العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > نزول القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1431هـ/17-10-2010م, 06:21 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

نزول سورة المنافقون

هل سورة المنافقون مكية أو مدنية؟
... من حكى الإجماع على أنها مدنية
... من نص على أنها مدنية
ترتيب نزول سورة المنافقون
أسباب نزول سورة المنافقون


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 06:15 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

هل سورة المنافقون مكية أو مدنية؟

من حكى الإجماع على أنها مدنية :

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (وهي مدنية بإجماع، وذلك أنها نزلت في غزوة بني المصطلق بسبب أن عبد الله بن أبيّ ابن سلول، كانت منه في تلك الغزوة أقوال، وكان له أتباع يقولون قوله، فنزلت السورة كلها بسبب ذلك، ذكر الله تعالى فيها ما تقدم من المنافقين من خلفهم وشهادتهم في الظاهر بالإيمان وأنهم كذبة، وذكر فيها ما تأخر منهم ووقع في تلك الغزوة، وسيأتي بيان ذلك فصلا فصلا عند تفسير الآيات إن شاء الله تعالى). [المحرر الوجيز: 28/307]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وهي مدنية بإجماعهم). [زاد المسير: 8/271]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وهي مدنيّةٌ. قال القرطبيّ: في قول الجميع.
وأخرج ابن الضّريس والنّحّاس وابن مردويه والبيهقيّ عن ابن عبّاسٍ قال: (نزلت سورة المنافقين بالمدينة).
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزّبير مثله). [فتح القدير: 5/305]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وهي مدنيّةٌ بالاتّفاق). [التحرير والتنوير: 28/231]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (مدنية اتفاقًا). [القول الوجيز: 316]

من نص على أنها مدنية :

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (وهي مدنيّةٌ). [تفسير عبد الرزاق: 2/293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (مدنية كلها). [تفسير غريب القرآن:467]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (مدنية). [معاني القرآن:5/175]

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (مدنية). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 60]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (نزلت بالمدينة). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 181]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ): (مدنيّة). [الكشف والبيان: 9/319]
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (مدنية ). [البيان: 247]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (مدنية). [الوسيط: 4/302]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (مدنيّةٌ). [معالم التنزيل: 8/129]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (مدنية). [الكشاف: 6/122]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (مدنية) . [علل الوقوف: 3/1019]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): (مدنية). [أنوار التنزيل: 5/214]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (مدنية). [التسهيل: 2/377]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وهي مدنيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/125]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وهي مدنيّة). [عمدة القاري: 19/341]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مدنية). [الدر المنثور: 14/491]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (أَخْرَج ابن الضريس والنحاس، وَابن مردويه والبيهقي في "الدلائل" عن ابن عباس قال: (نزلت سورة المنافقين بالمدينة).
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله). [الدر المنثور: 14/491]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مدنية). [لباب النقول: 237]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (وهي مدنية). [إرشاد الساري: 7/384]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (مدنية). [منار الهدى: 394]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 06:17 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

ترتيب نزول سورة المنافقون :

قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): ([نزلت بعد الحج]). [الكشاف: 6/122]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (نزلت بعد الحج). [التسهيل: 2/377]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقد عدّت الثّانية بعد المائة في عداد نزول السّور عند جابر بن زيدٍ، نزلت بعد سورة الحجّ وقبل سورة المجادلة). [التحرير والتنوير: 28/231]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (ونزلت بعد سورة الحج ونزلت بعدها سورة المجادلة). [القول الوجيز: 316]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 06:26 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

أسباب نزول سورة المنافقون
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ (ت: 256هـ): (حدّثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال: (كنت في غزاةٍ فسمعت عبد اللّه بن أبيٍّ، يقول: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فذكرت ذلك لعمّي أو لعمر، فذكره للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فدعاني فحدّثته، فأرسل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذّبني رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وصدّقه، فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قطّ، فجلست في البيت، فقال لي عمّي: ما أردت إلى أن كذّبك رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ومقتك؟ فأنزل اللّه تعالى: {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1]، فبعث إليّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقرأ فقال: ((إنّ اللّه قد صدّقك يا زيد)))). [صحيح البخاري: 6/152]

- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله عن أبي إسحاق هو السّبيعيّ ولإسرائيل فيه إسنادٌ آخر أخرجه التّرمذيّ والحاكم من طريقه عن السّدّيّ عن أبي سعدٍ الأزديّ عن زيد بن أرقم قوله: عن زيد بن أرقم. سيأتي بعد بابين من رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق تصريحه بسماعه له من زيدٍ قوله: (كنت في غزاةٍ)، زاد بعد بابٍ من وجهٍ آخر عن إسرائيل (مع عمّي)، وهذه الغزاة وقع في رواية محمّد بن كعبٍ عن زيد بن أرقم عند النّسائيّ أنّها غزوة تبوك ويؤيّده قوله في رواية زهيرٍ المذكورة: (في سفرٍ أصاب النّاس فيه شدّةٌ).
وأخرج عبد بن حميدٍ بإسنادٍ صحيحٍ عن سعيد بن جبيرٍ مرسلًا: (أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا نزل منزلًا لم يرتحل منه حتّى يصلّي فيه فلمّا كان غزوة تبوك نزل منزلًا فقال عبد اللّه بن أبيٍّ) فذكر القصّة.
والّذي عليه أهل المغازي أنّها غزوة بني المصطلق، وسيأتي قريبًا في حديث جابرٍ ما يؤيّده، وعند ابن عائذٍ وأخرجه الحاكم في "الإكليل" من طريقه ثمّ من طريق أبي الأسود عن عروة أنّ القول الآتي ذكره صدر من عبد اللّه بن أبيٍّ بعد أن قفلوا قوله: (فسمعت عبد الله بن أبي) هو ابن سلولٍ رأس النّفاق، وقد تقدّم خبره في تفسير براءةٌ قوله: (يقول لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا من حوله) هو كلام عبد اللّه بن أبيٍّ ولم يقصد الرّاوي بسياقه التّلاوة.
وغلط بعض الشّرّاح فقال: هذا وقع في قراءة ابن مسعودٍ وليس في المصاحف المتّفق عليها، فيكون على سبيل البيان من ابن مسعودٍ.
قلت: ولا يلزم من كون عبد اللّه بن أبيٍّ قالها قبل أن ينزل القرآن بحكاية جميع كلامه قوله: (ولئن رجعنا) كذا للأكثر، وللكشميهنيّ (ولو رجعنا) والأوّل أولى، وبعد الواو محذوفٌ تقديره: (سمعته يقول) ووقع في الباب الّذي بعده وقال: (لئن رجعنا) وهو يؤيّد ما قلته.
وفي رواية محمّد بن كعبٍ عن زيدٍ بعد باب وقال أيضًا: (لئن رجعنا). وسيأتي في حديث جابرٍ سبب قول عبد اللّه بن أبيٍّ ذلك.
قوله: (فذكرت ذلك لعمّي أو لعمر) كذا بالشّكّ، وفي سائر الرّوايات الآتية (لعمّي) بلا شكٍّ، وكذا عند التّرمذيّ من طريق أبي سعدٍ الأزديّ عن زيدٍ.
ووقع عند الطّبرانيّ وبن مردويه أنّ المراد بعمّه سعد بن عبادة وليس عمّه حقيقةً، وإنّما هو سيّد قومه الخزرج وعمّ زيد بن أرقم الحقيقيّ ثابت بن قيسٍ له صحبةٌ وعمّه زوج أمّه عبد اللّه بن رواحة خزرجيٌّ أيضًا.
ووقع في "مغازي" أبي الأسود عن عروة أنّ مثل ذلك وقع لأوس بن أرقم فذكره لعمر بن الخطّاب سبب الشّكّ في ذكر عمر، وجزم الحاكم في "الإكليل" أنّ هذه الرّواية وهمٌ والصّواب: زيد بن أرقم.
قلت: ولا يمتنع تعدّد المخبر بذلك عن عبد اللّه بن أبيٍّ إلّا أنّ القصّة مشهورةٌ لزيد بن أرقم، وسيأتي من حديث أنسٍ قريبًا ما يشهد لذلك.
قوله: ( فذكره للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم) أي: ذكره عمّي، وكذا في الرّواية الّتي بعد هذه، ووقع في رواية ابن أبي ليلى عن زيدٍ: (فأخبرت به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم)، وكذا في مرسل قتادة.
فكأنّه أطلق الإخبار مجازًا لكن في مرسل الحسن عن عبد الرّزّاق: (فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لعلّك أخطأ سمعك لعلّك شبّه عليك)))، فعلى هذا لعلّه راسل بذلك أوّلًا على لسان عمّه ثمّ حضر هو فأخبر.
قوله: (فحلفوا ما قالوا) في رواية زهيرٍ: (فأجهد يمينه) والمراد به: عبد اللّه بن أبيٍّ، وجمع باعتبار من معه.
ووقع في رواية أبي الأسود عن عروة: (فبعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عبد اللّه بن أبيٍّ فسأله فحلف باللّه ما قال من ذلك شيئًا قوله فكذّبني بالتّشديد).
في رواية زهيرٍ فقالوا: (كذب زيدٌ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم) وهذا بالتّخفيف (ورسول اللّه) بالنّصب على المفعوليّة.
وقد تقدّم تحقيقه في الكلام على حديث أبي سفيان في قصّة هرقل.
وفي رواية ابن أبي ليلى عن زيدٍ عند النّسائيّ: (فجعل النّاس يقولون: أتى زيدٌ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالكذب).
قوله: (وصدّقه) وفي الرّواية الّتي بعدها (فصدّقهم) وقد مضى توجيهها.
قوله: (فأصابني همٌّ) في رواية زهيرٍ: (فوقع في نفسي شدّةٌ)، وفي رواية أبي سعدٍ الأزديّ عن زيدٍ (فوقع عليّ من الهمّ ما لم يقع على أحدٍ)، وفي رواية محمّد بن كعبٍ: (فرجعت إلى المنزل فنمت) زاد التّرمذيّ في روايته (فنمت كئيبًا حزينًا)، وفي رواية ابن أبي ليلى: (حتّى جلست في البيت مخافة إذا رآني النّاس أن يقولوا كذبت).
قوله: (فقال لي عمّي ما أردت إلى أن كذّبك) كذا للأكثر.
وذكر أبو عليٍّ الجيّانيّ أنّه وقع في رواية الأصيليّ عن الجرجانيّ: (فقال لي عمر) قال الجيّانيّ: والصّواب (عمّي) كما عند الجماعة. انتهى.
وقد ذكرت قبل ذلك ما يقتضي احتمال ذلك.
قوله: (ومقتك) في روايةٍ لمحمّد بن كعبٍ: (فلامني الأنصار)، وعند النّسائيّ من طريقه (ولامني قومي).
قوله: (فأنزل اللّه) في رواية محمّد بن كعبٍ: (فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم) أي بالوحي، وفي رواية زهيرٍ: (حتّى أنزل اللّه)، وفي رواية أبي الأسود عن عروة (فبينما هم يسيرون أبصروا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوحى إليه فنزلت)، وفي رواية أبي سعدٍ: قال: (فبينما أنا أسير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد خفقت برأسي من الهمّ أتاني فعرك بإذني وضحك في وجهي فلحقني أبو بكرٍ فسألني فقلت: له فقال: أبشر ثمّ لحقني عمر مثل ذلك، فلمّا أصبحنا قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سورة المنافقين).
قوله: (إذا جاءك المنافقون)، زاد آدم إلى قوله: (هم الّذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه) إلى قوله: (ليخرجن الأعز منها الأذل).
وهو يبيّن أنّ رواية محمّد بن كعبٍ مختصرةٌ حيث اقتصر فيها على قوله: (ونزل هم الّذين يقولون لا تنفقوا) الآية، لكن وقع عند النّسائيّ من طريقه: (فنزلت هم الّذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضوا) حتّى بلغ: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل).
قوله: (إنّ اللّه قد صدّقك يا زيد)، وفي مرسل الحسن: (فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأذن الغلام فقال وفت أذنك يا غلام مرّتين)، زاد زهيرٌ في روايته: (فدعاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليستغفر لهم). وسيأتي شرحه بعد ثلاثة أبوابٍ.
وفي الحديث من الفوائد:
ترك مؤاخذة كبراء القوم بالهفوات لئلّا ينفر أتباعهم والاقتصار على معاتباتهم وقبول أعذارهم وتصديق أيمانهم وإن كانت القرائن ترشد إلى خلاف ذلك لما في ذلك من التّأنيس والتّأليف.
وفيه جواز تبليغ ما لا يجوز للمقول فيه ولا يعدّ نميمةً مذمومةً إلّا إن قصد بذلك الإفساد المطلق وأمّا إذا كانت فيه مصلحةٌ ترجّح على المفسدة فلا). [فتح الباري: 8/644-646]

- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا عبد الله بن رجاءٍ حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيدٍ بن أرقم قال كنت في غزاةٍ فسمعت عبد الله بن أبيٍّ يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينقضّوا من حوله ولئن رجعنا من عنده ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ فذكرت ذالك لعمّي أو لعمر فذكره للنبيّ صلى الله عليه وسلم فدعاني فحدّثته فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبيٍّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا فكذّبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدّقه فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قطّ فجلست في البيت فقال لي عمّي ما أردت إلى أن كذّبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك فأنزل الله تعالى: {إذا جاءك المنافقون} فبعث إليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقرأ فقال إنّ الله قد صدّقك يا زيد..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. لأنّه يبين سبب نزولها. وإسرائيل هو ابن يونس يروي عن جده أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا عن آدم وعبيد الله بن موسى فهم ثلاثتهم عن إسرائيل وعن عمرو بن خالد وأخرجه مسلم في التّوبة عن أبي بكر بن أبي شيبة. وأخرجه التّرمذيّ في التّفسير عن عبد بن حميد وأخرجه النّسائيّ فيه عن أبي داود الحراني.
قوله: (في غزاة) ، هي غزوة تبوك على ما وقع في رواية النّسائيّ، والّذي عليه أهل المغازي أنّها غزوة بني المصطلق، وذكر أبو الفرج أنّها المريسيع سنة خمس، وقيل: ستّ وقال موسى: سنة أربع. قوله: (عبد الله بن أبي) ، ابن سلول رأس المنافقين والابن الثّاني صفة لعبد الله فهو بالنّصب وسلول غير منصرف لأنّه اسم أم عبد الله فهو منسوب إلى الأبوين. قوله: (يقول لا تنفقوا) ، إلى قوله: (الأذل) هو كلام عبد الله بن أبي ولم يقصد الرّاوي به التّلاوة، وقال بعضهم: وغلط بعض الشّرّاح فقال. هذا واقع في قراءة ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. قلت: أراد به صاحب (التّلويح) ولكنه لم يقل هكذا وإنّما قال. قوله: حتّى ينفضوا من حوله، بكسر الميم وجر اللّام، وكذا هو في السّبعة. قال النّوويّ: وقرىء في الشاذ من حوله، بالفتح هذا الّذي ذكره صاحب (التّلويح) نعم قوله: كذا هو في السّبعة، فيه نظر. قوله: (ولئن رجعنا) ، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني، ولو رجعنا. قوله: (لعمّي أو لعمر) ، كذا بالشّكّ، وفي سائر الرّوايات الّتي تأتي: لعمى، بلا شكّ وكذا عند التّرمذيّ من طريق أبي سعيد الأزديّ عن زيد، ووقع عند الطّبرانيّ وابن مردويه: أن المراد بعمّه سعد بن عبادة وليس عمه حقيقة، وإنّما هو سيد قومه الخزرج، وعم زيد بن أرقم الحقيقيّ ثابت بن قيس له صحبة وعمه زوج أمه عبد الله بن رواحة خزرجي أيضا وفي كلام الكرماني أنه عبد الله بن رواحة وهو عمه المجازي لأنّه كان في حجره وأنهما من أولاد كعب الخزرجي، وقال الغساني: الصّواب عمي لا عمر، على ما رواه الجماعة. قوله: فذكره للنّبي صلى الله عليه وسلم أي: فذكره عمي ووقع في رواية ابن أبي ليلى عن زيد، فأخبرت به النّبي صلى الله عليه وسلم، وكذا وقع في مرسل قتادة، والتوفيق بينهما أنه يحمل على أنه أرسل أولا ثمّ أخبر به بنفسه. قوله: (فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم) بالتّشديد. قوله: (وصدقه) أي: وصدق عبد الله بن أبي. قوله: (فأصابني هم لم يصبني مثله قطّ) يعني: في الزّمن الماضي، ووقع في رواية زهير: فوقع في نفسه شدّة، ووقع في رواية أبي سعد الأزديّ عن زيد. فوقع على من الهم ما لم يقع على أحد، وفي رواية محمّد بن كعب فرجعت إلى المنزل فنمت، زاد التّرمذيّ رواية: فنمت كئيبا حزينًا. وفي رواية ابن أبي ليلى: حتّى جلست في البيت مخافة إذ رآني النّاس أن يقولوا: كذبت. قوله: (ما أردت إلى أن كذبك) بالتّشديد، أي: ما قصدت منتهيا إليه. أي: ما حملك عليه قوله: (ومقاك) من مقته مقتا إذا أبغضه بغضا. وفي رواية محمّد بن كعب: فلامني الأنصار، وعند النّسائيّ من طريقه ولامني قومي. قوله: (فأنزل الله) وفي رواية محمّد ابن كعب، فإنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: الوحي، وفي رواية زهير: حتّى أنزل الله تعالى، وفي رواية أبي الأسود عن عروة فبينما هم يسيرون أبصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه فنزلت، وفي رواية أبي سعد عن زيد قال: فبينما إنّا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خفقت برأسي من الهم أتاني فعرك أذني فضحك في وجهي فلحقني أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، فسألني فقلت له: أبشر ثمّ لحقني عمر رضي اللهغنه ذلك. فلمّا أصبحنا قرأ رسول صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين، قوله: {إذا جاءك المنافقون} زاد آدم بن أبي إياس إلى قوله: هم الّذين يقولون: لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى قوله: ليخرجن الأعز منها الأذل). [عمدة القاري: 19/236-237]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم، قال: كنت في غزاةٍ فسمعت عبد اللّه بن أبيٍّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا من حوله، ولو رجعنا من عنده ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ فذكرت ذلك لعمّي أو لعمر، فذكره للنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فدعاني فحدّثته، فأرسل رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا فكذّبني رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وصدّقه فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قطّ فجلست في البيت، فقال لي عمّي: ما أردت إلى أن كذّبك رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ومقتك فأنزل اللّه تعالى: {إذا جاءك المنافقون} فبعث إليّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأ فقال: «إنّ اللّه قد صدّقك يا زيد». [الحديث 4900 - أطرافه في: 4901، 4902، 4903، 4904].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن رجاء) الغداني بضم الغين المعجمة والدال المهملة المخففة قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن زيد بن أرقم) أنه (قال: كنت في غزاة) هي غزوة تبوك كما عند النسائي وعند أهل المغازي أنها غزوة بني المصطلق ورجحه ابن كثير بأن عبد الله بن أبي لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك بل رجع بطائفة من الجيش لكن أيد في الفتح القول بأنها غزوة تبوك بقوله في رواية زهير الآتية إن شاء الله تعالى في سفر أصاب الناس فيه شدة (فسمعت عبد الله بن أبيّ) هو ابن سلول رأس النفاق (يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله) من المهاجرين (حتى ينفضوا) يتفرقوا (من حوله) وسمعته يقول (ولو) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ولئن (رجعنا من عنده) ولأبي ذر إلى المدينة من عنده (ليخرجن الأعز) يريد نفسه (منها الأذل) يريد الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه قال زيد بن أرقم: (فذكرت ذلك) الذي قاله عبد الله بن أبي (لعمي) هو سعد بن عبادة كما عند الطبراني وابن مردويه وليس هو عمه حقيقة وإنما هو سيد قومه الخزرج (أو لعمر) بن الخطاب بالشك، وعند الترمذي كسائر الروايات الآتية عمي بدون شك (فذكره النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فدعاني) عليه الصلاة والسلام (فحدّثته) بذلك (فأرسل رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- إلى عبد الله بن أبي وأصحابه) فسألهم عن ذلك (فحلفوا ما قالوا) ذلك (فكذبني رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) بتشديد الذال المعجمة (وصدقه) بتشديد المهملة أي صدق عبد الله بن أبي (فأصابني همّ لم يصبني مثله قط) في الزمن الماضي (فجلست في البيت فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذّبك رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) بتشديد المعجمة في الفرع وقف تنكز ما أردت إلا بتشديد اللام وفي فرع غيره كثير إلى الجارة وهو الذي في اليونينية (ومقتك) وعند النسائي: ولامني قومي (فأنزل الله تعالى: {إذا جاءك المنافقون}) وعند النسائي فنزلت: {الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} حتى بلغ: {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} [المنافقون: 7، 8] (فبعث إليّ النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأ) ما أنزل الله عليه من ذلك (فقال: إن الله قد صدقك يا زيد).
وهذا الحديث أخرجه مسلم في التوبة والترمذي في التفسير وكذا النسائي). [إرشاد الساري: 7/384-385]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (فكذبني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وصدقه الخ) فإن قلت: كيف يكذب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم المؤمن، ويصدق المنافق في مثل هذا مع أن المنافقين دأبهم الكذب في مثله، والمؤمنون من الصحابة ما كان دأبهم الكذب بل دأبهم الصدق سيما في حضرة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
فالجواب يحتمل أنه ما علم حالهم قبل، وإنما أطلعه الله تعالى على حالهم أولاً بهذه السورة، وهذا ظاهر قوله تعالى. قالوا: نشهد إنك لرسول الله الخ. وقوله: وأن يقولوا تسمع لقولهم، وقوله تعالى: {هم العدوّ فاحذرهم}، والله تعالى أعلم. ويحتمل أنه صدقهم، وكذب هذا ظاهراً بمعنى أنه رد خبره لوحدته، وترك عقوبتهم، فصار كأنه صدقهم، وكذبه والله تعالى أعلم.
وقوله: ما أردت إلى أن كذبك فمعناه أيّ شيء أردت بما خضت فيه إلى أن كذبك فإلى الجارة متعلقة بمحذوف، وهو خضت غاية له، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3/74]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا آدم بن أبي إياسٍ، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنه، قال: كنت مع عمّي، فسمعت عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا، وقال أيضًا: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فذكرت ذلك لعمّي، فذكر عمّي لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدّقهم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وكذّبني، فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قطّ، فجلست في بيتي، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] إلى قوله {هم الّذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه} [المنافقون: 7] إلى قوله {ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ} [المنافقون: 8] فأرسل إليّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقرأها عليّ، ثمّ قال: «إنّ اللّه قد صدّقك»). [صحيح البخاري: 6/152]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا آدم بن أبي إياسٍ حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيدٍ بن أرقم رضي الله عنه قال كنت مع عمّي فسمعت عبد الله بن أبيٍّ ابن سلول يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى ينفضّوا وقال أيضا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ فذكرت ذالك نعمّي فذكر عمّي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبيٍّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا فصدّقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذّبني فأصابني هم لم يصبني مثله قطٌّ فجلست في بيتي فأنزل الله عزّ وجلّ: {إذا جاءك المنافقون} (المنافقون: 1) إلى قوله: {هم الّذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله} (المنافقون: 7) إلى قوله: {ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ} (المنافقون: 8) فأرسل إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليّ ثمّ قال إنّ الله قد صدقك.
هذا طريق آخر في حديث زيد بن أرقم المذكور في الباب الّذي قبله، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي يروى عن جده أبي إسحاق، ومر الكلام فيه عن قريب). [عمدة القاري: 19/238]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا آدم بن أبي إياسٍ، حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: كنت مع عمّي، فسمعت عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا. وقال أيضًا: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فذكرت ذلك لعمّي، فذكر عمّي لرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأرسل رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا: فصدّقهم رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وكذّبني، فأصابني همٌّ لم يصبني مثله فجلست في بيتي، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {إذا جاءك المنافقون} -إلى قوله- {هم الّذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه} -إلى قوله- {ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ} [المنافقون: 7، 8] فأرسل إليّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأها عليّ ثمّ قال: «إنّ اللّه قد صدّقك».
وبه قال: (حدّثنا آدم بن أبي إياس) قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-) أنه قال: (كنت مع عمي) سعد بن عبادة أو عبد الله بن رواحة لأنه كان في حجره قاله الكرماني (فسمعت عبد الله بن أبي) بالتنوين (ابن سلول) بنصب ابن صفة لعبد الله وسلول اسم أمه غير منصرف والألف ثابتة في ابن (يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) من حوله (وقال) عبد الله بن أبي (أيضًا: لئن رجعنا) وسقط لفظ أيضًا لأبي ذر (إلى المدينة ليخرجن الأعز منها) أي من المدينة (الأذل، فذكرت ذلك لعمي فذكر عمي) ذلك (لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأرسل رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا) لما حضروا وذكر لهم ذلك أنهم (ما قالوا) ذلك (فصدقهم رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- وكذّبني فأصابني همّ لم يصبني مثله) وزاد الكشميهني قط (فجلست في بيني) كئيبًا حزينًا (فأنزل الله عز وجل: {إذا جاءك المنافقون} -إلى قوله:- {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله} -إلى قوله:- {ليخرجن الأعز منها الأذل}). وقرأ الحسن: لنخرجن بالنون ونصب الأعز على المفعول والأذل على الحال أي لنخرجن الأعز ذليلًا، وضعف بأن الحال لا تكون إلا نكرة والأذل معرفة ومنهم من جوّزها والجمهور جعلوا أل مزيدة على حدّ أرسلها العراك وأدخلوا الأول فالأول (فأرسل إليّ) بالتشديد (رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأها علي ثم قال: إن الله قد صدقك) فيما قلته). [إرشاد الساري: 7/385-386]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عمرو بن خالدٍ، حدّثنا زهير بن معاوية، حدّثنا أبو إسحاق، قال: سمعت زيد بن أرقم، قال: خرجنا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في سفرٍ أصاب النّاس فيه شدّةٌ، فقال عبد اللّه بن أبيٍّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فأتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته، فأرسل إلى عبد اللّه بن أبيٍّ فسأله، فاجتهد يمينه ما فعل، قالوا: كذب زيدٌ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فوقع في نفسي ممّا قالوا شدّةٌ، حتّى " أنزل اللّه عزّ وجلّ تصديقي في: {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] فدعاهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليستغفر لهم، فلوّوا رءوسهم "). [صحيح البخاري: 6/153]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (ذكر فيه حديث زيد بن أرقم من رواية زهيرٍ عن أبي إسحاق نحو رواية إسرائيل عنه كما تقدّم بيان ذلك وقال في آخره حتّى أنزل اللّه عز وجل تصديقي في إذا جاءك المنافقون فدعاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم). [فتح الباري: 8/647]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (حدثنا عمرو بن خالد حدثنا زهير بن معاوية حدثنا أبو إسحاق. قال سمعت زيد بن أرقم: قال خرجنا مع النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم في سفر أصاب النّاس فيه شدّة فقال عبد الله بن أبي لأصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضوا من حوله وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل قالوا كذب زيد رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فوقع في نفسي ممّا قالوا شدّة حتّى أنزل الله عز وجل تصديقي في إذا جاءك المنافقون فدعاهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم ليستغفر لهم فلووا رؤسهم. وقوله خشب مسندة قال كانوا رجالًا أجمل شيء) هذا أيضا طريق آخر في حديث زيد بن أرقم أخرجه عن عمرو بن خالد الجزري عن زهير بن معاوية عن أبي إسحق عمرو السبيعي قوله " شدّة " أي من جهة قلّة الزّاد قوله " فأتيت النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته " قال الكرماني قال في الحديث المتقدّم فذكرت لعمّي فذكره للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم يعني بينهما تناف ثمّ أجاب أن الإخبار أعم من أن يكون بنفسه أو بالواسطة قلت الإخبار هنا لا يدل على العموم مع قوله فأتيت النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم وقد ذكرنا الجواب عن هذا عن قريب قوله " فاجتهد يمينه " أي بذل وسعه في اليمين وبالغ فيها قوله " ما فعل " أي ما قال أطلق الفعل على القول لأن الفعل يعم الأفعال والأقوال قوله " كذب زيد رسول الله " بالتّخفيف قوله " فلووا بالتّشديد " أي حركوا وقرئ بالتّخفيف أيضا). [عمدة القاري: 19/239]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا عمرو بن خالدٍ، حدّثنا زهير بن معاوية، حدّثنا أبو إسحاق قال: سمعت زيد بن أرقم قال: خرجنا مع النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في سفرٍ أصاب النّاس فيه شدّةٌ، فقال عبد اللّه بن أبيٍّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فأتيت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأخبرته، فأرسل إلى عبد اللّه بن أبيٍّ فسأله، فاجتهد يمينه ما فعل قالوا كذب زيدٌ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فوقع في نفسي ممّا قالوا شدّةٌ، حتّى أنزل اللّه عزّ وجلّ تصديقي في {إذا جاءك المنافقون} فدعاهم النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ليستغفر لهم فلوّوا رءوسهم. وقوله: {خشبٌ مسنّدةٌ} قال: كانوا رجالًا أجمل شيءٍ.
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن خالد) بفتح العين الحراني الجزري قال: (حدّثنا زهير بن معاوية) الجعفي الكوفي قال: (حدّثنا أبو إسحاق) عمرو السبيعي (قال: سمعت زيد بن أرقم) -رضي الله عنه- (قال: خرجنا مع النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- في سفر) غزوة تبوك أو بني المصطلق (أصاب الناس فيه شدّة) من قلة الزاد وغيره. قال ابن حجر: وهو يؤيد أنها غزوة تبوك (فقال عبد الله بن أبيّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله) كذا في قراءة عبد الله وهو مخالف لرسم المصحف ويحتمل أن يكون من تفسير عبد الله (وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) وأخرج الحاكم في الإكليل من طريق أبي الأسود عن عروة أن هذا القول وقع من عبد الله بن أبي بعد أن قفلوا من الغزو. قال زيد: (فأتيت النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأخبرته فأرسل إلى عبد الله بن أبيّ فسأله) عن ذلك (فاجتهد يمينه) في اليونينية فاجتهد يمينه بسكون الدال أي بذل وسعه وبالغ فيها أنه (ما فعل) أي ما قال ذلك (قالوا) يعني الأنصار (كذب زيد رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) بتخفيف المعجمة ورسول نصب على المفعولية (فوقع في نفسي مما قالوا شدة حتى أنزل الله عز وجل تصديقي في {إذا جاءك المنافقون} فدعاهم النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- ليستغفر لهم) مما قالوا (فلوّوا رؤوسهم) عطفوها إعراضًا واستكبارًا عن استغفار الرسول عليه الصلاة والسلام لهم). [إرشاد الساري: 7/387]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال: كنت مع عمّي فسمعت عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول، يقول: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فذكرت ذلك لعمّي، فذكر عمّي للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فدعاني فحدّثته، فأرسل إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، وكذّبني النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وصدّقهم، فأصابني غمٌّ لم يصبني مثله قطّ، فجلست في بيتي، وقال عمّي: ما أردت إلى أن كذّبك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومقتك؟ فأنزل اللّه تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا: نشهد إنّك لرسول اللّه} [المنافقون: 1] وأرسل إليّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقرأها، وقال: «إنّ اللّه قد صدّقك»). [صحيح البخاري: 6/153]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (ثمّ ذكر حديث زيد بن أرقم من وجهٍ آخر كما مضى بيانه ووقع لأكثر الرّواة مختصرًا من أثنائه وساقه أبو ذرٍّ تامًّا إلّا
- قوله وصدّقهم وقد تعقّبه الإسماعيليّ بأنّه ليس في السّياق الّذي أورده خصوص ما ترجم به والجواب أنّه جرى على عادته في الإشارة إلى أصل الحديث ووقع في مرسل الحسن فقال قومٌ لعبد اللّه بن أبيٍّ لو أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاستغفر لك فجعل يلوي رأسه فنزلت وكذا أخرج عبد بن حميدٍ من طريق قتادة ومن طريق مجاهدٍ ومن طريق عكرمة أنّها نزلت في عبد اللّه بن أبيٍّ). [فتح الباري: 8/648]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيدٍ بن أرقم قال كنت مع عمّي فسمعت عبد الله بن أبيٍّ ابن سلول يقول لا تنفضوا على من عند رسول الله حتّى ينفضّوا ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ فذكرت ذالك لعمّي فذكره عمّي للنبيّ صلى الله عليه وسلم وصدّقهم فدعاني فحدّثته فأرسل إلى عبد الله بن أبيٍّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا وكذّبني النبيّ صلى الله عليه وسلم فأصابني غمٌّ لم يصبني مثله قطّ فجلست في بيتي: وقال عمّي ما أردت إلى أن كذّبك النبيّ صلى الله عليه وسلم ومقتك فأنزل الله تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنّك لرسول الله} (المنافقون: 1) وأرسل إليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقرأها: وقال إنّ الله قد صدّقك..
