قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((قل إن كان للرحمن ولد) [81] قال الحسن: معناه «ما كان للرحمن ولد»، والوقف على «الولد» ثم تبتدئ: (فأنا أول العابدين) على أنه لا ولد له. والوقف على (العابدين) تام.
(وقيله يا رب) سألت أبا العباس: بأي شيء تنصب «القيل»؟ فقال: أنصبه على (وعنده علم الساعة) و«يعلم قيله»، فمن هذا الوجه لا يحسن الوقف على ترجعون وعلى (يعلمون) [86] ويحسن الوقف على (يكتبون) [80] وأجاز الفراء أن تنصب «القيل» على معنى «لا تسمع سرهم وقيله». فمن هذا الوجه لا يحسن الوقف على (يكتبون). وأجاز الفراء أيضًا أن تنصبه على معنى «وقال قيله، وشكى شكواه إلى الله» كما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يمشي الوشاة جنابيها وقيلهم = إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
أرد: ويقولون قيلهم. ومن قرأ: (وقيله) بالخفض على معنى «وعنده علم الساعة وعلم قيله»، ويجوز في العربية و«قيله» بالرفع على أن ترفعه بـ(إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) [88]، وقد قرأ بالرفع الأعرج.
[إيضاح الوقف والابتداء:2/886 - 887]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({قل إن كان للرحمن ولدٌ} تام إذا جعلت (إن) بمعنى (ما) التي للجحد، وهو قول الحسن وقتادة، فإن جعلت شرطًا بتقدير: قل إن كان للرحمن ولد على زعمكم. وهو قول مجاهد والسدي لم يتم الوقف، ولم يكف على قوله: (ولد).
حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا يحيى بن سلام في قوله عز وجل: {قل إن كان للرحمن ولد} أي: ما كان للرحمن ولد. ثم انقطع الكلام. ثم قال: {فأنا أول العابدين}. والمعنى: فأنا أول العابدين له على أنه لا ولد له. {يوعدون} تام، وكذا الفواصل بعد. {فأنى يؤفكون} تام إذا نصب (وقيله يا رب) على المصدر بتقدير: وقال قيله. فإن نصب على: ويعلم قيله، أو على معنى: نسمع سرهم وقيله، فليس (يؤفكون) بتمام. وكذلك على قراءة من قرأ بالخفض لأنه يحمله على قوله: (علم الساعة) وعلم قيله. والتمام آخر السورة). [المكتفى:510- 511]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({ولد- 81- ق} قد قيل على جعل «إن» نافية أي: ما كان للرحمن ولد. والأحسن الوصل، و «إن» للشرط،
معناه: إن زعمتم أن للرحمن ولدًا فأنا أول من عبده على أنه لا ولد له. {وفي الأرض إله- 84- ط} {وما بينهما- 85- ج}.
{الساعة- 85- ج} كذلك.
يؤفكون- 87-ج} لأن {وقيله} قد ينصب معطوفًا على قوله: {لا نسمع سرهم} وما بينهما من الوقف لطول الكلام تسامحًا، ويصلح نصبه على محذوف، أي: قال قيله.
ومن جر لم يقف، لأنه عطفه على «الساعة»، أي: وعنده علم الساعة، وعلم قيله.
{لا يؤمنون- 88- م} لأنه لو وصل صار: «فاصفح عنهم وقل سلام» من قول الرسول لله عز وجل [وهو محال]، بل هو جواب الله للرسول [صلى الله عليه وسلم].
{سلام- 89- ط} لن كلمة التهديد ليست [من مفعول] «قل»، ومن قرأ «تعلمون» بالتاء [فوقفه لازم؛ لئلا تدخل جملة التهديد في الأمر بقوله «قل»]. [علل الوقوف:3/921- 924]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (إن كان للرحمن ولد (تام) ان جعلت ان بمعنى ما وهو قول ابن عباس أي ما كان للرحمن ولد وان جعلت شرطيه كان الوقف على العابدين والمعنى ان كنتم تزعمون أن للرحمن ولد فانا أوّل من عبد الله واعترف انه اله .
العابدين (تام) على الوجهين .
سبحان رب السموات والأرض ليس بوقف لان ما بعده نعت لما قبله.
عما يصفون (كاف) ومثله يوعدون وكذا وفي الأرض إله .
العليم (تام)
وما بينهما (كاف)
علم الساعة (حسن)
واليه ترجعون (كاف)
الشفاعة ليس بوقف ومثله في عدم الوقف بالحق لان العلم شرط في الشهادة .
يعلمون (تام)
ليقولن الله (كاف)
يؤفكون (تام) ان نصب وقيله على المصدر أي قال قيله أو نصب على محل الساعة كإنه قيل ان يعلم الساعة ويعلم قيله أو عطف على سرهم ونجواهم أي لا نعلم سرهم ولا قيله وعلى هذا القول لا يوقف على شيء قبله من قوله أن يحسبون الى هذا الموضع أو عطف على مفعول يكتبون المحذوف أي يكتبون ذلك ويكتبون قبله أو عطف على مفعول يعلمون المحذوف أي يعلمون ذلك ويعلمون قيله أو نصب على حذف حرف القسم وجوابه ان هؤلاء كقوله . فذاك أمانة الله الثريد . ففي هذه الست يحسن الوقف على يؤفكون والذي قرأ بنصبه ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي وابن عامر وقرأ الاعرج وقتادة وقيله على الابتداء وعليها يحسن الوقف على يؤفكون وليس بوقف ان جر عطفا على الساعة أي وعنده علم الساعة وعلم قبله وكذاان عطف على محل بالحق أي شهد بالحق وبقيله فافهم هذه الثمانية تنفعل .
لا يؤمنون (كاف)
فاصفح عنهم (جائز)
وقل سلام (كاف) للابتداء بالتهديد ومن قرأ يعلمون بالتحتية لا يكون التهديد داخلا في القول وبها قرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر ومن قرأه بالفوقية كان أرقى في الوقف على سلام لئلا تدخل جملة التهديد في الأمر بقل .
آخر السورة (تام))[منار الهدى: 352-353]
- أقوال المفسرين