الحمد لله على نعمائه، وعلى توالي منته وآلائه، والصلاة والسلام على صفوة أنبيائه سيدنا محمد وعلى صحبه وآله.
وبعد
فقد أذن الله لهذا البحث أن يكتمل وأن يرى النور بعد أن أمضيت في إعداده وطباعته ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين عاماً تابعت فيها الدرس، وواليت البحث من غير كلل ولا ملل، فجاء في أحد عشر جزءاً ضخماً (القسم الأول في ثلاثة أجزاء، والقسم الثاني في أربعة أجزاء، والقسم الثالث في أربعة أجزاء).
ولقد كنت أخشى أن يحول الأجل دون الأمل، فالحمد لله والشكر له على أن مد في عمري وهيأ لي الأسباب التي مكنتني من طباعته.
وما من شك في أن هذه الدراسات قد أثرت الدراسات النحوية إثراء عظيماً، وحفلت بالكثير من الطرائف والفوائد والفرائد.
وما ذلك إلا لكثرة المراجع التي اعتمدت عليها وتنوعها.
لم اقتصر على كتب النحو وحدها، ولا على كتب الإعراب وحدها، ولا على كتب التفسير وحدها، وإنما شملت القراءات كثيراً من الكتب المختلفة. كما ارتكزت هذه الدراسات على استقراء أسلوب القرآن وقراءاته المتنوعة.
وقد استهدفت أن انقل دارس النحو والصرف من الأمثلة المحدودة، والشواهد المحصورة التي صارت (أكلشيهات) تنقل من كتاب إلى كتاب أردت أن انقله إلى جميع المجال الأرحب والأفسح مجال القرآن الكريم وقراءاته.
لقد كان يتعذر على دارس النحو والصرف أن يحتكم إلى أسلوب القرآن وقراءاته في كل ما يعرض له من قوانين النحو والصرف، فيسرت له هذه الدراسات هذا الاحتكام؛ فيستطيع أن يعرف متى أراد:
أورد مثل هذا الأسلوب في القرآن أم لا؟ وإذا كان في القرآن فهل جاء كثيراً أو قليلاً، وفي قراءات متواترة أو شاذة؟
وفي هذه الدراسات أيضاً دفاع عن النحو، فما أكثر ما رمى النحويون بأنهم سرقُوا النحو اللاتيني أو الإغريقي أو السرياني وأنهم وضعوا الحركات الإعرابية وابتدعوها، فبينت هذه الدراسات أن القواعد التي وضَعها النحويون تتمثل في أسلوب القرآن الكريم وقراءته، وبذلك تبرأ ساحة النحويين من هذا الاتهام الغاشم الظالم.
كانت طباعة القسمين الثاني والثالث بالقاهرة وكان عملي في الرياض؛ لذلك وقعت بعض الأخطاء المطبعية، وقد نبهت على المهم منها، وتركت الباقي لفطنة القارئ، على أني أقول كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساويا
ولست أزعم أني لا أخطئ، فإن العصمة لله وحده ولكني أقول كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:
إذا قيس إحسان امرئ بإساءة
فأربى عليها فالإساءة تغفر
والله أسأل أن يجعله عملا خالصا لوجهه تعالي بريئا من الرياء والسمعة والزهو إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
25من شوال سنة 1401هـ محمد عبد الخالق عضيمة.
25من أغسطس سنة 1981م حلوان: 47شارع محمد سيد أحمد