قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ({وكأسا دهاقا(34)} حسن. ومثله: {عطاء حسابا(36)} ثم تبتدئ: {رب السماوات والأرض(37)} بالرفع. ومن قرأ: {رب السماوات} بالخفض وقف على {الرحمن}.
{وقال صوابا(38)} تام.
{اتخذ إلى ربه مآبا(39)} تام.
{يوم ينظر المرء ما قدمت يداه(40)} وقف حسن. ومعناه «يرقب المرء أي شيء قدمت يداه».). [إيضاح الوقف والابتداء: 2/963 - 964]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({وكأسًا دهاقًا} كاف. ومثله {عطاءً حسابًا} لمن قرأ {رب السموات والأرض} بالرفع على خبر مبتدأ محذوف. وكذا {وما بينهما} كاف لمن قرأ {الرحمن} بالرفع على الابتداء والخبر{لا يملكون}. ومن قرأهما بالخفض لم يقف قبلهما لأنهما بدلان من قوله: {ربك}. ومن قرأ بخفض الأول ورفع الثاني لم يقف قبل الأول ووقف قبل الثاني لما بيناه.
{صوابًا} تام. ومثله {مآبًا}.
وقال ابن النحاس: {ذلك اليوم الحق} وقف صالح. {ما قدمت يداه} كاف). [المكتفى: 604 - 605]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ( {مفازًا (31)}لا لأن {حدائق} بدله.
{دهاقًا (34)} ط لأنه لو وصل اشتبهت الجملة صفة لها.
{كذابًا (35)} ج لأن {جزاء} يصلح مفعولاً له، ومصدرًا.
{حسابًا (36)} ط لمن قرأ: {رب} بالرفع، ولا وقف له على: {بينهما (37)} ومن خفض {رب} ورفع: {الرحمن} وقف على: {بينهما (37)} على تقدير: هو الرحمن.
وعلى: {الرحمن (37)} وقف في الوجوه. ومن جعل: {الرحمن} مبتدأ، و: {لا يملكون} خبره لم يقف عليه.
{خطابًا (37)} لا لأن {يوم} ظرف [والعامل في الظرف: {لا يملكون}، أو: منصوب بمحذوف، أي: اذكر يوم.
{صفًا (38) }ط ] {الحق (39)} ج للابتداء بالشرط مع الفاء {قريبًا (40)} ج [لأن {يوم} ظرف
العذاب، أو: منصوب بمحذوف، أي: اذكر يوم].
[{يداه (40)} لا لأن كون الواو للحال].) [علل الوقوف:3/1082 - 1085]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (ولا وقف من قوله إنَّ للمتقين إلى قوله دهاقًا فلا يوقف على مفازًا لأنَّ حدائق بدل من مفازًا بدل اشتمال أو بدل كل من كل ولا يوقف على وأعنابًا لأنَّ ما بعده معطوف عليه ولا يوقف على أترابًا
{دهاقًا} كاف والدهاق المملوءة قال علي كرَّم الله وجهه:
دونكها مترعة دهاقًا ....... كأس ذعاف ملئت ذعاقًا
و الذعاق السم القاتل
{ولا كذابًا} جائز على القراءتين قرأ العامة كذا بتشديد الذال وقرأ الكسائي بالتخفيف وقرأ عمر بن عبد العزيز كُذابًا بضم الكاف وتشديد الذال جمع كاذب لأنَّ من أمثلة جمع الكثرة فعالاً في وصف صحيح اللام على فاعل نحو صائم وصوَّام وقائم وقوَّام يقال رجل كذاب مبالغة في الكذاب
{عطاءً حسابًا} حسن يبنى الوقف على حسابًا على اختلاف القراء في رب فقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو برفع رب والرحمن وقرأ ابن عامر وعاصم بخفضهما وقرأ الأخوان بخفض الأول ورفع الثاني فرفعهما خبر مبتدأ محذوف أو رب مبتدأ والرحمن خبره ولا يملكون خبر ثان مستأنف أو رب مبتدأ والرحمن نعت ولا يملكون خبر رب مبتدأ والرحمن مبتدأ ثان ولا يملكون خبره والجملة خبر الأول وحصل الربط بتكرير المبتدأ بمعناه وأما جرهما فعلى البدل أو البيان فمن قرأ برفعهما فإن رفع الأول بالابتداء والرحمن خبره كان الوقف على الرحمن كافيًا وإن رفع الرحمن نعتًا لرب أو بيانًا كان الوقف على الرحمن كذلك ولا يوقف على وما بينهما ومن قرأ بخفض الأَّول ورفع الثاني لا يوقف على حسابًا بل على وما بينهما وإن رفع الرحمن بالابتداء وما بعده الخبر كان الوقف على وما بينهما تامًا وإن رفع الرحمن خبر مبتدأ محذوف كان كافيًا ومن قرأ بخفضهما وقف على الرحمن ولا يوقف على حسابا لأنَّهما بدلان من ربك أو بيان له وهذا غاية في بيان هذا الوقف وللِّه الحمد
{خطابًا} كاف إن علقت يوم بقوله لا يتكلمون ومن أذن بدل من واو لا يتكلمون
{صوابًا} كاف ويجوز الواقف على صفا لمن وصل يوم يقوم بما قبله والمعنى لا يقدر أحد أن يخاطب أحدًا في شأن الشفاعة خوفًا وإجلالاً إلاَّ من أذن له الرحمن وقال صوابًا
{ذلك يوم الحق} جائز
{مآبًا} كاف
{قريبًا} جائز ورأس آية عند البصري ولم يعدها الكوفي آية فمن عدها آية جعل يوم منصوبًا بمقدور ومن لم يعدها جعل يوم ظرف العذاب
{يداه}حسن عند أبي حاتم على استئناف ما بعده وخولف لأنَّ قوله ويقول معطوف على ينظر ولا تدغم تاء كنت في تاء ترابًا لأنَّ الفاعل لا يحذف والإدغام يشبه الحذف
{ترابًا}تام). [منار الهدى: 415 - 416]
- تفسير