مسائل عامة في وقوف سورة الفاتحة
قالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت: 328هـ): (ففي فاتحة الكتاب أربعة وقوف تامة على عدد أهل الكوفة:
أولها: {بسم الله الرحمن الرحيم}.
والثاني: {ملك يوم الدين}.
والثالث: {وإياك نستعين}.
والرابع: {ولا الضالين}.
وفيها على عدد أهل المدينة وأهل البصرة ثلاثة وقوف تامة:
الأول: {ملك يوم الدين}.
والثاني: {وإياك نستعين}.
والثالث: {ولا الضالين}. ).[إيضاح الوقف والابتداء: 1/478]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (وحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: [قسمت الصلاة .....] إلى آخره يؤذن أن في السورة ثلاثة تمامات.
وإن وقف على رأس كل آية من هذه السورة على مراد التقطيع والترتيل فحسن، وقد وردت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حدثنا محمد بن أحمد بن علي الكاتب قال: حدثنا محمد بن القاسم قال: حدثنا سليمان بن يحيى الضبي قال: حدثنا محمد بن سعدان قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية، يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم}، ثم يقف ثم يقول: {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف، ثم يقول: {الرحمن الرحيم} ثم يقف ثم يقول {ملك يوم الدين}). [المكتفى:156-157]
فائدة:
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (وقد ذكرت ما يكره الوقف عليه من المبدل منه دون البدل، ومن تقديم المنعوت دون النعت، ومن المعطوف عليه دون العطف، ومن المؤكد دون التوكيد، وشبه ذلك في كتاب الوقف والابتداء ممثلاً مشروحًا، فأغنى ذلك عن إعادته ههنا، وبالله التوفيق). [المكتفى: 157]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت: ق11هـ): (وفيها أربعة وقوف تامة على أنَّ البسملة آية تامة منها لا تعلق لها بما بعدها؛ لأنها جملة من مبتدأ وخبر؛ أي ابتدائي بسم الله أو في محل نصب، وعلى كل تقدير هو تام قال المازري في شرح التلقين وإذا كانت قرآنًا فهلاَّ كفر الشافعي مالكًا وأبا حنيفة في مخالفتهما له في ذلك كما يكفر هو وغيره من خالف في كون "الحمد لله رب العالمين" قرآنًا، قيل: لم يثبتها الشافعي قرآنًا مثل ما أثبت غيرها، بل أثبتها حكمًا وعملاً لأدلة اقتضت ذلك عنده، ومعنى حكمًا أنَّ الصلاة لا تصح إلاَّ بها فهي آية حكمًا لا قطعًا.
واختلف هل ثبوت البسملة قرآنًا بالقطع أو بالظن؟
الأصح أن ثبوتها بالظن حتى يكفي فيها أخبار الآحاد، وتعلق الأحكام مظنون، ولا يحكم بكونها قرآنًا إلاَّ بالنقل المتواتر قطعًا ويقينًا، بل ولا نكفر بيقيني لم يصحبه تواتر. ولما لم ينقلوا إلينا كون البسملة قرآنا كما نقلوا غيرها ولا ظهر ذلك منهم كما ظهر في غيرها من الآي وجب القطع بأنها [منار الهدى: 27]ليست من الفاتحة، ولم يقل أحد من السلف أنَّ البسملة آية من كل سورة إلاَّ الشافعي، وقد أثبتها نصف القَرَأة السبعة ونصفهم لم يثبتها. والمصحح للقسمة أنَّ لنافع راويين؛ أثبتها أحدهما، والآخر لم يثبتها. وقوة الشبهة بين الفريقين منعت التكفير من الجانبين اهـ.
وفيها ثلاثة وعشرون وقفًا:
أربعة تامة،
وستة جائزة يحسن الوقف عليها ولا يحسن الابتداء بما بعدها؛ لأنَّ التعلق فيها من جهة اللفظ، والوقف حسن إذ الابتداء لا يكون إلاَّ مستقلاً بالمعنى المقصود،
وثلاثة عشر يقبح الوقف عليها والابتداء بما بعدها.)[منار الهدى: 28]