ما ورد في نزول قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَأَيدِيَكُم عَنهُم} الآية.
أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنا مسلم قال: حدثني عمرو الناقد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأخذهم أسراء فاستحياهم وأنزل الله تعالى {وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَأَيدِيَكُم عَنهُم بِبَطنِ مَكَّةَ مِن بَعدِ أَن أَظفَرَكُم عَلَيهِم}.
وقال عبد الله بن مغفل المزني: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابًا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ الله تعالى بأبصارهم وقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل جئتم في عهد أحد وهل لكم أحد أمانًا؟))فقالوا: اللهم لا فخلى سبيلهم فأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وأيديكم عنهم} الآية). [أسباب النزول: 405]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن أنس قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلا في السلاح من جبل التنعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذوا فأعتقهم فأنزل الله: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم} الآية.
(ك) وأخرج مسلم نحوه من حديث سلمة بن الأكوع.
وأحمد والنسائي نحوه من حديث عبد الله بن مغفل المزني
وابن إسحاق نحوه من حديث ابن عباس). [لباب النقول: 236]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الآية: 24].
[البخاري :6 /257] حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال: أخبرني الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين)) فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش وسار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال الناس حل حل فألحت فقالوا خلأت القصواء فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل))، ثم قال: ((والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)) ثم زجرها فوثبت، قال فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم العطش، فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زالوا يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أهل تهامة فقال: إني
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 212]
تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية ومعهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوكم وصادوكم عن البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا أمددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره)) فقال بديل: سأبلغهم ما تقول. فانطلق حتى أتى قريشا، قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل، وسمعناه يقول قولا، فإن شئتم نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة بنا أن تخبرنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته. قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال عروة بن مسعود: أي قوم ألستم بالولد. قالوا: بلى. قال: أولست بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني. قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آته. قالوا: ائته. فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نحوا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لا أرى وجوها، وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: امصص بظر اللات: أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكلما تكلم كلمة أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 213]
ضرب يده بنعل السيف, وقال له أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ فقالوا المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر ألست أسعى في غدرتك. وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء)). ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعينيه قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له. فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم محمدا. والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، فإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه. فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له)) فبعثت له واستقبله الناس يلبون فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت. فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن وقد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت. فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص وقال: دعوني آتيه. قالوا: ائته فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((هذا مكرز وهو رجل فاجر)). فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو، قال معمر فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد سهل لكم من أمركم قال معمر: قال الزهري في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات أكتب بيننا وبينكم كتابا. فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اكتب بسم الله الرحمن الرحيم)). فقال سهيل: أما الرحمن، فوالله ما أدري
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 214]
ما هي ولكن اكتب "باسمك اللهم" كما كنت تكتب. فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اكتب باسمك اللهم)) ثم قال: ((هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله)). فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله)) قال الزهري: وذلك لقوله: ((لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)) فقال لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به)) فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخِذْنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما. فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال: سهيل هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي. فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنا لم نقض الكتاب بعد)). قال: فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدا. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((فأجزه لي)) قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: ((بلى فافعل))، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بلى قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أُرَدُّ إلى المشركين وقد جئتُ مسلما؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله قال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا. قال: ((بلى))، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: ((بلى)). قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: ((إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري)). قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: ((بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام))؟ قال: قلت: لا، قال: ((فإنك آتيه ومطوف به)). قال: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا. قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق. قلت: أليس كان
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 215]
يحدثنا أنا نأتي البيت ونطوف به، قال: بلى فأخبرك أنك تأتيه العام؟. قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به، قال الزهري قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثم احلقوا)). قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك. نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما. ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك. فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية. ثم رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المدينة. فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغ ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه به فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين رآه: ((لقد رأى هذا الرجل ذعرا)) فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله والله قد أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد))، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر قال، وينفلت منهم أبو جندل
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 216]
ابن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعيرٍ لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليهم فأنزل الله تعالى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتى بلغ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم. وحالوا بينهم وبين البيت.
الحديث [أخرجه عبد الرزاق: 5 /342]، و[أحمد: 4/331]، و[ابن جرير: 26 /101].
قال [الإمام مسلم رحمه الله: 12/187]: حدثني عمرو بن محمد الناقد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، فأخذهم سلما فاستحياهم فأنزل الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}.
الحديث أخرجه [الترمذي: 4 /185]، و[أبو داود: 3 /13], و[أحمد: 3/122، 125]، و[ابن جرير: 26/94].