هذا طريق آخر في الحديث المذكور. وقد اعترض الإسماعيليّ بأنّه ليس في السّياق الّذي أورده خصوص ما ترجم به، وأجيب بأن عادته جرت بالإشارة إلى أصل الحديث، ووقع في مرسل الحسن: فقال قوم لعبد الله بن أبي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغفر لك فجعل يلوي رأسه، فنزلت: وها أنت قد رأيت أخرج البخاريّ حديث زيد بن أرقم من خمسة طرق وترجم على رأس كل حديث منها: أربعة منها عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم وواحد عن محمّد بن كعب القرظيّ عنه ففي ثلاثة، روى أبو إسحاق بالعنعنة، وفي واحد بالسّماع، وفي ثلاثة رواه إسرائيل عن جده أبي إسحاق. وفي واحد زهير ابن معاوية عنه). [عمدة القاري: 19/240]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا عبيد اللّه بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم، قال: كنت مع عمّي فسمعت عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فذكرت ذلك لعمّي فذكره للنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وصدّقهم، فدعاني فحدّثته فأرسل إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا وكذّبني النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأصابني غمٌّ لم يصبني مثله قطّ، فجلست في بيتي وقال عمّي: ما أردت إلى أن كذّبك النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ومقتك، فأنزل اللّه تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنّك لرسول اللّه}، وأرسل إليّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأها وقال: «إنّ اللّه قد صدّقك».
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين مصغرًا أو محمد العبسي مولاهم الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو السبيعي (عن زيد بن أرقم) -رضي الله عنه- أنه (قال: كنت مع عمي) قيل زيادة على ما مرّ أنه ثابت بن قيس بن زيد وهو أخو أرقم بن زيد أو أراد عمه زوج أمه ابن رواحة وكانوا في غزاة بني المصطلق أو تبوك، وعورض بأن المسلمين كانوا بتبوك أعزّاء والمنافقين أذلة وبأن ابن أبي لم يشهدها إنما كان في الخوالف كما مرّ والإعادة لمزيد الإفادة. (فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول): أي لأصحابه (لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ فذكرت ذلك لعمي فذكره عمي للنبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- وصدقهم) أي صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام
ابن أبيّ وأصحابه لما حلفوا على عدم صدور المقالة المذكورة ولأبوي ذر والوقت (فدعاني) رسول الله-صلّى اللّه عليه وسلّم- (فحدّثته) بما قال ابن أبيّ (فأرسل إلى عبد الله بن أبيّ وأصحابه) فسألهم (فحلفوا ما قالوا) ذلك (وكذّبني النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأصابني همّ لم يصبني مثله قط فجلست في بيتي، وقال عمي: ما أردت إلى أن كذبك النبي) وفي نسخة رسول الله (-صلّى اللّه عليه وسلّم- ومقتك فأنزل الله تعالى): وفي نسخة عز وجل ({إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله} وأرسل) ولأبي ذر: فأرسل بالفاء بدل الواو (إليّ النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأها وقال: إن الله قد صدقك).
قيل: وليس في الحديث ما ترجم به. وأجيب: بأن عادة المؤلّف أن يشير إلى أصل الحديث، وفي مرسل الحسن فقال قوم لعبد الله بن أبيّ: فلو أتيت رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فاستغفر لك فجعل يلوي رأسه فنزلت). [إرشاد الساري: 7/387]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال: كنت مع عمّي فسمعت عبد الله بن أبيٍّ ابن سلول، يقول لأصحابه: {لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضّوا} و {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ} فذكرت ذلك لعمّي، فذكر ذلك عمّي للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فدعاني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فحدّثته، فأرسل رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، إلى عبد الله بن أبيٍّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذّبني رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم وصدّقه، فأصابني شيءٌ لم يصبني شيءٌ قطّ مثله، فجلست في البيت، فقال عمّي: ما أردت إلاّ أن كذّبك رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ومقتك، فأنزل اللّه تعالى {إذا جاءك المنافقون} فبعث إليّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأها، ثمّ قال: إنّ اللّه قد صدّقك.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/271] (م)
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا زيد بن أرقم، قال: غزونا مع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم وكان معنا أناسٌ من الأعراب فكنّا نبتدر الماء، وكان الأعراب يسبقونا إليه، فسبق أعرابيٌّ أصحابه، فيسبق الأعرابيّ فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارةً ويجعل النّطع عليه حتّى يجيء أصحابه. قال: فأتى رجلٌ من الأنصار أعرابيًّا فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه فانتزع قباض الماء، فرفع الأعرابيّ خشبةً فضرب بها رأس الأنصاريّ فشجّه، فأتى عبد الله بن أبيٍّ رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه، فغضب عبد الله بن أبيٍّ، ثمّ قال: {لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضّوا}، يعني الأعراب، وكانوا يحضرون رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم عند الطّعام، فقال عبد الله: إذا انفضّوا من عند محمّدٍ فأتوا محمّدًا بالطّعام، فليأكل هو ومن عنده، ثمّ قال لأصحابه: {لئن رجعتم إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ}، قال زيدٌ: وأنا ردف رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: فسمعت عبد الله بن أبيٍّ، فأخبرت عمّي، فانطلق فأخبر رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فأرسل إليه رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فحلف وجحد، قال: فصدّقه رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم وكذّبني، قال: فجاء عمّي إليّ، فقال: ما أردت إلاّ أن مقتك رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم وكذّبك والمسلمون. قال: فوقع عليّ من الهمّ ما لم يقع على أحدٍ. قال: فبينما أنا أسير مع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم في سفرٍ قد خفقت برأسي من الهمّ، إذ أتاني رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرّني أنّ لي بها الخلد في الدّنيا، ثمّ إنّ أبا بكرٍ لحقني فقال: ما قال لك رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قلت: ما قال لي شيئًا، إلاّ أنّه عرك أذني وضحك في وجهي. فقال: أبشر، ثمّ لحقني عمر، فقلت له مثل قولي لأبي بكرٍ فلمّا أصبحنا قرأ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم سورة المنافقين.
هذا حديثٌ حسنٌ). [سنن الترمذي: 5/272-273]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ بمرو، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ الأزديّ، ثنا زيد بن أرقم رضي اللّه عنه، قال: غزونا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وكان معنا ناسٌ من الأعراب فكنّا نبتدر الماء، وكان الأعراب يسبقونا فيسبق الأعرابيّ أصحابه فيملأ الحوض، ويجعل حوله حجارةً، ويجعل النّطع عليه حتّى يجيء أصحابه، فأتى رجلٌ من الأنصار الأعرابيّ فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه فانتزع حجرًا ففاض فرفع الأعرابيّ خشبةً، فضرب بها رأس الأنصاريّ فشجّه، فأتى عبد اللّه بن أبيٍّ رأس المنافقين فأخبره، وكان من أصحابه فغضب عبد اللّه بن أبيٍّ، ثمّ قال: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم حتّى ينفضّوا من حوله يعني الأعراب، وكانوا يحدّثون رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم عند الطّعام، فقال عبد اللّه لأصحابه: إذا انفضّوا من عند محمّدٍ، فأتوا محمّدًا للطّعام فليأكل هو ومن عنده، ثمّ قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة، فليخرج الأعزّ منها الأذلّ، قال زيدٌ: وأنا ردف عمّي، فسمعت عبد اللّه وكنّا أخواله فأخبرت عمّي، فانطلق فأخبر رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل إليه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فحلف وجحد واعتذر، فصدّقه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وكذّبني، فجاء إلى عمّي، فقال: ما أردت إن مقتك رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وكذّبك، وكذّبك المسلمون. فوقع عليّ من الغمّ ما لم يقع على أحدٍ قطّ، فبينا أنا أسير مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في سفرٍ وقد خفقت برأسي من الهمّ، فأتاني رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم «فعرك أذني وضحك في وجهي» فما كان يسرّني أنّ لي بها الخلد أو الدّنيا، ثمّ إنّ أبا بكرٍ لحقني، فقال: ما قال لك رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم؟ قلت: ما قال لي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم شيئًا غير أنّه «عرك أذني وضحك في وجهي» فقال: أبشر. ثمّ لحقني عمر فقال: ما قال لك رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم؟ فقلت له مثل قولي لأبي بكرٍ فلمّا أصبحنا " قرأ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم سورة المنافقون {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنّك لرسول اللّه} [المنافقون: 1] حتّى بلغ {الّذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا} [المنافقون: 7] حتّى بلغ {ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ} [المنافقون: 8] «قد اتّفق الشّيخان على إخراج أحرفٍ يسيرةٍ من هذا الحديث من حديث أبي إسحاق السّبيعيّ، عن زيد بن أرقم» وأخرج البخاريّ متابعًا لأبي إسحاق من حديث شعبة عن الحكم، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن زيد بن أرقم ولم يخرّجاه بطوله والإسناد صحيحٌ "). [المستدرك: 2/531]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): ( نزلت في غزوة بني المصطلق بسبب أن عبد الله بن أبيّ ابن سلول، كانت منه في تلك الغزوة أقوال، وكان له أتباع يقولون قوله، فنزلت السورة كلها بسبب ذلك، ذكر الله تعالى فيها ما تقدم من المنافقين من خلفهم وشهادتهم في الظاهر بالإيمان وأنهم كذبة، وذكر فيها ما تأخر منهم ووقع في تلك الغزوة، وسيأتي بيان ذلك فصلا فصلا عند تفسير الآيات إن شاء الله تعالى). [المحرر الوجيز: 28/307]م

قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وذكر أهل التفسير أنها نزلت في عبد الله بن أبي ونظرائه وكان السبب أن عبد الله خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في خلق كثير من المنافقين إلى المريسيع وهو ماء لبني المصطلق طلبا للغنيمة لا للرغبة في الجهاد؛ لأن السفر قريب فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوه أقبل رجل من جهينة يقال له سنان وهو حليف لعبد الله بن أبي ورجل من بني غفار يقال له جهجاه بن سعيد وهو أجير لعمر بن الخطاب لاستقاء الماء فدار بينهما كلام فرفع الغفاري يده فلطم الجهني فأدماه فنادى الجهني: (يا آل الخزرج) فأقبلوا ونادى الغفاري: (يا آل قريش)، فأقبلوا فأصلح الأمر قوم من المهاجرين
فبلغ الخبر عبد الله ابن أبي فقال وعنده جماعة من المنافقين: والله ما مثلكم ومثل هؤلاء الرهط من قريش إلا مثل ما قال الأول: سمن كلبك يأكلك ولكن هذا فعلكم بأنفسكم آويتموهم في منازلكم وأنفقتم عليهم أموالكم فقووا وضعفتم وايم الله لو أمسكتم أيديكم لتفرقت عن هذا جموعه ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
وكان في القوم زيد بن أرقم وهو غلام يومئذ لا يؤبه له فقال لعبد الله: (أنت والله الذليل القليل).
فقال: إنما كنت ألعب.
فأقبل زيد بالخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (دعني أضرب عنقه).
فقال: ((إذن ترعد له آنف كبيرة)).
قال: (فإن كرهت أن يقتله رجل من المهاجرين فمر سعد بن عبادة أو محمد بن مسلمة أو عباد بن بشر فليقتله).
فقال: ((إذن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه)).
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي فأتاه فقال: ((أنت صاحب هذا الكلام؟)).
فقال: والذي أنزل عليك ما قلت شيئا من هذا وإن زيدا لكذاب.
فقال من حضر: لا يصدق عليه كلام غلام عسى أن يكون قد وهم.
فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم وفشت الملامة من الأنصار لزيد وكذبوه وقال له عمه: (ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ومقتوك) فاستحيا زيد وجلس في بيته فبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي لما بلغك عنه فإن كنت فاعلا فمرني فأنا أحمل إليك راسه فإني أخشى أن يقتله غيري فلا تدعني نفسي حتى أقتل قاتله فأدخل النار).
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بل تحسن صحبته ما بقي معنا)).
وأنزل الله سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبد الله، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه فقال: ((إن الله قد صدقك)).
ولما أراد عبد الله بن أبي أن يدخل المدينة جاء ابنه فقال: (ما وراءك؟)
قال: مالك ويلك
قال: (والله لا تدخلها أبدا إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم اليوم من الأعز ومن الأذل).
فشكا عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خل عنه حتى يدخل فلما نزلت السورة، وبان كذبه قيل له: (يا أبا حباب إنه قد نزلت فيك آيات شداد فاذهب إلى رسول الله ليستغفر لك فلوى به راسه فذلك قوله تعالى: {لووا رؤوسهم} [المنافقون: 5]).
وقيل: الذي قال له هذا عبادة بن الصامت). [زاد المسير: 8/271-273]

قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) زيد بن أرقم - رضي الله عنه -: قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ - أصاب الناس فيه شدّةٌ - فقال عبد الله بن أبيّ: لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ينفضّوا من حوله، وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، قال: فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبيّ، فسأله؟ فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فوقع في نفسي ممّا قالوا شدّةٌ، حتى أنزل الله تصديقي {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] قال: ثم دعاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم، قال: فلوّوا رؤوسهم، وقوله: {كأنهم خشبٌ مسنّدةٌ} قال: كانوا رجالاً أجمل شيءٍ.
وفي رواية أن زيداً قال: كنت في غزاةٍ فسمعت عبد الله بن أبيّ يقول - فذكره نحوه - قال: فذكرت ذلك لعمّي - أو لعمر - فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني فحدّثته، فأرسل إلى عبد الله بن أبيّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدّقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذّبني، فأصابني غمٌّ لم يصبني مثله قط، فجلست في بيتي، وقال عمّي: ما أردت إلى أن كذّبك النبيّ صلى الله عليه وسلم ومقتك؟ فأنزل الله عز وجل {إذا جاءك المنافقون - إلى قوله - ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ} [المنافقون: 1- 8] فأرسل إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأها عليّ ثم قال: إنّ الله قد صدّقك. أخرجه البخاري، ومسلم.
وللبخاري أيضاً، قال: لما قال عبد الله بن أبّيٍ: لا تنفقوا على من عند رسول الله، وقال أيضاً: لئن رجعنا إلى المدينة أخبرت به النبيّ صلى الله عليه وسلم فلامني الأنصار، وحلف عبد الله ابن أبّيٍ ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل، فنمت، فأتاني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال: إنّ الله قد صدّقك، فنزلت: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضّوا} [المنافقون: 7].
وأخرجه الترمذي مثل الرواية الثانية، ونحو الرواية الثالثة التي أخرجها البخاري، وقال: «في غزوة تبوك».
وفي رواية أخرى له قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معنا أناسٌ من الأعراب، فكنّا نبتدر الماء، وكان الأعراب يسبقوننا إليه، فسبق أعرابيٌّ أصحابه، فيسبق الأعرابيّ، فيملأ الحوض، فيجعل حوله حجارة، ويجعل النّطع عليه، حتى يجيء أصحابه قال: فأتى رجلٌ من الأنصار أعرابيّاً، فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه، فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبة، فضرب بها رأس الأنصاريّ، فشجّه فأتى عبد الله بن أبّيٍ رأس المنافقين فأخبره - وكان من أصحابه - فغضب عبد الله بن أبيٍّ، ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله - يعني الأعراب- وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطّعام قال عبد الله: إذا انفضوا من عند محمدٍ، فائتوا محمداً بالطعام، فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه: لئن رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعزّ منها الأذلّ - قال زيدٌ: وأنا ردف عمّي - فسمعت عبد الله، فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلف وجحد، قال: فصدّقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذّبني، قال: فجاء عمي إليّ فقال: ما أردت إلى أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذّبك والمسلمون، قال: فوقع عليّ من الهمّ ما لم يقع على أحدٍ، قال: فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قد خفقت برأسي من الهم. إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرك أذني وضحك في وجهي فما كان يسرّني أنّ لي بها الخلد في الدنيا، ثم إنّ أبا بكرٍ لحقني، فقال: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: ما قال شيئاً، إلا أنّه عرك أذني، وضحك في وجهي، فقال: أبشر، ثم لحقني عمر، فقلت له مثل قولي لأبي بكر، فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين). [جامع الأصول: 2/391-394]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن زيد بن أرقم قال: «كنت جالسًا مع عبد اللّه بن أبيٍّ [فمرّ الرّسول - صلّى اللّه عليه وسلّم -] في أناسٍ من أصحابه، فقال عبد اللّه بن أبيٍّ: {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ} [المنافقون: 8] فأتيت سعد بن عبادة، فأخبرته، فأتى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فذكر ذلك له، فأرسل رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - إلى عبد اللّه بن أبيٍّ، فحلف له عبد اللّه بن أبيٍّ باللّه ما تكلّم بهذا. فنظر رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - إلى سعد بن عبادة، فقال سعدٌ: يا رسول اللّه، إنّما أخبرنيه الغلام زيد بن أرقم. فجاء سعدٌ فأخذ بيدي فانطلق بي، فقال: هذا حدّثني [قال:] فانتهرني عبد اللّه بن أبيٍّ. فانتهينا إلى رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وبكيت، وقلت: [إي] والّذي أنزل عليك النّور [والنّبوّة] لقد قاله. قال: وانصرف عنه رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فأنزل اللّه - جلّ وعزّ - {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] إلى آخر السّورة. قلت: هو في الصّحيح بغير سياقه».
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/124-125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1 – 4
أخرج ابن سعد وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر والطبراني، وابن مردويه عن زيد بن أرقم قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس شدة فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا: كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع في نفسي مما قالوا شدة حتى أنزل الله تصديقي في {إذا جاءك المنافقون} فدعاهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم وهو قوله: {خشب مسندة} قال: كانوا رجالا أجمل شيء). [الدر المنثور: 14/490-491]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معنا ناس من الأعراب فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقونا إليه فيسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه فأتى من الأنصار أعرابيا فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه فانتزع حجرا فغاض الماء فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه فأتى عبد الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه فغضب وقال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفض من حوله يعني الأعراب وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام وقال عبد الله لأصحابه: إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمدا بالطعام فليأكل هو ومن عنده ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل قال زيد: وأنا ردف عمي فسمعت وكنا أخواله عبد الله فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه رسول الله فحلف وجحد فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني فجاء إلى عمي فقال: ما أردت إلى أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك وكذبك المسلمون فوقع علي من الهم ما لم يقع على أحد قط فبينما أنا أسير وقد خفقت برأسي من الهم إذا آتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني وضحك في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الخلد أو الدنيا ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: ما قال لي شيئا إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي فقال: ابشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله} حتى بلغ {ليخرجن الأعز منها الأذل}). [الدر المنثور: 14/491-493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال: كنت جالسا مع عبد الله بن أبي فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه فقال عبد الله بن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت سعد بن عبادة فأخبرته فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي فحلف له عبد الله بن أبي بالله ما تكلم بهذا فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة فقال سعد: يا رسول الله إنما أخبرنيه الغلام زيد بن أرقم فجاء سعد فأخذ بيدي فانطلق بي فقال: هذا حدثني فانتهرني عبد الله بن أبي فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكيت وقلت: أي والذي أنزل النور عليك لقد قاله وانصرف عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {إذا جاءك المنافقون} إلى آخر السورة). [الدر المنثور: 14/494]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (والصّحيح أنّها نزلت في غزوة بني المصطلق ووقع في "جامع التّرمذيّ" عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ (أنّها نزلت في غزوة تبوك). ووقع فيه أيضًا عن سفيان: (أنّ ذلك في غزوة بني المصطلق) (وغزوة بني المصطلق سنة خمسٍ، وغزوة تبوك سنة تسعٍ).
ورجّح أهل المغازي وابن العربيّ في "العارضة" وابن كثيرٍ: أنّها نزلت في غزوة بني المصطلق وهو الأظهر؛ لأنّ قول عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول: ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، يناسب الوقت الّذي لم يضعف فيه شأن المنافقين وكان أمرهم كلّ يومٍ في ضعفٍ وكانت غزوة تبوك في آخر سني النبوءة وقد ضعف أمر المنافقين.
وسبب نزولها: ما روي عن زيد بن أرقم (أنّه قال: كنّا في غزاةٍ فكسع رجلٌ من المهاجرين رجلًا جهنيًّا حليفًا للأنصار فقال الجهنيّ: يا للأنصار، وقال المهاجريّ: يا للمهاجرين: فسمع ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ((ما بال دعوى الجاهليّة؟))، قالوا: كسع رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال: ((دعوها فإنّها منتنةٌ)) (أي اتركوا دعوة الجاهليّة: يا آل كذا) فسمع هذا الخبر عبد اللّه بن أبيٍّ فقال: أقد فعلوها أما واللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. وقال: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا من حوله، قال زيد بن أرقم: فسمعت ذلك فأخبرت به عمّي فذكره للنبي صلّى الله عليه وسلّم فدعاني فحدّثته فأرسل رسول اللّه إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذّبني رسول اللّه وصدّقه فأصابني همٌّ لم يصبني مثله فقال عمّي: ما أردت إلّا أن كذّبك رسول اللّه، وفي روايةٍ: (إلى أن كذّبك)، فلمّا أصبحنا قرأ رسول اللّه سورة المنافقين وقال لي: ((إنّ اللّه قد صدّقك))).
وفي روايةٍ للتّرمذيّ في هذا الحديث: (أنّ المهاجريّ أعرابيٌّ وأنّ الأنصاريّ من أصحاب عبد اللّه بن أبيّ، وأنّ المهاجريّ ضرب الأنصاريّ على رأسه بخشبةٍ فشجّه، وأنّ عبد اللّه بن أبيٍّ قال: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا من حوله) يعني الأعراب، وذكر أهل السّير أنّ المهاجريّ من غفارٍ اسمه: جهجاهٌ أجيرٌ لعمر بن الخطّاب.
وأنّ الأنصاريّ جهنيٌّ اسمه سنانٌ حليفٌ لابن أبيٍّ، ثمّ يحتمل أن تكون الحادثة واحدة.
واضطراب الرّاوي عن زيد بن أرقم في صفتها ويجوز أن يكون قد حصل حادثتان في غزاةٍ واحدةٍ.
وذكر الواحديّ في "أسباب النّزول": أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أرسل إلى عبد اللّه بن أبيٍّ وقال له: أنت صاحب هذا الكلام الّذي بلغني، فقال عبد اللّه بن أبيٍّ: والّذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئًا من هذا وإنّ زيدًا لكاذبٌ. والظّاهر أنّ المقالة الأولى قالها ابن أبيٍّ في سورة غضبٍ تهييجًا لقومه ثمّ خشي انكشاف نفاقه فأنكرها.
وأمّا المقالة الثّانية فإنّما أدرجها زيد بن أرقم في حديثه وإنّما قالها ابن أبيٍّ في سورة النّاصح كما سيأتي في تفسير حكايتها.
وعلى الأصحّ فهي قد نزلت قبل سورة الأحزاب، وعلى القول بأنّها نزلت في غزوة تبوك تكون نزلت مع سورة براءةٌ أو قبلها بقليلٍ وهو بعيد). [التحرير والتنوير: 28/231-233]





رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 06:30 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

نزول قوله تعالى: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) )

قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): ( [البخاري: 10/269] حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم قال: كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي أو لعمر، فذكره للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فدعاني فحدثته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا فكذبني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط. فجلست في البيت فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومقتك فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَْ} فبعث إلي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقرأ فقال: ((إن الله قد صدقك يا زيد)).
الحديث ذكره أيضا [271 -272 -273]، وأخرجه [مسلم :17/120]، و[الترمذي: 4/200] وصححه، وأحمد [4 /273]، والحاكم [2/489]أطول مما هاهنا وقال: صحيح. وسكت عليه الذهبي، وابن جرير في [التاريخ: 3 /65]، وفي [التفسير: 28/109] ). [الصحيح المسند في أسباب النزول:247]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 06:33 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

نزول قوله تعالى: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) )

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)}
(ك)، وأخرج عن عروة قال: لما نزلت: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأزيدن على السبعين))، فأنزل الله: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم} الآية.
وأخرج عن مجاهد وقتادة مثله.
(ك)، وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال: لما نزلت آية براءة قال النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أسمع: ((أني قد رخص لي فيهم، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم)) فنزلت). [لباب النقول: 266]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 06:34 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

نزول قوله تعالى: (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) )

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله ...} الآية.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي حدثنا سعيد بن مسعود حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن أبي سعيد الأزدي عن زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معنا ناس من الأعراب وكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقونا فيسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض ويجعل حوله الحجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه فأتى رجل من الأنصار فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه الأعرابي فانتزع حجرا ففاض الماء فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه فأتى الأنصاري عبد الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه فغضب عبد الله بن أبي ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله يعني الأعراب ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج
[أسباب النزول: 457]
الأعز منها الأذل قال زيد بن أرقم: وأنا ردف عمي فسمعت عبد الله فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف وجحد واعتذر فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني فجاء إلى عمي فقال: ما أردت إلا أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك المسلمون فوقع علي من الغم ما لم يقع على أحد قط فبينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاني فعرك أذني وضحك في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الدنيا فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين: {إذا جاءك المنافقون قالوا نَشهَدُ إِنَّكَ لَرَسولُ اللهِ} حتى بلغ: {هُمُ الَّذينَ يَقولونَ لا تُنفِقوا عَلى مَن عِندَ رَسولِ اللهِ حَتّى يَنفَضُّوا} حتى بلغ {لَيُخرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنها الَأذَلَّ}.
وقال أهل التفسير وأصحاب السير: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق فنزل على ماء من مياههم يقال له: المريسيع فوردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له: جهجاه بن سعيد يقود فرسه فازدحم جهجاه وسنان الجهني حليف بني عوف من الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين فأعان جهجاها رجل من المهاجرين يقال له: جعال وكان فقيرا فقال له عبد الله بن أبي وإنك لهناك فقال وما يمنعني أن أفعل ذلك؟! واشتد لسان جعال على عبد الله فقال عبد الله: والذي يحلف به لأذرنك ويهمك غير هذا شيء وغضب عبد الله فقال: والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل:
[أسباب النزول: 458]
سمن كلبك يأكلك إنا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. يعني بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على من حضره من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم ولأوشكوا أن يتحولوا عن بلادكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد.
قال زيد بن أرقم وكان حاضرا ويسمع ذلك فقال: أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك ومحمد في عز من الرحمن ومودة من المسلمين والله لا أحبك بعد كلامك هذا.
فقال عبد الله: اسكت فإنما كنت ألعب فمشي زيد بن أرقم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال: دعني أضرب عنقه يا رسول الله فقال: ((إذن ترعد له أنف كبيرة بيثرب)) فقال عمر: فإن كرهت يا رسول الله أن يقتله رجل من المهاجرين فمر سعد بن عبادة أو محمد بن مسلمة أو عبادة بن بشر فليقتلوه. فقال: ((إذن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه)).
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي فأتاه فقال له: ((أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني؟)) فقال عبد الله: والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من هذا قط، وإن زيدا لكاذب.
وكان عبد الله في قومه شريفا عظيما فقال من حضر من الأنصار: يا رسول الله
[أسباب النزول: 459]
شيخنا وكبيرنا لا تصدق كلام غلام من غلمان الأنصار عسى أن يكون وهم في حديثه فلم يحفظ فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفشت الملامة في الأنصار لزيد وكذبوه وقال له عمه: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه أسيد بن حضير فقال له: ((أوما بلغك ما قال صاحبكم عبد الله بن أبي؟)) قال: وما قال؟ قال: ((زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)) قال: فأنت يا رسول الله والله تخرجنه إن شئت هو والله الذليل وأنت العزيز ثم قال: يا رسول الله ارفق به فوالله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه وإنه ليرى أنك سلبته ملكا.
وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي لما بلغك عنه فإن كنت فاعلا فأمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فوالله لقد علمت الخزرج ما بها رجل أبر بوالديه مني وأنا أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بل نحسن صحبته ما بقى معنا)).
ولما وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال زيد بن أرقم: جلست في البيت لما بي من الهم والحياء فأنزل الله تعالى سورة المنافقين في تصديقي وتكذيب عبد الله فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن زيد فقال: يا زيد
[أسباب النزول: 460]
إن الله تعالى صدقك وأوفى بأذنك وكان عبد الله بن أبي بقرب المدينة فلما أراد أن يدخلها جاء ابنه عبد الله بن عبد الله حتى أناخ على مجامع طرق المدينة.
فلما أن جاء عبد الله بن أبي قال ابنه: وراءك قال: ما لك ويلك؟ قال: لا والله لا تدخلها أبدًا إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتعلم اليوم من الأعز من الأذل فشكا عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع ابنه فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن خل عنه حتى يدخل فقال: أما إذ جاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنعم فدخل.
فلما نزلت هذه السورة وبان كذبه قيل له: يا أبا حباب إنه قد نزلت فيك آي شداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك فلوى رأسه فذلك قوله تعالى: {وَإِذا قيلَ لَهُم تَعالوا يَستَغفِر لَكُم رَسولُ اللهِ لَوَّوا رُؤُوسَهُم} الآية). [أسباب النزول: 461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}
أخرج البخاري عن زيد بن أرقم قال: سمعت عبد الله بن أبي يقول لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، فلئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكر ذلك عمي للنبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبني وصدقه، فأصابني شيء لم يصبني قط مثله، فجلست في البيت، فقال عمي: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك، فأنزل الله: {إذا جاءك المنافقون} فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها ثم قال: ((إن الله قد صدقك)).
له طرق كثيرة عن زيد وفي بعضها أن ذلك في غزوة تبوك وأن نزول السورة ليلا). [لباب النقول: 266]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}.
[البخاري:10/272] حدثنا آدم حدثنا شعبة عن الحكم قال سمعت محمد بن كعب القرظي، قال: سمعت زيد بن أرقم رضي الله عنه لما قال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله وقال أيضا: لئن
[الصحيح المسند في أسباب النزول:247]
رجعنا إلى المدينة أخبرت به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلامني الأنصار، وحلف عبد الله بن أبي ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل فنمت فدعاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأتيته فقال: ((إن الله قد صدقك)) ونزل: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا} الآية.
الحديث أخرجه [الترمذي:4 /201] وقال: هذا حديث حسن صحيح وعزاه المباركفوري إلى أحمد، وأخرجه [ابن جرير: 28/109، 113] من حديث ابن أبي ليلى عن زيد بن أرقم). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 248]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة