قوله تعالى: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((فبئس المهاد) [56] حسن.
ومثله: (حميم وغساق) [57] ولك في هذا وجهان: إن شئت رفعته بـ«الحميم» و«الحميم» به، كأنك قلت: هذا حميم وغساق فليذوقوه. فمن هذا الوجه لا يحسن الوق فعلى (فليذوقوه). والوجه الآخر: أن ترفع (هذا) بما عاد من الهاء في «يذوقوه» وترفع «الحميم» بإضمار: منه حميم وغساق فمن هذا الوجه يحسن أن تقف على (فليذوقه) ولا يتم من الوجهين جميعًا.
(ما له من نفاد) [54] هذا وقف حسن ثم تبتدئ: (وإن للطاغين) [55].
(أنتم قدمتموه لنا) [60] حسن.
(ضعفا في النار) [61] تام.
(من الأشرار. أتخذناهم سخريا) [62، 63] كان ابن كثير والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي يقرؤون: (من الأشرار. اتخذناهم) بحذف الألف في الوصل. وكان أبو جعفر وشيبة وعاصم ونافع وابن عامر يقرؤون: (من الأشرار اتخذناهم) بقطع الألف، فمن قرأ: (من الأشرار. اتخذناهم) بحذف الألف لم يقف على (الأشرار) على جهة التمام لأن (اتخذناهم) حال، كأنه قال: قد اتخذناهم. وقال السجستاني: هذا نعت للرجال وهو خطأ لأن النعت لا يكون ماضيًا ومستقبلاً. و(أم) من هذا الوجه مردود على قوله: (ما لنا لا نرى رجالا) ومن قرأ (اتخذناهم) بقطع الألف وقف على (الأشرار).)[إيضاح الوقف والابتداء:2/863 - 2/865]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({فبئس المهاد} كاف. ومثله {حميمٌ وغساق}. {من شكله أزواج} تام. {قدمتموه لنا} كاف. أي شرعتموه لنا وسننتموه.
{ضعفًا في النار} تام. ومثله {الأبصار} ومثله {تخاصم أهل النار} وكذا الفواصل إلى قوله: {نذيرٌ مبين}.
ومن قرأ {من الأشرار * أتخذناهم} بقطع الألف على لفظ الاستفهام وقف على (من الأشرار) لأن قوله: (أتخذناهم) استفهام تقرير وتعجب، فهو معادل لـ (أم). ومن قرأ بوصل الألف على لفظ الخبر لم يقف على ذلك لأن قوله: (اتخذناهم) نعت لقوله: (رجالاً). والجملة المعادلة لـ (أم) محذوفة، والتقدير: أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار؟.)[المكتفى: 484 - 485]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({من نفاد- 54-. هذا- 55- ط} [أي: هذا] [بيان جزاء المتقين]. فإذا انقطع «هذا» عن خبره لم يستقل بنفسه، فحسن اتصاله بما قبله، وفصله عنه جائز على تقدير: الأمر هذا.
{مآب- 55- لا} لأن «جهنم» بدل من: «لشر مآب».
{جهنم- 56- ج} لأن الجملة تصلح مستأنفة، وحالاً بإعمال معنى التحقيق في «أن»، أي: حقت جهنم مصلية، أي: مدخولة. {يصلونها- 56- ج} للابتداء بما وضع للمبالغة في الذم- على عكس نعم مع دخول الفاء فيه.
{هذا- 57- } لا وقف- بخلاف الأول- لأن خبره مذكور، تقديره: هذا حميم وغساق فليذوقوه.
[{وغساق- 57- لا} لأن «وآخر» وصف معطوف على «حميم» أي: عذاب آخر من شكله].
{أزواج- 58- ط} {معكم- 59- ج} لأن «لا مرحبا» يبتدأ به على معنى: لا جعل الله له مرحبا، أي: موضع رحب وسعة، أو على المصدر، أي: لا رحب الله له مرحبا، مع اتصال معنى الكلام.
{بهم- 59- ط} {بل أنتم- 60- } وقفة على معنى، أي: أنتم أهل أن يقال لكم لا مرحبا...
{بكم- 60- ط} {لنا- 60- ج} لما ذكر قبل.
{الأشرار- 62- ج} لأن معنى «اتخذناهم» مستفهم،
والألف مضمرة، بدلالة جوابها بـ«أم» مع أن القائل متحد. ومن صرح بألف الاستفهام فوقفه مطلق.)[علل الوقوف:3/871 - 3/874]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (ماله من نفاد (تام) وقيل الوقف على هذا بإضمار شيء أي هذا الذي وصفنا لمن آمن وأتقى وهكذا الحكم في قوله فبئس المهاد هذا أي الذي ذكرنا لمن كفر وطغى ثم يبتدئ فليذوقوه وإن جعل فليذوقوه خبرًا لهذا أو نصب بفعل يفسره فليذوقوه أي فليذوقوا هذا فليذوقوه حسن الوقف على فليذوقوه ويكون قوله حميم وغساق ومن رفع هذا بالابتداء وجعل حميم وغساق خبرًا له لم يقف على فليذوقوه بل على غساق.
أزواج (حسن) ومثله معكم
لا مرحبًا بهم (جائز)
صالوا النار (كاف)
لا مرحبًا بكم (جائز)
قدمتموه لنا (حسن)
القرار (كاف) من قدم لنا هذا ليس بوقف لأن قوله فزده جواب الشرط
في النار (كاف) ومثله الأشرار لمن قرأ اتخذناهم بقطع همزة الاستفهام وبها قرأ نافع وابن كثير وعاصم وابن عامر وأم مردودة على الاستفهام وليس بوقف لمن وصل وحذف الاستفهام لأن اتخذناهم حينئذ صفة لرجالاً وهي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي لأنه كله كلام واحد متصل بعضه ببعض وقوله أم زاغت مردود على ما لنا لا نرى رجالاً اتخذناهم سخريًا أزاغت عنهم أبصارنا وهم فيها فنفوا أوّلاً ما يدل على كونهم ليسوا معهم ثم جوزوا أن يكونوا معهم ولكن أبصارهم لم ترهم فأم منقطعة في الأول متصلة في الثاني
الأبصار (تام) على الوجهين
إن ذلك لحق ليس بوقف لأن قوله تخاصم بدل من الضمير في لحق وكذا إن جعل خبرًا ثانيًا وإن جعل تخاصم خبر مبتدأ محذوف كان الوقف عليه تامًا
أهل النار (تام))[منار الهدى: 330-331]
- أقوال المفسرين