قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((سواء محياهم ومماتهم) [21] كان أكثر القراء يرفعون (سواء). وكان الأعمش وحمزة والكسائي يقرؤون: (سواء محياهم) بالنصب. فمن نصب (سواء) جعلها خبر (نجعلهم).
ومن رفعها جعل الخبر ما عاد من الهاء والميم في (محياهم). ويجوز في العربية (سواء محياهم ومماتهم) بالنصب على معنى «سواء في محياهم ومماتهم» فلما أسقطنا الخافض نصبناه على المحل.
(السماوات والأرض بالحق) [22] تام.)[إيضاح الوقف والابتداء:2/891 - 892]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (ومن قرأ {سواءٌ محياهم} بالرفع فله تقديران: أحدهما أن يجعل الضمير الذي في (محياهم ومماتهم) للمؤمنين والكافرين. فعلى هذا لا يوقف على: (وعملوا الصالحات) لأن ما بعد ذلك متعلق بقوله: (كالذين آمنوا) لأنه جملة في موضع نصب على الحال. والثاني أن يجعل الضمير للكافرين خاصة، فعلى هذا يوقف على (الصالحات) لأن ما بعد ذلك منقطع منه، والتقدير: محياهم ومماتهم سواء، أي: محيا الكافرين محيا سواء، وكذلك مماتهم. وكذلك إن لم تتعلق الجملة بما قبلها. واستؤنف الخبر عن الفريقين، بمعنى:
المؤمنون مستوون في محياهم ومماتهم والكافرون كذلك وقف أيضًا على (الصالحات) وكفى.
حدثنا محمد بن أبي محمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا يحيى بن سلام في قوله: {سواء محياهم ومماتهم} قال: سواء مبتدأ، والمعنى: المؤمن مؤمن في الدنيا والآخرة والكافر كذلك. ومن قرأ (سواءً محياهم) بالنصب لم يقف على (الصالحات) لأن (سواء) متعلق بقوله: (كالذين آمنوا) حال منهم. و(مماتهم) كاف على القراءتين. والتمام آخر الآية.
{والأرض بالحق} تام، وآخر الآية أتم.
{على سمعه وقلبه} كاف. ومثله {على بصره غشاوة}. والتمام الآية وهي {أفلا تذكرون}.)[المكتفى: 517 - 518]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({الصالحات- 21} وقف لمن قرأ {سواء} بالرفع على الابتداء، ومن نصب فإنما ينصبه بقوله: {نجعلهم} فلم يقف.
{ومماتهم- 21- ط} {غشاوة- 23- ط} {من بعد الله- 23- ط})[علل الوقوف: 3/938]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (يوقنون (تام) ومثله وعملوا الصالحات لمن قرأ سواء بالرفع خبر مبتدأ أو مبتدأ وما بعده خبر وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي بكر عن عاصم وليس بوقف لمن قرأ بالنصب وهي قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم على أنه مفعول ثان لنجعلهم أي لا نجعلهم مستوين في المحيا والممات وقراء الامصار متفقون على رفع مماتهم ورويت عن غيرهم بفتح التاء والمعنى أن محيا المؤمنين ومماتهم سواء عند الله في الكرامة ومحيا المجترحين ومماتهم سواء في الاهانة فلف الكلام اتكالا على ذهن السامع وفهمه ويجوز أن يعود على المجترحين فقط أخبر أن حالهم في الزمانين سواء، اهـ سمين.
ومماتهم (حسن) في القراءتين.
ما يحكمون (تام) ومثله بالحق عند أبي حاتم لانه يجعل لام ولتجزي لام قسم وتقدم الرد عليه.
لا يظلمون (تام) ولا وقف من قوله أفرأيت إلى من بعد الله فلا يوقف على هواه ولا على قلبه ولا على غشاوة للعطف في كل.
من بعد الله (كاف) لإن الفائدة في قوله فمن يهديه من بعد الله.
تذكرون (أكفى منه))[منار الهدى: 356- 357]