قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) }
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقال الأخفش: (كمثل العنكبوت) [41] وقف تام، ثم قص قصتها فقال: (اتخذت بيتا)، وهذا غلط لأن (اتخذت) صلة (العنكبوت) كأنه قال: «كمثل التي اتخذت بيتا» فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصول، وهذا بمنزلة قوله: {كمثل
الحمار يحمل أسفارا} [الجمعة: 5] فـ «يحمل» صلة (الحمار)، ولا يحسن الوقف على (الحمار) دون (يحمل). وقال القراء: هذا مثل ضربه الله لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا، فلا يحسن الوقف على (العنكبوت) لأنه إنما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء فشبهت الآلهة التي لا تضر ولا تنفع به.
(لو كانوا يعلمون) وقف حسن.
(خلق الله السماوات والأرض بالحق) [44] حسن.
(ولذكر الله أكبر) [45] تام.)[إيضاح الوقف والابتداء:2/827 - 828]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({يظلمون} تام. وكذا رؤوس الآي إلى قوله: {هم الخاسرون}. وقال الأخفش النحوي {كمثل العنكبوت}: تام، وقص قصتها فقال: {اتخذت بيتًا}، وليس كما قال لأنه إنما قصد بالتشبيه بيتها الذي تعمله من غزلها إذ كان لا يقيها من شيء كالآلهة التي لا تضر ولا تنفع. و{اتخذت} فعل ماض في موضع الحال فلا يفصل مما قبله.
{اتخذت بيتًا} كاف. ومثله (تعلمون) على قراءة من قرأ (تدعون) بالتاء، لأن المعنى: قل لهم يا محمد. ومن قرأ بالياء لم يقف على ذلك لأنه متصل بما قبله من الخبر.
{والأرض بالحق} كاف. {للمؤمنين} تام. {وأقم الصلاة} كاف.
{ولذكر الله أكبر} تام. ومثله {ما تصنعون } كاف، وقيل: تام.)[المكتفى: 444-445]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({العنكبوت- 41- ج} لأن الجملة بعدها تصلح صفة بإضمار التي، والاستئناف أظهر، ولو جعل معنى التشبيه عاملاً والجملة حالاً كان الوصل أولى حتى لا يحتاج إلى الإضمار. {بيتا- 41- ط}. {لبيت العنكبوت- 41- م} لن جواب {لو} محذوف تقديره: لو كانوا يعلمون ومن الأوثان لما تخذوها أولياء. ولو وصل صار وهن بيت العنكبوت معلقًا بعلمهم، وهو مطلق ظاهر.
{من شيء- 42- ط}. {للناس- 43- ج} لاختلاف الجملتين، والعدول عن العموم إلى الخصوص. {بالحق- 44- ط}. {وأقم الصلاة- 45- ط}. {والمنكر- 45- ط}. {أكبر- 45- ط}.)[علل الوقوف: 2/792-793]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (وقف الأخفش على كمثل العنكبوت وخولف لأنَّ الجملة بعده تصلح صفة بإضمار التي ولو جعل التشبيه عاملاً والجملة حالاً لكان الوصل أولى حتى لا يحتاج إلى الإضمار ووقف أبو حاتم على اتخذت بيتًا لأنَّه قصد بالتشبيه نسجها التي تعمله من غزلها فهو في غاية الوهاء والضعف ولا فائدة فيه وهي مع ذلك تعتمد عليه وتسكن فيه ولا نفع لها فيه كعباد الأصنام لا نفع لهم فيها.
اتخذت بيتًا (كاف)
لبيت العنكبوت (جائز) على أنَّ جواب لو محذوف تقديره لو كانوا يعلمون وهي الأصنام لما اتخذوها أي لما اتخذوا من يضرب له بهذه الأمثال لحقارته.
يعلمون (تام) لمن قرأ تدعون بالفوقية لأنَّ المعنى
قل لهم يا محمد وكاف على قراءة من قرأ يدعون بالتحتية قرأ أبو عمرو وعاصم يدعون بباء الغيبية والباقون بالخطاب.
من شيء (كاف) على استئناف ما بعده.
الحكيم (تام)
للناس (كاف)
العالمون (تام)
بالحق (كاف)
للمؤمنين (تام)
من الكتاب (حسن)
وأقم الصلاة (أحسن) مما قبله
والمنكر (حسن)
أكبر (كاف) أي ولذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه قاله ابن عباس.
ما تصنعون (تام))[منار الهدى: 296-297]
- أقوال المفسرين