قوله تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((ولا يسأل حميم حميما) [10]
(يبصرونهم) [11]
...
وقوله تعالى: (كلا إنها لظى. نزاعة للشوى) [15، 16] قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم في رواية أبي بكر عنه والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي: (نزاعة للشوى) بالنصب. فمن رفع كان له مذهبان: أحدهما أن يجعل (لظى) خبر «إن» ويرفع (نزاعة) بإضمار «هي نزاعة». فمن هذا الوجه يحسن الوقف على (لظى). والوجه الآخر أن يجعل الهاء عمادًا ويرفع (لظى) بـ(نزاعة) و(نزاعة) بـ(لظى) كما تقول: إنها قائمة جاريتك. فمن هذا الوجه لا يحسن الوقف على (لظى) لأنها مع (نزاعة) في موضع خبر «إن» ومن نصب (نزاعة) حسن له أن يقف على (لظى) وينصب (نزاعة) على القطع من (لظى) إذا كانت نكرة متصلة بمعرفة، ويجوز نصبها على المدح «اذكر نزاعة» كما تقول: مررت به العاقل الفاضل.)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/947-948]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({خمسين ألف سنة} تام. ورأس آية في غير الشامي. ...
ومثله {يبصرونهم} أي: يعرفونهم، والمعنى: يبصر الحميم حميمه، وقيل: يبصر المؤمنون الكافرين.
{ينجيه * كلا} تام، أي: لا ينجيه.
قال أبو عمرو رضي الله عنه: والوقف على (كلا) تام في جميع القرآن إذا قدرت ردًا أو نفيًا. فإن قدرت تنبيهًا بمعنى (ألا)، أو قدرت بمعنى قولك: حقًا، لم يوقف عليها، ووقف دونها، وابتدئ بها.
ومن قرأ (نزاعةً) بالرفع، فله تقديران أحدهما: أن يجعلها خبر متبدأ
محذوف، أي: هي نزاعة. فعلى هذا يحسن الوقف على قول (لظى). والثاني أن يجعلها خبرًا لـ (إنها) بعد خبر أو بدلاً من لظى فعلى هذا يحسن الوقف على لظى. ومن قرأها بالنصب فله أيضًا تقديران أحدهما: أن ينصبها بـ (أعني). فعلى هذا يكفي الوقف على (لظى) لأن ما بعدها استئناف عامل. والثاني أن ينصبها على الحال من (لظى) بتقدير: تتلظى في هذه الحال. فعلى هذا لا يوقف على (لظى).
{فأوعى} تام.)[المكتفى: 586-587]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ( {حميمًا- 10- ج} لأن ما بعده منقطع عنه مستأنف، ولكن اصطلحوا الوقف على: {يصرونهم]}.
{يبصرونهم- 11- ط} {جميعًا- 14- لا} للعطف واتصال المقصود.
{كلا- 15- ط} {لظى- 15- ج} لأن قوله: {نزاعة يصلح بدلاً، وخبر محذوف، أي: هي نزاعة، لأن
{لظى} اسم علم معرف [ومن نصب: {نزاعة} جعلها] حالاً، والعامل معنى التلظي [في: {لظى}]، أي: تتلظى نزاعة، وعلى جعلها علمًا عامل الحال معنى التحقيق في {إن}، [أي: أحقق أنها لظى حال كونها نزاعة..].
{للشوى- 16- ج} لأن {تدعو} يصلح بدلاً عن: {نزاعة}، أي: نزاعة داعية، وفعلاً مستأنفًا، والوصل أجوز.)[علل الوقوف: 3/1047-1048]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (... وقيل لا يوقف من أول السورة إلى ألف سنة وهو (تام) ومثله جميلاً وكذا قريبًا إن نصب يوم بمقدَّر أي احذر ويوم تكون السماء كالمهل وليس بوقف إن أبدل من ضمير نراه إذا كان عائدًا على يوم القيامة كالعهن (حسن) ومثله حميمًا وما بعده استئناف كلام قرأ العامة يسأل مبنيًا للفاعل وقرأ أبو جعفر وغيره مبنيًا للمفعول يبصرونهم (حسن)
ثم ينجيه كلا (حسن) عند الأخفش والفراء وأبي حاتم السجستاني وكلا بمعنى لا فكأنَّه قال لا ينجيه أحد من عذاب الله ثم ابتدأ أنَّها لظى
و لظى (كاف) لمن رفع نزاعة خبر مبتدأ محذوف أي هي نزاعة وكذا من نصبها بتقدير أعني أو نصبها على الاختصاص وليس بوقف لمن رفعها على أنَّها خبر لظى وجعل الهاء في أنَّها للقصة كأنَّه قال كلا إنَّ القصة لظى نزاعة للشوى ومثل ذلك من جعل نزاعة بدلاً من لظى أو جعلها خبرًا ثانيًا لأن وقرأ حفص نزاعة بالنصب حالاً من الضمير المستكن في لظى لأنَّها وإن كانت علمًا فلا تتحمل الضمير فهي جارية مجرى المشتقات كالحرث والعباس
للشوى (حسن) على استئناف ما بعده والشوى الأطراف اليدان والرجلان وجلدة الرأس وكل شيء لا يكون مقتلاً
فأوعى (تام))[منار الهدى: 403-404]
- تفسير