل في الفعل (لا) إذ هي نهيٌ، فهو مجزوم بها، فلا يجوز أن يفصل منه.{من قبل} كاف. ومثله {أن وعد الله حق})[المكتفى: 434-436]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({أرضعيه- 7- ج} لأن {إذا} أجيبت بالفاء، فكانت في معنى الشرط، مع صحة العطف. {ولا تجزني- 7- ج} للابتداء بـ{إن}، مع أن التقدير: فإنا. {وحزنا- 8- ط}. {ولك- 9- ط}. {لا تقتلوه- 9- ق} قد قيل على جعل {عسى} منقطعًا. والوجه الوصل لأن
لمعنى {عسى} وهو الترجي [تعلقًا بقوله]: {لا تقتلوه}. {فارغًا- 10- ط}. {قصيه- 11- ز} لأن التقدير: فتبعته فبصرت. {لا يشعرون- 11- لا} لأن الواو للحال، أي: وقد رحمنا، وقوله: {فقالت} عطف على قوله: {فبصرت}، والحال معترض.)[علل الوقوف: 2/775-776]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (أن أرضعيه (حسن) للابتداء بالشرط
في اليم (جائز)
ولا تخافي ولا تحزني (كاف) للابتداء بإنَّا ومثله من المرسلين أفصح ما في الكتاب وأوحينا إلى أم موسى الآية لأنَّ فيها أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين
وحزنًا (كاف)
خاطئين (تام)
قرت عين لي ولك (كاف) وقال الزجاج تام قال الكواشي يحمل قول الزجاج إن لم يرد بقوله تام التام المعروف عند أهل هذا الفن بل أراد الصالح وكأنه يشير إلى استحباب الوقف على لك لئلا يتوهم أنَّ الوقف على لا جائز ومما يقوى هذا أنَّ الزجاج قلما تعرض إلى ذلك الوقف والله أعلم بكتابه اهـ وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال الوقف على لا لأنَّ امرأة فرعون قالت قرة عين لي ولك فقال لها فرعون أمَّا لك فنعم وأما لي فلا ليس هو لي قرة عين فكان كما قال قال الفراء وأبو حاتم وجماعة من أهل الكوفة إن هذا لحن ولا وجه لهذا الوقف في العربية لأنَّه لو كان كذلك لقال تقتلونه بنون الرفع إذ لا مقتضى لحذفها لأنَّ حذفها إنَّما كان للنهي فإذا بطل أن يكون نهيًا وجب ثبوت النون فلما جاء بغير نون علم أنَّ العامل في الفعل لا فلا يفصل منه وهذا القول أقدام من قائله على مثل ابن عباس وهو الإمام المقدم في الفصاحة والعربية وأشعار العرب وتأويل الكتاب والسنة قال السدي قال ابن عباس لو أنَّ فرعون قال هو قرة عين لي لكان ذلك إيمانًا منه ولهداه الله لموسى كما هدى زوجته ولكنه أبى فحرم ذلك ولقول ابن عباس مذهب سائغ في العربية وهو أن يكون تقتلوه معه حرف جازم قد أضمر قبل الفعل لأنَّ ما قبله يدل عليه فكأنَّه قال قرَّة عين لي ولك لا ثم قال لا تقتلوه عسى أن ينفعنا وتكون لا الأولى قد دلت على حذف الثانية وقد جاء إضمار لا في القرآن في قوله يبين الله لكم أن تضلوا أي لئلا تضلوا وقد جاء في الشعر إضمار الجازم كقول أبي طالب يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم
محمد نفد نفسك كل نفس إذا ما خفت من أمر تبالاً
أراد لتفد نفسك ومنه
فقلت ادعى وأدعو أن أندي = لصوت أن ينادي داعيان
أراد ولأدعو وقد اتفق علماء الرسم على كتابة قرت عين لي وامرأت فرعون بالتاء المجرورة فيهما وكذا كل امرأة ذكرت مع زوجها فهي بالتاء المجرورة كما تقدم وهذا غاية في بيان هذا الوقف ولله الحمد
أو نتخذه ولدًا (حسن)
لا يشعرون (كاف)
فارغًا (جائز)
لتبدي به ليس بوقف لارتباط ما بعده به ومفعول تبدي محذوف أي لتبدي به القول أي لتظهره
من المؤمنين (كاف)
قصيه (حسن)
لا يشعرون (كاف) ولا وقف إلى ناصحون فلا يوقف على من قبل لمكان الفاء
وناصحون (كاف)
وقوله هل أدلكم على أهل بيت الآية يسمى عند أهل البيان الكلام الموجه لأنَّ أمه لما قالت هل أدلكم فقالوا لها أنَّك قد عرفتيه فأخبرينا من هو فقالت ما أردت إلاَّ وهم ناصحون للملك فتخلصت منهم بهذا التأويل ونظير هذا لما سئل بعضهم وكان بين أقوام بعضهم يحب عليًا دون غيره وبعضهم أبا بكر وبعضهم عمر وبعضهم عثمان فقيل لهم أيهم أحب إلى رسول الله فقال من كانت ابنته تحته ولا وقف من قوله فرددناه إلى لا يعلمون فلا يوقف على تقر عينها لعطف ما بعده على ما قبله ولا على تحزن كذلك ولا على حق لحرف الاستدراك بعده لأنَّه يستدرك بها الإثبات بعد النفي والنفي بعد الإثبات
لا يعلمون (كاف))[منار الهدى: 288-290]
- أقوال المفسرين