قال [الإمام مسلم رحمه الله :12 /174]: حدثنا ابن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو عامر العقدي كلاهما عن عكرمة بن عمار (ح) وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وهذا حديثه، أخبرنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا عكرمة وهو ابن عمار، حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها قال: فقعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على جبا الركية فأما دعا وإما بصق فيها، قال: فجاشت فسقينا واستقينا، قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعانا للبيعة في أصل
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 217]
الشجرة، قال: فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط من الناس قال: ((بايع يا سلمة))، قال: قلت قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس، قال: ((وأيضا))، قال: ورآني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عزلا (يعني ليس معه سلاح) قال: فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حجفة أو درقة ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال: ((ألا تبايعني يا سلمة))، قال، قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي أوسط الناس قال: ((أيضا))، قال: فبايعته الثالثة ثم قال لي: ((يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟)) قال، قلت: يا رسول الله لقيني عمي عامر عزلا فأعطيته إياها قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: ((إنك كالذي قال الأول اللهم أبغني حبيبا: هو أحب إلي من نفسي))، ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشي بعضنا في بعض واصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت في أصلها قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى وعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هو كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي يا للمهاجرين قتل ابن زنيم.
قال: فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي قال: ثم قلت: والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فرس مجفف في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله فقال: ((دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه))، فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنزل الله: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم}، الآية كلها، قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلا بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمن رقى هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 218]
وأصحابه قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثا ثم قدمنا المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنا معه وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاستاقه أجمع وقتل راعيه، قال: فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثا: يا صباحاه ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول:
أنا ابن الأكوع = واليوم يوم الرضع
فألحق رجلا منهم فأصك سهما في رحله حتى خلص نصل السهم إلى كتفه قلت خذها:
وأنا ابن الأكوع = واليوم يوم الرضع
قال: فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إلي فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها ثم رميته فعقرت به حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه علوت الجبل أرديهم بالحجارة قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا خلفته وراء ظهري وخلوا بيني وبينه ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا يستخفون ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى أتوا متضايقين من ثنية، فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري فجلسوا يتضحون (يعني يتغدون) وجلست على رأس قرن قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح والله ما فارقنا منذ علس يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة، قال: فصعد إلي منهم أربعة في الجبل قال: فلما أمكنوني من الكلام قال، قلت: هل تعرفوني؟ قالوا: لا ومن أنت؟ قال: قلت: أنا سلمة بن الأكوع والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته ولا
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 219]
يطلبني رجل منكم فيدركني قال أحدهم: أنا أظن، قال: فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتخللون الشجر، قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره أبو قتادة الأنصاري وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي، قال: فأخذت بعنان الأخرم قال: فولوا مدبرين قلت: يا أخرم احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة قال: فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول على فرسه، ولحق أبو قتادة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعبد الرحمن فطعنه فقتله فوالذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لتبعتهم أعدو على رجلي حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد ليشربوا منه وهم عطاش قال: فنظروا إلي أعدو وراءهم فحليتهم عنه (يعني أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة قال: ويخرجون فيشتدون في ثنية قال: فأعدو فألحق رجلا منهم فأصكه بسهم في نغض كتفه قال: قلت: خذها:
وأنا ابن الأكوع = واليوم يوم الرضع
قال: يا ثكلته أمه أكوعه بكرة؟ قال: قلت: نعم يا عدو نفسه أكوعك بكرة قال: وأرادوا فرسين على ثنية قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء فتوضأت وشربت ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو على الماء الذي حليتهم عنه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كبدها وسنامها قال: قلت: يا رسول الله خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى منهم إلا مخبر إلا قتلته قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى بدت نواجذه في ضوء النار فقال: ((يا سلمة أتراك كنت فاعلا))، قلت: نعم والذي أكرمك فقال: ((إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان))، قال: فجاء رجل من غطفان فقال:
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 220]
نحر لهم فلان جزورا فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا فقال: أتاكم القوم فخرجوا هاربين فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة)) قال: ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سهمين سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما لي جميعا ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة قال: فبينما نحن نسير قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ قال: لا إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: قلت: يا رسول الله بأبي وأمي ذرني فلأسابق الرجل، قال: ((إن شئت))، قال: قلت: أذهب إليك وثنيت رجلي فطفرت فعدوت قال: فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي ثم عدوت في أثره فربطت عليه شرفا أو شرفين ثم إني رفعت حتى ألحقه قال: فأصكه بين كتفيه قال: قلت: قد سبقت والله قال: أنا أظن، قال: فسبقته إلى المدينة قال: فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم:
تالله لولا الله ما اهتدينا = ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا = فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزل سكينة علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من هذا؟)) قال: أنا عامر قال: ((غفر لك ربك))، قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد قال: فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له يا نبي الله لولا ما متعتنا بعامر قال: فلما قدمنا خيبر قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب = شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال: وبرز له عمي عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر = شاكي السلاح بطل مغامر
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 221]
قال: فاختلف ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر وذهب عامر يسفل له فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه قال سلمة: فخرجت فإذا نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقولون: بطل عمل عامر قتل نفسه قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنا أبكي فقلت: يا رسول الله بطل عمل عامر قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من قال ذلك؟)) قال: قلت: ناس من أصحابك قال: ((كذب من قال ذلك بل له أجره مرتين)) ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد فقال: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال: فأتيت عليا فجئت به أقوده وهو أرمد حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبسق في عينيه فبرأ وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب = شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقلبت تلهب
فقال علي:
أنا الذي سمتني أمي حيدره = كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضرب رأس مرحب فقتله ثم كان الفتح على يديه.
