قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: (أنا صببنا الماء صبا) [25] قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو: (إنا صببنا الماء) بكسر الألف. وقرأ الأعمش وعاصم وحمزة والكسائي: (أنا صببنا الماء صبا) بفتح الألف. فمن قرأ بالكسر وقف على (إلى طعامه) [24] وابتدأ: (إنا) ومن قرأ: (أنا) بالفتح جعل (أنا) في موضع خفض على الترجمة عن الطعام كأنه قال: (فلينظر الإنسان إلى طعامه) إلى (أنا صببنا) فلا يحسن الوقف على (طعامه) من هذه القراءة. وكذلك إن رفعت«أن» بإضمار «هو أنا صببنا الماء صبا» لأنها في حال رفعها مترجمة عن «الطعام». وقرأ بعض القراء: (أني صببنا الماء صبا) فمن أخذ بهذه القراءة قال: الوقف على (طعامه) تام. ومعنى (أنى) «أين»، إلا أن فيها كناية عن الوجوه وتأويلها: من أي وجه صببنا الماء، قال الكميت:
أنى ومن أين آبك الطرب = من حيث لا صبوة ولا ريب)[إيضاح الوقف والابتداء:2/966 - 967]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({ما أمره} كاف. وقيل: تام. {إلى طعامه} أتم منه. واختلف القراء في كسر همزة {أنا صببنا} وفي فتحها. فمن كسرها فله تقديران: أحدهما أن يجعلها تفسير للنظر إلى الطعام. فعلى هذا لا يتم الوقف قبلها ولا يبتدأ بها. والثاني أن يجعلها مستأنفة. فعلى هذا يتم الوقف قبلها ويبتدأ بها. ومن فتحها فله أيضًا تقديران: أحدهما أن يجعلها مع ما اتصل بها في موضع جر بدلاً من قوله: (طعامه). فعلى هذا لا يتم الوقف قبلها ولا يبتدأ بها. والثاني أن يجعلها في موضع رفع خبرا لمبتدأ محذوف، بتقدير: هو أنا. فعلى هذا يوقف قبلها ويبتدأ بها.
{ولأنعامكم} تام، ورأس آية في غير البصري والشامي. ). [المكتفى: 609]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ([ثم الوقف المطلق على]: {طعامه- 24-} إلا لمن قرأ {أنا} بفتح الألف على البدل، على تقدير: فلينظر الإنسان إلى أنا صببنا. ثم الوقف المطلق على: {ولأنعامكم- 32- ط} لاتحاد الكلمات معنى، وانتساق بعضها على بعض لفظًا.) [علل الوقوف: 3/1095]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (ما أمره (كاف) وقيل تام ومثله إلى طعامه لمن قرأ أنّا صببنا بكسر الهمزة استئنافًا وليس بوقف لمن قرأها بالفتح تفسيرًالحدوث الطعام كيف يكون وبها قرأ الكوفيون أو بجعل أنا مع ما اتصل بها في موضع جر بدلاً من طعامه كأنه قال فلينظر الإنسان إلى أنا صببنا الماء صبًا فان جعل في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو أنا صببنا كان الوقف على رؤوس الآيات بعده وهو حبًا وقضبًا وغلبًا وأبَّا كلها وقوف كافية وقدر لكل آية من قوله وعنبًا فعل مضمر ينصب مابعده
ولأنعامكم (كاف)) [منار الهدى: 419]
- تفسير