قال إبراهيم: حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن عكرمة بن عمار بهذا الحديث بطوله.. وحدثنا أحمد بن يوسف الأزدي السلمي حدثنا النضر بن محمد عن عكرمة بن عمار بهذا.
قال [الإمام أحمد رحمه الله: 4 /86]: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني حسين بن واقد قال: حدثني ثابت البناني عن عبد الله بن مغفل المزني قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي رضي الله عنه: ((اكتب بسم الله الرحمن الرحيم))، فأخذ سهيل بن عمرو بيده فقال: ما نعرف بسم الله الرحمن الرحيم اكتب في
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 222]
قضيتنا ما نعرف قال: اكتب بسمك اللهم فكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أهل مكة فأمسك سهيل بن عمرو بيده وقال: لقد ظلمناك إن كنت رسول الله اكتب في قضيتنا ما نعرف فقال: اكتب ما صالح عليه محمد بن عبد المطلب وأنا رسول الله: فكتب فبينما نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخذ الله عز وجل بأبصارهم فقدمنا إليهم فأخذناهم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((هل جئتم في عهد أحد أو هل جعل لكم أحد أمانا؟)) فقالوا: لا فخلى سبيلهم فأنزل الله عز وجل: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا}، قال أبو عبد الرحمن: قال حماد بن سلمة في هذا الحديث: عن ثابت عن أنس وقال حسين بن واقد: عن عبد الله بن مغفل وهذا هو الصواب عندي إن شاء الله تعالى.
والحديث أخرجه [ابن جرير: 26/94] و[البيهقي: 6 /319] و[الحاكم :2 /461] وقال: صحيح على شرط الشيخين إذ لا يبعد سماع ثابت من عبد الله بن مغفل، وقد اتفقنا على إخراج حديث معاوية بن قرة وعلى حديث حميد بن هلال عنه وثابت أسن منهما جميعا. اهـ. والحديث عند الحاكم من طريق علي بن الحسن بن شفيق أنبأنا الحسين بن واقد به.
قال أبو عبد الرحمن: الحسين بن واقد ليس من رجال البخاري ولم يخرجا لثابت عن عبد الله بن مغفل شيئا كما في تحفة الأشراف، فعلى هذا لا يقال على شرطهما والحديث عندنا في الشواهد كما ترى على أنه قد ذكر الحافظ المزي في تحفة الأشراف أن أبا بكر بن أبي داود رواه عن محمد بن عقيل بهذا الإسناد عن ثابت قال: حدثني عبد الله بن مغفل. اهـ. والله أعلم.
وفي جامع التحصيل وروى الحسين بن واقد عن ثابت عن عبد الله بن مغفل فلا ندري لقيه أم لا.
تنبيه:
قال الحافظ في الفتح على حديث البخاري حيث قال البخاري بسنده،
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 223]
فأنزل الله وذكر الآية، قال الحافظ: كذا هنا وظاهره أنها نزلت في شأن أبي بصير وفيه نظر، والمشهور في سبب نزولها ما أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع ومن حديث أنس بن مالك وأخرجه أحمد والنسائي من حديث عبد الله بن مغفل بإسناد صحيح أنها نزلت بسبب القوم الذين أرادوا من قريش أن يأخذوا من المسلمين غرة فظفروا بهم فعفا عنهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنزلت الآية وقيل في نزولها غير ذلك ا.هـ. أقول: ويؤيد ما قاله الحافظ رحمه الله أن في الآية {بِبَطْنِ مَكَّةَ} وأبو بصير وجماعته لم يكونوا ببطن مكة، والله أعلم). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 224]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين